الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٥

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٢

أبو بكر فعدل بأُمّتي ، ثمّ عمر فعدلها ، ثمّ عثمان فعدلها ، ثمّ رُفع الميزان.

أخرجه الذهبي في الميزان (١) من طريق عمرو بن واقد الدمشقي ، وقال : لم يشكّ أنّه كان يكذب ، وقال بعد ذكره مع عدّة أحاديث : هذه الأحاديث لا تعرف إلاّ من رواية عمرو ، وهو هالك.

٨٠ ـ مرفوعاً : إنّ أبا بكر وعمر من الإسلام بمنزلة السمع والبصر.

عدّه المقدسي في تذكرته (٢) من موضوعات الوليد بن الفضل الوضّاع.

٨١ ـ أخذ رسول الله بكتفي أبي بكر وعمر ، فقال : أنتما وزيراي.

من موضوعات زكريّا بن دريد الكندي ، نصّ على ذلك المقدسي في التذكرة (٣)) ، والذهبي في الميزان (٤).

٨٢ ـ مرفوعاً : أنا وأنتما ـ يعني أبا بكر وعمر ـ نسرح في الجنّة.

صرّح الذهبي في الميزان (٥) أنّ زكريّا بن دريد الكندي وضعه.

٨٣ ـ عن أبي هريرةمرفوعاً : هذا جبريل يخبرني عن الله : ما أحبّ أبا بكر وعمر إلاّ مؤمن تقيّ ، ولا أبغضهما إلاّ منافق شقيّ.

عُدّ من موضوعات إبراهيم بن البراء الأنصاري الكذّاب (٦).

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٣ / ٢٩١ رقم ٦٤٦٥.

(٢) تذكرة الموضوعات : ص ٢٠.

(٣) تذكرة الموضوعات : ص ٤.

(٤) ميزان الاعتدال : ٢ / ٧٢ رقم ٢٨٧٤ وفيه : زكريا بن دويد.

(٥) ميزان الاعتدال : ٢ / ٧٢ رقم ٢٨٧٤.

(٦) أنظر : الكامل في ضعفاء الرجال : ١ / ٢٥٤ رقم ٨٣ ، ميزان الاعتدال : ١ / ٥٤ رقم ١٧٤ ، لسان الميزان : ١ / ٩١ رقم ٢٧٢ ، وفيها : إبراهيم بن مالك الأنصاري ، وهو نفسه إبراهيم بن البراء الأنصاري كما ذكره الخطيب في موضّح أوهام الجمع والتفريق : ١ / ٣٩٩ ـ ٤٠١.

٥٢١

٨٤ ـ عن أُمّ عياش ـ أمة رقيّة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ما زوّجت عثمان أُمّ كلثوم إلاّ بوحي من السماء.

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (١٢ / ٣٦٤) من طريق أحمد بن محمد بن المفلّس الكذّاب الوضّاع الشهير ، عن عبد الكريم بن روح البزّار الأموي البصري ، قال أبو حاتم (١) : مجهول ، ويقال : إنّه متروك ، وقال ابن حبّان (٢) : يخطئ ويخالف ، عن والده روح بن عنبسة. مجهول ، خلاصة التهذيب (٣) (ص ١٠١). عن أبيه عنبسة بن سعيد. قال الذهبي (٤) : لا يعرف تفرّد عنه ولده روح.

فإن تعجب فعجب سكوت مثل الخطيب عن سندٍ هذا شأنه صوناً لكرامة الأمويّين.

٨٥ ـ عن عبد الله بن عمر مرفوعاً : أتيتُ في المنام بعسٍّ مملوء لبناً فشربت منه حتى امتلأت ، فرأيته يجري في عروقي ، ففضلت فضلة فأخذها عمر بن الخطّاب فشربها. أوّلوا ، قالوا : هذا علم آتاكه الله حتى إذا امتلأت فضلت منه فضلة فأخذها عمر بن الخطّاب ، قال : أصبتم.

من موضوعات عبد الرحمن العدوي الكذّاب حفيد عمر بن الخطّاب ، أخرجه الخطيب في تاريخه (٥) من طريقه.

٨٦ ـ عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه مرفوعاً : ليلة أُسري بي رأيت على العرش مكتوباً : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو النورين يُقتل مظلوماً.

__________________

(١) الجرح والتعديل : ٦ / ٦١ رقم ٣٢٥.

(٢) الثقات : ٨ / ٤٢٣.

(٣) خلاصة الخزرجي : ١ / ٣٢٨ رقم ٢٠٨٤.

(٤) ميزان الاعتدال : ٣ / ٣٠١ رقم ٦٥٠٨.

(٥) تاريخ بغداد : ١٠ / ٢٣١ رقم ٥٣٦١.

٥٢٢

أخرجه الخطيب في تاريخه (١٠ / ٢٦٤) من طريق عبد الرحمن بن عفّان عن محمد بن مجيب الصائغ ، وكلاهما كذّابان ـ راجع سلسلة الكذّابين.

٨٧ ـ عن حذيفة بن اليمان قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة الفجر ، فلمّا انفتل من صلاته قال : أين أبو بكر الصدّيق؟ فأجابه أبو بكر من آخر الصفوف : لبّيك لبّيك يا رسول الله ، قال : أَفرجوا لأبي بكر الصدّيق ، أُدن منّي يا أبا بكر ، لحقت معي التكبيرة الأولى؟ قال : يا رسول الله ، كنت معك في الصفّ الأوّل فكبّرت وكبّرت ، فاستفتحت بالحمد فقرأتها فوسوس لي شيء من الطهور ، فخرجت إلى باب المسجد فإذا أنا بهاتف يهتف بي وهو يقول : وراءك ، فالتفتُّ فاذا أنا بقدح من ذهب مملوء ماءً أبيض من الثلج ، وأعذب من الشهد ، وألين من الزبد ، عليه منديل أخضر مكتوب عليه : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، الصدّيق أبو بكر ، فأخذت المنديل فوضعته على منكبي ، وتوضّأت للصلاة واسبغت الوضوء ، ورددت المنديل على القدح ، ولحقتك وأنت راكع الركعة الأولى ، فتمّمت صلاتي معك يا رسول الله ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبشر يا أبا بكر ، الذي وضّأك للصلاة جبريل ، والذي مندلك ميكائيل ، والذي مسك ركبتي حتى لحقت الصلاة إسرافيل.

روي من طريق محمد بن زياد ، وهو ذلك الكذّاب الوضّاع ، وأراه من موضوعاته ، غير أنّ السيوطي قال في اللآلئ (١) (١ / ١٥٠) : قلت : الظاهر أنّ الآفة من غيره.

٨٨ ـ عن ابن عبّاس قال : ذُكر أبو بكر عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : ومن مثل أبي بكر؟ كذّبني الناس وصدّقني ، وآمن بي وزوّجني ابنته ، وأنفق ماله وجاهد معي في جيش العسرة ، ألا إنّه يأتي يوم القيامة على ناقة من نوق الجنّة ، قوائمها من المسك والعنبر ، ورجلها من الزمرّد الأخضر ، وزمامها من اللؤلؤ الرطب ، عليه حلّتان

__________________

(١) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٢٨٩.

٥٢٣

خضراوان من سندس وإستبرق ، يحاكيني يوم القيامة وأُحاكيه ، فيقال : هذا محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا أبو بكر الصدّيق.

أخرجه ابن حبّان من طريق إسحاق بن بشر بن مقاتل ، فقال : إسحاق كذّاب يضع (١) ـ راجع سلسلة الكذّابين.

٨٩ ـ عن البراء بن عازب ، قال لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم : تدرون ما على العرش؟ مكتوب لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق ، عمر الفاروق ، عثمان الشهيد ، عليّ الرضيّ.

أخرجه ابن عساكر (٢) من طريق محمد بن عبد بن عامر السمرقندي ، وهو ذلك الكذّاب الوضّاع ، وفي سنده ضعفاء آخرون ، والآفة من السمرقندي (٣).

٩٠ ـ عن ابن عبّاس مرفوعاً : إذا كان يوم القيامة يكون أبو بكر على أحد أركان الحوض ، وعمر على الركن الثاني ، وعثمان على الركن الثالث ، وعليّ على الركن الرابع ، فمن أبغض واحداً منهم لم يسقه الآخرون.

هذا ملخّص رواية لخّصها الذهبي في ميزانه (٤) ، ذكره مع حديثين من طريق إبراهيم بن عبد الله المصّيصي ، فقال : هذا رجل كذّاب ، قال الحاكم : أحاديثه موضوعة.

٩١ ـ عن عقبة بن عامر مرفوعاً : أتاني جبرائيل فقال : يا محمد إنّ الله أمرك أن تستشير أبا بكر.

__________________

(١) كتاب المجروحين : ١ / ١٣٥.

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٣٩ / ٢٩٧ رقم ٤٦١٩ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٦ / ١٨١.

(٣) أنظر اللآلئ المصنوعة : ١ / ٢٩٩.

(٤) ميزان الاعتدال : ١ / ٤٠ رقم ١٢٤.

٥٢٤

عُدّ من موضوعات محمد بن عبد الرحمن بن غزوان الكذّاب الوضّاع (١) ـ المذكور في سلسلة الكذّابين.

٩٢ ـ عن عبد الله بن عمر مرفوعاً : أُحشر يوم القيامة بين أبي بكر وعمر حتى أقف بين الحرمين ، فيأتيني أهل مكة والمدينة.

عدّوه من أباطيل عبد الله بن إبراهيم الغفاري الكذّاب الوضّاع ، وهو أحد الحديثين في فضل أبي بكر وعمر اللذين قال ابن عدي (٢) : هما باطلان ، وقال الذهبي في ميزانه (٣) (٢ / ٢١) : غير صحيح.

٩٣ ـ عن أبي هريرة مرفوعاً : إنّ لله تعالى في السماء سبعين ألف ملك يلعنون من شتم أبا بكر وعمر.

أخرجه الخطيب في رواة مالك من طريق سهل بن صقين ، فقال : سهل يضع. اللآلئ المصنوعة (٤) (١ / ١٦٠) ، وفي لسان الميزان (٥) (٤ / ٤١) : أخرجه الدارقطني في غرائب مالك عن محمد بن الحسين الحرّاني ، عن عبد الغفّار وقال : هذا منكر ، وسهل ضعيف ، ومن دونه مجهول.

٩٤ ـ عن ابن عبّاس قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامي على برذون أبلق ، فدنوت منه وعليه عمامة من نور معتجراً بها ، وفي رجليه نعلان خضراوان شراكهما من لؤلؤ رطب ، بكفّه قضيب من قضبان الجنّة أخضر ؛ فسلّم عليّ فرددت عليه وقلت : يا رسول الله ، قد اشتدّ شوقي إليك فأين أنت؟ فقال : إنّ عثمان أصبح عروساً

__________________

(١) أنظر ميزان الاعتدال : ٣ / ٦٢٦ رقم ٧٨٥٧ ، لسان الميزان : ٥ / ٢٨٨ رقم ٧٦٥٧.

(٢) ذكر الحديثين في الكامل في ضعفاء الرجال : ٤ / ١٨٩ رقم ١٠٠٣ وليس المذكور في المتن أحدهما. وعبارة : هما باطلان هي للذهبي في ميزان الاعتدال وليست لابن عدي.

(٣) ميزان الاعتدال : ٢ / ٣٨٩ رقم ٤١٩٠.

(٤) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٣٠٨.

(٥) لسان الميزان : ٤ / ٤٩ رقم ٥٢٢٧.

٥٢٥

في الجنّة وقد دُعيت إلى عرسه. أخرجه الأزدي عن إبراهيم بن منقوش وقال : كان يضع الحديث ، وعدّه السيوطي من الموضوعات في لآلئه (١).

٩٥ ـ عن عبد الله بن عمر : كنّا نقول ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيّ : أفضل أمّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعده أبو بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، فيسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا ينكره.

أخرجه جمع من أئمّة الحديث بعدّة طرق ، نوقفك على القول الفصل فيه في الجزء العاشر إن شاء الله تعالى.

٩٦ ـ عن عمر مرفوعاً : يموت عثمان ، يصلّي عليه ملائكة السماء ؛ قلت : لعثمان خاصّة أو للناس عامّة؟ قال : لعثمان خاصّة.

حديث طويل فيه لكلّ واحد من أصحاب الشورى الستّة منقبة. قال الذهبي في ميزانه (٢) في ترجمة محمد بن عبد الله الخراساني : حديث موضوع ، وقال ابن حجر في لسانه (٣) (٥ / ٢٢٧) : الوضع عليه ظاهر.

٩٧ ـ عن أبي هريرة مرفوعاً : إنّ لله علماً من نور مكتوب عليه : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق.

أخرجه الذهبي في ميزانه (٤) وقال : خبر موضوع ، اتّهم به محمد بن يحيى بن عيسى السلمي. لسان الميزان (٥) (٥ / ٤٢٤).

٩٨ ـ عن عبد الله بن عمر : إنّ جعفر بن أبي طالب أهدى إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سفرجلاً ، فأعطى معاوية ثلاث سفرجلات ، وقال : تلقّاني بهنّ في الجنّة.

__________________

(١) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٣١٨.

(٢) ميزان الاعتدال : ٣ / ٦٠٥ رقم ٧٧٩٢.

(٣) لسان الميزان : ٥ / ٢٥٦ رقم ٧٥٨٣.

(٤) ميزان الاعتدال : ٤ / ٦٤ رقم ٨٣٠٩.

(٥) لسان الميزان : ٥ / ٤٨٠ رقم ٨١٧٥.

٥٢٦

قال ابن حبّان (١) : موضوع ، آفته إبراهيم بن زكريّا الواسطي ، وقال بعضهم : ممّا يبيّن وضعه أنّ معاوية أسلم في الفتح ، وجعفر قُتل قبل الفتح بمؤتة ، وورد بطرق أخرى كلّها باطلة فاسدة موضوعة. راجع اللآلئ المصنوعة (٢) (١ / ١١٩) ، وقال الذهبي في الميزان (٣) (١ / ١٦) في ترجمة إبراهيم الواسطي : يروي عن مالك أحاديث موضوعة ، ثمّ ذكر الحديث عنه عن مالك.

٩٩ ـ عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً : من أبغض عمر فقد أبغضني ، إنّ الله باهى بالناس عشيّة عرفة عامّة ، وباهى بعمر خاصّة.

رواه الطبراني في الأوسط (٤) ، وقال الذهبي : خبر باطل رواه أبو سعد خادم الحسن البصري ، لا يُدرى من هذا. ميزان الاعتدال (٥) (٣ / ٣٦٠).

١٠٠ ـ عن أنس مرفوعاً : قلت لجبريل حين أُسري بي إلى السماء : يا جبريل ، أعلى أُمّتي حساب؟ قال : كلّ أُمّتك عليها حساب ما خلا أبا بكر الصدّيق ، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا أبا بكر ادخل الجنّة ، قال : ما أدخل حتى أُدخل معي من كان يحبّني في الدنيا. أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (٢ / ١١٨ ، ٨ / ٣٦٧) وقال : هذا الحديث كذب ، وكذّبه الذهبي في ميزانه (٦) (٣ / ٣٦).

هذه نماذج ممّا وقفنا عليه من الموضوعات في المناقب ، وهي كثيرة جدّا تُعدّ بالآلاف ، توجد في الجزء الثاني من كتابنا ـ رياض الأُنس ـ أضعاف ما ذكر ، ممّا

__________________

(١) كتاب المجروحين : ١ / ١١٦.

(٢) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٤٢٢.

(٣) ميزان الاعتدال : ١ / ٣١ رقم ٩٠.

(٤) المعجم الأوسط : ٢ / ١٤٧ ح ١٢٧٣.

(٥) ميزان الاعتدال : ٤ / ٥٢٩ رقم ١٠٢٢٨.

(٦) ميزان الاعتدال : ٣ / ٥٠٠ رقم ٧٣١٥.

٥٢٧

لا يوجد شيء منه في الصحاح والمسانيد ، نعم ؛ ذُكر شطر منها في تآليف أخرى لحفّاظ السلف وإنّما حوتها كتب المتأخِّرين بين دفوفها ، وينتهي الإسناد في كثير من ذلك البهرج المزخرف إلى أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام يُعرب ذلك كلّه عن صدق ما جاء به عامر بن شراحيل من قوله : أكثر من كُذِبَ عليه من الأمّة الإسلاميّة هو أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب. ذكره الذهبي في طبقات الحفّاظ (١) (١ / ٧٧).

ويعرف القارئ شأن هذه الأحاديث من كلام الفيروزآبادي صاحب القاموس ، قال في خاتمة كتابه سفر السعادة (٢) : باب فضائل أبي بكر الصدّيق رضى الله عنه أشهر المشهورات من الموضوعات ، وقال بعد ذكر أحاديث مفتعلة في فضائل أبي بكر : وأمثال هذا من المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل ، وقال : وباب فضل معاوية ليس فيه حديث صحيح ، وذكر العجلوني مثل كلام الفيروزآبادي حرفيّا في كشف الخفاء (٢ / ٤١٩).

وقال الحاكم : سمعت أبا العبّاس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول : سمعت أبي يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : لا يصحّ في فضل معاوية حديث. اللآلئ المصنوعة (٣) (١ / ٢٢٠). وقال ابن تيميّة في منهاج السنّة (٢ / ٢٠٧) : طائفة وضعوا لمعاوية فضائل ورووا أحاديث عن النبيّ في ذلك ، كلّها كذب.

وقس على هذا ما اختلقوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير واحد من رجال الصحابة بأسمائهم وأشخاصهم ، وما وضعوا من الأحاديث الكثيرة من المناقب والمثالب في العبّاس عمّ النبي وبنيه عامّة والخلفاء منهم خاصّة ، وشفّعها بما افتعلوه في آحاد غوغاء الناس مثل حديثهم في وهب وغيلان : يكون في أُمّتي رجل يقال له

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ : ١ / ٨٢.

(٢) سفر السعادة : ٢ / ٢١١ ، ٢١٢.

(٣) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٤٢٤.

٥٢٨

وهب ، يهب الله له الحكمة ، ورجل يقال له غيلان هو أشرُّ على أُمّتي من إبليس. ميزان الاعتدال (١) (٣ / ١٦٠) ، ومثل حديثهم : يجيء في آخر الزمان رجل يقال له : محمد بن كرام تُحيا السنّة به. لسان الميزان (٢) (١ / ٣٧٥).

وجلّ هذه الروايات تعارض متونها أحاديث صحيحة لو بسطنا القول فيها لتأتي أجزاء حافلة ، غير أنّا نذكر ما يعارض الحديث الأخير خاتم المائة المكذوب على جبريل ، ليكون الباحث على بصيرة ، فممّا يعارضه :

١ ـ يدخل الجنّة من أُمّتي سبعون ألفاً بغير حساب. أخرجه (٣) البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، والدارمي ، وأبو داود.

٢ ـ يبعث من هذه المقبرة ـ بقيع الغرقد ـ سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب. أخرجه الطبراني في الكبير (٤). مجمع الزوائد (٤ / ١٣).

٣ ـ ليدخلنّ الجنّة من أُمّتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب ، مع كلّ ألف سبعون ألفاً. أخرجه (٥) أحمد ، والطبراني ، والبزّار.

٤ ـ لقد وعدني ربّي أن يُدخل من أُمّتي الجنّة سبعين ألفاً لا حساب عليهم. أخرجه الطبراني (٦) ، والبزّار.

٥ ـ ليبعثنّ الله من مدينة بالشام يقال لها حمص تسعين ألفاً لا حساب عليهم. أخرجه البزّار.

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٤ / ٩٠ رقم ٨٤٢٥.

(٢) لسان الميزان : ١ / ٤١٧ رقم ١١٧٢.

(٣) صحيح البخاري : ٥ / ٢٣٥٧ ح ٦١٠٧ ، صحيح مسلم : ١ / ٢٥٠ ح ٣٦٧ كتاب الإيمان ، مسند أحمد : ١ / ٥٢٩ رقم ٢٩٤٧ ، سنن الدارمي : ٢ / ٣٢٨.

(٤) المعجم الكبير : ٥ / ٤٩ ح ٤٥٥٦.

(٥) مسند أحمد : ٦ / ٣٧٨ رقم ٢١٩١٢ ، المعجم الكبير : ٢ / ٩٢ ح ١٤١٣.

(٦) المعجم الكبير : ٥ / ٤٩ ح ٤٥٥٦.

٥٢٩

٦ ـ إنّ في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالاً ونساءً يدخلون الجنّة بغير حساب. أخرجه الطبراني (١) بإسناد جيّد.

٧ ـ رأيت منكم خمسين ألفاً أو سبعين ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب. أخرجه الطبراني بإسناد رجاله ثقات (٢).

٨ ـ إنّي وجدت ربّي ماجداً كريماً أعطاني مع كلّ واحد من السبعين الألف الذين يدخلون الجنّة بغير حساب سبعين ألفاً. أخرجه الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح غير شيخه (٣).

٩ ـ أُعطيت سبعين ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب ... إلى أن قال : فزادني مع كلّ واحد سبعين ألفاً. أخرجه (٤) أحمد وأبو يعلى. راجع مجمع الزوائد (١٠ / ٤٠٥ ـ ٤١٢).

١٠ ـ في حديث ليلة الإسراء : يا محمد حملة القرآن لا يعذّبون ولا يحاسبون يوم القيامة. خزينة الأسرار (٥) (ص ٨٨).

١١ ـ أوّل زمرة من أُمّتي يدخلون الجنّة سبعون ألفاً لا حساب عليهم. تاريخ بغداد (٢ / ١٦٠).

١٢ ـ ليُبعثنَّ من بين حائط حمص والزيتون في التراب الأحمر سبعون ألفاً ليس عليهم حساب. مستدرك الصحيحين (٦) (٣ / ٨٩).

١٣ ـ من مات في هذا الوجه من حاجٍّ أو معتمر لم يُعرَض ولم يحاسَب ، وقيل

__________________

(١) المعجم الكبير : ٦ / ٢٠١ ح ٦٠٠٥.

(٢) أنظر مجمع الزوائد : ١٠ / ٤١٠.

(٣) أنظر مجمع الزوائد : ١٠ / ٤١٠.

(٤) مسند أحمد : ١ / ١٢ ح ٢٣ ، مسند أبي يعلى : ١ / ١٠٤ ح ١١٢.

(٥) خزينة الأسرار : ص ٦٢.

(٦) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٩٥ ح ٤٥٠٤.

٥٣٠

له : ادخل الجنّة. تاريخ بغداد (٢ / ١٧٠).

١٤ ـ يُحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بلا حساب. تاريخ بغداد (١٢ / ١٩٠).

١٥ ـ في حديث عرض الأُمم عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا محمد إنّ مع هؤلاء سبعين ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب. مسند أحمد (١) (١ / ٤١٨ ، ٤٥٤).

١٦ ـ بشّرني ـ ربّي ـ أنّ أوّل من يدخل الجنّة من أُمّتي سبعون ألفاً ، مع كلّ ألف سبعون ألفاً ليس عليهم حساب. مسند أحمد (٢) (٥ / ٣٩٣).

١٧ ـ وفي حديث عمير مرفوعاً : إنّ الله عزّ وجلّ وعدني أن يدخل من أُمّتي ثلاثمائة ألف الجنّة بغير حساب. أخرجه (٣) البغوي وابن أبي خيثمة وابن المسكن والطبراني وغيرهم كما في الإصابة (٣ / ٣٧).

وقبل هذه كلّها ما أخرجه الخجندي عن أبي أُمامة قال : سمعت أبا بكر الصدّيق يقول للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أوّل من يُحاسب؟ قال : أنت يا أبا بكر. قال : ثمّ من؟ قال : عمر. قال : ثمّ من؟ قال : عليّ. قال : فعثمان؟ قال : سألت ربّي أن يهب لي حسابه فلا يحاسبه ، فوهب لي. الرياض النضرة (٤) (١ / ٣١) (٥).

(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٦)

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٦٨٩ ح ٣٩٥٤ و ٢ / ٣٧ ح ٤٣٢٧.

(٢) مسند أحمد : ٦ / ٥٤٤ ح ٢٢٨٢٥.

(٣) مصابيح السنّة : ٣ / ٥٥٤ ح ٤٣٤٥ وفيه : أربعمائة ألف ، المعجم الكبير : ١٧ / ٦٤ ح ١٢٣.

(٤) الرياض النضرة : ١ / ٤٥.

(٥) هذه الرواية أيضاً من تلكم الموضوعات التي يعارض بعضها بعضاً. (المؤلف)

(٦) الأنعام : ١٤٤.

٥٣١

سلسلة الموضوعات في الخلافة فحسب

أهمُّ موضوع لعبت به أيدي الهوى ، وعبثت به العواطف المضلّة ، هو موضوع الخلافة في السنّة والحديث ، وضع القوم فيها أحاديث مكذوبة على الله وعلى أمين وحيه ونبيّه الطاهر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبثّها في الملأ أرباب التآليف المزوّرة روماً لطمس الحقّ ، وتمويهاً على الحقيقة ، وتعمية على الجاهل المسكين ، عالمين بأنّها آثار مفتعلة تُضادّ مبادئ الإسلام عند جميع فرقه ، ولا توافق أيّا من المذاهب الإسلاميّة ، بل لازمها اجتماع الأمّة على الخطأ ـ وهي لا تجتمع على الخطأ ـ إذ لا تخلو ممّن يرى النصّ في عليّ أمير المؤمنين ، ومن يقول بالانتخاب وعدم النصّ على أيّ أحد ، فالأمّة مجتمعة على الخطأ في رفض تلكم النصوص والصفح عنها ، وإليك نماذج ممّا وقفنا عليه من تلكم المخازي :

١ ـ عن أنس بن مالك قال : جاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخل إلى بستان ، فأتى آتٍ فدقّ الباب فقال : يا أنس قم فافتح له وبشّره بالجنّة ، وبشّره بالخلافة من بعدي. قال : قلت يا رسول الله أُعلمه؟ قال : أَعلمه ، فإذا أبو بكر. قلت : أبشر بالجنّة وابشر بالخلافة من بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ثمّ جاء آتٍ فدقّ الباب ، فقال : يا أنس ، قم فافتح له وبشّره بالجنّة ، وبشّره بالخلافة من بعد أبي بكر. قلت : يا رسول الله أُعلمه؟ قال : أَعلمه ، فخرجت فإذا عمر ، قال : قلت له : أبشر بالجنّة وابشر بالخلافة من بعد أبي

٥٣٢

بكر. ثمّ جاء آتٍ فدقّ الباب ، فقال : قم يا أنس ، وافتح له وبشّره بالجنّة ، وبالخلافة من بعد عمر وأنّه مقتول ، قال : فخرجت فإذا عثمان ، قلت : أبشر بالجنّة وبالخلافة من بعد عمر ، وأنّك مقتول. قال : فدخل إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله لمه؟ والله ما تغنّيت ولا تمنّيت ، ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك. قال : هو ذاك يا عثمان!

من موضوعات الصقر بن عبد الرحمن أبي بهز الكذّاب. حكى الخطيب البغدادي في تاريخه (٩ / ٣٣٩) عن عليّ بن المديني أنّه سئل عن هذا الحديث ، فقال : كذب ، هذا موضوع ، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (١) (١ / ٤٦٧) فقال : حديث كذب ، وحكى ابن حجر في لسان الميزان (٢) (٣ / ١٩٢) عن عليّ المديني أنّه قال : كذب موضوع ، وقال في (ص ١٩٣) : لو صحّ هذا لما جعل عمر الخلافة في أهل الشورى ، وكان يعهد إلى عثمان بلا نزاع.

وذكره الذهبي في ميزانه (٣) (٢ / ٩١) بلفظ : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حائطاً لرجل ، فقرع الباب فقال : يا أنس افتح وبشّره بالجنّة وأنّه سيلي الأمر من بعدي ، ففتحت فإذا أبو بكر. ثمّ قال : وفي سنده عبد الأعلى بن أبي المساور ، وهو متروك ضعيف ليس بشيء. وذكر صدره (٤) في (١ / ١٦٢) عن بكر بن المختار بن فلفل ، وقال : قال ابن حبّان (٥) : لا تحلُّ الرواية عنه إلاّ على سبيل الاعتبار ، وقال المقدسي فى تذكرة الموضوعات (ص ١٥) : افتح له وبشّره بالجنّة ؛ وفيه ذكر الخلافة وترتيبها ، رواه بكر ابن المختار الصائغ وهو كذّاب.

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٢ / ٣١٧ رقم ٣٩٠٣.

(٢) لسان الميزان : ٣ / ٢٣٤ ، ٢٣٥ رقم ٤٢٥٢.

(٣) ميزان الاعتدال : ٢ / ٥٣١ رقم ٤٧٣١.

(٤) ميزان الاعتدال : ١ / ٣٤٨ رقم ١٢٩٥.

(٥) كتاب المجروحين : ١ / ١٩٥.

٥٣٣

قال الأميني : وفي ترك هؤلاء الثلاثة الاحتجاج بهذه الرواية يوم فاقتهم إليها عند طلب الخلافة ، وقد بلغ الجدال أشدّه حتى كاد أن يكون جلاداً ، دليل واضح على أنّهم لم يدخلوا ذلك البستان الخياليّ ، ولا سمعوا تلك البشارة الموهومة ، وأنّ الله سبحانه لم يبرأ ذلك البستان ليوطّد فيه أساس الفتن المدلهمّة ، ثمّ لما ذا لم يروِها لهم أنس يوم تزلّفه إليهم ، وتركاضه معهم ، وتركها لأحد الرجلين بعده : الصقر وعبد الأعلى؟

ألا تعجب من حافظين كبيرين كأبي نعيم في متقدّمي القوم ، والسيوطي في متأخّريهم ، يروي الأوّل هذه الرواية بإسناده الوعر في دلائل النبوّة (١) (٢ / ٢٠١) من طريق أبي بهز الكذّاب ويركن إليها ، ويرويها الثاني في الخصائص الكبرى (٢) (٢ / ١٢٢) ، ويتبهّج بها؟ ولم ينبس أحد منهما ممّا في إسنادها من الغمز ببنت شفة.

٢ ـ عن عائشة قالت : كانت ليلتي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلمّا ضمّني وإيّاه الفراش ، قلت : يا رسول الله ألست أكرم أزواجك عليك؟ قال : بلى يا عائشة. قلت : فحدّثني عن أبي بفضيلة ، قال : حدّثني جبريل أنّ الله تعالى لمّا خلق الأرواح اختار روح أبي بكر الصدّيق من بين الأرواح ، وجعل ترابها من الجنّة وماءها من الحيوان ، وجعل له قصراً في الجنّة من درّة بيضاء مقاصيرها فيها من الذهب والفضّة البيضاء ، وأنّ الله تعالى آلى على نفسه أن لا يسلبه حسنة ولا يسأله عن سيّئة ، وإنّي ضمنت على الله كما ضمن الله على نفسه أن لا يكون لي ضجيعاً في حفرتي ، ولا أنيساً في وحدتي ، ولا خليفةً على أُمّتي من بعدي ، إلاّ أبوك يا عائشة ، بايع على ذلك جبريل وميكائيل ، وعقدت خلافته براية بيضاء ، وعقد لواؤه تحت العرش ، قال الله للملائكة : رضيتم ما رضيت لعبدي ، فكفى بأبيك فخراً أن بايع له جبريل وميكائيل

__________________

(١) دلائل النبوّة : ٢ / ٧٠٧ ح ٤٨٨.

(٢) الخصائص الكبرى : ٢ / ٢٠٦.

٥٣٤

وملائكة السماء وطائفة من الشياطين يسكنون البحر ، فمن لم يقبل هذا فليس منّي ولست منه.

قالت عائشة : فقبّلت أنفه وما بين عينيه. فقال : حسبك يا عائشة فمن لستِ بأُمّه فو الله ما أنا بنبيّه ، فمن أراد أن يتبرّأ من الله ومنّي فليتبرّأ منك يا عائشة.

قال الخطيب البغدادي في تاريخه (١٤ / ٣٦) : لا يثبت هذا الحديث ورجال إسناده كلّهم ثقات ، ولعلّه شبّه لهذا الشيخ القطّان ـ أو أُدخل عليه ـ مع أنّي قد رأيته من حديث محمد بن بابشاذ البصري ، عن سلمة بن شبيب ، عن عبد الرزّاق ، وابن بابشاذ راوي مناكير عن الثقات.

وذكر الذهبي منه جملاً في ميزان الاعتدال (١) (٣ / ٣١) ، وحكم بأنّه موضوع ، وذكر جملاً (٢) في (ص ٢٤٦) وقال : حديث باطل كأنّه المسكين ـ يعني هارون القطّان ـ أُدخل عليه ولا يشعر ، وله إسناد آخر باطل ، وقال : هذا لا يحتمله سلمة ، والظاهر أنّه دُسّ على ابن بابشاذ هذه ، فروى حديثاً موضوعاً راج عليه ولم يهتدِ.

وذكر الفيروزآبادي شطراً من صدره في خاتمة سفر السعادة (٣) ، والعجلوني في كشف الخفاء (٤) وعدّاه من أشهر المشهورات من الموضوعات ، ومن المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل ، وأبطله السيوطي في اللآلئ المصنوعة (٥) (١ / ١٥٠).

٣ ـ عن عائشة قالت : أوّل حجر حمله النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبناء المسجد ، ثمّ حمل أبو بكر حجراً آخر ، ثمّ حمل عمر ، ثمّ حمل عثمان حجراً آخر. فقلت : يا رسول الله ،

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٣ / ٤٨٨ رقم ٧٢٦٣.

(٢) ميزان الاعتدال : ٤ / ٢٨٢ رقم ٩١٤٩.

(٣) سفر السعادة : ٢ / ٢١١.

(٤) كشف الخفاء : ٢ / ٤١٩.

(٥) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٢٩١.

٥٣٥

ألا ترى إلى هؤلاء كيف يساعدونك؟ فقال : يا عائشة هؤلاء الخلفاء من بعدي.

أخرجه الحاكم في المستدرك (١) (٣ / ٩٧) وقال : صحيح وإنّما اشتهر بإسنادٍ واهٍ من رواية محمد بن الفضل بن عطيّة ؛ فلذلك هجر.

وقال الذهبي في تلخيص المستدرك : قلت : أحمد منكر الحديث وممّن نقم على مسلم إخراجه في الصحيح ، ويحيى وإن كان ثقة فقد ضُعّف ، ثمّ لو صحّ هذا لكان نصّا في خلافة الثلاثة ولا يصحّ بوجه ، فإنّ عائشة لم تكن يومئذٍ دخل بها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي محجوبة صغيرة ، فقولها هذا يدلّ على بطلان الحديث. إلخ.

أسفي على الحاكم فإنّه يخرج عن عائشة هذه الرواية ويصحّحها ، وقد أخرج عنها قبلها في المستدرك (٢) (٣ / ٧٨) أنّها قالت : لو كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستخلفاً لا ستخلف أبا بكر وعمر ، وصحّحه هو وأقرّه الذهبي.

٤ ـ عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بلال أذِّن في الناس : أنّ الخليفة بعدي أبو بكر ، يا بلال نادِ فى الناس : أنّ الخليفة بعد أبي بكر عمر ، يا بلال ناد في الناس : أنّ الخليفة من بعد عمر عثمان ، يا بلال امض أبى الله إلاّ ذلك ـ ثلاث مرّات.

أخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة ، والخطيب في تاريخه (٧ / ٤٢٩) من دون أيّ غمز فيه ، وابن عساكر في تاريخ الشام (٣) ورواه الذهبي بإسناد الدارقطني وعمرو ابن شاهين في ميزانه (٤) (١ / ٣٨٧) فقال : هذا موضوع ، وقال في سعيد بن عبد الملك

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٠٣ ح ٤٥٣٣ ، وكذا في تلخيصه.

(٢) المستدرك على الصحيحين : ص ٨٣ ح ٤٤٦٤ ، وكذا في تلخيصه.

(٣) تاريخ مدينة دمشق : ٣٩ / ١٧٤ رقم ٤٦١٩ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٦ / ١٤٤.

(٤) ميزان الاعتدال : ٢ / ١٥٠ رقم ٣٢٣٣ وفيه : عمر بن شاهين.

٥٣٦

ـ أحد رجال الإسناد ـ : قال أبو حاتم (١) : يتكلّمون فيه ، يروي أحاديث كذب.

لِمَ لم تسمع أُذن الدنيا قطّ نداء بلال حينما أذّن في الناس بالخلافة؟ هل خالف بلال أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم ينادِ؟ حاشاه ، أو ضرب الله في آذان أُمّة محمد وقراً فلم يسمع أحد ذلك النداء؟ لاها الله ، بل ما أمر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشيء من هذا ، ولا أذّن بلال ولا أسمع ، لكن الهوى خلق بعد لأي من عمر الدهر أذاناً سمعه من لا يؤمن به.

٥ ـ مرفوعاً : أبو بكر يلي أُمّتي من بعدي.

ذكره الذهبي في ميزانه (٢) (٣ / ٩٣) وقال : خبر كذب جاء به محمد بن عبد الرحمن وهو لا يُعرف ، أو هو ابن قراد ـ الكذّاب الوضّاع المذكور (ص ٢٦٠).

٦ ـ عن الزبير بن العوام قال : سمع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : الخليفة بعدي أبو بكر وعمر ، ثمّ يقع الاختلاف. فقمنا إلى عليّ فأخبرناه فقال : صدق الزبير ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك.

من موضوعات عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة. ذكره الذهبي في ميزانه (٣) (١ / ١٤٧) فقال : هذا باطل ، والآفة من عبد الرحمن.

إن كان أمير المؤمنين عليه‌السلام سمع ما سمعه الزبير من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما باله يدّعيها لنفسه عند طلب البيعة ، ويخالف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما نصّ عليه؟ وكيف يكون ما شجر بينه وبين القوم من الخلاف الذي ملأ الخافقين حديثه؟ وما بال الزبير الراوي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تخلّف عن بيعة أبي بكر يوم ذاك ، واخترط سيفه وهو يقول : لا أغمده حتى يُبايَع علي؟

__________________

(١) الجرح والتعديل : ٤ / ٤٥.

(٢) ميزان الاعتدال : ٣ / ٦٢٧ رقم ٧٨٦٦.

(٣) ميزان الاعتدال : ١ / ٣١٥ رقم ١١٩١.

٥٣٧

٧ ـ مرفوعاً : إنّ جبرائيل قال : أبو بكر وزيرك في حياتك وخليفتك بعد موتك.

من موضوعات أبي هارون إسماعيل بن محمد الفلسطيني ، قال الذهبي في ميزان الاعتدال (١) (١ / ١١٤) : ذكره ابن الجوزي بإسناد مظلم ، وقال : أبو هارون كذّاب.

سبحانك اللهمّ ما أجرأهم على المهيمن الجبّار ، وعلى أمين وحيه ، وعلى قدس صاحب الرسالة ، فعزوا إليه حكماً نزل به الروح الأمين لأن يصدع به في الملأ من أُمّته ليسلكوا طريقه المهيع باتّباع الخليفة من بعده ، لكنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعجع بتبليغه إلى أن يأتي الرجل من فلسطين فأنهاه إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليبلّغ من حوله من المهاجرين والأنصار.

نعم ؛ هكذا يكون الأكل من القفا ، لا. هكذا يكون أمر دُبّر بليل ، أو يتزلّف الفلسطيني إلى صاحب السلطة الوقتيّة بالافتعال له.

٨ ـ عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً : قال : لمّا عُرج بي قلت : اللهمّ اجعل الخليفة من بعدي عليّا ، قال : فارتجّت السموات ، وهتف بي الملائكة : يا محمد أقرأ : (وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ) ، وقد شاء الله أبا بكر.

من موضوعات يوسف بن جعفر الخوارزمي ، ذكره الذهبي في ميزانه (٢) (٣ / ٣٢٩) وقال : ذكر ابن الجوزي أنّ هذا من وضع يوسف ، وأخرجه الجوزقاني وفي آخره : قد شاء الله أن يكون الخليفة من بعدك أبو بكر الصدّيق ، ثمّ قال : موضوع وضعه يوسف بن جعفر. اللآلئ المصنوعة (٣) (١ / ١٥٦) وفي لفظ : إنّ الله يفعل ما يشاء ، والخليفة بعدك أبو بكر.

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ١ / ٢٤٧ رقم ٩٣٥.

(٢) ميزان الاعتدال : ٤ / ٤٦٣ رقم ٩٨٦٠.

(٣) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٣٠١.

٥٣٨

٩ ـ عن عليٍّ أمير المؤمنين مرفوعاً : يا عليُّ سألت الله ثلاثاً أن يقدّمك فأبى عليّ إلاّ أن يقدّم أبا بكر.

أخرجه الخطيب في تاريخه (١١ / ٢١٣) بسند تافه ساكتاً عن الغمز فيه جرياً على عادته ، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (١) (٢ / ٢٢٢) من طريق الخطيب عن أبي حجيفة وقال : خبر باطل ، لعلّ آفته عليّ بن الحسين الكلبي ، وزيّفه ابن حجر في الفتاوى الحديثيّة (٢) (ص ١٢٦) ، وعدّه السيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه (٣) (٦ / ١٣٩) من فضائل أبي بكر نقلاً عن الديلمي (٤) ، وذكر محبّ الدين الطبري في الرياض (٥) (١ / ١٥٠) باللفظ المذكور ولفظ : نازلت الله فيك ثلاثاً فأبى أن يقدّم إلاّ أبا بكر ، ثمّ قال : غريب.

قال الأميني : إنّي مسائل مفتعل هذا الرواية وأعضاده من حفّاظ الحديث ـ الأمناء على ودائع العلم والدين ـ بعد الفراغ عن أنّ أمر الخلافة لا يستقرُّ في أحد إلاّ بتعيين المولى سبحانه ومشيئته (و اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) ، (وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ) ، وقد شاء أبا بكر ، أين يكون محلّ دعاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أن يجعلها في عليّ عليه‌السلام من قبل أن يعلم مستقرّه عند الله تعالى؟ فكان من واجبه أن يسأله عن محلّه عنده ، لا أن يطلب منه طلبة ترتجّ لها السموات والملائكة ، وما ذلك إلاّ لكونه منكراً من الطلب ، نجلّ نبيّنا عن الإسفاف إلى هذه الضعة.

وكيف خفي عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يستأهل الخلافة من أُمّته ويختار لها من يأبى الله

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٣ / ١٢٢ رقم ٥٨١٥.

(٢) الفتاوى الحديثيّة : ص ١٧٢.

(٣) كنز العمّال : ١١ / ٥٥٩ ح ٣٢٦٣٨.

(٤) الفردوس بمأثور الخطاب : ٥ / ٣١٦ ح ٨٣٠٢.

(٥) الرياض النضرة : ١ / ١٨٨.

٥٣٩

والسماوات ومن فيها والمؤمنون (١) له ذلك؟ نعوذ بالله من السفاسف.

ثمّ ما بال النبيّ الأعظم يتأخّر علمه بذلك عن علم الملائكة والسماوات والحاجة له ولأُمّته ، وخطاب التبليغ متوجّه إليه ، والتكليف بالخضوع متوجّه إلى أُمّته؟ ولم يكن جميع الملائكة والسماوات حملة الوحي إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى يتقدّم علمهم على علمه (٢).

وما الذي دعاه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ذلك التأكيد وتكرار المسألة مرّةً بعد أخرى ، وقد أبى الله أن يجيبها وشاء خلاف تلك الدعوة؟

إلى أسئلة هامّة تأتي ، وهي مشكلات لا أحسب أن يجد كلّ من يعتمد على هذه الرواية إلى حلّها سبيلا ، أُفّ تُفّ لمؤلّف يذكر مثل هذه الأفيكة ويراها لطيفة (٣) ، ولآخر يراها غريباً (٤)) ، ويقول : يُعتضد بالأحاديث الصحيحة (٥) ، اللهمّ إليك المشتكى.

١٠ ـ أخرج الخطيب في تاريخه (١٤ / ٢٤) بإسناده عن إبراهيم بن هاني ، عن هارون المستملي المتوفّى (٢٤٧) عن يعلى (٦) بن الأشدق ، عن عبد الله بن جراد ، قال : أُتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفرس فركبه وقال : يركب هذا الفرس من يكون الخليفة من بعدي ؛ فركبه أبو بكر الصدّيق.

قال الأميني : كأنّ الخطيب أدهشه فرس الخلافة ـ ذاهلاً عن أنّه لم يُخلق بعدُ ـ

__________________

(١) كما يأتي في حديث آخر. (المؤلف)

(٢) هذا على سبيل المماشاة والجدل ، وإنّ لنا في علمه صلّي الله عليه وآله وسلّم بالوحي خطّة أخرى ، مع الاعتراف بنزول جبريل في كلّ واقعة للإذن في التبليغ ولتثبيت قلوب الأمّة. (المؤلف)

(٣) راجع نزهة المجالس : ٢ / ١٨٦. (المؤلف)

(٤) أي يرى هذه الأفيكة حديثاً غريباً.

(٥) راجع الرياض النضرة : ١ / ١٥٠ [١ / ١٨٨]. (المؤلف)

(٦) في تاريخ الخطيب [١٤ / ٢٤ رقم ٧٣٥٦] : علي ، والصحيح ما ذكرناه. (المؤلف)

٥٤٠