الدّروع الواقية

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

الدّروع الواقية

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-32-9
الصفحات: ٣١٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

قدس الله روحهما وروياه واجيز لهما روايته عني عنهما ، وهذان السيدان زاهدان عابدان ورعان ، وكان رضي الدين علي صاحب كرامات حكي لي بعضها وروى لي والدي البعض الآخر (١).

٢ ـ وقال عنه ايضاً : السيد رضي الدين كان ازهد اهل زمانه (٢).

٣ ـ واما ابن عنبة فقد قال عنه في عمدة الطالب : ورضي الدين ابو القاسم علي السيد الزاهد ، صاحب الكرامات ، نقيب النقباء بالعراق (٣).

٤ ـ وعن خط للشهيد روى المجلسي في البحار عنه ما نصه : صاحب الكرامات ... لم يزل على قدم الخير والآداب والعبادات والتنزّه عن الدنيات الى ان توفي (٤).

٥ ـ ووصفه العلامة المجلسي في البحار بقوله : السيِّد النقيب الثقة الزاهد جمال العارفين (٥).

٦ ـ وأثنى عليه الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل بقوله : حاله في العلم والفضل والعبادة والفقه والجلالة والورع أشهر من أن يُذكر ، وكان ايضاً شاعراً أديباً منشئاً بليغاً (٦).

٧ ـ وقال عنه صاحب نقد الرجال السيِّد التفريشي : من أجلاء هذه الطائفة وثِقاتها ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، كثير الحفظ ، نقي الكلام ، حاله في العبادة والزهد أشهر من ان يذكر .... (٧).

__________________

(١) انظر مستدرك الوساثل ٣ : ٤٦٩.

(٢) لؤلؤة البحرين : ٢٣٥.

(٣) عمدة الطالب : ١٩٠.

(٤) البابليات ١ :٦٥.

(٥) بحار الانوار ١ : ١١٣.

(٦) أمل ألآمل ٢ :٢٠٥ / ٦٢٢.

(٧) نقد الرجال : ٢٤٤.

٢١

٨ ـ وأمّا الشيخ أسد الله الدزفولي فقد قال عنه في مقابس الأنوار: السيِّد السند ، المعظَّم المعتمد. العالم العابد الزاهد ، الطيّب الطاهر ، مالك أزمّة المناقب والمفاخر ، صاحب الدعوات والمقامات والمكاشفات والكرامات ، مظهر الفيض السنيّ ، واللطف الجليّ ، أبي القاسم رضي الدين علي ، بوأه الله تحت ظله العرشي ، وأنزل عليه بركاته كلّ غداة وعشي .. (١).

٩ ـ وقال متحدثاً عنه الشيخ النوري في خاتمة المستدرك : السيِّد الأجل أكمل الاسعد الاورع الازهد ، صاحب الكرامات الباهرة رضي الدين أبوالقاسم وابو الحسن علي بن سعد الدين موسى بن جعفرآل طاووس ، الذي ما اتفقت كلمة الاصحاب على اختلاف مشاربهم وطريقتهم على صدور الكرامات عن أحد ممن تقدمه أو تأخر عنه غيره (٢).

وقال ايضاً : وكان رحمه الله من عظماء المعظِّمين لشعائر الله تعالى ، لا يذكر في أحد من تصانيفه الاسم المبارك إلا ويعقبه بقوله جل جلاله (٣).

١٠ ـ وفي روضات الجنّات يقول عنه الخوانساري : من جملة العبدة الزهدة المستجابي الدعوة بنص الموافقين لنا والمخالفين ، ومنها كونه في فصاحة المنطق وبلاغة الكلام بحيث تشتبه كثيراً عبارات دعواته الملهمة ، وزياراته الملقمة بعبارات اهل بيت العصمة عليهم‌السلام (٤).

١١ ـ وامّا المحدث القمي فقد ذكره في كتابه الكنى والالقاب بقوله : السيد الأجل الأورع الأزهد ، قدوة العارفين ... (٥).

__________________

(١) مقابس الانوار: ١٢.

(٢ ) مستدرك الوسائل ( النسخة الحجرية ) ٣ : ٣٦٧.

(٣) مستدرك الوسائل ( النسخة الحجرية ) ٣ : ٤٦٩.

(٤ ) روضات الجنات ٤ : ٣٣٠.

(٥) الكنى والالقاب ١ : ٣٢٧.

٢٢

١٢ ـ وفي ريحانة الادب قال محمد علي مدرس في حديثه عنه : من أعاظم علماء الشيعة الامامية وفحولها ، عالم جليل القدر ، عظيم المنزلة ، اديب شاعر ، منشئ ، بليغ ، عابد ، زاهد ، متقي ، جامع الفضائل والكمالات العالية ، المتخلّي من الصفات الرذيلة ، المتحلّي بالاخلاق الفاضلة ، المتجلّي باتيان الوظائف الشرعية ، أورع أهل زمانه وأتقاها وازهدها واعبدها ، الموصوف في كلمات اجلّة العلماء ب‍ ( قدوة العارفين ومصباح المتهجدين ) .... (١).

مؤلفاته :

لقد كانت حياة السِّيد ابن طاووس رحمه‌الله غنية معطاءة خصبة ، أعطت الأُمة الشيء الكثير ولم تبخل عليها بشيء ، وتلك هي حال الرجال الذين اوقفوا أنفسهم وعلمهم على خدمة هذا الدين الحنيف ، وبقوا حتى اللحظات الاخيرة من حياتهم مركزاً للعطاء والخير ، وهو ما نراه متكرراً كثيراً لدى علماء الطائفة ومفكريها رفع الله شأنهم.

والحق يقال أنَّ السيِّد ابن طاووس رحمه‌الله ورغم كل ما احاط به من أعباء كثيرة وشاقة ، فقد كان مؤلّفاً مكثاراً ، وكاتباً قديراً ، خلّف من بعده الكثير من المؤلّفات القيّمة التي بلغ ما وصلنا منها العشرات في حين لم ترد اسماء الكثير من تلك المصنّفات لضياعها ، والتي لو وصلتنا لكانت بلا شك خير زاد يتقوّت به طلاب العلم ، وعموم المسلمين. وحقيقة وجود هذه المجاميع من الكتب المجهولة يؤكدها السِّيد رحمه‌الله في أحد مؤلفاته وهو كتاب الاجازات المعروف ، حيث يقول :

وجمعت وصنّفت مختصرات كثيرة ما هي الآن على خاطري ، وانشاءات من المكاتبات والرسائل والخطب ما لو جمعته أو جمعه غيري كان عدة مجلدات ،

__________________

(١) ريحانة الادب : ٧٦.

٢٣

ومذكرات في المجالس في جواب المسائل بجوابات واشارات وبمواعظ شافيات ما لو صنّفها سامعوها كانت ما يعلمه الله جل جلاله من مجلدات.

على ان ذلك الامر لا يلغي كون ما وصلنا من المؤلفات القيّمة للسيّد ابن طاووس رحمه‌الله قد اغنى المكتبة الاسلامية ، ومدها بخير وفير ، ومن هذه المؤلّفات :

١ ـ الإبانة في معرفة أسماء كتب الخزانة.

٢ ـ الإجازات لكشف طرق المفازات.

٣ ـ الإقبال بصالح الاعمال.

٤ ـ الأَسرار المودعة في ساعات الليل والنهار.

٥ ـ جمال الاسبوع.

٦ ـ الدروع الواقية من الأخطار ( وهو الكتاب الماثل بين يديك ).

٧ ـ أسرار الصلاة.

٨ ـ محاسبة الملائكة الكرام آخر كل يوم من الذنوب والآثام.

٩ ـ الاصطفاء في تاريخ الملوك والخلفاء.

١٠ ـ مهج الدعوات.

١١ ـ فلاح السائل.

١٢ ـ إغاثة الداعي وإعانة الساعي.

١٣ ـ المجتبى من الدعاء المجتنى.

١٤ ـ الأمان من أخطار الأسفار والأزمان.

١٥ ـ مصباح الزائر.

١٦ ـ الطرائف في مذاهب الطوائف.

١٧ ـ طرف من الانباء والمناقب ، في التصريح بالوصية والخلافة لعلي بن ابي طالب عليه‌السلام.

٢٤

١٨ ـ البهجة لثمرة المهجة.

١٩ ـ ربيع الالباب.

٢٠ ـ زهرة الربيع.

٢١ ـ سعد السعود.

٢٢ ـ غياث سلطان الورى لسكان الثرى.

٢٣ ـ فتح الأبواب بين ذوي الالباب وبين رب الارباب.

٢٤ ـ اليقين باختصاص علي عليه‌السلام بامرة المؤمنين.

٢٥ ـ الملهوف على قتلى الطفوف.

٢٦ ـ المنتقى.

٢٧ ـ المواسعة والمضايقة.

٢٨ ـ محاسبة النفس.

٢٩ ـ مهج الدعوات ومنهج العنايات.

٣٠ ـ فرحة الناظر وبهجة الخواطر.

منهج التحقيق :

بعد اكتمال التحقّق من النسخة الحقيقية للكتاب شرعنا بالعمل التحقيقي لهذا الكتاب الدعائي المهم ، معتمدين في عملنا على نسختين مخطوطتين ، وهما :

١ ـ النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة الاستانة المقدسة في مشهد المقدسة ، وهي نسخة كاملة ، قيّمة ، جميلة النسخ ، يرجع تاريخ نسخها الى الخامس عشر من شهر ربيع الثاني لعام ١٥٩٨ ه‍ ، زوّدنا بها مشكوراً الاخ المحقق الفاضل السيد مهدي رجائي.

وقد اعتمدناها كنسخة أصلية ، ورمزنا لها بالحرف ( ك ).

٢٥

٢ ـ النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة المرحوم آية الله العظمى السيّد المرعشي رحمه‌الله ، برقم ٤٤٢ ، تأريخ نسخها ٩٦٤ ه‍.

وقد رمزنا لها بالحرف ( ن ).

كما اعتمدنا في عملنا على نقولات العلاّمة المجلسي والحر العاملي رحمها الله كنسختين مساعدتين في عملنا.

ومن ثم فقد اُحيل العمل الى جملة من اللجان المختصة الذي اُوكل اليها مسؤولية اخراج هذا الكتاب وفقاً لمنهجية التحقيق المشترك التي تعتمدها المؤسسة في عملها.

فقد اوكلت مسؤولية مقابلة النسخ المخطوطة وتثبيت الاختلافات الواردة فيها بكل من الأُخوة الافاضل : الحاج عزالدين عبد الملك ، والاخ سعد فوزي جودة.

واما مسؤولية تخريج الروايات والادعية الواردة في الكتاب فقد اُوكلت الى الاخ الفاضل مشتاق المظفر.

كما واُنيطت مسؤولية كتابة هوامش الكتاب بالاخ الفاضل هيثم شاه مراد السّماك.

وكانت مسؤولية تقويم الكتاب وضبط نصه والاشراف على تحقيقة على عاتق الاخ الفاضل علاء آل جعفر مسؤول لجنة مصادر البحار في المؤسسة.

وفّق الله تعالى الجميع الى خدمة تراث العترة الطاهرة واحياء آثارها ، انّه سميع مجيب.

مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لاحياء التراث

٢٦

صورة الصفحة الاولى من النسخة المخطوطة التي رمزنا لها بالحرف « ك ».

٢٧

* صورة الصفحة الاخيرة من نسخة « ك ».

٢٨

* صورة الصفحة الاولى من النسخة التي رمزنا لها بالحروف « ن ».

٢٩

* صورة الصفحة الاخيرة من نسخة « ن ».

٣٠

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول السيد الإمام العالم العامل ، الفقيه الكامل ، العلامة الفاضل ، الزاهد العابد ، الورع المجاهد ، رضي الدين ، ركن الاسلام والمسلمين ، جمال العارفين ، انموذج سلفه الطاهرين ، من شاع ذكره في البلاد ، واشتهر فضله بين العباد ، سيد السادات وشرفهم ، وبحر العلماء ومغترفهم ، ذوالمناقب الباهرة ، والاعراق الطاهرة ، والايادي الظاهرة ، أوحد دهره ، وفريد عصره ، افتخار السادة ، عمدة أهل بيت النبوة ، مجد آل الرسول ، شرف العترة الطاهرة ، ذو الحسبين ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس ، ضاعف الله سعادته ، وشرَّف خاتمته :

أحمدُ اللهَ جلَّ جلالهُ بما وهب لي من القدرة على حمده ، واثني عليه جل جلاله على توفيقي لتقديسِ مجدهِ ، واطوفُ بلسانِ حالِ العقلِ حولَ حمى كعبة مراحمهِ ومكارمهِ ورفدهِ ، واستعطفهُ ببيانِِ مقالِ النقلِ رجاءً لتمامِ رحمتِهِ وحلمهِ عن عبدهِ ، واسمعُ من دواعي النصيحةِ والاشفاقِ ، ورسل رسائلِ أهل السباقِ ،

٣١

حثاً عظيماً على التلزّم بأطنابِ (١) سرادقات (٢) منشئ الاحياءِ ومفني الامواتِ ، وواهب الاقواتِ ، ومالكِ الاوقاتِ ، حتى لقد كدتُ أن أجدني كالمضطرّ الى الوقوفِ بمقدسِ جنابِهِ ، والمحمولِ على مطايا لطفِهِ وعطفِهِ الى العكوفِ على شريفِ بابِهِ.

وأشهدُ أن لا الهَ الا هو ، شهادةً تلقّاها العقلُ من مولى رحيمٍ كاملِ القدرةِ ، وعرفَ ورودها (٣) من جنابِ رسولٍ كريمٍ قائلٍ : « كل مولود يولد على الفطرة » (٤) فجاءت الينا بخلعِ الامانِ ، ومعها لواء الولايةِ على دوامِ العنايةِ بدارِ الرضوانِ.

ووجدتُ قلبَ مملوكهِ اليها وامقاً (٥) ، ولها عاشقاً ، ولا يسمح أن يراه واهبها لها مفارقاً ، فمدَّ يدَ السؤالِ الى مالكِ الرفدِ والوعدِ بالسعدِ والاقبالِ ، في ان يعينهُ على عمارةِ منزل يصلحُ لجلالِها ، وتهيئِة فراشِ رحمةٍ يليق بجمالها. فرجعت يداً بنجازِ الوعودِ مملوءة من نفقاتِ عمارةِ منزلِ السعودِ ، وعليها فراش نعمةٍ يصلحُ لاستيطانِ توحيدِ مالكِ الكرمِ والجودِ. فعمَّرَ لها من شُرّف بها منزلَ الاستيطانِ ، وبسط لها ما يختصُ بها من فراشِ التعظيمِ بما وهبهُ مولاهُ من الامكانِ فأقامتْ

__________________

(١) الطُنُب : حبل الخباء ، والجمع اطناب. الصحاح ـ طنب ـ ١ : ١٧٢.

(٢) السرادق : ما يمد فوق سطح الدار. انظر الصحاح ـ سردق ـ ٤ : ١٤٩٦.

(٣) أي ورود الشهادة.

(٤) رواه الحلي في مختصر بصائر الدرجات : ١٦٠ ـ ١٦١ ، والبخاري في صحيحه ٢ : ١٢٥ ، والترمذي في سننه ٤ : ٤٤٧ / ذيل الحديث ٢١٣٨ ، ومالك بن أنس في الموطأ ١ : ٢٤١ / ٥٢ ، والطيالسي في مسنده : ٣١٩ / ٢٤٣٣ ، وأحمد في مسنده ٢: ٢٣٣ ، ٢٧٥ ، ٣٩٣ ، ٤١٠ ، و ٣ : ٣٥٣ ، والبيهقي في سننه ٦ : ٢٠٢ ، والديلمي في الفردوس ٣ : ٢٤٨ / ٤٧٣٠ ، ٤٧٣١.

(٥) وامقاً : أي محباً من دون ريبة. انظر لسان العرب ١٠ : ٣٨٥.

٣٢

باذنِ واهبها قاطنةً ، واستقرْت بقدرةِ جالبها أقطارُ أماكنها ساكنةً ، فتعطَّرت بارِجها (١) شعابُ تلكَ المساكنِ ، واستبشرتْ بمنهجِها الالبابُ المجاورةُ للترابِ الساكنِ.

وأشهدُ أنَّ جدي محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله أعرفُ محمولٍ اليها ومدلولٍ عليها ، واشرفُ من خَطَبَتْهُ مصوناتُها ورغبَ اليها ، وأبصرُ من اطلع على أسرارِها ، واجتمعَ كمالُ أنوارِهِ بجلالِ أنوارِها ، وأمضى من سرى في سبيلِها ، واحظى من أيقظَ العيونَ من الكرى لدليلِها ، وَبَذلَ للورى خلعَ تجميلِها ، واقوى ماسكٍ بعرى تعظِيمها وتبجيلِها ، واتقى ناسكٍ استقامَ لحملِ الاوامرِ الالهيةِ وتفصيلِها.

وأشهدُ أنَّ أنوارَ معالمِهِ ، ومنارَ مواسمِهِ ، لا تقوى على نظرِها كنظرة عيون رمدتْ بالغفلاتِ ، ولا تقومُ بها كقيامهِ أقدامٌ قُيِّدت بالجهالاتِ ، ولا تمتدُ اليها أيد غُلَّت بالاطماعِ ، ولا تتحكُم فيها قلوبٌ اُعلَّت بداءِ الدنيا التي هي متاعٌ.

وأنَّ النوّابَ عنه صلواتُ الله عليه وآله ، يجبُ أن يكونوا على نحوِ كمالِهِ ، في لبسِ خلعِ كمالِها ، والنهوضِ بمعرفةِ حقِّ جلالِها ، ودوامِ الثبوتِ على هولِ عصمةِ طريقهِ ، وقلوبهم مملوءة من ذخائِرِ انوارِ وجوبِ تأييدهِ وتوفيقِهِ.

( وبعد ) (٢) : فانّي حيث علَّمني اللهُ جلَّ جلالهُ وألهمني تأليف كتاب ( فلاح السائل ونجاح المسائل ) في عملِ اليومِ والليلةِ ، من كتابِ ( مهمات في صلاح المتعبد ، وتتمات لمصباح المتهجد ) ويكمل مجلدين أكثر من ستين كراساً ، وحوى من الاسرار ما يعرفها من نظره استئناساً واقتباساً.

وعملتُ بعدهُ كتاب ( زهرة الربيع في أدعية الاسابيع ) ويكمل أكثر من

__________________

(١) الأرج والأريج : توهج ريح الطيب. الصحاح ـ أرج ـ ١ : ٢٩٨.

(٢) أثبتناها في نسخة « ن » ، وفي نسخة «ك » كلمة غير مقروءة.

٣٣

ثلاثين كراساً.

ثم كمّلتُ بعدهُ كتابَ ( جمال الاسبوع بكمال العمل المشروع ) وزادَ على الثلاثين من الكراريسِ ، ويكملُ به عمل الاسبوعِ على الوجهِ النفيسِ.

بقيَ عملُ ما يختص بكلِّ شهرٍ على التكرارِ ، ووجدتُ في الروايةِ أنَّ فيه أدعية كالدروعِ من الأخطارِ ، فشرعتُ في هذا المرادِ ، بما عوَّدني الله جلَّ جلاله وأرفدني من الانجادِ والاسعادِ وسميتهُ : كتاب ( الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل مثلها كل شهر على التكرار ).

وسوف أذكرُ تسميةَ فصولِ هذا الجزء الخامسِ من هذا الكتابِ جملةً قبلَ التفصيلِ ، ليعلمَ الناظرُ فيهِ مرادهُ منهُ فيطلبهُ على الوجهِ الجميلِ.

الفصل الاول : فيما يعمل أول ليلة من كل شهر عند رؤية هلاله ، ومن صلاة بسورة الانعام في أول ليلة من الشهر يأمن بها المصلي لها من أكدار ذلك الشهر كله. وما يعمله من له عدو عند رؤية الهلال للامان من عدوه بقدرة الله جل جلاله وفضله.

الفصل الثاني : فيما يؤكل أول الشهر لئلا ترد له حاجة فيه.

الفصل الثالث : فيما نذكره مما يعمل اول كل شهر من صلاة ودعاء وصدقة صادر عن كل من تدبيره من جملة تدبير الله جل جلاله وفضله ، ليسلم العبد بذلك من خطر الشهر كله.

الفصل الرابع : فيما نذكره من صوم داود عليه‌السلام.

الفصل الخامس : فيما نذكره من صوم جماعة من الانبياء وأبناء الانبياء صلوات الله جل جلاله عليهم.

الفصل السادس : فيما نذكره من صيام أول خميس في العشر الأول من

٣٤

كل شهر ، وأول أربعاء في العشر الثاني منه ، وآخر خميس من العشر الاخير منه.

الفصل السابع : فيما نذكره من الرواية في أدب الصائم في هذه الثلاثة الايام.

الفصل الثامن : فيما نذكره من الرواية في هذه الثلاثة الايام.

الفصل التاسع : فيما نذكره من الرواية في هذه الثلاثة الايام من الشهر أربعاء بين خميسين ، أو خميسا بين أربعاءين.

الفصل العاشر : فيما نذكره من الرواية في تعيين أول خميس من الشهر ، وآخر خميس منه.

الفصل الحادي عشر : فيما نذكره من الرواية بأنه اذا اتفق خميسان في أوله وأربعاءان في وسطه ، أو خميسان في آخره ، أن صوم الاول منهما أفضل أو الآخر ، وتأويل ذلك.

الفصل الثاني عشر : فيما نذكره مما يعمله من ضعف عن صيام الثلاثة الايام.

الفصل الثالث عشر : فيما نذكره من الاخبار في أنه يجزئ مد من الطعام عن اليوم.

الفصل الرابع عشر : فيما نذكره من صوم اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر ، وهي الايام البيض.

الفصل الخامس عشر : فيما نذكره من فضل قراءة سورة الاعراف فيكل شهر.

الفصل السادس عشر : فيما نذكره من فضل قراءة سورة الانفال في كل شهر.

٣٥

الفصل السابع عشر : فيما نذكره من فضل قراءة [ سورتي ] الانفال وبراءة في كل شهر.

الفصل الثامن عشر : فيما نذكره من فضل قراءة سورة يونس عليه‌السلام في كل شهر.

الفصل التاسع عشر : فيما نذكره من فضل قراءة سورة النحل في كل شهر.

الفصل العشرون : فيما نذكره من زيارة الحسين صلوات الله عليه في كل شهر ، وحديث من كان يزوره كل شهر وتأخّر عنه فعوتب على تأخره.

الفصل الحادي والعشرون : فيما نذكره من الرواية الثانية (١) في ثلاثين فصلاً ، لكل يوم فصل منفرد ، وهو يقارب الرواية الاولى.

الفصل الثاني والعشرون : في رواية اُخرى بتعيين أيام الشهور ، وما فيها من وقت السرور والمحذور.

الفصل الثالث والعشرون : فيما نذكره من حديث اليوم الذي ترفع فيه أعمال كل شيء.

أقول : ذكر تفصيل هذه الفصول :

__________________

(١) يبدو ان هناك سقطاً في تسلسل الفصول ، حيث لم يرد ذكر الفصل الخاص بالرواية الاولى لادعية الشهر فانسحب ذلك على بقية الفصول ، فتأمل.

٣٦

الفصل الاول :

فيما يعمل أول ليلة من كل شهرعند رؤية هلاله ،

ومن صلاة بسورة الانعام في أول ليلة من الشهر يأمن بها المصلي

لها من أكدار ذلك الشهر كله ، وما يعمله من له عدو عند رؤية

الهلال للامان من عدوه بقدرة الله جل جلاله وفضله

أقول : أما ما يعمله عند رؤية هلال كل شهر ، فقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه كان اذا رأى الهلال كبَّر ثلاثاً وهلّل ثلاثاً ، ثم قال : « الحَمدُ للهِ الذي اذهَبَ بشَهرِ كذا ، وجاءَ بشَهرِ كذا ».

وروي : أنَّه يقرأ عند رؤية الهلال سورة الفاتحة سبع مرات ، فانه من قرأها عند رؤية الهلال عافاه الله من رمد العين في ذلك الشهر.

أقول : ووجدت في رؤية الهلال شيئاً لم أظفر باسناده على العادة ، نذكره احتياطاً للعبادة. وهو ما يفعل عند رؤية الهلال : تكتب على يدك اليسرى بسبابة يمينك : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة الى آخرهم عليهم‌السلام ، وتكتب : ( قُل هُو الله أحدٌ ) الى اخرها ، ثم تقول : اللَّهمَّ انَّ النّاسَ اذا نَظَروا الى الهِلال نَظَر بَعضُهُمُ الى بَعضٍ ، وانِّي نَظَرتُ الى أسمائِك وأسماءِ نَبيِّكَ وَوَلِيِّكَ وَأولِيائِكَ عليهم‌السلام والى كِتابِكَ ، فاعطِني كلَّ الذي اُحبُ مِنَ الخَير ، واصرِف عني كلَّ الذي اُحبُ أنْ تَصرِفَهُ عنّي مِنَ الشّرّ ، وزِدني مِن فَضِلكَ ما أنتَ أهلهُ ، ولا حَولَ ولا

٣٧

قُوةَ إلاّ بالله العليِّ العظيمِ (١).

قلتُ أنا : انَّ اليد اليسرى محل استعمال النجاساتِ ، وهذهِ الاسماء من أشرفِ المسميات ، فان أراد الانسان أن يكتبها في رقعة ويجعلها في كفه اليسار عند رؤية الهلال ويقول ما ذكرناه ، فعسى يكون أحوط في تعظيم من سميناه.

أقول : وقد روينا في شهر رمضان وغيره أدعية عند رؤية هلاله ، وفيها من اللفظ والمعاني ما يقتضي عموم الحاجة الى الدعاء عند رؤية كل هلال لدفع أخطاره وأهواله ، وفتح مساره وإقباله. ولم اقف الى الآن على دعاء شامل للمعاني التي يحتاج الداعي اليها عند رؤية هلال كل على البيان ، وجوّزت أن يكون قد روي ذلك ولم اقف عليه ، ورأيت أن انشاء الدعوات بمقتضى الحاجات مأذون فيه في الروايات ، فأنشأت فيه دعاء لكل شهر لأعمل عليه ، ويعمل من يهديه الله جل جلاله اليه ، الى ان أجد ما عساه قد روي في معناه فأعمل بمقتضاه.

وهو هذا الدعاء : اللّهمَّ انَّكَ جعلتَ مِن آياتِكَ الدالةِ عَليكَ ، ومِن هباتِكَ لِمَن تُريدُ هدايتَهُ اليكَ ، تَدبيرَ كلِّ هالِكٍ عندَ ابتدائِهِ وانتهائِهِ ، مِن اظهارِ النُقصانِ عليهِ واقبالِ التَمامِ اليهِ ، وجَعلتَ ذلك على التدرِيجِ الدالِّ على قُدرتِكَ وكمالِ اختيارِكَ ، وعلى رَحمَتِكَ بمبارِّكَ وأنوارِكَ.

اللّهمَّ وهذا شَهرٌ جَديدٌ ، وَما نَعلَمُ ما يختَصُّ بهِ هِلالهُ السعيدُ ، مِن خيرٍ فنسألُكَ تَسهِيلُه والزِّيادَةَ عليهِ ، أو مكروهٍ فنسألُكَ مَحوَهُ وتَبدِيلَهُ بخيرٍ مما نحتاجُ اليهِ.

__________________

(١) رواه الطبرسي فى مكارم الأخلاق : ٣٤٢.

٣٨

فنحنُ قائِلونَ : اللّهمّ هَبْ لََنا ما نَحتاجُ اليهِ في هذا الشّهرِ الجديدِ من العُمرِ المديدِ ، والعَيشِِ الرَغيدِ ، ومِنَ التَأييدِ والمزيدِ ، وكلِّ عَمَلٍ سَعيدٍ. وامحُ كلََّ ما اشتَمَلَ عليهِ مِن كَدَرٍ أو ضَرَرٍ ، أو امتحانٍ أو نُقصانٍ ، أو أذى مِن قَرِيبٍ أو بَعِيدٍ أو ضَعِيفٍ أو شَدِيدٍ.

وألهمنا مِن حَمدك وتَقديسِ مجدِكَ ما يَكونُ مُكمِّلاً لنا لِما أنت أهلُه مِن رفدِكَ.

وَسَيِّرنا فيهِ على مَطايا السَّلامَةِ والاستِقامَةِ ، والامانِ مِنَ الندامَةِ في الدنيا وَيَوم القيامَةِ.

واجعَل حَرَكاتَنا وسَكَناتِنا وارادَاتِنا وكَراهاتِنا صادِرةً عَنِ المُعامَلَةِ لكَ بوسائِلِ الاخلاصِ ، وَفَضائِلِ الاختِصاصِ.

وتَفَضَّل عَلينا بالعَفوِ والعافِيةِ في أديانِنا وأبدانِنا ومن يَعُزُّ عَلينا ، وكلُّ ما أحسنتَ بهِ الينا.

واجعَل كلَّ لَيلةٍ ويومٍ حَضَرَ مِنهُ خَيراً ممّا مضى قَبلهُ ، وضاعِف لَنا خَيرَ ذلك وَفَضلَهُ حتى نَكون مُجتَهِدينَ بالاعمالِ والاقوالِ ، في زياداتِ الكمالِ والاقبالِ ، ومُتعوّضينَ من نُقصانِ الاعمارِ بانقِضاءِ اللَّيلِ والنَّهار ، بما نَظهَرُ بهِ مِنَ الاستِظهارِ لِلمَقامِ تحتَ التُرابِ والاحجارِ ، وَلِدفعِ هوال يَومِ الاخطارِ ، وَلِعمارةِ دارِ القرارِ.

فأدخِلنا في شَهرِنا هذا مَدخَلَ صدقٍ ، واقِمنا بهِ مَقامَ صِدقٍ ، وَأخرِجنا مخرَجَ صِدقٍ ، واجعَل لَنا مِن لَدُنكَ سُلطاناً نَصِيراً ، وَزِدنا في

٣٩

الدنيا اِنعاماً كثيراً ، وفي الاخرةِ نَعيماً ومُلكاً كَبيراً ، وابدَأ في ذلكَ بمن تُريدُ تقديمَهُ في الدُعآءِ عَلَينا ، وأنزِل عَلينا وكُلّ مُحسنٍ الينا رَحمَتَكَ يا أرحَمَ الراحِمينَ.

وأما الصلاة في أول ليلة من الشهر ، فانني وجدت في بعض الروايات عن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه أفضل الصلوات : ان من صلّى أول ليلة من الشهر وقرأ سورة الانعام في صلاته في ركعتين ، ويسأل الله تعالى أن يكفيه كل خوف ووجع امن في بقية ذلك الشهر مما يكرهه (١) باذن الله تعالى.

أقول : وأما ما يعمله عند وقت رؤية الهلال من يخاف من عدو يؤذيه ببعض الاهوال ، فاننا روينا : عن محمد بن قرة ـ باسناده ـ قال : روي عن النبي صلوات الله عليه أنه قال : « إذا خفت أحدا فأردت أن تكفى أمره وشره ـ أو كما قال عليه‌السلام ـ فاعتمد ليلة الهلال كأنك تومئ اليه بالخطاب وقل : ( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ) (٢) فاحترقت ( ثلاثا ) ، وتومئ بهذه الكلمة نحو دار الرجل الذي تخافه ( وتقول ) : اللّهمَّ (٣) طُمَّهُ بالبلاءِ طَمَّاً ، وعُمَّهُ بالبلاءِ عَمّاً ، وارمِهِ بحجارَةٍ من سِجّيلٍ ، وَطَيركَ الابابِيلِ ، يا عليُّ يا عَظِيمُ.

ثم تقول مثل ذلك في الليلة الثانية من الشهر والليلة الثالثة ، فان نجع وبلغ ما تريده في الشهر الاول ، والا فعلمت مثل ذلك في الشهر الثاني ، تلتمس

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٣٣ / ١.

(٢) البقرة ٢ : ٢٦٦.

(٣) اثبتناها من نسخة « ن ».

٤٠