الاهداء :
الى الذين عشقوا القرآن الكريم
إلى رواد ماء الحياة من هذا الينبوع الصافي
الى الذين يريدون أن يفهموا القرآن ويعلموا به
بمساعدة مجموعة من الفضلاء
١ ـ محمد جعفر الامامي
٢ ـ محمدرضا الاشتياني
٣ ـ عبدالرسول الحسني
٤ ـ محمد الاسدي
٥ ـ حسين الطوسي
٦ ـ سيد شمس الدين الروحاني
٧ ـ محمد محمدي الاشتهاردي
المقدمّة :
لا يخفى أنّ المسائل الأخلاقيّة ، تخطى بأهميّةٍ كبيرةٍ في كلّ زمانٍ ، ولكنّ في عصرنا الحاضر ، إكتسبت أهمية خاصة ، وذلك :
١ ـ إنّ قوى الإنحراف وعناصر الشرّ والفساد ، قد إزدادت في هذا العصر ، أكثر من جميع العصور السّالفة ، فإذا كان التّحرك في الماضي في خطّ الباطل والإنحراف ، يكلّف الإنسان مبلغاً من المال ، أو شيئاً من الجهد ، ففي هذا الزّمان وبسبب التّقدم العلمي والتّطور الحضاري ، أصبحت أدوات الفساد في متناول الجميع ، هذا من جهةٍ :
٢ ـ ومن جهةٍ اخرى ، إنّنا نعيش في هذا العصر ضخامة المقاييس ، فبينما كانت المقاييس والموازين محدودةً في الماضي ، وبتبع ذلك نرى محدوديّة المفاسد الإجتماعية والأخلاقيّة ، فإنّ القتل في هذا الزّمان بسبب أسلحة الدّمار الشّامل ، والفساد الأخلاقي بسبب انتشار أشرطة الفيديو والسّينما الخليعة ، وكذلك ما يفرزه «الأنترنيت» من معلوماتٍ فاسدةٍ ، ويضعها في متناول الجميع ، كلّ ذلك يحكي عن إنفجار في دائرة الفساد والإنحراف ، وكسر القوالب الضّيقة الّتي كانت تحدد قوى الباطل في الماضي ، ليسري إلى خارج الحدود ، ويصل إلى أقصى بقعةٍ في العالم.
وإذا كان إنتاج المواد المخدّرة في السّابق ، ينحصر بقريةٍ أو منطقةٍ محدودةٍ ، ولا يتجاوز ضرره سوى المناطق المجاورة ، فاليوم نرى أنّ الابتلاء بمرض الإدمان ، ومن خلال عمليّة التّهريب الواسعة لعصابات الموت ، قد غطى أجواء العالم أجمع.
٣ ـ ومن جهةٍ ثالثةٍ ، أنّنا نشاهد توسّعاً هائلاً في العلوم النّافعة لِلبشر ، في مختلف جوانب الحياة في علوم الطّب والفضاء ، والإتصالات والمواصلات وأمثال ذلك ، وكذلك الحال في
العلوم الشّيطانية ووسائل الفساد والإنحراف ، حيث تطورت بشكل مذهلٍ ، الى حدٍ إنّ القوى الشيطانيّة التي تقف وراء إنتاج أدوات الإفساد الإجتماعي ، يتوصلون إلى تحقيق أهدافهم بطرق ملتويةٍ كثيرةٍ ويسيرةٍ ، ومثل هذه الظّروف والأجواء تحتم علينا الإهتمام بالمسائل الأخلاقية أكثر من أيّ وقت مضى ، وإلّا فعلينا أن نتوقّع الكارثة ، أو الكوارث التي تشلّ في الناس إرادة المواجهة ، وتحولهم إلى كياناتٍ مهزوزةٍ أمام حالات الخطر.
ويجب على العلماء الواعين والمفكّرين المخلصين ، أن يتحركوا من موقع التّكاتف فيما بينهم ، لتعميق الأخلاق في قلوب الناس ، وتفعيل عناصر الخير في وجدانهم ، والانتباه إلى الخطر المحيط بالأخلاق ، بحيث إنّ البعض أنكر فائدتها من الأساس ، أو ذهب إلى أنّها غير ضروريّةٍ ، والبعض الآخر تعامل معها من موقع المصلحة والبرُاجماتية ، للوصول إلى مطامعه السّياسية.
ولحسن الحظ فإنّنا كمسلمين ، نمتلك مصدراً عظيماً للمعارف الأخلاقيّة ، وهو القرآن الكريم ، الذي لا يُدانيه أيّ مصدر ديني آخر في العالم.
ورغم أنّ العلماء والمفسّرين ، قد تناولوا البحوث القرآنية في دائرة الأخلاق ، بالبحث والدّراسة ، إلّا أنّ هذه الأبحاث والدراسات جاءت متفرقة ولا تفي بالغرض ، ولهذا إفتقرت السّاحة الثقافية والتّفسيرية ، إلى كتابٍ أو كُتبٍ لدراسة هذا الموضوع ، بالإستيحاء من الآيات القرآنية ، فكان هذا الكتاب الذي بين أيديكم وبإسم : (الأخلاق في القرآن) ، إستجابة عمليّةً لِهذه الحاجة الماسّة في حركة الواقع الثّقافي والدّيني ، لسدّ هذه الثّغرة في صرح البناء الثقافي والحضاري للإسلام.
وجاء هذا الكتاب ، بعد بحوثٍ ودراسات في التّفسير الموضوعي للقرآن الكريم شملت المعارف والعقائد الإسلاميّة في دورته الاولى ، ولتكون الدّورة الثّانية ، مختصّةً ببحوث الأخلاق الإسلاميّة في القرآن الكريم.
وبحمد الله فقد إنتهينا من هذه الأبحاث الأخلاقية في ثلاث أجزاء ، تناول الجزء الأوّل منها ، دراسة المسائل الأخلاقيّة الكليّة في دائرة الأخلاق ، وهذا هو الكتاب الذي بين أيديكم ،
حيث يمكن الإستفادة منه بعنوان كتابٍ درسي للرّاغبين ، ويتكفل الجزء الثاني والثالث ، ببيان تفاصيل هذه المسائل الكليّةً وجزئيّاتها ومصاديقها.
نأمل أن تكون هذه الأبحاث الأخلاقية ، المستوحاة من أجواء القرآن الكريم ، خطوة اخرى على طريق حلّ المشاكل الأخلاقيّة والثقافيّة للإنسان ، في حركة الحياة والواقع الإجتماعي ، ونسأل الله تعالى أن ينظر إليها بنظرة القبول ، ويجعلها ذخيرةً لنا يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ، ونرجو من الاخوة أن يتفضلوا علينا بإرشادنا إلى موضع النّقص إن وجد.
والحمد لله ربّ العالمين
ربيع الأول ١٤١٩ ه. ق
١
أهميّة الأبحاث الأخلاقيّة
تنويه :
هذا البحث يعدّ من أهم الأبحاث القرآنيّة ، ويعتبر من أهمّ أهداف الأنبياء كذلك ، إذ لو لا الأخلاق ، لما فهم الناس الدّين ولَما إستقامت دنياهم : وكما قال الشّاعر :
وإنما الامم الأخلاق ما بَقيتْ |
|
فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذَهبوا |
فلا يُعتبر الإنسان إنساناً إلّا باخلاقه ، وإلّا سوف يصبح حيواناً ضارياً كاسراً ، يحطّم ويكتسح كلّ شيء ، وخصوصاً وهو يتمتّع بالذّكاء الخارق ، فيثير الحروب الطّاحنة ، لغرض الوصول لأهدافه الماديّة غير المشروعة ، ولأجل أن يبيع سلاحه الفتّاك ، يزرع بذور الفُرقة والنّفاق ويقتل الأبرياء!
نعم ، يمكن أن يكون متمدّناً في الظّاهر ، إلّا أنّه لا يقوم له شيء ، ولا يميّز الحلال من الحرام ، ولا يفرّق بين الظّلم والعدل ، ولا الظّالم والمظلوم!
بعد هذه الإشارة نعرّج على القرآن الكريم لنستوحي من آياته الكريمة التالية ، تلك الحقيقة :
١ ـ (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١).
٢ ـ (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٢).
٣ ـ (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)(٣).
٤ ـ (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٤).
٥ ـ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها* وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها)(٥).
٦ ـ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)(٦).
٧ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ)(٧).
الآيات الأربع الأُول : تقرّر حقيقةً واحدةً ، ألا وهي ، أنّ إحدى الأهداف المهمّة ، لبعثة النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، هو تزكية النّفوس وتربيّة الإنسان ، وبلورة الأخلاق الحسنة ، في واقعه الوجداني ، بحيث يمكن أن يقال : إنّ تلاوة الآيات وتعليم الكتاب والحكمة التي أشارت إليها الآية المباركة الاولى ، يعُد مقدمة لمسألة تزكية النّفوس وتربية الإنسان ، والذي بدوره يشكّل الغاية الأساسيّة لعلم الأخلاق.
ولأجل ذلك يمكن تعليل تقدم كلمة : «التزكية» ، على : «التعليم» ، في الآيات الثلاث ، من حيث إنّ «التّزكية» هي الهدف والغاية النهائيّة ، وإن كان «التّعليم» من الناحية العمليّة مقدمٌ عليها.
__________________
١ ـ سورة الجُمعة ، الآية ٢.
(٢). سورة آل عمران ، الآية ١٦٤.
(٣). سورة البقرة ، الآية ١٥١.
(٤). سورة البقره ، الآية ١٢٩.
(٥). سورة الشّمس : الآيات ٩ و ١٠.
(٦). سورة الأعلى : الآيات ١٤ و ١٥.
(٧). سورة لقمان ، الآية ١٢.
وإن نظرنا «للآية الرابعة» : من بحثنا هذا ، وتقديمها لكلمة التّعليم على التّزكية ، فهي ناظرةٌ إلى المسألة من حيث الترتب العملي الطبيعي لها ، بإعتبار أنّ التّعليم مقدمةٌ «للتربية والتّزكية».
ولهذا نرى أنّ الآيات الأربع الاولى ، كلّ منها تنظر إلى المسألة من منظارها الخاص.
وليس بعيداً إحتمال رأيٌ آخر ، من التّفسير في الآيات المباركة الأربع ، وهو أنّ الغرض ، من التّقديم والتّأخير الحاصل لهذين الكلمتين : (التّربية والتعليم) ، بإعتبار أنّ إحداها تؤثّر في الاخرى ، يعني كما أنّ التعليم الصّحيح يكون سبباً في الصّعود بالأخلاق ، وتزكية النّفوس ، تكون تزكية النفوس هي الاخرى مؤثّرة في رفع المستوى العلمي ، لأنّ الإنسان بوصوله للحقيقة العلميّة ، يكون قد تطهر من «العناد» و «الكِبر» و «التّعصب الأعمى» ، حيث تكون الأخيرة مانع من التّقدم العلمي ، ومعها سوف يُران على قلبه على حد تعبير القرآن الكريم ، ولن يرى الحقيقة كما هي في الواقع.
ويمكن الإشارة الى نكات اخرَى في الآيات الكريمة الأربعُ :
الآية الاولى : تشير إلى أنّ بعث رسول يُعلِّم الأخلاق ، هي من علامات حضور الباري تعالى في واقع الإنسان لتفعيل عناصر الخير في وجدانه ، وأنَّ النقطة المعاكسة (للتربية والتعليم) هي الضّلال المبين ، فهي تبين مدى إهتمام القرآن الكريم بالسلوك الأخلاقي للإنسان في حركة الحياة.
الآية الثّانية : نجد فيها أن إرسال رسول يُزكيهم ويُعلّمهم الكتاب والحكمة ، هي من المنن والمواهب الإلهيّة العظيمة ، التي منّ الله بها علينا ، وهي دليل آخر على أهميّة الأخلاق.
الآية الثّالثة : وهي الآية التي نزلت بعد آيات تغيير القبلة ، من القدس الشّريف إلى الكعبة المشرّفة ، حيث عُدَّ هذا التغيير من النّعم الإلهيّة الكبرى ، وأنّ هذه النعمة هي كإرسال الرسول للتعليم والتّزكية وتعليم الإنسان اموراً لم يكن يعلمها ولن يتمكن من الوصول إليها إلّا عن طريق الوحي الإلهي (١).
__________________
١ ـ ففي جملة : «ويعلّمكم ما لم تكونوا تعلمون» ، إشارةً إلى أنّ الوصول إلى هذا العلم ، لا يمكن الّا بالوَحي.
الآية الرّابعة : تتحدث عن أنّ إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وبعد إكماله لبناء الكعبة ، طلب من الباري تعالى : أن يخلق من ذريّته امّةً مسلمةً ؛ وأن يبعث فيهم رسولاً من ذريّته ، ليزكّيهم في دائرة التربية الأخلاقيّة ، ويعلّمهم الكتاب والحكمة.
الآية الخامسة : نجد أن القرآن الكريم ، وبعد ذكر أحدَ عشرَ قَسَماً مهماً ، وهي من أطول الأقسام في القرآن ، ـ قسماً بالشّمس والقمر والنّجوم والنفس الإنسانية ـ ، وبعد ذلك قال : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها).
وهذا التأكيد المتكرّر والشّديد في هذه الآيات ، يدلّ على أنّ القرآن الكريم ، يولّي أهميّةً بالغةً لمسألة الأخلاق ، وأنّ التّزكية هي الهدف الأهم للإنسان ، وتكمن فيها كلّ القيم الإنسانيّة ، بحيث تكون نجاة الإنسان بها.
ونفس المعنى أعلاه ورد في : «الآية السّادسة» ، واللّطيف فيها أَنّ ذكر التّزكية جاء قبل الصلاة ، وذكر الله تعالى ، إذ لو لا التّزكية وصفاء الرّوح لا يكون للصّلاة معنى ، ولا لذكر الله.
وجاء في «الآية الأخيرة» ، ذكر لُقمان الحكيم ، حيث عبّر عن علم الأخلاق بالحكمة ، فقال : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ).
وبالنّظر للآيات الشّريفة ، نرى أنّ خصوصيّة : «لقمان الحكيم» ، هي تربية النّفوس والأخلاق ، ومنها يتّضح أنّ المقصود من الحكمة هنا ، هو الحكمة العمليّة وتعاليمها المؤدّية إليها ، وبعبارة اخرَى يعني : «التّعليم» لأجل «التّربية».
ويجب الإنتباه وكما ذكرنا مراراً ، إلى أنّ أصل معنى «الحكمة» هو لجام الفرس ، وبعدها أطلقت على كلّ شيء رادعٍ ، وبإعتبار أنّ العلوم والفضائل الأخلاقيّة ، تردع الإنسان عن الرّذائل فأطلقت عليها هذهِ الكلمة.
النّتيجة :
نستوحي من هذهِ الآيات ، الإهتمام الكبير للقرآن الكريم بالمسائل الأخلاقيّة وتهذيب
النفوس ، بإعتبارها مسألةً أساسيّةً ، تنشأ منها وتبتني عليها جميع الأحكام والقوانين الإسلاميّة ، فهي بمثابة القاعدة الرّصينة والبناء التحتي ، الذي يقوم عليه صرح الشّريعة الإسلاميّة.
نعم إنّ التّكامل الأخلاقي للفرد والمجتمع ، هو أهم الأهداف التي تعتمد عليه جميع الأديان السّماوية ، إذ هو أساس كلّ صلاحٍ في المجتمع ، ووسيلةٍ رادعةٍ لمحاربة كلّ أنواع الفساد والإنحراف ، في واقع الإنسان والمجتمع البشري في حركة الحياة.
والآن نعطف نظرنا إلى الروايات الإسلاميّة ، لنرى أهميّة هذه المسألة فيها :
أهميّة الأخلاق في الرّوايات الإسلاميّة :
لقد أولت الأحاديث الشّريفة لهذه المسألة أهمية بالغةً سواء كانت في الروايات الواردة عن الرّسول الأعظم صلىاللهعليهوآله ، أم عن طريق الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، ونورد بعضاً منها :
١ ـ الحديث المعروف عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله :
«إِنّما بُعثتُ لأُتمَمَ مكارمَ الأخلاقِ» (١).
وجاء في حديثٍ آخر : «إنّما بُعثتُ لأُتمَمَ حُسنَ الأخلاقِ» (٢).
وجاء في آخر : «بُعثتُ بمكارمِ الأخلاقِ ومحاسِنها» (٣).
ونرى أن كلمة «إنّما» تفيد الحصر ، يعني أنّ كلّ أهداف بعثة الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، تتلخص في التّكامل الأخلاقي.
٢ ـ وجاء في حديثٍ عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، حيث قال :
«لَو كُنّا لا نَرجو جنّةً ولا ناراً ولا ثواباً ولا عِقاباً ، لكان يَنبغي لَنا أن نُطالِبَ بِمكارمِ الأخلاقِ فإنّها ممّا تَدُلُّ على سبيلِ النجاحِ» (٤).
__________________
١ ـ كنز العمّال : ج ٣ ، ص ١٦ ، ح ٥٢١٧٥.
٢ ـ المصدر السابق ، ح ٥٢١٨.
٣ ـ بحار الأنوار : ج ٦٦ ، ص ٤٠٥.
٤ ـ مستدرك الوسائل ، ج ٢ ، ص ٢٨٣ الطبعة القديمة.
يبيّن لنا هذا الحديث أهمية الأخلاق وفضائلها ، إذ هي ليست سبباً في النجاة في الاخرى فقط ، بل هي سبب لصلاح الدّنيا أيضاً ، (وسنتناول هذا البحث مفصّلاً في القريب العاجل إن شاء الله تعالى).
٣ ـ الحديث الآخر الذي ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حيث قال :
«جَعَلَ اللهُ سُبحانَهُ مكارمَ الأخلاقِ صِلةً بينه وبين عبادِهِ فحسب أَحدِكُم أَن يتمسّكَ بخُلقٍ مُتَّصلٍ باللهِ» (١).
وبعبارةٍ اخرى : أنّ الباري تعالى هو المعلم الأكبر للأخلاق ، وهو مربّي النّفوس ، ومصدر لكلّ الفضائل ، والقرب منه تعالى لا يتمّ إلّا بالتّحلي بالأخلاق الإلهيّة.
وعلى هذا نرى أنّ كلّ فضيلةٍ يتحلى بها الإنسان ، تؤدي إلى تعميق العلاقة بينه وبين ربّه ، وتقربه من الذّات المقدّسة أكثر فأكثر.
وحياة المعصومين عليهمالسلام كلّها تبيّن هذهِ المسألة ، فإنّهم كانوا دائماً يدعون إلى الأخلاق ، والتّحلي بالفضائل ، وهم القُدوة الحسنة في سلوك هذا الطريق ، وسنتطرق في المستقبل إلى نماذج من أخلاقيّاتهم عليهمالسلام ، ويكفي شرفاً للرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أنّ الله تعالى نعته في سورة القَلم :
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). (٢)
إشارات مهمة :
١ ـ تعريف علم الأخلاق
أخلاق جمع خُلق (على وزن قُفل) ، وخُلُق على وزن افُق ، وعلى حد تعبير الرّاغب في كتابه المفردات ، أنّ هاتين الكلمتين ترجعان إلى أصلٍ واحدٍ ، وهو «خلق» بمعنى الهيئة والشّكل الذي يراه الإنسان بعينه ، والخُلق بمعنى القوى والسّجايا الذاتية للإنسان.
ولذا يمكن القول بأنّ : «الأخلاق هي مجموعة الكمالات المعنويّة والسّجايا الباطنيّة
__________________
١ ـ تنبيه الخواطر ، ص ٣٦٢.
٢ ـ سورة القلم ، الآية ٤.
للإنسان» ، وقال بعض العلماء : إنّ الأخلاق أحياناً تُطلق على العمل والسّلوك ، الذي ينشأ من الملكات النفسانية للإنسان أيضاً ، (فالأولى الأخلاق الصفاتية والثانية السلوكيّة).
ويمكن تعريف الأخلاق من آثارها الخارجيّة أيضاً ، حيث يصدر أحياناً من الإنسان فعل إعتباطي ولكن عند ما يتكرّر ذلك العمل منه : (مثل البخل وعدم مساعدة الآخرين) ، يكون دليلاً على أنّ ذلك الفعل يمدّ جذوره في أعماق روح ذلك الإنسان ، تلك الجذور تسمى بالخُلق والأخلاق.
وفي ذلك قال «ابن مِسكَوَيه» ، في كتاب «تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق» : إنّ الخُلق هو تلك الحالة النفسانيّة التي تدعو الإنسان ، لأفعالٍ لا تحتاج إلى تفكّر وتدبّر» (١).
وهو نفس ما إشار إليه المرحوم الفيض الكاشاني في كتاب «الحقائق» ، حيث يقول : «إعلم أنّ الخُلق هو عبارة عن هيئة قائمة في النفس ، تصدر منها الأفعال بسهولة من دون الحاجة إلى تدبّر وتفكّر» (٢).
وعليه قسمّوا الأخلاق إلى قسمين : الملكات التي تنبع منها الأعمال والسّلوكيات الحسنة وتسمى «الفضائل» ، واخرى تكون مصدراً للأعمال والسلوكيات السّيئة وتسمى الرذائل.
ومن هنا يمكن أن نعرّف علم الأخلاق بأنّه : «علمً يُبحَث فيه عن المَلكات والصّفات الحسنة والسيئة وآثارها وجذورها».
وبعبارة اخرَى : «علمٌ يُبحَث فيه عن اسس إكتساب هذهِ الصفات الحسنة ، وطُرق محاربة الصّفات السّيئة ، وآثارها على الفرد والمجتمع».
طبعاً وكما ذكرنا سابقاً ، يُطلق على الأعمال والأفعال النّابعة من هذهِ الصفات أحياناً «الأخلاق» ، فمثلاً الشّخص الذي يعيش في حالةٍ من الغضب والحدّة دائماً ، يقال عنه بأنّه ذو أخلاقٍ رديئةٍ ، وبالعكس عند ما يكون الشّخص كريماً ، فيقولون أنّ الشّخص الفلاني يتحلى بأخلاقٍ طيِّبةٍ ، وفي الحقيقة أن هذين الإثنين هما عِلّة ومعلول للآخر ، بحيث ، يطلق إسم أحداهما على الآخر.
__________________
١ ـ تهذيب الأخلاق ، ص ٥١.
٢ ـ الحقائق ، ص ٥٤.
وعرّف بعض الغربيين الأخلاق بما يُوافق تعاريفنا لها ، فمثلاً في كتاب : «فلسفة الأخلاق» ، لشخصٍ يدعى (جكسون) ، وهو أحد فلاسفة الغرب ، عرّف الأخلاق فيه بقوله : (علمُ الأخلاق عبارةٌ عن التّحقيق في سلوك الإنسان على الصورة التي ينبغي أن يكون عليها) (١).
وللبعض مثل «فولكيه» ، رأي آخر في المسألة ، حيث عرّفوا علم الأخلاق بأنّه : (مجموعة قوانين السّلوك التي يستطيع الإنسان بواسطتها أن يصل إلى هدفه) (٢).
هذا هو كلام اناس لا يعيرون للقيم الإنسانيّة أهميّة ، والمهم عندهم الوصول إلى الهدف كيفما كان وكيفما إتّفق ، إذ الأخلاق عندهم ليست إلّا وسيلةً تُمكّن الإنسان من الوصول إلى الهدف!.
٢ ـ علاقة الأخلاق بالفلسفة
الفلسفة في معناها ومفهومها الكلي ، تعني : معرفة العالم بما لدى الإنسان من قدرة ، وبهذا المعنى يمكن أن تدخل جميع العلوم تحت هذا المفهوم الكلّي ، بحيث نرى في الأعصار السّابقة والقديمة ، عند ما كانت العلوم محصورةً ومعدودةً كانت الفلسفة تلقي الضوء عليها جميعاً ، والفيلسوف كان له الباع الطويل في جميع العلوم ، وفي ذلك الوقت قسّمت الفلسفة إلى قسمين :
أ ـ الامور التي لا دخل للإنسان فيها ، والتي تستوعب جميع العالم ، عدا أفعال الإنسان.
ب ـ الامور التي تنضوي تحت إختيار الإنسان وله دخل فيها ، يعني أفعال الإنسان.
فالقسم الأول يسمّى بالحكمة النظريّة ، وتقسم إلى ثلاثة أقسام :
الفلسفة الاولى أو الحكمة الالهيّة : وهي التي تتناول الأحكام الكلية للوجود والمبدأ والمعاد.
٢ ـ الطّبيعيات : وفيها أقسام مختلفة.
__________________
١ ـ فلسفة أخلاق ، ص ٩.
٢ ـ الأخلاق النظريّة ، ص ١٠.
٣ ـ الرّياضيات : وهي أيضاً لها فروع متعددة.
وأما التي تتعلق بأفعال الإنسان ، فتسمى بالحكمة العمليّة ، وهي بدورها تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
١ ـ الأخلاق والأفعال : التي تكون سبباً في سعادة أو ضلال الإنسان ، وتكون جذورها ومصدرها النفس الإنسانيّة.
٢ ـ تدبير المنزل : وكل ما يتعلق بالعائلة.
٣ ـ سياسة وتدبير المدن : والتي تتناول طرق إدارة المجتمعات البشرية.
وهكذا فقد أفردوا للأخلاق حقلها الخاص بها ، في مقابل (تدبير البيت) و (سياسة المدن). وعليه يمكن القول بأنّ علم الأخلاق هو فرع من : «الفلسفة العملية» أو «الحكمة العمليّة».
ولكنّ تعدد العلوم في عصرنا الحاضر دعى للفصل بينها ، وغالباً ما تأتي الفلسفة والحكمة ، والفلسفة بمعنى الحكمة النظريّة من نوعها الأوّل ، وهي الامور التي تتعلق بالعالم والكون وكذلك المبدأ والمعاد.
ويوجد اختلاف بين الفلاسفة ، في أيّهما أفضل : الحكمة النظريّة أم الحكمة العمليّة ، فقسم إدّعى الأفضلية للُاولى ، وقسم آخر إدّعى الأفضلية لِلثانية ، وعند التّدقيق في مدّعاهم نرى ، أنّ الإثنين على حق وهذا ليس بحثنا الآن.
وسنتعرض لعلاقة الأخلاق بالفلسفة ، في موارد اخرى في المستقبل ، إن شاء الله تعالى.
٣ ـ علاقة الأخلاق بالعِرفان
أمّا بالنسبة لعلاقة (الأخلاق) ب (العرفان) و (السير والسلوك إلى الله) ؛ فيمكن القول أنّ العرفان أكثر ما ينظر للمعارف الإلهيّة ، ولكن ليس عن طريق العلم والإستدلال ، بل عن طريق الشّهود الباطني ، بمعنى أنّ قلب الإنسان يجب أن يكون كالمرآة الصافية ، لدرجةٍ يستطيع فيها أن يرى الحقيقة لتزول عنه الحُجب ، وليرى بقلبه الذّات الإلهيّة وأسمائه وصفاته ، ومنها يصل إلى العشق الإلهي الحق.
وبما أنّ علم الأخلاق ، له اليد الطُولى في المساعدة على دفع ورفع الرذائل ، والتي هي بمثابة الحُجب على القلوب ، فمن البديهي أن تكون الأخلاق من اسس ومقدمات العرفان الإلهي.
وأما «السّير والسّلوك إلى الله» ، والذي يكون هدفه النّهائي هو معرفة الله والقرب منه ، فهو في الحقيقة مجموعة من «العرفان» و «الأخلاق» ، فما كان من «السّير والسّلوك الباطني» ، فهو نوع من «العرفان» ، الذي يوصل الإنسان يوماً بعد يوم للذات الإلهيّة ، ويرفع عن قلبه الحجب والأدران ، ويمهد الطّريق إليه ؛ وما كان من «السّير والسّلوك الخارجي» : فهو نفس الأخلاق التي تهدف لتهذيب النفوس ، وليس فقط لأجل الحياة الماديّة المرفّهة.
٤ ـ علاقة العلم بالأخلاق
بالنّسبة للآيات السّابقة وكما ذكرنا أنّ القرآن الكريم ، أتى ب : «تعليم الكتاب والحكمة» إلى جانب : «التزكية والتّهذيب الأخلاقي» ، فتارةً يقدِّم «التّزكية» على «التّعليم» ، واخرىُ يقدِّم «التعليم» على التزكية ، وهو أمر يُبيّن مدى العلاقة الوثيقة التي تربط بين الإثنين.
وهذا يعني أنّ الإنسان ، عند ما ينفتح على المعرفة ، وتكون لديه خبرةٌ بالأعمال الحسنة والسيئة ، ويعرف عواقب «الفضيلة» و «الرذيلة» ، فممّا لا شك فيه أنّها ستؤثر في تربيته ، بحيث يمكن القول أنّ كثيراً من الرذائل ناتجة من عدم الإطّلاع والفهم. ومن ذلك يمكن القول ؛ أنَّه إذا ما إستطعنا أن ننهض بالمستوى العلمي للأفراد ، وبعبارةٍ اخرى : إذا أمكننا نشر الثقافة بين الناس ، فستحل الفضائل مكان الرّذائل ، وإن كان هذا الأمر ليس كليّاً.
ومع الأسف الشديد ، نرى أنّ البعض بالغوا فيها لدرجة الإفراط والتّفريط.
فبعض إتّبعوا الحكيم سُقراط اليوناني ، حيث كان يعتقد بأنّ العلم والحكمة هي منشأ الأخلاق الحميدة ، والرّذائل الأخلاقيّة منشؤها الجهل ، ولذلك فإنّه كان يعتقد أيضاً أنّه ولأجل محاربة الفساد والرّذائل الأخلاقية وإحلال الفضائل الأخلاقية محلّها ، يجب العمل على رفع المستوى العلمي للمجتمع ، وبالتّالي تتساوى (الفضيلة) مع (المعرفة).
هؤلاء يدّعون أنّه لا يوجد إنسان يتجه نحو الرّذيلة وهو على علم بها ، وإذا ما شخّصَ الإنسان الفضيلة فسوف لن يتركها ، ولذلك يتوجّب علينا كسب العلم ، ومعرفة الخير وتمييزه من الشر لنا ولغيرنا ، كي تزرع في نفوسنا بذور الفضائل الأخلاقية!.
وفي المقابل يوجد من ينفي هذهِ العلاقة بين الإثنين بالكامل ، لأنّ العلم والذكاء للإنسان المجرم سيكون عاملاً مساعداً له في إرتكاب جرائم أخطر ، وعلى حدّ تعبير المثل الذي يقول : (إذا كان مع اللص مصباحاً فانه سوف ينتفي البضائع الجيدة).
ولكن الحق والإنصاف أنّه ليس بإمكاننا نفي تأثير العلم بالكامل ، ولا نفي معلولية أحداهما للاخر.
والشّاهد على ذلك المُثل الحيّة التي نراها في المجتمع ، فكثيراً ما شاهدنا اناساً كانوا يفعلون الرذائل ، وعند ما أدركوا قبح فعالهم ونتائجها السيئة ، أقلعوا عنها وإتجهوا نحو الفضائل ، ووجدنا هذا الأمر حتى في وقتنا الحاضر هذا.
وفي المقابل نعرف أشخاصاً عندهم المعرفة التامة بالخير والشرّ ، ولكنهم يُصرّون على الشرّ وهو متأصل في نفوسهم.
وكلّ ذلك لأنّ الإنسان لديه بُعدان : بعد العلم والادراك وبُعد عملي ، وهو الميول والغرائز والشّهوات ، ولأجل ذلك فساعةً يميل الى هذا ، وساعةً يُرجحُ ذلك.
والذي يقول بأحد القولين ، فانه يفترض أنّ الإنسان فيه بُعدٌ واحد لا أكثر ، ويغفل عن وجود البعد الآخر.
ونشير هنا إلى الآيات القرآنية التي وردت في هذا الباب ، والتي أكدت على التّأثير المتبادل بين عُنصر الجهل وسوء العمل ، قال تعالى :
(أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ؛)(١).
ويوجد شبيه لهذا المعنى في سورة النساء : الآية (١٧) ، وسورة النحل : الآية (١١٩).
ومن البديهي أنّ الجهل المذكور ليس هو الجهل المطلق الذي لا يوائم التوبة ، بل هو مرتبةٌ من مراتب الجهل ، فإذا إرتفع فسوف يهتدي الإنسان بعدها للطّريق القويم.
__________________
١ ـ سورة الأنعام ، الآية ٥٤.
وذكرنا في الجزء الأول من دورة نفحات القرآن أنّ الجهل هو السبب لكثير من الضلالات ، فهو ـ الجهل ـ سبب للكفر وإشاعة الفساد والتعصب والعناد والتقليد الأعمى والفُرقة وسوء الظّن والجسارة وقلّة الأدب ، وفي واحدةٍ يمكن القول ، أنّ الجهل عامل لإفساد كثير من القِيم (١).
ومن جهة اخرَى تُصرِّح الآيات الشريفة بوجود حالة العناد في الإنسان ، مع علمه بأنّه يتحرك في طريق الظّلم والطغيان ، مثل آل فرعون ، حيث يتحدث عنهم القرآن الكريم :
(وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا)(٢).
وكذلك ما ورد بالنسبة إلى بعض أهل الكتاب ، كما قال الباري تعالى : (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(٣).
وورد هذا المعنى في ما بعدها من الآيات (٤).
وقد يكون المراد من الآية هو موضوع الكَذب ، ولكنّه أيضاً يؤيّد مدّعانا ، لأنّ قبح الكذب حكم به العقل والشّرع ، وهو من الامور الواضحة التي لا تخفى على أحد.
فالحقائق والتجارب أثبتت ، أنّ المعرفة والعلم بنتائج الأخلاق الرذيلة على الفرد والمجتمع ، يمكنه أن يكون في كثير من الموارد ، عاملاً مهماً في ردع الإنسان عن غيّه والرّجوع إلى ساحة الصّواب ، ولكن ومن جهة اخرَى ، أيضاً نجد أنّ هناك من يعرف الرّذيلة حقَّ معرفتها ؛ ولكنه يُصرّ عليها ويعاند على سلوك طريق الإنحراف ، والطريقة الوسطى في الحقيقة هي الجادّة وتنطبق على الواقع أكثر.
__________________
١ ـ نفحات القرآن ، الدّورة الاولى ، ج ١ ص ٨٦ ـ ٩٨.
٢ ـ سورة النّمل ، الآية ١٤.
٣ ـ آل عمران ، الآية ٧٥.
٤ ـ سورة آل عمران ، الآية ٧٨.