الإمام أبو العباس الحسني
المحقق: عبدالله بن عبدالله بن أحمد الحوثي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦٧٢
[٦١] [أخبرنا أبو أحمد (١) الأنماطي ، قال : أخبرنا هارون بن المبارك ، قال : حدثنا علي بن مهران عن سلمة عن محمد بن إسحاق عن رجاله] (٢) أن أول من آمن برسول الله خديجة بنت خويلد (٣) ، ثم علي بن أبي طالب عليهالسلام فكان أول ذكر آمن به وصلّى معه وصدق بما جاء به من عند الله ، ثم أسلم زيد بن حارثة.
[سبب إسلام حمزة]
فلما نادى رسول الله قومه بالإسلام وصدع به حتى ذكر آلهتهم وعابها ، مرّ أبو جهل بن هشام برسول الله وهو جالس عند الصفا فآذاه وشتمه ، فلم يكلمه صلىاللهعليهوآلهوسلم ومولاة لعبد الله بن جدعان (٤) في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك ، ثم انصرف عنه ، فعمد إلى نادي قريش (٥) عند الكعبة فجلس معهم.
فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشّحا (٦) قوسه راجعا من قنص له ، وكان صاحب قنص (٧) يرميه ويخرج له ، وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالبيت (٨) ، وإذا فعل ذلك لم يمر على نادي من قريش الّا وقف وسلّم وتحدث معهم ، وكان أعز قريش وأشدها شكيمة (٩) ، فلما مرّ بالمولاة ، وقد قام رسول الله ورجع إلى بيته ، قالت له : يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا قبيل أن تأتي من أبي الحكم بن هشام ، وجده هاهنا جالسا فسبّه وآذاه ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد ، فاحتمل الغضب ، وخرج
__________________
(١) نهاية الصفحة [٦٥ ـ أ].
(٢) في (ج ، ب) : أخبرنا أبو أحمد الأنماطي بإسناده عن رجاله عن محمد بن إسحاق عن رجاله ، وفي (أ، د) : أخبرنا أبو أحمد الأنماطي بإسناده عن رجاله. وقد أثبتنا السند.
(٣) الخبر أخرجه الطبري في ذخائر العقبى ص (١٧٧).
(٤) هو عبد الله بن جدعان بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
(٥) نادي قريش : النادي : هو مجلس القوم.
(٦) متوشحا : أي متقلدا ، وهو مجاز تقول : توشح بثوبه ، وبنجاده ، وخرج متوشحا بسيفه ومتشحا به.
(٧) أي صاحب هواية في الصيد.
(٨) في (ب) : بالكعبة.
(٩) شكيمة : أي ذا حد وعارضة.
سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع ، فلما دخل المسجد نظر إلى أبي جهل جالسا في القوم ، فأقبل نحوه حتى إذا وقف على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة فشجه شجة منكرة ، وقام (١) رجال بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه (٢) ، فأدار القوس (٣) على رءوسهم استخفافا بهم ، ثم أتى إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقرع بابه ، فناداه النبي : من هذا؟
قال : أنا عمك حمزة.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا عم ما تريد ممن لا عم له ، ما تريد ممن لا أم له ، ما تريد ممن لا أب له ، ما تريد ممن لا ناصر له من قومه».
فدمعت عينا حمزة وقال : افتح يا بن أخي فما أتيتك حتى انتصرت لك ممن ظلمك.
فخرج إليه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : «يا عم إنه لن يقبل منك ذلك إلا أن تقول : لا إله الا الله محمد رسول الله».
قال : فاتل عليّ شيئا مما أوحي إليك.
فتلا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه آيات من سورة (الملك).
قال حمزة : يا ابن أخي هذا كلام لا يشبه كلام المخلوقين ، ثم قال زدني.
فتلا عليه : (حم ، تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ) [غافر : ١ ، ٢ ، ٣].
فقال حمزة : حسبك يا ابن أخي ، فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنك محمدا عبده ورسوله ، وتم عليهالسلام على إسلامه.
__________________
(١) نهاية الصفحة [٦٦ ـ أ].
(٢) في سيرة ابن هشام : (لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا) ، وإلى هنا أكمل ابن هشام قصة إسلام حمزة (١ / ٣١١ ـ ٣١٢) ، ابن إسحاق (١٥٠ ـ ١٥٣) ، وانظر ذخائر العقبى ص (١٧٣ ـ ١٧٤).
(٣) في (ج) قوسه.
[(٣) أبو طالب]
وأما أبو طالب فإن الحسن بن علي الجوسقي [٦٢] أخبرنا [قال : حدثني أبو محمد الأنصاري ، قال : حدثني عمارة بن زيد ، قال : حدثني إبراهيم بن سعد الزهري عن محمد بن إسحاق ويزيد بن رومان وصالح بن كيسان ويحيى بن عروة وغيرهم] (١) أن أبا طالب حدب (٢) على رسول الله مظهرا لأمره.
قال ابن إسحاق (٣) : وحدثني غير واحد أن رجال قريش مشوا إلى أبي طالب فقالوا : إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا ، وظلل آباءنا فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه.
فقال رسول الله صلّى الله عليه (٤) وآله وسلّم لأبي طالب : «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك فيه» ثم استعبر باكيا وولىّ ، فناداه أبو طالب فأقبل عليه.
فقال : اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت ، فو الله لا أسلمك لشيء أبدا (٥).
وجمع بني هاشم ودعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله فأجابوه ، إلّا ما كان من أبي لهب عدو الله ، وفي ذلك يقول أبو طالب (٦) :
__________________
(١) في أصولي : بإسناده عن غير واحد من مشايخه. والسند كما أثبتناه ؛ إذ أنه روى بإسناده إلى الزهري عن ابن إسحاق وابن رومان وابن كيسان وغيرهم.
(٢) حدب : أي تعطف عليه.
(٣) الخبر المشار إليه أورده في كتابه : المبعث المشهور (بسيرة ابن إسحاق) ص (١٢٨ ـ ١٥٠).
(٤) نهاية الصفحة [٦٧ ـ أ].
(٥) انظر سيرة ابن إسحاق (ص ١٣٥ ـ ١٣٦).
(٦) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص (١٣٠) هكذا :
منعت الرسول رسول المليك |
|
ببيض تلألأ كلمع البريق |
بضرب يزيد دون التهاب |
|
جذار البوادر كالجنفقيق |
أذب وأحمي رسول المليك |
|
حماية يحام عليه شقيق |
وما أن أدب لأعدائه |
|
دبيب البكار حذار الفنيق |
ولكن أزيد لهم ساميا |
|
كما زأر ليث بغيل مضيق |
منعنا الرسول رسول المليك |
|
ببيض تضيء (١) كلمع البروق |
أذب وأحمي رسول المليك |
|
حماية حام عليه شفيق |
وله أيضا :
يا أيها ذا الأعز المرسل «البطل» (٢) |
|
هاج الفصال وهاج الأفحل الطول |
لما رأوك حباك الله نافلة |
|
سيأووا وقالوا ألا بل قائد فشل |
وقال أيضا في قصيدة له في رسول الله :
حليم رشيد عادل غير طائش |
|
يوالي إلها ليس عنه بغافل |
فأيده رب العباد بنصره |
|
وأظهر دينا حقه غير باطل |
[٦٣] وأخبرنا (٣) أحمد بن على بن عافية بإسناده عن أبي اليمان أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج في جنازة أبي طالب معارضا لها وهو يقول : «وصلتك رحم» (٤).
[٦٤] أخبرنا (٥) محمد بن جعفر القرداني بإسناده عن جعفر بن محمد عليهالسلام قال : نزل جبريل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا محمد إن الله عزوجل يقرئك السلام ويقول : «إني حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك».
فقال رسول الله : «يا جبريل بين لي من هم» (٦).
__________________
(١) في (د) : تمني ، وفي (ب ، ج) : تلألأ.
(٢) ساقط في (أ، د).
(٣) في (ب) : عن ابن عباس.
(٤) الخبر هو : أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عارض جنازة أبي طالب فقال : «وصلتك رحم وجزيت خيرا يا عم» أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٢ / ٣٤٩) ، ونقله الحافظ ابن كثير عن البيهقي ، انظر البداية والنهاية (٣ / ١٢٥) ، وقال : وروي عن أبي اليمان الهوزني عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مرسلا وزاد ولم يقم على قبره ، انظر : دلائل النبوة للبيهقي (٢ / ٣٤٠ ـ ٣٥٠) ، سيرة ابن هشام (٢ / ٥٧ ـ ٦٠) ، الروض الأنف (١ / ٢٥٨) ، السيرة الشامية (٢ / ٥٦٣) ، ابن سعد (١ / ١ / ١٤١) ، مسند أحمد (١ / ٩٧ ، ١٠٣ ، ١٣٠ ، ١٣١) ، البداية والنهاية (٣ / ١٢٢ ـ ١٢٦).
(٥) السند هو : أخبرنا محمد بن جعفر القرداني ، قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد.
(٦) نهاية الصفحة [٦٨ ـ أ].
قال : «أما الصلب الذي أنزلك فعبد الله بن عبد المطلب ، وأما البطن الذي حملك فآمنة بنت وهب ، وأما الحجر الذي كفلك فعبد مناف بن عبد المطلب ، وهو أبو طالب» (١).
[٦٥] وأخبرنا القرداني [بإسناده] (٢) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : لما مات أبو طالب أمر رسول الله بغسله وكفنه ثم كشف عن وجهه ثم مسح بيده اليمنى على جبهته اليمنى ثلاث مرات ، ثم مسح بيده اليسرى على جبهته اليسرى ثلاث مرات ، ثم قال : «كفلتني يتيما وربيتني صغيرا ، ونصر تني كبيرا فجزاك الله عني خيرا ، احملوه».
فحمله الملأ من قريش وقومه ودفنوه (٣).
[قصة ذبح والد الرسول] (٤)
وأما أبو رسول الله فإنه [٦٦] [أخبرنا الحسن بن على الجوسقي ، قال : حدثني أبو محمد الأنصاري ، قال : حدثني عمارة بن زيد ، قال : حدثني إبراهيم بن سعد الزهري عن محمد بن
__________________
(١) انظر : التعظيم والمنة للسيوطي (٢٧) ، روضة الواعظين ص (١٣٩) ، شرح النهج (١٤ / ٦٧) ، الغدير للأميني (٧ / ٣٧٨) عنهم ، وعن كتاب الحجة لابن معد ص (٨) ، تفسير أبي الفتوح (٤ / ٢١٠) ، الصحيح من سيرة المصطفى (٣ / ٢٢٧ ـ ٢٥٩) ، البداية والنهاية (٣ / ١٢٢ ـ ١٢٦).
(٢) السند هو نفس سند الخبر السابق.
(٣) ثبت عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه ترحم على عمه أبي طالب ودعا له واستغفر له ، حتى في المدينة ، وذلك عند ما استسقى لأهلها فجاءهم الغيث فذكر أبا طالب ، واستغفر له على المنبر ، ولما توفي تبع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جنازته وأمر عليا بأن يغسله ويكفنه ويواريه ، ولم يأمره بالصلاة عليه لأن صلاة الجنازة لم تكن قد فرضت بعد ، انظر : شرح النهج للمعتزلي (١٤ / ٧١ ، ٨١) ، الغدير (٧ / ٣٦٩) ، البداية والنهاية (٣ / ١٢٣) ، سيرة ابن هشام (٢ / ٨٧) ، الإصابة (٤ / ١١٦) ، عيون الأثر (١ / ١٣١) ، السيرة النبوية لدحلان (١ / ٨٧) ، تاريخ اليعقوبي (٢ / ٣٥) ، طبقات ابن سعد (١ / ٧٨) ، تاريخ بغداد (٣ / ١٢٦) ، المواهب اللدنية (١ / ٧١) ، السيرة الحلبية (١ / ١٤٧) ، (٣٧٢) ، التعظيم والمنة (٧) ، لسان الميزان (١ / ٤١) ، شواهد المغني للسيوطي (١٣٦) ، أعلام النبوة للماوردي (٧٧) ، بدائع الصنائع (١ / ٢٨٣) ، عمدة القارئ (٣ / ٤٣٥) ، أسنى المطالب (١٥ ، ٢١ ، ٣٥) ، طلبة الطالب (٤٣) ، المصنف (٦ / ٣٨) ، الطرائف لابن طاوس (٣٠٥) ، البحار (٣٥ / ١٥١) ، تذكرة الخواص (٨) ، عيون الأنباء (٧٠٥) ، الصحيح من سيرة المصطفى (٣ / ٢٢٧ ـ ٢٥٩).
(٤) انظر : الصحيح من سيرة المصطفى (٢ / ٤٢) وما بعدها ، السيرة الحلبية (١ / ٣٥ ـ ٣٨) ، المواهب اللدنية (١ / ١٧ ، ١٨) ، البحار (١٢ / ١٣٢) ، تأريخ الخميس (١ / ٩٥) ، (١٣٩) ، مفاتيح الغيب (٢٥ / ١٥٣) ، الكافي (٤ / ٢٠٦ ، ٢٠٨ / ٢٠٩ ط الآخندي) ، سيرة ابن هشام (١ / ١٦٠ ـ ١٦٤) ، سيرة ابن إسحاق (١٠ ـ ١٨) ، الرسائل التسع للسيوطي بتحقيق د. محمد عز الدين السعيدى ، تأريخ الطبري (٢ / ٢) وما بعدها ، السيرة النبوية لدحلان (١ / ١٦) ، البداية والنهاية (٢ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩) ، (١ / ١٥٧) ، وما بعدها ، الدر المنثور للعاملي (١ / ١٦١) ، مجمع البيان (٨ / ٤٥٣).
إسحاق ويزيد بن رومان وصالح بن كيسان ويحيى بن عروة وغيرهم] (١) أن عبد المطلب كان قد نذر أنه متى رزق عشرة أولاد ذكورا ورآهم بين يديه رجالا نحر أحدهم للكعبة شكرا لربه إذ أعطاه بئر زمزم ، وخصه بها من بين قومه.
فدعا بنيه وقال لهم : يا بني إني قد كنت نذرت نذرا وقد علمتموه قبل اليوم فما تقولون؟
قال أبو طالب : افعل ما تشاء فها نحن بين يديك.
قال عبد المطلب : لينطلق كل واحد منكم إلى قدحه وليكتب عليه اسمه.
ففعلوا ثم أتوه بالقداح ، فأخذها وجعل يقول (٢) :
عاهدته وأنا موف عهده |
|
أيام حفري وبيتي وحده |
والله لا نحمد شيئا حمده |
|
إذ كان مولاي وكنت عبده |
نذرت نذرا لا أحب رده |
|
ولا أحب أن أعيش بعده (٣) |
ثم دعا بالقداح والأمين الذي يضرب بها فدفع القداح إليه (٤) ، وقال : حرك ولا تعجل.
وكان أحب ولد عبد المطلب إليه عبد الله ، فلم يحب أن يخرج قدحه فيذبحه ، فلما صارت القداح في يد الأمين جعل عبد المطلب يرتجز ويقول :
__________________
(١) في (ب) : حدثنا الرواة بأجمعهم. وفي بقية النسخ : الحسن بن علي الجوسقي ، أخبرنا عن أشياخه بإسناده عنهم. والسند ما أثبتناه.
(٢) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص (١٢) هكذا :
عاهدت ربي وأنا موف عهده |
|
أيام جعفر وبني وحده |
والله لا أحمد سيأ حمده |
|
كيف أعاديه وأنا عبده |
إني أخاف إن أخرت وعده |
|
أن أضل إن تركت عهده |
ما كنت أخشى أن يكون وحده |
|
مثل الذي لا قيت يوما عنده |
أوجع قلبي عند حفري رده |
|
والله ربي لا أعيش بعده |
(٣) نهاية الصفحة [٦٩ ـ أ].
(٤) في (ب ، ج) : الذي يضرب القداح إليه.
يا رب نج ولدي من ذبحي (١) |
|
إني أخاف أن يكون قدحي |
إن كان عبد الله نذر الذبح |
|
أرضيت ربي فيه عند المسح |
لأن ربي غاية للمدح |
ثم ضرب صاحب القدح فخرج القداح على عبد الله ، فأخذ عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة وجعل يرتجز ويقول (٢) :
عاهدته وأنا موف نذره |
|
هو الله لا يقدر شيء قدره |
هذا بني قد أريد نحره |
|
وإن يؤخره فيقبل عذره (٣) |
ويصرف الموت به وحذره (٤) |
ثم أتى به حتى أضجعه بين يساف ونائلة ، الصنمين اللذين كانت قريش تذبح عندهما ذبائحها ، فوثب أبو طالب وهو أخو عبد الله من أبيه وأمه (٥) فأمسك يد (٦) عبد المطلب عن أخيه وأنشأ يقول :
__________________
(١) الأبيات في سيرة ابن إسحاق (ص ١٠ ـ ١٨) هكذا :
اللهم لا يخرج عليه القدح |
|
إني أخاف أن يكون فدح |
إن كان صاحبي للذبح |
|
إني أراه اليوم خير قدح |
حتى يكون صاحبي للمنح |
|
يغني عني اليوم كل سرح |
(٢) في (أ) : قدحي.
(٢) الأبيات في سيرة ابن إسحاق (١٢) هكذا :
عاهدت ربي وأنا موف عهده |
|
أيام أحفر وبني وحده |
... إلخ الأبيات السالفة
انظر : نفس المصدر ص (١٠ ـ ١٨).
(٣) البيت في (أ) أثبت بخط حديث وليس بنفس خط الناسخ الأول.
(٤) قوله : ويصرف الموت به وحذره : جواب الشرط محذوف تقديره فهو جواد كريم أو نحو ذلك ، والله أعلم.
(٥) في (أ، د) : وهو أخو عبد الله لأبيه وأمه.
(٦) في (ج) : فأمسك بيت.
كلا ورب البيت ذي الأنصاب |
|
ورب ما أنصص من ركاب |
كل قريب الدار أو منتاب |
|
يزرن بيت الله ذا الحجاب |
ما ذبح عبد الله بالتلعاب |
|
من بين رهط عصبة شباب |
أغر بين البيض من كلاب |
|
وبين مخزوم ذوي الأحساب (١) |
أهل الجياد القب والقباب |
|
يا شيب إن الذبح ذو عقاب |
إن لنا إن جرت في الخطاب |
|
أخوال صدق (٢) كأسود الغاب |
لا يسلمون الدهر للعذاب |
قال : فلما سمعت بنو مخزوم ذلك القول من أبي طالب قالوا : صدق ابن أختنا ، ووثبوا إلى عبد المطلب وقالوا : يا أبا الحارث ، إنا لا نسلم ابن أختنا للذبح فاذبح من شئت من ولدك غيره.
فقال : إني قد نذرت نذرا وقد خرج القدح عليه ولا بد من ذبحه.
قالوا : كلا لا يكون ذلك أبدا وفينا ذو روح ، إنا لنفديه بجميع أموالنا من طارف وتالد.
وأنشأ المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم (٣) يرتجز ويقول :
يا عجبي من فعل عبد المطلب |
|
وذبحه ابنا كتمثال الذهب |
كلا وبيت الله مستور الحجب |
|
ما ذبح عبد الله فينا باللعب |
__________________
(١) نهاية الصفحة [٧٠ ـ أ].
(٢) في (د) : أخوال أسد.
(٣) هو : المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة ، كان عبد الله بن عبد المطلب ابن أخت القوم ، وهو القائل : (والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه ، فإن كان فداء فديناه بأموالنا). أبو هاشم من سادات قريش في الجاهلية ، قال الزبيري في كلامه على بني مخزوم : والعدد والشرف والبيت في ولد المغيرة ، كان من سكان مكة ، معاصرا لعبد المطلب بن هاشم ، وعارض عبد المطلب في ذبح ابنه عبد الله ، من نسله مشاهير من الصحابة ، وغيرهم توفي نحو (٥٠ قبل الهجرة / ٥٧٥ م) ، انظر : سيرة ابن هشام (١ / ١٦٢) ، سيرة ابن إسحاق (١٢ ، ١٤) ، نسب قريش (٢٩٩) وما بعدها ، الإصابة (٤ / ١٣٩ ت ٨٠١) ، في ترجمة حفيده «أبي عمرو» أنباء نجباء الأنباء (٣١).
يا شيب لا تعجل علينا بالعجب |
|
نفديه بالأموال من بعد الغصب |
ودون ما تبغي حروب تضطرب |
|
ضرب يزيل إلهام من بعد العصب |
بكل مصقول رقيق ذي شطب |
|
كالبرق أو كالنار في الثوب الهدب |
ثم وثب السادات من قبائل قريش إلى عبد المطلب فقالوا : يا أبا الحارث ، إن هذا الذي عزمت عليه عظيم وإنك إن ذبحت ابنك لم تتهن العيش (١) من بعده ، ولكن لا عليك أنت على رأس أمرك تثبت حتى نصير معك إلى كاهنة بني سعد ، فما أمرتك من شيء امتثلته.
قال عبد المطلب : لكم (٢) ذلك ، ثم خرج معهم في جماعة من بني مخزوم نحو الشام إلى الكاهنة وهو يرتجز ويقول :
يا رب إني فاعل لما ترد |
|
إن شئت ألهمت الصواب والرشد |
يا سائق الخير إلى كل بلد |
|
إني مواليك على رغم معد |
قد زدت في المال وأكثرت العدد |
|
فلا تحقق حذري في ذا الولد |
واجعل فداه في الطريف والتلد |
فلما دخل القوم الشام صاروا إلى الكاهنة فأخبرها عبد المطلب بما عزم عليه من ذبح ولده ، فقالت الكاهنة : انصرفوا عني اليوم. فانصرفوا عنها وعبد المطلب يرتجز ويقول (٣) :
يا خالق الأرضين والسماء |
|
وخالق المروة والصفاء (٤) |
نج بني اليوم من بلاء |
|
بلا سوء حل في القضاء |
__________________
(١) في (ج) : لم تهن بالعيش.
(٢) نهاية الصفحة [٧١ ـ أ].
(٣) في سيرة ابن إسحاق : فقالت لهم : ارجعوا عني اليوم حتى يأتيني تابعي ، فأسأله ، فخرجوا من عندها ، وقام عبد المطلب يدعوا الله عزوجل ويقول :
يا رب لا تحقق حذري |
|
واصرف عنه شر هذا القدر |
فإني أرجو لما قد أذر |
|
لأن يكون سيدا للبشر |
انظر السيرة ص (١٤).
(٤) في (ب) : وناصب المرورة والصفا ، وهو خطأ.
إن قريشا كلهم أعدائي |
|
فامنن علي اليوم بالبقاء |
فلما كان من الغد عادوا إلى الكاهنة ، فقالت لهم : كم دية الرجل عندكم؟
قالوا : عشرا من الإبل.
قالت : فارجعوا إلى بلدكم وقدموا هذا الغلام الذي عزمتم على ذبحه وقدموا معه عشرا من الإبل ، ثم اضربوا عليه وعلى الإبل القداح فإن خرج القدح على الإبل فانحروها ، وإن خرج على صاحبكم فزيدوا في الإبل عشرا عشرا حتى يرضى ربكم (١) ، فانصرف القوم إلى مكة فأقبلوا عليه يقولون : يا أبا الحارث إن لك في أبيك إبراهيم أسوة ، وقد علمت ما كان من عزمه على ذبح ابنه إسماعيل وإنك سيد ولد إسماعيل ، فقدم مالك دون ولدك ، فلما (٢) أصبح عبد المطلب غدا بابنه عبد الله إلى المذبح وقرب معه عشرا من الإبل ، ثم دعا بأمين القداح فجعل لابنه قدحا ، ثم قال : اضرب ولا تعجل.
وجعل عبد المطلب يرتجز ويقول :
اللهم رب العشر بعد العشر |
|
ورب من يوفي بكل نذر |
إليك ربي قد جعلت أمري |
|
قربت عبد الله عند النحر |
فنجه بشفعها والوتر |
ثم قال لصاحب القداح : اضرب ، فضرب فخرج القدح على عبد الله ، فزاد عبد المطلب عشرا من الإبل فصارت عشرين ، وأنشأ يقول :
يا رب عشرين ورب الشفع |
|
وجامع الناس ليوم الجمع |
أنت وليي وولي نفعي |
|
نج بني من حذار اللذع |
ثم ضرب صاحب القداح ، فخرج «القدح» (٣) على عبد الله ، فزاد عبد الله المطلب عشرا
__________________
(١) انظر الخبر وما قالته الكاهنة في سيرة ابن إسحاق (ص ١٤).
(٢) نهاية الصفحة [٧٢ ـ أ].
(٣) ساقط في (أ).
أخرى وأنشأ يقول :
رب الثلاثين التي لم تقسم |
|
ورب هذا الحجر المكرم |
في ركن نفس بيتك المحرم |
|
أنت الذي أعطيت بئر زمزم |
برغم قوم من قريش رغّم |
|
قد صرت يا رب كمثل المغرم |
بفقد عبد الله ذي التكرم |
|
فامنن عليّ أن يضرج بالدم |
فأنت ذو المنّ الكريم الأكرم |
ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على عبد الله ، فزاد عبد المطلب عشرا أخرى وأنشأ يقول :
اللهم رب الأربعين المكملة |
|
عديدها إذ قربت معقلة (١) |
ولم تزل من قبل هذا مهملة |
|
في بطن واد بالأراك مرسلة |
طورا بروكا ثم طورا مجفلة |
|
إن بني قد مني بمعضله |
والنفس مني غير شك معولة |
|
فنجه بالكعبة المفضلة |
ثم ضرب صاحب القداح ، فخرج القدح على عبد الله ، فزاد عبد المطلب عشرا أخرى وأنشأ يقول :
يا رب خمسين سمان بدّن |
|
ربا عظيما (٢) يرتجى ليحسن |
أنت إلهي ومليكي فامنن |
|
على بني اليوم يا رب المن |
واجعل فداه إبلا لم ترسن |
|
وسخر الذود الذي لم تشطن |
ثم ضرب صاحب القداح ، فخرج القدح على عبد الله ، فزاد عبد المطلب عشرا أخرى وأنشأ يقول :
__________________
(١) نهاية الصفحة [٧٣ ـ أ].
(٢) في (ب) كريما.
يا رب ستين ورب المشعر |
|
رب الحجيج والمقام الأزهر |
والبيت ذي الركن العتيق الأكبر |
|
نج بنيّ من أليم المنحر |
ونجه من ضربة لم تجبر |
|
واجعل فداه في العديد الأكثر |
ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على عبد الله ، فزاد عبد المطلب عشرا أخرى وأنشأ يقول :
يا رب سبعين التي قد جمعت |
|
لا تعتق الذود التي قد عطبت |
نجّ بنيّ من قداح كتبت |
|
ونحر الذود التي قد قربت |
واخرج القدح لها إذ عقلت |
|
وقربت لنحرها فازدحمت |
حتى تكون فدية (١) قد قبلت |
ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على عبد الله ، فزاد عبد المطلب عشرا أخرى وأنشأ يقول :
رب الثمانين التي من أجلها |
|
قد شحذت شفارنا لقتلها |
نج بنيّ من غليل غلها |
|
واجعل فداه سيدي في كلها |
ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على عبد الله ، فزاد عبد المطلب عشرا أخرى وأنشأ يقول :
يا رب تسعين ورب المجمع |
|
أنت الذي تدفع كل مدفع |
نجّ بنيّ من عذاب مفظع |
|
يبقى جواه في فؤاد موجع |
ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على عبد الله ، فزاد عبد المطلب عشرا أخرى وأنشأ يقول :
اللهم رب المائة الموقوفة |
|
ورب من هجهج في تنوفة (٢) |
__________________
(١) في (ب ، ج) : حتى تكون قربة.
(٢) قوله : ورب من هجهج ، الهجهج : نوع من زجر الإبل والتنوفة : المفازة.
يريد هدي الكعبة المعروفة |
|
بالبر والفضائل الموصوفة |
نج بني اليوم من مخوفة |
ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على الإبل ، فكبر عبد المطلب وكبرت قريش ، ثم قالوا : يا أبا الحارث ، إنه قد انتهى رضاء ربك وقد نجا ابنك من الذبح.
فقال : لا والله أو أضرب عليها ثلاثا ، ثم أنشأ يقول :
اللهم رب الكعبة المبنية |
|
ورب من حج من البرية |
إليك يهوى صادقا ذا نية |
|
نجّ بنيّ وارفع البلية |
ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على الإبل ، فأنشأ عبد المطلب يقول :
يا رب لا تشمت بي الأعادي |
|
ولا تسيل دمه في الوادي |
إن بني ثمرة فؤادي |
|
فاجعل فداه اليوم من تلادي |
كيما أراه سيد الأولاد |
ثم ضرب صاحب القداح فخرج (١) القدح على الإبل فأنشأ عبد المطلب يقول :
يا رب قد أعطيتني سؤالي |
|
أكثرت بعد قلة عيالي |
هذا بني فاسمعن مقالي |
|
واجعل فداه اليوم جل مالي |
ولا ترينيه بشر حال |
ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على الإبل ، فعلم عبد المطلب أنه قد انتهى رضاء ربه في فداء ابنه فأنشأ يقول :
دعوت ربي مخفيا وجهرا |
|
والحزن قد كاد يبلي الصبر |
يا رب لا تنحر بني نحرا |
|
وفاد بالمال تجد لي وفرا |
أعطيك من كل سوام عشرا |
|
أو مائة أدما وأخرى حمرا |
__________________
(١) نهاية الصفحة [٧٥ ـ أ].
والله من مالي يوفي النذر |
|
عفوا ولم يشمت عيونا خزرا |
بالواضح الوجه المغشي بدرا |
|
فالحمد لله الأجل شكرا |
أعطاني البيض بني زهرا |
|
ثم كفاني في الأمور أمرا |
قد كان أشجاني وهدّ الظهرا |
|
فلست والبيت المغطى سترا |
ما دمت حيا أو أزور القبرا |
ثم قربت الإبل ، وهي مائة بعير من خيار إبل عبد المطلب ، فنحرت كلها فداء لعبد الله ثم تركت مواضعها لا يصد عنها أحد ، ينتابها من دب ودرج ، فجرت السنة في الدية مائة من الإبل إلى يومنا هذا (١) ، وانصرف عبد المطلب بابنه عبد الله فرحا مسرورا ، وقد فرج الله عنه كل هم ، وفي ذلك يقول (٢) :
الحمد للخالق للعباد |
|
لما رأى جدي واجتهادي |
وأنني موفيه للميعاد |
|
فرج عني كربة الفؤاد |
ونال مني فدية المفادي |
|
فاديت عبد الله من تلادي |
بمائة كهضب الأوتاد |
|
وراج عبد الله في الإبراد |
يغيظ أعدائي من الحساد |
|
«نجيته من كرب شداد» (٣) |
إن البنين فلذ الأكباد |
وكان (٤) عبد الله يعرف بالذبيح فهو حيث قال رسول الله : «أنا ابن الذبيحين» يعني إسماعيل بن إبراهيم وأباه عبد الله (٥).
__________________
(١) قال السيوطي في خصائصه نقلا عن ابن سعد عن ابن عباس : «وكان عبد المطلب ، أول من سن دية النفس ، مائة من الإبل فجرت في قريش ، والعرب وأقرها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، الخصائص (١ / ٤٥) والأشعار التي قيلت في قصة نذر عبد المطلب قال فيها ابن هشام : وبين أضعاف هذا الحديث رجز لم يصح عندنا عن أحد من أهل العلم بالشعر ، سيرة ابن هشام (١ / ١٦٤) ، ولم نقف على هذا القول في الموجود لدينا من سيرة ابن إسحاق.
(٢) نهاية الصفحة [٧٦ ـ أ].
(٣) ساقط في (أ).
(٤) في (أ) : فكان.
(٥) انظر السيرة الحلبية (١ / ٣٥ ـ ٣٨) ، المواهب اللدنية (١ / ١٧ ، ١٨) ، السيرة النبوية لدحلان ط دار المعرفة (١ / ١٦) ، البداية والنهاية (٢ / ٢٤٤) وما بعدها ، تاريخ الخميس (١ / ٥٩ ، ١٣٩) ، مفاتيح الغيب (٢٥ / ١٥٣) ، صحيح السيرة النبوية (٢ / ٤٢ ـ ٤٧) ، دلائل النبوة (١ / ٩٣ ـ ١٠١) ، البدء والتاريخ (٤ / ١١٣) وما بعدها.
وازداد عبد الله حسنا وجمالا وضياء وكمالا ، وكان كلما ذهب ليدخل على الصنم الأكبر صاح الصنم صياح الهر ، ويقول : ما لنا ولك أيها المستودع ظهره نور محمد المصطفى ، فلما أتت على عبد الله من مولده ثلاثون سنة ، خرج ذات يوم إلى قنصه وقدم سبعون رجلا من أحبار يهود يهود الشام مودعة (١) ، معهم السيوف المسمومة يريدون اغتياله وقتله ، فصرف الله شرهم عنه (٢) ، فرجعوا إلى بلادهم ، فلم يكن يقدم عليهم قادم الا سألوه عنه فيداخلهم من أمره غيظ شديد ، ولا يقدرون له على حيلة (٣).
[أولاد أبي طالب] (٤)
طالب (٥) ، وهو أكبر بنيه ، ثم عقيل ، ثم جعفر ، ثم علي عليهالسلام وأم هانئ ، وجمانة.
__________________
(١) في (ب) : موضعة.
(٢) في (أ، ب ، ج) : فصرف الله عنه.
(٣) انظر : البيهقي في دلائله والسيوطي في الخصائص ، والقاضي عياض في الشفاء ، والدلائل لأبي نعيم.
(٤) أبو طالب (٨٥ ق ه / ٣ ق ه / ٥٤٠ ـ ٦٢٠ م) : هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ، والد الإمام علي عليهالسلام وعم الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكافله ومربيه ومناصره ، كان من أبطال بني هاشم ورؤسائهم ، ومن الخطباء العقلاء الأباة ، قال : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب» له ديوان شعر يسمى «ديوان شيخ الأباطح أبي طالب» (ط) ، وللشيخ المفيد (محمد بن محمد بن النعمان) رسالة سماها (إيمان أبي طالب (ط) ، انظر : الأعلام (٤ / ١٦٦) ، طبقات ابن سعد (١ / ٥٧) ، ابن الأثير (٢ / ٣٤) راجع الفهرس ص (٢٩٦) ، شرح الشواهد (١٣٥) ، تاريخ الخميس (١ / ٢٩٩) ، خزانة البغدادي (١ / ٢٦١).
(٥) هو : طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب. أحد بني أبي طالب وأكبر بنيه ، وقد توفي ولم يعقب ، له مواقف ، وقد عاش كما تقول بعض الروايات إلى ما بعد وقعة بدر ، خرج مع المشركين في غزوة بدر مكرها ، ويدل على ذلك ما قاله في الأبيات المشار إليها وفي قوله الدال على أنه خرج مكرها :
يا رب إما يغزون طالب |
|
في مقنب من هذه المقانب |
فليكن المسلوب غير السالب |
|
وليكن المغلوب غير الغالب |
ونتيجة لمقولته جرت بينه وبين القرشيين ملاحاة وقالوا : والله لقد عرفنا أن هواكم مع محمد ، فرجع طالب فيمن رجع إلى مكة ، وقال البعض : ولم يوجد في القتلى ولا في الأسرى ، ولا فيمن رجع إلى مكة ، وقال البعض : إنه مات كافرا في غزوة بدر حين وجهه المشركون إلى حرب المسلمين ، والمسألة فيها خلاف ، فالرواية في أن وجوده فيمن رجع إلى مكة ، وابن هشام يذكر له قصيدة يمدح فيها رسول الله ، ويبكي أهل القليب ـ حسب زعمه ، وورد في رواية مرسلة عن أبي عبد الله عليهالسلام أن طالبا قد أسلم ، وروي أنه هو القائل :
وخير بني هاشم أحمد |
|
رسول الإله على فترة |
وكل ذلك يساند صحة مقولة إسلامه والله أعلم ، انظر : شرح نهج البلاغة (١٤ / ٧٨) ، تاريخ الطبري (٢ / ١٤٤) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ٨٤) ، (٥ / ٧) ، البحار (١٩ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥) ، روض الكافي (٣٧٥) ، سيرة ابن هشام (٢ / ٢٧١) ، تاريخ الخميس (١ / ٣٧٥) ، البداية والنهاية (٣ / ٢٦٦) ، أنساب الأشراف (٢ / ٤٢) ، صحيح السيرة (٥ / ١٧ ـ ١٩).
[(١) طالب بن أبي طالب]
فأما طالب فدرج ولا عقب له ، وله في النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قصائد منها حيث يقول :
وقد حل مجد بني هاشم |
|
مكان (١) النعائم والزهرة |
ومحض بني هاشم أحمد |
|
رسول المليك على فترة |
وهو الذي يقول حين استكرهه مشركو قريش على الخروج إلى بدر :
يا رب أما خرجوا بطالب |
|
في مقنب من تلكم المقانب |
فاجعلهم المغلوب غير الغالب |
|
والرجل المسلوب غير السالب |
وذاك أولى بالرشاد الواجب (٢) |
|
عاقبة عند إياب الآئب |
فإنما الأمور بالعواقب |
[(٢) عقيل بن أبي طالب]
وأما عقيل (٣) فكان كريما على أبي طالب ، وكان شديد الحب له.
ولذلك قال رسول الله فيما [٦٧] أخبرنا به علي بن عافية بإسناده عن (٤) عبد الرحمن بن
__________________
(١) في (ب) محل.
(٢) في (أ، د) : بالرشا اللاحب.
(٣) هو : عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي المحدث أبو زيد ، وقيل : أبو عيسى. أسلم قبل الحديبية ، وشهد غزوة مؤتة وكان أسن من جعفر بعشر سنين ، وكان جعفر أسن من علي بعشر سنين ، وكان عقيل من أنسب قريش وأعلمهم بأيامها ، روى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعنه ابنه محمد ، وحفيده عبد الله بن محمد ، وعطاء ، وأبو صالح السمان ، وموسى بن طلحة ، والحسن البصري ، ومالك بن أبي عامر الأصبحي وتوفي في زمن معاوية بعد ما عمي ، انظر : طبقات الزيدية (٢ / خ) ، تهذيب التهذيب (٧ / ٢١٩ ، ت ٤٨٢٦) ، طبقات ابن سعد (٤ / ١ / ٢٨) ، التاريخ الصغير (١ / ١٤٥) ، الجرح والتعديل (٦ / ٢١٨) ، مشاهير علماء الأمصار (ت ١٤) ، الاستيعاب (٨ / ١٠٨) ، أسد الغابة (٤ / ٦٣) ، تهذيب الأسماء واللغات (١ / ٣٣٧) ، الإصابة (٧ / ٣١).
(٤) في (ب) : عن العباس.
سابط قال : كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لعقيل : «إني أحبك حبين ، حبا لك وحبا لحب أبي طالب لك» (١).
[(٣) جعفر بن أبي طالب]
وأما جعفر عليهالسلام فهاجر الهجرتين : هجرته إلى الحبشة وهجرته إلى المدينة ، وكان يشبه رسول الله (٢).
[٦٨] أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي بإسناده (٣) عن هانئ بن هانئ عن علي عليهالسلام قال : لما خرجنا من مكة اتبعتنا ابنة حمزة فنادت : «يا عم ، ويا عم» (٤) ، فأخذت بيدها فناولتها فاطمة عليهاالسلام وقلت : دونك ابنة عمك ، فلما قدمنا إلى المدينة اختصمنا فيها أنا وجعفر وزيد (٥) ، فقلت : أنا أخذتها ، وهي ابنة عمي.
وقال زيد : ابنة أخي ، وقال جعفر : ابنة عمي وخالتها (٦) تحتي.
فقال رسول الله لجعفر : «أشبهت خلقي وخلقي» ، وقال لزيد : «أنت أخونا ومولانا» ، وقال لي : «أنت مني وأنا منك ، ادفعوها إلى خالتها فإن الخالة أم».
قلت : ألا تتزوجها يا رسول الله.
__________________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ٥٧٦) ، في المستدرك ، ابن سعد في الطبقات (٤ / ١ / ٣٠) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ٣٧٣) ، الاستيعاب (٣ / ١٨٧) في ترجمته (ت ١٨٥٣) ، أسد الغابة (٤ / ٦٤) ، وعزاه صاحب كنز العمال (٣٣٦١٧) ، إلى ابن سعد والبغوي والطبراني ، وابن عساكر عن ابن إسحاق مرسلا ، ولفظ الحديث : «يا أبا زيد إني أحبك حبين : حبّا لقرابتك مني وحبا لما كنت أعلم من حب عمي إياك» ، وفي لفظ آخر : «... بقرابتك ولحب عمي لك».
(٢) بدليل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لجعفر «أشبه خلقك خلقي وأشبه خلقك خلقي ، فأنت مني ومن شجرتي» ، وفي رواية أخرى «أشبهت خلقي وخلقي» ، أخرجه أحمد في المسند (٥ / ٢٠٤) ، والبخاري (٢٦٩٨) في الصلح (٤٢٥١) في المغازي ، والترمذي (٣٧٦٩) في المناقب ، وأبو داود (٢٢٨٠) في الطلاق وابن سعد (٤ / ١ / ٢٤).
(٣) السند هو : أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي ، ومحمد بن علي الصواف قالا : حدثنا عمار بن رجاء ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن هبيرة بن بريم ، وهاني بن هاني عن علي عليهالسلام قال : لما خرجنا ... إلخ.
(٤) في أمالي أبي طالب «يا بن عم يا ابن عم».
(٥) أي زيد بن حارثة.
(٦) نهاية الصفحة [٧٨ ـ أ].
قال : «إنها ابنة أخي من الرضاعة» (١).
[٦٩] أخبرنا (٢) محمد بن الفضل بن أبي منصور بإسناده عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله : «نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة ، أنا وعلي وجعفر وحمزة والحسن والحسين «والمهدي» (٣).
[الهجرة إلى الحبشة ودور جعفر بن أبي طالب] (٤)
[٧٠] أخبرنا (٥) أبو أحمد الأنماطي بإسناده عن محمد بن إسحاق ، عن رجاله ، أنه لما أسلم حمزة وعرفت قريش أن رسول الله قد عزّ به وامتنع ، وجعل الإسلام يفشو بمكة غدوا على من
__________________
(١) أخرجه أحمد في مسنده قال : حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هاني بن هاني ، وهبيرة بن يريم عن علي عليهالسلام ، وساق الحديث ، مسند أحمد بن حنبل (١ / ٩٨) ، حديث رقم (٧٧٢) ، (١١٥ / حديث ٩٣٣) ، كما أخرجه البخاري (٢٦٩٨) ، في الصلح باب كيف يكون ... ، و (٤٢٥١) في المغازي ، باب عمرة القضاء ، والترمذي (٣٧٦٩) في المناقب ، وأبو داود (٢٢٨٠) ، في الطلاق ، ومنتخب كنز العمال (٢ / ٥٢٦) ، وقال : أخرجه العدني ، والبزار ، وابن جرير ، والحاكم ، ومسلم ، كما أخرج شطرا منه الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة جعفر (١ / ٢١٤).
(٢) في (ب) : أخبرنا الرواة عن علي عليهالسلام.
(٣) مهدي : ساقط في (ب) ، والحديث أخرجه ابن ماجة في سننه (٢ / ١٣٦٨) ، والرواية فيه : «نحن ولد عبد المطلب : سادة أهل الجنة ، أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي» ، والحافظ أبو نعيم الاصبهاني ، والحاكم في المستدرك (٤ / ٥٥٨) ، وقال : (وتعقّب) في جمع الجوامع (١ / ٨٥١) ، والمقدسي الشافعي السلمي في عقد الدرر في أخبار المنتظر (ص ١٤٤) ، وأخرج الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في كتابه المناقب ، عن ابن عباس قال : قال : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أول سبعة يدخلون الجنة أنا وعلي والحسن والحسين وحمزة وجعفر والمهدي محمد بن عبد الله» المناقب (١ / ٢٣٧) ، حديث رقم (١٥١) ، كما رواه محمد بن أحمد بن الحسين الحراعي ، عم المفسر الشهير الشيخ أبي الفتوح الرازي في الحديث الثالث من كتاب الأربعين ، وللحديث إشارة أخرى ، ترجمة الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية ، كما أخرجه ابن المغازلي في المناقب حديث رقم (٧١) ، والخطيب في تاريخه (٩ / ٤٣٤) ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى (١٥ ، ٨٩) ، والرياض النضرة (٢ / ٢٠٩) ، وابن أبي الحديد في شرح النهج (٢ / ١٨١) ، السيوطي في كتابه الحاوي للفتاوي (٢ / ٥٧) ، القندوزي في ينابيع المودة عن سنن ابن ماجة عن أنس بن مالك (١ / ١٧٤) ، (٢ / ٩٤) ، عن أنس أيضا ، وقال : أخرجه ابن السري ، والديلمي في الفردوس (٤ / ٢٨٤ ح ٦٨٤٠) ، والحاكم في المستدرك (٣ / ٢٣٣ ح ٤٩٤٠) ، وابن ماجة في سننه (٢ / ١٣٦٨ ح ٤٠٨٧) ، وابن حجر في صواعقه ص (٩٦) ، (١٤٠) ، أو ص (١٨٧) في طبعة أخرى.
(٤) انظر : السيرة الحلبية (١ / ٣٢٣ ـ ٢٤٥) ، سيرة ابن هشام (١ / ٣٤٤ ـ ٣٦٥) ، دلائل النبوة للبيهقي (٢ / ٢٨٥) وما بعدها ، سيرة ابن إسحاق (١٤٩ ـ ٢٠٤) (١٥٤ ـ ١٥٩) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ٥١ ـ ٥٦) ، ابن سعد (٤ / ١ / ٢٤) وصحيح البخاري (٣٧٠٩) ، في فضائل الصحابة باب مناقب جعفر (٤٢٦٤) ، في المغازي ، سير أعلام النبلاء (١ / ٢١٥ ـ ٢١٦) (٢ / ٤٢٨) وما بعدها في ترجمة النجاشي.
(٥) السند هو : حدثنا أبو أحمد الأنماطي ، قال : أخبرنا هارون بن المبارك ، قال : حدثنا علي بن مهران ، عن سلمة ، عن محمد بن إسحاق.
أسلم منهم فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش والرمضاء إذا اشتد الحر ، وكانت بنو مخزوم تخرج بعمار بن ياسر وأبيه وأمه إذا حميت الظهيرة ، فيعذبونهم برمضاء مكة ، فيمرّ بهم رسول الله فيقول : «صبرا آل ياسر موعدكم الجنة» (١).
فأمّا أمه فكانت تأبى إلّا الإسلام فقتلوها ، فلما رأى رسول الله ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية لمكانه من الله ـ عزوجل ـ ومن عمه أبي طالب ، قال لهم : «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم أحد عنده حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه» (٢) ، فخرج المسلمون ، وكانت أول هجرة ، فكان عشرة أول من خرج (٣) ، ثم خرج جعفر بن أبي طالب عليهالسلام ، ومعه امرأته أسماء بنت عميس الخثعمية (٤) ، وولدت له عبد الله بن جعفر (٥) بأرض الحبشة ، فأحسن النجاشي (٦) جوارهم.
__________________
(١) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ٢٩٣) ، وقال : رواه الطبراني ورجاله ثقات ، كما أخرجه الذهبي في سير أعلام النبلاء (١ / ٤٠٩ ـ ٤١٠) في ترجمة عمار ، وابن حجر في الإصابة في ترجمة عمار أيضا ، والحاكم في المستدرك (٣ / ٣٨٨) وصححه ووافقه الذهبي ، وصاحب منتخب كنز العمال (٥ / ٢٢٩).
(٢) نهاية الصفحة [٧٩ ـ أ].
(٣) كانت الهجرة الأولى إلى الحبشة في رجب سنة خمس من النبوة ، وكانت تتكون من (١٢) رجلا و (٤) نسوة.
(٤) هي أسماء بنت عميس بن معبد بن الحارث الخثعمية أم عبد الله من المهاجرات الأول. قيل : أسلمت قبل دخوله صلىاللهعليهوآلهوسلم دار الأرقم ، هاجر بها زوجها جعفر الطيار إلى الحبشة ، فولدت له هناك : عبد الله ، ومحمدا ، وعونا ، فلما هاجرت معه إلى المدينة سنة سبع واستشهد يوم مؤتة ، تزوج بها أبو بكر فولدت له محمدا ثم تزوج بها الإمام علي عليهالسلام فولدت له يحيى وعونا ، لها حديث في السنن الأربعة ، عاشت بعد الإمام علي. انظر : سير أعلام النبلاء (٢ / ٢٨٢ ـ ٢٨٧) ، ابن سعد (٨ / ٢٨٠ ، ٢٨٥) ، الاستيعاب (٤ / ١٧٨٤) ، أسد الغابة (٧ / ١٤) ، تهذيب التهذيب (١٢ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩) ، الإصابة (١٢ / ١١٦) ، شذرات الذهب (١ / ١٥ ، ٤٨).
(٥) هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم السيد العالم ، أبو جعفر القرشي الهاشمي الحبشي المولد ، المدني الدار ، الجواد بن الجواد ، ذو الجناحين ، له صحبة ورواية ، روى عن عمه الإمام علي وعن أمه أسماء بنت عميس ، حدث عنه أولاده : إسماعيل ، وإسحاق ، ومعاوية ، وأبو جعفر الباقر ، وغيرهم ، وهو آخر من رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحبه من بني هاشم ، توفي سنة (٨٠ ه) ، وقيل : (٤ أو ٨٥ ه) وقيل : سنة (٩٠ ه). انظر : سير أعلام النبلاء (٣ / ٤٥٦ ـ ٤٦٢) ، نسب قريش (٨١ ، ٨٢) ، الاستيعاب (٨٨٠) ، أسد الغابة (٣ / ١٩٨) ، تهذيب الأسماء واللغات (١ / ٢٦٣) ، البداية والنهاية (٩ / ٣٣) ، الإصابة (٢ / ٢٨٩) ، تهذيب التهذيب (٥ / ١٧٠) ، شذرات الذهب (١ / ٨٧).
(٦) هو : أصحمة ملك الحبشة معدود في الصحابة ، وكان ممن حسن إسلامه ، ولم يهاجر ، توفي في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلى عليه بالناس صلاة الغائب ، انظر : سير أعلام النبلاء (١ / ٤٢٨ ـ ٤٤٣) ، نسب قريش (٨١ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ٢٥١ ، ٣٢٢) ، تاريخ خليفة (٩٣) ، التاريخ الصغير (١ / ٣) ، أسد الغابة (١ / ١١٩) ، تهذيب الأسماء واللغات (٢ / ٢٨٧) العبر (١ / ١٠) ، مجمع الزوائد (٩ / ٤١٩ ـ ٤٢٠) ، الإصابة (١ / ١٧٧) ، كنز العمال (١٤ / ٣٣) ، وصحيح البخاري (المناقب) والنسائي (الجنائز) وبقية كتب الحديث ، سيرة ابن إسحاق (٢٠٠) وما بعدها.
فلما رأت قريش ذلك ائتمروا بينهم فبعثوا عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة (١) ، وعمرو بن العاص بهدايا للنجاشى وبطارقته (٢).
وقال أبو طالب أبياتا للنجاشي يحضه للدفع عنهم ، فقال :
ألا ليت شعري كيف في النأي جعفر |
|
وعمرو وأعداء العدو الأقارب |
وهل نال أبواب النجاشي جعفر |
|
وأصحابه أم عاق ذلك شاغب |
تعلم أبيت اللعن إنك ماجد |
|
كريم فلا يشقى لديك المجانب |
في أبيات ، وقال (٣) :
تعلم أبيت اللعن أن محمدا |
|
رسول (٤) كموسى والمسيح بن مريم |
أتى بالهدى مثل الذي أتيا به |
|
فكل بأمر الله يهدي ويعصم |
وأنكم تتلونه في كتابكم |
|
بصدق حديث لا حديث الترجم |
وأنك ما تأتيك منا عصابة |
|
لفضلك إلّا أرجعوا بالتكرم (٥) |
فلا تجعلوا لله ندا وأسلموا |
|
فإن طريق الحق ليس بمظلم |
[بين يدي النجاشي : مناظرة ومكايدة]
قال : فاستأذن عمرو بن العاص وابن أبي ربيعة على النجاشي ودخلا ، فأجلسهما.
فقال عمرو : أيها الملك إن قومنا وعشائرنا أرسلونا يحبون صلاحك وصلاح أمرك ، وإنه
__________________
(١) هو عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي ، أخو عياش يكنى أبا عبد الرحمن وكان أسمه في الجاهلية بجيرا فسماه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عبد الله ، أسلم يوم الفتح ، وهو أحد الذين بعثتهم قريش إلى النجاشي في مطالبة أصحاب رسول الله الذين كانوا عنده بأرض الحبشة ، انظر : الاستيعاب (٣ / ٣١ ـ ٣٣) ت (١٥٤٦) ، التاريخ الكبير (٣ / ٩) ، طبقات ابن سعد (٢ / ٣٦ ، ٤٠) ، طبقات فقهاء اليمن (٣١ ، ٤٠) الكاشف (٢ / ٨٥) تقريب التقريب (١ / ٤١٤) ، خلاصة التهذيب (٢ / ٥٤) ، الوافي بالوفيات (١٧ / ١٦٤) ، الإصابة (ت ٤٦٨٩) ، أسد الغابة (ت ٢٩٣٩).
(٢) البطارقة : جمع بطريق ، وهو القائد أو الحاذق بالحرب.
(٣) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص (٢٠٤) مع بعض الاختلاف عما هنا.
(٤) في (أ، ب ، ج) : رسول الله.
(٥) في (أ) : بالمكارم.