وقد بَهأَتْ بالحَاجِلات إفالُها |
وسيفٍ كريمٍ لا يزال يَصُوعُها |
والبَهاء ممدودٌ غيرُ مهموز : مصدرُ البَهِيّ ويقال : بَهَا فلانٌ يَبْها ويَبْهُو بَهَاءً وبهَاءةً ، وبهُوَ فَلانٌ يَبْهُو بَهَاءً ، وبَهِيَ يَبْهَى بَهاءً ، وإنه لبَهِيٌ ، وبَهٍ من قوم أَبْهِيَاءَ ، مثل عَمٍ من قومٍ أَعْمِياء ، وامرأةٌ بَهِيَّة من نسوةٍ بَهايا وبَهِيَّات. قال ذلك كله اللحيانيّ ، حكاه عن الكسائيّ.
وقال الليث : البَهْو : البيتُ المقدَّم أمامَ البُيوت ، والجميعُ الأبهاء.
والبَهْوُ : كِناسٌ واسِعٌ يُتخذه الثّور في أصل الأَرْطَى ، وأنشد :
أجوَفَ بَهَّى بَهْوُه فاستَوْسَعَا*
وقال آخر :
رأيتَه في كل بَهْوٍ دامجَا*
قال : والبَهْوُ من كل حامِلٍ : مَقِيلُ الوَلَد بين الوَركَين.
والبَهِيُ : الشيءُ ذو البَهاء ممّا يَملأ العينَ رَوْعُهُ وحُسْنُه.
وقال الأصمعيّ : أَصل البَهْو السَّعَة.
يقال : هو في بَهْوٍ من عَيْش ، أي في سعة ، وكلّ هَواء أو فَجْوَةٍ فهو عند العرب بَهْوٌ.
وقال ابن أحمر :
بهوٌ تلاقَتْ به الأرْآمُ والبَقَرُ*
وناقةٌ بَهْوَة الجَنْبَين ، واسعة الجنبين.
وقال جندل :
على ضُلوعٍ بَهْوَةِ المنافج*
وقال الراعي :
كأنّ رِيْطَةَ حَبَّارٍ إذا طُوِيَتْ |
بَهْوُ الشَّراسِيفِ منها حينَ يَنْخَضِدُ |
شَبّه ما تكسَّر من عُكَنِها وانطواءَه برَيْطِه حبَّارٍ ، والبَهْوُ : ما بين الشراسيف ، وهيَ مقاطُّ الأضلاع.
وفي حديث أمّ مَعبَد ، وَصِفتها للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأنه حَلَب عنْزاً لها حائلاً في قَدَح فَدرَّت حتى مَلأت القَدَح ، وعَلاه البَهاء ، أرادت أنّ بَهاء اللَّبن وهو وَبِيصُ رَغْوتِه عَلَا اللَّبن.
والبَهاء أيضاً : الناقةُ التي تَستأنِس إلى الحالب يقال : ناقةٌ بَهاءٌ ممدود. رواه أبو عبيد عن الأصمعيّ ، وهذا مهموزٌ من بَهَأْتُ بالشيء أي أَنِسْت به. وبَهاء اللَّبن ممدودٌ غيرُ مهموز ، لأنه من البَهِيِّ.
وفي حديث عبد الرحمن بن عَوْف أنه رأى رَجُلاً يَحلِف عند المَقام فقال : أَرى الناسَ قد بَهَؤُوا بهذا المَقام ، معناه أنهم أَنِسوا به حتى قلَّت هَيْبَتُه في صدورهم ، فلم يَهابُوا اليمينَ على الشيء الحَقير عندَه ، وكلُّ من أَنِس بشيء وإنْ جَلَّ قَلَّت هيبَتُه في قلبه.
وقال الرِّياشيّ : بَهأْتُ بالرجل أبهأُ بَهَاءً وبُهُوءاً إذا استأنَسْتَ به.
وفي حديثٍ آخر أنه لمّا فُتِحت مكة قال رجل : أَبْهُوا الخيلَ.
قال أبو عبيد : معنى قوله : أَبهوا الخَيْلَ ، أي عَطِّلوها فلا يُغزَى عليها ، وكلُّ شيءٍ عَطلتَه قد أبهيْتَه.
ويقال : بَهِيَ البيتُ يَبْهَى بهاءً ، إذا تخرّق.
وبيتٌ باهٍ : إذا كان قليلَ المتاع.
ومن أمثالهم : إنَّ المِعزَى تُبْهِي ولا تُبْنِي.
رُوِي ذلك عن أبي عبيد ، عن أبي زيد ، قال : ومعنى المَثَل أنّ المِعزَى تَصعَد فوق البيت فتَخرِقُه ، ومعنى لا تُبْنِي ، أي لا يُتَّخَذ منها أَبْنِية ، إنما الأبْنِيَة من الوَبَر والصُّوف ، يقول : لأنها إذا أمكَنتْك من أصوافِها فقد أَبْنَيْت.
قلتُ : وقال القُتَيْبيُّ فيما رَدَّ على أبي عبيد : رأيتُ بيوتَ الأعراب في كثيرٍ من المواضع من شَعر المِعْزَى ، ثم قال : ومعنى قوله : ولا تُبني أي ولا تُعِين على البِناء. قلت : والمِعزَى في بادية العَرَب ضَرْبان : ضرب منها جُرد لا شعُورَ لها مِثل مِعزَى الحِجاز ، وغَوْرِ تهامة ، والمِعزَى التي ترعى نُجودَ البِلاد البَعِيدة من الرِّيف كذلك. ومنها ضربٌ تَألفُ الرِّيفَ وتَرْجُنُ حَوالَي القُرَى الكثيرة المياه ، تطولُ شعُورُها مِثل مِعزَى الأكراد بناحية الجَبَل ونَواحِي خُراسان وكأن المَثَل لبادية الحجاز ونواحِي عاليَةِ نَجْد ، فيصحّ ما قاله أبو زيد على هذا ، والله أعلم. وهو حسبُنا (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
وأخبرني المنذريُّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أنه قال : قال حُنَيف الحَناتم ، وكان من آبلِ الناسِ : الرَّمْكاء بُهْيَا ، والحمراء صُبْرَى ، والخَوَّارة غُزْرَى ، والصَّهباء سُرْعَى ، وفي الإبل أخْرَى إن كانت عند غيري لم أَشتَرِها ، وإن كانت عندي لم أَبِعْها حمراءُ ، بِنْتُ دَهْماء ، قَلَّما تَجدها ، وقولُه بهْيَا ، أراد البَهِيَّة الرائقة ، وهي تأنيث الأبهى والرُمْكة في الإبل أن يشتدَّ كُمْتَتُها حتى يدخَلها سَوَاد ، بعيرٌ أَرمَك.
والعَرَب تقول : إن هذا لَبُهياي ، أي ممَّا أَتباهى به ، حكى ذلك ابن السكيت عن أبي عمرو. ويقال : باهَيتُ فلاناً فبَهوْتُه ، أَي غَلَبْتَه بالبَهاء.
وأَبهيتُ الإناء ، إذا فَرَّغْتَه.
وقال أَبو عمرو : باهاه ، إذا فاخَه ، وهاباه إذا صايَحَه.
قال : والبَهْوُ البيت من بُيوت الأعراب ، وجمعُه أَبهاء.
وفي الحديث : «وتنتقل الأعرابُ بأَبهائها إلى ذِي الخَلَصَة» أي بيُوتها.
أبه ـ وبه : أبو عبيد عن أبي زيد : نَبِهتُ للأمر نَبَهاً أَنْبَه ، ووَبهتُ له أَوْبَهُ وَبَهاً : وابهتُ ، وأَبَهتُ آبَهُ أَبْهاً ، وهو الأمر تنساه ، ثم تنتَبهُ له.
قال : وقال الكسائيّ : أَبِهْتُ آبهُ ، وبُهْتُ أَبُوهُ ، وبِهتُ أَباهُ.
وقال ابنُ السكيت : يقال ما أَبِهْتُ له ، وما أَبَهْت له وما بِهتُ له وما بُهْتُ له ، وما وَبِهْتُ له ، وما بأَهْتُ له وما بَهأْتُ له. يريد ما فَطِنْتُ له.
ورُوي عن أبي زيد أنه قال : إني لآبهُ بك عن ذلك الأمر ، إلى خَيرٍ منه ، إذا رفعتَه عن ذلك.
وفي حديثٍ مرفوع : «رُبَّ ذِي طِمْرَين لا يُؤْبَه له لو أَقْسَم على الله لأبَرّه».
معناه : لا يُفطَن له لذِلَّته وقلة مَرآتَه ،
ولا يُحتَفل به لحَقارته ، وهو مع ذلك من الفَضْل في دبْئِهِ وإخْباتِه لرَبِّه بحيثُ إذا دعاه أجابه.
وقال أبو زيد : يقال : تأَبّه فلانٌ على فلان تأَبُّهاً : إذا تكبَّر ورفَع قَدْرَه عنه ، ورَجُل ذو أُبَّهةَ ، أي ذو كِبْر ونخوة.
عمرو عن أبيه قال : الوَبْه : الفِطْنة ، والوَبْه أيضاً : الكِبْر.
سلَمة ، عن الفرّاء قال : جاءتْ تَبوهُ بُوَاهاً ، أي تَضِجّ.
بوه : وقال الليث : الباءةُ : الحُظْوَة في النِّكاح.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الباءُ والباءَةُ والباه مَقُولات كلها.
قلت : جَعل الهاءَ أصلية في الباهِ.
وروى ابن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «من استطاع منكم الباءةَ فليتزوّجْ ، ومَن لا فعلَيْه بالصوم فإنه له وِجاء».
أراد : مَن استطاع منكم أن يتزوّج ولم يُرِد به الجماع ، يدلك على ذلك قوله : «ومن لم يَقْدِر فعليه بالصوم» ، لأنه إذا لم يَقدِر على الجماع لم يحتجْ إلى الصَّوْم ليَجْفُر ، وإنما أراد من لم يكن عنده جِدَةٌ فيُصْدِق المنكوحةَ ويَعولها. والله أعلم. وهو حسبنا (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
وفي حديثٍ آخر : أن امرأةً ماتَ عنها زوجُها فمرَّ بها رَجُل ، وقد تزينتْ للباءِة أي للنكاح.
بوه : وقال الليث : البُوهة ما طارَتْ به الرِّيح من جُلال التراب ، يقال : هو أهوَنُ من صُوفةٍ في بُوهَةٍ.
قال : والبُوهةُ من الرجال : الضعيف الطَّبّاش.
عمرو عن أبيه قال : البوْهُ : اللَّعْن. يقال : على إبليسَ بَوْه الله ، أي لَعْنُه.
وقال ابن الأعرابيّ : البُوهة : الرَّجُل الأحمق. والبُوهَة : البُومة ، والبُوهة : الرَّجل الضاوِيُّ ، والبُوهة : الصوفة المنفوشة تُعمل للدَّواةِ ، قبلَ أنْ تُبَلّ.
والبُوهَة : الرِّيشة التي تكون بين السماء والأرض ، تلعب بها الرِّياح والبُوهة : السَّجْق ، يُقال بُوهَة له وشَوْهة ، والبُوهة : الرجل الأحمق ، ومنه قولُ امرىء القيس :
أيا هِندُ لا تنكحِي بُوهةً |
عليه عَقِيقتُه أحسَبا |
هيب : قال الليث : الهابُ زَجْرِ الإبلِ عند السَّوْق ، يقال : هابِ هابِ ، وقد أَهابَ بها الرجل.
قلت : هابِ : زَجْرٌ للخيل ، يقال للخَيْل : هَبِي ، أي أقْبِلي ، وهلَا أي قَرِّي. قال الأعشى :
ويَكثر فيها هَبِي واضْرَحِي |
ومَرْسُونُ خَيْلٍ وأعطالُها |
والإهابة : دُعاء الإبل. قال ذلك الأصمعيّ وغيرُه.
وقال طَرَفَة :
تَرِيعُ إلى صوْت المُهِيب وتَتَّقي |
بذي خُصَل رَوْعاتِ أَكلفَ مُلْبِدِ |
وسمعتُ عُقيليّاً يقول لأمَةٍ كانت ترعَى رَوَائدَ خيل ، فجفَلت في يوم عاصف ، فقال لها : ألا وَأَهيبي بها تَرعْ إليك ، فجعل دعاءَ الخيل إهابةً أيضاً. وأما هابِ فلم أسمَعْه إلا في الْخيل دون الإبل ، وأنشد بعضهم :
والزَّجرُ هابِ وهِلَا تَرْهِبُهْ*
وقال الليث : الهَيبة إجلالٌ ومخَافة. ورجل هُيوبٌ جبانٌ يَهاب كلَّ شيء.
ورُوي عن عبيد بن عُمَير أنه قال : الإيمان هيُوب ، وله وجهان : أحدُهما : المؤمن يهابُ الذنبَ فيتَّقِيه.
والآخر : المؤمن هَيوب أي مهيوب لأنه يَهاب الله فيهابُه الناس ، أي يعظِّمون قدرَه ويُوقِّرونه.
وسمعتُ أعرابياً يقول لآخر : اعْلَق تهاب الناس حتى يهابُوك ، أَمَره بتوقير الناس ؛ كي يُوقِّروه.
أبو عبيد عن أبي عمرو : الهَوْب : الرَّجل الكثيرُ الكلام ، وجمعُه أهواب.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الهيَّبان : الجبَان ، والهيَّبان : التيْس ، والهيَّبَان : الراعي ، والهَيَّبان : زَبَدُ أَفواهِ الإبل ، قال : والهيَّبان : التراب ، وأنشد :
أكلَّ يوم شِعِرٌ مستحدَثُ |
نحن إذاً في الهيَّبان نَبحثُ |
وقال ذو الرّمة يصف إبلاً أزْبَدتْ مَشافِرها ، فقال :
يظلّ اللُّغام الهيَّبان كأنه |
جَنَا عُشَرٍ تَنْفِيه أشداقُها الهُدْلُ |
وجَنا العُشَر : يخرجُ مثل رُمّانة صغيرةٍ فتنشقّ عن مِثل القَزّ ، فَشبّه لُغامَها به ، والبادية يجعلونَ جَنا العُشَر ثَقوباً يوقدون به النار.
وهب : أبو حاتم عن الأصمعيّ : تقول العرب : هَبْنِي ذَاك ، أي احسُبْني ذاك واعدُدْني. قال : ولا يقال هَبْ أَنِّي فعلتُ ذاك ، ولا يقال في الواجب : قد وَهبْتُك ، كأنها كلمة وُضِعتْ للأمر ، كما يقال ذَرْني ودَعْني ، ولا يقال : وذَرْتُك.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال : وهَبَني الله فِداك ، بمعنى جَعَلَني.
وقال شمِر : قال الفرّاء : اتَّهَبْتُ منكَ دِرْهماً : افْتَعَلْتُ من الهِبة ، وأصبَح فُلانٌ مُوهباً أي مُعدّاً.
قال : ووَهبتُ له هِبَةً وموْهِبةً ووَهْباً ووَهَباً ، إذا أعطيتَه ، واتهَبْتُ منه ، أي قَبِلتُ.
وقال الليث : تقول : وَهَب الله له الشيء ، فهو يَهَب هِبَةً ، وتَواهَبَه الناسُ بينهم ، والله الوَهّاب الوَاهِب ، وكلّ ما وُهِبَ لك من ولدٍ وغيرِه فهو مَوْهوبٌ.
ورُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لقد هممتُ ألّا أَتَّهِبَ إلا مِن قُرَشِيّ أو أَنْصَاريّ أو ثَقَفِيّ» قوله : لا أَتَّهِبَ ، أي أقبَل هِبةً إلا من هؤلاء.
قال أبو عُبيد : رأى النبي صلىاللهعليهوسلم جَفاءً في أخلاق البادية ، وطلباً للزيادة على ما وَهَبوا ، فخَصَّ أهلَ القُرَى العربية بقبوله الهديّة منهم دون أهلِ البادية ؛ لغَلَبة الجفاء على أخلاقهم ، وبُعدِهم من ذوي النُّهَى
والعُقول ، والله أعلم بالصواب ، و (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
وقال ابن الأعرابيّ : المَوْهَبَة : نُقْرَةٌ في صَخْرة يَستنقِع فيها ماءُ السماء. وأَنشدَ غيره :
ولَفُوكِ أشهَى لو يَحِلُّ لنا |
من ماءِ مَوْهَبةٍ على شُهْد |
أبو عبيد عن أبي زيد وغيره : أوْهَبَ الشيءُ ، إذا دامَ.
وقال غيرُه : أوهب الشيءُ ، إذا كان مُعَدّاً عند الرجل ، فهو مُوهِبٌ ، وأنشدَ أبو زيد :
عظيم القَفا ضخم الخَواصِر أَوْهَبَتْ |
له عَجوةٌ مَسْمُونَةٌ وخَمِيرُ |
ويقال : هذا وَادٍ مُوهِب الحَطَب ، أي كثير الحَطَب.
ووَهْبِينُ : جَبلٌ من جِبالِ الدَّهْناء قد رأيتُه.
والمَوْهِبَةُ : الهِبة ـ بكسر الهاء ـ وجمعها مَواهِب ، وأما النَّقرةُ في الصَّخر فمَوْهَبَة ، ـ بفتح الهاء ـ جاء نادراً ، والوَهوب : الرجلُ الكثيرُ الهِبات. و (الْوَهَّابُ) من صفة الله : الكثيرُ الهِبات المنعِم على العباد.
أهب : الأُهْبَة : العُدّة ، وجمعُها أُهَب ، وقد تأهّب الرجلُ ، إذا أخذ أُهْبَتَه. والإهاب : الجِلْد ، وجمعُه أُهُب ، وأَهَب.
وفي الحديث : وفي بيتِ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أُهُبٌ عَطِنَةٌ ، أي جلودٌ في دِباغها.
ويقال : تَهيَّبني الشيءُ ، بمعنى تهيّبْتُه أنا ، ويقال للأَبحّ : أَبَّه.
باب الهاء والميم
[هم (وايء)]
وهم ، هام ، همي ، ماه ، مهي ، أمه ، مها ، يهم ، هيم ، ومه.
وهم : قال الليث : الوَهْم : الْجَمَل الضخم ، وأنشد بيت لبيد :
ثم أصدَرْناهما في وَارِدٍ |
صادِرٍ وَهْمٍ صُواه قد مَثَلْ |
قلتُ : أراد بالوَهْم طريقاً واسعاً واضحاً.
وقال ذو الرمّة :
كأنها جَمَلٌ وَهْمٌ وما بَقِيَتْ |
إلّا النَّحِيزَةُ والألواحُ والعَصَبُ |
أراد بالوَهْم جَملاً ضَخْماً. ويقال : توهّمتُ الشيءَ وتفرَّستُه وتوسّمتُه وتبيَّنْتُه ، بمعنًى واحد.
وقال زهير في التوهّم :
فلأياً عرفتُ الدَار بعد تَوَهُّمِ *
وقال الليث : الوَهْم من الإبل : الذَّلُول المُنقادُ لِصاحبه مع قُوّة. والوَهْم : الطريقُ الواضح الذي يَرِد المَوارِد. وللقَلْب وَهْم ، وجمعُه أَوْهام ، والله لا تُدرِكه أوهام العباد. ويقال : توهّمتُ في كذا وكذا ، وأَوهَمْتُ الشيء إذا أغفَلْتَه ، والتُهْمة أصلُها وُهْمة من الوَهْم ، يقال : اتَّهَمتُه ، افتعالٌ منه ، ويقال : أَتْهمتُ فلاناً على بناءِ أفعَلْتُ ، أي أدخَلْتُ عليه التُّهمة ويقال : وهِمتُ في كذا وكذا ، أي غَلِطت. ووَهَم إلى الشيء يَهِم ، إذا ذَهب وَهْمُه إليه ، وأوهَم الرجلُ في كتابه وكلامه ، إذا أَسقَط.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : أوهمتُ : أَسْقطْتُ من الحساب شيئاً. قال : وَوَهِمْتُ في الصلاة : سَهَوْتُ ، فأنا أَوْهَم. قال : ووهِمْتُ إلى الشيءِ أَهِمُ ذهب وَهْمِي إليه. وقال شمر : قال الفرّاء : أوْهَمْتُ شيئاً ووَهَمْتُه فإذا ذهب وهمُكَ إلى الشيء قلتَ : وهِمْتُ إلى كذا وكذا أَهِمُ وَهْماً. قال عَدِيُّ بن زَيد :
فإن أخْطَأْتُ أو أوهمتُ أَمراً |
فَقَدْ يَهِمُ المصافِي بالْحَبيبِ |
وقال الزِّبرقان بن بدر :
فبِتِلْك أَقضِي الهَمَّ إذ وَهِمَتْ به |
نفسي ولَسْتُ بِنَأْنإٍ عُوَّارِ |
قال شمِر : وقيل : أَوهمَ ووَهِم ووَهَم بمعنٍى. قال : ولا أرى الصحيحَ إلا هذا.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب : أوهَمْتُ الشيءَ ، إذا تركتَه كلَّه أُوهِمُ ، ووَهِمْتُ في الحساب أَوْهَم ، إذا غَلِطْتَ ، ووَهَمتُ إلى الشيء إذا ذَهب قلبُك إليه وأنت تريد غيرَه أَهِم وَهْماً.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه صلّى فأَوْهَم في صَلاته ، فقيل له : كأنّك أَوهَمتَ في صَلاتِك. فقال : «وكيف لا أُوهِمُ ورَفْغُ أحدِكم بين ظُفْره وأَنملَتِه».
قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : أوهَم ، إذا أَسقَط ، ووَهِم ، إذا غلِط.
همى : في الحديث أن رجُلاً سأل النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّا نُصِيبُ هَوامِيَ الإبل ، فقال : ضالّة المؤمن حَرْقُ النار.
قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة : الهَوامِي هي المُهمَلة التي لا راعيَ لها ولا حافظ.
يقال منه : ناقةٌ هاميةٌ ، وبعيرٌ هامٍ ، وقد هَمَى يَهْمي هَمْياً ، إذا ذهب على وجهه في الأرض لِرَعْي أو غيره ، وكذلك كُلُّ ذاهبٍ وسائلٍ من ماءٍ أو مَطر ، وأنشد لطَرَفة :
فسَقى دِيارَك غير مُفْسِدها |
صَوْبُ الرّبيع ودِيمَةٌ تهمِي |
يعني تَسِيل وتذهب.
وقال الكسائيّ : هَمَتْ عينُه تهمِي ، إذا سالَتْ ودَمَعت. قال أبو عبيد : وليس هذا من الهائم في شيء.
سَلمة عن الفراء : الأهماء : المياه السائلة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : هَمَى وعَمَى وصَهَى وضَهَى ، كلُّ ذلك إذا سال.
وقال الليث : هَما : اسمُ صَنَم.
وقال غيره : يقال : هَمَا والله ، بمعنى أَمَا والله.
هيم : حدثنا محمد بن إسحاق قال : حدثنا المخزوميُّ عن سُفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس في قول الله جلّ وعزّ : (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) [الواقِعَة : ٥٥]. قال : هَيامُ الأرض.
وقيل : هَيامُ الرَّمل.
الحَرانيّ عن ابن السكيت : الهَيْم : مصدرُ هَام يَهيم هَيْماً وهيمَاناً ، إذا أَحبَّ المرأةَ.
قال : والهِيم : الإبل العِطاش.
وقال ابن الأعرابيّ : الهُيّام : العُشَّاق.
والهُيَّام : المُوَسْوِسُون.
وقال أبو عبيد : رجلٌ هائم وهَيُومٌ. والهُيُوم أن يذهَب على وَجْهه ، وقد هامَ يهيمُ هُياماً.
وقال الليث بن المظفَّر : الهيْمان : العَطْشان. الهَائمُ : المتحيِّر ، والهُيام كالجنون من العِشْق ، والهيْماء : مَفازةٌ لا ماءَ بها.
وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) [الواقِعَة : ٥٥] : الهيم الإبل التي يصيبُها داءٌ فلا تروَى من الماء ، واحدها : أهيَم ، والأنثى هَيْماء.
قال : ومن العرب من يقول : هائم ، والأنثى هائمة ، ثم يجمعونه على هِيم ، كما قالوا : عائِطٌ وعِيط ، وحائلٌ وحُول ، وهي في معنى حائل حُول ، إلا أنّ الضمة تُركَتْ في هِيمٍ ؛ لئلّا تصير الياء واواً.
ويقال : إن الهِيم : الرملُ ، يقول : يشرَب أهلُ النار كما تشرَب السِّهلةُ والسِّهلة : الأرض التي يَكثر فيها الرمل.
وقال الليث : الهَيَامُ من الرَّمْل : ما كان تُراباً دُقاقاً يابساً.
أبو عبيد عن أبي الجرّاح : الهُيام : داءٌ يُصيب الإبلَ من ماءٍ تَشرَبه مُسْتَنْقعاً.
يقال : بعيرٌ هَيْمان ، وناقة هيْمَى ، وجمعُه هِيام.
وقال الأصمعيّ : الهَيْمان هو العَطْشان.
قال : وهو من الدّاء مَهْيُوم.
قال الليث : ويقال : هوَّم القومُ وتهوَّموا ، إذا هزُّوا رؤوسهم من النُّعاس.
أبو عبيد عن أصحابه : إذا كان النومُ قليلاً فهوَ التهويم.
أبو عبيد عن الكسائيّ : تهمَّأ الثوبُ وتهنّأَ ، إذا تَفَسأ ، مهموزاتٌ.
أبو عبيدة : عَمَا والله لأفعلنّ ذاك ، وهمَا والله ، وأمَا والله ، بمعنى واحد.
وقال الليث : الهامةُ : رأس كلِّ شيء من الرُّوحانيِّين ، والجميع الهامُ. قلت : أراد الليث بالرُّوحانيين ذوي الأجسام القائمة بما جَعَل الله فيها من الأرواح.
وقال ابن شميل : الرُّوحانيون هم الملائكة والجنّ التي ليس لها أجسام تُرى. وهذا القول هو الصحيح عندنا.
وقال الليث : الهامة من طَيْر الليل.
قال : ويقال للفَرس : هامَة.
قلت : ورَوى أبو عُمرَ عن ثعلب ، عن عمرو عن أبيه قال : الهامة ، مخفَّفة الميم : الفَرس ، والهامة : وسَط الرأس.
وقال أبو زيد : الهامة : أعلى الرأس. وفيه الناصية ، والقَصَّة ، وهما ما أقبل على الجبهة من شَعر الرأس ، وفيه المَفْرق ، وهو مجرى فرق الرأسِ بين الجَبِينَيْن إلى الدائرة.
وفي الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا عَدْوى ولا هامة ولا صَفَر».
قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة : أمّا الهامة فإن العرب كانت تقول : إن عِظامَ الموتى تصيرُ هامةً فتَطير ، قال : وقال أبو عمرو مِثْلَه.
قال : وكانوا يسمُّون ذلك الطائر الذي يخرج من هامة الميت إذا بَلِيَ الصَّدَى ، وأنشد أبو عبيدة :
سُلِّط الموتُ والمنون عليهم |
فلهم في صَدَى المقابرهامُ |
وقال لبيد يَرثِي أخاه :
فليس الناسُ بعدَك في نَقِيرٍ |
ولا هُمْ غَيرُ أصداءٍ وَهامِ |
وقال شمر : قال ابن الأعرابيّ : معنى قوله : «لا هامَةَ ولا صَفَر». قال : كانوا يتشاءمون بهما ، أي لا تتَشاءَمُوا ويقال : أصبح فلانٌ هامةً ، إذا مات.
وأَزْقَيْتُ هامةَ فلان ، أي قتَلته. وقال :
فإِن تك هامةً بِهَرَاةَ تَزْقُو |
فقد أزْقَيتُ بالمَرْوَيْنِ هاما |
وكانوا يقولون : إنّ القَتِيل تخرُج هامَةٌ من هامَتِه ، فلا تزالُ تقول : اسقُوني اسقوني حتى يُقتلَ قاتِلُه ، ومنه قوله :
إنَّكَ إنْ لا تَدَعْ شتْمِي ومَنْقَصَتِي |
أَضْرِبك حتى يقولُ الهامُ : أَسْقُونِي |
يريد أقتلك.
وفي حديث ابن عمرَ أنّ رجلاً باعَ منه إبلاً هِيماً.
قال شمِر : قال بعضهم : الهِيم هي الظِّماء ، وقيل : هي المِراض التي تَمصّ الماء مَعنا ولا تَروَى.
وقال الأصمعيّ : الهُيامُ : داءٌ شَبيه بالحمَّى تَسْخُن عليه جلودُها ، وقيل : إنها لا تَروَى إذا كانت كذلك.
وقال ابن شميل : الهُيام : نحوُ الدُّوَار جُنونٌ يأخذُ البعيرَ حتى يَهلِك ، يقال : بعيرٌ مَهْيُومٌ.
مهي : قال الليث : المَهْي : إرْخاء الحَبْل ونحوه ، وقال طَرفة :
لَكا الطِّوَلِ المُمْهَى وثِنْيَاه باليَدِ*
قال : وأمْهَيت له في هذا الأمر حَبْلاً طويلاً. قال : وأمْهَيْتُ فَرسي إمهاءً ، إذا أجْرَيته.
أبو نصر ، عن الأصمعيّ : أَمْهَى قِدْرَه ، إذا أكثر ماءَها.
وأمْهَى النَّصْلَ على السِّنان ، إذا أحدَّه ورقَّقه ، وأنشد قولَ امرىء القيس :
راشَهَ مِن ريشِ ناهِضَةٍ |
ثمَ أمْهَاهُ عَلَى حَجَرِهْ |
قال : وأمْهَى فرسَه ، إذا أجراه.
وقال أبو زيد : أمْهيتُ الفرَس : أرْخَيت له من عِنانه ، ومثلُه : أمَلْتُ به يَدي إمالةً ، إذا أرخَى له من عِنانه.
وأمْهَيت الشّرابَ : إذا أكثرتَ ماءَه.
أبو عبيد عن أبي زيد : أمْهَيتُ الحديدةَ : سَقَيْتُها ماءً.
وأمْهَيتُ الفرَسَ : أجْرَيتُه.
الكسائي : أمهَيتُ الفرس : طوَّلْتُ رَسَنَه.
الأُمويّ : أمْهَيْتُ : إذا عَدَوْتُ الكسائي : حفَرْنا حتى أمْهَينا ، أي بلغْنا الماء.
وفي «النوادر» : المَهْوُ : البَرْد ، والمَهو ، حَصّى أبيَض ، يقالُ له : بُصَاقُ القمر ، والمَهْو : اللُّؤلؤ.
ثعلب عن ابن الأعرابي : المَهْيُ : تَرقيقُ الشَّفْرة ، وقد مَهاها يَمهِيها.
سَلَمَة عن الفراء : الأَمهاء : السُّيوف الحادّة.
وقال غيرُه : سيفٌ مَهْوٌ رقِيق. وأنشَد :
أبيضُ مَهْوٌ في مَتْنِه رُبَدُ*
الأصمعيّ : المَها : بَقَرُ الوَحْش ، الواحدة مَهَاة : والمَهاةُ : الحِجارةُ البِيض التي تَبرُق ، وهي البِلَّوْر.
والمَهْوُ : السَّيفُ الرَّقيق.
وسَلَح سَلْحَاً مَهْواً ، أي رَقيقاٌ.
والمَهو : شدّة الجري.
وقال الليث : المَهاءُ ممدودٌ : عيب وأَوَدٌ يكونُ في القِدْح ، وأنشد :
يُقيمُ مَهاءُهُنَ بإصبَعَيْه*
وقال أبو عبيد : حفَرتُ البئرَ حتى أمهَت ، وأموَهْتُ ، وإن شئت حتى أَمهَيتُ ، وهي أبعَدُ اللُّغات. كلُّها انتهيتَ إلى الماء.
وقال ابن هَرْمة :
فإنّك كالقَرِيحةِ عامَ تُمْهَى |
شَرُوبَ الماء ثم تعود ماجا |
وقال ابن بزرج في حَفر البئر : أَمهَى وأمَاهَ ، قال : ومَهَتِ العينُ تمهو ، وأنشد :
تقولُ أُمامةُ عند الفرا |
ق والعينُ تمهُو على المِحْجَر |
قال : وأمهيتُها أنا أي أسَلْت ماءَها.
أبو زيد : المهَا : ماءُ الفحْل ، وهو المُهْيَةُ ، وقد أمهَى ، إذا أنزَل الماء عند الضِّراب.
ومَهْوُ الذَّهب : ماؤه. وقال عمر بن عبد العزيز : رأى رجلٌ فيما يَرَى النائم جسَد رجلٍ مُمْهًى ، قال : هو الذي يُرَى داخِلُه من خارِجه.
وقال ابن الأعرابيّ : أمهَى ، إذا بلَغ من حاجته ما أرادَ ، وأصلُه أن يَبْلُغ الماءَ إذا حَفَر بئراً.
موه : يقال : عليه (موهة) من حُسْنٍ ، ومُوَاهةٌ ومُوَّهة : إذا مَسَحه ، وتموَّه المالُ للسِّمَن ، إذا جَرى في لحُومه الرَّبيعُ. وتَموَّه العِنبُ ، إذا جَرى فيه اليَنْعُ وحَسُنَ لونُه.
وقال الليث : المُوهَة : لونُ الماء ، يقال : ما أحسنَ مُوهَةَ وَجْهِه.
وتصغيرُ الماء : مُوَيْهٌ. والجميعُ المياه ، ويقال : ماهتِ السفينةُ تمُوه وتمَاه ، إذا دَخَل فيها الماءُ ، وأماهت الأرضُ ، إذا ظهر فيها النَّزّ. ويقال : أماهت السَّفِينة ، بمعنَى ماهت.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : المَيْه : طِلاء السيفِ وغيرِه بماء الذهب. وأنشد في نعت فرس :
كأنما مِيهَ به ماءُ الذَّهبْ
وامْهتِ السِّكين.
والنِّسبةُ إلى الماء : ماهِيّ.
ابنُ بُزرُج ، مَوَّهت السماءُ ، أسالَتْ ماءً كثيراً ، وماهتِ البئرُ وأمَاهتْ في كثرة مائها وهي تَمَاه وتَمُوه.
ويقولون في حَفْر البِئر : أمهَى وأمَاه.
وقال الأصمعيّ : ماهَت البئرُ تمُوه وتَماهُ مَوْهاً إذا كَثُر ماؤُها.
وقال غيرُه : مَوَّه فلانٌ حَوْضَه تمويهاً ، إذا جعل فيه الماءَ. ومَوَّه السحابُ الوَقائِعَ وأنشد :
تَمِيميّة نجدية دارُ أهلِها |
إذا مَوَّه الصَّمّان من سَبَل القَطْرِ |
وقيل : مَوَّه الصَّمّانُ : صار مُمَوَّهاً بالبَقْل.
اللحيانيّ : أَمِهْنِي ، أي اسقِني ، وبئر مَيْهةٌ : كثيرة الماء.
وتقول : تَموَّه ثمرُ النَّخْل والعِنَب ، إذا امتَلأَ ماء فتهيّأ للنُّضْج.
وقال أبو سعيد : شجر مَوْهِيٌ ، إذا كان مَسْقَوِيّاً ، وشَجر جَزَوِيّ يَشربُ بعروقِه ولا يُسقَى.
وكلامٌ عليه مُوهَةٌ ، أي حُسْن وحَلاوة.
وفلان مُوهَةُ أهل بَيْتِه.
وحكى الكسائيّ : باتت الشاةُ ليلتَها ماءٍ ماءٍ وماهٍ وماهٍ ، وهو حكاية صوتِها.
أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : الماهُ : قَصَبُ البَلَد ، قال : ومنه قولُ الناس ضُرِب هذا الدينارُ بماهِ البَصْرة ، وبماهِ فارس.
قلت : كأنه مُعَرَّبٌ.
والماهان : الدِّينَور ونهاوَنْد ، أحدُهما : ماهُ الكوفة ، والآخر ماهُ البَصْرة.
وجمعُ الماءِ مِياهٌ وأمْواه.
وأصل الماء ماه ، والواحدة ماهَةٌ وماءَةٌ.
أبو عُبَيد ، عن الكسائي : مَوَّهْتُ الشيءَ إذا طَليتَه بفضّة أو ذَهب ، وما تحتَ ذلك حديد أو نُحاس.
قلتُ : ومنه قيل للمُخادِع : مُموَّه وقد مَوَّه عليّ الباطل إذا لَبَّسَه ، وأراهُ في صورة الحق.
أمه : ابن السكيت : الأَمِيهةُ : بَثْرٌ يخرُج بالغَنم كالجُدَرِيّ ، وقد أُمِهَت فهي مأمُوهةُ ، وقال الشاعر :
طَبِيخُ نُحازٍ أو طَبيخُ أَمِيهةٍ |
صغيرُ العِظام سيءُ القَسْم أَمْلَطُ |
يقول : كان في بطن أمّه وبها نُحاز وأَمِيهة ، فجاءت به ضاوِياً. قال : وقولهُم آهَةٌ وأَمِيهةٌ ، الآهة من التأوّه ، والأميَهة الجُدَرِيّ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الأَمْهُ : النسْيان والأَمْهُ : الإقرار ، الأمْه : الجُدَرِيّ.
وقال الزجاج : قرأ ابن عباس : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ) [يوسف : ٤٥] قال : والأَمَهُ : النِّسيان ، يقال : أَمِه يَأْمَه أَمَهاً ، هذا الصحيح بفَتْح الميم.
قال : ورُوِي عن أبي عُبيدة : (بَعْدَ أَمْهٍ) بسكون الميم ، وليس ذلك بصحيح ، وكان أبو الهيثم فيما أخبرني عنه المنذريّ يقرأه (بعد أمه) ، ويقول : أمَهٌ خطأ.
أبو عبيد عن أبي عُبيدة ، يقال : أَمِهْتُ الشيءَ فأنا آمَهُه أَمْهاً ، إذا نسيته ، قال : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ).
ورُوِي عن الزّهريّ أنه قال : من امتُحِن في حَدٍّ فأَمِهَ ثم تبرَّأ فليست عليه عُقوبة.
قال أبو عبيد : هو الإقرار ، ومعناه أن يُعاقَب ليُقِرَّ ، فإقراره باطل.
وقال أبو عبيد : لم أسمع الأَمَه : الإقرار إلا في هذا الحديث ، والأَمَهُ في غير هذا : النسيانُ.
وقال شمر : قال غَيْرُه : يقال : أَمَهْتُ إليه في أمْرٍ فأَمَهَ إليَّ ، أي عَهِدْتُ إليه فعَهِدَ إليّ.
وقال الفراء : الأَمَهُ : النسيان ، قال : وأُمِهَ الرجلُ فهو مَأُموه ، وهو الذي ليس عقلُه معه.
وأما الأُمُّ فقد قال بعضهم : الأصل أُمّة ، وربما قالوا أُمَّهة ، وتجمع أُمَّهات ، وأنشد بعضهم :
أُمَّهَتِي خِنْدِفُ والياسُ أَبِي*
وقال غيره : تُجمع الأمُّ من غير الآدميات أُمَّات بغير هاء ، وأما بنات آدم فهنّ أمَّهاتٌ ، ومنه قولُ الشاعر :
لقد آليتُ أَغْدِرُ في جَداعِ |
وإنْ مُنِّيتُ أُمّاتِ الرِّباعِ |
والقرآن نَزَل بالأمهات ، كأنَّ الواحدة أمَّهة.
وقيل : الهاء زائدة في الأُّمَّة.
ومن قال هذا قال : الأم في كلام العرب أصلُ كل شيء ، واشتقاقه من الأَمِّ وزِيدت الهاء في الأمّهات ، لتكون فرقاً بين بَنات آدمَ وسائرِ إناث الحيوان ، وهذا أصح القولين عندنا.
يهم : قال الليث : الأَيْهَم من الرِّجال : الأَصَمّ والأيْهَم : الشُّجَاع الذي لا ينحاش لشيء.
واليَهْماء : مفَازةٌ لا ماءَ فيها ولا يُسْمَع فيها صوت. والأَيْهمَان : السَّيل والحَرِيق ، لأنه لا يُهْتدَى فيهما كيف العمل ، كما لا يُهْتَدى في اليَهْماء.
وقال ابن السكيت : قال عمارة : اليَهْماء : الفَلاة التي لا ماءَ فيها ، ويقال لها : هَيْمَاء.
قال : وليلٌ أَيْهَم : لا نجوم فيه. والأيْهم : المُصابُ في عَقْلِه.
ورُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يتعوَّذ من الأَيْهَمَين ، وهما السَّيْل والحريق.
ويقال في الأَيْهَمين : إنهما الفَحْل المغتلِم ، والسّيْل.
شمر عن ابن الأعرابيّ : اليَهْماء : فلاةٌ مستويةٌ مَلسَاءُ ليس فيها نَبْت.
قال : والأيهَم : البَلد الذي لا عَلَم به.
وقال المؤرِّج : اليَهْماء : العَمْياءُ ، وسُمّيتْ يَهْماءَ لِعَمَى مَنْ يَسلُكها فيها عن الاهتداء ، كما قيل للسَّيل والبعير الهائج : الأيهمانِ ، لأنهما يَتجَرْثمان كل شيء كتَجرَثُم الأعمى.
ويقال لهما : الأعمَيان.
وقال ابن شميل : اليَهْماء : التي لا مَرْتع بها ، أرضٌ يهماء ، وسَنَةٌ يَهْماء : ذاتُ جُدُوبة.
قال : والأيهَم من الناس : الذي لا يسْمَع بَيِّنُ اليَهَم ، وأنشد :
فإنِّي أُنادِي أو أُكلِّم أَيْهَمَا*
قال : وسِنُونَ يُهْمٌ : لا ماء فيها ولا كَلأ ، ولا شَجَر.
وقال أبو زيد : سَنةٌ يهماء : شَديدة عَسِرة لا فرَج فيها.
وقال ابنُ الأعرابيّ : الأيهم : الرجل الذي لا عَقْل له ، ولا فَهم.
وقال العجَّاج :
إلّا تَضاليل الفؤاد الأيهَم *
وقال الأصمعي : اليَهْماء : الفَلاة التي لا يُهتدَى فيها لطريق ، والأيهَم : الأعمى والأيهم : الذي لا عَقل معه.
وقال رؤبة :
كأنما تغريدُه بعد العَتَمْ |
مُرْتَجِسٌ جَلْجَلَ أو حادٍ نَهَمْ |
أو راجزٌ فيه لَجاجٌ ويَهمْ
أي لا يَعقِل.
قال أبو زيد : يقال : أنت أشدّ وأشجَع من الأَيْهَمين ، وهما الجمل والسَّيْل ، ولا يقال لأحدهما : أَيهَم.
ويقال : رجل أَيهم ، إذا كان لا يحفَظ ولا يَعقِل.
هيم : ويقال : استُهِيم فؤادُه فهو مُستهامُ الفؤاد.
وقال ابن الأعرابيّ : الهَيْم : هَيَمان العاشق.
قال : والشاعر إذا خلَا في الصَّحراء هام.
وقيل في قول الله جلّ وعزّ : يصف الشعراء : (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) [الشُّعَرَاء : ٢٢٥].
قال بعضهم : هو وادي الصَّحْراء يخلو فيه العاشق والشاعر ، ويقال هو وادِي الكلام ، والله أعلم.
مها : ويقال للثَّغْر النَّقِيّ : مَهَا ، ومنه قول الأعشى :
ومَهاً ترِفُّ غُروبُه |
يَشفِي المتيّم ذا الحرارهْ |
ومه : ثعلب عن ابن الأعرابي : الوَمْهَةُ الإذْوَابة من كلّ شيء.
مهو ، وقال أبو عبيد : من أمثالهم في باب أفعَل : إنه لأخيَبُ من شَيخ مَهْوٍ صَفْقَةً.
قال : وهُمْ : حَيٌّ من عبد القيس كانت لهم في المَثَل قصة يسمُج ذِكرُها.
باب لفيف حرف الهاء
[هاء ، أوه ، هيه ، إيه ، هيّ ، هيا ، هيه ، هيأ ، هوأ ، وهو ، يهيه ، ياه ، وهي ، أيه ، هوى]
هاء : قال ابن المظفَّر : قال الخليل : الهاء حرف هَشٌّ ليّن قد يجيء خَلفاً من الألف التي تُبنَى للقَطع ، وها بمعنى خُذْ فيه لغات للعرب معروفة ويقال : ها يا رجل ، وللرّجلين هاؤُ ما ، وللرجال هاؤم.
قال الله جلّ وعزّ في هذه اللغة وهي أشرفُ اللغات ، لأنَّ القرآن نزل بها : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [الحاقة : ١٩] جاء في التفسير : أن الرجل من المؤمنين يُعطَى كتابَه بيمينه ، فإذا قرأه رأَى فيه تبشيرَه بالجنة ، فيعطيه أصحابه فيقول : هاؤُم كتابي ، أي خذوه واقرءوا ما فيه لتعلموا فَوْزي بالجنة ، يدلك على ذلك قوله : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) [الحاقة : ٢٠] أي علمت (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الحَاقَّة : ٢١].
قال ابن السكيت : ويقال للمرأة هاءِ يا امرأةُ ، مكسورةً بلا ياء ، وهايا يا امرأتان ، وهاؤُنَ يا نسوةٌ ، ولغة ثانية ها يا رجل ، وهاءَ بمنزلة هاعَا ، وللجميع هاءُوا ، وللمرأة هائي ، وللثنّيتين هاءا ، وللجميع هَأْنَ بوزن هَعْنَ ولغة ثالثة هاءِ يا رجلُ بهمزة مكسورةٍ ، وللاثنين هائيا ، وللجميع هاءوا ، وللمرأة هائي ، وللثِّنتَين هائيَا ، وللجماعة هائِين.
قال : وإذا قال لكَ : ها ، قلتَ : ما أَهاءُ يا هذا ، وما ، أي ما أُعطَى ، ونحو ذلك رُوي عن الكسائيّ ، وزاد فقال : يقال : هاتِ وهاءِ ، أي اعْطِ وخُذْ.
وقال الكميت :
وفي أيامِ هاتِ بهاء نُلْفَى |
إذا زَرِم النَّدَى متحلَّبينا |
قال : ومن العرب من يقول : هاكَ هذا يا رجل ، وهاكما هذا يا رجلان ، وهاكم هذا يا رجالُ ، وهاكِ هذا يا امرأةُ ، وهاكمَا يامرأتان وهاكُنّ يا نِسوَة.
وقال أبو زيد : قالوا هاءَ يا رجلُ بالفتح ، وهاءِ يَا رجلُ بالكسر ، وهايَا للاثنين في اللغتين جميعاً بالفتح ، ولم يَكسِروا في الاثنين ، وهاءُوا في الجمع ، وأنشد :
قوموا فهَاءُوا الحقَّ ننزلْ عندَه |
إذْ لم يكن لكمُ علينَا مَفخرُ |
قلت : فهذه جميعُ ما جاء من اللُّغات في ها بمعنى خُذْ.
وأما ها مقصورةً بمعنى التنبيه فإن أبا الهيثم قال : ها تنْبيهٌ تَفتتحُ العربُ بها الكلامَ بلا معنًى سِوَى الافتتاح ، تقول : ها ذاك أخوك ها إنّ ذا أَخوك ، وأنشد :
ها إنّ تا عِذْرَةٌ إن لا تكن نَفَعتْ*
وقال أبو حاتم : ويقال : لا ها الله ذا : بغير ألف في القَسَم ، قال : والعامة تقول : لا ها الله إذاً.
قال : والمعنى لا والله هذا ما أُقسِمَ به ، فأُدخِل اسمُ الله بين ها وَذَا.
والعرب تقول أيضاً : ها ، إذا أجابوا داعياً ، يَصِلون الهاء ، بالألف تطويلاً للصوت.
ويُبدِلون ألف الاستفهام هاءً ، وأنشد بعضهم :
وأتت صواحبُها فقلنَ : هذا الذي |
رامَ القَطيعةَ بعدَنا وجَفانا |
وقال أبو سعيد في قول شَبيب بن البَرْصاء :
تُفلِّق ها مَنْ لم تَنَلْه رِماحُنا |
بأسيافِنا هامَ المُلوكِ القَماقِمِ |
في هذا تقديم معناه التأخير ، إنما هو نُفلِّق بأسيافنا هامَ الملوك والقَماقم ، ثم قال : ها مَن تَنَله رِماحُنا ، فها تنبيه. وأما الحديث الذي جاء : «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا ها وها» فقد اختُلِف في تفسيره ، وظاهرُ معناه أن يقول كل واحدٍ من البَيِّعَيْن ها ، فيُعطيه ما في يدِه في مكانه ، ثم يفترقان. وقيل : معناه أن يقول كلُّ واحد منهما لصاحبه : هاكَ وهاتِ ، أي خُذْ وأَعْطِ.
هه وهاه قال ابن المظفّر : هَهْ : تَذكِرةٌ في حالٍ ، وتحذيرٌ في حالٍ ، فإذا مَددْتَها وقلتَ : هاهْ كانت وَعِيداً في حالٍ ، وحكايةً لضحك الضاحك في حال ، وتقول ضحك الضاحك ، فقال هاهْ هاهْ.
قال : ويكون هاه في موضع آه من التوجّع ، وقد تأوَّه ، وأنشد :
تأوَّهُ آهَةَ الرَّجلِ الحَزِين*
ويُرْوَى :
تَهَوَّهُ هَاهَةَ الرّجل الحزين*
قال : وبيان القَطْع أحسن.
أوه : وقال ابن السكيت : الآهة من التأوُّه ، وهو التوجُّع ، يقال : تأوَّهْتُ آهةً ، وكذلك قولُهم في الدعاء : آهةً وأَمِيهةً ، وقد مرَّ تفسيرهما.
ورُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم في تفسير قوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [التّوبَة : ١١٤] أنه قال : الأوَّاهُ الدَّعاءُ.
وقال أبو عبيد : الأوَّاه : المتأَوِّه شَفَقاً وفَرَقا ، المتضرِّع يقيناً ولُزوماً للطاعة ، وأنشد :
إذا ما قمتُ أَرحَلُها بلَيْل |
تأَوَّهُ آهةَ الرَّجل الحزين |
ويقال : الأوَّاه : الرَّحيم ، وقيل : الرَّقيق ، وقيل : الفقيه ، وقيل : المؤمن ، بلُغة الحبشة.
وحدَّثنا السَّعْديّ عن أبي زُرْعة عن قَبِيصَة عن سُفْيانَ عن سلمة بن كُهَيل عن مسلم البَطين عن أبي العُبَيْدَيْن قال : سألتُ ابنَ مسعود عن الأوَّاه ، فقال : الرحيم.
وقال ابن المظفَّر : آهِ هو حكايةُ المتأَوِّه في صَوْته ، وقد يفعله الإنسان شفقةً وجَزَعاً ، وأنشد :
آهٍ من تَيَّاكِ آها |
تركَتْ قلبي مُتاها |
ونحو ذلك قال ابن الأعرابيّ ، وقال : تأَوَّهَ تأَوُّهاً ، إذا توَجَّع ، ومثلُه أوَّهَ تَأْوِيهاً.
وقال أبو حاتم : العَرَب تقول : أَوَّه وآوَه وآوُوه ، بالمَدّ وواوَين ، وأَوْهِ بكسر الهاء خفيفة ، وأنشد الفراء :
فَأَوْهِ من الذِّكرَى إذا ما ذَكرتُها |
ومن بُعدِ أرضٍ بينَنا وسَماءِ |
وروَى ابن المظفَّر : أَوَّهَ وأَهَّهَ ، إذا توجَّع الحزينُ الكئيبُ ، فقال : آهِ ، أو قال : هاهِ عند التوجُّع ، فأَخرج نَفسَه بهذا الصوت ليتفرَّج عنه بعض مابه.
هيه وايه : قال الليث : يقال : هِيهِ وهيهَ ، بالكسر والفتح ، في موضع إيهِ وإيهَ.
وقال ابن السكيت : تقول للرجل إذا استزَدْتَه من حديثٍ أو عمل : إيه ، فإن وصلتَ قلتَ : إيهٍ حدِّثْنا. وقال في قول ذي الرمة :
وقَفْنا فقلنا : إيهِ عن أم سالمٍ |
وما بالُ تَكليم الدِّيارِ البَلاقع |
فلن ينوِّن ، وقد وَصَل لأنه نَوَى الوقف.
قال : فإذا أَسْكتَّه وكفَقْتَه قلتَ : إيهاً عنّا ، فإذا أَغْرَيْتَه بالشيء قلتَ : وَيْهاً يا فُلان ، فإذا تعجَّبتَ من طيبِ شيء قلت : واهاً له ما أَطيَبَه ، قال أبو النجم :
واهاً لرَيَّا ثم واهاً واهَا*
وأنشد :
وهو إذا قيل لَهُ : وَيْهاً كُلْ |
فإنه مُوَاشكٌ مُسْتَعْجِلْ |
|
وهو إذا قيلَ له : وَيْهاً فُلْ |
فإنه أَحْجِ به أن يَنكلْ |
أبو عبيد عن أبي زيد : تقول في الأمر : إيهٍ افعَلْ ، وفي النَّهْي : إيهاً عني الآن ، وفي الإغراء : وَيْهاً يا فلان ، وقال ابن الأعرابيّ نحواً ممَّا قال.
وقال الكسائيّ : من العرب من يَتعجَّب بِوَاهاً فيقول : واهاً لهذا ، أي ما أَحسنَه.
وقال الليث : يقال إيهِ وإيهٍ ، في الاستزادة والاستنطاق وإيهَ وإيهاً ، في الزَّجْر والنهي ، كقولك : إيهَ حَسْبُك ، وإيهاً حَسبك.
وقال الليث : ها بفَخامة الألف : تنبيه ، وبإمَالة الألف : حَرْف هجاء.
قال : وهاء ممدودٌ يكون تَلْبِيةً ، كقول الشاعر :
لا بل ، يَملُّك حين تَدْعو باسمه |
فيقول : هاءَ وطاء لمَا لبَّى |
قال : وأهُل الحجاز يقولون في موضع لَبَّى في الإجابة : لبَى خفيفةً ، ويقولون أيضاً في هذا المعنى : هَبَى ويقولون : ها إنك زيد معناه أإنك زيد في الاستفهام ، ويقصُرون فيقولون : هَإنّك في موضع أَإِنَّك زيد ، والأصل فيه الهَمْزَتان.
هي : قال الليث : هَيّ بن بَيّ كان من ولد آدم فانْقَرض نَسْلُه ، وكذلك هيّان بن بيّان.
ثعلب عن ابن الأعرابي : هو هيُ بنُ بيّ وهيّان بن بيّان وبيّ بن بيّ.
يقال ذلك كله للرجل إذا كان خَسِيساً.
أبو عبيد عن الكسائيّ يقال : يا هَيُ ما لِي ، معناه التَلهُّف والأسى ، ومعناه يا عَجَباً ما لي.
وروى الفراء عن الكسائي أنه قال : من العَرَب من يتعجب بهَيّ وفَيّ وشَيّ ، ومنهم من يزيد ما فيقول : يا هَيَّما ويا شيَّما ويا فيَّما ، أي ما أَحسن هذا.
وقال ابن دُرَيد : العرب تقول هَيَّك أيْ أسرعْ فيما أنت فيه.
هيا : قال الليث : هَيَا مِنْ زَجْر الإبل ، وأنشد :
وجُلّ عِتابِهِنَ هيَا وهَيْدُ*
قال : وهِيَ ، وهَا : من زَجْر الإبل ، هَيْهَيْتُ بها هِيهاءً وهِيهاةً ، وأنشد :
مِن وَجْسِ هِيهاءَ ومن هِيهائهِ *
وقال العجاج :
هيهاتَ من مَخترِقٍ هَيهاؤه *
قال : وهَيهاؤُه معناه البُعْد ، والشيءُ الذي لا يُرجَى.
قال : ومن قال : ها فحكى ذلك قال : هاهَيْت.
هاهَيْتُ بالإبل : دَعَوتها ، وهأْهأْتُ بها للعَلَف ، وجَأْجَأْتُ بالإبل للشرب ، والاسم منه والجيءُ والهِىءُ ، وأنشد.
وما كان على الجِيء |
ولا الهِيء امتدا حِيكا |
ونحو ذلك قال ابن الأعرابي.
هيه : قلت : واتفق أهل اللغة أن التاء من هَيْهات ليست بأصلية أصلُها هاء.
قال أبو عمرو بن العلاء : إذا وصلتَ هيهاتَ فدَع التاء على حالها ، وإذا وقَفْتَ فقل : هَيهَات هيهاه ، قال ذلك في قوله جلّ وعزّ : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) [المؤمنون : ٣٦].
وبنحو ذلك قال الخليل وسيبويه. وقال وقال أبو إسحاق الزجاج : تأويل (هَيْهاتَ هَيْهاتَ) البُعْد (لِما تُوعَدُونَ).
قال : وقال سيبويه : من كَسَر التاء فقال : هيهاتِ هيهاتِ ، فهي بمنزلة ، عِرْقاتٍ تقول : استأصَلَ الله عرقاتَهم وعِرْقاتِهم ، فمن كسر التاء جعلها جمعاً ، واحدها عِرْقة ، وواحد هيهات على ذلك هيهة ، ومن نَصَب التاء جعلها كلمةً واحدة.
قال : ويقال : هيهاتَ ما قلتُ ، وهيهاتَ لِما قلت ، فمنْ أَدخل اللام فمعناه البُعْد لقولك.
وقال ابن الأنباريّ : في هيهات سبعُ لغات : فمن قال هيهاتَ بفَتْح التاء من غير تنوين شَبَّه التاء بالهاء ، ونصبها على مذهب الأداة.
ومن قال : هَيْهاتاً بالتنوين ، شبهه بقوله تعالى : (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) [البَقَرَة : ٨٨] أي فقليلاً إيمانهم ومن قال : هيهاتِ شبهه بحَذامِ ، وقَطامِ ، ومن قال هيهات لك ، بالتنوين ، شبهه بالأصوات كقولهم : غاقٍ وطاقٍ ، ومن قال هيهاتُ لكَ ، بالرفع ، ذَهب بها إلى الوَصْف فقال : هي أداةٌ والأدواتُ معرفةٌ ، ومن رفعها ونوَّن شبه التاء بتاء الجمع ، كقوله : مِن عَرَقات.
قال : ومن العرب من يقول : أَيْهات ، في اللّغات التي ذكرتُها كلها ، ومنهم من يقول : أَيْهان بالنون. ومنهم من يقول : أَيْها بلا نون ، ومن قال أَيْها ، فإنه حذَف التاء كما حذفت الياء من حاشى ، فقالوا : حاش لله ، وأنشد :
ومن دُونيَ الأَعْراضُ والقِنْعُ كلُّه |
وكُتمانُ أَيْهَا ما أَشَتَّ وأبعدَا |
قال : هذه اللغات كلها معناها البُعد ، المستعمل منها استعمالاً عالياً الفتح بلا تنوين.
وقال الفراء : نصبُ هيهات بمنزله نصبِ رُبَّتَ وثُمَّتَ ، والأصلُ رُبَّهْ وثُمَّهْ ، وأنشد :
ما وِيَّ يا رُبَّتمَا غارةٍ |
شعواءَ كاللَّذْعَةِ بالميسمِ |
قال : ومن كسر التاء لم يجعلها هاء تأنيث ، وجعلها بمنزلة دَراكِ وقَطامِ.
هيأ : قال الليث : الهَيئة للمتهيِّىء في مَلْبَسه ونحوه تقول : هاءَ فلانٌ يَهاءُ هَيئةً.
قال : وقريء (هئت لك) أي تهيأت لك.
قال : والهَيِّىءُ على تقدير هَيِّع : الحَسَنُ الهيئةِ من كل شيء.
قال : والمُهايأَة : أَمرٌ يتهايأُ للقوم فيراضَوْن به ، وهَيَّأْتُ الأمرَ تهيِئة ، فهو مُهَيّأٌ.
هوأ : وأما الهَوْء فهو الهِمَّة ، يقال : فلان بعيدُ الهوء ، وبعيد الشَأْو ، إذا كان بعيدَ الهمّة ، وهو يَهُوءُ بنفسِه ، أي يرفَعُها ، وقال الراجز :
لا عاجزُ الهَوْء ولا جَعْدُ القَدَمْ*
وإنه ليَهوءُ بنفسه إلى المعالي ، ويقال : هُؤْتُه بخيرٍ وهُؤْتُه بشَرٍّ ، وهُؤْته بمالٍ ، مثل هُرْتُه وأَزْنَنْتُه به.
عمرو عن أبيه : هُؤْتُ به وشُؤتُ به ، أي فَرِحْتُ به.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : هَأَي ، إذا ضَعُف ، وأَهَى إذا قَهقَه في ضحكه.
وهوْ : وقال الليث : حمارٌ وَهْوَاهٌ يُوَهْوِهُ حول عانَتِه.
وقال غيره : فرسٌ وَهْوَهٌ وَوَهْواهٌ إذا كان حريصاً على الجَرْي نَشيطاً. وقال ابن مقبل يصف فرساً يصيد الوحش :
وصاحِبي وَهْوَهٌ مُستَوْهِلٌ زَعِلٌ |
يَحولُ بين حمارِ الوَحْشِ والعَصَرِ |
وقال أبو عبيدة : من أصوات الفَرَس الوَهْوَهة ، وفَرَس مُوَهْوِه ، وهو الذي يَقْلَع من نَفسِه شِبْهَ النَّهْم ، غير أنّ ذلك خِلْقَة منه لا يستعين فيه بحَنجَرته.
قال : والنَّهْم : خروجُ الصَّوت على الإيعاد ، وقال رؤبة يصف حماراً :
مقتدِرُ الضَّيْعة وَهْواهُ الشَّفَقْ
وقال أيضاً :
ودُونَ نَبْحِ النَّابح المُوَهْوِهِ *
ياه ويهيه : وقال الليث : تقول ، يَهْيَهْتُ بالإبل ، إذا قلتَ : ياه ، ياه ، ويقول الرجل لصاحبه من بعيد : ياهْ ياهْ أَقْبِلْ.
وقال ذُو الرّمّة :
تَلوَّمَ يَهْياهٍ بيَاهٍ وقد مَضَى |
من الليل جَوْزٌ واسْبَطرَّتْ كواكِبْه |
وقال رؤبة :
من وَجْس هَيْهاهٍ ومِن يَهْيائها*
وقال :
يُنادِي بيهْيَاءٍ وياهٍ كأنّه |
صُوَيتُ الرُوَيْعِي ضَلَّ باللَّيْل صاحِبُه |
يقال : إنه يناديه ياهِيَاه ، ثم يَسكت منتظراً الجوابَ عن دَعوَته ، فإذا أَبطأ عنه. قال : ياهِ ، وقد يَهْيَهَ يَهْيَاهاً ، وياه ياه : نِداءان.
قال : وبعضٌ يقول : ياهَياه ، فَينصِب الهاء الأولى ، وبعضٌ يَكرَه ذلك ، ويقول : هَياه من أَسماء الشّياطين.
وقال : يَهْيَهْتُ به.
وقال الأصمعيّ : إذا حَكَوْا صوتَ الدّاعي قالوا : يَهْيَياهْ ، وإذا حَكَوْا صوتَ المجِيبَ قالوا : يَاه ، والفِعل منهما جميعاً : يَهْيَهْتُ.
وقال الأصمعيّ في تفسير بيت ذي الرمّة : إنّ الدّاعيَ سَمِع صوتاً ياهَيَاهْ فأجاب بيَاهِ رَجاء أن يأتيَه الصوتُ ثانيةٌ ، فهو متلوِّم بقوله ياه صَوْتاً بيَاهِيَاه.
وقال ابن بزرج : ناسٌ من بني أَسَد يقولون : ياهَيَاهُ أَقبِلْ ، وياهيَاهُ أَقْبِلا ، وياهِيَاهُ أَقْبِلُوا وياهِيَاه أَقْبِلي ، وللنساء كذلك ، ولغةٌ أخرى يقولون للرجل ياهَيَاهُ أَقْبِلْ ، وياهَيَاهان أَقْبِلا ، وللثلاثة : ياهَيَاهُونَ أَقبِلوا ، وللمرأة : يا هَيَاهَ أقبلي فَينصِبونها ، كأنهم خالفوا بذلك بينها وبين الرجل ، لأنهم أرادوا الهاء فلم يدخلوها ، وللثنْتَين : يا هَيَاهَتان أَقْبِلا ، ويا هَيَاهاتُ أَقْبِلْنَ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يا هَياهُ ويا هَياهِ ويَا هَياتَ ويا هَياتِ كلّ ذلك بفتح الهاء.
أبو حاتم عن الأصمعيّ : العامة تقول : يا هِيَا. وهو مُوَلَّد ، والصواب يا هَيَاه بفتح الهاء ، ويا هَيَا.
قال أبو حاتم : أظنُّ أصله بالسُّرْيانية : يا هَيَا شَرَاهِيَا.
قال : وكان أبو عمرو بن العلاء يقول : يا هَياهُ أَقْبِلْ ، ولا يقول لغير الواحد ، وقال : يَهْيَهْتُ بالرجل من يا هيَاه.
وهى : وقال الليث : يقال وهِيَ الحائطُ يَهي إذا اتفَزَّر واسترخَى ، وكذلك الثّوبُ والقِرْبة والْحَبْل.
قال : والسحاب إذا تَبَعَّقَ بمطرٍ تبعُّقاً قيل : وهَتْ عَزَالِيه ، وكذلك إذا استرخَى رِباط الشيء.
يقال : وَهيَ ، ويجمَع الوَهْيُ وُهِيّاً ، وأنشد :
أَمِ الْحَبْلُ واهٍ بها مُنْجذِمْ*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : وهَى إذا حَمُق ، ووَهَى إذا سَقَط ، ووَهَى إذا ضَعُف.
أيه : أبو عبيد عن أبي عمرو : التَّأييهُ الصَّوت ، وقد أَيَّهْتُ به تَأْييهاً ، يكون بالناس والإبل. قال : والتهِيتُ : الصَّوْتُ بالناس.
وقال أبو زيد : هو أن يقول له : يا هَياه.
هوى : أبو عبيد عن الأصمعيّ : هَوَيتُ أَهْوِي هُوِيّاً ، إذا سقطتَ من عُلْوٍ إلى أسفل ، وكذلك الهَوِيُ في السَّير إذا مضى.
وهَوَت الطعنةُ تَهوِي ، إذا فتحتْ فَاها.
وقال أبو النّجم :
فاختاضَ أُخْرى فهَوَتْ رَجُوحَا |
للشِّقّ يَهوِي جُرحُها مَفْتوحَا |
وقال أبو العباس ثعلب : أَهْوَى من قريب ، وهَوَى من بعيد ، وأنشد :
طَوَيناهما حتى إذا ما أُنِيخَتا |
مُناخاً هَوَى بين الكُلَى والكَراكِرِ |
يريد : خلَا وانْفَتَحَ من الضُّمْر.
قال : وأَهوَيتُ له بالسّيف وغيره ، وأهوَيْتُ بالشيء ، إذا أَوْمأْتَ به.
ويقال : أهوَيْتُه ، إذا ألقَيْتَه من فوقَ.
قال أبو العباس : وقال ابن الأعرابيّ : الهَوِيُ : السريع إلى أسفلَ ، والهُوِيّ : السريع إلى فوق.
قال : وحكى ابن نجدَة عن أبي زيد مِثله سواء ، وأنشد :
الدَّلوُ في إصعادِها عَجْلَى الهُوِيّ *
وروى الرياشي عن أبي زيد مِثله.
قال : وهَوَت العُقابُ تَهوِي هَوِيّاً ، إذا انقضّت على صَيْد أو غيره ما لم تُرِغْه ، فإذا أَرَاغَتْه.
قيل : أهوَتْ له إهواءاً. قال : والإهواء أيضاً : التناول باليَد والضربُ ، والإراغة : أن يذهب الصيدُ هكذا وهكذا ، والعقابُ تَتْبَعُهُ.
سَلمة عن الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) [إبراهيم : ٣٧] يقول : اجعل أفئدةً من الناس تريدهم ، كما تقول : رأيتُ فلاناً يهوى نحوَك ، معناه يريدك.
قال : وقرأ بعض الناس (تهوى إليهم) بمعنى تهواهم ، كما قال : (رَدِفَ لَكُمْ) [النَّمل : ٧٢] ورَدفَكم.
وقال أبو العباس : قال الأخفش في قوله : (تَهْوِي إِلَيْهِمْ) إنه في التفسير تَهواهُم.
قال : وقال الفراء (تَهْوِي إِلَيْهِمْ) : تسرع ، و (تَهْوِي إِلَيْهِمْ) : تَهْواهم. وقول الله جلّ وعزّ : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) [النّجْم : ٥٣] يعني مدائن قوم لوط ، أي أسقطها فَهَوَتْ ، أي سقطت.
وقال ابن المظفر : العامّة تقول : الهُوى في مَصدرِ هوَى يهوِي في المَهْواة هَوِيّاً.
قال : وأما الهَوِيّ الملِيُّ ، فالحِين الطويل من الزمان ، يقال : جلست عنده هويّاً.
من الزمان ، يقال : جلست عنده هويّاً.
قال : وهوَى فلان : إذا مات.
وقال النابغة :
وقال الشامِتون هوَى زيادٌ |
لكل مَنِيَّةٍ سببٌ متينُ |
قال : وتقول : أَهوى فأَخذَ ، معناه أَهوَى إليه يَدَه. وتقول : أهوَى إليه بيده.
قال : والهاوية : اسم من أسماء جهنم. والهاوية : كلُّ مَهْوَاةٍ لا يُدرك قعرها ، والهُوَّة : كلُّ وَهْدَةٍ مُعَمَّقَةٍ ، وأَنشد :
كأنه في هُوَّة تَقَحْذَما*
وجمعُ الهُوّة هي هُوًى ، وفي «النوادر» فلانٌ هُوَّةٌ أي أحمق لا يمسك شيئاً في صَدْرِه. وهَوٌّ من الأرض : جَانبٌ منها.
والمَهواةُ : موضع في الهواء مُشرِفٌ ما دونه من جبلٍ وغيره ويقال هوَى يهوِي هَوَياناً ، ورأيتُهم يتهاوَوْن في الْمَهْوَاة ، إذا سَقَط بعضُهم في أَثَر بعض.
ويقال للمستهام ، الذي يَستهِيمُه الجنُّ : استهوتْه الشياطينُ ، فهو حيرانُ هائم.
وقال أبو إسحاق في قوله جلّ وعزّ : (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) [الأنعَام : ٧١]
كالذي زَيَّنَتْ له الشياطين هواه حَيْرانَ في حال حَيْرَتِه.
وقال القتبيّ : (اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) : هوَتْ به وأَذْهَبَتْه ، جعله من هوَى يهوِي ، وجَعَلهُ الزّجاج من هوِيَ يهوَى.
وأخبرني المنذريُّ عن أبي الهيثم في قولِ الله جلّ وعزّ : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) [إبراهيم : ٤٣] قال : كأنهم لا يَعقِلون من هَوْل يومِ القيامة. والهَواءُ والخواءُ واحد.
قال : والهواء كلُّ فُرْجة بين شيئين كما بَيْن أسفَلِ البيت إلى أعلاه ، وأسفِل البئر إلى أَعْلاها.
قال : ويقال : هوتِ الناقةُ والأتان وغيرهما تهوِي هَوِيّاً فهي هاوية ، إذا عَدَتْ عَدْواً أَرْفعَ العَدْوِ ، وكأنه في هواءِ بِئْرٍ يهوِي شَديداً فيها ، وأنشد :
فَشَجَّ بها الأماعزَ وهي تهوِي |
هَوِيَ الدَّلو أسلمها الرِّشاءُ |
ويقال : هَوَى صدرُه يهوِي هَواء إذا خلا.
قال جرير :
ومُجاشع قَصَبٌ هَوَتْ أجوافُه |
لو ينفُخون من الخُؤُورة طارُوا |
أي هم بمنزلة قصبٍ جَوفُه هواء أي خالٍ أي لا فُؤادَ لهم ، كالهواء الذي بين السماء والأرض.
سلمة عن الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) [القَارعَة : ٩]. قال بعضهم : هذا دعاء عليه ، كما تقول : هَوَتْ أُمُّه ، على قول العرب ، وأنشَد قوله :
هَوَتْ أمُّه ما يبعثُ الصبح غادِياً |
وماذا يُؤدِّي الليلُ حينَ يَؤُوبُ |
ومعنى : هوتْ أمه : هلكت أُمه.
وقال بعضهم : أمُه هاوية ، صَارَتْ هاوية مَأْواه ، كما تُؤوِي المرأةُ ابنها ، فجعلها إذ لا مأوى له غيرَها أُمّاً له. وقيل : معنى قوله : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) [القَارعَة : ٩] ، أُمُّ رأْسِه تهوِي في النار.
وقال الليث : الهَوَى مقصور : هوى الضمير ، تقول : هَوَى يهوَى هَوًى ، ورجلٌ هَوٍ ذو هَوًى مخامر ، وامرأة هَوِيَة ، لا تزال تهوَى على تقدير فَعِلَة ، فإذا بُنِيَ منه فعل بجزم العين. قيل : هَيَّة مثلِ طيَّة.
قال : والهواء ممدود ، هوّ الجوّ ، وأهل الأهواء واحدها هَوًى.
وقال أبو إسحاق في قوله : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) [إبراهيم : ٤٣] أي متخرِّقة لا تعي شيئاً من الخَوْف. وقيل : نُزِعَتْ أفئدتهم من أجوافهم.
وقال حسان بن ثابت :
ألا أَبلِغْ أبا سفيان عني |
فأَنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هواءُ |
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الهَوْهاءَةُ : الضعيف الفؤاد ، الجبان.
وقال أبو عبيدة : أَوْماةُ والهَوْهاة واحدٌ والجميع الموامِي والهواهِي.
وقال أبو عبيد : الهواهي : الأباطيل وقال ابن أحمر :
وفي كلّ عام يدعوانِ أَطِبَّةً |
إليَّ وما يُجْدُونَ إلّا الهواهيا |