السلام يا رسول الله ، قال : أدخل؟ قالت : نعم يا رسول الله ، قال : ومَن معي؟ قالت : ومَن معك ؛ قال جابر : فدخل رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، ودخلت ... فقال رسول الله : ما لي أرى وجهك أصفر قالت : يا رسول الله الجوع ، فقال صلىاللهعليهوآله : اللهم مشبع الجوعة ودافع الضيعة (١) أشبع فاطمة ... فما جاعت بعد ذلك اليوم (٢).
أقـول :
نقلنا الحديث السادس لأجل كلمة « السلام أصوب وأحسن » المفسرة بالاستئذان الأصوب والأحسن ، وكذا الحديث السابع لاشتماله على سلام الإذن والإعلام معاً ، وإليك حديثاً ثامناً في هذا الصدد دالاًّ على سلام الإعلام :
٨ ـ قال علي بن إبراهيم القمي عند قوله تعالى : ( وامر أهلك بالصلوة واصطبر عليها ) (٣) : فإن الله أمر أن يخص أهله دون الناس ، ليعلم الناس أن لأهل محمد صلىاللهعليهوآله ، عند الله منزلة خاصة ليست للناس ، إذ أمرهم مع الناس عامة ، ثم أمرهم خاصة ، فلما أنزل الله هذه الآية كان رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، يجيء كل يوم عند صلاة الفجر حتى يأتي باب علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهمالسلام ، فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فيقول علي وفاطمة والحسن والحسين : وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، ثم يأخذ بعضادتي الباب ويقول : الصلاة الصلاة يرحمكم الله ، ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) (٤). فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا. قال أبو الحمراء خادم النبي ، صلىاللهعليهوآله : أنا أشهد به يفعل ذلك (٥).
__________________
١ ـ قوله صلىاللهعليهوآله : « ودافع الضيعة » الظاهر أن المضاف محذوف أي : سبب الضيعة. مرآة العقول ٢٠ | ٣٦١.
٢ ـ الكافي ٥ | ٥٢٨ ـ ٥٢٩.
٣ ـ طه : ١٣٢.
٤ ـ الأحزاب : ٣٣.
٥ ـ تفسير القمي ٢ | ٦٧ ، الوسائل ٨ | ٤٤٨ ، تفسير البرهان ٣ | ٥٠.
٩ ـ عن شيخ الطائفة بإسناده إلى أبي الحمراء (١) قال شهدت النبي ، صلىاللهعليهوآله ، أربعين صباحاً يجيء إلى باب علي وفاطمة ، فيأخذ بعضادتي الباب ، ثم يقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة يرحمكم الله ، ( أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) (٢).
أقول : قوله ، صلىاللهعليهوآله : السلام عليكم أهل البيت ... ثم يعقبه بآية التطهير مباشرة. لأجل الدلالة على أنهم هم المعني بها لا سواهم.
١٠ ـ الحديث الرضوي المروي في بيان الفرق بين العترة والأمة ، وبيان فضل العترة على الأمة في اثنتي عشرة آية من كتاب الله تعالى ، قال الإمام الرضا عليهالسلام :
« وأما الثانية عشرة فقوله عز وجل : ( وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها ) (٣) فخصّصنا الله تبارك وتعالى بها بهذه الخصوصيّة ؛ إذ أمرنا مع الأمة بإقامة الصلاة ، ثم خصّصنا من دون الأمّة ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يجيء إلى باب علي وفاطمة عليهماالسلام بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر ، كل يوم عند حضور كل صلاةٍ خمس مرات ، فيقول : الصلاة رحمكم الله » (٤).
أقول : لا بأس ببيان ترجمة أبي الحمراء بن الحارث الذي جاء ذكره في الحديث المتقدم :
قال السيد الأستاذ الخوئي : أبو الحمراء خادم رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، من أصحاب علي عليهالسلام ، رجال الشيخ. وعده البرقي من أصحاب رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، قائلاً : أبو الحمراء فارسي خادم
__________________
١ ـ في الأصل « أبي الحميرا » والصحيح « الحمراء » كما في المتن وهو هلال بن الحارث.
٢ ـ الأحزاب : ٣٣. تفسير نور الثقلين ٣ | ٤١٠ ، عن أمالي الشيخ الطوسي ١ | ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
٣ ـ طه : ١٣٢.
٤ ـ عيون أخبار الرضا ١ | ١٨٨ ، الباب ٢٣.
رسول الله ، صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
وقال السيد التفريشي : أبو الحمراء خادم رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، ي ، خج (٢).
روى الدولابي بإسناده إلى أبي داود عن أبي الحمراء قال : « رأيت رسول الله ، صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم ، مر بجنبات (٣) رجل عنده طعام في وعاء ، فنظر إليه النبي ، صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم ، فقال لصاحبه : لعلك غششته ، من غشنا فليس منا »
وحديث آخر مثله ثم قال الدولابي : قال أبو إسحاق : بلغني أن اسمه ـ أي اسم أبي الحمراء ـ هلال بن الحارث ، وكان يكون بحمص ، وقد رأيت بها غلاماً من ولده (٤).
التوفيق بين الأحاديث بماذا؟
التوفيق بين ما روي أنه ، صلىاللهعليهوآله ، كان يفعل ذلك ، أي مجيئه إلى دار علي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، بعد نزول آية ( وامر أهلك بالصلوة واصطبر عليها ) (٥) ويقول بعد السلام عليكم : الصلاة يرحمكم إلى آخر حياته ، وبين ما روي أنه كان ذلك منه ، صلىاللهعليهوآله ، أربعين صباحاً ، وبين ما روي تسعة أشهر ، وبين ما روي سبعة عشر شهراً ، أو ستة عشر شهراً ، أو أقل من ذلك ، أو أكثر ، بأن يقال : إن بعض الناس رأى الرسول ، صلىاللهعليهوآله ، يفعل ذلك أربعين صباحاً ، وبعضهم الآخر ستة أشهر ، والآخر سبعة عشر شهراً ، والآخر تسعة أشهر وهكذا ، والكل صادق في رؤيته ، فحكى ما رآه ، وإنما يصنع ذلك
__________________
١ ـ معجم رجال الحديث ٢١ | ١٣٢.
٢ ـ نقد الرجال ٣٨٧.
يريد من ( ي ) : أصحاب علي عليه السلام. ومن ( خج ) : رجال الشيخ الطوسي.
٣ ـ جمع جَنَبَة : الناحية. النهاية ـ جنب ـ.
٤ ـ الكنى والأسماء تأليف الدولابي ٢٢٤ ـ ٣١٠ ج ١ | ٢٥. الطبعة الثانية بيروت ـ دار الكتب العلمية ١٤٠٢ ـ ١٩٨٢ م.
٥ ـ طه : ١٣٢.
ليعلم كل من دخل المدينة أن لأهل بيته منزلةً وفضلاً على الأمة ، خصهم الله عز وجل بذلك ، وأمر رسوله بأن يأتي ويسلم عليهم ويناديهم بذلك النداء.
١١ ـ روي أن أمير المؤمنين قال لرجل من بني سعد : « ألا أحدثك عني وعن فاطمة ( إلى أن قال ) : فغدا علينا رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، ونحن في لحافنا ، فقال : السلام عليك ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثم قال : السلام عليكم ، فسكتنا ثم قال : السلام عليكم ، فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف ، وقد كان يفعل ذلك ، فيسلم ثلاثاً ، فإن أذن له وإلاِّ انصرف ، فقلنا : وعليك السلام يا رسول الله ادخل فدخل ، ثم ذكر حديث تسبيح فاطمة عند النوم » (١).
١٢ ـ في الصحيح عن الصادق عليهالسلام قال : « جاء رجل إلى رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، وقد بلي ثوبه (٢) فحمل إليه اثني عشر درهماً فقال : يا علي خذ هذه الدراهم فاشترِ لي ثوباً ألبسه. قال علي عليهالسلام : فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصاً باثني عشر درهماً ، وجئت به إلى رسول الله ، فنظر إليه فقال : يا علي غير هذا أحب إلي ، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقلت : لا أدري ، فقال : أنظر. فجئت إلى صاحبه فقلت : إن رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، قد كره هذا يريد ثوباً دونه ، فأقلنا فيه ، فرد عليّ الدراهم وجئت به (٣) إلى رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، فمشى معه إلى السوق ليبتاع قميصاً ، فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي ، فقال لها رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، ما شأنك؟ قالت : يا رسول الله إن أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لأشتري لهم بها حاجة فضاعت ، فلا أجسر أن أرجع إليهم ، فأعطاها رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، أربعة دراهم وقال : ارجعي إلى أهلك ، ومضى رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، إلى السوق فاشترى قميصاً بأربعة دراهم ولبسه ، وحمد الله وخرج ، فرأى رجلاً عرياناً
__________________
١ ـ الوسائل ٨ | ٤٤٥ ، جامع الأحاديث ١٥ | ٥٩٨.
٢ ـ أي رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٣ ـ كذا والظاهر [ بها ].
يقول من كساني كساه الله من ثياب الجنة ، فخلع رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، قميصه الذي اشتراه وكساه السائل ، ثم رجع إلى السوق فاشترى بالأربعة التي بقيت قميصاً آخر فلبسه وحمد الله ورجع إلى منزله ، وإذا الجارية قاعدة على الطريق ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما لك لا تأتين أهلك؟ قالت : يا رسول الله إني قد أبطأت عليهم وأخاف أن يضربوني ، فقال لها رسول الله ، صلىاللهعليهوآله : مرّي بين يدي ودليني على أهلك ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حتى وقف على باب دارهم ، ثم قال : السلام عليكم يا أهل الدار، فلم يجيبوه ، فأعاد السلام فلم يجيبوه ، فأعاد السلام فقالوا : عليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فقال لهم : ما لكم تركتم إجابتي في أول السلام والثاني؟! قالوا : يا رسول الله سمعنا سلامك فاحببنا أن نستكثر منه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها ، فقالوا : يا رسول الله هي حرة للممشاك ، فقال رسول الله : الحمد لله ، ما رأيت اثني عشر درهماً أعظم بركة من هذه ، كسا الله بها عريانين وأعتق بها نسمة » (١).
والسلام في حديث الدراهم سلام الإعلام ؛ إذ لم يدل على أزيد من مجيء الرسول ، صلىاللهعليهوآله ، إلى دار الجارية وشفاعتها الحاصلة عند الوصول إلى باب الدار ، ولم يذكر في الحديث دخوله ، صلىاللهعليهوآله ، الدار ، فلعل السلام فيه سلام الإعلام فحسب.
ثم المفهوم من هذه الأحاديث محبوبية تكرار سلام الإذن إلى ثلاث مرات ، فإن أجيب وإلا رجع المسلم ، كما إذا أمر بالرجوع لقوله تعالى : ( ... وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى والله بما تعملون عليم ) (٢). إذ لعل صاحب البيت قائم بأمر لا ينبغي لأحد التطلع عليه ، والله عز وجل عليم بما للعباد فيه من شؤون حياتهم المعاشية وما يعقبها من أمور ، ويعلم المطيع لأوامره تعالى ، والمتمرد عنها. وإنما ذكرنا قصة
__________________
١ ـ أمالي الشيخ الصدوق ٢١١ ـ ٢١٢ ، المجلس ٤٢ ، الوسائل ٨ | ٤٤٥ ، الباب ٤٠ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث ٢.
٢ ـ النور : ٢٧ ـ ٢٨.
الدراهم بأسرها لبيان وجه الربط لسلام الإعلام.
بقي سؤال :
وهو : هل يسوغ تأخير إجابة السلام عن المرة الأولى ، والثانية ، إلى الثالثة أم لا؟ والظاهر أن تكرار السلام إلى ثلاث مرات عند عدم سماع الجواب مندوب.
الجواب : التوبيخ الوارد في نفس الحديث يمنع الجواز إلا لأجل المحبة ، فيدل التقرير عليه. وأما محبوبية التكرار فقد ثبتت في الأخبار الأخر ، ولعمري أنه اشتمل الحديث على أكرم خُلُق إنساني وأرفعه ، لمن أراد التأسي بنبيه صلىاللهعليهوآله كما قال تعالى : ( لقد كان لكم قي رسول الله أسوة حسنة ) (١).
تتـميم :
بقي من بحث سلام الاستئذان والإعلام السلام على أرواح المعصومين والدخول في بقاعهم ومشاهدهم المشرفة عليهمالسلام ، وأن الداخل في تلك البقاع يجب عليه الاستئذان ، لأنها من بيوتهم ، وبيوت النبي ، التي قال الله تعالى فيها : ( يأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ) (٢).
فبيوت المعصومين عليهمالسلام تشترك مع البيوت كلها في وجوب الاستئذان في الدخول إليها عامة ، وفيها خاصة لمكان أفضليتهم على الأمة وأولويتهم بالتبجيل والتكريم ، وقد مر أن الرسول الأعظم ، صلىاللهعليهوآله ، كان يسلم على أهل بيته ، عند وصوله إلى باب دارهم ، سلام الاستئذان والإعلام ، وحتى على غيرهم كما سبق حديث الدراهم والشفاعة للجارية (٣). ولئن أمر الله عز وجل الناس بالاستئناس في دورهم عند دخولها في آي من الكتاب العزيز المتقدمة الذكر ، فبالأولى أن يأمرهم به عند الدخول لبيوت أنبيائه وأوصيائه عليهم سلام الله ، وقد صرحت الآية
__________________
١ ـ الأحزاب : ٢١.
٢ ـ الأحزاب : ٥٣.
٣ ـ أمالي الصدوق ٢١١ ـ ٢١٢ ، المجلس ٤٢ ، وقد مر قريباً.
السابقة مخصصة لها ، وجاء في تفسيرها في وصية الحسن إلى الحسين عليهماالسلام :
« ... وأن تدفّني مع رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، فإني أحق به وببيته ممن دخل بيته بغير إذنه ، ولا كتاب جاءهم من بعده ، قال الله فيما أنزله على نبيه ، صلىاللهعليهوآله ، في كتابه : ( يأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ) فوالله ما أذن لهم في الدخول في حياته بغير إذنه ، ولا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته ، ونحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده ... » (١).
وقد جاء الأمر بالاستئذان عند الدخول إلى أي بقعة من بقاع النبي والأئمة عليهمالسلام ما أوله : « اللهم إني وقفت على باب بيت من بيوت نبيك وآل نبيك عليه وعليهم السلام ، وقد منعت الناس الدخول إلى بيوته إلا بإذن نبيك : فقلت : ( يأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ) ـ إلى قوله : (٢) ـ فإني أستأذنك يا ربّ أوّلاً ، وأستأذن رسولك صلواتك عليه وآله ثانياً ، وأستأذن خليفتك المفروض علي طاعته. في الدخول في ساعتي هذه إلى بيته ، وأستأذن ملائكتك الموكلين بهذه المشاهد المباركة ورحمة الله وبركاته ، بإذن الله ، وإذن رسوله ، وإذن خلفائه ، وإذنكم صلوات الله عليكم أجمعين أدخل هذا البيت ... » (٣).
الاستئذان من صاحب المشهد ، والملائكة الموكلة به ، بعد طلب الإذن من الله والرسول ، والأعلى فلأعلى من الأئمة المعصومين عليهمالسلام هو من آداب التشرف بذلك المشهد ، ثم الزيارة بعد الدخول إلى الحرم بالمأثور أو غير المأثور ، وليست الزيارة إلا أن يجدد الزائر عهده بالمزور ، ويتعاهده معه على العهود والمواثيق فيما بينهما من القيام والالتزام بها ، على أن الكلمات المتبادلة التي تجري على لسان الزائر تزيده شوقاً
__________________
١ ـ تفسير البرهان ٣ | ٣٣٢. تفسير نور الثقلين ٤ | ٢٩٦ ، نقلاً من شيخ الطائفة.
٢ ـ الاستئذان للشيخ المفيد البحار ١٠٠ | ١٦٠.
٣ ـ البحار ١٠٠ | ١٦٠ ـ ١٦١.
إلى لقياه ورؤيته ، وإيماناً بما له منه كرائم الخصال ، والفضائل والمعجزات ، مما يدعو الزائر التحلي بها والاختصال بما يسعده ، وألف فائدة أخرى يمنحه الله عز وجل في مشهد المزور ؛ لأنه حرم الله الذي شاء أن يدعى فيه ، وهو من بيوته التي قال تعالى : ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيه اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال ) (١).
وللزيارة آداب ذكرها الشهيد في الدروس ، وإليك موجزها :
١ ـ الغسل قبل دخول المشهد.
٢ ـ الوقوف على بابه والدعاء والاستئذان بالمأثور ، فإن وجد خشوعاً ورقة دخل ، وإلا فالأفضل له تحري زمان الرقة ؛ لأن الغرض الأهم حضور القلب ، ليلقى الرحمة النازلة من الرب ، فإذا دخل قدم رجله اليمنى وإذا خرج فباليسرى.
٣ ـ الوقوف على الضريح ملاصقاً له أو غير ملاصق ...
٤ ـ استقبال وجه المزور حال الزيارة ...
٥ ـ الزيارة بالمأثور ، ويكفي السلام والحضور.
٦ ـ صلاة ركعتين للزيارة ...
٧ ـ الدعاء بعد الركعتين بما نقل ، وإلا فبما سنح ...
٨ ـ تلاوة شيءٍ من القرآن ، وإهداؤه إلى المزور ...
٩ ـ إحضار القلب .. والتوبة من الذنب والاستغفار والإقلاع.
١٠ ـ التصدق على السدنة والحفظة للمشهد ...
١١ ـ إذا انصرف إلى منزله استحب له العود ...
١٢ ـ أن يكون الزائر بعد الزيارة خيراً منه قبلها ، فإنها تحط الأوزار.
١٣ ـ تعجيل الخروج عند قضاء الوطر ...
١٤ ـ الصدقة على المحاويج بتلك البقعة (٢) ...
__________________
١ ـ النور : ٣٦.
في نبوي : « أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال : بيوت الأنبياء ، فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها ، وأشار إلى بيت علي وفاطمة عليهما السلام؟ قال : نعم من أفضلها ». تفسير البرهان ٣ | ١٢٨ ، تفسير مجمع البيان ٧ | ١٤٤.
٢ ـ البحار ١٠٠ | ١٣٤ ـ ١٣٦.
تبصـرة :
قال ابن قولويه : حدثني محمدبن يعقوب ، عن عدة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن زياد بن الجلال (١) ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ما من نبي ولا وصي نبي يبقى في الأرض بأكثر من ثلاثة أيام ، ثم ترفع روحه وعظمه ولحمه إلى السماء ، وإنما يؤتى مواضع آثارهم ويبلغونهم من بعيد السلام ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب » (٢).
فيه سؤال وهو : كيف يكون ذلك؟ وهل هذا صحيح أن لا تبقى روح المعصوم في قبره؟!.
أجاب عنه أبو الفتح الكراجكي بما لفظه : إنا لا نشك في موت الأنبياء عليهمالسلام ، غير أن الخبر قد ورد بأن الله تعالى يرفعهم بعد مماتهم إلى سماءه ، وأنهم يكونون فيها أحياء متنعمين إلى يوم القيامة ، ليس ذلك بمستحيل في قدرة الله تعالى ، وقد ورد عن النبي ، صلىاللهعليهوآله ، أنه قال : « أنا أكرم عند الله من أن يدعني في الأرض أكثر من ثلاث » (٣). وهكذا عندنا حكم الأئمة عليهمالسلام ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : « لو مات نبي بالمشرق ومات وصيه بالمغرب لجمع الله بينهما » (٤) وليس زيارتنا لمشاهدهم ، على أنهم بها ، ولكن لشرف المواضع ، فكانت غيبة الأجسام فيها ، ولعبادة أيضاً ندبنا إليها ... ، وبعد فقد قال الله تعالى : ( ولا تَحْسَبَنَّ الّذين قُتِلُوا في سَبيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِندَ رَبّهم يُرزَقُونَ ) (٥). فإذا كان المؤمنون الذين قتلوا في سبيل الله لهذا الوصف ، فكيف ينكر أن الأنبياء [ وأوصياءهم ] عليهمالسلام أحياء منعمين في
__________________
١ ـ قال الأميني ره : كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها أبي الجلال ، والصحيح أبي الحلال ، بالحاء المهملة المفتوحة ، هامش كامل الزيارات ٣٢٩.
٢ ـ كامل الزيارات ٣٢٩ ـ ٣٣٠.
٣ ـ البحار ٢٢ | ٥٥٠.
٤ ـ البحار : ٤٢ | ٢١٤.
٥ ـ آل عمران : ١٦٩.
السماء (١). وللبحث عن الجواب تتمة مرهونة بمحلها.
وبقي سؤال آخر : لماذا نسلم على الأنبياء والأوصياء في حياتهم وبعد مماتهم ، ونؤثرهم على سائر الناس حياً وميتاً ، وهم من الناس ، وهل لهم فضل يمتازون به عليهم؟.
أرى أن هذا السؤال لم يصدر إلا من جهل منزلة النبوة ، والوصاية ، ومقام أهل البيت عليهمالسلام ، أليس الله سلم على الأنبياء عامة وعلى آل محمد خاصة (٢)؟.
__________________
١ ـ كنز الفوائد ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، البحار ١٠٠ | ١٣١.
٢ ـ انظر ( ٢ ـ السلام تحية الله التي اختارها للمسلمين ) ، و ( سَلاَمٌ عَلَى ءالِ ياسين ) الصافات : ١٣٠ ، و ( وَسَلامٌ عَلى المُرسَلينَ ) الصافات : ١٨١.
الفصـل السـابع
أدب السـلام
أداب السـلام
« إن الله أدب نبيه فأحسن تأديبه » (١) فقال عزّ وجلّ : ( وإذا جاءك الذين يؤمنون بآيتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة ) (٢).
فقد فرض عليه ان يسلم على التوابين ويبشرهم برحمته ، وعلى المؤمن أن يأخذ بأدب الرسول ، صلىاللهعليهوآله ، فإذا فعل فقد أخذ بآداب الله كما في الصادقي : « إن المؤمن ياخذ بآداب الله إذا وسع الله عليه اتسع ، واذا امسك عليه امسك » (٣). والعلوي : « أفضل الأدب ما بدأت به بنفسك » (٤). ومن الأدب الالتزام بالسلام ، وفي الباب أحاديث نذكر عدداً منها :
١ـ روى الشيخ الكليني ، طاب ثراه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام
__________________
١ ـ الوسائل ١٠ | ٢٨٦.
٢ ـ الأنعام : ٥٤.
٣ ـ الوسائل ١٥ | ٢٤٩.
٤ ـ غرر الحكم ٩١. فصاحب الدار وكبيرها إذا سلم عند دخولها فقد حاز على الأفضل حيث ابتدأ بالأدب بنفسه ، فيتبعه أهله وأولاده وكل من فيها ، فمن شاء فليجرب.
قال : « يسلم الصغير على الكبير ، والمار على القاعد ، والقليل على الكثير » (١).
٢ ـ علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن عنبسة بن مصعب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « القليل يبدأون الكثير بالسلام ، والراكب يبدأ الماشي ، وأصحاب البغال يبدأون أصحاب الحمير ، وأصحاب الخيل يبدأون أصحاب البغال » (٢).
٣ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سمعته يقول : يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، وإذا لقيت جماعةٌ جماعةً سلم الأقل على الأكثر ، وإذا لقي واحد جماعةً سلم الواحد على الجماعة ».
٤ ـ سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « يسلم الراكب على الماشي ، والقائم على القاعد ».
٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل ، عن أبي عبد الله قال : « إذا كان قوم في مجلس ثم سبق قوم فدخلوا ، فعلى الداخل أخيراً إذا دخل أن يسلم عليهم » (٣).
ومن الأدب الإسلامي الإنساني (٤) أن يسلم الغني على الفقير ، وفق السلام على غيره بدون فرق ، وإلا فيشمله الرضوي التالي :
٦ ـ قال الشيخ الصدوق رحمهالله : حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس ( رض ) قال : حدثنا أبي ، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي قال :
__________________
١ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٦ ، باب من يجب أن يبدأ بالسلام ، الحديث ١.
٢ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٦ ، ( باب من يجب أن يبدأ بالسلام ) الحديث ١ ـ ٢.
٣ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٧ ، الحديث ٣ ـ ٥.
٤ ـ أي : الإنسان السالم الذي لم تتغير فطرته التي خلقه الله عليها ، فلا يرى تفاوتاً بين إنسان وإنسان.
حدثني محمد بن أحمد المدائني ، عن فضل بن كثير ، عن علي بن موسى الرضا عليهالسلام قال : « من لقي فقيراً مسلماً فسلم عليه خلاف سلامه على الغني لقي الله عزّ وجلّ يوم القيامة وهو عليه غضبان » (١).
ولا ينافي ذلك الأمر بإكرام شريف قوم ذلّ ، أو لم يذلّ. وقد جاء من الأول النبوي : « ارحموا ثلاثة : عزيز قوم ذُلّ ، وغني قوم افتقر ، وعالماً بين جهال » (٢).
ومن الثاني النبوي الآخر : ما رواه الكليني عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال قال : قلت لجميل بن دراج : قال رسول الله ، صلىاللهعليهوآله : « إذا أتاكم شريف قوم فأكرموه »؟ قال : نعم ، قلت : ما الشريف؟ قال : قد سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن ذلك ، فقال : « الشريف من كان له مال » الحديث (٣).
وأوله الشيخ الحر بما لفظه : أقول : هذا إما مخصوص بغير السلام ، أو بالإكرام الذي لا يزيد على إكرام الفقير (٤).
و « إنما الأعمال بالنيات » (٥) فإن سلم على الغني لغناه فهو المغضوب عليه (٦) ، وإن كانت الأخرى فالسلام منه طاعة لله عزّ وجلّ ، وإن الإنسان
__________________
١ ـ أمالي الصدوق ٣٩٦ ، المجلس ٦٨ ، الوسائل ٨ | ٤٤٢ ، الباب ٣٦ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث ١.
٢ ـ كنز العمال ١٥ | ٨٣٠ ، الرقم ٤٣٢٩٩.
٣ ـ روضة الكافي ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، الوسائل ٨ | ٤٤٢.
٤ ـ الوسائل ٨ | ٤٤٢.
٥ ـ أمالي الطوسي ٢ | ٢٣١ ، الأمثال النبوية ١ | ٢٣٧ ، الرقم ١٥٦ ، حرف « إنما » ، التمثيل والمحاضرة ٥٠٠. ترك الإطناب ٣.
٦ ـ وكان هذا الإمر مبغوضاً حتى في العصر الجاهلي ، وقد أنشد أبو العباس ثعلب لهانئ بن توبة الشيباني الشويعر الحنفي :
يحيي الناس كل غني
قوم |
|
ويبخل بالسلام على
الفقير |
ويوسع للغني إذا
روأه |
|
ويحيى بالتحية
كالأمير |
سُـمِّي الشويعر شويعراً لقوله هذا البيت الآتي :
وإن الذي يمسي
ودنياه همه |
|
لمستمسك منها بحبل
غرور |
وليس هو أحد السبعة المسمين في الجاهلية باسم محمد والمحمدون السبعة أولهم :
يعلم ما يصنع وما يقصد ، والله من وراء القصد. وبصفة أن المسلّم المسلم إذا سلّم على الغنيّ المسلم لا يضمر بسلامه إلا الخير لصاحبه ، وربما كان سبباً لهداية الضال ، ورب مقام آخر قد زاد في ضلالته.
٧ ـ قال الشيخ المجلسي : قيل : إذا سلم الرجل على المطيع المتقي كان معناه : الله يكرمك ، ويثبتك على طاعتك (١) ، وإذا سلم على أهل المعصية كان معناه السلام ـ أي الله تعالى ـ مطلع عليك (٢).
٨ ـ الصادقي : « إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام » (٣).
٩ ـ العلوي : « إذا دخل أحدكم منزله فليسلم على أهله يقول : السلام عليكم ، فإن لم يكن له أهل فليقل : السلام علينا من ربنا ، وقال عليهالسلام : إذا قال لك أخوك : حياك الله بالسلام ، فقل أنت : فحياك الله بالسلام ، وأحلك دار المقام » (٤).
ولعمري هذا من أطيب الكلام. قال ابن الأثير : وفيه ـ أي : في الحديث النبوي ـ « إن الملائكة قالت لآدم عليهالسلام : حياك الله وبياك » ،
__________________
محمد بن سفيان بن مجاشع التميمي الجد الأعلى للفرزدق. والثاني. محمد بن عتوارة الليثي الكناني. والثالث : محمد بن أُحَيحة بن الحُلاج الأوسي. والرابع : محمد بن حُمران بن مالك الجعفي المعروف بالشويعر وهو غير الشويعر الحنفي ، فإن اسمه هانئ. والخامس : محمد بن مسلمة الأنصاري أخو بني حارثة. والسادس : محمد بن خزاعي بن علقمة. والسابع : محمد بن حرماز بن مالك التميمي العمري. لسان العرب ٣ | ١٥٧ ـ ١٥٨ ـ حمد ـ.
أقول : وإنما ذكرنا المسمين بمحمد لأدنى علاقة بين محمد الشويعر ، والشويعر المنشود له أبيات السلام في الغني والفقير ، فتدبر.
١ ـ أي : لله عزّ وجلّ.
٢ ـ البحار : ٧٦ | ١٠.
أقول : قد سبق أن السلام من أسماء الله تعالى انظر ( ١ ـ السلام اسم من أسماء الله تعالى الحسنى ). ويأتي في ( ١٠ ـ السلام المنهي ) ما يرد على صاحب القول ، ومنه « السلام على اللاهي بالشطرنج كفر » البحار ٧٦ | ١٠.
٣ ـ البحار : ٧٦ | ١١.
٤ ـ البحار : ٧٦ | ٤.
معنى حيَّاك : أبقاك ، من الحياة. وقيل : هو من استقبال المحيَّا وهو الوجه وقيل : مَلَّكَكَ وفَرَّجَكَ. وقيل : سلَّم عليك ، وهو من التحيَّة : السلام (١).
قال المفضل في كتاب الفاخر : ( حيَّاك الله وبيَّاك ) ، فأمَّا حيَّاك الله فإنه مشتق من التحية ، والتحية تنصرف على ثلاثة معانٍ :
١ ـ فالتحية : السلام ، ومنه قول الكميت :
ألا حيّيتِ عنَّا يا مدينا |
|
وهل بأسٌ بقول مسلّمينا |
فيكون معنى حيَّاك الله : سلّم الله عليك.
٢ ـ والتحيَّة أيضاً : الملك ، ومنه قول عمرو بن معدي كرب :
أسير به إلى النعمان حتى |
|
أنيخ على تحيته بجندي |
فيكون المعنى : ملَّكك الله.
٣ ـ والتحيَّة : البقاء ومنه قول زهير بن جناب الكلبي :
ولكل ما نال الفتى |
|
قد نلتـُهُ إلاَّ التحيـَّهْ |
أي إلا البقاء ، فيكون المعنى : أبقاك الله.
وقولهم في التشهد : « التحيَّات لله » يشتمل على الثلاثة معانٍ.
وأما « بياك » فإنه فيما زعم الأصمعي : أضحكك ، ويروى أن آدم عليهالسلام لم قتل أحد ابنيه أخاه مكث سنة لا يضحك ، ثم قيل له : « حياك الله وبياك » أي أضحكك. وقال الأحمر : أراد بوّأك منزلاً ، فقال : بيَّاك لإزواج الكلام ليكون تابعاً لحيَّاك ، كما قالوا : جاء بالعشايا والغدايا ، يريدون
__________________
١ ـ النهاية ١ | ٤٧١ ـ حيا. والفاخر ٢ ـ ٣. رقم المثل ١.
وفي الصادقي : « لما طاف آدم بالبيت مائة عام ما ينظر إلى حواء ... ولقد بكى على الجنة ، حتى صار على خديه مثل النهرين .. ثم أتاه جبرائيل فقال : حياك الله وبياك ، فلما قال له : حياك الله ، تبلج وجهه فرحاً وعلم أن الله قد رضي عنه ... » معاني الأخبار ٢٦٩. وهو من الأمثال ومن اللفظة : ( حياك من خلافوه ) المستقصى ٢ | ٧٠.
الغدوات ، وقالوا : الغدايا للإزواج. وقال ابن الأعرابي : « بيَّاك » قصدك بالتحيَّة وأنشد :
لمـَّا تـَبـَيـَّينا أخا تميم |
|
أعطى عطاء اللـَّحز اللئيم |
وأنشد أيضاً :
باتت تبـَيـَّا حوضها عكوفا |
|
مثل الصفوف لا قت الصفوفا |
وقال أبو مالك : « بيَّاك » قرَّبك ، وأنشد :
بيا لهم إذ نزلوا الطعاما |
|
الكبد والملحاء ، والسناما |
أي قرَّب لهم.
١٠ ـ روى الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « يكره الرجل أن يقول : حيَّاك الله ثم يسكت ، حتى يتبعها بالسلام » (١).
أقول : قد عرفت من الحديث المتقِّدم إتباعها بالسلام مع زيادة : « وأحلَّك دار المقام » في الإجابة.
١١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إنَّ من تمام التحيَّة للمقيم المصافحة ، وتمام التسليم على المسافر المعانقة » (٢).
١٢ ـ الحسن بن محمد الطوسي في ( المجالس ) عن أبيه ، عن الحفَّار هلال بن محمد ، عن عثمان بن أحمد ، عن ابن قلابة ، عن بشير (٣) بن عمر ، عن مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، أن رسول الله ، صلى الله
__________________
١ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٦ ، الوسائل ٨ | ٤٤٤.
٢ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٦ ، الوسائل ٨ | ٤٤٩.
٣ ـ ( بشر ).
عليه وآله وسلم ، قال : « ليسلم الراكب على الماشي ، فإذا سلَّم من القوم واحد أجزأ عنهم » (١).
١٣ ـ قال الحر : محمد بن علي بن الحسين في كتاب ( إكمال الدين ) عن المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ، عن جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن جعفر بن أحمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، قال سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام يقول : « إن الخضر شرب من ماء الحياة ، فهو حيّ لا يموت حتى ينفخ في الصور ، وإنه ليأتينا فيسلم علينا فنسمع صوته ولا نرى شخصه ، وإنه ليحضر حيث ذكر ، ومن ذكره منكم فليسلم عليه » الحديث (٢).
وإنما أدرجناه في أدب السلام ليسلم على الخضر عليهالسلام عند ذكره. وقال الصدوق : معنى الخضر أنه كان لا يجلس على خشبة يابسة ولا أرض بيضاء إلا اهتزت خضراء ، وكان اسمه تاليا بن ملكان بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح (٣). وهل هو نبي من الأنبياء ، أو رجل من الصلحاء؟ دل على الأول ما رواه الصدوق عن القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد عليهالسلام أنه قال : « إن الخضر كان نبياً مرسلاً ، بعثه الله تبارك وتعالى إلى قومه فدعاهم إلى توحيده ، والإقرار بأنبيائه ، ورسله ، وكتبه » الحديث (٤).
وعلى الثاني : ما عن العياشي عن بريد ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : قلت له : « ما منزلتكم في الماضين ، أو بمن تشبهون منهم؟ قال : الخضر وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين » (٥). وفي صحيح الكليني : « صاحب موسى وذو القرنين » (٦).
__________________
١ ـ الوسائل ٨ | ٤٥١.
٢ ـ الوسائل ٨ | ٤٥٨ ، البحار ١٣ | ٢٩٩. وتمامه : « وإنه ليحضر الموسم فيقضي جميع المناسك ، ويقف بعرفة ، فيؤمن على دعاء المؤمنين ، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ، ويصل به وحدته ».
٣ ـ البحار ١٣ | ٢٩٨.
٤ ـ البحار ١٣ | ٢٨٦.
٥ ـ البحار ١٣ | ٣٠٤.
٦ ـ المصدر نفسه.
وفي حديث اختلف يونس وهشام بن إبراهيم في العالم الذي أتاه موسى عليهالسلام أيهما كان أعلم ، وهل يجوز أن يكون على موسى حجة في وقته وهو حجة الله على خلقه؟ فقال قاسم الصيقل : فكتبوا ذلك إلى أبي الحسن الرضا عليهالسلام يسألونه عن ذلك. فكتب الجواب : « أتى موسى العالم فأصابه وهو في جزيرة من جزائر البحر ، إما جالساً ، وإما متكئاً ، فسلم عليه موسى ، فأنكر السلام ، إذ كان بأرض ليس فيها سلام ... » (١).
فلنعد إلى بقية الإحاديث :
١٤ ـ النبوي : « الراكب أحق بالسلام » (٢).
١٥ ـ الآخر : « السلام للراكب على الراجل » (٣).
١٦ ـ الآخر : « إذا سلم المؤمن على أخيه المؤمن فيبكي إبليس ( لعنه الله ) ويقول : يا ويلتاه لم يفترقا حتى غفر الله لهما » (٤).
١٧ ـ الحسيني : « ابن الكوا سأل علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين ، تسلم على مذنب هذه الأمة؟ فقال عليهالسلام : يراه الله عزّ وجلّ للتوحيد أهلاً ، ولا تراه للسلام عليه أهلاً! » (٥).
أقول : يأتي الكلام حول السلام المنهي (٦) والوجه في جواز السلام على المذنب أن لا يكون السلام عليه إلا لأجل إسلامه ، لا لأنه يركب الذنب ، فإنه كفر بالله ، وقد أسلفنا بياناً يمس الموضوع فراجع (٧).
١٨ ـ النبوي في الإنجيل : إذا قل الدعاء نزل البلاء ـ إلى أن قال ـ :
__________________
١ ـ تفسير القمي ٢ | ٣٨.
٢ ـ مستدرك الوسائل ٨ | ٣٧٢.
٣ ـ المصدر نفسه.
٤ ـ جامع الأحاديث ١٥ | ٥٨٣ ، مستدرك الوسائل ٨ | ٣٦٠ ، الباب ٣٢ من أحكام العشرة ، الحديث ٩.
٥ ـ مستدرك الوسائل ٨ | ٣٥٩ من الجعفريات ٢٣٤.
٦ ـ راجع الفصل التاسع من هذا الكتاب.
٧ ـ انظر الحديث ، الرقم ٦ ، وما يليه من أبحاث.