السيد ياسين الموسوي
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار البهجة ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣
الاهداء
إلى بطل كندة وأميرها .. إلى الصحابي الجليل الذي قاتل مع إمام الحق علي عليهالسلام ببصيرة أهل اليقين ، وصرخ بوجه النواصب في الكوفة مدافعا عن شرف الولاية بشجاعة أهل الولاء ..
إلى الشهيد الذي لقي ربّه متضرجاً بدمائه وولده وخيرة أصحابه في مرج العذراء صابراً محتسباً ..
إلى حجر بن عدي الكندي أهدي هذا الجهد ؛ فأشفع لي ..
بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيْمِ
الحمد لله ربِّ العالمین والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمّدٍ وعلی آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم ومنكري فضائلهم أجمعين من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدّين.
لا يخفى عليك أنه قد وردت خمش زيارات في يوم عاشوراء ذكرها العلّامة المجلسي في بحاره (١) ولكن الزيارة التي هي الورد الأعظم والإكسير الأتم الذين واظب عليه علماؤنا الصالحون إنما هي المعرفة بـ(زيارة عاشوراء المشهورة) وهي من أهم الزيارات المروية عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، قال آية الله المرحوم خاتمة المحدثين الشيخ حسين النوري قدس سره في كتابه النجم الثاقب : وأما زيارة عاشوراء فيكفي في فضلها ومقامها أنها لا تسانخها سائر الزيارات التي هي بحسب الظاهر من إنشاء المعصوم وإملائه. ومع أنه لا يظهر من قلوبهم المطهرة شيء إلا ما وصل إلى ذلك العالم الأرفع فإنها تُعد أيضاً من سنخ الأحاديث القدسية وقد انزلت بهذا الترتيب من الزيارة واللعن والسلام
__________________
(١) البحار / ج ١٠١ / ص ـ ٣٢٨.
والدعاء من الحضرة الأحدية جلت عظمته إلى جبرائيل الأمين ومنه إلى خاتم النبیین صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبحسب التجربة فإن المداومة عليها أربعين يوما أو أقل لا نظير لها في قضاء الحاجات ، ونيل المقاصد ، ودفع الأعداء (١).
وأشار بقوله إنها من سنخ الأحاديث القدسية إلى ما وراه صفوان عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام: «تعاهد هذه الزيارة وادعُ بهذا الدعاء وزر به فإني ضامن على الله تعالى لكل من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد إن زيارته مقبولة وسعيه مشكور وسلامه واصل غير محجوب وحاجته مقضية من الله بالغاً ما بلغت ولا يخيبه.
يا صفوان! وجدت هذه الزيارة مضمونة بهذا الضمان عن أبي وأبي عن أبيه علي بن الحسين عليهمالسلام ، مضموناً بهذا الضمان ، والحسين عن أخيه الحسن مضموناً بهذا الضمان ، والحسن عن أبيه أمير المؤمنين مضموناً بهذا الضمان ، وأمير المؤمنين عن رسول الله مضموناً بهذا الضمان ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن جبريل عليهالسلام مضموناً بهذا الضمان ، وجبريل عن الله عزّ وجلّ مضموناً بهذا الضمان ، قد آلى الله على نفسه عزّ وجلّ أن من زار الحسين عليهالسلام بهذه الزيارة من قربٍ أو بُعد ودعا بهذا الدعاء ، قبلت منه زيارته وشَفَّعتْه في مسألته بالغاً ما بلغ وأعطيته سؤله ، ثم لا ينقلب عني خائباً واقلبه مسروراً قريراً عينه بقضاء حاجته والفوز بالجنة والعتق من النار ، وشَفّعتْه في كل من شفع ، خلا ناصب لنا أهل البيت آلى الله بذلك على نفسه وأشهدنا بما
__________________
(١) النجم الثاقب / ج / ص / ترجمة وتحقيق وتعليق ياسين الموسوي / ط ١ سنة ١٤١٥ هـ.
شهدت به ملائكة ملكوته على ذلك ، ثم قال جبرانیل : یا رسول الله! أرسلني إليك سروراً وبشرى لك وسروراً وبشرى لعلي وفاطمة والحسن والحسين وإلى الأئمة من ولدك إلى يوم القيامة فدام يا محمد سرورك وسرور علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة وشيعتكم إلى يوم البعث» (١).
ودفعاً لشبهات بعض المشككين من المحسوبين على الشيعة ، والتشيع منهم بريء فقد كتبت في سنة ١٤٠٥ هـ ق غامق رسالة تحدثت فيها عن سند هذه الزيارة الشريفة ضمن كتابي الذي سميته أوراد السالكين الذي تضمن مجموعة الزيارات والأدعية المهمة المروية بالأسانيد الصحيحة والمعتبرة عن المعصومين عليهمالسلام ، وقد تركت نشره إلى أن يسمح بهذا القدر المقدر له. وصادف أن طلب مني أخيراً بعض العلماء الأحبة أن أكتب سنداً لزيارة عاشوراء فأخبرته بما قد قمت به من تحقيق سندها في تلك السنوات فرجَّع إعدادها ونشرها فأجبت مأموله مظيفاً إليه بعض ما رأيته مناسباً وقد قسمته على أربعة فصول : الفصل الأول : ذكر الحديث كما في مصادره ليتسنى لنا مناقشة السند بعد ذلك وشرح فقه الزيارة. والفصل الثاني: ذكر بعض الحكايات والقضايا التي تبين فضلها. والفصل الثالث : معالجة أسانيد الزيارة. والفصل الرابع : فقه الزيارة. وأخيراً ذكرت الزيارة في خاتمة هذه الرسالة.
__________________
(١) مصباح المتهجد / ص ٧٨١ ـ ٧٨٢.
الفصل الأول
نص الحديث
الذي وردت فيه الزيارة الشريفة
روى الشيخ الأقدم أبو جعفر محمد بن قولويه (ره) في كتابه الشريف كامل الزيارات بإسناده عن الإمام الباقر عليهالسلام ..
وروى شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي (ره) في كتابه الشريف مصباح المتهجد بأسانيده إلى الإمام الباقر عليهالسلام قال : من زار الحسين بن علي عليهالسلام في يوم عاشوراء من المحرم حتى يظل عنده باكياً لقي الله عز وجل يوم يلقاه (١) بثواب ألفي(٢) حجة وألفي (٣) عمرة وألفي (٤) غزوة ، ثواب كل غزوة وحجة وعمرة كثواب من حَجَّ واعتمر وغزا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسلم ومع الأئمة الراشدين (٥).
قال : قلت : جُعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم قال : إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره وأومأ إليه بالسلام واجتهد في الدعاء على قاتله(٦)
__________________
(١) القيامة.
(٢) ألفي ألف.
(٣) ألفي ألف.
(٤) ألفي ألف.
(٥) صلوات الله عليهم أجمعين.
(٦) قاتليه : ب.
وصلى من بعد ركعتين وليكن (١) ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس، ثم ليندب الحسين عليهالسلام ويبكيه ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه (٢) وليعزِّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسين عليهالسلام وأنا (٣) الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله تعالى (٤) جميع ذلك (٥) ، قلت : جعلت فداك انت الضامن ذلك لهم (٦) والزعيم (٧)؟ قال : أنا الضامن (٨) وأنا الزعيم لمن فعل ذلك. (٩) قلت : فكيف يعزى بعضنا بعضاً : قال تقولون : أعظم (١٠) الله أجورنا بمصابنا بالحسین (١) وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهمالسلام. وإن استطعت ان لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فإنه يوم نحس لا تقضي فيه حاجة مؤمن فإن (١٢) قضيت لم يُبارَك (١٣) ولم ير فيها رشداً ولا يدَّخرن أحدكم لمنزله فيه شيئاً فمن ادَّخر في ذلك اليوم شيئاً لم يبارك له فيما ادَّخره ولم يبارك له في أهله ، فإذا فعلوا ذلك (١٤) كتب الله تعالى لهم (١٥) ثواب ألف (١٦)
__________________
(١) يفعل.
(٢) ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضاً في البيوت.
(٣) فأنا.
(٤) عزّ وجلّ.
(٥) هذا الثوب.
(٦) إذا فعلوا ذلك.
(٧) به.
(٨) لهم ذلك.
(٩) قال.
(١٠) عظّم.
(١١) عليهالسلام.
(١٢) وإن.
(١٣) له فيها.
(١٤) فمن فعل ذلك.
(١٥) له.
(١٦) ألف.
حجّة وألف (١) عمرة وألف (٢) غزوة كلّها مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان له أجر (٣) وثواب مصيبة كل نبي ورسول ووصي وصدّيق وشهيد مات او فتل منذ خلق الله الدّنيا إلى أن تقوم الساعة.
قال صالح بن عقبة (٤) وسيف بن عميرة: قال علقمة بن محمد الحضرمي ، قلت (٥) لأبي جعفر عليهالسلام: علّمني دعاء أدعو به ذلك اليوم إذا أنا زرته من قرب ودعاء أدعو به إذا لم ازره من فقب وأومأت (٦) من بُعد البلاد ومن (٧) داري بالسلام (٨) إليه.
قال: فقال لي: يا علقمة! إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومي إليه بالسلام فقل بعد (٩) الإيماء إليه من بعد التكبير (١٠) هذا القول فإنك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به زواره (١١) من الملائكة وكتب الله لك مائة ألف ألف درجة (١٢) ، وكنت كمن (١٣) استشهد مع الحسين (١٤) عليهالسلام حتی
__________________
(١) ألف.
() ألف.
(٣) كان له كثواب : هامش ب وج.
(٤) الجهني.
(٥) فقلت.
(٦) إليه.
(٧) سطح.
() بالتسليم : ألف.
(٩) سطعح.
(١٠) بالتسليم: ألف.
(١١) وقلت عند.
(١٢) الركعتين.
(١٣) من زاره.
(١٤) حسنة ، ومحى عنك ألف ألف سيئة ، ورفع لك مائة ألف ألف درجة.
(١٥) ممّن.
(١٦) ابن علي.
تشاركهم في درجاتهم ولا تعرف إلّا في الشهداء الذين استشهدوا معه وكتب لك ثواب زيارة كلّ نبيّ وكل رسول وزيارة كل من زار الحسين () عليهالسلام منذ يوم قتل عليهالسلام وعلى أهل بيته ...
قال علقمة : قال أبو جعفر عليهالسلام: إن استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل ، ولك ثواب جميع ذلك.
وروى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة قال : خرجت مع صفوان بن مهران الجمال وعندنا جماعة من أصحابنا إلى الغري بعدما خرج ابو عبد الله عليهالسلام فسرنا من الحيرة إلى المدينة فلما فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله الحسين عليهالسلام فقال لنأ : تزورون الحسين عليهالسلام من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليهالسلام من هيهنا أومأ إليه أبو عبد الله الصادق عليهالسلام وأنا معه قال: فدعا عنوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر عليهالسلام في يوم عاشوراء ، ثم صلى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين عليهالسلام وودع في دبرها أمير المؤمنين وأومأ إلى الحسين بالسلام منصرفاً وجهه نحوه وودع ...
قال سيف بن عميرة : فسالت صفوان ، فقلت له : أن علقمة بن محمد الحضرمي لم يأتنا بهذا عن أبي جعفر عليهالسلام إنما آتانا بدعاء الزيارة ، فقال صفوان : وردت مع سيدي أبي عبد الله عليهالسلام إلى هذا المكان ، ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا ودعا بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلی كما صلينا وودع كما ودعنا ، ثم قال لي صفوان : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام: تعاهد هذه الزيارة وادعُ بهذا الدعاء وزر به فإني ضامن على الله تعالى لكل من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من فرب أو بعد أن زيارته مقبولة وسعيه مشكور وسلامه واصل غير محجوب وحاجته مقضية من الله بالغاً ما بلغت ولا يخيبه يا صفوان! وجدت هذه الزيارة مضمونة بهذا الضمان عن أبي وابي عن أبيه علي بن الحسين عليهمالسلام مضموناً بهذا الضمان
__________________
(١) بن علي عليهماالسلام.
والحسين عن اخيه الحسن مضموناً بهذا الضمان ، والحسن عن أبيه أمير المؤمنین مضموناً بهذا الضمان وأمير المؤمنين عن رسول الله عليهالسلام مضموناً بهذا الضمان ورسول الله عليهالسلام عن جبرائیل عليهالسلام مضموناً بهذا الضمان وجبرائيل عن الله عز وجل مضموناً بهذا الضمان قد آلى الله على نفسه عزَّ وجلَّ أن من زار الحسين عليهالسلام بهذه الزيارة من قربٍ او بعد ودعا بهذا الدعاء ، قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغاً ما بلغ واعطيته سؤله ، ثم لا ينقلب عني خائباً واقلبه مسروراً قريراً عينه بقضاء حاجته والفوز بالجنة والعتق من النار وشفعته في كل من شنع خلا ناصب لنا أهل البيت آلى الله تعالى بذلك على نفسه وأشهدنا بما شهدت به ملائكة ملكوته على ذلك ثم قال جبرائیل: یا رسول الله! أرسلني إليك سروراً وبشرى لك وسروراً وبشرى لعلي وفاطمة والحسن والحسين وإلى الأئمة من ولدك إلى يوم القيامة فدام يا محمد سرورك وسرور علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة وشيعتكم إلى يوم البعث ، ثم قال صفوان: قال لي أبو عبد الله عليهالسلام: يا صفوان! إذا حدث لك إلى الله حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت ، وادع بهذا الدعاء وسل ربك حاجتك تأتك من الله والله غير مخلف وعده ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسلم بمنّه والحمد لله (١).
__________________
(١) مصباح المتهجد / الشيخ الطوسي / ص / ط ، ١ ـ ١٤١١ هـ.
الفصل الثاني