علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-612-7
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٣٩٦

١
٢

٣

٤

ـ ٤٢٠ ـ

باب علّة التلبية

[ ٨٨٨ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبدالله بن عامر ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيدالله بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سألته لِمَ جُعلت التلبية؟ فقال : «إنّ الله عزوجلأوحى إلى إبراهيم عليه‌السلام : ( وَأَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ ) ، فنادى : فاُجيب ( مِن كُلِّ فَجٍّ (١) عَمِيق ) (٢) يلبّون» (٣) .

[ ٨٨٩ / ٢ ] حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أبوالحسين محمّد بن جعفر الأسدي ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن جعفر ابن عثمان الدارمي ، عن سليمان بن جعفر ، قال : سألت أباالحسن عليه‌السلام عن التلبيةوعلّتها ؟

فقال : «إنّ الناس إذا أحرموا ناداهم الله تعالى ذكره فقال : عبادي

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الفجّ : الطريق الواسع بين جبلين. القاموس المحيط ١ : ٢٧٦ / الفجُّ.

(٢) سورة الحجّ ٢٢ : ٢٧.

(٣) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٥ ذيل حديث ٢١٢٣ ، وأورده الكليني في الكافي ٤ : ٣٣٥ / ١ (باب التلبية) ، ونقله المجلسي عن علل الشرائع في بحار الأنوار ٩٩ : ١٨٤ / ١١.

٥

وإمائي ، لاُحرّمنّكم على النار كما أحرمتم لي ، فيقولون : لبّيك اللّهمّ لبّيك ، إجابةًلله عزوجلعلى ندائه إيّاهم» (١) .

[ ٨٩٠ / ٣ ] حدّثنا محمّد بن القاسم الأستراباذي المفسّر رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثني يوسف بن محمّد بن زياد ، وعليّ بن محمّد بن يسار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : جاء رجل إلى الرضا عليه‌السلام فقال : يابن رسول الله ، أخبرني عن قول الله عزوجل: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِين ) (٢) ما تفسيره؟

فقال : «لقد حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن الباقر ، عن زين العابدين ، عن أبيه عليهم‌السلام : أنّ رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال : أخبرني عن قول الله عزوجل : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ ) ما تفسيره؟

فقال : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) هو أن عرّف عباده بعض نعمه عليهم جملاً ؛ إذ لايقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل ؛ لأنّها أكثر من أن تُحصى أو تُعرف ، فقال لهم : قولوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) على ما أنعم به علينا .( رَبِّ الْعَــلَمِينَ ) وهُم الجماعات من كلّ مخلوق ، من الجمادات والحيوانات.

فأمّا الحيوانات : فهو يقلّبها في قدرته ويغذوها من رزقه ويحفظها (٣)

__________________

(١) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٧٩ / ٢١ ، الباب ٣٢ ، ومَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٦ / ٢١٢٤ ، ونقله المجلسي عن العلل والعيون في بحار الأنوار ٩٩ : ١٨٤ / ١٠.

(٢) سورة الفاتحة ١ : ٢.

(٣) فيما عدا «ج ، ل ، ح» : «ويحوطها» . وكذا في حاشية «ج ، ل» بعنوان نسخة بدل . وورد أيضاً في حاشية «ج ، ل» : حاطه يحوطه حوطاً وحياطة : إذا حفظه وصانه وذبّ عنه وتوفّر على مصالحه . النهاية لابن الأثير ١ : ٤٤٣ / حوط .

٦

بكنفه (١) ، ويدبّر كلاًّ منها بمصلحته.

وأمّا الجمادات : فهو يمسكها بقدرته ، يمسك المتّصل منها أن يتهافت (٢) ، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق ، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه ، ويمسك الأرض أن تنخسف إلاّ بأمره ، إنّه بعباده لرؤف رحيم.

قال عليه‌السلام : ( رَبِّ الْعَــلَمِينَ ) مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث هُم يعلمون ومن حيث لا يعلمون ، والرزق مقسوم ، وهو يأتي ابن آدم على أيّ سيرة سارها من الدنيا ، ليس تقوى متّق بزائده ، ولافجور فاجربناقصه ، وبيننا وبينه ستر وهو طالبه ، ولو أنّ أحدكم يفرّ من رزقه يطلبه رزقه ، كما يطلبه الموت ، فقال الله جلّ جلاله : قولوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ )على ما أنعم به علينا ، وذكّرنا به من خير في كتب الأوّلين قبل أن نكون.

ففي هذا إيجاب على محمّد وآل محمّد وعلى شيعتهم أن يشكروه بمافضّلهم ؛ وذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآلهقال : لمّا بعث الله عزوجلموسى بن عمران عليه‌السلام واصطفاه نجيّاً ، وفلق له البحر ، ونجّى بني إسرائيل ، وأعطاه التوراةوالألواح ، رأى مكانه من ربّه عزوجلفقال : يا ربّ ، لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحداً قبلي ، فقال الله جلّ جلاله : يا موسى ، أما علمتَ أنّ محمّداً أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي؟

قال موسى : يا ربّ ، فإن كان محمّد أكرم عندك من جميع خلقك

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : أنت في كنف الله ـ محرّكةً ـ : في حرزه وستره ، وهو الجانبوالظلّ والناحية . القاموس المحيط ٣ : ٢٥٩ / كنف.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : التهافت : التساقط والتتابع. القاموس المحيط ١ : ٢١٧ / هفت.

٧

فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟

قال الله جلّ جلاله : يا موسى ، أما علمتَ أنّ فضل آل محمّد على جميع النبيّين كفضل محمّد على جميع المرسلين؟

فقال موسى : يا ربّ ، فإن كان آل محمّد كذلك ، فهل في اُمم الأنبياء أفضل عندك من اُمّتي ، ظللت عليهم الغمام ، وأنزلت عليهم المنّ والسلوى ، وفلقت لهم البحر؟

فقال الله جلّ جلاله : يا موسى ، أما علمتَ أن فضل اُمّة محمّد على جميع الاُمم كفضله (١) على جميع خلقي.

فقال موسى : يا ربّ ، ليتني كنت أراهم ، فأوحى الله عزوجلإليه : يا موسى ، إنّك لن تراهم وليس هذا أوان ظهورهم ، ولكن سوف تراهم في الجنان جنّة عدن والفردوس ، بحضرة محمّد في نعيمها يتقلّبون ، وفي خيراتها يتبحبحون (٢) ، أفتحبّ أن اُسمعك كلامهم؟ قال : نعم ، يا إلهي ، قال الله جلّ جلاله : قم بين يديّ ، واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل .

ففعل ذلك موسى عليه‌السلام فنادى ربّنا عزوجل: يا اُمّة محمّد ، فأجابوه كلّهم وهُم في أصلاب آبائهم وأرحام اُمّهاتهم ـ : لبّيك اللّهمّ لبّيك ، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، قال : فجعل الله عزوجلتلك الإجابة شعار الحجّ.

__________________

(١) في «ج ، ح ، ل» : كفضلي.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : تَبَحْبَحَ : تمكّن في المقام والحلول ، كبَحْبَحَ ، والدارَ توسّطها ، وبحبوحة المكان : وسطه ، وهُمْ في ابتحاح : سعة وعيش. القاموس المحيط ١ : ٢٩٣ ـ ٩٢٤ / بححت.

٨

ثمّ نادى ربّنا عزوجل: يا اُمّة محمّد ، إنّ قضائي عليكم أنّ رحمتي سبقت غضبي ، وعفوي قبل عقابي ، فقد استجبتُ لكم من قبل أن تدعوني ، وأعطيتكم من قبل أن تسألوني ، مَنْ لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لاشريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، صادق في أقواله ، محقّ في أفعاله ، وأنّ عليّ بن أبي طالب أخوه ووصيّه من بعده ووليّه ، ملتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمّد ، فإنّ أولياءه المصطفين المطهّرين المبانين بعجائب آيات الله ، ودلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه اُدخله جنّتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.

قال : فلمّا بعث الله تعالى محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا محمّد ، وما كنت بجانب الطور إذ نادينا اُمّتك بهذه الكرامة ، ثمّ قال عزوجللمحمّد : قل : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ ) على ما اختصّني (١) به من هذه الفضيلة ، وقال لاُمّته : وقولوا أنتم : الحمد لله ربّ العالمين على ما اختصّنا به من هذه الفضائل» (٢) .

[ ٨٩١ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليّ بن مهزيار ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبان ، عمّن أخبره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قلت له : لِمَ سُمّيت التلبية تلبيةً؟ قال : «إجابة أجاب موسى عليه‌السلام

__________________

(١) في «ج» : اختصصتني.

(٢) ذكره المصنِّف في العيون ١ : ٣٨٥ / ٣٠ ، الباب ٢٨ ، ومَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٢٧ / ٢٥٨٦ ، وورد ذلك في تفسير الإمام العسكري : ٣٠ / ١١ ، وأورده عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى : ٣٢٩ / ١٧ ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار ٩٢ : ٢٢٤ ـ ٢٢٦ / ٢.

٩

ربّه» (١) .

[ ٨٩٢ / ٥ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا الحسين بن إسحاق التاجر ، عن عليّ بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، وعليّ بن الحكم ، عن المفضّل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «أحرم موسى عليه‌السلام من رملة (٢) مصر ومرّ بصفائح الروحاء (٣) محرماً يقود ناقته بخطام من ليف ، فلبّى تجيبه الجبال» (٤) .

[ ٨٩٣ / ٦ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليّ بن مهزيار ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : «مرّ موسى بن عمران عليه‌السلام في سبعين نبيّاً

__________________

(١) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٣٥ / ٢٢٨٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٣ : ١٠ / ١١ ، و٩٩ : ١٨٥ / ١٢.

(٢) الرملة : واحدة الرمل ، مدينة عظيمة بفلسطين وكانت قصبتها قد خرجت الآن ، وكانت رباطاً للمسلمين ، فبينها وبين البيت المقدس ثمانية عشر يوماً ، وهي كورة من كورفلسطين . انظر : معجم البلدان ٣ : ٧٩.

وقال الجوهري في الصحاح ٤ : ٥٢٨ / رمل : رملة مدينة بالشام.

وقال المجلسي في مرآة العقول ١٧ : ٥٢ : ويحتمل أن يكون نسبتها إلى مصر لكونهافي ناحيتها ، أو يكون في المصر أيضاً رملة اُخرى.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الروحاء موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلاً من المدينة . القاموس المحيط ١ : ٣٠٨ / الروح.

(٤) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٣٤ / ٢٢٨٤ ، وأورده الكليني في الكافي ٤ : ٢١٣ / ٥ ، وفيه : يلبّي وتجيبه الجبال ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٣ : ١١ / ١٤ ، و٩٩ : ١٨٥ / ١٣.

١٠

على فجاج الروحاء عليهم العباء القطوانيّة (١) يقول : لبّيك عبدك وابن عبدك (٢) لبّيك» (٣) .

[ ٨٩٤ / ٧ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليّ بن مهزيار ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «مرّ موسى النبيّ عليه‌السلام بصفائح الروحاء على جمل أحمر ، خطامه من ليف ، عليه عباءتان قطوانيّتان وهو يقول : لبّيك يا كريم لبّيك ، ومرّ يونس بن متّى عليه‌السلام بصفائح الروحاء وهو يقول : لبّيك كشّاف الكرب العظام لبّيك ، ومرّ عيسى بن مريم عليه‌السلام بصفائح الروحاء وهو يقول : لبّيك عبدك وابن أمتك لبّيك ، ومرّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بصفائح الروحاء وهو يقول : لبّيك ذا المعارج (٤) لبّيك» (٥) .

ـ ٤٢١ ـ

باب العلّة التي من أجلها يكون في الناس مَنْ يحجّ

حجّة ، وفيهم مَنْ يحجّ حجّتين أو أكثر ،

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : القطوانيّة عباءة بيضاء قصيرة الخَمْل ، والنون زائدة. النهاية لابن الأثير ٤ : ٧٥ / قطا.

(٢) في النسخ : وابن عبديك .

(٣) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٣٤ / ٢٢٨٣ ، وأورده الكليني في الكافي ٤ : ٢١٣ / ٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٣ : ١٠ / ١٢.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : في أسماء الله تعالى ذو المعارج ، المعارج : المصاعد والدرج ، واحدها معرج ، يريد معارج الملائكة إلى السماء. وقيل : المعارج الفواضل العالية . النهاية لابن الأثير ٣ : ١٨٤ / عرج.

(٥) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٣٤ / ٢٢٨٤ ، وأورده الكليني في الكافي ٤ : ٢١٣ / ٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ١٨٥ / ١٥.

١١

وفيهم مَنْ لا يحجّ أبداً

[ ٨٩٥ / ١ ] أبي (١) رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «لمّا أمر الله عزوجل إبراهيم وإسماعيل عليهما‌السلامببنيان البيت وتمّ بناؤه أمره أن يصعد ركناً ، ثمّ ينادي في الناس : ألا هلمّ الحجّ ، فلو نادى : هلمّوا إلى الحجّ (٢) ، لم يحج إلاّ مَنْ كان يومئذ إنسيّاً مخلوقاً ، ولكنّه (٣) نادى هلمّ الحجّ ، فلبّى الناس في أصلاب الرجال : لبّيك داعي الله لبّيك داعي الله ، فمن لبّى عشراً حجّ عشراً ، ومَنْ لبّي خمساً حجّ خمساً ، ومَنْ لبّى أكثر فبعدد ذلك ، ومَنْ لبّى واحداً حجّ واحداً ، ومَنْ لم يلبّ لم يحجّ» (٤) .

__________________

(١) في «ن ، س» : حدّثنا أبي.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : الظاهر أنّ الفرق باعتبار أنّ المعروف من الخطاب العامّ الشامل للقليل والكثير والموجود والمعدوم إتيانه بلفظ المفرد ، فكأنّه يطلب مَنْ كان له أهليّة الطلب.

وأمّا الإتيان بلفظ الجمع فالظاهر منه انصرافه إلى الموجودين إلاّ ما أخرجه الدليل مثل تكاليفنا بالآيات والأخبار ، فإنّا داخلون بالضرورة من الدين ، أو يقال : الظاهر من عبارة الخبر تكليف الحجّ بدون لفظة «إلى» والحجّ شامل للمعدومين شمولَه للموجودين بخلاف «هلمّوا إلى الحجّ» ، فإنّ الظاهر منه تكليف المكلّفين إليه ، والظاهرمنه شموله للموجودين.

وقيل : لأنّ استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع. وفيه : أنّه على تقدير تسليمه لامدخل له في اشتمال المعدومين ، وهو المطلوب هنا. (م ت ق رحمه‌الله).

(٣) في «ج ، ح» : ولكن.

(٤) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٢٠٦ / ٦ ( باب حجّ إبراهيم وإسماعيل وبنائهما ومَنْ ولي البيت بعدهماعليهما‌السلام) ، والحسن بن سليمان الحلّي في مختصر البصائر : ٥٠٦ / ٥٧٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ١٠٥ / ١٧ ، و٩٩ : ١٨٧ / ١٨.

١٢

[ ٨٩٦ / ٢ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أحمد وعليّ ابنا الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن أبيهما ، عن غالب بن عثمان ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنّ الله جلّ جلاله لمّا أمرإبراهيم عليه‌السلام ينادي في الناس بالحجّ قام على المقام فارتفع به حتّى صار بإزاء أبي قبيس فنادى في الناس بالحجّ ، فأسمع مَنْ في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى أن تقوم الساعة» (١) .

[ ٨٩٧ / ٣ ] حدّثنا عليّ بن أحمد رحمه‌الله قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن عليّ بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «مَنْ لم يُكتب في الليلة التي يُفرق فيها كلّ أمر حكيم لم يحج تلك السنة ، وهي ليلة ثلاثوعشرين من شهر رمضان ؛ لأنّ فيها يُكتب وفد الحاجّ ، وفيها يُكتب الأرزاق والآجال ، وما يكون من السنة إلى السنة».

قال : قلت : فمن لم يُكتب في ليلة القدر لم يستطع الحجّ ، فقال : «لا» ، قلت : كيف يكون هذا؟ قال : «لست في خصومتكم من شيء هكذاالأمر» (٢) .

ـ ٤٢٢ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار الحرم مقدار ما هو

[ ٨٩٨ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، قال : سألت أبا الحسن

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ١٠٦ / ١٨ ، و٩٩ : ١٨٧ / ١٩.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٧ : ١٧ / ٣٧.

١٣

الرضا عليه‌السلام عن الحرم وأعلامه كيف صار بعضها أقرب من بعض ، وبعضها أبعدمن بعض؟

فقال : «إنّ الله عزوجل لمّا أهبط آدم من الجنّة أهبطه على أبي قبيس فشكاإلى ربّه عزوجل الوحشة وأنّه لا يسمع ما كان يسمع في الجنّة ، فأهبط الله عزّ جلّ عليه ياقوتة حمراء فوضعها في موضع البيت ، فكان يطوف بهاآدم عليه‌السلام وكان ضوؤها يبلغ موضع (١) الأعلام ، فعُلّمت الأعلام على ضوئها ، فجعله الله عزوجل حرماً» (٢) .

[ ٨٩٩ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي همام إسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام نحو هذا (٣) .

[ ٩٠٠ / ٣ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمّد بن إسحاق ، عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام : «إنّ الله عزوجل أوحى إلى جبرئيل : أنا الله الرحمن الرحيم ، إنّي قد رحمت آدموحوّاء لما شكيا إليّ ما شكيا ، فاهبط عليهما بخيمة من خِيم الجنّة ، فإنّي قدرحمتهما لبكائهما ووحشتهما ووحدتهما ، فاضرب

__________________

(١) في «ن» : مكان.

(٢) ذكره المصنِّف في العيون ١ : ٣٨٩ / ٣١ ، الباب ٢٨ ، وأورده الكليني في الكافي ٤ : ١٩٥ / ١ ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٧٢ / ٢.

(٣) ذكره المصنِّف في العيون ١ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠ / ٣١ ، الباب ٢٨ ، وأورده الكليني في الكافي ٤ : ١٩٥ / ١ ذيل ح ١ ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٧٢ / ٣.

١٤

الخيمة على النزعة (١) التي بين جبال مكّة» ، قال : «والنزعة مكان البيت وقواعده التي رفعتهاالملائكة قبل آدم ، فهبط جبرئيل على آدم عليهما‌السلام بالخيمة على مقدارأركان (٢) البيت وقواعده فنصبها».

قال : «وأنزل جبرئيل عليه‌السلام آدم من الصفا ، وأنزل حوّاء من المروة وجمع بينهما في الخيمة ، قال : وكان عمود الخيمة قضيباً من ياقوت أحمر ، فأضاء نورهوضوؤه جبال مكّة ، وما حولها» ، قال : «فامتدّ ضوء العمود فهو مواضع الحرم اليوم من كلّ ناحية من حيث بلغ ضوؤه» ، قال : «فجعله الله تعالى حرماً لحرمة الخيمة والعمود ؛ لأنّهما من الجنّة» ، قال : ولذلك جعل الله عزوجل الحسنات في الحرم مضاعفات والسيّئات مضاعفة».

قال : «ومدّت أطناب الخيمة حولها فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام» ، قال : «وكانت أوتادها صخراً من عقيان (٣) الجنّة ، وأطنابها من ضفائر (٤) الأُرجوان (٥) » ، قال : «وأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل عليه‌السلام : اهبط

__________________

(١) ورد في هامش «ج ، ل» عن نسخة : الترعة.

وورد في هامشهما : التُّرْعة بالضمّ : الباب ، والجمع كصُرَد ، والوجه ، ومفتح الماء حيث يستقي الناس ، والدرجة ، والروضة في مكان مرتفع ، ومقام الشاربة على الحوض.القاموس المحيط ٣ : ١٢ / الترعة.

وكذا ورد في هامشهما في توضيح النزعة : كأنّ المراد المكان الخالي عن الشجروالجبال تشبيهاً بنزعة الرأس للموضع الذي لا ينبت فيه شعر ، فيقال : نزعتان كجانبي الرأس ، (م ق ر رحمه‌الله).

(٢) في المطبوع : مكان.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : العِقيان بالكسر : ذَهَبٌ ينبت. القاموس المحيط ٤ : ٤١١ / العِقي.

(٤) الضفر : نسج الشعر وغيره عريضاً. الصحاح ٢ : ٤١٦ / ضفر.

(٥) الأُرجوان : صبغ أحمر شديد الحمرة. الصحاح ٦ : ٣٠٨ / رجا.

١٥

على الخيمة بسبعين ألف ملك يحرسونها من مَرَدَة الشيطان ، ويؤنسون آدم ، ويطوفون حول الخيمة تعظيماً للبيت والخيمة».

قال : «فهبط بالملائكة فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مردة الشيطان ، ويطوفون حول أركان البيت والخيمة كلّ يوم وليلة ، كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور» ، قال : «وأركان البيت الحرام في الأرض حيال البيت المعمور الذي في السماء».

قال : «ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى جبرئيل عليه‌السلام بعد ذلك أن اهبط إلى آدم وحوّاء فنحِّهما عن موضع قواعد بيتي وارفع قواعد بيتي لملائكتي ولخلقي من ولد آدم ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام على آدم وحوّاء ، فأخرجهما من الخيمة ونحّاهما عن نزعة البيت ، ونحّى الخيمة عن موضع النزعة».

قال : «ووضع آدم على الصفا وحوّاء على المروة ، فقال آدم عليه‌السلام : يا جبرئيل ، أبسخط من الله تعالى جلّ ذكره حوّلتنا وفرّقت بيننا أم برضا تقدير علينا؟

فقال لهما : لم يكن بسخط من الله تعالى ذكره عليكما ، ولكن الله تعالى لايُسأل عمّا يفعل ، يا آدم ، إنّ السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله عزوجل إلى الأرض ليؤنسوك ويطوفوا حول أركان البيت والخيمة سألوا الله عزوجل أن يبني لهم مكان الخيمة بيتاً على موضع النزعة المباركة حيال البيت المعمورفيطوفون حوله ، كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليّ أن أُنحّيك وأرفع الخيمة ، فقال آدم عليه‌السلام : رضينا بتقدير الله تعالى ونافذ أمره فينا ، فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا ، وحجر من المروة ، وحجر من طور سيناء ، وحجر من جبل السلم وهو ظهر الكوفة فأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل عليه‌السلام أن ابنه

١٦

وأتمّه ، فاقتلع جبرئيل عليه‌السلام الأحجار الأربعة بأمر الله عزوجل من مواضعها بجناحه ، فوضعها حيث أمره الله تعالى في أركان البيت على قواعده التي قدّرهاالجبّار جلّ جلاله ، ونصب أعلامها.

ثمّ أوحى الله إلى جبرئيل : ابنه وأتمّه من حجارة من أبي قبيس ، واجعل له بابين : باباً شرقاً ، وباباً غرباً» ، قال : «فأتمّه جبرئيل فلمّا فرغ طافت الملائكة حوله ، فلمّا نظر آدم وحوّاء إلى الملائكة يطوفون حول البيت ، انطلقا فطافا سبعة أشواط ، ثمّ خرجا يطلبان ما يأكلان» (١) .

[ ٩٠١ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنامحمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن صفوان ابن يحيى ، قال : سئل [ أبو ] (٢) الحسن عليه‌السلام عن الحرم وأعلامه ، فقال : «إنّ آدم عليه‌السلام لمّا هبط من الجنّة هبط على أبي قبيس والناس يقولون بالهند فشكا إلى ربّه عزوجل الوحشة وأنّه لا يسمع ما كان يسمع في الجنّة ، فأهبط الله عزوجلعليه ياقوتة (٣) حمراء فوضعت في موضع البيت فكان يطوف بهاآدم عليه‌السلام وكان يبلغ ضوؤها الأعلام فعلّمت الأعلام على ضوئها ، فجعله الله عزوجلحرماً» (٤) .

__________________

(١) أورده الكليني في الكافي ٤ : ١٩٥ / ٢ ، والعيّاشي في تفسيره ١ : ١٢١ / ١٢٥ ضمن الحديث باختلاف ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٧٠ ـ ٧٢ / ١.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار.

(٣) ورد في هامش «ج ، ل» : يمكن أن تكون الخيمة من الياقوت ، أو نزل بالبيت مع الخيمة ، والله يعلم. (م ق ر).

قال ذلك المجلسي في مقام الجمع بين هذا الخبر من نزول الياقوتة وما ورد سابقاً من نزول الخيمة.

(٤) أورده الكليني في الكافي ٤ : ١٩٥ / ١ ، والحميري في قرب الإسناد : ١٥٩ بتفاوت يسير ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٢١٣ / ٢٣.

١٧

ـ ٤٢٣ ـ

باب علّة تأثير قدمي إبراهيم عليه‌السلام في المقام ،

وعلّة تحويل المقام من مكانه إلى حيث هو الساعة

[ ٩٠٢ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أحمد وعليّ ابنا الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن موسى بن قيس بن أخي عمّار بن موسى الساباطي ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، أو عن عمّار ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «لمّا أوحى الله عزوجل إلى إبراهيم عليه‌السلام أن أذِّن في الناس بالحجّ أخذ الحجر الذي فيه أثر قدميه وهو المقام ، فوضعه بحذاء البيت لاصقاً بالبيت بحيال الموضع الذي هو فيه اليوم ، ثمّ قام عليه فنادى بأعلى صوته بما أمره الله عزوجل به ، فلمّا تكلّم بالكلام لم يحتمله الحجرفغرقت رجلاه فيه ، فقلع إبراهيم عليه‌السلام رجليه من الحجر قلعاً ، فلمّا كثرالناس وصاروا إلى الشرّ والبلاء ازدحموا عليه ، فرأوا أن يضعوه في هذاالموضع الذي هو فيه اليوم ليخلو المطاف لمن يطوف بالبيت ، فلمّا بعث الله عزوجلمحمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ردّه إلى الموضع الذي وضعه فيه إبراهيم عليه‌السلام ، فما زال فيه حتّى قُبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي زمن أبي بكر وأوّل ولاية عمر ، ثمّ قال عمر : قد ازدحم الناس على هذا المقام فأيّكم يعرف موضعه في الجاهليّة؟فقال له رجل : أنا أخذت قدره بقدر ، قال : والقدر عندك؟ قال : نعم ، قال : فأت به فجاء به فأمر بالمقام فحُمل ورُدّ إلى الموضع الذي هو فيه الساعة» (١) .

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٣٢ / ١.

١٨

ـ ٤٢٤ ـ

باب علّة استلام الحجر الأسود ، وعلّة

استلام الركن اليماني والمستجار

[ ٩٠٣ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيدالله بن عليّ الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سألته لِمَ يُستلم الحجر؟ قال : «لأنّ مواثيق الخلائق فيه» (١) .

وفي حديث آخرَ قال : «لأنّ الله عزوجل لمّا أخذ مواثيق العباد أمر الحجرفالتقمها فهو يشهد لمن وافاه بالموافاة» (٢) .

[ ٩٠٤ / ٢ ] حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، عن عليّ بن عبّاس ، عن القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ أباالحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «علّة استلام الحجر أنّ الله تبارك وتعالى لمّا أخذ مواثيق بني آدم ألقمه الحجر ، فمن ثَمّ كلّف الناس بمعاهدة ذلك الميثاق ، ومن ثَمّ يقال عند الحجر : أمانتي أدّيتها ، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ، ومنه قول سلمان رحمه‌الله : ليجيئنّ الحجر يوم القيامة مثل أبي قبيس ، له لسان وشفتان ، يشهد لمن وافاه

__________________

(١) أورده الحسن بن سليمان الحلّي في مختصر البصائر : ٥٠٥ / ٥٧٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢١٩ / ٤.

(٢) أورده الحسن بن سليمان الحلّي في مختصر البصائر : ٥٠٥ ذيل حديث ٥٧٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢١٩ / ٥.

١٩

بالموافاة» (١) .

[ ٩٠٥ / ٣ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه، قال : حدّثنا أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن حسّان ، عن الوليد بن أبان ، عن عليّ بن جعفر ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوفوا بالبيت ، واستلموا الركن فإنّه يمين الله في أرضه يصافح بهاخلقه» (٢) (٣) .

قال مصنِّف هذا الكتاب : معنى يمين الله : طريق الله الذي يأخذ به المؤمنون إلى الجنّة ، ولهذا (٤) قال الصادق عليه‌السلام : «إنّه بابنا الذي ندخل منه الجنّة» ، ولهذا قال عليه‌السلام : «إنّ فيه باباً من أبواب الجنّة لم يُغلق منذ فُتح ، وفيه نهرمن الجنّة تُلقى فيه أعمال العباد» (٥) ، وهذا هو الركن اليماني لاركن الحجر .

[ ٩٠٦ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن فضّال ، عن يونس ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الملتزم لأيّ

__________________

(١) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٨٩ ـ ١٩٣ / ١ ، الباب ٣٣ ، وأورده الشيخ الحسن بن سليمان في مختصر البصائر : ٥٠٥ / ٥٧١ ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ / ٦ و٧.

(٢) في المطبوع زيادة : «مصافحة العبد أو الدخيل ، ويشهد لمن استلمه بالموافاة».

(٣) أورده البرقي في المحاسن ١ : ١٣٩ / ١٨٢ ، والكليني في الكافي ٤ : ٤٠٦ / ٩ (باب المزاحمة على الحجر الأسود) ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٥ : ١٠٢ / ٣٣١ ، وفيهاباختلاف ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢٠ / ٨.

(٤) في «ن» : ولقد.

(٥) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٠٨ / ٢١٦٠ ـ ٢١٦٢ ، ونقله المجلسي عن الصدوق في العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢٠ / ذيل حديث ٨.

٢٠