علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-610-3
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٠٠

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم (١)

الحمد لله ربِّ العالمين ، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ، وسلّم تسليماً (٢).

قال الشيخ (٣) أبو جعفر محمّد بن ( الشيخ أبي الحسن ) (٤) علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه القمّي رضي‌الله‌عنه وأرضاه ، وجعل الجنّة منقلبه ومثواه :

__________________

(١) في «س» زيادة : وبه الافتتاح والتتميم.

(٢) في «ح ، ع» : تسليماً كثيراً.

(٣) في «ح ، س ، ن» : قال الشيخ الفقيه.

(٤) ما بين القوسين أثبتناه من «ح ، س ، ي ، ع ، ج».

٣
٤

ـ ١ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّيت السماء سماء ، والدّنيا دنيا ،

والآخرة آخرة

والعلّة التي من أجلها سُمّي آدم آدم ، وحوّاء حوّاء ،

والدّرهم درهماً ، والدّينار ديناراً

والعلّة التي من أجلها قيل للفرس : أجد ، وللبغلة : عد ،

والعلّة التي من أجلها قيل للحمار : حر

[ ١ / ١ ] حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد رضي‌الله‌عنه، قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب ، عن علي بن محمّد ، بإسناده رفعه قال : أتى (١) علي بن أبي طالب عليه‌السلام يهودي ، فقال : ياأمير المؤمنين ، إنّي أسألك عن أشياء إن أنت أخبرتني بها أسلمت.

__________________

(١) في «ن» : أتى إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام .

٥

قال علي عليه‌السلام : «سلني يا يهودي عمّا بدا لك ، فإنّك لا تصيب أحداً أعلم منّا أهل البيت».

فقال له اليهودي : أخبرني عن قرار هذه الأرض على ما هو؟ وعن شَبَه الولد أعمامه وأخواله؟ وعن (١) أيّ النطفتين يكون الشَعر ، والدّم واللّحم ، والعظم والعصب؟ ولِمَ سُمّيت السماء سماءً؟ ولِمَ سُمّيت الدنيا دنيا؟ ولِمَ سُمّيت الآخرة آخرة؟ ولِمَ سُمّي آدم آدم؟ ولِمَ سُمّيت حوّاء حوّاء؟ ولِمَ سُمّي الدرهم درهماً؟ ولِمَ سُمّي الدينار ديناراً؟ ولِمَ قيل للفرس : أجد؟ ولِمَ قيل للبغل : عد؟ ولِمَ قيل للحمار : حر؟

فقال (٢) عليه‌السلام: «أمّا قرار هذه الأرض لا يكون إلاّ على عاتق ملك ، وقَدَماذلك الملك على صخرة ، والصخرة على قرن ثور ، والثور قوائمه على ظهر الحوت ، ( والحوت ) (٣) في اليمّ الأسفل ، واليمّ على الظلمة ، والظلمة على العقيم ، والعقيم على الثرى ، وما يعلم تحت الثرى إلاّ الله عزوجل .

وأمّا شبه الولد أعمامه وأخواله؛ فإذا سبق نطفة الرجل نطفة المرأة إلى الرحم خرج شَبَه الولد إلى أعمامه ، ومن نطفة الرجل يكون العظم والعصب ، و إذا سبق نطفة المرأة نطفة الرجل إلى الرحم خرج شَبَه الولد (٤) إلى أخواله ، ومن نطفتها يكون الشعر والجلد واللحم؛ لأنّها صفراء رقيقة.

__________________

(١) في «ع ، ج» وحاشية «ش» : ومن.

(٢) في «ح ، ع» : فقال علي.

(٣) ما بين القوسين أثبتناه من «ح ، ع».

(٤) في «ن» : الولد يشبه ، وفي «ح و س» وحاشية «ج» : يشبه الولد.

٦

وسمّيت السماء سماء؛ لأنّها وَسَمَ الماء ، يعني معدن الماء.

وإنّما سُمّيت الدنيا دنيا؛ لأنّها أدنى من كلّ شيء.

وسُمّيت الآخرة آخرة؛ لأنّ فيها الجزاء والثواب.

وسُمّي آدم آدم؛ لأنّه خُلِقَ من أديم الأرض؛ وذلك أنّ الله تبارك وتعالى بعث جبرئيل عليه‌السلام وأمره أن يأتيه من أديم الأرض بأربع طينات : طينة بيضاء ، وطينة حمراء ، وطينة غبراء ، وطينة سوداء ، وذلك من سهلها وحَزْنها (١) .

ثمّ أمره أن يأتيه بأربع مياه : ماء عذب ، وماء ملح ، وماء مرّ ، وماء منتن.

ثمّ أمره أن يفرّغ الماء في الطين ، وأدمه الله بيده فلم يفضل شيء من الطين يحتاج إلى الماء ، ولا من الماء شيء يحتاج إلى الطين ، فجعل الماءالعذب في حلقه ، وجعل الماء المالح في عينيه ، وجعل الماء المرّ في اُذنيه ، وجعل الماء المنتن في أنفه.

وإنّما سُمّيت حوّاء حوّاء؛ لأنّها خُلقت من الحَيَوان.

وإنّما قيل للفرس : أجد؛ لأنّ أوّل من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل ، وأنشأ يقول :

أجد (٢) اليوم وما

ترك الناس دما

__________________

(١) الحَزْنُ : ما غلظ من الأرض. لسان العرب ١٣ : ١١٣ / حزن.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : كأنّه من الإجادة ، أي أجد السعي ؛ لأنَّ الناس لايتركون الدّم ، بل يطلبونه منّي ، من الوجدان ، أي أجد النّاس اليوم لا يتركون الدم ، أو بتشديد الدال بمعنى الجدّ والسعي ، فرجع إلى المعنى الأوّل ، ومنهم من صحّف وقرأ الواو وحرف النفي.

دَمَاً ، أي أجد اليوم أخذت لنفسي دماً وانتقمت من عدوّي ، فيكون ترك الناس وماكلامه أعمّ والله يعلم ، وعلى الأوّل والثاني الظاهر أنّها كلمة زجر ، كما قالوا في عد : إنّهاكلمة زجر للبغل ( م ق ر رحمه‌الله ).

٧

فقيل للفرس : أجد لذلك.

وإنّما قيل للبغل : عد؛ لأنّ أوّل من ركب البغل آدم عليه‌السلام ، وذلك كان له ابن يقال له : معد ، وكان عشوقاً للدواب ، وكان يسوق بآدم عليه‌السلام ، فإذا تقاعس البغل نادى : يا معد سقها ، فألِفت (١) البغلة اسم معد ، فترك الناس ميم معد وقالوا : عد.

وإنّما قيل للحمار : حر؛ لأنّ أوّل من ركب الحمار حوّاء؛ وذلك أنّه كان لهاحمارة ، وكانت تركبها لزيارة قبر ولدها هابيل ، فكانت تقول في مسيرها : واحرّاه ، فإذا قالت هذه الكلمات سارت الحمارة ، وإذا أمسكت (٢) تقاعست ، فترك الناس ذلك وقالوا : حر.

وإنّما سُمّي الدرهم درهماً؛ لأنّه دار همّ ، مَنْ جَمعه ولم يُنفقه في طاعة الله أورثه النار.

وإنّما سُمّي الدينار ديناراً؛ لأنّه دار النار ، مَنْ جمعه ولم يُنفقه في طاعة الله أورثه (٣) النار».

فقال اليهودي : صدقت يا أمير المؤمنين ، إنّا لنجد جميع ما وصفت في التوراة ، فأسلم على يده ولازمه حتّى قُتل يوم صفّين (٤) .

__________________

(١) في «س» : فألقيت ، وفي «ن ، ش ، ج» : فألقت.

(٢) في المطبوع و«ن» : وإذا سكتت ، وما في المتن أثبتناه من «ع ، ح ، ش ، م ، س ، ج» وهوالموافق للبحار.

(٣) في المطبوع و«ش ، س ، ج» : فأورثه ، وما في المتن أثبتناه من «ح ، ن ، ع» وهو الموافق للبحار .

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٠ : ١٢ / ٧.

٨

ـ ٢ ـ

باب العلّة التي من أجلها عُبدت النيران

[ ٢ / ١ ] أبي رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وأحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً ، قال : حدّثنا محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وكرّام بن عمرو (١) ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إنّ قابيل لمّا رأى النار قد قَبِلت قربان هابيل قال له إبليس : إنّ هابيل كان يعبد تلك النار ، فقال قابيل : لا أعبد النار التي عبدها هابيل ، ولكن أعبد ناراً اُخرى واُقرّب قرباناً لها فتقبل قرباني ، فبنى بيوت النار فقرّب ، فلم يكن له علم بربّه عزوجل ، ولم يرث منه ولده إلاّ عبادة النيران» (٢) .

ـ ٣ ـ

باب العلّة التي من أجلها عُبدت الأصنام

[ ٣ / ١ ] أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّدبن عيسى ، قال : حدّثني محمّد بن خالد البرقي قال : حدّثني حمّاد

__________________

(١) في «س ، ع ، ح ، ش ، م» : والدارم بن عمر ، وما في المتن موافق لحاشية «س ، ش»والمصادر ، وهو الصحيح ؛ لأنّ كرّام هو لقب لعبدالكريم بن عمرو بن صالح الخَثْعَمي الكوفي .

انظر رجال النجاشي : ٢٤٥ / ٦٤٥ ، رجال الشيخ الطوسي : ٣٣٩ / ٥٠٥١ ، خلاصة الأقوال للعلاّمة : ٣٨١ / ١٥٣٢ ، منتهى المقال ٤ : ١٤٥ / ١٦٥٠ ، نقد الرجال ٣ : ٧٤ / ٢٩٥٨ ، معجم رجال الحديث ١١ : ٧٠ / ٦٦٢٩.

(٢) نقله المجلسي في البحار عن العلل ٣ : ٢٤٩ / ٥.

٩

ابن عيسى ، عن حريز بن عبدالله السجستاني ، عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ، في قول الله عزوجل : ( وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) (١) قال : «كانوا يعبدون الله عزوجل فماتوا ، فضجّ قومهم وشقّ ذلك عليهم ، فجاءهم إبليس لعنه الله فقال لهم : أتّخذ لكم أصناماً على صورهم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله ، فأعدَّ لهم أصناماً على مثالهم ، فكانوا يعبدون الله عزوجل وينظرون إلى تلك الأصنام ، فلمّا جاءهم الشتاء والأمطار أدخلوا الأصنام البيوت ، فلم يزالوا يعبدون الله عزوجل حتّى هلك ذلك القرن ونشأ أولادهم فقالوا : إنّ آباءنا كانوا يعبدون هؤلاء ، فعبدوهم من دون الله عزوجل ، فذلك قول الله تبارك وتعالى : ( وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً ) الآية» (٢) .

ـ ٤ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي العود خلافاً

[ ٤ / ١ ] أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن النعمان (٣) ، عن بريد بن معاوية العجلي ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «إنّما سُمّي العود خلافاً؛ لأنّ إبليس

__________________

(١) سورة نوح ٧١ : ٢٣.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣ : ٢٥٠ / ٧.

(٣) في البحار : ابن النعمان.

وهو محمّد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي ، مولى الأحول ، يلقّب مؤمن الطّاق أو صاحب الطّاق.

انظر : رجال النجاشي : ٣٢٥ / ٨٨٦ ، خلاصة الأقوال للعلاّمة : ٢٣٧ / ٨١٠ ، معجم رجال الحديث ٨ : ٣٤ / ١١٣٨٧.

١٠

عمل صورة سواع (١) على خلاف صورة ودّ ، فسمّي العود خلافاً» (٢) .

وهذا في حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

ـ ٥ ـ

باب العلّة التي من أجلها تنافرت الحيوان من

الوحوش (٣) والطير والسباع ، وغيرها

[ ٥ / ١ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن اُورمة (٤) ، عن عبدالله بن محمّد ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «كانت الوحوش والطير والسباع وكلّ شيء خلق الله عزوجل مختلطاً بعضه ببعض ، فلمّا قتل ابن آدم أخاه نفرت وفزعت ، فذهب كلّ شيء إلى شكله» (٥) .

__________________

(١) في المطبوع زيادة : (من العود).

(٢) أورده الراوندي مفصّلاً في قصص الأنبياء : ٦٧ / ٤٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٣ : ٢٤٩ / ٦ ، و٦٦ : ١١١ / ٢.

(٣) في «ش ، ن» : الوحش.

(٤) في «ع ، س ، ج» : أرومة.

قال العلاّمة الحلّي في الخلاصة : محمّد بن أُوْرَمَة ، بضمّ الهمزة ، وإسكان الواو ، وفتح الراء والميم ، وقد تقدّم الراء على الواو.

الخلاصة : ٣٩٧ / ٣٨ ، وانظر تنقيح المقال ٢ : ٨٣ / ١٠٤٢٥.

(٥) أورده الراوندي في قصص الأنبياء : ٦٠ / ٣٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار١١ : ٢٣٦ / ١٧.

١١

ـ ٦ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار في الناس من هو خير من

الملائكة ، وصار فيهم من هو شرّ من البهائم

[ ٦ / ١ ] أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّدبن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله بن سنان ، قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام فقلت : الملائكة أفضل أم بنو آدم؟

فقال : «قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : إنّ الله عزوجل ركّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة ، وركّب في البهائم شهوة بلا عقل ، وركّب في بني آدم كلتيهما ، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ، ومن غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم» (١) .

ـ ٧ ـ

باب العلّة التي من أجلها صارت الأنبياء والرسل والحجج

صلوات الله عليهم أفضل من الملائكة

[ ٧ / ١ ] حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي (٢) ، قال : حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن علي الهمداني ، قال : حدّثني أبو الفضل العبّاس بن عبدالله البخاري ، قال : حدّثنا

__________________

(١) رواه مرسلاً الطبرسي في مشكاة الأنوار ٢ : ١٦١ / ١٤٨٤ ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٠ : ٢٩٩ / ٥.

(٢) في «ع ، ح ، ن» : الحسن بن محمّد ، عن سعد الهاشمي ، والظاهر أنّ ما في المتن هوالصحيح حيث إنّ الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي يعدّ من مشايخ الشيخ الصدوق . انظر معجم رجال الحديث ٦ : ١٢٥ / ٣١١٣.

١٢

محمّد بن القاسم بن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن القاسم بن محمّد بن أبي بكر ، قال : حدّثنا عبدالسلام بن صالح الهروي ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما خلق الله عزوجل خلقاً أفضل منّي ولا أكرم عليه منّي».

قال عليٌّ عليه‌السلام : «فقلت : يارسول الله ، فأنت أفضل أم جبرئيل (١) ؟

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ياعلي ، إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين ، وفضّلني على جميع النبيّين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمّة من بعدك (٢) ، وإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا.

ياعلي ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) (٣) بولايتنا.

ياعلي ، لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء ، ولا الجنّة ولا النار ، ولا السماءولا الأرض ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة ، وقد سبقناهم إلى معرفة ربّنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه؛ لأنّ أوّل ما خلق الله عزوجل خلق أرواحنافأنطقنا بتوحيده وتحميده (٤) .

ثمّ خلق الملائكة ، فلمّا شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا أمرنا فسبّحنا؛ لتعلم الملائكة إنّا خلق مخلوقون ، وأنّه منزّه عن صفاتنا ، فسبّحت

__________________

(١) في النسخ إلاّ «س» : أو جبرئيل.

(٢) في حاشية «ش» عن نسخة : من ولدك.

(٣) سورة غافر ٤٠ : ٧.

(٤) في «ح» : وتمجيده.

١٣

الملائكة بتسبيحنا ونزّهته عن صفاتنا ، فلمّا شاهدوا عِظَمَ شأننا هلّلنا؛ لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ الله ، وإنّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نُعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلاّ الله ، فلمّا شاهدوا كِبَر محلّنا كبّرنا؛ لتعلم الملائكة أنّ الله أكبر من أن يُنال عظم المحلّ إلاّ به ، فلمّا شاهدوا ما جعله (١) لنا من العزّ والقوّة قلنا : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله؛ لتعلم الملائكة أن لا حول لنا ولا قوّة إلاّ بالله ، فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله؛ لتعلم الملائكة مايحقّ لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه (٢) ، فقالت الملائكة : الحمد لله فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله و تحميد هو تمجيده .

ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجودله تعظيماً لنا وإكراماً ، وكان سجودهم للهعزوجلعبوديّة ولآدم إكراماً وطاعة؛ لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون ، وانّه لمّا عرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى ، ثمّ قال لي : تقدّم يامحمّد ، فقلت له : ياجبرئيل ، أتقدّم عليك! فقال : نعم؛ لأنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين ، وفضّلك خاصة ، فتقدّمت فصلّيت بهم ولا فخر.

فلمّا انتهيت إلى حجب النور ، قال لي جبرئيل : تقدّم يامحمّد ، وتخلّف عنّي ، فقلت : ياجبرئيل ، في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال : يامحمّد ، إنّ انتهاء حدّي الذي وضعني الله عزوجل فيه إلى هذا المكان ،

__________________

(١) في المطبوع : ما جعله الله ، وما في المتن أثبتناه من النسخ.

(٢) في المطبوع وفي «ن ، ج» : نعمته ، وما في المتن من «ع ، س ، ح ، ش» وحاشية «ج».

١٤

فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدّي (١) حدود ربّي جلّ جلاله ، فزجّ (٢) بي في النور زجّة (٣) حتّى انتهيت إلى حيث ما شاء الله من علوّ ملكه ، فنوديت : يا محمّد ، فقلت : لبّيك ربّي وسعديك تباركت وتعاليت ، فنوديت : يا محمّد (٤) ، أنت عبدي وأنا ربّك ، فإيّاي فاعبد وعليَّ فتوكّل ، فإنّك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي ، وحجّتي على بريّتي ، لك ولمن اتّبعك خلقت جنّتي ، ولمن خالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتهم أوجبت ثوابي.

فقلت : ياربِّ ، ومن أوصيائي؟ فنوديت : يامحمّد ، أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي ، فنظرت وأنا بين يدي ربّي جلّ جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نوراً ، في كلّ نور سطر أخضر عليه (٥) اسم وصيّ من أوصيائي ، أوّلهم : علي بن أبي طالب ، وآخرهم مهديّ اُمّتي.

فقلت : ياربِّ ، هؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت : يامحمّد ، هؤلاءأوليائي ، وأحبّائي ، وأصفيائي ، وحججي بعدك على بريّتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك.

وعزّتي وجلالي ، لاُظهرنَّ بهم ديني ، ولأعلينَّ بهم كلمتي ، ولاُطهّرنَّ الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأُمكّننّه مشارق الأرض ومغاربها ، ولاُسخّرنَّ

__________________

(١) في «ع ، ن» : هذه لتعدّي.

(٢) في «س ، ش» والبحار : فزخّ.

وزجّ بالشيء : رمى به. المحكم والمحيط الأعظم ٧ : ١٨٢ / زجج.

(٣) في «س ، ش» : زخّة.

(٤) من قوله : (فقلت : لبّيك ربّي) إلى هنا لم يرد في «ح».

(٥) في «ش» : مكتوب عليه.

١٥

له الرياح ، ولاُذلّلنَّ له السحاب (١) الصعاب ، ولاُرقينّه في الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ، ولاُمدّنّه بملائكتي حتّى تعلو دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي ، ثمّ لاُديمنَّ ملكه ، ولاُداولنَّ (٢) الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة» (٣) .

[ ٨ / ٢ ] حدّثنا علي بن أحمد بن عبدالله البرقي قال : حدّثني (٤) أبي ، عن جدّه أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «كان جبرئيل إذا أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قعد بين يديه قعدة العبد ، وكان لا يدخل حتّى يستأذنه» (٥) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : بأن يكون السحاب والمطر مأمورين بأمره كلّما أراد ، أو يكون السحاب بساطه يجلس عليه ويمضي حيث يشاء ، كما ورد في الأخبار على الأخير ، الظاهر أنّ المراد بالإرقاء في الأسباب صعوده عنه ، وعلى هذا البساط إلى أطراف السماءونواحيها ، أو أصل السماوات كما قيل في قوله تعالى : ( فَلْيَرْتَقُواْ فِى الاْسْبَـبِ ) سورة ص ٣٨ : ١٠ : إنّ المراد بالأسباب : السماوات ؛ لأنّها أسباب الحوادث السفلية أو المعارج التي يرسل بها إلى العرش ، كما قيل في الآية أيضاً ، أو المراد أسباب العزّة والسلطنة والرفعة المعنوية يصعد بها إليها ، أو المراد اُمكّننّه في كلّ أمر أراد على أسبابه ، ليسهل عليه تحصيله كما قال تعالى في قصة ذي القرنين : ( ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا )والله تعالى يعلم وحججه عليهم‌السلام . (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّه لا يدخل عليه «ثمّ» والمراد لا أقطع الإمامة والخلافة ، بل يرثها خَلَف عن سَلَف إلى يوم القيامة ، ويمكن أن يكون إشارة إلى ما رأيت في بعض أخبار المفضّل : أنّ في زمان القائم يُحيى رسول الله والأئمّة عليهم‌السلام ، وتكون الخلافة بينهم على الترتيب إلى أن تصل النوبة إلى القائم عليه‌السلام ، أو تكون المداولة في زمانه عليه‌السلام بين نوّابه واُمرائه في أطراف الأرض. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) ذكره المصنّف في كمال الدين : ٢٥٤ / ٤ ، وعيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٣٥٣ / ٢٢ ، الباب ٢١ ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار ١٨ : ٣٤٥ / ٥٦.

(٤) في «ع ، س» : حدّثنا.

(٥) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٨ : ٢٥٦ / ٥.

١٦

[ ٩ / ٣ ] حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، ومحمّد بن أبي عمير جميعاً ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «لمّا كان يوم اُحد انهزم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى لم يبق معه إلاّ علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأبو دجانة سماك بن خرشة (١) فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا دجانة ، أما ترى قومك؟ قال : بلى ، قال : إلحق بقومك ، قال : ماعلى هذا بايعت الله ورسوله ، قال : أنت في حلّ ، قال : والله لاتتحدّث قريش بأنّي خذلتك وفررت حتّى أذوق ما تذوق ، فجزّاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خيراً.

وكان علي عليه‌السلام كلّما حملت طائفة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استقبلهم وردّهم ، حتّى أكثر فيهم القتل والجراحات ، حتّى انكسر سيفه ، فجاء إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يارسول الله ، إنّ الرجل يقاتل بسلاحه ، وقد انكسر سيفي ، فأعطاه صلى‌الله‌عليه‌وآله سيفه ذا الفقار ، فما زال يدفع به عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى أثر وانكسر ، فنزل عليه جبرئيل عليه‌السلام وقال : يامحمّد ، إنّ هذه لهي المواساة من علي لك ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه منّي وأنا منه ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : وأنا منكما ، وسمعوا دويّاً من السماء : لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ» (٢).

قال مصنّف هذا الكتاب رحمه‌الله : قول جبرئيل عليه‌السلام : «وأنا منكما» ، تمنّياً

__________________

(١) في «ح ، ن ، ش ، ج» : حرشه. وما في المتن هو الصحيح ، انظر سير أعلام النبلاء للذهبي ١ : ٢٤٣ / ٣٩ ، والمصادر التي في هامش الترجمة.

(٢) أورده باختلاف الكليني في الكافي ٨ : ١١٠ / ٩٠ ، القمّي في التفسير ١ : ١١٦ ، المفيد في الإرشاد ١ : ٨٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٠ : ٧٠ / ٧.

١٧

منه لأن يكون منهما ، فلو كان أفضل منهما لم يقل ذلك ، ولم يتمنّ أن ينحطّ عن درجته إلى أن يكون ممّن دونه ، وإنّما قال : «وأنا منكما» ليصير ممّن (١) هوأفضل منه فيزداد محلاًّ إلى محلّه ، وفضلاً إلى فضله.

[ ١٠ / ٤ ] حدّثنا عبدالواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار النيسابوري رحمه‌الله ، قال : حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة ، قال : حدّثنا الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «لمّا اُسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحضرت الصلاة أذّن جبرئيل عليه‌السلام وأقام الصلاة ، فقال : يا محمّد تقدّم ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تقدّم ياجبرئيل ، فقال له : إنّا لانتقدّم على الآدميّين منذ اُمرنا بالسجود لآدم» (٢) .

[ ١١ / ٥ ] حدّثنا عبدالواحد بن محمّد بن عبدالوهّاب القرشي ، قال : أخبرناأحمد بن الفضل ، قال : حدّثنا منصور بن عبدالله ، قال : حدّثنا ( محمّد بن عبدالله ، قال : حدّثنا ) (٣) الحسن بن مهزيار ، قال : حدّثنا أحمد ابن إبراهيم العوفي ، قال : حدّثنا أحمد بن الحكم البراجمي ، قال : حدّثنا شريك بن عبدالله ، عن أبي وقّاص العامري ، عن محمّد بن عمّار بن ياسر ، عن أبيه ، قال : سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إنّ حافظَي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ليفتخران على جميع الحفظة؛ لكينونتهما مع علي؛ وذلك أنّهما لم يصعدا إلى الله عزوجل بشيء منه يُسخط الله تبارك وتعالى» (٤) .

__________________

(١) في «ن ، ع» : إلى من.

(٢) أورده العيّاشي في التفسير ٢ : ٢٧٧ / ٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٦ : ٣٣٨ / ٣ .

(٣) ما بين القوسين لم يرد في «ع».

(٤) أورده الكراجكي في كنز الفوائد ١ : ٣٤٨ ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٤ :

١٨

 ـ ٨ ـ

باب العلّة في أنّه لم يجعل شيء إلاّ لشيء

[ ١٢ / ١ ] قال أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي الفقيه مصنّف هذا الكتاب رحمه‌الله : حدّثنا أبي ومحمّدبن الحسن ابن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قالا : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه سأله عن شيء من الحلال والحرام ، فقال : «إنّه لم يجعل شيء إلاّلشيء (١) » (٢) .

ـ ٩ ـ

باب علّة خلق الخلق واختلاف أحوالهم

[ ١٣ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أحمد بن إدريس ، عن

__________________

٤٩ / ٧٣٩١ ، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ١٣ : ٣٣٣ ، وبلفظ آخر ابن البطريق في العمدة : ٣٦٠ / ٦٩٨ و٦٩٩ ، وابن طاووس في الطرائف ١ : ١٢١ / ١١١ ، والعلاّمة الحلّي في كشف اليقين : ٣٠٣ ، وابن المغازلي في المناقب : ١٢٧ / ١٦٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٨ : ٦٥ / ٣.

(١) في «ج» : إلاّ بشيء.

وورد في حاشية «ج ، ل» : أي لم يقرّر الله تعالى أحكامه إلاّ لحكمة وعلّة ، ولم يحلّل الحلال إلاّ لحسنه ، ولم يحرّم الحرام إلاّ لقبحه ، لا كما تقوله الأشاعرة ، ويمكن أن يعمّ بحيث يشمل غيرها من الخلق والتقدير ، فإنّه تعالى لم يخلق شيئاً إلاّ لحكمة باعثة.

وعلى نسخة الباء أيضاً [ بشيء ] المراد منها على أن تكون سببيّة ، ويحتمل أن يكون المراد لم يقرّر شيء في الدنيا إلاّ متلبّساً بحكم من الأحكام مخزون عند أهله عليهم‌السلام ( م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦ : ١١٠ / ٣.

١٩

الحسين بن عبيدالله ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن عبدالكريم ابن عبيدالله ، عن سلمة بن عطاء (١) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «خرج الحسين بن علي عليهما‌السلام على أصحابه فقال : أيّها الناس ، إنّ الله جلّ ذكره ماخلق العباد إلاّ ليعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه ، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه».

فقال له رجل : يابن رسول الله ، بأبي أنت واُمّي فما معرفة الله؟

قال : «معرفة (٢) أهل كلِّ زمان إمامهم ، الذي يجب عليهم طاعته» (٣) .

قال مصنّف هذا الكتاب : يعني بذلك أن يعلم أهل كلّ زمان أنّ الله هوالذي لا يخليهم في كلّ زمان من إمام معصوم ، فمن عبد ربّاً لم يُقم لهم الحجّة فإنّما عبد غير الله عزوجل.

[ ١٤ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا (٤) عبدالعزيز بن يحيى الجلودي ، قال : حدّثنا محمّد بن زكريا الجوهري ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن أبيه ، قال : سألت الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام فقلت له : لِمَ خلق الله الخلق؟

فقال : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثاً ، ولم يتركهم سدىً ،

__________________

(١) في «ع ، ح» وحاشية «ن» : سلمة بن الخطّاب ، وما في المتن ظاهراً هو الصحيح ، اُنظررجال البرقي : ٣٣.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : كأنّه مبالغة في بيان اشتراط معرفة الله تعالى بمعرفة الإمام ، فكأنّها عينها ، أو أنّه لا يمكن معرفة الله إلاّ بمعرفة الإمام ، والآخر عندي أظهر والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) أورده الكراجكي في كنز الفوائد ١ : ٣٢٨ ، والحلواني في نزهة الناظر : ٨٠ / ٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ٣١٢ / ١.

(٤) في «س» : حدّثني.

٢٠