أحمد بن محمّد مهدي النّراقي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-80-9
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٥٥
الركوع بين رجليك » (١).
وصحيحة ابن بزيع : رأيت أبا الحسن عليهالسلام يركع ركوعا أخفض من ركوع كلّ من رأيته يركع ، فكان إذا ركع جنّح بيديه (٢).
ومرسلة الفقيه : ما معنى مدّ عنقك في الركوع؟ فقال : « تأويله آمنت بالله ولو ضربت عنقي » (٣).
ونحوها في العلل إلاّ أنّه قال : « آمنت بوحدانيّتك ولو ضربت عنقي » (٤).
وإنّما رجّحنا النظر إلى بين القدمين ، مع ورود التغميض في صحيحة حمّاد ، وفتوى النهاية والحلّي به (٥) ، والقول بالتخيير كما هو ظاهر المنتهى (٦) ، لأكثريّة روايات النظر وأشهريّة الفتوى بها ، كما صرّح به جماعة (٧) ، واعتضادها بما في رواية مسمع : « إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى أن يغمض الرجل عينيه في الصلاة » (٨).
فيكون النظر موافقا لسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والموافق لها مقدّم على غيره عند التعارض ، سيّما مع كون الرضوي المتضمّن للنظر أحدث ، ومثله يقدّم. مضافا إلى عدم صراحة فعل الصادق عليهالسلام في كونه على وجه الاستحباب ، لجواز كونه اتفاقيّا.
__________________
(١) فقه الرضا (ع) : ١٠٢ و ١٠٦ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٤١٩ أبواب الركوع ب ١ ح ٢ و ٤٣٥ ب ١٥ ح ٢.
(٢) الكافي ٣ : ٣٢٠ الصلاة ب ٢٤ ح ٥ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ٧ ـ ١٨ ، الوسائل ٦ : ٣٢٣ أبواب الركوع ب ١٨ ح ١.
(٣) الفقيه ١ : ٢٠٤ ـ ٩٢٨ ، الوسائل ٦ : ٣٢٥ أبواب الركوع ب ١٩ ح ٢.
(٤) علل الشرائع : ٣٢٠ ـ ١ ، الوسائل ٦ : ٣٢٥ أبواب الركوع ب ١٩ ح ٢.
(٥) النهاية : ٧١ ، الحلي في السرائر ١ : ٢٢٥.
(٦) المنتهى ١ : ٣٠١.
(٧) منهم المحقق السبزواري في الذخيرة : ٢٩٥ ، والمجلسي في البحار ٨١ : ١٩٠ ، وصاحب الرياض ١ : ١٧٦.
(٨) التهذيب ٢ : ٣١٤ ـ ١٢٨٠ ، الوسائل ٧ : ٢٤٩ أبواب قواطع الصلاة ب ٦ ح ١.
ومنها : أن يكون ذكره تسبيحا ، للخروج من الخلاف ، والأمر به في كثير من الأخبار.
وأزيد منه في الفضل أن تسبّح ثلاث صغريات أو واحدة كبرى ، لما مرّ من الوجهين.
والظاهر من الأخبار أفضلية الواحدة الكبرى من الثلاث صغريات ، لوقوع الأمر بالواحدة في كثير من الروايات ، بخلاف الثلاث ، فإنّها لم يؤمر بها بخصوصها وإنّما ورد إجزاؤها ، مع أنّه ورد أنّه أخفّ ما يكون من التسبيح (١) ، والظاهر كما مرّ الخفّة في الرجحان.
والأزيد منهما فضلا الكبريان ، لقوله في رواية الحضرمي : « ومن نقص اثنتين نقص ثلثي صلاته » (٢).
والأزيد منهما ثلاث كبريات ، للأمر بها في كثير من الروايات ، وخصوص روايتي هشام والحضرمي ومرسلة الهداية المتقدمة جميعا (٣).
والأفضل منها السبع ، لرواية هشام.
والأفضل منها التسع ، للرضوي ، قال بعد الأمر بقول سبحان ربّي العظيم ثلاث مرّات : « وإن شئت خمس مرّات ، وإن شئت سبع مرّات ، وإن شئت التسع فهو أفضل » (٤).
ولا ينافيه قوله في رواية هشام : « والفضل في سبع » كما هو الظاهر من الخلاف (٥) ، والإسكافي (٦) ، وجماعة (٧) ، حيث يظهر منهم عدم استحباب الزيادة
__________________
(١) انظر : الوسائل ٦ : ٣٠٢ أبواب الركوع ب ٥.
(٢) الكافي ٣ : ٣٢٩ الصلاة ب ٢٦ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٥٧ ـ ٦١٥ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ ـ ١٢١٣ ، الوسائل ٦ : ٣٠١ أبواب الركوع ب ٤ ح ٧.
(٣) راجع ص ٢٠٤ و ٢٠٨ و ٢١٠.
(٤) فقه الرضا (ع) : ١٠٦ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٤٢٣ أبواب الركوع ب ٤ ح ٢.
(٥) الخلاف ١ : ٣٤٩.
(٦) حكاه عنه في الذكرى : ١٩٨.
(٧) منهم العلامة في المنتهى ١ : ٢٨٣ ، وصاحب المدارك ٣ : ٣٩٧.
على السبع وأنّها نهاية الكمال ، إذ لا شك في وجود الفضل في غيرها أيضا ، فإمّا يحمل على الفضل الكامل أو الفضل بالنسبة إلى الثلاث ، والكلّ محتمل فلا منافاة ، ولعلّ الشيخ وتابعيه حملوه على الأوّل.
وليس بعض ما ذكر منتهى الفضل كما هو ظاهر جماعة ، بل تستحبّ الزيادة على التسع أيضا لو اتّسع لها الصدر بقدر ما يتسع ولا تحصل معه السأمة كما ذكره طائفة (١) ، لموثقة سماعة : « ومن كان يقوى أن يطوّل الركوع والسجود فليطوّل ما استطاع يكون ذلك في تسبيح الله وتحميده وتمجيده والدعاء والتضرع ، فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد ، فأمّا الإمام فإنّه إذا قام بالناس فلا ينبغي أن يطوّل بهم ، فإنّ في الناس الضعيف ومن له الحاجة ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا صلّى بالناس خفّف لهم » (٢).
ويؤكّده تسبيح الصادق عليهالسلام في الركوع والسجود ستّين تسبيحة كما في صحيحة ابن تغلب (٣) ، وثلاثا أو أربعا وثلاثين في صلاة الجماعة كما في رواية ابن حمران والصيقل (٤) ، وفي فلاح السائل عن المفضل بن صالح (٥) ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « كان علي عليهالسلام يركع فيسيل عرقه من طول الركوع » (٦).
ومقتضى الموثّقة استحباب التطويل مع الاستطاعة مطلقا ، ولكنّهم قيّدوه
__________________
(١) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٢٠٢.
(٢) التهذيب ٢ : ٧٧ ـ ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ ـ ١٢١١ ، الوسائل ٦ : ٣٠٥ أبواب الركوع ب ٦ ح ٤.
(٣) الكافي ٣ : ٣٢٩ الصلاة ب ٢٦ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩٩ ـ ١٢٠٥ ، الوسائل ٦ : ٣٠٤ أبواب الركوع ب ٦ ح ١.
(٤) الكافي ٣ : ٣٢٩ الصلاة ب ٢٦ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٠٠ ـ ١٢١٠ ، الاستبصار ١ : ٣٢٥ ـ ١٢١٤ ، الوسائل ٦ : ٣٠٤ أبواب الركوع ب ٦ ح ٢.
(٥) في « ه » و « س » و « ح » : الفضل بن صالح.
(٦) فلاح السائل : ١٠٩ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٤٤٠ أبواب الركوع ب ١٩ ح ٢.
بما مرّ من اتّساع الصدر ، وكأنّه لما يستفاد من الأخبار من مطلوبيّة الرغبة والميل في المندوبات (١). ولا بأس به ، وإن أمكن القول بالاستحباب مطلقا ، لإطلاق الموثّقة.
وقد يقال باستحباب تطويل كلّ من الركوع والسجود بقدر القراءة ، لصحيحتي ابن وهب وابن حمزة ، الدالّتين على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يفعل كذلك (٢) ، ولكن الاولى صريحة والثانية ظاهرة في الصلوات المندوبة ، فالقول به فيها خاصّة جيّد.
وكذا مقتضاها عدم استحباب التطويل للإمام بل كراهته.
وهل هو مخصوص بما إذا لم يعلم من المأمومين حبّ الإطالة؟
قيل : نعم (٣) ، لظاهر التعليل.
وفيه كلام ، لأنّه إنّما هو إذا حمل الناس على المأمومين ، وأمّا إذا ابقي على عمومه يكون معناه أنّه لوجود الصنفين في الناس شرّع هذا الحكم لكلّ إمام ، فالتعميم أولى. وأمّا تطويل المعصوم كما في رواية الصيقل فلا يعلم أنّه لحبّ المأمومين فلعلّه لعلّة أخرى ، أو لمعارضة كثرة ميله مع عدم حبّ المأمومين ، أو عدم العلم بحبّهم.
وهل يكره الزائد عن القدر الواجب من الذكر للإمام مع وجود من يضعف عنه ، أو ذي الحاجة الطالب للاقتصار؟
مقتضى التعليل ذلك ، وإن كان ظاهر بعضهم استحباب الثلاث له مطلقا (٤).
__________________
(١) انظر : الوسائل ١ : ٨٥ أبواب مقدمة العبادات ب ٢٦ ، والمستدرك ١ : ١٤٤ أبواب مقدمة العبادات ب ٢٤.
(٢) صحيحة ابن وهب : التهذيب ٢ : ٣٣٤ ـ ١٣٧٧ ، الوسائل ٦ : ٣٣٣ أبواب الركوع ب ٢٦ ح ٢.
صحيحة ابن حمزة : التهذيب ٢ : ١٢٣ ـ ٤٦٨ ، الوسائل ٦ : ٣٣٢ أبواب الركوع ب ٢٦ ح ١.
(٣) كما في الروضة ١ : ٢٧٣.
(٤) انظر : الذكرى : ١٩٩.
ثمَّ استحباب التطويل أعمّ من أن يسبّح في الركوع بالكبرى أو الصغرى أو أتى بمطلق الذكر. وأمّا الأعداد المتقدّمة فاستحبابها مخصوص بالتسبيح ، بل الكبرى منه في غير الثلاث ، للأصل والاختصاص.
ومنها : أن يصلّي في ركوعه وسجوده على النبي وآله بعد التسبيح أو قبله.
لا لما في الذكرى من صحيحة ابن سنان : عن الرجل يذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في الصلاة المكتوبة إمّا راكعا وإمّا ساجدا ، فيصلّي عليه وهو على تلك الحال؟ فقال : « نعم ، إنّ الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كهيئة التكبير والتسبيح » الحديث (١).
لأنّها إنّما تدلّ على الاستحباب من حيث ذكره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمدّعى استحبابها ابتداء.
أو رواية الحلبي : « كلّما ذكرت الله عزّ وجل والنبي فهو من الصلاة » (٢).
لأنّها لا تثبت إلاّ الجواز وعدم فساد الصلاة بها.
بل للصحيحة وللرواية ، الأولى : أصلّي على النبي وأنا ساجد؟ فقال : « نعم هو مثل سبحان الله والله أكبر » (٣).
والأخرى : « من قال في ركوعه وسجوده وقيامه : صلّى الله على محمّد وآل محمّد ، كتب الله له مثل الركوع والسجود والقيام » (٤).
ومثلها في ثواب الأعمال إلاّ أنّ فيه : « اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد » (٥).
والظاهر اختصاص الاستحباب بإحدى العبارتين ، وإن جاز غيرهما بل
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٢٢ الصلاة ب ٢٥ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٩٩ ـ ١٢٠٦ ، الوسائل ٦ : ٣٢٦ أبواب الركوع ب ٢٠ ح ١.
(٢) الكافي ٣ : ٣٣٧ الصلاة ب ٣٠ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٣١٦ ـ ١٢٩٣ ، الوسائل ٦ : ٣٢٧ أبواب الركوع ب ٢٠ ح ٤.
(٣) التهذيب ٢ : ٣١٤ ـ ١٢٧٩ ، الوسائل ٦ : ٣٢٦ أبواب الركوع ب ٢٠ ح ٢.
(٤) الكافي ٣ : ٣٢٤ الصلاة ب ٢٥ ح ١٣ ، الوسائل ٦ : ٣٢٦ أبواب الركوع ب ٢٠ ح ٣.
(٥) ثواب الأعمال : ٣٤ ، الوسائل ٦ : ٣٢٦ أبواب الركوع ب ٢٠ ح ٣.
استحبّ من جهة كونه مطلق الذكر.
ومنها : أن يرفع يديه إذا رفع رأسه من الركوع ، وفاقا للمحكي عن ابني بابويه وصاحب الفاخر (١) ، والذكرى (٢) ، ومال إليه شيخنا البهائي وصاحب المدارك (٣) ، لصحيحة ابن مسكان المتقدّمة (٤) ، وابن عمّار : رأيت أبا عبد الله عليهالسلام يرفع يديه إذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا سجد ، وإذا رفع رأسه من السجود ، وإذا أراد أن يسجد الثانية (٥).
خلافا للعماني والإسكافي والفاضلين فنفوه (٦) ، وظاهر المعتبر الإجماع عليه (٧).
ولا وجه له بعد دلالة الصحيحين.
وفي الذكرى : يبتدئ بالرفع حين ابتداء رفع الرأس وينتهي بانتهائه (٨). انتهى. ولا بأس به.
وهل يكبّر مع ذلك الرفع أم لا؟
ظاهر الأصحاب : الثاني ، للأصل ، وروايات حصر التكبيرات في خمس وتسعين (٩).
وقال بعض المتأخّرين من الأخباريين بالأوّل (١٠) ، استنادا إلى التلازم بينه
__________________
(١) الصدوق في الفقيه ١ : ٢٠٥ ، ونقله عن والده وعن صاحب الفاخر في الذكرى : ١٩٩.
(٢) الذكرى : ١٩٩.
(٣) الحبل المتين : ٢٣٩ ، المدارك ٣ : ٣٩٦.
(٤) في ص ٢١٩.
(٥) التهذيب ٢ : ٧٥ ـ ٢٧٩ ، الوسائل ٦ : ٢٩٦ أبواب الركوع ب ٢ ح ٢.
(٦) حكاه عن العماني والإسكافي في الذكرى : ١٩٩ ، المحقق في المعتبر ٢ : ١٩٩ ، العلامة في التذكرة ١ : ١٢٠.
(٧) المعتبر ٢ : ١٩٩.
(٨) الذكرى : ١٩٩.
(٩) انظر : الوسائل ٦ : ١٨ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٥.
(١٠) حكاه في الحدائق ٨ : ٢٦٠ عن السيد نعمة الله الجزائري والشيخ عبد الله البحراني.
وبين الرفع ، وهو ممنوع جدّا.
إلاّ أنّ في رواية الاحتجاج الآتية في تكبيرات السجود (١) دلالة على استحبابه ، وهو يعارض روايات الحصر بالعموم من وجه ، والتخيير طريق الجمع.
ومنها : أن يقول بعد رفع الرأس من الركوع : « سمع الله لمن حمده » لصحيحة حمّاد : فلمّا استمكن من القيام قال : سمع الله لمن حمده ، ثمَّ كبّر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه ، ثمَّ سجد (٢).
وصحيحة زرارة : « ثمَّ قل : سمع الله لمن حمده ـ وأنت منتصب قائم ـ الحمد لله ربّ العالمين أهل الجبروت والكبرياء ، والعظمة لله ربّ العالمين. تجهر بها صوتك ، ثمَّ ترفع يديك بالتكبير وتخرّ ساجدا » (٣).
وصريح الروايتين استحباب السمعلة بعد الانتصاب كما هو المشهور ، وفي الذكرى عن ظاهر العماني والحلّي وصريح الحلبيّين : استحبابها حال الارتفاع ، وباقي الأذكار بعد الانتصاب (٤). ولا مستند لهم.
ومقتضى إطلاق الصحيحة وسائر الأخبار الآتية استحباب السمعلة لجميع المصلّين كما هو المشهور ، بل عن الخلاف والمعتبر والمنتهى : الإجماع عليه (٥).
وقيل : المأموم لا يسمعل ، بل يقول : الحمد لله ربّ العالمين ، لصحيحة جميل : ما يقول الرجل خلف الإمام إذا قال : سمع الله لمن حمده؟ قال : « يقول : الحمد لله ربّ العالمين ، ويخفض من الصوت » (٦).
__________________
(١) انظر : ص ٢٨٣.
(٢) الكافي ٣ : ٣١١ الصلاة ب ٢٠ ح ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ ـ ٣٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٥٩ ، ٤٦١ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١ ، ٢.
(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ الصلاة ب ٢٤ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ ـ ٢٨٩ ، الوسائل ٦ : ٢٩٥ أبواب الركوع ب ١ ح ١.
(٤) الذكرى : ١٩٩.
(٥) الخلاف ١ : ٣٥٠ ، المعتبر ٢ : ٢٠٣ ، المنتهى ١ : ٢٨٥.
(٦) الكافي ٣ : ٣٢٠ الصلاة ب ٢٤ ح ٢ ، الوسائل ٦ : ٣٢٢ أبواب الركوع ب ١٧ ح ١.
وهو كان حسنا لو لم يحتمل إرجاع الضمير في قوله « إذا قال » إلى المأموم ، ولكنّه محتمل. وأظهريّة إرجاعه إلى الإمام ـ لو سلّمت ـ تعارض الإجماعات المنقولة. مع أنّ استحباب الحمد له لا ينافي استحباب السمعلة ، كما أنّ عدم ذكرها هنا أيضا ـ لو رجع الضمير إلى الإمام ـ لا ينفيه بعد ثبوتها بأخبار أخر (١).
ومنها : أن يقول بعد السمعلة : الحمد لله ربّ العالمين أهل الجبروت والكبرياء ، والعظمة لله ربّ العالمين ، كما في الصحيحة المتقدمة.
والظاهر أنّ العظمة مبتدأ والكبرياء عطف على الجبروت ، ويحتمل كون الكبرياء مبتدأ والعظمة عطفا عليه ، وفي بعض النسخ بعد قوله : والعظمة : « الحمد لله ربّ العالمين » وعليه يكون الكبرياء والعظمة معا معطوفين على الجبروت.
أو يقول بعد السمعلة : « بالله أقوم وأقعد ، أهل الكبرياء ، والعظمة لله ربّ العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت » كما في الرضوي (٢).
أو : « أهل الجود والكبرياء والعظمة » كما في المروي في المعتبر (٣).
أو : « الحمد لله ربّ العالمين ، أهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت » كما في المروي في فلاح السائل (٤).
أو : « الحمد لله ربّ العالمين ، بحول الله وقوّته أقوم وأقعد ، أهل الكبرياء والعظمة والجبروت » كما في المروي في الذكرى (٥).
وأمّا مكروهاته :
يكره في الركوع أن يطأطئ رأسه ، وأن يرفعه حتى يكون أعلى من
__________________
(١) انظر : الوسائل ٥ : ٤٥٩ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١ ، وص ٢٩٥ أبواب الركوع ب ١ ح ١.
(٢) فقه الرضا (ع) : ١٠٦ ، وفيه « الحمد لله ربّ العالمين » وما ذكره في المتن موافق للنسخة الحجرية.
(٣) المعتبر ٢ : ٢٠٣.
(٤) فلاح السائل : ١٣٣.
(٥) الذكرى : ١٩٩.
جسده ، لما رواه الصدوق في معاني الأخبار قال : ونهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يدبّح الرجل في الصّلاة كما يدبّح الحمار ، قال : ومعناه أن يطأطئ الرجل رأسه في الركوع حتى يكون أخفض من ظهره ، وكان عليهالسلام إذا ركع لم يصوّب رأسه ولم يقنعه ، قال : معناه أنّه لم يرفعه حتى يكون أعلى من جسده ولكن بين ذلك (١).
ويستفاد من كراهة الأمرين استحباب تسوية الظهر مع الرأس ، وهو كذلك.
وقيل : لا خلاف فيهما بين الأصحاب.
قالوا : ويكره أيضا أن يركع ويداه تحت ثيابه.
فإن أرادوا بذلك كراهة كونهما تحت جميع ثيابه بحيث يكون ملاصقا لبدنه ، كما هو ظاهر إتيانهم بلفظ الجمع المضاف.
فتشهد له موثّقة عمّار : في الرجل يدخل يديه تحت ثوبه ، قال : « إن كان عليه ثوب آخر ، إزار أو سراويل ، فلا بأس ، وإن لم يكن فلا يجوز ذلك » (٢).
والقول بأنّها أعمّ من المدّعى من جهة اختصاصه بالركوع ، وأخصّ منه من جهة نفي الكراهة مع وجود ثوب آخر.
مردود بعدم ضير الأعمّية ، ومنع الأخصّية ، إذ مع إزار أو سراويل لا يكون تحت جميع الثياب.
وإن أرادوا كراهة كونهما تحت ثوب مطلقا ، واستحباب كونهما بارزتين ، كما هو صريح المبسوط حيث قال : يستحب أن تكونا بارزتين أو في كمّه (٣).
فلا شاهد له ، إلاّ أن يثبت بقول الشيخ ، ولا بأس به.
__________________
(١) معاني الأخبار : ٢٨٠ ، الوسائل ٦ : ٣٢٣ ، ٣٢٤ أبواب الركوع ب ١٨ ح ٣ و ٤.
(٢) الكافي ٣ : ٣٩٥ الصلاة ب ٦٤ ح ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣٥٦ ـ ١٤٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ ـ ١٤٩٤ ، الوسائل ٤ : ٤٣٢ أبواب لباس المصلي ب ٤٠ ح ٤ ، وفيها بتفاوت يسير.
(٣) المبسوط ١ : ١١٢.
بل في صحيحة محمّد : عن الرجل يصلّي ولا يخرج يديه عن ثوبه ، قال : « إن أخرج يديه فحسن ، وإن لم يخرج فلا بأس » (١).
فإنّ وصف الإخراج بالحسن وعدمه بنفي البأس ظاهر في أحسنية الأوّل. ولا يتوهم منافاة نفيه البأس عن الثاني لكراهته ، لأنّ البأس هو العذاب ، والكراهة لا تنافي نفيه.
* * *
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٧٤ ـ ٨٢٢ ، التهذيب ٢ : ٣٥٦ ـ ١٤٧٤ ، الاستبصار ١ : ٣٩١ ـ ١٤٩١ ، الوسائل ٤ : ٤٣١ أبواب لباس المصلي ب ٤٠ ح ١.
البحث السادس
في السجود
ووجوب سجدتين في كلّ ركعة من فريضة شرعا ، أو نافلة شرطا مجمع عليه ، بل ضروريّ الدين. والنصوص فيه متواترة معنى.
وهما معا ركن ، بمعنى بطلان الصلاة بالإخلال بهما معا ، عمدا وسهوا ، وبزيادتهما معا كذلك ، ولا تبطل بالإخلال بواحدة أو زيادتها سهوا.
أمّا الأوّلان فبالإجماعين ، مضافا في أوّلهما إلى ما مرّ من أصالة الركنيّة ـ بهذا المعنى ـ في كلّ جزء واجب من الصلاة ، وصحيحة زرارة : « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود » (١).
وفي الثاني إلى ما يأتي من القاعدة المستندة إلى الأخبار الدالّة على بطلان الصلاة بالزيادة.
وتؤيّده رواية زرارة : « لا يقرأ في المكتوبة شيء من العزائم ، فإنّ السجود زيادة في المكتوبة » (٢).
وقد يجعل ذلك دليلا (٣) ، وفيه نظر (٤).
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢٥ ـ ٩٩١ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ـ ٥٩٧ ، الوسائل ٦ : ٣١٣ أبواب الركوع ب ١٠ ح ٥.
(٢) الكافي ٣ : ٣١٨ الصلاة ب ٢٢ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٦ ـ ٣٦١ ، الوسائل ٦ : ١٠٥ أبواب القراءة ب ٤٠ ح ١ وفي جميعها : « لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم .. ».
(٣) كما في الرياض ١ : ١٦٨.
(٤) أمّا أولا فلأنّ قوله : « لا يقرأ » إخبار بقرينة قوله : « شيء » فيمكن أن يكون المعنى : يرجّح ذلك لأنّ السجود زيادة وهي مرجوحة. وأمّا ثانيا فلأنّه يحتمل أن يكون مخصوصا بالعمد ، إذ قوله : « فإنّ
وجعلهما ركنا في بعض الركعات دون بعض ـ كما عن المبسوط (١) ـ باطل ، كما يأتي في محلّه.
وأمّا الثالث والرابع فعلى الحقّ المشهور ، بل عن التذكرة والذكرى : على أوّلهما الإجماع (٢) ، للمستفيضة في الأوّل ، كصحيحة أبي بصير : عمّن نسي أن يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم ، قال : « يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع ، فإن كان قد ركع فليمض على صلاته ، فإذا انصرف قضاها وحدها وليس عليه سهو » (٣).
وابن جابر : في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم أنّه لم يسجد ، قال : « فليسجد ما لم يركع ، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنّه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلّم ثمَّ يسجدها ، فإنّها قضاء » (٤).
وقريبة منها موثّقة الساباطي (٥) ، وغيرها.
ولموثّقتي ابني حازم ، وزرارة في الثاني :
الأولى : عن رجل صلّى فذكر أنّه زاد سجدة ، فقال : « لا يعيد صلاة من سجدة ويعيدها من ركعة » (٦).
__________________
السجود زيادة » يحتمل أن يكون المعنى : والزيادة محرّمة أو الزيادة مبطلة ، وعلى الأوّل يختصّ بالعامد ، إذ لا حرمة على الناسي. منه رحمهالله.
(١) المبسوط ١ : ١٢٠.
(٢) التذكرة ١ : ١٣٨ ، الذكرى : ٢٠٠.
(٣) التهذيب ٢ : ١٥٣ ـ ٦٠٢ ، والاستبصار ١ : ٣٥٩ ـ ١٣٦١ ، الوسائل ٦ : ٣٦٤ أبواب السجود ب ١٤ ح ١.
(٤) التهذيب ٢ : ١٥٣ ـ ٦٠٤ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ ـ ١٣٦٢ ، الوسائل ٦ : ٣٦٤ أبواب السجود ١٤ ح ٢.
(٥) الفقيه ١ : ٢٢٨ ـ ١٠٠٨ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ـ ٥٩٨ ، الاستبصار ١ : ٣٥٨ ـ ١٣٦٠ ، الوسائل ٦ : ٤٦٥ أبواب السجود ب ١٤ ح ٤ ، في التهذيب والاستبصار لا توجد كلمة ( وحدها ).
(٦) الفقيه ١ : ٢٢٨ ـ ١٠٠٩ ، التهذيب ٢ : ١٥٦ ـ ٦١٠ ، الوسائل ٦ : ٣١٩ أبواب الركوع ب ١٤ ح ٢.
والثانية : « والله لا تفسد زيادة سجدة » (١).
خلافا في أولهما ، للمحكي عن الكليني (٢) ، وظاهر العماني (٣) ، فتبطل بالإخلال مطلقا.
للأصل المتقدّم.
واقتضاء الركنيّة لذلك.
ورواية معلّى ، عن أبي الحسن الماضي : « في الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال : إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته وسجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة » (٤).
ويدفع الأصل : بما مرّ.
واقتضاء الركنيّة : بمنعها بهذا المعنى ، والمسلّم الركنيّة بالمعنى الّذي ذكرنا ، كيف؟! ولم يرد لفظ الركن في نصّ ، ولو ورد لم يثبت له معنى خاصّ ، وإنّما هو أمر اصطلحوا عليه ولم يثبت الاصطلاح في السجدتين إلاّ بذلك المعنى.
والرواية : بعدم صراحتها ، بل ولا ظهورها في المخالفة ، لاحتمال السجدة فيها السجدتين لا الواحدة بقرينة تعريفها بلام الجنس. واحتمال الاستحباب ، لعدم تضمّنها الأمر المفيد للوجوب ، ولو سلّم فلا شك في شمولها للواحدة والاثنتين فيتعيّن التخصيص بما مرّ.
مضافا إلى ما في الرواية من خللها باعتبار تقدّم المعلّى على أبي الحسن الماضي ، فلا يمكن روايته عنه ، ومعارضتها مع ما هو أرجح منها سندا وعددا وعملا.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٥٦ ـ ٦١١ ، الوسائل ٦ : ٣١٩ أبواب الركوع ب ١٤ ح ٣.
(٢) الكافي ٣ : ٣٦١.
(٣) حكاه عنه في الذكرى : ٢٠٠.
(٤) التهذيب ٢ : ١٥٤ ـ ٦٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ ـ ١٣٦٣ ، الوسائل ٦ : ٣٦٦ أبواب السجود ب ١٤ ح ٥.
ولظاهر التهذيب (١) ، ومحتمل الاستبصار (٢) ، فتبطل بالإخلال بالواحدة إذا كانت من الأوليين خاصّة ، لصحيحة البزنطي (٣) ، القاصرة عن إفادة الوجوب ، لتضمّنها الإخبار. بل عن الاستدلال ، لما فيها من الإجمال. وعن معارضة ما مرّ ، لاعتضاده بالكثرة والشهرة. مضافا إلى اختصاصها بالركعة الاولى وعدم تعرّضها للثانية ، مع دلالة رواية محمّد بن منصور (٤) على عدم الإعادة في ترك السجدة الواحدة من الثانية.
ولوالد الصدوق والإسكافي (٥) ، فتبطل بالإخلال بها إذا كانت من الركعة الأولى خاصّة ، وظهر وجهه وجوابه ممّا مرّ.
وفي الثاني ، للمحكي عن الكليني وجمل السيّد والحلبيين والحلّي (٦) ، فتبطل بالزيادة ، للقاعدة المتقدّمة ، وهي بالموثّقين المعتضدين بالشهرة مخصّصة.
ويأتي بيان هذه المسائل في باب الخلل.
ثمَّ إنّ للسجود واجبات ، ومستحبّات ، وأحكاما ، نذكرها في ثلاثة مطالب :
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٥٤.
(٢) الاستبصار ١ : ٣٥٩.
(٣) الكافي ٣ : ٣٤٩ الصلاة ب ٣٧ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٥٤ ـ ٦٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٦٠ ـ ١٣٦٤ ، قرب الإسناد : ٣٦٥ ـ ١٣٠٨ ، الوسائل ٦ : ٣٦٥ أبواب السجود ب ١٤ ح ٣.
(٤) التهذيب ٢ : ١٥٥ ـ ٦٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٦٠ ـ ١٣٦٥ ، الوسائل ٦ : ٣٦٦ أبواب السجود ب ١٤ ح ٨.
(٥) حكاه عنهما في الرياض ١ : ١٦٨.
(٦) الكافي ٣ : ٣٦١ ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٣٦ ، أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١١٩ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٥ ، الحلّي في السرائر ١ : ٢٥٤.
المطلب الأوّل
في واجباته
وهي أمور :
الأول : السجود على سبعة أعضاء : الجبهة ، واليدين ، والركبتين ، والرجلين ، بالإجماع المحقق والمحكي مستفيضا في كلمات أصحابنا. وهو الحجّة فيه ، مضافا إلى النصوص المستفيضة :
منها : صحيحة حمّاد الواردة في التعليم ، وفيها : فسجد على ثمانية أعظم : الكفّين ، والركبتين ، وأنامل إبهامي الرجلين ، والجبهة ، والأنف ، وقال : « سبعة منها فرض يسجد عليها وهي الّتي ذكر الله عزّ وجلّ في كتابه وقال ( أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) (١) وهي الجبهة ، والكفّان ، والركبتان ، والإبهامان ، ووضع الأنف على الأرض سنّة » (٢).
وزرارة : « السجود على سبعة أعظم : الجبهة ، واليدين ، والركبتين ، والإبهامين ، وترغم بأنفك إرغاما ، وأمّا الفرض فهذه السبعة ، وأمّا الإرغام بالأنف فسنّة » (٣).
والمروي في تفسير العيّاشي ، وفيه بعد السؤال عن الوجه في قطع السارق من أصول الأصابع : « قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : السجود على سبعة أعضاء : الوجه ، واليدين ، والركبتين ، وإبهامي الرجلين ، فإذا قطعت اليد
__________________
(١) الجن : ١٨.
(٢) الكافي ٣ : ٣١١ الصلاة ب ٢٠ ح ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ ـ ٣٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٥٩ ـ ٤٦١ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١ ، ٢.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٩ ـ ١٢٠٤ ، الاستبصار ١ : ٣٢٧ ـ ١٢٢٤ ، الوسائل ٦ : ٣٤٣ أبواب السجود ب ٤ ح ٢.
من الكرسوع أو المرفق لم تبق له يد يسجد عليها » (١).
والرضوي : « والسجود على سبعة أعضاء : على الجبهة ، واليدين ، والركبتين ، والإبهامين من القدمين ، وليس على الأنف سجود ، وإنّما هو الإرغام » (٢).
فروع :
أ : موضع السجود من اليدين الكفّان عند أكثر الأصحاب ، بل في التذكرة وشرح القواعد وعن الخلاف والذكرى الإجماع عليه (٣) ، لحمل مطلقات أخبار اليدين على المقيّد ، وهو الصحيحة الأولى.
خلافا للحلّي والمحكي عن السيّد والإسكافي (٤) ، فبدّلوا الكفين بمفصلهما عند الزندين.
فإن أرادوا تعيّنه فلا دليل عليه.
وإن أرادوا الاجتزاء به ، كما نقل عنهم في شرح القواعد والدروس (٥) ، وغيره ، وهو الظاهر وإن عبّروا بالمفصل ، فإنّ الظاهر أنّ مرادهم أنّه منتهى محل السجود ، وحينئذ تحتمل موافقة كلّ من عبّر باليدين كالشيخ في النهاية (٦) وغيره (٧) لهم.
فالدليل معهم ، لكون المفصل أيضا من اليدين الواردتين في الأخبار ، بل الكفّين ، لأنّ القدر المشترك بين الشيئين يكون من كلّ منهما ما دام الاشتراك.
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٣١٩ ـ ١٠٩ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٤٥٤ أبواب السجود ب ٤ ح ١.
(٢) فقه الرضا (ع) : ١٠٦ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٤٥٤ أبواب السجود ب ٤ ح ٢.
(٣) التذكرة ١ : ١٢٠ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٠٠ ، الخلاف ١ : ٣٥٤ وفيه : بيديه ، الذكرى : ٢٠١
(٤) السرائر ١ : ٢٢٥ ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٣٢ ، وحكاه عن الإسكافي في الذكرى : ٢٠١.
(٥) جامع المقاصد ٢ : ٣٠٠ ، الدروس ١ : ١٨.
(٦) النهاية : ٧١.
(٧) كالعلامة في نهاية الإحكام ١ : ٤٨٨ ، والشهيد في الدروس ١ : ١٨.
ودعوى تبادر غيره من الكفّين ومنافاته للتأسي وعمل الأئمّة غريبة ، لتجويز المشهور السجود على ما دون المفصل ولو بيسير ، ولا يختلف التبادر بالنسبة إليهما ولا التأسّي.
وهل يجب السجود على باطنيهما؟ كما عن نهاية الفاضل (١) ، والشهيدين (٢) ، وفي المدارك (٣) ، بل عن الأوّل نسبته إلى ظاهر علمائنا إلاّ المرتضى ، وعن الذكرى إلى الأكثر ، واستدلّ له في المدارك بالتأسي ، وفي غيره بأنّه المعهود من فعل النبي والأئمّة والمسلمين (٤).
أو لا يجب؟ كما هو محتمل عبارة الأكثر حيث أطلقوا ، وتردّد في المنتهى (٥).
مقتضى الأصل والإطلاقات : الثاني.
والقول بأنّ المطلق ينصرف إلى الفرد الشائع المعهود ، والمتعارف باطن الكفّ كما في الحدائق (٦).
باطل ، لأنّه إن أريد شيوع إرادة الباطن من اليد والكفّ فهو ممنوع ، وإن أريد شيوع وضع الباطن من إطلاق السجود عليها أو وضعها ـ فلو سلّم ـ فيحتمل أن يكون ذلك حادثا بعد زمان الشارع لاستحبابه أو فتوى الأكثر بوجوبه. بل الظاهر عدم شيوع السجدة على اليد قبل حكم الشارع بذلك حتى يكون له شائع ، بل لا شائع للسجدة عليها ولا استعمال له في غير هذا الموضع. وأمّا وضع اليد والكفّ فلا شيوع له في الباطن قطعا.
والتأسي غير واجب.
__________________
(١) نهاية الإحكام ١ : ٤٨٨.
(٢) الشهيد الأوّل في الذكرى : ٢٠١ ، والبيان : ١٦٨ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٧٦.
(٣) المدارك ٣ : ٤٠٤.
(٤) شرح المفاتيح للبهبهاني (ره) ( المخطوط ).
(٥) المنتهى ١ : ٢٩٠.
(٦) الحدائق ٨ : ٢٧٨.
وفعل الجميع كذلك ـ لو سلّم ـ لم يعلم أنّه على سبيل الوجوب.
فالقول الثاني لا يخلو عن قوّة ، والأوّل أحوط.
ب : موضع السجود من الرجلين الإبهامان ، على الحقّ المشهور ، بل في الكتب المتقدّمة وغيرها : الإجماع عليه ، وتدلّ عليه الأخبار المتقدّمة.
خلافا لجماعة من القدماء ، فجعلوا عوض الإبهامين أصابع الرّجلين كما في كلام جماعة ، منهم : الشيخ في المبسوط وموضع من النهاية (١) ، والحلبي (٢) ، بل عن شرح الجمل للقاضي نقل الإجماع عليه (٣).
أو أطرافها ، كما في كلام آخرين ، منهم ابن زهرة (٤).
ولعلّهما لروايتي الجمهور وابن أبي جمهور عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الاولى : « أمرت بالسجود على سبعة أعظم : اليدين ، والركبتين ، وأطراف القدمين ، والجبهة » (٥).
والثانية ما رواه في العوالي : « اسجدوا على سبعة : اليدين ، والركبتين ، وأطراف أصابع الرجلين ، والجبهة » (٦).
وفيها أيضا : « أمرت أن أسجد على سبعة أطراف : الجبهة ، واليدين ، والركبتين ، والقدمين » (٧).
والمروي في قرب الإسناد : يسجد ابن آدم على سبعة أعظم : يديه ،
__________________
(١) المبسوط ١ : ١١٢ ، النهاية : ٣٦.
(٢) الكافي في الفقه : ١١٩.
(٣) شرح الجمل : ٩٠.
(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨.
(٥) سنن البيهقي ٢ : ١٠٣.
(٦) عوالي اللئالي ١ : ١٩٦ ـ ٥ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٤٥٥ أبواب السجود ب ٤ ح ٣.
(٧) عوالي اللئالي ٢ : ٢١٩ ـ ١٦ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٤٥٥ أبواب السجود ب ٤ ح ٣.
ورجليه ، وركبتيه ، وجبهته » (١).
ويردّ ـ بعد الإغماض عن ضعفها ـ بوجوب حمل المطلق على المقيّد.
والظاهر الاكتفاء فيهما بالباطن والظاهر ، للإطلاق ، وإن كان السجود على رؤوسهما أفضل ، لصحيحة حمّاد.
نعم لو تعذّر السجود عليهما لعدمهما أو قصرهما أو عذر آخر ، أجزأ على بقيّة الأصابع كما ذكره في الذكرى (٢) ، واستحسنه في الذخيرة (٣) ، وقال بعض مشايخنا المحققين : إنّ عليه طريقة المسلمين في الأعصار والأمصار (٤) ، بل الظاهر أنّ عليه فتوى الأصحاب ، لظهور أنّ تقييد المطلقات بالإبهامين إنّما هو مع الإمكان ، فبدونه تبقى بلا معارض ، وينجبر ضعفها بما مرّ من أنّه الظاهر من الأصحاب.
ج : المعروف من الأصحاب أنّه يكفي فيما عدا الجبهة من هذه الأعضاء ما يصدق عليه الاسم ، ولا يجب الاستيعاب ، بل في المدارك والذخيرة : لا نعرف فيه خلافا (٥). وفي الحدائق : من غير خلاف يعرف (٦).
وهو كذلك ، للأصل ، وصدق الامتثال ، وإطلاق الأخبار (٧) ، ورواية العيّاشي المتقدّمة (٨) المنجبر ضعفها بما ذكر ، ويؤيّده فحوى ما دلّ على الاكتفاء بالمسمّى في الجبهة (٩). فتردّد المنتهى (١٠) في الكفّين لا وجه له.
__________________
(١) قرب الاسناد : ٢٢ ـ ٧٤ ، الوسائل ٦ : ٣٤٥ أبواب السجود ب ٤ ح ٨.
(٢) الذكرى : ٢٠١.
(٣) الذخيرة : ٢٨٦.
(٤) الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح ( المخطوط ).
(٥) المدارك ٣ : ٤٠٤ ، الذخيرة : ٢٨٦.
(٦) الحدائق ٨ : ٢٧٧.
(٧) انظر : الوسائل ٦ : ٣٤٣ أبواب السجود ب ٤.
(٨) في ص ٢٣٥.
(٩) انظر : الوسائل ٦ : ٣٥٥ أبواب السجود ب ٩.
(١٠) المنتهى ١ : ٢٩٠.
والكفّان يشملان الأصابع أيضا ، فيجوز الاكتفاء في السجود عليها. وما في بعض كلمات القدماء من ذكر باطن الراحتين لا دليل على التخصيص به إن أراده.
والحق المشهور الاكتفاء به فيها أيضا ، لما مرّ ، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة المصرّحة ، كصحيحة زرارة : الرجل يسجد وعليه قلنسوة أو عمامة ، فقال : « إذا مسّ شيء من جبهته الأرض فيما بين حاجبيه وقصاص شعره فقد أجزأ عنه » (١).
والأخرى : « اسجد على المروحة أو عود أو سواك » (٢) (٣).
والثالثة : عن حدّ السجود ، قال : « ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد ، أيّ ذلك أصبت به الأرض أجزأك » (٤).
ونحوها موثّقة الساباطي (٥) ، وقريبة منهما روايتا زرارة (٦) ، والعجلي (٧) ، وزاد في الأخيرة : « والسجود عليه كلّه أفضل ».
خلافا للمحكي عن الصدوق والحلّي (٨) ، والدروس وموضع من الذكرى (٩) ، فأوجبوا مقدار الدرهم.
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٧٦ ـ ٨٣٣ ، التهذيب ٢ : ٨٥ ـ ٣١٤ ، الوسائل ٦ : ٣٥٥ أبواب السجود ب ٩ ح ١.
(٢) الفقيه ١ : ٢٣٦ ـ ١٠٣٩ ( وفيه بتفاوت يسير ) ، التهذيب ٢ : ٣١١ ـ ١٢٦٤ ، الوسائل ٥ : ٣٦٤ أبواب ما يسجد عليه ب ١٥ ح ١ و ٢.
(٣) الفقيه ١ : ١٧٦ ـ ٨٣٦ ، التهذيب ٢ : ٢٩٨ ـ ١٢٠١ ، الاستبصار ١ : ٣٢٧ ـ ١٢٢٢ ، الوسائل ٦ : ٣٥٦ أبواب السجود ب ٩ ح ٤.
(٣) توجد في « ح » زيادة : ومثله لا يستوعب الجبهة أو قدر الدرهم غالبا.
(٤) التهذيب ٢ : ٨٥ ـ ٣١٣ ، الوسائل ٦ : ٣٥٥ أبواب السجود ب ٩ ح ٢. وفيهما : « ما بين قصاص الشعر إلى موضع الحاجب ما وضعت منه أجزأك » وما أورده في المتن مذكور في موثقة الساباطي.
(٥) الفقيه ١ : ١٧٦ ـ ٨٣٧ ، الوسائل ٦ : ٣٥٦ أبواب السجود ب ٩ ذيل حديث ٤.
(٦) التهذيب ٢ : ٢٩٨ ـ ١١٩٩ ، الاستبصار ١ : ٣٢٦ ـ ١٢٢١ ، الوسائل ٦ : ٣٥٦ أبواب السجود ب ٩ ح ٣.
(٧) الصدوق في المقنع : ٢٦ ، الحلي في السرائر ١ : ٢٢٥.
(٨) الدروس ١ : ١٨٠ ، الذكرى : ٢٠١.