يعني امْرَأَةً غَزَّالَةً بمغازِلَ سُوِّيَتْ من خَشَب العَوْسَج.
قلت : والجزْءُ في كلام العرب : النَّصِيب ، وجمعه أَجزَاء.
ويقال : جَزَأْتُ الحالَ بَينهم ، وجَزَّأْتَه إذا قَسَّمْتَه ، يُخَفَّف ويُنْقّل.
وكأنَّ المعنى في قول الله جلَّ وعزَّ : (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) [الزخرف : ١٥].
أي جَعَلوا نَصيبَ الله من الولد الإناثَ ، دُون الذكور ، واسْتَأْثروا بالذكور.
قلت : ولا أدري ما الجزء بمعنى الإناث ، ولم أَجِدْه في شِعْر قديم ولا رَوَاه عن الْعَربِ الثّقاب. ولا يعبأ بالبيت الذي ذكره لأنه مصنوع.
وقال الأصمعيّ : اسمُ الرجل جَزْءٌ بفتح الجيم ، وكأَنَّهُ مَصدر جَزَأْتُ جَزْءاً.
وكذلك قال أبو عُبيدة ، قال : والجُزْأَةُ : نِصابُ السِّكين.
قال أبو زيد : وقد أَجْزَأْتُها إجْزَاءً ، وأَنْصَبتُها إنْصاباً ، أي جَعَلْتُ لها نصاباً ، وجُزْأَةً ، وهما عَجُزُ السِّكين.
قال أبو زيد : والجُزأَةُ لا تكون للسَّيْف ولا للخِنجَر ، ولكن للمِئثَرة التي تُوسَمُ بها أَخفافُ الإبل ، وللسكاكين ، وهي المقْبضُ.
ويقال : ما لفلان جُزْءُ ، وما له أجْزاء ، أي ما له كِفَاية.
أبو عُبيد ، عن أبي زيد : أَجْزَأْتُ عنك مُجْزَأَ فُلان ، ومُجْزَأَتَه ، ومَجْزَأ فُلان ، ومَجْزَأَتَه ، وكذلك أَغْنَيْتُ عَنْك مِثْلهُ في اللَّغات الأرْبع.
قال : ويقال : هذا رَجُلٌ حَسْبُك من رَجُلِ ، ونَاهِيك وكافيك وجَازِيكَ ، بمعنى واحد.
قال القُطامي :
وما دَهرِي يُمنِّيني ولكن |
جَزَتْكُم يا بني جُشَمَ الجوازِي |
أي جزتكم جوازيَ حقوقكم وذمامكم ، ولا مِنَّة لي عليكم.
والجزْية : جزية الناس التي تؤخذ من أهل الذمّة ، وجمعها : الْجِزَى.
وقال ابن الأعرابي : الْجِزَى الجوالي ، والجالية الجِزيَةُ.
وقال أبو بكر : الجزية في كلام العرب : الخراج المَجعول على الذِّمِّيّ ، سُمِّيت جزية لأنها قضاءٌ منه لما عليه ، أُخِذَ من قولهم : جَزَى يجزي ، إذا قضى.
وأمَّا قولهم : جَزَتكَ عَنِّي الجوازي ، فمعناه جَزَتكَ جوازي أفعالِكَ المحمودة ؛ وحقوقِكَ الواجبة ، والجوازِي معناها الجَزاءَ : جمع الجازِية مَصْدَر على «فاعِلة» كقولك : سَمِعْت رَواغي الإبل وثَواغِي الشّاه أي سمعت رُغاءها وثُغاءها ، ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١)) [الغاشية : ١١] أي لَغْواً ، وجمعها
اللَّواغِي. وقال أبو ذؤيب :
فإِنْ كنتَ تشكو من خَليل مَخَانَةً |
فَتِلْكَ الجوازِي عَقْبُها ونَصِيرُهَا |
أي جُزِيت كما فعلت ؛ وذلك أنه اتهَمَه في حيلته.
وقال الليث : فلان ذو جزاءٍ ، وذو غَناءٍ ، محدودان. قال : والمجزوءُ من الشِّعرِ ، إذا ذَهَب فعلٌ واحد من فواصله. كقوله :
يَظُنُّ الناسُ بالمَلِكَيْ |
ن أَنَّهما قد الْتَأَمَا |
|
فإنْ تَسْمَعْ بِلأْمِهِمَا |
فإِنَّ الأمرَ قد فَقِما |
ومثله قوله :
* أَصْبَحَ قلْبي صَرِداً*
ذهب منه الجزء الثالث من عجزه.
جوز ـ جيز ـ جاز : الأصمعيّ : الجَأَز الْغَصَصُ ، يقال : جَئِز يَجأَزُ جَأَزاً ، إذَا غَصَّ.
وفي حديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أَنَّ امرأَةً أَتَته ، فقالت : إني رَأَيْتُ في المنام كأَنَ جائِزَ بَيتي انْكسر ، فقال : خير ، يَرُدُّ اللهُ غَائِبَك ، فرجع زَوْجُها ، ثم غابَ ، فرأَتْ مِثْلَ ذلك ، فلم تَجِد النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ووجدَت أبا بكر ، فسألته ، فقال : يموت زَوْجُك».
قال أبو عبيد : الجائِزُ في كلامهم الْخَشبَةُ التي توضَعُ عليها أطراف الْخُشُب ، وهي التي تُسمَّى بالفارِسيَّة التِّير.
قال : وقال أبو زيد : جَمع الجائِز أَجْوِزَةُ وجُوزَان.
وقال أبو عمرو نحوَه.
وقال ابن شُميل : الجائِزُ الذي يُمرُّ على القوم ، وهو عَطْشان سُقِيَ أو لم يُسْق ، فهو جائز ، وأنشد :
مَنْ يَغْمس الجائِزَ غَمْسَ الوَذَمَهْ |
خَيْر مَعَدٍّ حَسَباً وأكْرَمَه |
وقال الليث : جَزْتُ الطَّريقَ جَوَازاً ، ومَجَازاً وجُؤُوزا ، والمجاز : الموضع ، وكذلك الْمجَازَه.
أبو عُبَيد ، عن الأصمعيّ : جُزْتُ الموضِع ، سِرْتُ فيه ، وأَجَزْتُه : خَلَّفتُه وقَطَعْتُه ، وأَجَزْتُه : أَنَقَذتُه.
هكذا رواه شَمِر لأبي عُبَيد بالقاف ، ومنه قال امرؤ القيس :
فلمَّا أَجَزْنَا ساحةَ الحيِّ وانتَحَى |
بنا بَطْنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ |
وقال أوس بن مَغراء :
* حَتَّى يُقال أَجِيزوا آلَ صَفْوَانَا*
أي أَنفِذُوهم ، يمْدحُهُم بأَنَّهُم يُجيزون الحاج.
وقال الليث : جَاوزتُ الموضعَ جَوازاً ، بمعنى جُزْتُه ؛ وتجاوَزْتُ عن ذنبه ، أي لم آخذْه به.
الحرانيّ ، عن ابن السّكّيت ، قال : الجواز السَّقْيُ ؛ يقال : أَجِيزونا أي اسْقونا ، والمسْتَجِير : المسْتَقِي.
قال الراجز :
يا صاحبَ الماءِ فَدتكَ نَفْسي |
عَجِّل جوازِي وأَقِلَّ حَبْسِي |
أي عجل سَقْي.
وقال القطامي :
وقَالوا : فُقَيْمٌ فَيِّمُ الماءِ فاسْتَجزْ |
عُبادَةَ إنَ الْمسْتَجيزَ على قُتْرٍ |
وقال : وحكى ابنُ الأعْرابيَّ ، عن بعض الأعراب : لِكُلِّ جابَةٍ جَوْزَة ثم يُؤَذِّن ، أي لِكُلِّ من وَرَدَ عَلَيْنَا سَقْيَةٌ ، ثم يُمْنَعُ من الماء. يقال : أَذَّنْتُه تَأْذِيناً ، أي رَدَدْتُه.
أبو بكر : أجاز السلطانُ فلاناً بجائزة ، وأصل الجائزة أن يُعطىَ الرجلُ الرجلَ ماءً يُجيزه ليذهبَ لوجهه ، فيقول الرجلُ : إذا وردَ ماءً لِقَيِّم الماء أجزْني أي أعطني ماءً حتى أذهب لوجهي ، وأجوز عنك ، ثم كثر هذا حتى سَمُّوْا العطيّة جائزة.
وقال الليث : التّجوُّز في الدَّراهم أَنْ تُجَوِّزَها ، قال : والْمُجَوَّزةُ من الغَنَم الَّتي بِصَدْرِها تَجويز ، وهو لَونٌ مخالف لِلَوْنها.
أبو عبيد ، عن أبي زيد في شِيات الضّأن ، قال : إذا ابْيَض وَسَطُها ، فهي جَوْزاء.
وقال غيره : جَوْزُ كُلِّ شَيء وَسَطُه ، وجَوْزُ الْفَلاة : وسَطُها ، وجَوْزُ الْجراد : وَسَطُها.
وقال ابن الْمُظَفَّر : الإجاز : ارْتفاق العرب. كانت العرب تَحْتَبِي وتَسْتَأجِزُ على وسادَة ، ولا تَتَّكِىءُ على يَمين ولا على شمال أي تَتَحَنَّى عَلَى وِسادة.
قلت : لم أسمع الإجازَ لغير اللّيث ، ولعله قد حَفِظه.
ورُوِيَ عن شُرَيْحٍ أنه قال : إذا باع الْمُجِيزان فالبيع للأوّل ، وإذا أنْكَح الْمُجيزان فالنكاح للأَول ، والمجيز : الوَليّ.
ويقال : هذه امرأةٌ ليس لها مُجيز ، والمجيز : الوصِيّ ، والمجيز : القَيِّم بأَمْر اليتيم ؛ والمجيزُ : العبد المأْذون له في التِّجارة.
وفي الحديث أَنَّ رجلاً خاصم إلى شُرَيح غُلاماً لزيادٍ في بِرْذَونةٍ باعها وكَفل له الغُلام ، فقال له شُريح : إنْ كان مُجِيزاً ، وكفل لك غَرِمَ ، أراد ، إنْ كان مَأذوناً له في التِّجارة.
قلت : والْجِيزةُ من الماء مِقْدَارُ ما يَجُوز به المسافرِ من مَنْهلٍ إلى مَنهل. يقال : اسْقِني جِيزةً وجائِزةً وجَوْزَةً.
وفي الحديث : الضِّيافَةُ ثلاثَةُ أَيَّام ، وجائِزَتهُ يومٌ وليلة ، أي يُعْطَى ما يجوزُ به مسافة يوم وليلة.
والتّجاويز : بُرودُ مَوْشِيَّةٌ من بُرودِ اليمن ،
واحدها تِجْواز.
وقال الكميت :
حتى كأَنَّ عِراصَ الدارِ أرْدِيةٌ |
من التجاوِيزُ أو كُرّاسُ أَسْفارِ |
والْمجازَة : موسمٌ من المواسم. وذُو المجازة : مَنْزل من مَنازِل طريق مَكَّة بين ماوِيّة وينْسُوعَةَ على طريق البَصْرَة.
والْجِيزة : النّاحية ، وجمعها جِيزٌ ، وَعِبْرُ النّهر : جِيزَتُه ، وجِيزُ : قَرْيةٌ من قرى مصر ، وإليها نسب الربيع بن سليمان الجِيزيّ.
وأَخْبرني المنذريّ ، عن أبي العباس أحمد ابن يحيى ، قال : دَفَع إليّ الزبيرُ الإجازةَ ، وكتَب بخطِّه. وكذلك عبد الله بن شَبيب أجاز إلَيَّ ، فقلت لهما : أَيْش أقولُ فيه؟
فقالا : قل فيه إن شِئت : حَدَّثنا ، وإن شِئْت أَخبرنا ، وإن شئت كَتَبَ إلَيَّ.
أزج : قال ابنُ السّكّيت : قال أبو عمرو : الأُزُوجُ : سُرْعَةُ الشَّدّ ، وفَرَسٌ أزُوج ؛ وأنشد :
* فَزَجَّ رَمْدَاءَ جواداً تَأْزِجُ *
وقال النضْر : الأزَجُ مَعْروفٌ ؛ يقال له بالفارسية «أُوسْتَان».
وقال اللّيْث نحوَه ، قال والتَأْزِيجُ : الفعل ، وهو بَيْتٌ يبْنى طويلاً.
وجز : قال الليث : الوجْزُ الوَحَاءُ ، تقول : أَوْجَزَ فلانٌ إيجازاً في كلِّ أَمر ، وقد أَوْجزَ الكلامَ والعِطيّة ونحوها.
وأنشد :
* مَا وَجْزُ مَعْرُوفِكَ بالرِّماقِ*
وأَمْر وَجِيز ، وكلامٌ وجِيز.
قال رُؤْبة :
* لَوْلَا عَطاءٌ من كَريمٍ وَجْزِ*
قال أبو عمرو : الوَجْزُ السَّريعُ العَطاء ، وَجَزَ في كلامه وأَوْجَزَ.
وقال رُؤْبة أيضاً :
* عَلَى حَزَابيٍّ جُلالٍ وَجْزِ*
يعني بَعيراً سَريعاً.
زوج : قال الليث : الزّاج ، يقال له : الشَّبّ الْيَمانيّ ، وهو من الأدْوية وهو من أخلاط الحِبْر.
الحرّاني عن ابن السِّكّيت : يقال هو زَوْجها وهي زَوْجه.
قال الله تعالى : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) [الأحزاب : ٣٧].
وقال أيضاً : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) [النساء : ٢٠] أي امْرأَةً مكانَ امْرَإةٍ ، والجميع الأزْوَاج.
وقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) [الأحزاب : ٢٨]. قال : ويقال : هي زَوْجتُه.
وأنشد :
يا صَاحِ بَلِّغْ ذَوِي الزَّوْجات كلِّهمُ |
أَنْ لَيْسَ وصَلٌ إذا انحلَّتْ عُرَا الذنَبِ |
وتقول العرب : زَوَّجته امْرأَةً ، وتَزَوَّجت امرأَةً ، وليس من كلام العرب. تزوَّجتُ بامْرأَةً ، ولا زوَّجْت منه امْرأَةً.
قال : وقول الله : (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) [الدخان : ٥٤] أي قَرَنَّاهم.
وقال الفراء : هو لُغَةٌ في أَزْدِ شَنُوءة.
وقال أبو بكر : العامة تخطيءُ فَتَظنّ أنّ الزّوجَ اثنان ، وليس ذلك من مذاهب العرب ، إذا كانوا لا يتكلمون بالزوج موَحَّداً في مثل قولهم : زوج حمام ، ولكنهم يُثنُّونَه فيقولون : عندي زوجان من الحمام ، يَعنون ذكراً وأنثى ، وعندي زوجان من الخِفاف ، يعنون اليمين والشمال. ويوقعون الزّوجين على الجنسين المختلفين ، نحو : الأسود والأبيض ، والحلو والحامض.
قال الله : (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥)) [النجم : ٤٥].
وقال : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الأنعام : ١٤٣] أراد ثمانية أفراد ، دلَّ هذا على ذلك.
قال : ولا تقول للواحد من الطير زوجٌ كما يقولون للاثنين زوجان ؛ بل يقولون للذكر فَرْدٌ ، وللأُنْثى : فَردةٌ.
قال الطرماح :
خرجنَ اثنتين ، واثنتين وفَرْدَةً |
يُبادِرْنَ تَغليساً سِمالَ المداهنِ |
وتقول العرب في غير هذا : الرجل زوج المرأة ، والمرأة زوج الرجل وزوجته ، وسمَّى العرب الاثنين زَكاً ، والواحد : خَساً.
والافتعال من هذا الباب ازدوَج الطيرُ ازدِواجاً فهي مزدَوِجةٌ.
قال : وتقول : عندي زَوْجا نِعالٍ وزَوجَا حَمام ، وأَنْتَ تعني ذَكراً وأُنثى.
قال الله : (فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) [المؤمنين : ٢٧].
ويقال للنَّمَطِ زَوْجٌ ، قال لبيد :
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ |
زَوْجٌ عليه كِلَّةٌ وقِرَامُهَا |
وقال الله : (مِنْ كُلِ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [ق : ٧]. أي من كلِّ ضَرْبِ من النبات حَسَن ، والزَّوج : اللَّوْن.
وقال الأعشى :
وكلُ زَوْجٍ من الدِّيباجِ يَلْبَسُه |
أبو قُدامةَ مَخْبُوٌ بذَاك مَعا |
وكان الحَسَن يقول في قوله : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) [الذاريات : ٤٩]. قال : السَّماءُ زَوْجٌ ، والأَرْضَ زَوْج والشِّتاء زَوْج ، والصَّيْف زَوْج ، واللَّيْلُ زَوْج ، والنهار زوج ، ويُجْمَعُ الزَّوْجُ أَزْواجاً وأزَاوِيج ، وقد ازْدَوَجَتْ الطَّيْر ، افْتِعالٌ منه.
وفي حديث أَبِي ذَرّ ، أنّه سَمِعَ رسولَ الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «منْ أَنْفَقَ زَوْجَيْن من مَاله في سَبِيلِ الله ابْتَدَرَتْه حَجَبَةُ الجَنَّة. قال : وقلت : وما زَوْجانِ من ماله؟ قال : عَبْدَان أَوْ فَرَسان أوْ بَعيران من إبِله» وكان الحَسَن يقول : دِيناران أَوْ دِرْهمان أو عَبْدَان ، واثنان من كلِّ شَيْءٍ زَوْجٌ.
إسحاق ، قلت لأحمد : ما زوجان من ماله؟ قال : عَبْدَان. وقال : عجبت من امرأة عجبت من امرأة حَصَانٍ رأيتها لها ولَدٌ من زوجها وهي عاقر. أراد من زوج حمام لها ، وهي ، يعني المرأة ، عاقر.
فقلت لها : بُجْراً فقالت مُجيبَتِي |
أتعجب مِن هذا ولي زوجٌ آخَرُ |
يعني زوجَ حمامٍ آخر.
قال الزجاج في قول الله : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) [الصافات : ٢٢] معناه : ونظراءهم ضَرَبَاءَهم. تقول : عندي من هذا أزواج أي أمثال ، وكذلك زوجان من الخِفافِ أي كلُّ واحدٍ منهما نظير صاحبه ، وكذلك الزّوج : المرأة ، والزوجُ : المرْء قد تناسبا بعقد النكاح.
وكذلك قوله : (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) [ص : ٥٨] أي أنواع.
وقال : في قوله : (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) [الشورى : ٥٠] معنى يُزَوِّجُهُمْ : يَقْرِنُهم ، وكل شيء اقترن أحدهما بالآخر فهما زوجان.
وقال الفراء : يجعلُ بعضَهم بنين ، وبعضَهم بنات ؛ فذلك التَّزْويج. قلت : أراد بالتزويج التَّصنيف ؛ والزوج : الصِّنْف ، فالذكر صِنْف ، والأنثى : صِنف.
قال : وكان الأصمعيّ لا يُجيزُ أن يُقال لفَرْخَيْن من الحمام وغَيره زَوْج. ولا للنّعْلين زَوْج. ويقال في ذلك كلِّه : زَوْجان لكُلّ اثْنَين.
وقال ابن شُمَيل : الزوْج اثنان ؛ وكل اثنين زَوْجٌ ، وقال : اشْتَرَيْت زوجين من خِفاف ، أي أَرْبعة.
قلت : وأنكرَ النَّحويون ما قال ابن شُمَيل.
والزَّوْجُ : الْفَرْدُ عندهم.
ويقال للرّجل والمرأة : الزَّوجان.
وقال الله : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الأنعام : ١٤٣] ، يريد ثمانية أَفراد.
وقال : (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) [هود : ٤٠] وهذا هو الصَّواب.
ويقال للمرأة : إنَّها لَكَثِيرَةُ الأَزْوَاج والزِّوَجةَ ، ويقال : زَوَّجْتُ الْمَرْأَةَ الرَّجُلَ ، ولا يقال : زَوَّجْتُها مِنْه.
زجا : قال الليث : التَّزْجيَةُ دَفْعُ الشَّيْء كما تُزَجِّي البَصَرَةُ وَلَدَها ، أي تَسوقُه ، وأَنْشَدَ :
وصَاحِبٍ ذِي غِمْرَةٍ داجيْتُه |
زَجَّيْتُهُ بالْقَوْلِ وازْدجيْتُهُ |
والرّيحُ تُزْجي السَّحاب : أي تَسُوقُه سَوْقاً رفيقاً ، والْمُزَجيِ الْقَليلُ.
وقال الله : (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) [يوسف : ٨٨] أخبرنا المنذري ، عن الغسّانيّ ، عن سلمَة ، عن أبي عبيدة ، قال في قوله : (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) [يوسف : ٨٨] أي يَسيرَة قَليلة ، وأنشد :
* وحاجةٍ غَيْرِ مُزْجاةٍ من الْحَاجِ*
ويقال : أَزْجَيْتُ الشَّيءَ إِزْجاءً ، أي دَافَعْتُ بقَليله ، وهذا أَمْرٌ قد زَجوْنا عليه نَزجُو.
ويقال : أَزْجَيتُ أَيامى وزَجَّيتها ، أي دافعتها بقوتٍ قليل.
قلت : وسَمعتُ أَعْرابياً من بَني فَزارة يقول : «أَنْتم مَعاشِرَ الحاضِرَةِ قبلتمْ دُنياكم بِقُبْلانٍ ونحن نُزَجِّيها زجاةً» أي نَتبلّغُ بقليلِ القوت ونَجْتزِىءُ به.
ورُوِي عَن أَبي صالح ، أنه قال في قوله : (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) قال : كانت حَبَّةَ الخضْراء والصّنوْبَر.
وقال إبراهيم النّخَعي في قوله : «مُزْجاةٍ» ما أَراها إلا القَليلة.
وقليل كانت متاع الأعراب : الصُّوف ، والسَّمن.
وقال سعيد بن جُبيْر : «بِضَاعَةٌ مُزْجاةٌ» دَراهمُ سَوْء.
وقال عِكْرِمة : هي النَّاقَصة.
وقال الليث : زَجا الخَراجُ يَزْجُو : إذا تَيسرتْ جِبَايَته.
ج ط (وا يء)
مهمل.
[باب الجيم والدال]
ج د
(وا يء) جاد ، جدا ، ودج ، وجد ، دجا ، (داج) ، أجد.
جود ـ جيد ـ أجد : الحرانيّ ، عن ابن السّكّيت ، يقال : هذا شَيْءٌ جيد ، بَيِّنُ الجودَة من أَشْياء حَياد ، وهذا رَجلٌ جوادٌ من قَوْم أَجْوادٍ بيِّن الجَوْدَة ، وهذا فَرسٌ جَوادٌ من خيلِ جِيادٍ بَيِّنَةُ الجُودةِ ، والجَودةِ ، وهذا مَطرٌ جَوْدٌ ، بيِّن الْجَوْد ، وقد جِيدَت الأرْضُ ، ويقال : هاجَت بنا سماءٌ جَوْد ، وقد جادَ بنفْسهِ عندَ الموت يَجُودُ جؤوداً ، وقَدْ جِيدَ فلانٌ من العطش ، يُجادَ جُوَاداً وَجَوْدَةً.
وقال ذو الرُّمة :
تُعاطِيه أَحْياناً إذا جِيدَ جَودةً |
رُضاباً كطعم الزَّنجبيلِ المُعَسَّلِ |
أي إذا عَطِشَ عَطْشَةً.
وقال الباهلي في الْجُواد :
ونَصْرُكَ خَاذِلٌ عَنِّي بَطيءٌ |
كأَنَّ بكم إلى خَذْلِي جُوَاداً |
أبو عبيد : الجُوَادُ الجوع.
وقال أبو فراس :
تكادُ يَداه تُسْلمان رِدَاءَه |
من الجودِ لما اسْتَقَبَلَتْها الشَّمائل |
يريد جمع الشمال.
قال : وقال الأصمعيّ : من الجود ، أي من السّخاء ويقال للذي غَلَبَهُ النَّوم مَجُود ، كأَنَّ النَّومَ جادَه ، أي مَطَره.
قال لَبِيد :
ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرى |
عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المبْتَذَلْ |
ويقال : جِيدَ فُلانٌ ، إذا أَشْرف على الهَلاك ، كأن الهلاك جادَة ؛ وأنشد :
وقِرْنٍ قد تَرَكْتُ لَدى مِكَرٍّ |
إِذَا ما جادَهُ النَّزْفُ اسْتَدارا |
ويقال : إنِّي لأُجَادُ إلى لقائك ، أي أُسَاقُ إليْك ، كأَنَّ هَواهُ جادَةُ الشَّوْقُ ، أَيْ مَطَرَه ، وإنَّه ليُجادُ إلى فلان ، وإلى كلِّ شيء يَهْواه.
وقال الليْث مثل ذلك ، وقال : هو يجُودُ بنَفْسِه ، ويَرِيقُ بنَفْسه ويَفُوق بها ، إذا كان في السّياق. وهو يَسُوق نفسه ، ويغيظُ نَفسه بلا باء. وقال : وهو يجُودُ بنَفسه ، معناه يَسوقُ نَفسَه ، من قولهم : إنَّ فلاناً ليُجادُ إلى فلان ، وإنه لَيُجاد إلى حَتْفِهِ ، أي يُساق إليه. وقول لبيد :
* ومَجُودٍ من صُبابات الكَرى*
معناه سِيقُ إلى صُبَابات الكَرى.
وقال الأصمعيّ : معناه صُبَّت عليه صُبابات الكَرى صبًّا من جَوْد المطر وهو الكثير منه.
ويقال : أَجادَ فلانٌ في عِلمه ، وأَجْوَدَ وجَوَّدَ في عَدْوِه تجويداً. وعَدَا وعَدْواً جَوَاداً. وإنِّي لأجَادُ إلى القتال : أي لأساق إليه.
والجيدُ : مُقَدَّمُ العنقُ ، وجمعه أَجياد وامْرأَةٌ جيْدَاء ، إذا كانت طويلة العنقَ ، لا يُنْعَت به الرُّجل. وقال العجاج :
تسمعُ للحَلْيِ إِذا ما وَسْوسَا |
وارتجَّ في أجيادِها وأَجْرَساً |
جَمْعُ الجيد بما حَوْله. قال : وامرأةٌ جيْد أنه حَسَنةُ الجيد.
أبو عبيد : أَجادَ الرَّجُل ، إذا كانَ ذَا دابَّةٍ جَوَادٍ. وقال الأعشى :
فَمِثْلُكِ قَدْ لَهَوْتِ بها وأَرْضٍ |
مَهَامَه لا يَقُودُ بها الْمُجِيدُ |
ويُقال : أَجَاد به أَبَوَاه : إذا وَلَدَهُ جَوَاداً.
وقال الفرزدق :
قَومٌ أَبُوهُمْ أبو العاصي أَجاد بهم |
قَرْمٌ نجيبٌ لجَدَّاتٍ مَنَاجِيب |
اللِّحياني : سرنا عُقْبَةً جواداً ، وسِرْنا عُقْبَتَيْن جَوَادَيْن ، وسِرْنا عُقُباً أَجْواداً إذا كانَتْ بَعِيْدَةً.
ويقال : جَاوَرْتُ فُلاناً فجدتُه أَجُودُه إِذا غَلَبْتَهُ في الجود.
وقال أبو سعيد : سَمِعْتُ أعرابياً يقول : كنتُ أَجْلِسُ إلى القوم يَتجاوَبُون الحديث ، ويَتجاودُون ، فقلت له : ما يَتجاوَدون؟
قال : يَنْظرون أَيُّهُمْ أَجْوَد حُجَّةً.
وأَرْضٌ مَجُودَةٌ : أَصَابها مَطَرٌ جَوْدٌ.
وجَاد عملُه يَجُود جَوْدَةً ، وَجَدْتُ له بالمالِ جُوداً ، وقَوْمٌ أَجْوَادٌ وجُودٌ ، ونِساءٌ جُودٌ.
قال الأَخْطَل :
* وَهُنَّ بالبَذلِ لا بُخْلٌ ولا جُودُ*
ابن هانىء عن أبي زيد : وَقَعَ النّاسُ في أَبي جادٍ أي في باطلٍ.
جدا : قال الأصمعيّ : الْجَداءُ الغَنَاءُ مَحدودٌ ، يقال : فلانٌ قليلُ الجدَاء عنك : أي قليلُ الغَنَاءِ ، ومنه يقال : قَلَّ مَا يُجْدِي فلانٌ عنك ، أي قلَّ ما يُعْنِي.
والجَدَى من العَطِيّة مقصورٌ ، يقال : فلانٌ قليلُ الجَدَى على قومه ، ويقال : ما أَصَبْتُ من فلانٍ جَدْوَى قطُّ أي عَطِيَّة ، ويقال : فلانٌ يَجْتَدِي فلاناً ، ويجْدُوه أي يسأَله ، والسُّؤَال : الطالبون ، يقال لهم : الْمُجتَدُون.
ويقال : أَصَابَنا مطَرٌ جدًى ، أي مطرٌ عام.
وقال الليث : يقال : جَدَى علينا فلانٌ يجدو جَدْوَى ، وأجدى فلان أي أَعْطَى ، وقال : قومٌ جُداةٌ ومُجْتَدُون.
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ وأبي عمرو ، يقال : هذه بصيرةٌ من دَمٍ ، وجَدِيَّةٌ من دم.
قال : وقال أبو زيد : الجِدِيَّةُ ما لَزِقَ بالجَسَد ، والبَصِيرَةُ ما كان على الأرض.
وقال الليث : الجَدِيَّة هي لونُ الوجه.
يقال : اصْفَرّتْ جَدِيَّةُ وجهِه ، وأنشد :
تَخَالُ جَدِيَّةَ الأبطالِ فيها |
غداةَ الرَّوْع جادِيّاً مَدُوفاً |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الجَادِيُ الزَّعْفَرَانُ ، والجِسَادُ مثله.
جاديَّة : قرية بالشام ينبت بها الزعفران ؛ فلذلك قالوا جادِيّ.
وقال عباس بن مَرْداس :
سُيول الجَدِيّة جادتْ بها |
مُراشاةُ كلِّ قتيلٍ قتيلا |
|
سُلَيْمٌ ومن ذا الذي مثلهم |
إذا ما ذَوُو الفضل عَدّوا الفضولا |
أراد جَدِيَّة الدم.
أبو عُبيد عن الأصمعي : الجَدَاية من أولاد الظِّبَاءِ الذكر والأنثى منها. قال : والجَدْيُ الذّكر من أولاد المِعْزَى ، وإذا أَجذَعَ الجَدْي والعَنَاقُ سُمِّيَ عريضاً وعَتُوداً. ويقالُ للجدْي : إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ ، وهِلَّعٌ وهِلّعَةٌ ، قال : والعُطْعُطُ الجَدْي.
أبو عُبَيد عن الأصمعي : من أداةِ الرَّحْلِ
الجَدْيَاتُ ، واحدتُها جَدْيَةٌ بتخفيف الياء ، وهي القِطَع من الأكْسِيَة المحشُوَّةِ ، تُشَدُّ تحت ظَلِفَات الرَّحْل. وقال أبو عمرو : في الجَدْية مثله.
وقال الليث : في جَدْيات القَتَبِ مثله. وقد جَدَّيْنَا قَتَبَنَا بجَديَةٍ.
وقال الليث : جَدْيةُ السَّرْج التي يُسَمُّونها الْحَدِيدة ، والجميع الجَدْياتُ.
ويقال : إنها لسماءٌ جَدًى ما لها خُلْفٌ ، أَي واسعٌ عامٌ.
ويقال للرجل : إنَّ خيْرَه لجَدًى على النّاس ، أَي واسعٌ.
ابن السكّيت : الجَدَي يُكتب بالألف وبالياء. ونجْمٌ في السَّماءِ ، يقال له : الجَدْي قريبٌ من القُطْب.
وأما الذي يُقال له الجَدْي ، فهو بِلِزْقِ الدَّلْوِ ، وهو غيرُ جَدْي القُطْب. والجُدَاءُ محدودُ : مبلغُ حسابِ الضَّرْبِ ، ثلاثةٌ في اثنين ، جُدَاء ذلك ستّة.
وجد : قال الأصمعيّ وغيره : وَجَدْتُ على فلان فأَنا أَجِدُ عليه مَوْجِدَةً وذلك في الغَضب ، ووجَدْتُ بفلان فأَنا أَجِدُ وَجْداً ، وذلك في الحُزْن ، وإنّه لَيَجِد بفلانة وجْداً شديداً إذا كان يَهْواها ، ووجدتُ في الغِنى واليَسَار وُجْداً ووِجداناً ، ومنه قوله : لَيُ الواجِد يُحِلّ عِرْضَه وعقوبته.
قال أبو عبيد : اللَّيُّ المَطْلُ ، والواجِدُ : الذي يَجد ما يقضي به ديْنَه ، ومثله : مَطْلُ الغَنيّ ظُلْمٌ.
وقال الله جلّ وعزٌ : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) [الطلاق : ٦]. وقرِئ (من وِجْدِكم).
يقال : وجدْتُ في المال وُجداً ووِجْداً وجِدَةً ، أي صِرْتُ ذا مال ، ووجدْت الضَّالَّةِ وِجداناً ، وقد يُسْتَعْملُ الوجدانُ في الوُجد ؛ ومنه قول العرب : وِجدانُ الرَّقِين يُغَطِّي أَفَنَ الأفِين.
وقال أبو سعيد : توجَّدَ فلانٌ أَمْرَ كذا أَي شكاه ، وهُمْ لا يَتَوَجّدُون سهرَ لَيْلهِم ، ولا يَشْكون ما مَسّهم من مَشَقَّتِهِ.
ابن السّكّيت ، عن الأصمعيّ : الحمدُ لله الذي أَوْجَدَني بعد ما أَفْقَرَني أَي أَغْنَاني.
والواجِدُ : الغَنِيّ ، وأَنشد :
* الحمدُ للهِ الغَنيِ الواجِدِ*
ويقال : الحمدُ لله الذي آجَدَنِي بعد ضعفٍ ، أَي قَوّاني.
وناقَةٌ أُجُدٌ ، أي قويَّةٌ مُوثَّقَةُ الخَلْق.
وقال الليث : الأَجْدُ اشتقَاقُه من الإجاد ، والإِجادُ كالطّاق القصير. يقال : عَقْدٌ مُوَجَّدٌ ، وبابٌ مُوَجَّدٌ. وناقَةٌ مُؤْجَدَة القَرَى ، وناقةٌ أُجُدٌ ، وهي التي فَقارُ ظَهْرِها مُتّصِلٌ كأَنَّه عَظمٌ واحد.
ابن السكيت : بناءٌ مُؤَجّدٌ وثيقٌ مُحْكم.
ودج : قال الليث : الوَدَجُ عِرْقٌ متصلٌ من
الرّأس إلى السَّحْر ، والجميع الأوداج ، وهي عروقٌ تكْتَنِفُ الْحُلْقُوم ، فإذا فُصِدَ قيل : وُدِّجَ.
وقال أبو الهيثم : الْوَدَجَان عِرْقَانِ غليظانِ عريضانِ عن يَمِينِ ثُغْرَةِ النَّحْر ويسارها ، والوريدَانِ بجنْبِ الْوَدَجَين. فالودَجَان : من الْجَداول التي تجري فيها الدِّماء ، والوريدان : للنّبْضِ والنَّفَس.
وقال غيره : يقال فلانٌ ودَجِي إليك : أي وسيلَتي وسبَبَي ، والتَّوْدِيجُ في الدّوابّ كالفَصْدِ في الناس.
أبو عُبَيد : ودَجْتُ بيْنَ القَوْمَ أَدِجُ ، وَدْجاً إذا أَصْلَحْتَ.
أبو مالك : يقال لْلأَخوين هُما وَدَجَان.
وقال زيد الخيل :
فقُبِّحْتُمَا من وافِدَيْنِ اصْطُفِيتُمَا |
ومن وَدَجَيْ حَرْبٍ تَلَقَّحُ حائلٍ |
أراد بوَدَجَيْ حَرْبٍ أخَوَا حرْب.
ابن شُميل : المَوَادَجَةُ المسَالَمَةُ والمُلايَنَةُ ، وحُسْنُ الخُلق ، ولينُ الجانب.
دجا : قال الليث : الدُّجْوُ الظُّلْمَة ، ولَيْلَةُ داجِيَةٌ مُدْجِيَةٌ ، وقد دَجَتْ تَدْجُو ، وأَدْجَت تُدْجِي.
أبو عبيد ، عن الأصمعيّ دَجَا اللَّيْل يَدْجُو إذَا ألْبَسَ كلَّ شَيْء ، قال : ولَيْسَ هو من الظُّلْمَةِ قال : وأَنْشَدني أَعْرَابي :
* أَبَى مُذْ دجَا الإسْلام لا يَتَحنَّفُ*
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : دَجَا الشَّيْءُ الشَّيْءَ ، إذَا سَتَرَه. قال : ومعنى البيت يقول : لَجَّ هَذَا الكافِرُ أَنْ يُسْلِمَ بعد ما غَطَّى الإسْلامُ بِثَوْبِهِ كلَّ شَيْء.
الحرانيّ ، عن ابن السّكّيت ، يقال : ما كانَ ذَاكَ مُذْ دَجَا الإسْلام ، أَي ألْبَسَ كُلَّ شَيْء ، ويقال : دَجَا شَعْرُ الماعِزَةِ ، رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضاً.
وقال الليث : يقال إنَّهُ لَفِي عَيْشٍ دَاجٍ دجيِ ، وأنشد :
* والْعَيْشُ دَاجٍ كَنَفاً جِلْبَابُه*
قال : ويقال دَاجَيْتُ فُلاناً إذَا ماسَحْتَهُ على ما في قَلْبِهِ وجَامَلَته.
والْمُدَاجَاةُ : الْمُدَارَاةُ. والْمُداجاة : الْمُطَاوَلَة.
أبو عُبيد : دَاجَيْتُهُ وَوَالَيْتُه ، وصَادَيْتُهُ ، إِذَا دَارَيْتَه.
ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : الدُّجى : صِغَارُ النَّحْل ، وأنشد :
* دَبِيبَ الدُّجَى وَسْطَ الضَّرِيب الْمُعَسَّلِ*
والدُّجّيَةُ : قُتْرَةُ الصَّائِدِ ، وجمعها : الدُّجَى.
قال الشّمّاخ :
عَلَيْهَا الدُّجَى الْمُسْتَنْشآتُ كَأَنَّها |
هَوَادِجُ مَشْدُودٌ عليها الْجَزَاجِزُ |
والدجْيَةُ : الظُّلمَة ، وجَمْعها : الدُّجَى.
أبو عمرو : الدَّجْوُ الْجِماعُ ، وأنشد :
* لَمَّا دجَاها بِمتَلٍّ كالصَّقَبْ*
وقال ابن الأعرابيّ : الدُّجَى الصُّوفُ الأَحْمر ، وأَرَاد الشَّماخُ هذا بقوله : عَلَيْها الدُّجَى.
يقال : دِجًى ودُجًى.
وروى أبو العباس ، عن ابن الأَعْرابي ، قال : مُحاجَاةٌ للأَعْراب ، يَقُولون : ثَلاثُ دُجَهْ يَحْمِلْنَ دُجَهْ ، إلى الُغَيْهَبَان ، فالمِنْثَجَهْ. قال : الدُّجَه : الأصَابعُ الثَّلاثَ ، والدُّجَةُ : اللُّقمَة ، والْغَيْهَبَان : الْبَطْن ، والمِنْثجة : الإسْت.
قال : والدُّجَة زِرُّ الْقمِيص ، يقَال : أَصْلحْ دُجَةَ قمِيصك ، قال : والدُّجَةُ على أربع أصابع من عُنْتُوتِ القَوْس ؛ وهو الحَزّ الَّذِي تدخل فيه الْغانَة والْغَانَةُ حلَقَةُ رأْسِ الْوتَر.
ديج : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : داجَ الرجلُ يَدُوج دَوْجاً إذا خَدَمَ. ودَاجَ يَدِيجُ دَيْجاً وَدَيَجاناً ، إذا مَشَى قَليلاً.
وقال أبو زيد : الدَّاجَةُ تُباعُ الْعَسْكَر بالتَّخْفِيف.
وقال شَمِر : الدَّيِّجانُ الْحَوَاشي الصِّغَار ، وأَنْشدَ :
باتَتْ تُداعى قَرَباً أفَايَجَا |
بالْخَلِّ تَدْعُو الدَّيِّجَانَ الدَّاجِحَا |
وجاء رَجلٌ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : ما تَركْتُ من حاجَةِ ولا دَاجةٍ إِلَّا أَتَيْتُ
، أَرَادَ أنه لم يَدَعْ شَيْئاً دَعَتْهُ إليه نَفْسُه من المعاصي الشَّهوات إلا أَتاها. قال : ودَاجةُ إتباعٌ لحاجة كما يقال : حَسَنٌ بَسَنٌ.
وقيل الدّاجَةُ : ما صَغُرَ من الحَوَائج ، والْحاجَةُ : ما عَظُمَ مِنْها.
جيد : الجِيد : العُنُق ، وامرأة جَيْدَاء : طويلة العنق حَسنتُه ، وأَجْياد : موضع في مكة معروف.
أبو عبيد : عن أبي عُبَيْدة ، أنه قال في قول الأعشى :
وَبَيْدَاءَ تَحْسِبُ آرامَها |
رِجالَ جِيَادٍ بأَجْيَادِهَا |
قال : أَرادَ بالأَجْيَاد الْجُوذِيَاء ، وهو الكِساءُ بالفارِسيَّة وأَنشدَ شَمِر لأَبي زُبَيْد الطَّائِي في صِفَةِ الأسَد :
حَتى إِذَا ما رأَى الأبْصارَ قَدْ غَفَلَتْ |
واجْتابَ من ظُلْمةٍ جُوذِيَّ سَمُّورِ |
قال : جُوذيَّ : بالنبطيّة جُّوذياء ، أراد جُبّةَ سَمّور.
[باب الجيم والتاء]
ج ت (وا يء)
جوت ، تاج ، توج : [مستعملة].
توج ـ (تاج): قال اللّيث : التّاج : جمعه التِّيجان ، والفعل التَّتْوِيج.
ابن الأعرابيّ : الْعَرب تُسَمِّي العِمامة التَّاج ، وقد تَوَّجَهُ إذا عَمَّمه ، ويَكون تَوَّجَه بمعنى سَوَّده ، والمْتَوَّج : المُسَوَّد ، وكذلك المُعَمَّم ، والعمائمُ : تِيجانُ الْعَرَب ، والأكاليل : تِيجانُ مُلوك الْعَجَم.
ويُقال للصَّلِيحَةِ من الفِضة تاجَة ، وأَصْله تازَةُ بالْفارِسِيَّة لِلدِّرْهَم المَضْروبِ حَديثاً.
وقول هِمْيان :
* تَنَصَّفَ النَّاسُ الهمامَ التائجا*
أرادَ مَلِكاً ذا تاج ، وهذا كما يقال : رَجُلٌ دَارعٌ : ذُو دِرْعٍ.
وتَوَّجُ : اسم مَوْضِع ، وهو مَأْسَدَة ، ذَكره مُلَيْح الهُذَليّ :
* ومِنْ دُونِهِ أَثْباجُ فَلْجَ وَتَوَّجُ *
جوت : أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : يقال لِلْبعير إذا دَعَوْتَهُ إلى الماء ، جَوْتَ جَوْتَ ، وأَنْشَد :
* كما رُعْتَ بالْجَوْتِ الظِّمَاءَ الصَّوادِيا*
وقال أحمد بن يحيى : يُقال للبعير : جَوْتَ جَوْتَ ، فإذا أَدْخَلوا عليه الألف واللَّام تركوه على حَاله قبل دُخُولهما.
وكانَ أَبُو عَمْرو يكسر التاء من قوله : «كما رُعْتَ بالْجَوْتِ ...» ؛ ويقول : إذا أُدْخِلَتْ عليه الألف واللام ذَهَبتْ منه الحِكَاية ، والأوّل قَوْلُ الفَرّاء والكسائي وكان أبو الهيثم يُنكر النَّصب ، ويقول : إذا دخل الألفُ أُعرب ، وينشده : كما رعتَ بالجَوْتِ.
[باب الجيم والظاء]
ج ظ (وا يء)
جوظ : روى أبو العباس ، عن سلَمة ، عن الفَرّاء : يقال للرّجُل الطّويل الْجِسم ، الأكُول ، الشّرُوب ، البَطِر ، الْكافِرِ : جَوّاظ ، جَظٌّ ، جِعْظار.
وقال الليث : الْجَوّاظَةُ الأكُول.
وقال النّضر : الْجَوّاظ الصَّيّاحُ. وفي «نوادر الأعراب» : رَجُلٌ جَيّاظٌ سَمينٌ سَمِجُ المِشْيَة.
وقال أبو سَعيد : الْجُوَاظُ الضجَرُ ، وقِلّة الصّبر على الأمور ، يقال : ارْفُقْ بجُواظِكَ ، ولا يُغْنِي جُواظُكَ عنك شيئاً.
وروى القُتَيبيُّ عن أبي حاتم عن أبي زيد ، أنه قال : الجَوَّاظ الكثير اللحم ، المختال في مِشْيته ، ونحو ذلك. قال الأصمعيْ ، وأنشد لرُؤبة :
* يَعْلو به ذا الْقَصَلِ الجوّاظا*
قال أبو زيد : والجَعْظَرِيُّ : الذي ينتفخ بما ليس عنده. وهو إلى القِصَرِ ما هو.
وحدثنا السّعديّ قال : حدثنا الصَّغَانيّ قال : حدثنا أبو نُعَيم قال : حدثنا سُفْين عن معبد بن خالد قال : سمعت حارثة بن وهب الخزاعيّ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ألا أُخبركم بأهلِ النار؟ كلُّ عُتُلٍ جَوّاظٍ مُستكبر».
[باب الجيم والذال]
ج ذ (وا يء)
جذا ، جاذ ، ذيج ، ذاج ، وجذ : مستعملة.
جذا : في حديث ابن عباس : أَنَّه مَرّ بقوم يَتَجاذَوْنَ حَجَراً ، ورواه بَعضُهم يُجْذُونَ حَجَراً ، فقال : عُمّالُ اللهِ أَقْوَى مِنْ هؤلاء.
قال أبو عبيد : الإجْذاءُ إشَالَةُ الحجَرِ لتُعرفَ به شِدّةُ الرّجل ، يقال : هُمْ يُجْذَوْنَ حَجَراً وَيَتَجَاذَوْنَه ، وفي حديث مرفوع : «مَثَلُ الْكافِرِ كَمَثَلِ الأَرَزَةِ المجْذِيَةِ حَتَّى يكون انجِعَافُها مَرّةً واحدة».
قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة : المجْذِيَةُ الثَّابِتَة على الأرْض.
قلت : فالإِجْذَاءُ في حديث ابن عباس وَاقِعٌ مُتَعَدٍّ ، وهُو في هذا الحديث المرفوع لازمٌ غيرُ واقِع. يقال : أجذَى الشْيءُ يُجْذِي إِجذاءً ، وجَذا يَجذُو جُذُوًّا ، إذا انْتَصَبَ واسْتَقام.
وقال أبو عمرو : واجْذَوْذَى اجْذِيذَاءً مثله ، وأنشد :
أَلَسْتَ بِمُجْذَوْذٍ عَلَى الرّحْل دائِبِ |
فَما لَكَ إلّا ما رُزِقْتَ نَصِيبُ |
وقال أبو عُبيدة : أَجْذَى الشَّيْءُ ، إِجْذَاءً ، وجَذَا يَجْذُو إذا ثَبت. لُغتان.
وقال أبو عُبيد : قال الكسائيّ : إذا حَمَل ولدُ النّاقَةِ في سنَامِهِ شَحْماً ، فهو مُجْذٍ ، وقد أَجْذَى. وأمَّا قولُ الرّاعي يَصِفُ ناقَةً صُلْبَة :
وبازِلٍ كعلاةٍ القَيْنِ دوسَرَةٍ |
لم يجذُ مِرْفَقُها في الدّفِّ من زَوَرِ |
فإِنَّهُ أَراد أنّه لم يتباعد من جنْبَيْهِ مُنتصباً من زَوَر ، وكان خلقة.
وقال الأصمعيّ : الجوَّاذِيّ الإبلُ السِّرَاع اللاتي لا يَنْبسِطنَ في سَيْرهِنّ ، ولكن يَجذُون ويَنتَصِبن.
وقال ذو الرُّمَّة يصف جِمالاً :
على كل مَوَّارٍ أَفانينُ سَيْرِه |
شَؤُوٍّ لأبْوَاعِ الجَوَاذِي الرَّواتِكُ |
وقال ابن الأعرابيّ : الجاذي عَلَى قَدَمَيه ، والجاثي على رُكْبَتَيْه.
وأما الفراء فإنّه جعلَهُما واحداً.
ابن السِّكيت : جِذوةٌ من النار ، وجِذَى : وهو العودُ الغليظ يؤخذ فيه نار. قال : ونبتٌ يقال له الجِذَاه ، يقال : هذه حِذاه كما ترى ، فإن أَلْقيت منها الهاءَ فهو مقصورٌ يكتب بالياء لأن أوله مكسور.
والحِجَى : العقل : يكتب بالياء لأن أوله مكسور. واللِّثَى : جمع لِثَةٍ ، يكتب بالياء.
قال : والقِضَةُ نبت ، يجمع القِضِين.
والقِضُون ؛ فإذا جمعته على مثالِ البُرَى.
قلت : القُضَى.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : جَثَوْتُ وجَذَوْتُ ،
وهو القيامُ على أطراف الأصابع.
وأنشدنا :
إذا شِئْتُ غنّتْني دَهاقِينُ قَرْيَةٍ |
وصَنّاجةٌ تَجذُو عَلَى كلِّ مَنْسِمٍ |
وقال أبو عمرو : جَثَا وجَذَا لُغَتان.
قال : والجاذِي الْقائِم على أَطْرَافه.
وقال أَبُو دُوَادٍ يَصِفُ الْخَيْل :
جَاذِياتٌ على السَّنابِكَ قَدْ أَنْ |
حَلَهُنَّ الإسْرَاجُ والإلجامُ |
وقال أبو عبيدة في قول الله : (جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) [القصص : ٢٩]. الجِذوَةُ مثل الجِذمَة ، وهي القِطعَة الغليظةُ من الخَشَب. لَيْس فيها لهب ، والجميع جُذًى. وأنشد :
* جَزْلَ الجِذَا غَيْرَ خَوَّارٍ ولا ذَعَرِ*
وقال الفراء : يقال جُذوَةٌ من النَّار. وجُثوَةٌ وجَذوةٌ وجَثوَةٌ. وكلٌّ يقول : جِذوَةٌ.
وقال أبو سَعِيد : الجِذْوَةُ عُودٌ غَلِيظٌ ، يكونُ أَحد رأسيْه جَمْرَة ، والشّهاب دُونَها في الدِّقَّة ؛ قال : والشُّعلَةُ ما كانَ في سِرَاجٍ أَوْ فَتِيلَة.
وقال الليث : رَجُلٌ جاذٍ ، وامْرَأَةٌ جاذِيَةٌ ، بَيِّنُ الجُذُوِّ ، وهو الْقَصِيرُ البَاع.
وأَنشد :
إنّ الْخِلَافَةَ لَمْ تَكُنْ مَقْصُورَةً |
أَبَداً على جَاذِي الْيَدَيْنِ مُجَذَّرِ |
يريد : قَصِير الْيَدَيْنِ المُوَرِّج.
يقال : لأصْل الشَّجرة : جِذْيَةٌ وَجِذْلَةٌ.
وقال الأصمعيّ : جِذْمُ كلِّ شَيْءٍ ، وجِذْيُهُ : أَصْلُه.
وفي «النوادر» يقال : أَكلْنَا طَعاماً فَجاذَى بَيْنَنا ، ووَالَى بَيْنَنا ، وتابَع بَيْننا ، أي قَتَلَ بَعْضَنا على أَثَرِ بَعْض ، ويقال : جَذَبْتُه عن كذا وكذا ، وأَجْذَبْتُه : إذا مَنَعْتَه.
ومنه قول أبي النجم يصف ظليماً :
* ومرةً بالحَدِّ من مِجذَايِه *
قال : المِجذَى مِنقارُه ، أراد أنه ينزع أصول الحشيش بمِنْقاره.
وقال ابنُ الأنباريّ : المِجْذَى عودٌ يُضرَبُ به.
وقال الراجز :
ومَهْمَهٍ للركبِ ذي انْجياذِ |
وذي تباريحَ وذي اجْلوّاذِ |
|
ليس بذي عِدٍّ ولا إِجَاذِ |
غَلّسْتُ قَبلَ الأَعْقدِ الشَّمَّاذِ |
لا أدْرِي انْجِياذٌ أم انْجِباذُ
أذج : أبو عَمْرو : أَذَجْ ، إذا أَكْثَرَ من الشُّرْب ، وذَأَجَ ، إذا شَرِبَ قليلاً.
رواه عمر عن أبيه.
جاذ : قال اللّيث : الْجَائِذُ الْعَبّابُ في الشُّرْب ، والفِعْل : جَأَذَ يَجْأَذُ جَأَذاً ، إذا شَرِبَ.
وقال أَبُو عَمْرو نَحوَه : جَأَذَ فلانٌ في القدَح ، يَجأَذُ ، إذا عَبَّ. وأنشد :
مُلَاهِسُ القَوْمِ عَلَى الطَّعَامِ |
وجَائِذٌ في قَرْقَفِ المُدَامِ |
ذأج ـ ذيج : أبو عبيد (عن الأموي): ذَأَجْتُ السِّقَاءَ نَفَخْتُه.
وقال شَمر : الذَّأْجُ الجَرْعُ الشَّدِيدُ ، ذَأَجَ يَذأَجُ ، إذا أكثرَ من شُرْبِ الماء. وأنشد :
حَوامِضاً يَشْرَبْنَ شُرْباً ذَأْجَا |
لا يَتَعَيَّضْنَ الأُجَاجَ المأْجَا |
قال : وذَأَجَهُ ، إذا ذبحه.
قال شَمر : لَمْ أَسْمَعْه بمعنى نَفَخَهُ لغيْر الأُمَوِيّ.
وقال أبو زيد : ذَأَجَ من الشَّرَابِ ، ومِن اللّبَن ، أَوْ ما كانَ يَذْأَجُ ذَأَجاً ، إذا أكثرَ منه.
أبو عُبيد : عن الفَراء : ذَئِجَ يَذْأَجُ ، وقَئِبَ يَقأَبُ ، وصَئِبَ وصَئِمَ ، إذا أكثرَ من شُرْب الماء.
وجذ : أبو عَمرو : الوَجْذُ النُّقْرَةُ يَسْتنقعُ فيها الماء ، وجمعه وِجَاذ وكذلك الوَقْطُ ، وجمعه وِقاطٌ.
[باب الجيم والثاء]
ج ث (وا يء)
جوث ، ثوج ، جأث ، جثا ، ثأج ، وثج ، (ثجه).
جوث ـ جأث : قال الليث : الجَوَثُ عَظمٌ في أَعْلى البَطْنُ كأَنَّهُ بَطنُ الحُبْلَى ، والنّعْتُ : أَجوَثُ ، وجَوْثَاء.
وقال ابنُ دُرَيد : الجَوَثُ اسْتِرخاءُ البَطن.
وقال الليث : الجَأْثُ ثِقَلُ المَشي ، يقال : أَثقَلهُ الحِمْلُ حتى جَأَثَ.
وقال غيره : الجأَثَانُ : ضَرْبٌ من المشي.
وأنشد :
* عَفَنْجَجٌ في أَهلِه جئَّاثُ*
وجُوَاثي : قريةٌ بالبَحْرين مَعْرُوفة.
وقال أبو زيد : جأَثَ البَعير جَأْثاً ، وهو مِشيَتُه مُوقَراً حِمْلاً.
أبو عُبيد : جُئِثَ فهو مَجْؤُوثٌ ، وجُثّ فهو مَجثُوثٌ ، إذا فَزِعَ.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : «أَنَّه رأَى جبْريل ، قال : فَجُئِثْتُ منه فرَقاً» معناه : ذُعِرْتُ.
ثعلب عن أبي نصر ، عن الأصمَعيّ : جَأَثَ يَجأَثُ جَأْثاً ، إذا ثَقلَ الأخبار.
وأنشد :
* جآثُ أَخْبارٍ لها نَبَّاثُ*
ثوج ـ ثاج : ابن دريد : الثّوْجُ شَيْءٌ يُعْمَل من الخُوصِ نحْوَ جُوَالِقِ الجصّ ، يُحْمَل فيه التُّراب وغيره ، قال : وهو عَربيُّ صحيح.
أبو زيد : ثَأَجت الغَنَمُ تَثأَج ثُؤَاجاً ، إذا صاحَت ، ويقال : قَد ثَأَجوا كثُوَاجِ الغَنم.
وثاج : قَرْية في أَعراض البَحرين ، فيها نخَلٌ زَينٌ.
وقال أبو ترَاب : الثَّوْج : لُغةٌ في الفوْج.
وأنشد لجندل :
* من الدَبا ذَا طَبَقٍ أَثَايِجِ *
ويروى : أَفَاوِج ، أَو فوْجاً فوْجاً.
وقال ابن الأعرابيّ : ثاجَ يَثُوج ثَوْجاً ، وثَجَا يَثجُو ثَجُواً ، مثل حاثَ يَحُوث حَوْثاً ، إذا بَلبَلَ مَتاعَه وفَرَّقَه.
وثج ـ (ثجة): الحرّانيّ ، عن ابن السِّكيت ؛ عن الأصمَعيّ : استَوثجَ فُلانٌ من المال ، واستَوثَن استِثيَاجاً ، واستِيثاناً ، إذا استَكثرَ منه.
والوَثِيجُ : الكثِيفُ من كلِّ شيء.
واستَوثجَت المرْأَةُ ، إذا تمَّ خَلْقُها.
وقال الليث : الوَثِيجَة الأرض الكثِيرة الشجر المُلتَفّة ، ويقال : بَقلٌ وَثِيجٌ ، وكلأٌ وَثِيجٌ.
وقال الليث : فرَسٌ وَثِيجٌ : قويّ وقد وَثُجَ وَثاجةً ، وهو اكتِنازُه.
وقال العجاج يَصِف جيشاً :
* بِلَجِبٍ مثلِ الدَّبا أَوْ أَوثَجا*
شِمر ، عن أبي عبيدة : الثَّجَة : الأقنَة ، وهي حُفْرَةٌ يحتَفرُها ماءُ المطر. وأنشد :
فوَرَدَت صادِيةً حِرارَا |
ثِجَاتِ ماءٍ حُفِرَتْ أُوَارَا |
أَوقَاتَ أُقنٍ تَعتَلِي الْغِمارَا
وقال شمِر : والثَّجَّةُ بفتح الثاء ، وتشدِيد الجيم : الرّوضة التي حُفِرَت فيها الحِياض ، وَجَمعها ثجّات ، سمِّيت بذلك لثجِّها الماءَ فيها.
شمِر ، عن ابن الأعرابيّ : مكان وَثيجٌ : كثير الْكلأ. ويقال : أَوثِجْ لنا من هذا الطَّعام ، أَيْ أكثِرْ.
شمِر : من الثِّياب الموْثُوج ، وهو الرِّخو الغَزْل والنّسج ، قاله رَجل من باهِلة.
جثا : الفراء : جِثْوَةٌ من النَّار ، وجِذْوَةٌ ، وجُثْوَةٌ وجُذْوَةٌ.
قال : والجُثَى تُرابٌ مَجْموعَة ، واحدتها جُثْوَة.
وفي الحديث : «فلانٌ من جُثَي جَهَنَّمْ» وله مَعْنيان فيما فَسَّر أبو عُبيد : أَحدُهما أَنَّه مِمَّن يَجْثُو على الرُّكَب فيها ، والآخر أنه من جماعات أَهْلِ جَهَنَّم ، على رِوَايَة من رَوى جُثَى بالتَّخفيف ، ومَنْ رَواه من جُثِيّ جَهَنَّم ، بتشديد الياء ، فهو جَمْعُ الثَّاني.
قال اللهُ تعالى : (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) [مريم : ٦٨].
وقال طَرَفَة في الجُثْوَةِ يصفُ قَبْرَيْ أَخَوين :
تَرَى جُثْوَتَيْنِ من تُرابٍ عليهما |
صَفائحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيحٍ مُصَمَّدِ |
ويقال : جثا فُلانٌ على رُكْبَتَيْهِ ، يَجْثُو جُثُوّاً
وجِثيّاً.
وقال شمر : قال ابنَ شُمَيْل يقال للرجل إنه لَعَظِيمُ الجُثْوَةِ ، والجُثَّةِ ، وجثْوَةُ الرَّجل : جَسَدُه ، والجميع الجُثَى.
وأَنشد :
* يَوْمَ تَرَى جثْوَتَهُ في الأَقْبُرِ*
قال : والْقَبْرُ جُثْوَةٌ ، وما ارْتَفَعَ من الأرْض ، نحو ارْتِفاعِ الْقَبْر جُثْوَة.
وقال أبو عمر : والجُثْوَةُ التُّرابُ الْمجْتَمِع.
[باب الجيم والراء]
ج ر (وا يء)
جرى ، جأر ، جار ، جرو ، راج ، رجا ، أرج ، أجر ، وجر ، رجى.
جرى : في حديثِ عبدِ الله بن الشِّخِّير ، أَنَّه قال : «قَدِمْتُ المدينة في رَهْطٍ من بني عَامِر ، فسلَّمنا على النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال قائل منا : أَنْتَ سَيِّدُنا ، وأَنْتَ الجَفْنَةُ الغَرّاء ، فقال : «قولوا بقَوْلكم ، ولا يَسْتَجرِيَنَّكُمُ الشَّيطان».
كانت العربُ تَدْعو السَّيد المِطْعام جَفْنَةً لإطْعامِهِ فيها ، وجعلوها غَرَّاء لما فيها من وَضَحِ السَّنَام ، وقوله : «ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُمْ الشيطان» ، هو من الجَرِيّ ، وهو الوَكِيل ، تقول : جرَّيْتُ جَرِيّاً ، واستجريتُ جَرِيّاً ، أي اتخذتُ وَكيلاً ؛ يقول : تكلَّموا بما يحضُركم من القول ، ولا تَتَنَطَّعُوا ولا تَسْجَعُوا كأَنما تنطقون على لِسان الشيطان ، وهذا قول القُتَيْبيّ ، ولم أرَ القومَ سجعوا في كلامهم ، فَينْهاهم عنه ، ولكنهم مَدَحوا فَكَرِهَ لهم الْهَرْفَ في المدح ، وكان في ذلك تأْدِيبٌ لهم ولغيرهم من الذين يمدحون الناس في وجُوههم.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الجَرِيُ الوَكيل.
قال : والجَرِيُ الرَّسول ، والجَرِيُ الضامِن.
وقال الليث : الخَيل تَجْرِي والرياح تجري والشمس تجري جَرْياً إلا الماء فإنه يَجْرِي جِرْيَةً. والجِراءُ : للخيل خاصة. وأنشد :
* غَمْرُ الجِرَاءِ إذا قَصَرْتَ عِنَانَه*
وفرسٌ ذُو أَجَارِيّ ، أي ذو فنونٍ من الجَرْي.
قال أبو عُبيد : الإِجْرِيّاء الوَجهُ الذي نأخُذُ فيه.
قال لبيد :
* عَلَى كلِ إجرِيّا يَشُقُّ الْخَمائِلَا*
وقال ابن السكّيت : يقال : جرَّيْتُ جِريّاً.
أي وَكَّلْتُ وَكيلاً ، والجَرِيُ : الرسول.
قال : وقد جرَّأْتُكَ على فلان حتى اجتَرَأْتَ عليه جُرْأَةً.
وقال الليث : هو جَرِيُ المُقْدَمِ ، وقد جَرُؤَ يَجْرُؤُ جُرْأةً وجراءَةً وجرّأْتُه أنا تَجْرِئَةً ، وجمع الجريءُ أَجرِئَاءُ بهمزتين ، ويجوز حذف إحدى الهمزتين وجمع الجَرِيّ
الوَكيل : أَجرِياء ، بِمَدَّة فيها همزة.
وقال أبو زيد : جَرُؤَ يَجْرُؤُ جَراءَةً وجَرَائِيَةً علَى فَعالِيَة.
أبو عُبيد ، عن الفراء : يقال : أَلْقِهِ في جَرِيَّتَكَ ، وهي الحَوْصَلَة. أبو زيد : هي القَرِيَّةُ والجَرِيَّةُ والنّوطَة لحَوْصَلَة الطائر ؛ هكذا روَاه ثعلب عن ابن نَجْدَة عنه بغير همزٍ.
وأما ابنُ هانىء فإنه رَوَى لأبي زيد : الجِرَّئَة بالهمز ، والجِرْوُ : جرْوُ الكلب.
وجمعه جِرَاءٌ ممدود. والعدد ثلاثة أَجْرٍ ؛ كما ترى.
وفي الحديث : «أنه أُهْدِيَ لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قِناعٌ مِنْ رُطَبٍ وأَجرٍ زُغْبٍ» والأجرى في هذا الحديث أُرِيد بها صِغار القِثَّاء المزْغِّبَة شُبِّهت بأَجري السِّباع والكلاب لرُطُوبتها.
وقال أبو عُبيد : قال الأصمعيّ : إذا أَخْرَجَ الْحَنْظَلُ ثمرَه ، فصِغارُه الجِرَاءُ ممدود ، واحدها جِرْو ، ويُقال لِشَجَرَتِه قد أَجَرَت.
ويقال : كلْبَةً مُجْرِيَة.
وقال الهذلي :
وتَجُرُّ مُجْرِيَةٌ لها |
لَحْمِي إلى أَجْرٍ حَوَاشِب |
أراد بالمُجرِية هاهنا ضَبُعاً ذات أولاد صِغار ، شبهها بالْكلْبة المُجْرِية. ويقال للرجل إذا وَطَّنَ نفسه على أَمْر : قد ضربَ له جِرْوَتَه.
وقال الفرزدق :
فَضَرَبْتُ جِرْوَتَهَا وَقُلتُ لها : اصْبِرِي |
وشَدَدْتُ في ضيقِ المَقَام إِزَارِي |
ثعلب ، عن ابنِ الأعرابيّ : الْجِرْوَةُ النّفْس ، وهي اللَّوَّامَة ، قال : والْجَارِية عَيْنُ كلِّ حَيَوان ، والجارِيَة : النِّعمة مِن الله على عِباده.
وقال غيره : الجارية الشَّمْسُ في السَّماء ، قال الله : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) [يس : ٣٨].
وقال أبو زيد : يُقال جَارِيةٌ بَيِّنَة الجَرَابَةِ والْجَرَاء ، وجَرِيٌ بَيِّنُ الْجَرايَة ، وأنشد :
* والْبيضُ قَدْ عَنَسَتْ وطال جَراؤُها*
قال : ويقال ضَرَبْتُ جِرْوَتِي عنه ، وَضَرَبْتُ جِرْوِي عَلَيْه ، أي صَبَرْتُ عنه ، وصَبَرْتُ عَليه.
وفي الحديث : «الأرْزاقُ جَارِيةً ، والأُعْطِياتُ دَارَّة».
قال شمر : هُما واحد ، يقول : هو دائم ، يقال : جَرَى عليه ذلك الشيء ودَرَّ له بمعنى دامَ له.
وقال بِشْر بن أبي خَازم يصف امرأة :
غَذَاها قَارِصٌ يَجْرِي عليها |
ومَخْضٌ حين تُبْتَعّثُ العِشَارُ |
قال ابن الأعرابيّ : يجري عليها ، أيْ يَدُومُ لها ، من قولك : أَجْرَيْتُ له كذا وكذا ، أي أَدَمْتُ له ،
والجاري لفُلان من الرزق كذا ، أي الدَّائم.
والجارية : عين الشمس في السماء.
روي لابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا مات الإنسان انقطعَ عنه عمله إلا من ثلاث صدقة جارية».
جور ـ (جار): قال الله عزوجل : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) [التوبة : ٦].
قال الزّجاج : المعنى ، إنْ طلب منك أَحدٌ من أَهْل الحرب أَنْ تُجيره من القَتْل إلى أَنْ يَسْمَع كلام الله فَأَجِرْهُ ، أي آمِنْه ، وعَرَّفْه ما يجب عليه أن يَعْرفَه من أمْر الله الذي يَتبَيّن في الإسلام ، (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) لئلا يُصاب بسوءٍ قبل انْتهائِه إلى مَأْمَنه.
ويُقال للذي يتجيرُ بك جَارٌ ، وللَّذِي يُجيره جارٌ.
وروى أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : أنه قال : الجارُ الذي يجاوِرُك بَيتَ بَيتَ ، والْجار النَّفيح : هو الغَريب ، والْجار الشريك في العَقار لم يُقاسم والجار : المُقاسم ، والْجار : الحليف. والجار : الناصر ، والجار : الشَّرِيكُ في التِّجارة ، فَوْضَى كانت التِّجارة أو عِناناً ، والجارة : امْرأَةُ الرجل ، وهو جارها والجار : فَرْجُ المَرْأَة ، والْجارة : الطِّبِّيخة ، وهي الإِسْت ، والجار : ما قَرُبَ من المنازِل من السَّاحل ، والجار : الصِّنَّارةُ السَّيِءُ الجِوار ، والجار : الدّمِثُ : الحَسن الجوار ، والجار : اليَرْبُوعِيّ ، والجار : المنافق ، والجار : الْبَراقِشِيُّ المُتَلَوِّنُ في أَفْعاله ، والجارُ الْحَسْدَلِيّ : الذي عينُه تراك ، وقلبه يرعاك.
قلت : ولما كان الجار في كلام العرب مُحتملاً لجميع المعاني التي ذكرها ابن الأعرابيّ لم يَجُزْ أَنْ تُفَسِّر قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «الجار أَحَقُّ بِصَقَبه» ، أنه الجار الملاصق إلا بِدَلالَةِ تدلُّ عليه فَوَجَبَ طلبُ الدّلالة على ما أُريد به ، فقامت الدلالة في سُنَنٍ أُخرى مُفَسِّرَةٌ أَنَّ المرادَ بالجارِ الشّريكِ الذي لا يُقاسم ، ولا يجوزُ أَن يجعل المقاسِمُ مثلَ الشريك.
وأما قول الله جلّ وعز : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) [الأنفال : ٤٨].
فإن الفرّاء قال : هذا إبليسٌ تَمَثَّلَ في صورة رَجُلٍ من بني كِنانة ، قال : وقولهُ (إِنِّي جارٌ لَكُمْ) يريدُ أُجِيركُمْ من قومي فلا يَعْرِضون لكم ، وأنْ يكونوا معكم على محمد ، فلمَّا عاين إبليس الملائكة عَرَفهم ، فَنكَصَ هارباً ، فقال له الحارِثُ بنُ هِشام : أَفِراراً من غَيْرِ قِتال؟ فقال : (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) [الأنفال : ٤٨] الآية.
وأَخْبَرَني المنذريّ ، عن أبي الهيثم أنه