علم البيان

الدكتور عبدالعزيز عتيق

علم البيان

المؤلف:

الدكتور عبدالعزيز عتيق


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٣٠

والتشبيه المؤكد أبلغ من التشبيه المرسل وأوجز ، أما كونه أبلغ فلجعل المشبه مشبها به من غير واسطة أداة فيكون هو إياه ، فإنك إن قلت : زيد أسد كنت قد جعلته أسدا من غير إظهار أداة التشبيه ، وأما كونه أوجز فلحذف أداة التشبيه منه.

ومن التشبيه المؤكد ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه ، نحو قول الشاعر :

والريح تعبث بالغصون وقد جرى

ذهب الأصيل على لجين الماء

فالصورة هنا أن الريح تعبث بغصون الأشجار المخضرة فتميلها يمينا وشمالا وأعلى وأسفل ، والحال أنه قد جرى «ذهب الأصيل» أي الأصيل الذي كالذهب في الصفرة على «لجين الماء» ، أي على ماء كاللجين أي كالفضة في الصفاء والبياض.

وقول الشريف الرضي :

أرسى النسيم بواديكم ولا برحت

حوامل المزن في أجداثكم تضع

ولا يزال جنين النبت ترضعه

على قبوركم العرّاصة الهمع (١)

فهو يريد «بحوامل المزن» المزن أو السحب التي هي كالحوامل من الحيوان ، بجامع ما في كل من المنفعة ، كما يريد «بجنين النبت» النبت الذي كالجنين. فالمشبه به في هذين التشبيهين قد أضيف إلى المشبه. وهذا تشبيه مؤكد.

وقد يسمى التشبيه المرسل «مظهرا» كما يسمى التشبيه المؤكد

__________________

(١) الأجداث : القبور ، والعراصة : السحابة التي صارت كالسقف ذات رعد وبرق ، والهمع : اسم لما يهمع أي يسيل ، والماطر.

٨١

«مضمرا». وهذا التشبيه المؤكد أو المضمر ينقسم أقساما ، منها :

ـ ما يقع فيه المشبه والمشبه به موقع المبتدأ وخبره المفرد ، نحو : أنت أسد ، وكرمك بحر ، وقولك شعر ، وحديثك شهد. ففي هذه الأمثلة وأشباهها لا يصعب تقدير الأداة.

٢ ـ وما يقع فيه المشبه موقع المبتدأ والمشبه به موقع الخبر المفرد المكون من مضاف ومضاف إليه ، نحو : أنت حصن الضعفاء. وهذا القسم بدوره يأتي على نوعين :

أ ـ إذا كان المضاف إليه معرفة ، كما في المثال السابق ، جاز لنا عند تقدير أداة التشبيه الإبقاء على المضاف إليه كما هو أو تقديمه على المضاف ، فنقول مثلا : أنت كحصن الضعفاء ، أو أنت للضعفاء كحصن.

ب ـ وإذا كان المضاف إليه نكرة تعين تقديمه عند تقدير الأداة ، فنقول في مثل : فلان بحر بلاغة ، «فلان في البلاغة كبحر».

ومن ذلك قول البحتري مادحا :

غمام سحاب ما يغبّ له حيا

ومسعر حرب ما يضيع له وتر

فإذا شئنا تقدير الأداة هنا قلنا : «سماح كالغمام» ، ولا يقدر إلا هكذا والمبتدأ هنا محذوف وهو الإشارة إلى الممدوح ، وكأن التقدير : هو غمام سماح. وعند تقدير الأداة يقدم المضاف إليه فيقال : هو سماح كالغمام ، أو هو في السماح كالغمام (١).

ومه قول أبي تمام :

أيّ مرعى عين ووادي نسيب

لحبته الأيام في ملحوب

__________________

(١) المثل السائر لابن الأثير ص ١٥٣.

٨٢

ومراد أبي تمام أن يصف هذا المكان بأنه كان حسنا ثم زال عنه حسنه فقال بأن العين كانت تلتذ بالنظر إليه كالتذاذ السائمة بالمرعى ، فإنه كان يشبب به في الأشعار لحسنه وطيبه. وإذا قدرنا الأداة هنا قلنا : كأنه كان للعين مرعى وللنسيب منزلا ومألفا.

وجه الشبه

وجه الشبه هو المعنى الذي يشترك فيه طرفا التشبيه تحقيقا أو تخييلا. والمراد بالتحقيق هنا أن يتقرر المعنى المشترك في كل من الطرفين على وجه التحقيق. وذلك نحو تشبيه الرجل بالأسد. فالشجاعة هي المعنى المشترك أو الصفة الجامعة بينهما ، وهي على حقيقتها موجودة في الإنسان. وإنما يقع الفرق بينه وبين الأسد الذي شبّه به من جهة قوة الشجاعة وضعفها. وزيادتها ونقصانها.

ومثل ذلك تشبيه الشعر بالليل ووجه الشبه هنا هو السواد وهو مأخوذ من صفة موجودة في كل واحد من الطرفين وجودا حقيقيا ، وإن كان من فرق في الصفة فهو في درجة قوتها وضعفها.

والمراد بالتخييل أن لا يمكن وجوده في المشبه به إلا على سبيل التأويل والتخييل كقول القاضي التنوخي :

وكأن النجوم بين دجاها

سنن لاح بينهنّ ابتداع (١)

__________________

(١) البدعة والابتداع : غلب استعمالهما فيما هو نقص في الدين أو زيادة ، لكن قد يكون بعض البدعة غير مكروه ، فيسمى بدعة مباحة ، وهو ما شهد لجنسه أصل الشرع ، أو اقتضته مصلحة يندفع بها مفسدة.

٨٣

فإن وجه الشبه في هذا التشبيه أو الجامع بين الطرفين هو الهيئة الحاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض في جوانب شيء مظلم أسود.

فهذه الهيئة غير موجودة في المشبه به إلا على طريق التخييل ، وذلك أنه لما كانت البدعة والضلالة وكل ما هو جهل يجعل صاحبها في حكم من يمشي في الظلمة فلا يهتدي إلى الطريق ولا يفصل الشيء من غيره ـ شبهت بالظلمة ، ولزم على عكس ذلك أن تشبّه السنة والهدى وكلّ ما هو علم بالنور.

وأصل ذلك قوله تعالى : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ،) وشاع ذلك حتى وصف الصنف الأول بالسواد ، كما في قول القائل : «شاهدت سواد الكفر من جبين فلان» ، وحتى وصف الصنف الثاني بالبياض ، كما في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أتيتكم بالحنيفية البيضاء» ؛ وذلك لتخيل أن السنن ونحوها من الجنس الذي هو إشراق أو ابيضاض في العين ، وأن البدعة ونحوها على خلاف ذلك.

ولهذا صار تشبيه النجوم بين الدجى بالسنن بين البدع ، كتشبيه النجوم في الظلام ببياض الشيب في سواد الشباب ، أو بالأزهار مؤتلقة بين النبات الشديد الخضرة. فالتأويل فيه أنه تخيّل ما لا لون له ذا لون.

ومن التشبيه التخييلي قول ابن بابك :

وأرض كأخلاق الكرام قطعتها

وقد كحل الليل السماك فأبصرا (١)

فإن الأخلاق لما كانت توصف بالسعة والضيق تشبيها لها بالأماكن الواسعة والضيقة ، تخيّل أخلاق الكرام شيئا له سعة ، وجعله أصلا فيها ، فشبّه الأرض بالسعة.

__________________

(١) السماك : أحد السماكين أو النجمين النيرين : الأعزل ، والسماك الرامح.

٨٤

ومنه قول أبي طالب الرقي :

ولقد ذكرتك والظلام كأنه

يوم النوى وفؤاد من لم يعشق

فإنه لما كانت أيام المكاره توصف بالسواد توسعا ، فيقال اسودّ النهار في عيني وأظلمت الدنيا عليّ ، ولما كان المحب الغزل يفترض القسوة فيمن لم يعشق ، وكان القلب القاسي يوصف بالسواد توسعا ، تخيّل الشاعر العاشق يوم النوى وفؤاد من لم يعشق شيئين لهما سواد ، وجعلهما أعرف به ، وأشهر من الظلام فشبهه بهما.

وجه الشبه من حيث الإفراد والتعدد :

ووجه الشبه قد يكون واحدا حسيا كالحمرة والخفاء وطيب الرائحة ولذة الطعم ولين الملمس ، في تشبيه الخد بالورد ، والصوت الضعيف بالهمس ، والنكهة بالعنبر ، والريق بالعنبر ، والريق بالخمر ، والجلد الناعم بالحرير.

وقد يكون وجه الشبه واحدا عقليا ، كالجراءة في تشبيه الرجل الشجاع بالأسد ، وكمطلق الهداية في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم».

وقد يكون وجه الشبه متعددا حسيا ، والمراد بالتعدد هنا أن يذكر في التشبيه عدد من أوجه الشبه من اثنين فأكثر على وجه صحة الاستقلال ، بمعنى أن كل واحد منها لو اقتصر عليه كفى في التشبيه. مثال ذلك أن يقال : البرتقالة كالتفاحة في شكلها وفي لونها وفي حلاوتها ، وفي رائحتها. فلو أسقط وجهان من أوجه الشبه هذه لكفى الباقي في التشبيه للإبانة عن قصد المتكلم. وهذا هو وجه الشبه المتعدد.

والمتعدد العقلي نحو : البنت كأمها حنانا وعطفا وعقلا ولطفا.

٨٥

والمتعدد المختلف نحو : الولد كأبيه في طوله ومشيته وصوته ، وخلقه وكرمه وعلمه.

التشبيه باعتبار وجهه :

وللتشبيه باعتبار وجه الشبه ثلاث تقسيمات :

تمثيل وغير تمثيل.

مفصل ومجمل.

قريب وبعيد.

١ ـ تشبيه التمثيل :

وهو ما كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد أمرين أو أمور.

هذا هو مذهب جمهور البلاغيين في تعريفه ، ولا يشترطون فيه غير تركيب الصورة ، سواء أكانت العناصر التي تتألف منها صورته أو تركيبه حسية أو معنوية. وكلما كانت عناصر الصورة أو المركب أكثر كان التشبيه أبعد وأبلغ.

ومن أمثلته قول شاعر يمدح فارسا :

وتراه في ظلم الوغى فتخاله

قمرا يكرّ على الرجال بكوكب

فالمشبه هنا هو صورة الممدوح الفارس وبيده سيف لا مع يشق به ظلام غبار الحرب ، والمشبه به صورة قمر يشق ظلمة الفضاء ويتصل به كوكب مضيء ، ووجه الشبه هو الصورة المركبة من ظهور شيء مضيء يلوح بشيء متلألىء في وسط الظلام.

ومنه قول ابن المعتز يصف السماء بعد تقشع سحابة :

كأن سماءنا لما تجلّت

خلال نجومها عند الصباح

٨٦

رياض بنفسج خضل نداه

تفتّح بينه نور الأقاح (١)

فالمشبه صورة السماء والنجوم منثورة فيها وقت الصباح والمشبه به صورة رياض من أزهار البنفسج تخللتها أزهار الأقاحي ، ووجه الشبه هو الصورة الحاصلة من شيء أزرق انتشرت في أثنائه صور صغيرة بيضاء.

ومنه قول أبي تمام في مغنية تغني بالفارسية :

ولم أفهم معانيها ولكن

ورت كبدي فلم أجهل شجاها

فبتّ كأنني أعمى معنّى

بحبّ الغانيات وما يراها (٢)

فالمشبه هنا حال الشاعر يثير نغم المغنية بالفارسية في نفسه كوامن الشوق وهو لا يفهم لغتها ، والمشبه به حال الأعمى يعشق الغانيات وهو لا يرى شيئا من حسنهن ، ووجه الشبه هو صورة قلب يتأثر وينفعل بأشياء لا يدركها كل الإدراك.

ومنه قول شاعر في صديق عاق :

إني وإياك كالصادي رأى نهلا

ودونه هوّة يخشى بها التلفا

رأى بعينيه ماء عزّ مورده

وليس يملك دون الماء منصرفا

فالمشبه حال الشاعر مع صديقه العاق يدعوه الوفاء إلى الإبقاء على مودته ، ويدعوه ما يراه فيه من العقوق إلى قطعه ، وهو بين الأمرين حائر ، ولكنه يصغي أخيرا إلى داعي الوفاء ، والمشبه به حال عطشان رأى ماء

__________________

(١) الخضل : الرطب ، والمعنى : بعد أن انقشعت السحابة صارت السماء بين النجوم المنتشرة وقت الفجر كرياض من البنفسج المبتل بالماء تفتحت في أثنائه أزهار الأقاحي.

(٢) ورت كبدي : ألهبته ، والشجا : الحزن والطرب ، والمعنى : لم أجهل ما بعثته في نفسي من الحزن ، والمعنى : المتعب الحزين.

٨٧

تحول بينه وبين الشرب منه هوّة يخشى منها الهلاك على نفسه لو دنا منه ، فوقف حائرا ولكنه لا يستطيع الانصراف عن الماء ، ووجه الشبه هو صورة من يريد شيئا فتحول العقبات دونه فتدركه الحيرة ولكنه لا ييئس.

ومنه قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ.)

فالمشبه حال من ينفق قليلا في سبيل الله ثم يلقى عليه جزاء جزيلا ، والمشبه به حال من بذر حبة فأنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبة ، ووجه الشبه هو صورة من يعمل قليلا فيجني من ثمار عمله كثيرا.

* * *

أما وجه الشبه عند ما يكون غير تمثيل فهو عكس ذلك ، أي عند ما لا يكون صورة منتزعة من متعدد ، وبعبارة أخرى هو ما يكون غير مركب أي مفردا ، وكونه مفردا لا يمنع من تعدد الصفات المشتركة بين طرفي التشبيه.

ومن أمثلة التشبيه عند ما يكون وجه الشبه فيه غير تمثيل قول البحتري :

هو بحر السماح والجود فازدد

منه قربا تزدد من الفقر بعدا

فالمشبه هنا هو الممدوح والمشبه به هو البحر ، ووجه الشبه الذي يشترك فيه الممدوح والبحر هو صفة الجود.

وقول امرىء القيس :

وليل كموج البحر أرخى سدوله

عليّ بأنواع الهموم ليبتلي

٨٨

فالمشبه في هذا البيت هو الليل في ظلامه وهوله ، والمشبه به هو موج البحر ، وأن هذا الليل أرخى عليه حجبه وسدوله مصحوبة بكل أنواع الهموم والأحزان ليختبر صبره وقوة احتماله ، ووجه الشبه الذي يشترك فيه الليل وموج البحر صفتان هما : الظلمة والروعة.

وقول أبي بكر الخالدي :

يا شبيه البدر حسنا

وضياء ومنالا

وشبيه الغصن لينا

وقواما واعتدالا

أنت مثل الورد لونا

ونسيما وملالا

زارنا حتى إذا ما

سرّنا بالقرب زالا

فالمشبه في هذا المثال هو الحبيب ، والمشبه به هو البدر مرة ، والغصن مرة ثانية ، والورد مرة ثالثة ، ووجه الشبه الذي يشترك فيه الطرفان صفات متعددة لا يرتبط بعضها ببعض ، وكل صفة منها يمكن الاكتفاء بها كوجه شبه ، بمعنى أنه لو حذف بعضها دون بعض أو قدّم بعضها على بعض ما اختل التشبيه.

ولعلنا الآن أدركنا من هذه الأمثلة أن تشبيه غير التمثيل هو ما كان وجه الشبه فيه غير صورة أي غير مركب. وبعبارة أخرى هو ما كان مفردا مهما تعددت الصفات التي يشترك فيها الطرفان ، وأن هذه الصفات المشتركة إن وجدت لا يشترط فيها نظام أو ترتيب معين ، بمعنى أنه يجوز فيها التقديم والتأخير ، كما يجوز الإبقاء عليها أو على بعضها كوجه شبه من غير إخلال بالتشبيه.

٢ ـ ويكون وجه الشبه مفصلا ومجملا :

أ ـ فالتشبيه المفصل : هو ما ذكر فيه وجه الشبه ، وذلك نحو قول الشاعر :

٨٩

كم وجوه مثل النهار ضياء

لنفوس كالليل في الإظلام

فالبيت هنا فيه تشبيهان وجه الشبه في الأول «ضياء» وفي الثاني «الإظلام» وكلاهما مذكور في التشبيه.

قول ابن الرومي :

يا شبيه البدر في الحس

ن وفي بعد المنال

جد فقد تنفجر الصخ

رة في الماء الزلال

فالمشبه هو الحبيب والمشبه به البدر ووجه الشبه هو اشتراك الطرفين في صفتي الحسن وبعد المنال ، وكلتاهما مذكورة في التشبيه.

وقول آخر :

أنت كالبحر في السماحة ، والش

مس علوا ، والبدر في الإشراق

فهذا البيت يشتمل على ثلاثة تشبيهات ذكر في كل منها وجه الشبه ، وهو في التشبيه الأول «السماحة» وفي الثاني «العلو» وفي الثالث «الإشراق».

فكل تشبيه من التشبيهات التي تضمنتها هذه الأمثلة تشبيه مفصّل ، لأن وجه الشبه قد ذكر فيه.

ب ـ والتشبيه المجمل : هو ما حذف منه وجه الشبه ، وذلك نحو قول الشاعر :

وكأن إيماض السيوف بوارق

وعجاج خيلهم سحاب مظلم (١)

ففي البيت تشبيهان : تشبيه إيماض السيوف بالبرق في الظهور وسرعة الخفاء ، وتشبيه عجاج الخيل بالسحاب المظلم في سواده وانعقاده

__________________

(١) الإيماض : اللمعان ، والبوارق : جمع بارق وهو البرق ، والعجاج : الغبار.

٩٠

في الجو. ووجه الشبه في كليهما محذوف ، ولهذا فهو تشبيه مجمل.

ومن التشبيه المجمل ما وجه شبهه ظاهر يفهمه كل أحد حتى العامة كالمثال السابق ، وكقولنا : زيد أسد ، إذ لا يخفى على أحد أن المراد به التشبيه في الشجاعة دون غيرها.

ومن التشبيه المجمل ما وجهه خفيّ لا يدركه إلّا من له ذهن يرتفع عن طبقة العامة ، كقول فاطمة بنت الخرشب عند ما سئلت عن بنيها أيهم أفضل فقالت : «عمارة ، لا بل فلان ، لا بل فلان. ثم قالت : ثكلتهم إن كنت أعلم أيّهم أفضل. هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها».

فمعنى ذلك أن أبناءها لتناسب أصولهم وفروعهم وتساويهم في الشرف يمتنع تعيين بعضهم فاضلا وبعضهم أفضل منه ، كما أن الحلقة المفرغة لتناسب أجزائها وتساويها يمتنع تعيين بعضها طرفا وبعضها وسطا.

فتشبيه أبناء بنت الخرشب بالحلقة المفرغة تشبيه مجمل ، ووجه شبهه المحذوف هو تعذر بل استحالة تعيين أوليّة أو أفضلية أشياء متناسبة متساوية ، أو هو التناسب المانع من تمييز يصح معه التفاوت. فهذا الوجه المحذوف والذي يشترك فيه طرفا التشبيه أمر خفيّ لا يستطيع إدراكه إلا من له ذهن يرتفع عن طبقة العامة ، كما ذكرت آنفا.

ومن التشبيه المجمل ما لم يذكر فيه وصف المشبه ولا وصف المشبه به ، أي الوصف المشعر بوجه الشبه ، ومن هذا النوع : تشبيه إيماض السيوف بالبوارق ، وتشبيه زيد بالأسد السابقين.

ومنه ما يذكر فيه وصف المشبه به وحده ، كتشبيه عجاج الخيل بالسحاب المظلم ، وتشبيه أبناء بنت الخرشب بالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها.

٩١

ومن هذا النوع أيضا ، أي التشبيه المجمل الذي ذكر فيه وصف المشبه به وحده قول زياد الأعجم :

وأنا وما تلقي لنا إن هجوتنا

لكالبحر مهما تلق في البحر يغرق

وقول النابغة الذبياني :

فإنك شمس والملوك كواكب

إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

ومن التشبيه المجمل ما ذكر فيه وصف كل من المشبه والمشبه به ، كقول أبي تمام في مدح الحسن بن سهل :

صدفت عنه ولم تصدف مواهبه

عنيّ ، وعاوده ظني فلم يخب

كالغيث إن جئته وافاك ريّقه

وإن ترحلت عنه لجّ في الطلب (١)

فالتشبيه هنا هو : «الممدوح كالغيث» والبيت الأول مشتمل على وصف المشبه وهو الممدوح ، والبيت الثاني مشتمل على وصف المشبه به وهو الغيث ، وكلا الوصفين مشعر بوجه الشبه المحذوف ، وهو عدم التخلص من كليهما على أي حال.

٣ ـ ويكون قريبا وبعيدا :

كذلك يكون التشبيه باعتبار الوجه قريبا وبعيدا. والمراد بالقريب القريب المتبذل ، وبالبعيد البعيد الغريب.

فالقريب المتبذل : هو ما ينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير

__________________

(١) صدفت عنه : أعرضت عنه ، لم تصدف مواهبه : لم تنقطع عني عطاياه ، الغيث : المطر الواسع المقبل الذي يغيث أهل الأرض ، وافاك ريقه : جاءك ولاقاك وأقبل عليك أوله وأحسنه ، وإن ترحلت عنه : أي فررت من الغيث ، لج في الطلب : ألح وبالغ في إدراكك مع فرارك منه.

٩٢

تدقيق نظر ، وذلك لظهور وجهه في بادىء الرأي.

وسبب ظهوره أمران : الأول كون الشيء جمليا ، فإن الجملة أسبق دائما إلى النفس من التفصيل. ألا ترى أن الرؤية لا تصل في أول أمرها إلى الوصف على التفصيل لكن على الجملة ، ثم على التفصيل؟ ولذلك قيل النظرة الأولى حمقاء ، وفلان لم يمعن النظر. وكذلك الشأن بالنسبة لسائر الحواس ، فإنه يدرك من تفاصيل الصوت والذوق والشم واللمس في المرة الثانية ما لم يدرك في المرة الأولى.

فمن يروم التفصيل كمن يبتغي الشيء من بين جملة أشياء يريد تمييزه مما اختلط به ، ومن يريد الإجمال كمن يريد أخذ الشيء جزافا من غير تدقيق نظر. وكذلك حكم ما يدرك بالعقل ، ترى الشيء يسبق دائما إلى الذهن إجمالا ، أما التفاصيل فمغمورة في الإجمال لا تحضر وتنكشف إلا بعد إعمال الرؤية.

والأمر الثاني في ظهور وجه الشبه في بادىء الرأي كونه قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبه به في الذهن ، إما عند حضور المشبه لقرب المناسبة بينهما ، كتشبيه العنبة الكبيرة السوداء بالإجاصة في الشكل وفي المقدار ، وإما مطلقا لتكرره على الحس ، كتشبيه الشمس بالمرآة المجلوّة في الاستدارة والاستنارة ؛ فإن قرب المناسبة والتكرر كل واحد منهما يعارض التفصيل لاقتضائه سرعة الانتقال.

والبعيد الغريب : هو ما لا ينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به إلا بعد فكر ، وذلك لخفاء وجهه في بادىء الرأي.

وسبب خفائه أمران : أحدهما كونه كثير التفصيل ، كقول الراجز : «والشمس كالمرآة في كف الأشل». فوجه الشبه في هذا التشبيه هو الهيئة

٩٣

الحاصلة من الاستدارة مع الإشراق والحركة السريعة المتصلة مع تموّج الإشراق واضطرابه بسبب تلك الحركة حتى يرى الشعاع كأنه يهمّ بأن ينبسط حتى يفيض من جوانب الدائرة ثم يبدو له فيرجع من الانبساط إلى الانقباض. فالشمس إذا أحدّ الإنسان النظر إليها ليتبين جرمها وجدها مؤدية إلى هذه الهيئة ، وكذلك المرآة إذا كانت في كف الأشل. فالهيئة التي يتركب منها وجه الشبه هنا لا تقوم في نفس الرائي للمرآة الدائمة الاضطراب إلا بعد تأمل وطول نظر وتمهل.

والأمر الثاني لخفاء وجه الشبه في بادىء الرأي هو ندرة حضور المشبه به في الذهن ، أما عند حضور المشبه لبعد المناسبة بينهما كتشبيه البنفسج بنار الكبريت في قول الشاعر :

ولا زورديّة تزهو بزرقتها

بين الرياض على حمر اليواقيت

كأنها فوق قامات ضعفن بها

أوائل النار في أطراف كبريت

فإن لازورديّة وهي البنفسجة شبهت بالنار في أطراف كبريت ، ومعلوم أن الشيء الطبيعي الذي يتبادر إلى الذهن بسرعة عند حضور «اللازوردية» فيه هو الأزهار والرياحين التي هي من جنسها لا أوائل النار في أطراف الكبريت. ولما كان الانتقال من البنفسج إلى النار المذكورة بعد التأمل وطول النظر كان التشبيه غريبا.

وإما أن تحصل ندرة المشبه به حصولا مطلقا من غير تقيد بوقت حضور المشبه لكونه وهميا ، كما مضى من تشبيه نصال السهام بأنياب الأغوال ، أو لكونه مركبا خياليا كتشبيه أزهار الشقيق بأعلام ياقوت منشورة على رماح من الزبرجد ، أو لكونه مركبا عقليا كتشبيه مثل أحبار اليهود بمثل الحمار يحمل أسفارا.

٩٤

فإن كلّا سبب لندرة حضور المشبه به في الذهن ، أو لقلة تكرره على الحس ، كما مر من تشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشل ، فقد يقضي الرجل دهره ولا يتفق له أن يرى مرآة في يد الأشل. فالغرابة في هذا التشبيه من وجهين هما : كثرة التفصيل في وجه الشبه ، وقلة التكرار أو الورود على الحس.

التشبيه المقلوب

التشبيه المقلوب هو جعل المشبه مشبها به بادعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر.

وأبو الفتح عثمان بن جني في كتابه الخصائص (١) يسمي هذا النوع من التشبيه «غلبة الفروع على الأصول» ويقول : «هذا فصل من فصول العربية طريف ، تجده في معاني العرب ، كما تجده في معاني الأعراب. ولا تكاد تجد شيئا من ذلك إلا والغرض فيه المبالغة.

فمها جاء فيه ذلك للعرب قول ذي الرمة :

ورمل كأوراك العذارى قطعته

إذا ألبسته المظلمات الحنادس (٢)

أفلا ترى ذا الرمة كيف جعل الأصل فرعا والفرع أصلا؟ وذلك أن العادة والعرف في نحو هذا أن تشبه أعجاز النساء بكثبان الأنقاء أي الرمال ، ألا ترى إلى قوله :

__________________

(١) كتاب الخصائص لابن جنى ج ١ ص ٣٠٠ ، مطبعة دار الكتب المصرية.

(٢) ألبسته : غطته ، والحنادس : جمع حندس ، والحندس : اشتداد الظلمة ، وقد ذهب بها مذهب الوصف.

٩٥

ليلى قضيب تحته كثيب

وفي القلاد رشأ ربيب (١)؟

ولله البحتري فما أعذب وأظرف وأدمث قوله :

أين الغزال المستعير من النقا

كفلا ومن نور الأقاحي مبسما؟

فقلب ذو الرمة العادة والعرف في هذا ، فشبّه كثبان الأنقاء ، أي الرمال بأعجاز النساء. وهذا كأنه يخرج مخرج المبالغة ، أي قد ثبت هذا الموضع وهذا المعنى لأعجاز النساء ، وصار كأنه الأصل فيه ، حتى شبه به كثبان الأنقاء».

وقد عرض ابن الأثير في كتابه المثل السائر لهذا النوع من التشبيه ، وسماه «الطرد والعكس» ، وذلك إذ يقول : «واعلم أن من التشبيه ضربا يسمى الطرد والعكس ، وهو أن يجعل المشبه به مشبها ، والمشبه مشبها به ، وبعضهم يسميه غلبة الفروع على الأصول ... ومما جاء منه قول البحتري :

في طلعة البدر شيء من محاسنها

وللقضيب نصيب من تثنيها

وقول عبد الله بن المعتز في تشبيه الهلال :

ولاح ضوء قمير كاد يفضحنا

مثل القلامة قد قدّت من الظّفر

ولما شاع ذلك في كلام العرب واتسع صار كأنه الأصل ، وهو موضع من علم البيان حسن الموقع لطيف المأخذ. وهذا قد ذكره أبو الفتح ابن جني في كتاب الخصائص.

ولما نظرت أنا في ذلك وأنعمت نظري فيه تبين لي ما أذكره ، وهو

__________________

(١) القلاد : واحدها قلادة ، والرشأ : الظبي إذا تحرك وقوي ومشى مع أمه.

٩٦

أنه قد تقرر في أصل الفائدة المستنتجة من التشبيه أن يشبّه الشيء بما يطلق عليه لفظة أفعل ، أي يشبه بما هو أبين وأوضح ، أو بما هو أحسن منه أو أقبح ، وكذلك يشبه الأقل بالأكثر ، والأدنى بالأعلى.

وهذا الموضع لا ينقض هذه القاعدة لأن الذي قدمنا ذكره مطرد في بابه وعليه مدار الاستعمال. وهذا غير مطرد وإنما يحسن في عكس المعنى المتعارف ، وذاك أن تجعل المشبه به مشبها ، والمشبه مشبها به. ولا يحسن في غير ذلك مما ليس بمتعارف ؛ ألا ترى أن من العادة والعرف أن تشبه الأعجاز بالكثبان ، فلما عكس ذو الرمة هذه القضية في شعره جاء حسنا لائقا ، وكذلك فعل البحتري ، فإن من العادة والعرف أن يشبه الوجه الحسن بالبدر ، والقد الحسن بالقضيب ، فلما عكس البحتري القضية في ذلك جاء أيضا حسنا لائقا.

ولو شبه ذو الرمة الكثبان بما هو أصغر منها غير الأعجاز لما حسن ذلك ، وهكذا لو شبه البحتري طلعة البدر بغير طلعة الحسناء ، والقضيب بغير قدّها لما حسن ذلك أيضا.

وهكذا القول في تشبيه عبد الله بن المعتز صورة الهلال بالقلامة ؛ لأن من العادة أن تشبه القلامة بالهلال ، فلما صار ذلك مشهورا متعارفا حسن عكس القضية فيه» (١).

* * *

ومن أمثلة التشبيه المقلوب قول ابن المعتز :

والصبح في طرّة ليل مسفر

كأنه غرّة مهر أشقر (٢)

__________________

(١) كتاب المثل السائر ص ١٦٤.

(٢) طرة الشيء : طرفه ، وليل مسفر : دخل في الإسفار وهو ظهور الفجر ، والغرّة : بياض في ـ جبهة الفرس ، والمهر الأشقر : الأحمر الشعر.

٩٧

فالمشبه هنا هو الصبح والمشبه به هو غرّة مهر أشقر ، وهذا تشبيه مقلوب ، لأن العادة في عرف الأدباء أن تشبّه غرّة المهر بالصبح ، لأن وجه الشبه وهو البياض أقوى في الصبح منه في المهر. ولكن الشاعر عدل عن المألوف ، وقلب التشبيه للمبالغة ، بادّعاء أن وجه الشبه أقوى في غرّة المهر منه في الصبح.

ومنه قول محمد بن وهيب الحميري (١) في ذات التشبيه :

وبدا الصباح كأن غرّته

وجه الخليفة حين يمتدح

فالمشبّه هنا أيضا هو ضوء الصباح في أول تباشيره ، والمشبه به هو وجه الخليفة عند سماعه المديح. فالتشبيه كما ترى مقلوب ، والأصل فيه هو العكس ، لأن المألوف أن يشبّه الشيء دائما بما هو أقوى وأوضح منه في وجه الشبه ؛ ليكتسب منه قوة ووضوحا. ولكن الشاعر تفننا منه في التعبير عكس القضية وقلب التشبيه للمبالغة والإغراق بادّعاء أن الشبه أقوى في المشبّه.

ومنه قول البحتري مادحا :

كأن سناها بالعشيّ لصبحها

تبسّم عيسى حين يلفظ بالوعد

شبّه البحتري برق السحابة الذي ظلّ لّماعا طوال الليل بتبسم الممدوح حين يعد بالعطاء ، ولا شك أن لمعان البرق أقوى من بريق الابتسام ، فكان المألوف أن يشبّه الابتسام بالبرق على عادة الشعراء ، ولكن البحتري قلب التشبيه تفننا في التعبير والتماسا للمبالغة بادّعاء أن وجه الشبه أقوى في المشبّه.

__________________

(١) شاعر شيعي عباسي انقطع لمدح المأمون.

٩٨

ومنه قول شاعر آخر :

أحنّ لهم ودونهم فلاة

كأن فسيحها صدر الحليم

فالشاعر في هذا البيت شبّه فسيح الفلاة بصدر الحليم ، فالتشبيه كما ترى مقلوب ، إذ المعهود تشبيه صدر الحليم بالفلاة. ولكن الشاعر رغبة منه في المبالغة بادّعاء أن صدر الحليم أفسح من الصحراء عكس التشبيه.

* * *

وفيما يلي طائفة أخرى من أمثلة التشبيه المقلوب تترك للدّارس أمر التعرّف إلى المشبه والمشبه به في كلّ منها.

قال أبو نواس في وصف النرجس :

لدى نرجس غضّ القطاف كأنه

إذا ما منحناه العيون عيون

وقال البحتري في المدح :

لجرّ عليّ الغيث هدّاب مزنه

أواخرها فيه وأوّلها عندي

تعجّل عن ميقاته فكأنه

أبو صالح قد بت منه على وعد

وقال ابن المعتز يصف سحابة ويشبه البرق بالسيوف المنتضاة :

وسارية لا تملّ البكا

جرى دمعها في خدود الثرى

سرت تقدح الصبح في ليلها

ببرق كهندية تنتضى (١)

وقال البحتري في تشبيه حمرة الورد بحمرة خدي محبوبته ، وتشبيه ميلان الغصن إذا هزّه النسيم بتثني قدّها :

__________________

(١) السارية : السحابة تمطر ليلا ، والثرى : التراب الندي ، والأرض ، كهندية تنتضى : أي مثل سيوف هندية تسلّ من أغمادها.

٩٩

في حمرة الورد شيء من تلهّبها

وللقضيب نصيب من تثنيها

وقال أيضا في وصف بركة المتوكل ، وتشبيه البركة في تدفق مائها بيد المتوكل في العطاء :

كأنها حين لجّت في تدفقها

يد الخليفة لما سال واديها (١)

وقال في تشبيه الندى على شقائق النعمان بدموع الشوق على خدود الحسان :

شقائق يحملن الندى فكأنه

دموع التصابي في خدود الخرائد

* * *

والخلاصة أن الأصل في التشبيه أن يجري على السّنن المعروف عند العرب والذي يتمثل في أن يلتمس المشبه به مما هو معروف ومألوف في حياتهم حتى ولو كان المشبه أقوى وأعظم في الصفة التي يشترك فيها مع المشبه به. فالعرب مثلا قد اشتهر بينهم عمرو بن معدّ يكرب بالإقدام ، وحاتم بالجود ، وأحنف بن قيس بالحلم ، وإياس بالذكاء ، وأصبح كل واحد من هؤلاء مثلا عاليا في الصفة التي اشتهر بها. فالأسلوب العربي يقضي على الشاعر أن يجعل كل واحد من هؤلاء الأعلام مشبّها به ، سواء أوجد بعده من هو أعظم منه في الصفة وأقوى أم لم يوجد.

وقد سلك القرآن الكريم هذا السّنن فشبّه نور الله سبحانه وتعالى ، وهو بلا شك أقوى الأنوار ، بنور المصباح في مشكاة ، لأنّ العرب جروا على عادة أن يجعلوا نور المصباح أكبر الأنوار وأعظم الأضواء.

كذلك اطّردت العادة في البلاغة على تشبيه الأدنى بالأعلى ، فإذا جاء

__________________

(١) لجّ في الأمر : تمادى واستمر.

١٠٠