النّجم الثاقب - ج ٢

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ٢

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٢١
الجزء ١ الجزء ٢

أيها الجاهلون ، فتجعلون من كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله ، أجابوا عهدك (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ)(١) ومما يختص بالهمزة دون (هل) جواز حذف المفرد بعدها اعتمادا على ما سبق في كلام متكلم آخر ، نحو قولك : منكرا أو مستفهما ، (أزيد) في جواب من قال :(أجاءني زيد) و (رأيت زيدا) و (مررت بزيد).

__________________

(١) البقرة ٢ / ١٠٠ ، وتمامها : (... بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).

٦٠١

حروف الشرط

قوله : (حروف الشرط ، (إن) و (لو) و (أمّا)) ولم يعد الزمخشري (١) (أمّا) من حروف الشرط.

قوله : (ولها صدر الكلام) يعني أنه يجب أن تقدم أداة الشرط على الشرط والجزاء ، أو على معمولها على الأصح ، لأنها تدل على قسم من أقسام الكلام ، وهو الإنشاء كالاستفهام ، وأجاز الكوفيون (٢) تقدم الجزاء على أداة الشرط ، نحو : (أقم إن تقم) وقولهم : (أنت طالق إن دخلت الدار) لأنه لو لم يكن ، إنما يتقدم جزاء الطلب في الحال ، كقوله : (أنت طالق أن دخلت) ، بفتح أن ، قالوا : وتقدّمه هو الأصل فإذا تأخر جزم جوازا ، والدليل أن أصله التقدم ، قوله :

[٨٢٤] ...

إنك إن يصرع أخوك تصرع (٣)

__________________

(١) ينظر المفصل ٣٢٠.

(٢) ينظر همع الهوامع ٤ / ٣٣٢ وما بعدها حيث ذكر الآراء الواردة فيها.

(٣) الرجز لجرير بن عبد الله البجلي يخاطب ابن الأقرع المجاشعي ، أو لعمر بن خثارم العجلي ، والبيت في الكتاب ٢ / ٦٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٢١ ، والمقتضب ٢ / ٧٢ ، والإنصاف ٢ / ٦٢٣ ، وشرح المفصل ٨ / ١٥٨ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٣٧٤ ، وشرح التسهيل السفر الأول ١ / ٢٤١ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٩٢ ، ورصف المباني ١٨٧ ، ومغني اللبيب ٧١٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٩٧ ، وهمع الهوامع ٤ / ٣٣١. وصدره :

يا أقرع بن حابس يا أقرع

والشاهد فيه قوله : (إنك إن يصرع أخوك تصرع) حيث ألغى الشرط المتوسط بين المبتدأ والخبر ضرورة فإن جملة (تصرع) الثانية خبر (إنّ) والجملة دليل جزاء الشرط وجملة الشرط معترضة بين المبتدأ والخبر

٦٠٢

فرفع الجواب مراعاة لأصله وهو التقديم ، وأجاب البصريون بأن هذا المتقدم جملة مستقلة دلت على الجزاء وليس بجزاء ، إذا لزم جزمه حيث يكون مضارعا نحو : (أكرمك إن تكرمني) ، جوازا دخول الفاء في (أنت طالق إن دخلت الدار) ، وجواز تقدم معموله نحو : (زيد إن تضرب أضرب) ، وأجاب الكوفيون (١) بأن الجزم لا يكون إلا في الجزاء المتأخر ، فأما إذا تقدم بطل العمل ، لأن عامله إن كان الحرف بطل عمله مع التقدم ، وإن كان المجاورة فشرطها التبعية ، وأما الفاء عوض عن الجزم وإن كان غير مقدر ، ولأنها عاطفة في المعنى ، وإذا تقدم الجزاء لم يمكن العطف ، وأما جواز تقدم معموله فنحن نلتزمه.

قوله : (ف (إن) للاستقبال [وإن دخل على الماضي](٢)) يعني أن يجعل الفعل الذي تدخل عليه مستقبلا سواء كان الفعل ماضيا نحو : (إن قمت قمت) أو مضارعا مثبتا نحو : (إن تقم أقم) أو منفيا نحو : (إن لم تقم لم أقم) ، وأجاز المبرد بقاءها على المعنى إذا دخلت على (كان) في بعض المواضع ، نحو : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ)(٣). وبعضهم أجازه في غير (كان) نحو :

[٨٢٥] أتجزع إن أذنا قتيبة حزتا (٤)

 ...

__________________

(١) ينظر الجنى الداني ٢٢٣.

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة في الكافية المحققة.

(٣) المائدة ٥ / ١١٦.

(٤) صدر بيت من الطويل ، وعجزه :

جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم

وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٣١١ ، وينظر الكتاب ٣ / ١٦١ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٢١٨ ، وشرح المصنف ١٣١ ، والجنى الداني ٢٢٥ ، ومغني اللبيب ٣٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٨٦ ، وهمع الهوامع ٤ / ١٤٨ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٠ ، ويروى ابن مالك بدل ابن خازم.

والشاهد فيه قوله : (أتغضب أن إذنا قتيبة) حيث جاءت (أن) بمعنى (إذ) وقيل : هي مصدرية. وقال المبرد :

هي مخففة من (أنّ) لأن الكسر يوجب أن أذني قتيبة لم تجزا بعد ، والشاعر الفرزدق لم يقل هذا إلا بعد قتله وحز أذنيه.

٦٠٣

وأجاز اختلاف الجزاء والشرط في المضي والاستقبال نحو : (إن تكرمني اليوم فقد أكرمتك أمس) وعليه : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)(١) و (إن آمنت فستدخل الجنة) وتأوله الجمهور على أن المعنى : (إن تعد بإكرام اليوم أعد بإكرامك أمس) أو أن يكون إكرامك اليوم سببا بالإخبار بإكرامي لك أمس ، وإن يسرق فلا تستبعدوا ذلك منه ، فقد سرق أخ له من قبل ، وإن آمنت فأنت مستحق لدخول الجنة أو قيل : وعدك الله دخول الجنة ، وأما البيت فقال مبرمان (٢) الرواية فتح (أن) وهي مخففة من الثقيلة ، والجمهور تأولوه بحرف الشرط تقديره : إن افتخر مفتخرا بحزّ أذنا قتيبة الواقع فيما مضى غضبت ، وإن علمت بذلك غضبت.

قوله : (ولو [عكسه](٣)) أصلها الشرطية ، وقد تأتي للتمني ، وذلك حيث لا يكون معناها [ظ ١٤٦] المضي ولا جزاء لها ، أو مجاب بالفاء

__________________

(١) يوسف ١٢ / ٧٧ وتمامها : (... فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ).

(٢) مبرمان هو : محمد بن علي ابن إسماعيل أبو بكر العسكري مات سنة ٣٤٥ ه‍ وله من التصانيف شرح كتاب سيبويه ، وشرح كتاب الأخفش والنحو المجموع على العلل وغيرها.

ينظر ترجمته في بغية الوعاة ١ / ١٧٥ ـ ١٧٧ ، ومعجم الأدباء ١٨ / ٢٥٤ ـ ٢٥٧ ، وإنباه الرواة ٣ / ١٥٤.

(٣) زيادة في الكافية المحققة.

٦٠٤

الناصبة ، نحو : (لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ)(١) وقد تأتي بمعنى (إن) الشرطية نحو : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)(٢) أي : وإن أعجبتكم ، وبمعنى الناصب نحو : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)(٣) و (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)(٤) وإن دخلت عليها (لا) كانت حرف ابتداء نحو : (لو لا زيد قائم) وقد تكون للتحضيض فتختص بالجملة الفعلية ، وأما إذا كانت على أصلها للشرط فهي تفيد النفي ، فإن دخلت على منفي صار مثبتا ، لأن نفي النفي إثبات ، ولا بد لها من جزاء لفظا أو تقديرا ، فالتقدير في مواضع التفخيم والتعظيم نحو : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ)(٥) تقديره :لرأيت أمرا هائلا ، واللفظ نحو : (لو قمت قمت) ، ومعناها امتناع الشيء الذي هو الجزاء لامتناع غيره الذي هو الشرط إن كانا مثبتين نحو : (لو قمت قمت) ، ولوجود الجزاء لوجود الشرط إن كانا منفيين نحو : (لو لم تقم لم أقم) ، ولامتناع الجزاء لوجود الشرط ولوجود الجزاء لامتناع الشرط حيث يختلفان نفيا وإثباتا ، فجوابها تابع لشرطها على كلام الجمهور ، والمصنف (٦) عكس ، وجعل شرطها تابعا لجوابها ، وقال : الشرط والجزاء سبب ، والجواب مسبّب ، وانتفاء المسبب يدل على انتفاء كل سبب ، خلاف انتفاء السبب فلا يدل على انتفاء المسبب لجواز أن يكون مسبّب

__________________

(١) البقرة ٢ / ١٦٧ وتمامها : (قالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا ...).

(٢) البقرة ٢ / ٢٢١ وتمامها : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ...).

(٣) القلم ٦٨ / ٩.

(٤) الممتحنة ٦٠ / ٢ وتمامها : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ.)

(٥) الأنعام ٦ / ٢٧ وتمامها : (... فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.)

(٦) ينظر شرح المصنف ١٣١.

٦٠٥

ناب منابه ، نحو : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١) فانتفاء الفساد دليل على انتفاء الآلهة لا العكس. لأن المراد بالفساد اختلال نظامها ، وجائز أن يفعله الله وإن كان واحدا واعترضه صاحب البرود بوجهين :

أحدهما : أن السبب قد يكون له حكمان متعاقبان ، فإذا انتفى أحدهما لم يلزم انتفاء السبب ، كالزنا فإنه يكون سببا في الرجم والجلد على قول من لا يجمع بينهما ، فإذا انتفى الرجم لعدم شرطه لم يلزم انتفاء الزنا ، فإن قال : أردت انتفاء كل ذا مسبب لهذا السبب انتفاء السبب ، قلنا وهم أرادوا إذا انتفى كل سبب لهذا المسبب انتفى المسبب.

الثاني : أن المسبب تابع للسبب في الثبوت فينبغي أن انتفاء الأصل على لانتفاء الفرع أولى من أن يكون انتفاء الفرع علة في انتفاء الأصل هذا في الثبوت ، وأما العلم فإنه يستدل لكل واحد منهما على الآخر انتهى. وما ذكره المصنف (٢) والنحاة من أن (لو) موضوعة لانتفاء جوابها لأجل امتناع شرطها أو العكس على كلام المصنف غير مطرد في نحو قوله تعالى : (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا)(٣) فالتولي حاصل منهم مع الإسماع ومع عدمه ، وشرط (لو) مثبت ، وقوله : (وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ)(٤) فالاستجابة منتفية وشرطها مثبت وقولك في صهيب : «نعم العبد صهيب ، لو لم يحب الله لم

__________________

(١) الأنبياء ٢١ / ٢٢ وتمامها : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ).

(٢) ينظر شرح المصنف ١٣١.

(٣) الأنفال ٨ / ٢٣ وتمامها : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ).

(٤) فاطر ٣٥ / ١٤ وتمامها : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ)(وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).

٦٠٦

يعصه» (١) ، العصيان مثبت وشرطها مركب ، والجواب أن لـ (لو) دلالتين ، مفهومية ومنطوقية ، فالمفهومية أن يفهم منها ومن سائر الشرطيات أنه إذا انتفى الشرط انتفى المشروط بكل حال ، لأن ما علّق على شيء فالأصل أن لا يعلق على غيره ، والمنطوقية أنها تدل على انتفاء شرطها ، وأما التلازم بين الشرط والجزاء ، فهي في ذلك لغيرها من الشرطيات ، متى حصل الشرط حصل المشروط ، ومتى انتفى الشرط جاز أن ينتفي المشروط ، وأن يحصل إن كان له شرط آخر ، وقد حصلت لأن الشرط ملزوم ولا ينفك عن الجزاء والجزاء لازم يحصل لحصول الشرط ، ولا يجب أن ينتفي بانتفائه ولا يجب من انتفاء الملزوم انتفاء اللازم إلا إذا ساواه نحو : (إذا طلعت الشمس فالنهار موجود) وإذا لم تطلع لم يوجد النهار ، فحصل من الجواب أنه إن أريد بامتناع جوابها لامتناع الشرط والعكس المفهوم فالسؤال وارد على (لو) وعلى جميع الشرطيات ، وإن أريد المنطوق لم يلزم ما ذكروه.

قوله : (للمضي) يعني أن لو عكس أن يجعل الفعل بمعنى الماضي سواء دخلت على ماضي أو مضارع مثبت أو منفي وأجاز الفرّاء (٢) استعمالها في المستقبل كـ (إن) نحو : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا * لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً

__________________

(١) وهو قول لعمر رضي الله عنه في صهيب رضي الله عنه ، والقول في شرح التسهيل السفر الثاني التكملة لابن الناظم ١٠٥٧ ، وشرح المصنف ١٣١ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٩٠ ، والجنى الداني ٢٧٣ ، ومغني اللبيب ٣٩٣. قال المصنف في شرحه ١٣١ : (ومقصود المتكلم بمثل ذلك أن يخبره أن هذا المشروط حاصل على كل تقدير لأنه إذا لزم الشيء ونقيضه كان ثابتا على كل حال لحصول الحصر).

(٢) ينظر المفصل ٣٢٠ ، وشرح المصنف ١٣١ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٩٠.

٦٠٧

ضِعافاً خافُوا)(١) والخوف مستقبل ، قوله :

[٨٢٦] قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم

عن النساء ولو باتت بأطهار (٢)

وبعضهم جزم بها في الشعر :

[٨٢٧] لو يشأ طار به ذو ميعة (٣)

 ...

[و ١٤٧] قوله : (ويلزمان الفعل) يعني (إن) و (لو) لأنهما للشرط والشرط لا يكون إلا في الأحداث.

قوله : (لفظا أو تقديرا) اللفظ (إن قمت قمت) ، و (لو قمت قمت) والتقدير نحو : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ)(٤) و (لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ)(٥)

__________________

(١) النساء ٤ / ٩ وتمامها : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً).

(٢) البيت من البسيط ، وهو للأخطل في ديوانه ٨٤ ، وينظر حماسة البحتري ٣٤ ، ونوادر أبي زيد ١٥٠ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٩٩ ، ورصف المباني ٣٦٠ ، والجنى الداني ٢٨٥ ، ومغني اللبيب ٣٤٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٤٦.

والشاهد فيه قوله : (ولو باتت بأطهار) حيث جاءت لو شرطية بمعنى إن صارفة الماضي إلى الاستقبال.

(٣) صدر بيت من الرمل ، وعجزه :

لا حق الآطال نهد ذو خصل

وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ١٣٤ ، ولامرأة من بني الحارث في الحماسة البصرية ١ / ٢٤٣ ، وينظر شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٢ / ١١٠٨ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ١٨٧ ، وشرح التسهيل السفر الثاني تكملة ٢ / ١٠٣٩ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٩٠ ، وتذكرة النحاة ٣٩ ، والجنى الداني ٢٨٧ ، ومغني اللبيب ٣٥٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٦٤ ، والهمع ٤ / ٣٤٣ ، والخزانة ١١ / ٢٩٨ ـ ٣٠٠.

والشاهد فيه قوله : (لو يشأ) حيث جزم بـ (لو) ضرورة لأن لو موضوعة للشرط في الماضي ...

(٤) التوبة ١٠ / ٦ وتمامها : (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ).

(٥) الإسراء ١٧ / ١٠٠ وتمامها : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً).

٦٠٨

و (لو ذات سوار لطمتني) (١) ، وإنما لزم الحذف لدلالة مفسره عليه لأنهم لا يجمعون بين المفسر والمفسّر.

قوله : (ومن ثم قيل : (لو أنك) بالفتح لأنه فاعل) أي من أجل أن يلزم الفعل لفظا أو تقديرا فتحت (أن) بعدها ، لأنه يصير بتقدير الفعل لفاعله عند المبرد (٢) والزمخشري (٣) والمصنف (٤) ، وعند سيبويه (٥) أنها في موضع الابتداء ولا تفتقر إلى خبر لسد طول الكلام مسد الخبر ، كما في (ظننت أنك منطلق) ، وقال السيرافي : (٦) لا حاجة إلى تقدير فعل بعد (لو) لأن (أنّ) قد نابت منابه ، وخبر (أنّ) الذي هو فعل لفظه نائب مناب الفعل الذي يقع بعد (لو) ، فإذا قلت : (لو أن زيدا انطلق) ، فكأنك قلت :

(لو انطلق زيد).

قوله : (وانطلقت بالفعل موضع منطلق ليكون كالعوض) يعني أنّ (إن) الواقعة بعد (لو) المقدر فعله إذا كان خبرها مشتقا أو مضارعا ، وجب أن يأتي في موضعه بفعل ماض مفسّر للفعل المقدر بعد (لو) فتقول :(لو أنك انطلقت) ولا تقول : (لو أنك منطلق) و (لا ينطلق) لأن الاسم لا

__________________

(١) ينظر لهذا المثل كتاب الأمثال ٢٦٨ ، ومجمع الأمثال ٢ / ١٧٤ ، والمقتضب ٣ / ٧٧ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٩١٧ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٩٠ ، والمغني ٣٥٣ ـ ٨٢٧.

(٢) ينظر المقتضب ٣ / ٧٧ ، وينظر شرح الرضي ٢ / ٣٩٠.

(٣) ينظر المفصل ٣ / ٢٣ ، والجنى الداني ٢٨١.

(٤) ينظر شرح المصنف ١٣١.

(٥) ينظر الكتاب ٤ / ٢٣٤.

(٦) ينظر شرح الرضي ٢ / ٣٩٠.

٦٠٩

يفسّر الفعل (١).

قوله : (فإن كان جامدا جاز لتعذره) يعني فإن كان خبر (أنّ) جامدا غير مشتق جاز الإتيان به لتقدير الإتيان بالفعل ، لأنه لا رائحة للفعل فيه مثال الجامد قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ)(٢) وقوله :

[٨٢٨] ما أحسن العيش لو أن الفتى حجر (٣)

 ...

وقد جاء قليلا خبر (أنّ) بعد (لو) مشتقا أو مضارعا مثال المشتق قول كعب :

[٨٢٩] أكرم بها خلة لو أنها صدقت

موعودها ولو أن النصح مقبول (٤)

وقوله :

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ٢ / ٣٩١ والعبارة منقولة عنه بتصرف دون عزو.

(٢) لقمان ٣١ / ٢٧.

(٣) صدر بيت من البسيط ، وعجزه :

تنبو الحوادث عنه وهو ملموم

وهو لابن مقبل في ديوانه ٢٧٣ ، وينظر الخصائص ١ / ٣١٨ ، وشرح المفصل ١ / ٨٧ ، ومغني اللبيب ٣٥٦ ، والبحر المحيط ٧ / ١٨٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٦١ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٠٢ ، واللسان مادة (لغم) ٦ / ٤٤٧٩ ، ويروى ما أطيب.

والشاهد فيه قوله : (لو أن الفتي حجر) حيث جاء خبر (أن) اسما جامدا وذلك على سبيل الجواز.

(٤) البيت من البسيط ، وهو لكعب بن زهير في ديوانه ٦١ ، وينظر شرح الرضي ٢ / ٣٩١ ، واللسان مادة (حلل) ٢ / ١٢٥٢ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٠٨.

والشاهد فيه قوله : (لو أنّ النصح مقبول) حيث جاء خبر (أن) الواقعة بعد (لو) وصفا مشتقا فعلا ، في حين جاءت في (لو أنها صدقت) الخبر جملة صدقت وبذلك لا تكون (لو) شرطية بل يجوز أن تكون في الموضعين للتمني فلا جواب لها وإذا كانت شرطية فالجواب محذوف يدل عليه أول الكلام والتقدير لو صدقت أو قبلت النصح لكرمت ...

٦١٠

[٨٣٠] ولو أن ما أبقيت منى

بعود ثمام ما تأوّد عودها (١)

وقوله مثال المضارع قوله :

[٨٣١] تمدّ بالأعناق أو تلويها

وتشتكى لو أننا نشكيها (٢)

قوله : (وإذا تقدم القسم) شرع في تبيين حد جواب الشرط ، أنه قد يحذف الشرط ، وقد يحذف الجواب ، وقد يحذفان معا ، أما حذف الشرط فهو قليل ولا يجوز إلا مع (أنّ) شرط التفسير أو النفي بـ (لا) أو يكون (كان) ويبقى معموله نحو : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) وقوله :

[٨٣٢] ...

وإلا يعل مفرقك الحسام (٣)

__________________

(١) البيت من الطويل ، ونسب إلى أبي العوام بن كعب بن زهير ، وإلى الحسين بن مطير وإلى كثير عزة ، وإلى ابن الدمينة. ينظر أمالي القالي ١ / ٤٣ ، والحماسة البصرية ٢ / ١٩٣ ، وسمط اللالي ١ / ١٨١ ، وشرح الكافية الشافية ٣ / ١٦٣٨ ، وشرح التسهيل السفر الثاني تكملة ابنه بدر الدين ٢ / ١٠٦٥ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٩١ ، ورصف المباني ٣٥٩ ، واللسان مادة (شمم) ١ / ٥٠٨ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٦٩. ويروى صدره في الرصف بغير رواية الشارح وهي :

ولو أنني علقت يا أم مالك

والثمام من أضعف النبت وادقه

والشاهد فيه مجي (لو) حرف امتناع لوجوب.

(٢) الرجز بلا نسبة في الخصائص ٣ / ١٧٧ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٨ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٩١ ، واللسان مادة (جفا) ١ / ٦٤٦ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣١٦.

والشاهد فيه مجيء خبر (أن) فعل مضارع.

(٣) البيت من الوافر ، وهو للأحوص في ديوانه ١٩٠ ، وينظر الأغاني ١٥ / ٢٣٤ ، وشرح التسهيل تكملة ٢ / ١٠٣٥ ، والإنصاف ١ / ٧٢ ، ورصف المباني ١٨٨ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٣٨٠ ، وشرح شذور الذهب ٣٥٧ ، ومغني اللبيب ٨٤٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٦٧ ـ ٩٣٦ ، وهمع الهوامع ٤ / ٣٣٦ والخزانة ٢ / ١٥١.

والشاهد فيه قوله : و (إلا يعل) حيث حذف فعل الشرط لدلالة ما قبله عليه والتقدير : (وإلا تطلقها يعل مفرقك).

٦١١

وقوله : (إن خيرا فخير) (١) وأجاز الزمخشري (٢) حذفه في غير ذلك نحو :(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ)(٣) قال تقديره : (إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم) ، وقال الإمام المؤيد برب العزة يحيى بن حمزة : (٤) في الزانية والزاني فاجلدوا تقديره : (إن زنيا) وأما حذفهما معا فهو أقل من الشرط وأكثر ما يأتي مع (لا) نحو : (اضرب زيدا إن أساء وإلا فلا) وقد تأتي في غيرها قوله :

[٨٣٣] قالت بنات العم يا سلمى وإن

كان فقيرا معلما قالت وإن (٥)

قيل : هو ضرورة ، وأما حذف الجواب فهو كثير ولا يختص بـ (إن) لكنه يلزم أن يكون الشرط ماضيا أو منفيا وقيل : ليس بلازم وعليه :

[٨٣٤] لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم

ليعلم ربى أن بيتى أوسع (٦)

ولا بد في حذفه من قرينة معنوية أو لفظية فالمعنوية نحو : (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ)(٧) أي فافعل ، واللفظية

__________________

(١) سبق تخريجه.

(٢) ينظر الكشاف ٢ / ٢٠٧.

(٣) الأنفال ٨ / ١٧ وتمامها : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى ...).

(٤) ينظر رأي يحيى بن حمزة في الأزهار الصافية السفر الأول ٣٤٦.

(٥) سبق تخريجه.

(٦) البيت من الطويل ، وهو للكميت بن معروف ، وينظر في معاني القرآن للفراء ١ / ٦٦ ، وشرح الكافية الشافية ٢ / ٨٣٧ ، ٣ / ١١٠٦ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٩٤ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٦٨ ـ ٧٠ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٢٧ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٩٦. ويروى واسع بدل أوسع.

والشاهد فيه قوله : (لئن) حذف جواب الشرط مع أن الشرط ليس ماضيا ولا منفيا.

(٧) الأنعام ٦ / ٣٥.

٦١٢

مع الشرط والقسم والمبتدأ أو ما في حكمه ، وهو الفاعل ، أما الشرط فإذا اجتمع شرطان فصاعدا ، فإن كان على وجه التبعية كان الجزاء للجميع في العطف نحو : (إن تأتني وإن تكرم ولدي أكرمك) وفي البدل للثاني نحو :(إن تأتني إن [ظ ١٤٧] تلمم بي أكرمك) وفي التأكيد للأول نحو : (إن تأتني إن تأتني أكرمك) وإن لم يكن فإن صلح جعل الثاني جزاء للأول ، وقصد جعل الشرط الثاني جوابا للأول والثاني والثالث ، ودخلت الفاء على الجواب نحو : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(١) وإن لم يصلح ولم يقصد أن يكون جزاء له ، كان الجزاء للأول وحذف جزاء الثاني ، وقدّر مثل جزاء الأول ، وما حذف جزاءه لزمه المضي لفظا أو معنى ، ولم تدخل الفاء على الشروط بالمتوسطة نحو : (إن أعطيتك إن سألتك إن وعدتك تعيدني حرا وهذه الشروط المتوسطة إن كانت مترتبة على الأول فبودلت واقعة في محل إن ، هذه الشروط المتوسطة إن كانت مترتبة على الأول الحال لم يقع العتق إلا بمجموعها وإن لم يترتب عتق بكل واحدة منها.

وأما الشرط مع القسم أو مع المبتدأ أو القسم مع المبتدأ فحاصل الكلام فيها أن الشرط لا يلغي متقدما ولا متوسطا ، ويجب إلغاؤه متأخرا ، والقسم لا يلغي متقدما ويجوز إلغاؤه متوسطا ويجب والمبتدأ لا يلغى متقدما ولا متوسطا ولا متأخرا ، ومعنى الإلغاء لا يكون للقسم والشرط جواب ملفوظ ، وأما التقدير فلا بد منه فإما أن يجتمع الثلاثة ، أو اثنان

__________________

(١) البقرة ٢ / ٣٨ وتمامها : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي ...).

٦١٣

منها الشرط لتأخره ، وإن تقدم الشرط وجوابه نحو : (إن تأتني إنك والله) ألغي فيها القسم لتأخره ، وإن توسط القسم بين الشرط وجوابه ، فاعتبار الشرط واجب لتقدمه ، ولكن في القسم وجهان ، إلغاؤه لتوسطه وجعل الجواب للشرط واعتباره بأن يجعله وما بعده جزاء للشرط ، وتدخل الفاعلية وما بعده جواب له نحو : (إن أتيتني فو الله لآتينك) وإن توسط الشرط بين القسم وجوابه ، نحو : (والله إن أتيتني لآتينك) وهي التي ذكر المصنف (١).

قوله : (وإذا تقدم القسم أول الكلام على الشرط لزمه المضي (٢) لفظا أو معنى) يعني إذا تقدم القسم على الشرط حذف جواب الشرط ، وكان الشرط ماضيا لفظا نحو : (والله إن أتيتني لآتينك) أو معنى ، وهو حيث ينفى بـ (لم) ، نحو : (والله إن لم تأتني لآتينك) وإنما التزم فيه المضي لفظا أو معنى ، لأنه لو كان مضارعا عملت فيه (إن) وإذا عملت في الشرط لزم أن تعمل في الجزاء ، ولا تحذف لأن عملها في الشرط يقتضي قوتها ، ومنهم من لم يوجب مضي الشرط بل جعله مختارا.

قوله : (وكان الجواب للقسم (٣) [لفظا أو معنى مثل : (والله إن

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ١٣٢.

(٢) في الكافية المحققة الماضي بدل المضي.

(٣) قال الرضي في شرحه ٢ / ٣٩٢ : (وتعليل هذه الأحكام مبني على مقدمه : وهي أن أداتي القسم والشرط وأصلهما التصدر كالاستفهام لتأثيرهما في الكلام معنى ، ثم إن كلا منهما لكثرة استعمالهم له ـ وبعده عن جوابه ـ وبعدهما عما يؤثر أن فيه أي جوابهما قد يسقط عن درجة تصدره على جوابه فيلغي باعتباره أي لا يكون في الجوابين علامتاهما ... أما الشرط فنحو : (آتيك إن أتيتني) ، وأما القسم فنحو : (زيد والله قائم) ، و (زيد قائم والله) فيضعف أمرهما ـ ويصيران بحيث لا جواب لهما ـ فلا يكون لهما جواب لفظا ثم قال ... فالذي يتقدم على الشرط جوابه ... لكن القسم أكثر إلغاء من الشرط لأنه أكثر دورانا في الكلام).

٦١٤

أتيتني) ، و (إن لم تأتني لأكرمتك) ، وإن توسط بتقديم الشرط أو غيره جاز أن يعتبر ، وأن يلغى كقولك : (أنا والله إن تأتني آتك) و (إن أتيتني والله لآتينّك)](١) وذلك لأن الجواب ، يتعذر أن يكون لفظه للقسم والشرط معا لأن جواب القسم مؤكدا وجواب الشرط مجزوما ، فلما قدم القسم دلّ على العناية به ، فجعل الجواب له لفظا ومعنى والشرط معنى ، فقط لتعذر اللفظ ، والدليل على اعتبار الشرط معنى ، أن اليمين عليه وهو شرط للإتيان في قوله : (والله إن تأتيني لآتيك) ولعدمه في قوله : (والله إن لم تأتني فإني لآتينّك) ومثل بمثالين الأول للماضي لفظا ، والثاني للماضي معنى ، والفرّاء (٢) أجاز اعتبار الشرط وإلغاء القسم لأن الشرط مؤسس والقسم مؤكد ، وحذف جوابه أكثر من حذف جواب الشرط ، واحتج بقوله :

[٨٣٥] لئن منيت بناعن غبّ معركة

لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل (٣)

__________________

(١) زيادة في نسخة الشارح عن الكافية المحققة.

(٢) ينظر معاني القرآن للفراء ٢ / ١٣١ ، والبحر المحيط ٦ / ٧٥.

(٣) البيت من البسيط ، وهو للأعشى في ديوانه ١١٣ ، وينظر معاني القرآن للفراء ١ / ٦٨ ، وشرح الكافية الشافية ٢ / ٨٠٩ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٤٢٨ ـ ٥١٩ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٩٢ ، والبحر المحيط ٦ / ٧٥ ، وشرح القصائد العشر للتبريزي ٥٠٨ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٣٨٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٢٧ ، ونتتفل أي نتملص ونتخلص.

والشاهد فيه قوله : (لئن منيت ... لا تلفنا) حيث اجتمع الشرط والقسم ، الشرط في قوله (إن منيت) ، والقسم في دلالة اللام عليه فهي موطئه له ، وكل منهما يستدعي جوابا فترجح جواب الشرط ولذلك جزم تلفنا لأن أصلها تلفينا.

٦١٥

بجزم (لا تلفنا) وإن كان المجتمع الشرط والمبتدأ أو ما في حكمه وهو الفاعل ، فإن لم يتقدم الشرط وجزاؤه على المبتدأ نحو : (إن يأتني عمرو أكرمه زيد) وجب فيه اعتبارهما باعتبار الشرط ، بأن يجعل ما بعده جزاؤه ، واعتبار المبتدأ بأن يجعل الشرط وجزاؤه مخبرا عنه وهو متقدم رتبة ، والضمير عائد إليه تقديره : (زيد إن يأتني عمرو أكرمه) ، وإن تقدم المبتدأ وخبره وجب إلغاء الشرط واعتبار المبتدأ ، لأن جزاءه لا يتقدم ، نحو :(زيد يأتيك إن تأته) وإن توسط الشرط بين المبتدأ وخبره وجب إلغاء الشرط واعتبار المبتدأ ، فإن كان خبر المبتدأ يصلح جوابا للشرط اعتبرا معا ، نحو : (زيد إن تأته يأتك) ، فالشرط وجوابه خبر للمبتدأ ، وجواب الشرط ما بعده ، وقد [و ١٤٨] أجيز إلغاء الشرط وجعل ما بعده خبرا للمبتدأ ، ولا يجزم ، وإن لم يصلح ، وذلك حيث يكون مفردا نحو : (زيد إن أتيته جواد) ألغي الشرط وكان فعله ماضيا كما تقدم ، وإن توسط بين المبتدأ والشرط وجوابه ، وجب اعتبارهما ولزمت الفاء في المبتدأ ، نحو : (إن أتيتني فزيد يكرمك) فالفاء وما دخلت عليه جواب للشرط وما بعد المبتدأ خبر له ، وإن كان المبتدأ والقسم ، فإن تقدم المبتدأ وخبره ، نحو : (زيد قائم والله) وجب إلغاء القسم ، لأن جوابه لا يتقدمه ، وإن تقدّم القسم وجوابه ، نحو : (والله لأضربنّه زيد) اعتبرا معا ، فما بعد القسم جواب له ، والقسم وجوابه خبر للمبتدأ متقدم عليه تقديره : (زيد والله لأضربنّه) ، وإن توسط القسم بين المبتدأ وخبره ، نحو : (زيد والله يقوم) وجب اعتبار المبتدأ.

٦١٦

ولك في القسم وجهان فصيحان ، إلغاؤه وجعل ما بعده خبرا للمبتدأ ، أو اعتباره بأن يجعل هو وما بعده خبرا للمبتدأ ، وقد يدخل على ما بعده فتلغى به ، وتجعل جوابا له بخلاف الشرط ، فإلغاؤه ضعيف ، ومنهم من منع من جعل القسم متوسطا خبرا للمبتدأ لأنه إنشاء ، وإن توسط المبتدأ بين القسم وجوابه دخلت اللام على المبتدأ ، وكان جوابا للقسم ، وما بعده خبرا عنه ، نحو : (والله لزيد قائم) ، وكذا في الفاعل نحو : (والله لقد قام زيد) ، وأما إذا اجتمع المبتدأ والقسم والشرط فإن تقدم المبتدأ ففيه ست صور :

الأولى : تقدم المبتدأ أو خبره ثم القسم ثم الشرط ، نحو : (زيد يقوم والله إن تطعه) وجب اعتبار المبتدأ وما بعده خبره ، وإلغاء الشرط لتأخره ، وجاز في القسم الوجهان لتوسطه فإن اعتبر دخلت اللام على الشرط ، وإن لم يعتبر لم تدخل.

الثانية : توسط الخبر بين القسم والشرط ، نحو : (زيد يقوم والله إن تطعه) اعتبر المبتدأ وألغي الشرط لتأخره ، وجاز في القسم الوجهان ، فإن اعتبر دخلت اللام على خبر المبتدأ ، وكانت الجملة القسميّة خبرا للمبتدأ ، وإن ألغي جعل ما بعد القسم خبرا عن المبتدأ.

الثالثة : تأخر الخبر بعد الشرط ، نحو : (زيد والله إن تطعه يشكرك) جاء إلغاء القسم والشرط لتوسطهما ، ويكون الجواب خبرا للمبتدأ ، وجاز اعتبار القسم لتقدّمه على الشرط بشرط دخول اللام على الشرط

٦١٧

والجواب ، نحو : (زيد والله لئن أعطيته ليشكرنّك) وجاز اعتبار الشرط فيجزم الجواب على القسم ، وجاز اعتبارهما معا ، وتدخل اللام في الشرط ويجزم الجواب وتكون الجملة خبرا عن المبتدأ.

الرابعة : تقدم الشرط على القسم ، نحو : (زيد إن تعطه والله يشكرك) فإن قدمت خبر المبتدأ عليهما ألغي القسم لتأخره ، وجاز في الشرط الاعتباران دخلت الفاء على القسم وهو الفصيح ، والإلغاء إن لم تدخل ، وإن توسط الخبر بين الشرط والقسم ألغي القسم لتأخره ، واعتبر الشرط إن دخلت الفاء ، وألغي إن لم تدخل ، وإن تأخرّ الخبر جاز إلغاء القسم والشرط لتوسطهما ، وكان الجواب خبرا عن المبتدأ ، واعتبارهما معا حيث يجتمع القسم والشرط لتوسطهما وكان الجواب خبرا عن المبتدأ واعتبارهما معا حيث يجتمع الفاء واللام ، واعتبار الشرط وحده ، إن دخلت الفاء على القسم واعتبار القسم وحده إن دخلت اللام ، ونون التوكيد على الجزاء ، وإذا اعتبرا أو أحدهما كانت الجملة خبرا عن المبتدأ ، وإن تقدم القسم ثم المبتدأ ثم الشرط ، فإن تقدّم جوابه عليهما ، نحو :

(والله ليشكرنّك زيد إن تعطه) كان الجواب للقسم ، ووجب دخول أداة القسم على الجواب ، وألغي الشرط لتأخره ، وكان القسم وجوابه خبرا عن المبتدأ ، لأنه لا يجوز إلغاؤه ، وهو في حكم المتقدم ، تقديره : (زيد والله ليشكرنّك إن تعطه) كان الجواب للقسم ووجب دخول أداة القسم على الجواب وألغي الشرط لتأخره ، وكان القسم وجوابه خبرا عن المبتدأ ، لأنه لا يجوز إلغاؤه وهو في حكم المتقدم ، تقديره : (زيد والله ليشكرنّك إن

٦١٨

تعطه) وإن توسطّ الجواب دخلت اللام على المبتدأ ، وكانت الجملة جوابا للقسم وخبر المبتدأ (إن تعطه يشكرك) وألغي الشرط ، وإن تأخرّ عليهما اعتبرت كلّها وكانت الجملة كلها جوابا للقسم وما بعد ذلك خبر عنه ، ويشكرك تجزم جوابا للشرط ، وإن تقدم القسم بعد الشرط على المبتدأ ، فإن تقدم جواب [ظ ١٤٨] القسم عليهما كانت الجملة كلها جوابا للقسم ، والقسم وجوابه والشرط خبرا عن المبتدأ متقدم عليه ، وألغي الشرط لتأخره في التقدير ، وإن توسطّ الجواب بينهما لزمت اللام الشّرط ، وكان الشّرط والجواب جوابا للقسم ، ويجوز اعتبار الشّرط والجواب الذي بعده ، ويجوز إلغاؤه ، ويجب اعتبار المبتدأ وما قبله خبره ، وإن تأخّر الجواب وجب اعتبار القسم والمبتدأ ، وجاز اعتبار الشّرط وإلغاؤه ، فمع اعتبار الجميع تدخل اللام على الشرط ويجزم الجواب الشرط ، وتكون الجملة خبرا عن المبتدأ ، وإن تقدّم الشرط ثم المبتدأ ثم القسم ، فإن تقدم الشرط عليهما ، نحو : (إن تعطه يشكرك زيد والله) كان الجواب للشرط ، والشرط وجوابه خبر المبتدأ ، وألغي القسم لتأخره ، وإن توسطّ بينهما وجب إلغاء في المبتدأ وكان جواب الشرط والجزاء خبرا للمبتدأ وألغي القسم لتأخره ، وإن تأخر عنهما جاز اعتبارهما معا ويكون المبتدأ وخبره جوابا للشرط ، وتلزم الفاء ، وما بعد القسم وجوابه وتلزم اللام والقسم وجوابه خبرا للمبتدأ ، ويجوز إلغاء القسم لتوسطه وإن ولي الشرط القسم ، فإن تقدم جزاؤه على القسم والمبتدأ نحو : (إن تعطه يشكرك والله زيد) كان الجواب للشرط والجملة خبر عن المبتدأ ، ويجوز في القسم وجهان ، فإن اعتبرته أدخلت اللام على المبتدأ ، وإن

٦١٩

توسط الجزاء جاز اعتبار الجميع ، ويكون القسم وجوابه جزاء للشرط ، ويلزم القسم الفاء واللام في الجواب ، والجملة كلها خبر عن المبتدأ ، ويجوز إلغاء لتوسطه ، فلا تدخل الفاء ويجزم الجواب للشرط ، وإن تأخر الجواب جاز اعتبار الجميع أيضا ، وتكون الجملة التي بعد الشرط كلّها جزاء له ، ويلزم القسم الفاء ، وما بعد القسم جوابه ، وتلزمه اللام وما بعد المبتدأ خبره ...

فصح لك من المسائل مع اجتماع الثلاثة ثماني عشرة مسألة ، ومع اجتماع الاثنين اثنتا عشرة مسألة ، لأنها ثلاثة أقسام ، وفي كلّ قسم أربع مسائل ، وثلاث في أربع اثنتا عشرة.

قوله : (وتقدير القسم كاللفظ) يعني أنه قد يحذف القسم ويقدر ويثبت له ما يثبت للملفوظ به من الاعتبار والإلغاء بشرط أن يمنع مانع من إجراء اللفظ على ظاهره ، وأن يكون ثمّ ما يصلح جوابا للقسم ، نحو قوله تعالى : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ)(١) فثّم دليلان على تقدير القسم :دخول اللّام الموطئة ، وسقوط الفاء مع عدم الجزم في (لا يخرجون) وفي قوله : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)(٢) دليل وهو عدم دخول الفاء على إنكم.

__________________

(١) الحشر ٥٩ / ١٢ ، وتمامها : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ).

(٢) الأنعام ٦ / ١٢١ ، وتمامها : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ).

٦٢٠