النحو المستطاب - ج ٢

المؤلف:

الدكتور عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع
الطبعة: ٨
الصفحات: ٣١٢
الجزء ١ الجزء ٢

حال من زيد مؤول بنكرة من معناه.

الثاني : أن يكون مشتقا (١) فإن وقع جامدا فمؤول بمشتق نحو بدت الجارية قمرا (٢) أي مضيئة.

ونحو : بعته يدا بيد (٣) ، أي متقابضين ، ونحو : ادخلوا رجلا

__________________

(١) هذا الغالب من أحواله وإلا فقد يقع الحال جامدا غير مؤول بمشتق نحو : هذا بسرا أطيب منه رطبا ، خلافا لمن أوله بمبسرا ومرطبا ونحو قوله تعالى : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) ، ونحو : (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً).

(٢) بدت الجارية قمرا : بدا : فعل ماض ، والتاء : علامة التأنيث حرف مبني على السكون وحرك لالتقاء الساكنين. الجارية : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره. قمرا : حال من الجارية ، وهو جامد مؤول بمشتق تقديره مضيئة منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٣) بعته يدا بيد : بعته : فعل وفاعل ومفعول ، باع : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل ، والهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. يدا : حال من الفاعل والمفعول وهو منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. بيد : جار ومجرور ؛ الباء : حرف جر ، يد : مجرور بالباء وعلامة جره كسر آخره ، والجار والمجرور متعلق بواجب الحذف تقديره كائنا في محل نصب حال أيضا ؛ لأن الحالية مستفادة منهما معا لا من أحدهما ، وكلاهما مؤول بمشتق تقديره متقابضين.

٦١

رجلا (١) ، أي مترتبين.

الثالث : أن يكون الحال منتقلا أي لا يكون وصفا ثابتا لازما ، كقولك : جاء زيد راكبا ، فراكبا حال من زيد وهو وصف منتقل وليس ثابتا لازما لجواز انفكاكه عن زيد ؛ بأن يجيء ماشيا (٢).

الرابع : أن يكون بعد تمام الكلام أي بعد جملة تامة ، وليس المراد بتمام الكلام أن يكون الكلام مستغنيا عنه ، بدليل قوله تعالى : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً)(٣) ، ألا ترى أن الكلام لا تتم فائدته المقصودة بدون مرحا.

__________________

(١) ادخلوا رجلا رجلا : ادخلوا : فعل أمر مبني على حذف النون. وواو الجماعة : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. رجلا : حال من الفاعل منصوب وعلامة نصبه فتح آخره ، وكذا رجلا الثاني حال منصوب وعلامة نصبه فتح آخره ، وكلاهما مؤول بمشتق تقديره مترتبين.

(٢) قد يأتي الحال غير منتقل أي وصفا ثابتا لازما ، كقول بعض العرب : خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها ، ونحو : دعوت الله سميعا ، ومنه قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) ، أي مبينا فأطول ، وسميعا ، ومفصلا أحوال وهي صفات لازمة.

(٣) (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) : الواو : حرف عطف. (لا) : ناهية. (تَمْشِ) : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره وهو الياء ، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. (فِي الْأَرْضِ) : جار ومجرور ؛ (فِي) : حرف جر ، و (الْأَرْضِ) : مجرور بفي وعلامة جره كسر آخره ، والجار والمجرور متعلق بتمش. (مَرَحاً) : حال من الفاعل المستتر في تمش وهو منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. ـ

٦٢

الخامس : لا يكون صاحب الحال في الغالب إلا معرفة كما تقدم في

__________________

تتمة : قد علم مما ذكروه في هذا الباب أن الحال لها أقسام كثيرة : الأولى : المنتقلة ، والمراد بها غير اللازمة لصاحبها ، كجاء زيد راكبا. الثانية : اللازمة نحو : (خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً). الثالثة : المقصودة ، كجاء زيد ضاحكا. والرابعة : الموطئة والمقصود ما بعدها نحو (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا). الخامسة : المقارنة في الزمان نحو (هذا بَعْلِي شَيْخاً). السادسة : المحكية وهي الماضية نحو : جاء زيد أمس راكبا. السابعة : الحال المقدرة ، وهي المستقبلة نحو ادخلوها خالدين أي مقدرين الخلود بعد دخولكم. الثامنة : المبينة وتسمى المؤسسة ، وهي ما لا يستفاد معناها إلا بها وهي الغالب ، وجميع الأمثلة السابقة صالحة لها نحو : ضربت اللص مكتوفا. التاسعة : المؤكدة نحو (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) وقوله تعالى : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، وقوله تعالى : (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً). العاشرة : المنفردة وهي الغالب ، وجميع الأمثلة السابقة صالحة لها. الحادية عشرة : المتعددة وهي قسمان : مترادفة ومتداخلة ؛ فالمترادفة نحو : جاء زيد راكبا مبتسما ، إذا جعلنا راكبا ومبتسما حالين من زيد وعاملهما جاء ـ سميت مترادفة لترادفها أي تتابعها ، والمتداخلة : كالمثال المذكور إذا جعلنا راكبا حالا من زيد وعاملها جاء ، وجعلنا مبتسما حالا من الضمير المستتر في راكبا ، وعامله الوصف وهو راكب لأنه اسم فاعل ـ سميت متداخلة لدخول صاحب الحال الثانية في الحال الأولى ، ومما هو محتمل للترادف والتداخل من القرآن العزيز قوله تعالى : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) إلى قوله : (لا تَخافُونَ) فآمنين ولا تخافون حالان من الضمير وهو الواو المحذوفة من «تدخلن» فهي على هذا مترادفة ، ويجوز أن يكون لا تخافون حالا من الضمير في آمنين فهي حينئذ حال متداخلة ، ومثله قوله ـ

٦٣

الأمثلة ، أو نكرة بمسوغ (١).

س : لماذا لا يكون صاحب الحال نكرة إلا بمسوغ؟

ج : لا يكون صاحب الحال نكرة لأمرين : أحدهما : أن صاحب الحال محكوم عليه والحكم على الشيء لا يتأتى إلا بعد معرفته ، فإذا اقترنت النكرة بمسوغ قل الإبهام وقربت من المعرفة وحصلت الفائدة.

والثاني : لئلا يشتبه الحال بالصفة في نحو قولهم رأيت رجلا راكبا (٢).

__________________

تعالى : (اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) ، وقوله تعالى : (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً) ، والتداخل في الحال المتعددة أولى من الترادف لمنع بعضهم ترادف الحال متضادة كانت أو لا لكن الأصح جوازه كما قررناه.

(١) قد يقع صاحب الحال نكرة بلا مسوغ ، كقولهم : عليه مائة بيضا ، بكسر الباء حال من مائة ، ومنه قولهم : مررت بماء قعدة رجل ، بكسر القاف وسكون العين حال من ماء ، وفي الحديث : «وصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قاعدا وصلى وراءه رجال قياما» فقياما حال من رجال ، وهي نكرة محضة. وهل مجيء الحال من النكرة المحضة مما يقاس عليه؟ قولان : أحدهما : لا يقاس عليه وإنما يحفظ ما ورد منه وبه قال الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب وهما شيخا سيبويه ، والثاني : أن ذلك مقيس لا يوقف على ما ورد من السماع وبه قال سيبويه واختاره أبو حيان.

(٢) رأيت رجلا راكبا : رأيت : فعل وفاعل ؛ رأى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. راكبا : نعت لرجلا ، والنعت يتبع المنعوت في الإعراب تبعه في نصبه وعلامة نصبه فتح آخره.

٦٤

س : اذكر بعض المسوغات مع التمثيل.

ج : من المسوغات أن يتقدم الحال على النكرة نحو : في الدار جالسا رجل (١) ، فجالسا حال تقدم على صاحبه (٢) ، ومنها أن يكون صاحب الحال مختصا بإضافة كما في قوله تعالى : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً)(٣) ومنها أن يكون صاحب الحال مخصصا بوصف وذلك نحو قراءة إبراهيم بن أبي عبلة (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) مصدقا (٤) بنصب

__________________

(١) في الدار جالسا رجل : في الدار : جار ومجرور ؛ في : حرف جر ، الدار : مجرور بفي وعلامة جره كسر آخره ، والجار والمجرور شبه جملة متعلق بمحذوف وجوبا تقديره كائن في محل رفع خبر مقدم. جالسا : حال من رجل تقدم عليه منصوب وعلامة نصبه فتح آخره ، ولا يتعين ذلك ، بل يجوز أن يكون جالسا حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور. ورجل : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه ضم آخر.

(٢) ومن ذلك قول كثير عزة :

لمية موحشا طلل

يلوح كأنه خلل

فموحشا حال من طلل تقدم عليه.

(٣) (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً) : (فِي أَرْبَعَةِ) : جار ومجرور ؛ (فِي) : حرف جر ، (أَرْبَعَةِ) : مجرور بفي وعلامة جره كسر آخره ، والجار والمجرور متعلق بالفعل الذي قبله جعل أربعة مضاف. و (أَيَّامٍ) : مضاف إليه مجرور وعلامة جره كسر آخره. (سَواءً) : حال من أربعة وهي نكرة تخصصت بالإضافة إلى أيام.

(٤) (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) مصدقا : الواو : حرف عطف. (لَمَّا) : رابطة لوجود شيء بوجود غيره. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. هم : الهاء ـ

٦٥

مصدقا على أنه حال من كتاب وهو نكرة ولكنه تخصص بنعته بظرف وهو قوله : (مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، وهي قراءة شاذة (١) ، وبقية القراءات برفع مصدق نعت لكتاب.

ومنها أن يكون صاحبها مسبوقا بنفي ، نحو قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ)(٢) فجملة : لها منذرون في محل نصب حال من قرية ، وهي نكرة وصح مجيء الحال منها لتقدم

__________________

ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به ، والميم علامة الجمع. (كِتابٌ) : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره. (مِنْ عِنْدِ) : جار ومجرور ؛ (مِنْ) : حرف جر ، و (عِنْدِ) : مجرور بمن وعلامة جره كسر آخره وعند مضاف. ولفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور وعلامة جره كسر الهاء تأدبا ، والجار والمجرور وما أضيف إليه شبه جملة متعلق بواجب الحذف في محل رفع نعت لكتاب. مصدقا : حال من كتاب منصوب وعلامة نصبه فتح آخره ، ولا يتعين ذلك بل يجوز أن يكون حالا من الضمير المستكن في الجار والمجرور.

(١) ومن مجيء الحال من النكرة الموصوفة قول الشاعر :

نجيت يا رب نوحا واستجبت له

في فلك ما خر في اليم مشحونا

فمشحونا حال مع النكرة وهي قوله فلك : لأنها وصفت بماخر أي تشق الماء مع صوت.

(٢) (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ :) الواو : حرف استئناف. (ما :) نافية. (أَهْلَكْنا) : فعل وفاعل ؛ أهلك : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، ونا : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. (مِنْ) : صلة ويسمى حرف جر زائد. (قَرْيَةٍ) : مفعول به منصوب وعلامة ـ

٦٦

النفي عليها (١).

س : هل يجوز تقديم الحال على صاحبها؟

ج : نعم يجوز تقديم الحال على صاحبها المرفوع والمنصوب نحو : جاء ضاحكا زيد (٢) ، ـ ـ ـ

__________________

نصبه فتحة مقدرة على آخره ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (إِلَّا) : أداة حصر. (لَها :) جار ومجرور ؛ اللام حرف جر ، والهاء : ضمير متصل مبني على السكون في محل جر باللام ، والجار والمجرور شبه جملة متعلق بمحذوف وجوبا تقديره كائن في محل رفع خبر مقدم. (مُنْذِرُونَ) : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم ، والنون زيدت عوضا عن التنوين الذي في الاسم المفرد ، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال من قرية ، والذي سوغ مجيء الحال من النكرة تقدم النفي عليها.

(١) وكذلك لو تقدم على النكرة شبه النفي وهو النهي والاستفهام ، فمثال ما وقع بعد النهي قول قطري بن الفجاءة التميمي :

لا يركنن أحد إلى الحجام

يوم الوغى متخوفا لحمام

فمتخوفا حال من النكرة وهي قوله : أحد ، والذي سوغ مجيء الحال منها تقدم النهي عليها. ومثال ما وقع بعد الاستفهام قوله الآخر :

يا صاح هل حم عيش باقيا فترى

لنفسك العذر في إبعادها الأملا

فباقيا حال من النكرة ، وهي قوله : عيش ، وصح مجيء الحال منها لتقدم الاستفهام عليها.

(٢) جاء ضاحكا زيد : جاء : فعل ماض مبني على الفتح. ضاحكا : حال من

٦٧

وضربت مجردة هندا (١). وأما المجرورة بحرف جر أصلي فلا يجوز تقديم الحال عليه عند جمهور النحاة (٢) وأجازه بعضهم (٣) نحو : مررت جالسة بهند (٤).

__________________

زيد تقدم عليه منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. زيد : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره.

(١) ضربت مجردة هندا : ضربت : فعل وفاعل ؛ ضرب : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. مجردة : حال من هندا منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. هندا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٢) أما المجرور بحرف جر زائد فلا خلاف بين النحاة في تقديم الحال عليه وتأخيره عنه فتقول : ما جاء من أحد راكبا ، وما جاء راكبا من أحد.

(٣) منهم الفارسي ، وابن كيسان ، وابن برهان ، ووافقهم ابن مالك حيث يقول في ألفيته :

وسبق حال ما بحرف جر قد

أبوا ولا أمنعه فقد ورد

ومن ذلك قول طليحة بن خويلد الأسدي :

فإن تك أذواد أصبن ونسوة

فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال

ففرغا حال من قتل المجرور بالباء وقد تقدم عليه.

(٤) مررت جالسة بهند : مررت : فعل وفاعل ؛ مر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. جالسة : حال من هند تقدم عليها منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. بهند : جار ومجرور ؛ الباء : حرف جر ، وهند : مجرور بالباء وعلامة جره كسر آخره. والجار والمجرور متعلق بمر.

٦٨

س : اذكر ما يتعلق بالحال إذا وقع جملة أو شبه جملة مع التمثيل.

ج : الأصل في الحال الإفراد ، وتقع جملة موقع الحال كما تقع موقع الخبر والصفة ، فإذا وقعت الجملة الخبرية حالا فلا بد من رابط يربطها بمن هي له (١) والرابط إما الواو والضمير نحو : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ)(٢) ، فجملة : وهم ألوف مبتدأ وخبر في محل نصب

__________________

(١) يشترط في الجملة التي تقع حالا أربعة شروط : الأول : أن تكون الجملة خبرية أي تحتمل الصدق والكذب ، فلا يجوز أن يكون الحال جملة إنشائية اتفاقا ؛ لأن الحال بمثابة النعت وهو لا يقع جملة إنشائية. الثاني : أن تكون الجملة مشتملة على رابط يربطها بالحال إما الواو أو الضمير أو هما معا. الثالث : ألا تكون جملة الحال تعجبية. الرابع : أن تكون الجملة خالية من دليل استقبال ، كالسين وسوف ونواصب الفعل وأدوات الشرط والتمني والترجي ومن الفاء.

(٢) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ) : (أَلَمْ) : حرف تقرير وجزم. (تَرَ) : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره وهو الألف ، والفاعل مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. (إِلَى :) حرف جر. (الَّذِينَ) : اسم موصول في محل جر بإلى. (خَرَجُوا) : فعل وفاعل ؛ خرج : فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره ، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة لأن الواو لا يناسبها إلا ضم ما قبلها ، والواو : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. (مِنْ دِيارِهِمْ) : جار ومجرور ؛ (مِنْ) : حرف جر ، ديار : مجرور بمن وعلامة جره كسر آخره وهو مضاف ، والهاء : ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة ، والميم علامة الجمع ، والجار والمجرور وما أضيف إليه متعلق بخرجوا ، وجملة الفعل والفاعل صلة الموصول قبلها وهو قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) ، والعائد الواو من خرجوا. (وَهُمْ) :

٦٩

حال من الواو في خرجوا ، والجملة مرتبطة بواو الحال والضمير وهو هم.

أو الضمير فقط نحو (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)(١) فجملة بعضكم لبعض عدو في محل نصب حال ، وهي مرتبطة بالضمير فقط وهو الكاف.

أو الرابط الواو فقط ، وتسمى واو الحال وواو الابتداء ـ وعلامتها صحة وقوع إذا موقعها ـ نحو : جاء زيد وعمرو قائم (٢) ، التقدير إذ عمرو قائم ، فجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال من زيد ، وهي مرتبطة بالواو فقط ومنه قوله تعالى : ـ ـ ـ

__________________

الواو : للحال ، (هُمْ) : ضمير منفصل مبني علي السكون في محل رفع مبتدأ. (أُلُوفٌ) : خبر مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضم آخره ، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال من الواو في خرجوا ، والرابط بينها واو الحال والضمير هم.

(١) (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) : (اهْبِطُوا) : فعل أمر مبني على حذف النون ، والواو : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بعض : مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضم آخره وهو مضاف. والكاف : ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة ، والميم علامة الجمع. (لِبَعْضٍ) : جار ومجرور ؛ اللام : حرف جر ، بعض : مجرور باللام وعلامة جره كسر آخره ، والجار والمجرور متعلق بعدو. (عَدُوٌّ) : خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره ، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال.

(٢) جاء زيد وعمرو قائم : جاء : فعل ماض مبني على الفتح. زيد : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره. وعمرو : الواو : حالية ، عمرو : مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضم آخره. قائم : خبر مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضم آخره ، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال من زيد ، والرابط بينهما واو الحال.

٧٠

(قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ)(١) ، فجملة : ونحن عصبة مبتدأ وخبر في محل نصب حال من الذئب ، والجملة مرتبطة بالواو فقط.

__________________

(١) (قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) : (قالُوا) : فعل وفاعل قال فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة لأن الواو لا يناسبها إلا ضم ما قبلها. والواو : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. (لَئِنْ) : اللام : داخلة في جواب قسم مقدر تقديره والله. إن : حرف شرط جازم تجزم فعلين الأول فعل الشرط والثاني جوابه. أكل : فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط. والهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. (الذِّئْبُ) : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره. الواو : للحال. (نَحْنُ) : ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. (عُصْبَةٌ) : خبر مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضم آخره ، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال ، والرابط بينهما الواو. تنبيه : اعلم أن الجملة الواقعة حالا إما أن تكون فعلية أو اسمية ، والفعل إما مضارع أو ماض ، وكل واحدة من الفعلية والاسمية إما مثبتة أو منفية ، فإن كانت الجملة الحالية فعلية مبدوءة بفعل مضارع مثبت فلا يصحبها الواو بل لا ترتبط إلا بالضمير فقط نحو : جاء زيد يضحك ، ولا يجوز أن يقال : جاء زيد ويضحك ، فإن جاء من لسان العرب ما ظاهره ذلك أوّل على إضمار مبتدأ بعد الواو ، ويكون الفعل المضارع خبرا عن ذلك المبتدأ وذلك كقول عبد الله بن همام السلولي :

فلما خشيت أظافرهم

نجوت وأرهنهم مالكا

فالتقدير وأنا أرهنهم ، وإن كان المضارع مبدوءا بقد لزمت الواو كما في قوله تعالى : (لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ). وما عدا ما ذكر يجوز فيه أن يرتبط بالواو فقط أو بالضمير فقط أو بهما معا ، فيدخل في ذلك الجملة الاسمية ، مثبتة أو منفية ، والفعل الماضي

٧١

*التمييز (١)*

س : عرف التمييز لغة واصطلاحا.

ج : التمييز لغة : فصل الشيء عن غيره (٢) ، وهو مصدر بمعنى اسم الفاعل أي المميز لما فيه من رفع الإبهام في جملة أو مفرد. واصطلاحا : هو اسم نكرة منصوب مفسر لما انبهم من الذوات أو النسب.

س : الذات المبهمة أربعة أنواع. اذكرها مع التمثيل.

ج : أحدها : العدد (٣) سواء كان صريحا نحو : اشتريت عشرين

__________________

المثبت والمنفي ، والفعل المضارع المنفي. فتقول في الجملة الاسمية : جاء زيد وعمرو قائم ، وجاء زيد يده على رأسه ، وجاء زيد ويده على رأسه ، وكذلك تقول في المنفي ، وتقول في الجملة الفعلية المبدوءة بفعل ماض : جاء زيد وقد قام عمرو ، وجاء زيد قد قام أبوه ، وجاء زيد وقد قام أبوه ، وكذلك تقول في المنفي وتقول في الفعل المضارع المنفي : جاء زيد لم يضحك ، وجاء زيد ولم يضحك.

(١) ويقال له التفسير والتبيين.

(٢) ومنه قوله تعالى : (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) أي انفصلوا من المؤمنين ، وقوله تعالى : (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) أي ينفصل بعضها عن بعض.

(٣) ليس المراد كل عدد ، بل الأحد عشر فما فوقها إلى تسعة وتسعين بإدخال الغاية ، وهذا هو الذي يتعين نصب تمييزه ، ولا يجوز جره بالإضافة أصلا ولا بمن إلا إن عرف مجموعا كأحد عشر من الكواكب وتسع وتسعين من النعاج.

٧٢

غلاما (١) ، وملكت تسعين نعجة (٢) ، أو كناية نحو : كم عبدا ملكت؟ (٣) ، فغلاما ، ونعجة ، وعبدا ، كلها تمييز للعدد (٤).

__________________

(١) اشتريت عشرين غلاما : اشتريت : فعل وفاعل ، اشترى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. عشرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة لأنه محمول على جمع المذكر السالم ، والنون زيدت عوضا عن التنوين الذي في الاسم المفرد. غلاما : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٢) ملكت تسعين نعجة : إعرابه كسابقه.

(٣) كم عبدا ملكت : كم : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. عبدا : تمييز لكم الاستفهامية منصوب وعلامة نصبه فتح آخره ، ملكت : فعل وفاعل ؛ ملك : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(٤) ومن تمييز العدد تمييزكم ؛ وذلك لأن كم في العربية كناية عن عدد مجهول الجنس والمقدار ، وهي على ضربين : استفهامية بمعنى أي عدد ويستعملها من يسأل عن كمية الشيء ، وخبرية بمعنى كثير ويستعملها من يريد الافتخار والتكثير. وتمييز كم الاستفهامية منصوب مفرد تقول : كم عبدا ملكت؟ بفتح التاء ، وكم دارا بنيت؟ ويجوز خفض تمييز كم الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر تقول : بكم درهم اشتريت؟ والخافض له حرف الجر لا الإضافة خلافا للزجاج. وأما كم الخبرية فتمييزها مخفوض دائما ، ثم تارة يكون مجموعا كتمييز

٧٣

الثاني : المقدار سواء كان من المكيلات نحو : اشتريت قفيزا برا (١) ، أو الموزونات نحو : اشتريت منا سمنا (٢).

أو المساحات نحو : اشتريت شبرا أرضا (٣).

الثالث : شبه المقدار (٤) نحو : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً

__________________

العشرة فما دونها تقول : كم عبيد ملكت بضم التاء ، كما تقول : عشرة أعبد ملكت ، وثلاثة أعبد ملكت ، وتارة يكون مفردا كتمييز المائة فما فوقها تقول : كم عبد ملكت ، كما تقول : مائة عبد ملكت ، وألفا عبد ملكت.

(١) اشتريت قفيزا برا : اشتريت : فعل وفاعل ؛ اشترى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. قفيزا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. برا : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. والقفيز مكيال يسع اثني عشر صاعا.

) اشتريت منا سمنا : اشتريت : فعل وفاعل ؛ اشترى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. قفيزا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. برا : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. والقفيز مكيال يسع اثني عشر صاعا.

(٣) اشتريت شبرا أرضا : إعرابه كسابقه.

(٤) هي المقاييس التي لم تشتهر ولم توضع للتقدير تحقيقا ، بل تقريبا ، ومنه ـ

٧٤

يَرَهُ)(١) ، فخيرا تمييز لمثقال ذرة ؛ لأن مثقال ذرة شبيه بما يوزن به.

الرابع : ما كان فرعا للتمييز نحو : هذا خاتم حديدا (٢) ، فحديدا تمييز والخاتم فرع الحديد ؛ لأنه مصوغ منه فيكون الحديد هو الأصل (٣). ومثله :

__________________

الأوعية وما يجري مجراها نحو : اشتريت نحيا سمنا ، والنحي وعاء للسمن وليس مما يكال به ويعرف به مقداره ، وإنما هو اسم لوعائه فيكون صغيرا أو كبيرا ، ومثله : عندي سقاء ماء ، وصببت عليه ذنوبا ماء ، ومما يشبه المساحة قولهم : ما في السماء موضع راحة سحابا.

(١) (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) : الفاء : حرف عطف وتفريع. من : اسم شرط جازم تجزم فعلين الأول فعل الشرط والثاني جوابه في محل رفع مبتدأ. (يَعْمَلْ) : فعل الشرط مجزوم بأداة الشرط وعلامة جزمه سكون آخره ، وفاعله مستتر فيه جوازا تقديره هو. (مِثْقالَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتح آخره ، وجملة الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ. (خَيْراً) : تمييز لمثقال ذرة منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. ير : جواب الشرط مجزوم بأداة الشرط وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره وهو الألف ، وفاعله مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(٢) هذا خاتم حديدا : الهاء : للتنبيه ، وذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خاتم : خبر مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضم آخره. حديدا : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٣) وهذا النوع لا يتعين فيه النصب على التمييز ، بل يجوز جره بالإضافة ويجوز رفعه على أنه عطف بيان ـ وهو الأحسن ـ أو على أنه بدل أو على أنه نعت وهو ضعيف لفقد الاشتقاق.

٧٥

هذا باب ساجا (١) ، وهذه جبة خزا (٢).

س : التمييز المبين للإبهام النسبة أربعة أنواع. اذكرها مع التمثيل.

ج : الأول : المحول عن الفاعل نحو : تصبب زيد عرقا (٣) ، فعرقا تمييز لإبهام نسبة التصبب إلى زيد محول عن الفاعل ، وأصله تصبب عرق زيد ، فحذف الفاعل وأقيم المضاف إليه مقامه ، فارتفع ارتفاعه ، وحول الإسناد عن الفاعل إلى المضاف إليه ، ثم جيء بالفاعل وجعل تمييزا لإجمال النسبة (٤) ، ومثله : تفقأ بكر شحما (٥) ، وطاب محمد

__________________

(١) هذا باب ساجا : إعرابه كسابقه ، والساج نوع من الخشب.

(٢) هذه جبة خزا : الهاء : للتنبيه ، وذه : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. جبة : خبر مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضم آخره. خزا : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. ولك إعرابه مضافا إلى جبة ، أو رفعه على أنه عطف بيان أو بدل أو نعت على ضعف فيه لفقد الاشتقاق ، والخز هو المنسوج من الحرير.

(٣) تصبب زيد عرقا : تصبب : فعل ماض مبني على الفتح. زيد : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره. عرقا : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٤) لأنه عند حذف الفاعل وإقامة المضاف إليه مقامه صار تصبب زيد ، فحصل الإجمال في نسبة التصبب إلى زيد من أي جهة هو ؛ إذ ليس المقصود أن ذات زيد هي المتصببة بل شيء منها ، فجيء بالفاعل المحذوف تمييزا لإجمال النسبة ، وإنما فعل ذلك للتأكيد والمبالغة لأن ذكر الشيء مجملا ثم مفصلا أوقع في النفس من ذكره مفسرا ابتداء.

(٥) تفقأ بكر شحما : تفقأ : فعل ماض مبني على الفتح. بكر : فاعل مرفوع

٧٦

نفسا (١) ، (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(٢) والأصل تفقأ شحم بكر ، وطابت نفس محمد ، واشتعل شيب الرأس ، ففعل بها ما تقدم (٣).

الثاني : المحول عن المفعول به نحو : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً)(٤) ، أصله : وفجرنا عيون الأرض ، فحذف المفعول به وأقيم المضاف إليه مقامه فانتصب انتصابه فحصل إبهام في النسبة (٥) ، فجيء بالمفعول به تمييزا لإبهام النسبة.

الثالث : المحول عن المبتدأ الواقع بعد اسم التفضيل نحو : (أَنَا أَكْثَرُ

__________________

وعلامة رفعه ضم آخره. شحما : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(١) طاب محمد نفسا : إعرابه كسابقه.

(٢) (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) : الواو : حرف عطف. (اشْتَعَلَ) : فعل ماض مبني على الفتح. (الرَّأْسُ) : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره. (شَيْباً) : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٣) أي في المثال الأول من حذف الفاعل وإقامة المضاف إليه مقامه ، وحول الإسناد عن الفاعل إلى المضاف إليه ، ثم جيء بالفاعل ونصب على التمييز.

(٤) (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) : الواو : حرف عطف. (فَجَّرْنَا) : فعل وفاعل ؛ فجر : فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره ، منع من ظهوره اشتغال المحل بالسكون العارض لدفع التباس الفاعل بالمفعول ، ونا : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. (الْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. (عُيُوناً) : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٥) لأنه صار(«وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ»).

٧٧

مِنْكَ مالاً)(١) ، أصله : مالي أكثر منك ، فحذف المبتدأ المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، وانفصل فحصل إبهام في النسبة (٢) ، فجيء بالمحذوف وجعل تمييزا (٣).

ومثله : زيد أكرم منك أبا (٤) ، وعمر أجمل منك

__________________

(١) (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً) : (أَنَا) : ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. (أَكْثَرُ) : خبر مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضم آخره ، وأكثر اسم تفضيل يعمل عمل الفعل ، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. (مِنْكَ) : جار ومجرور ؛ من : حرف جر ، والكاف : ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بمن ، والجار والمجرور متعلق بأكثر. (مالاً) : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٢) لأنه صار(«أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ»).

(٣) التمييز الواقع بعد أفعل التفضيل إن كان فاعلا في المعنى وجب نصبه ، وإن لم يكن كذلك وجب جره بالإضافة ، وعلامة ما هو فاعل في المعنى أن يصلح جعله فاعلا بعد جعل أفعل التفضيل فعلا نحو : أنت أكثر مالا ، فمالا يجب نصبه إذ يصح جعله فاعلا بعد جعل أفعل التفضيل فعلا ، فتقول : كثر مالك ، ومثال ما ليس بفاعل في المعنى «زيد أفضل رجل» فيجب جره بالإضافة إلا إذا أضيف أفعل إلى غيره ، فإنه ينصب حينئذ نحو : أنت أفضل الناس رجلا.

(٤) زيد أكرم منك أبا : زيد : مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضم آخره. أكرم : خبر مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضم آخره ، وأكرم أفعل تفضيل يعمل عمل فعله ، وفاعله مستتر فيه جواز تقديره هو. منك : جار ومجرور ؛ من : حرف جر والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بمن ، والجار والمجرور متعلق بأكرم. أبا : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

٧٨

وجها (١) ، والأصل أبو زيد أكرم منك ، ووجه عمر أجمل منك ، ففعل بهما ما تقدم (٢).

الرابع : غير المحول عن شيء أصلا نحو : امتلأ الإناء ماء (٣) ، ولله دره فارسا (٤).

__________________

(١) عمرو أجمل منك وجها : عمرو : مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضم آخره. أجمل : خبر مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضم آخره ، وأجمل أفعل تفضيل يعمل عمل فعله ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. منك : جار ومجرور ؛ من : حرف جر ، والكاف : ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بمن ، والجار والمجرور متعلق بأجمل. وجها : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٢) من حذف المبتدأ المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فحصل إبهام في النسبة فجيء بالمحذوف وجعل تمييزا.

(٣) امتلأ الإناء ماء : امتلأ : فعل ماض مبني على الفتح. الإناء : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره. ماء : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

(٤) لله دره فارسا : لله : جار ومجرور ؛ اللام : حرف جر ، ولفظ الجلالة : مجرور باللام وعلامة جره كسر الهاء تأدبا ، وجملة الجار والمجرور شبه جملة متعلق بواجب الحذف في محل رفع خبر مقدم. در : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره وهو مضاف. والهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. فارسا : تمييز منصوب وعلامة نصبه فتح آخره ، والدر بفتح الدال المهملة وتشديد الراء هو في الأصل مصدر اللبن يدر درورا ، ويسمى اللبن نفسه درا ، وهو هنا كناية عن فعل الممدوح الصادر عنه وإنما أضاف فعله إلى الله قصدا لإظهار التعجب منه ؛ لأنه تعالى منشئ العجائب ، فمعنى قولهم : لله دره فارسا : ما أعجب فعله ، ويحتمل أن

٧٩

س : لما ذا لا يكون التمييز إلا نكرة ، ولا يتقدم على عامله؟

ج : لا يكون التمييز إلا نكرة لأن الغرض منه التفسير وإزالة الإبهام ، وذلك حاصل بالنكرة ألزموا تنكيره احترازا من العبث والزيادة لغير غرض (١) ، ولا يتقدم على عامله لأن المقصود من التمييز التفسير وإزالة الإبهام ؛ وتقدمه على عامله ينافي المقصود ، ولأنه كالنعت في الإيضاح والنعت لا يتقدم على عامله (٢).

س : ما الناصب لتمييز الذات المبهمة وتمييز النسبة؟

ج : الناصب لتمييز الذات المبهمة تلك الذات (٣) ، والناصب لتمييز النسبة هو الفعل المسند.

__________________

يكون التعجب من لبنه الذي ارتضعه من ثدي أمه أي ما أعجب هذا اللبن الذي به تربى مثل هذا الولد الكامل في هذه الصفة.

(١) وأجاز الكوفيون تعريفه مستدلين بقول رشد بن شهاب اليشكري :

رأيتك لما أن عرفت وجوهنا

صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو

وتأوله البصريون على زيادة أل.

(٢) ومنع تقديم التمييز على عامله هو مذهب الجمهور سواء كان العامل متصرفا أو غير متصرف ، فلا يجوز أن يقال : نفسا طاب زيد ، ولا عندي درهما عشرون ، وأجاز الكسائي والمازني والمبرد تقديمه على عامله المتصرف فيقال : نفسا طاب زيد ، ومنه قول الشاعر :

أتهجر ليلى بالفراق حبيبها؟

وما كان نفسا بالفراق تطيب

وحمل الجمهور ما جاء من ذلك على الضرورة. قال الأزهري : واتفق الجميع على جواز تقديم التمييز على المميز إذا كان العامل متقدما نحو : طاب نفسا زيد.

(٣) فقولك : اشتريت عشرين قلما ، فعشرين هي الناصبة لقلما ، وصح عملها

٨٠