أَرَاهُ مأخوذاً إلا مِنْ رفع قائِله به صوتَه. وقيل : هو مأخوذ من حُرُوف لا إله إلا اللهُ. قلت : وهذا أَوْلَى بقول الرّاعي من التهليل بمعنى النكوص إذا روي ... «ويضيّعوا التهليلا». وقال الليث : الهِلَال : الحيَّةُ الذَّكَر. قلت : الهلال ، عند العرب : الحيّة ذكراً كان أو غيرَ ذكرٍ ، كذلك قال ابن الأعرابي ؛ وأنشد :
في نَثْلَةٍ تَهْزَأُ بالنِّصال |
كأَنَّها من خِلَع الهِلالِ |
يصِفُ دِرْعاً ، شبَّهها في صفائِها بِسَلْخِ الحيَّةِ. وهزؤها بالنصال : ردُّها إيّاها. وقال ابن الأعرابي : الهلالُ ، أيضاً : ما يبقى في الحوضِ من الماء الصافي. قلت : وقيل له هلالٌ ، لأنّ الغدير إذا امتلأ من الماء استدار ، وإذا قَلَّ ماؤه صار الماءُ في ناحِيَةٍ منه فاستقْوَس. قال : والهلال : الغُلام الحسنُ الوجهِ. ويقال لِلرَّحَى : هلال ، إذا انكسرت. وقال الليث : الهَلْهَل : السّمُّ القاتل ، قلت : ليس كل سُمٍّ يكون قاتلاً يسمى هَلْهَلاً ، ولكن الهَلْهَل ضربٌ من السموم بعينه يَقْتُل من ذاق منه ، وإخاله هندياً. وقال الليث : الهَلْهلة : سخافة النسج. ثوبٌ مُهَلْهَلٌ. قال : والمهلهَلة من الدروع : أرْدؤها. أبو عبيد عن الأحمر قال : اللهَلَهُ والنّهْنَهُ : الثوب الرقيق النسجِ. وقال شمر : يقال ثوب مُلَهْلَهٌ ومهلهَلٌ ومنَهْنَهٌ ؛ وأنشد :
ومَدَّ قُصَيٌّ وأبْنَاؤُه |
عليكَ الضِّلَالَ فما هَلْهَلُوا |
وقال شمر في كتاب «السلاح» : المُهلْهَلَةُ ، من الدروع ، قال بعضهم : هي الحسنَةُ النَّسْج الرقيقة ليست بصفيقة. قال : ويقال : هي الواسعة الحَلَق. قال : وقال ابنُ الأعرابي : ثوب لَهْلَهُ النسج ؛ أي : رقيقٌ ليس بكثيف. ويقال : هلْهَلْتُ الطَّحِينَ : إذا نخلته بشيء سخيف ، وقال أمية :
كما تُذْرِي المُهَلْهِلَةُ الطَّحِينا
وقال النابغة :
أَتَاكَ بِقْولٍ لَهْلَهِ النَّسْجِ كَاذِبٍ |
ولم يأْتِكَ الحقُّ الذي هو نَاصِعُ |
وقال الليث : الهُلَاهِلُ ، من وصف الماء : الكثيرُ الصَّافي.
قال : ويقال أنهج الثوب هلهالاً ، وأنشد شمر قول رؤبة :
ومُخْفِقٍ من لَهْلَهٍ ولَهْلَهِ |
من مهمه يَجْتَبْنَهُ ومَهْمَهِ |
قال ابن الأعرابي : اللُّهلُه الوادي الواسع.
وقال غيره : اللهَالِهُ ما استوى من الأرض.
وقال الليث : اللُّهلهُ المكان الذي يضطرب فيه السراب.
وقال الأصمعي : اللهْلَهُ ما استوى من الأرض.
وقال أبو نصر : أهالِيلُ الأمطار ، لا واحدَ لها في قول ابن مقبل :
وغَيْثٍ مَرِيعٍ لم يُجَدَّعْ نَبَاتُهُ |
وَلَتْهُ أهالِيلُ السِّماكَيْنِ مُعْشِب |
وقال ابن الأنباريّ : قال أبو عكرمة الضبي : يقال : هَيْلَلَ الرجلُ : إذا قال لا إله إلا اللهُ ، وقد أخذنا في الهَيْلَلَةِ : إذا أخذنا في التَّهْلِيل. قال أبو بكر : وهو مثل قولِهمْ حَوْلَقَ الرجلِ وحَوْقَلَ : إذا قال لا حول ولا قوة إلا باللهِ ؛ وأنشد :
فِدَاكَ من الأقوامِ كلُّ مُبَخَّل |
يُحَوْلِقُ إمّا سالَهُ العُرْفَ سائلُ |
قال : وقال الخليل : حَيْعَلَ الرجل إذا قال : حيّ على الصلاة ، قال : والعرب تفعل هكذا إذا كثُر استعمالهم الكلمتين ضمّوا بعضَ حروف إحداهما إلى بَعْضِ حروف الأخرى ، قولهم : لا تُبَرْقِلْ علينا ؛ والبَرْقلة : كلام لا يتبعه فعل ، مأخوذ من البَرْقِ الذي لا مَطَر معه. أخبرني المنذريّ عن أبي العباس ، أنه قال : الحوقلة والبسملة والسبحلة والهيللة ، قال هذه الأربعةُ جاءت هكذا ، قيل له : فالحمدَلةُ ، فقال : لا ، وَأَنْكَرَه. ابن بزرج : هَلال المطر وهِلالُه ، وما أصابنا هِلَال ولا بِلال ولا طِلَالٌ. قال وقالوا : الهِلَلُ للأمطار ، واحدها هِلَّةٌ ؛ وأنشد :
مِنْ مَنْعِجٍ جَادَتْ رَوَابِيهِ الهِلَلُ
أبو عبيد عن الأصمعيّ : انهلّت السماء : إذا صبّت ، واستهلّت : إذا ارتفَع صوتُ وقعها ، وكأن استهلال الصبيّ منه. وقال أعرابي : ما جاد فلان لنا بهِلَّةٍ ولا بِلّة. ويقال أهَلَ السيفُ بفلان : إذا قطع فيه ؛ وقال ابن أحمر :
وَيْلُ أُمِّ خِرْقٍ أَهَلَ المَشْرَفِيُّ به |
عَلَى الهَبَاءَةِ لا نِكْسٌ ولا وَرعُ |
وهلال البعير : ما استقْوَس منه عند ضُمْرِه ؛ وقال ابن هرمة :
وَطَارِقِ همٍّ قد قَرَيْتُ هِلَالَهُ |
يَخُبُّ إذا اعْتَلَّ المَطِيُّ ويَرْسُمُ |
أراد أنه قد فرَى الهمُّ الطارقُ سير هذا البعير ؛ وأما قوله :
وليستْ لها رِيحٌ ولكن وَدِيقَةٌ |
يَظَلُّ بها السَّامي يُهِلُ وَيَنْقَعُ |
فالسَّامي الذي يطلب الصيد في الرمضاء ، يلبس مِسْحَاتَيْهِ ويُثِيرُ الظِّباء من مَكانِسها ، رَمِضَتْ تشقّقت أظلافها ويُدْرِكها السامي فيأخذها بيده ، وجمعه السُّمَاةُ. وقال الباهليّ في قوله : يُهِل : هو أن يرفَع العطشانُ لسانه إلى لهاتِه فيجمع الريق ؛ يقال جاء فلان يُهِلُ من العطش. والنقْعُ جمع الريق تحت اللسان. أبو عبيد عن أبي زيد : يقال للحدَائِد التي تقم ما بين أحْنَاءِ الرحال : أهِلَّة ، واحدها هلال. وقال غيره هِلَال النَّوْءِ : ما استقْوَسَ منه. وقال اللحيانيّ : هالَلْتُ الأَجِيرَ مهالَّةً وهِلَالاً : إذا استأجَرْته من الهلال إلى الهلال بشيء معلوم. أبو عبيد عن أبي عمرو : هَلْهَلْتُ أُدْرِكُه ؛ أي : كنتُ أدركه. وقال ابن الأعرابيّ : الهلْهَلَةُ : الانتظار والتأنّي. وقال الأصمعيّ في قول حَرْمَلة بن حكيم :
هَلْهِلْ بِكَعْبٍ بَعْدَ ما وقَعَتْ |
فوقَ الجَبِين بِسَاعدٍ فَعْمِ |
قال : هَلْهِلْ بكعبٍ ؛ أي : أمهله بعدما وقعت به شَجَّةٌ على جبينه. ويقال : هَلْهَلَ
فلان شِعْره : إذا لم يُنَقِّحْه ، وأرسله كما حضره ، وكذلك سمِّي الشاعرُ مهلهِلاً.
وقال شمر : هلْهَلْتُ : تَلَبَّثتُ وتنظَّرْتُ قال : وسمي مهلهل مهلهلاً بقوله لزهير بن جَناب :
لمّا توغَّلَ في الكُرَاعِ هَجِينُهُم |
هَلْهَلْتُ أثأَرُ جَابِراً أو صِنْبِلا |
أخبرني به أبو بكر عنه. ويقال : أهَلَّت أرض بِعَالمها : إذا ذكرت به ؛ وقال جرير :
هنيئاً للمدينةِ إذْ أَهلَّتْ |
بأهلِ العِلْمِ أبدأ ثم عادا |
وقال أبو عمرو : يقال لنسج العنكبوت : الهَلَلُ والهَلْهَلُ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : هلَ : إذا فرح ، وهلّ : إذا صاح.
وقال في موضع آخر : هَلَ يَهُل : إذا فرح ، وهلَ يَهِلُ : إذا صاح. وبنو هلال : قبيلة من العرب.
باب الهاء والنون
[هن]
[هن ، نه : مستعملان].
هن : قال الليث : هَنٌ : كلمة يُكْنَى بها عن اسم الإنسان ، كقولك أتاني هَنٌ ، وأتَتْنِي هَنَهْ ، النون مفتوحة في هَنَهْ ، إذا وقفت عندها لظهور الهاء ، فإذا أدرجتها في كلام تصلها به سكَّنتَ النون ، لأنها بُنِيَتْ في الأصل على التسكين ، فإذا ذهبت الهاء وجاءت التاء حسن تسكين النون مع التاء ؛ كقولك : رأيت هَنْتَ مقبلةً ، لم تصرفها لأنها اسم معرفة للمؤنث. وهاء التأنيث إذا سكّن ما قبلها صارت تَاءً مع ألف الفتح ؛ لأن الهاء تظهر معها ، لأنها بُنِيَتْ على إظهار صرف فيها ، فهي بمنزلة الفتح الذي قبله ؛ كقولك : القناة ، الحياة. وهاءُ التأنيث أَصْلُ بنائها من التاء ، ولكنهم فرّقوا بين تأنيث الفعل وتأنيث الاسم ، فقالوا في الفعل : فَعَلَتْ ، فلما جعلوها اسماً قالوا : فعلة ، وإنما وقفوا عند هذه التاءِ بالهاء من بين سائر الحروف لأن الهاء ألْيَنُ الحروف الصِّحاح ، والتاء من الحروف الصِّحاح ، فجعلوا البدل صحيحاً مثلها ، ولم يكن في الحروف حرفٌ أهَشُّ من الهاء ، لأنّ الهاء نَفَسٌ ، قال : وأما هَنْ فمن العرب من يُسَكِّن ، يجعله كقَدْ وبَلْ ، فيقول : دخلت على هَنْ يا فتى ، ومنهم من يقول : هَنٌ ، فيجريها مجراها ، والتنوين فيها أحسن ؛ قال رؤبة :
إِذْ مِنْ هَنٍ قَوْلٌ وقَوْلٌ مِنْ هَنِ
وأخبرني المنذريُّ عن أبي الهيثم أنه قال : كل اسم على حَرْفَين فقد حُذِفَ منه حَرْفٌ. قال : والهَنُ : اسم على حرفين مثل الحِرِ على حرفين. قال ومن النحويين من يقول : المحذوفُ من الهَنِ والهَنَةِ الواوُ ، كأنّ أصله هَنَوٌ ، وتصغيره هُنَيٌ ، لمَّا صغرته حرّكت ثانيه ففتحته ، وجعلْتَ حروفه ياء التصغير ، ثم رَدَدْتَ الواوَ المحذوفة ، فقلت : هُنَيْوٌ ، ثم أدغمت ياء التصغير في الواو فجعلْتَها ياءً مُشَدَّدة ، كما قلنا في أَبٍ وأَخ إنه حذف منهما الواو ، وأصلهما أخَوٌ وأبَوٌ. قال : ومن النحويين
من يقول : هذا هنوك ، للواحد في الرفع ، ورأيت هناك ، في النصب ، ومررت بهنيك ، في موضع الخفض ، مثل رأيت أخاك وهذا أخوك ، ومررت بأخيك ، ورأيت أباك ، ومررت بأبيك ، وهذا أبوك ، ورأيت فاك ، وهذا فوك ، ونظرت إلى فيك ، ومثلها رأيت حماك ، ومررت بحميك ، وهذا حموك. قال : ومن النحويين من يقول أصل هَنٌ ، وإذا صغّر ، قيل هُنَيْنٌ ؛ وأنشد :
يا قَاتَلَ اللهُ صِبْياناً تَجِيءُ بِهِمْ |
أُمُ الهُنَيْنَيْنِ مِنْ زندٍ لها واري |
وأَحَدُ الهُنَينين هُنَين ، وتكبير تصغيره هَنٌ ، ثم يخفف فيقال : هَنٌ. قال أبو الهيثم : وَهَنٌ : كناية عن الشيء يُستفحش ذكره ، تقول : لها هَنٌ ؛ تريد : لها حِرٌ ؛ كما قال العماني :
لها هَنٌ مُسْتَهْدَفُ الأركَانِ |
أَقْمَرُ تَطْلِيِهِ بِزَعْفَرَانِ |
|
كأنَّ فيه فِلَقَ الرُّمَّانِ |
فكنَّى عن الحِرِ بالَهنِ ، فافهمه.
قلت : وأهمل الليث حروفاً من مضاعف هن ، فلم يذكر منها شيئاً ؛ فمنها ما أقرأني الإياديّ عن شمر لأبي عبيد عن الأصمعيّ ، قال : الهُنَانَةُ : الشحمة. قال : وقال شمر : يقال : ما بالبعير هُنانة ؛ أي : ما به طِرْقٌ ؛ وأنشد قول الفرزدق :
أَيُفَاتشُونَكَ والعِظَامُ رقيقةٌ |
والمُخُّ مُمْتَخَرُ الهُنَانَةِ رارُ |
قال شمر : وسمعت أبا حاتم يقول : حضرت الأصمعيّ ، وسأله إنسان عن قوله : ما ببعيري هَانّة وهُنانة ، فقال : إنما هو هُتَاتة بتاءين. قال أبو حاتم ، فقلت : إنما هو هانَّة وهُنَانَةٌ ، وبجنبه أعرابي ، فسأله ، فقال : ما الهُتاتة؟ فقال : لعلّك تريد الهُنَانَة ، فرجع إلى الصواب ، قلت : وهكذا سمعته من العرب ، الهُنانة بالنون ، للشحم. وقال غيره : يقال : هَنَ وحَنَّ وأَنَّ ؛ وهو : الهَنِينُ والحَنِينُ والأَنِينُ ، قريب بعضُها من بعض ؛ وأنشد :
لَمَّا رأى الدَّارَ خَلاءً هَنَّا
بمعنى حنّ ؛ أي : بكى ، يقال : هَنَ الرجل يهن : إذا بكى ؛ أي : حن ، أو أنّ ، ويقال : الحنين أرفع من الأنين ؛ وقال الآخَرُ :
لا تَنْكِحْنَ أبداً هَنّانَهْ |
عُجَيِّزاً كأنَّها شَيْطَانَهْ |
يريد بالهنَّانة التي تبكي وتَئِنّ. أبو عبيد عن أبي عمرو : يُقَال : اجْلِس هَهُنَا ؛ أي : قريباً ، وتنحَ ههنا ؛ أي : أبعد قليلاً. قال : وهَهُنَّا أيضاً ، تقوله قيس وتميم : قلت : وسمعت جماعة من قيس يقولون : اذهب هاهُنَّا ، بفتح الهاء ، ولم أسمَعْها بالكسر من أحد ؛ أنشد ابن السّكِّيت :
حنَّتْ نَوَارُ ولاتَ هَنَّا حَنَّتِ |
وَبَدا الذي كانت نوارُ أَحنَّتِ |
أي : ليس ها هُنَا موضعُ حَنِينٍ ، ولا في موضع الحنين حنَّتْ ؛ وأنشد لبعض الرّجاز :
لما رأيْتُ مَحْمِلَيها هَنّا |
مُحَذرين كِدْتُ أَن أُجَنَّا |
قوله : هَنّا ؛ أي : ها هنا ، يغلط به في هذا الموضع. سلمةُ عن الفرّاء قال : من أمثالهم : «هَنَّا وهَنَّا عن جمال وَعْوعَهْ» ، قال هذا مثل ، كما تقول : كلُّ شَيْءٍ ولا وجَعُ الرأس ، وكل شيء ولا سيفُ فراشةَ. قال أبو المفضّل ، وقال أبو الهيثم : تقول العرب : هَنَّا وهنَّا عن جمال وَعْوعَهْ ، يقول : إذا سَلِمْتُ أو سلم فلان لم أكترث لغيره. قال : والعرب تقول إذا أردت البعد : هَنّا وها هَنّا وَها هَنَّاك. وإذا أردت القرب ، قلت : هُنَا وها هُنَا ، وتقول للرجل الحبيب : ها هُنَا وهنا ؛ أي : اقترب وادْنُ ، وفي ضده للبغيض : ها هَنّا وهَنّا ؛ أي : تنحَّ بعيداً ؛ وقال الحطيئة يخاطب أمّه
فها هَنّا اقعدي عني بعيداً |
أراح اللهُ منْكِ العالمينا |
وقال ذو الرُّمَّة يذكر مفازة بعيدة الأرجاء :
هَنّا وهَنّا وَمِنْ هَنّا لَهُنَّ بها |
ذاتَ الشمائلِ والأيمان هَيْنُومُ |
وقال شمر : أنشدنا ابن الأعرابيّ للعجّاج :
وكانتِ الحياةُ حين حيّت |
وذِكْرُها هَنَّتْ فلاتَ هَنَّتِ |
قال : أراد هَنَّا وهَنَّه ، فصيّره هاء للوقف ، فلان هنت ؛ أي : ليس ذا موضِعَ ذاك ولا حينَه ؛ ومنه قول الأعشى :
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرَةَ أم مَنْ |
جاءَ مِنها بِطَائِفِ الأَهوالِ |
ورواه ابن السّكِّيت
«وكانت الحياة حين حُبَّت»
يقول وكانت الحياة حين يُحَبّ ، وذِكْرُها هَنَّت ، يقول : وذكر الحياةَ هُناك ولا هُناك ؛ أي : لِلْيأْس من الحياة. وقال : وتمدح رَجُلاً بالعطاء هَنَّا وهَنَّا وعلى المَسْجُوح ، أي : يُعطي عن يمين وشمال وعلى المسجوح ؛ أي : على القَصْد ؛ وقال ابن أحمر :
ثم ارتمينا بقولٍ بينَنَا دُوَلٍ |
بين الهَنَاتَيْنِ لا جِدًّا ولَا لَعِبَا |
يريد ؛ هُنَ وهُنَ ، ودول مرة مِنّي ومرة مِنْها ، وتمام تفسير لات هَنَّا في معتل الهاء ، لأن الأقرب عندي أنه من المعتل.
نه : قال الليث وغيره : النَّهْنَهَةُ : الكفّ.
تقول : نَهْنَهْتُ فلاناً : إِذا زجرَته ؛ وأنشد :
نَهْنِهْ دُمُوعَكَ إِنَّ مَنْ |
يَغْتَرُّ بالحَدَثَانِ عَاجِز |
قلت : والأقرب فيه أن أصل نَهْنه النَّهْيُ ، فكرر على حد المضاعف. أبو عبيد عن الأحمر : النَّهْنَهُ والنَّهْلَهْ : الرقيق النسج.
باب الهاء والفاء
[هف]
هف ، فه : مستعملان.
هف : في «النوادر» : تقول العرب : ما أَحْسَنَ هِفَّةَ الورَق ورِقَّتَه ، وهي إِبْرِدَتُه ، وظِلٌ هَفْهَافٌ : بارد. وقال الليث : الهَفِيفُ : سرعة السير ؛ وقال ذو الرُّمَّة :
إذا ما نعسنا نَعْسَةً قُلْتُ : غَنِّنا |
بِخَرْقاءَ ، وارْفَعْ من هَفِيفِ الرَّوَاحِلِ |
قال : وقد هفَ يَهِف هَفِيفاً. قال وموضع من البَطِيحةِ كثير القَصْبَاء فيه مُخْتَرَق للسُّفُن يقال له : زُقاق الهَفَّةِ. ويقال للجارية الهيفاءِ : مُهَفّفَةٌ ومُهَفْهَفَةٌ ؛ وهي : الخَمِيصةُ البطنِ ، الدقيقة الخَصْر ؛ وقال امرؤ القيس :
مُهَفْهَفَةٌ بيضاء غَيْرُ مُفَاضَةٍ
ورُوي عن علي رضي اللهُ عنه أنه قال في تفسير قول اللهِ جلّ وعزّ : (أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ) [البَقَرَة : ٢٤٨] قال : لها وجهٌ كوجْهِ الإنسان ، وهي بعدُ ريحٌ هفّافة ، يقال ريح هفَّافَةٌ ؛ أي : سريعة المَرِّ في هبوبها ، وجناح هفَّافٌ : خفيفُ الطيران ؛ وقال ابن أحمر يصف الظليم :
ويَلْحَفُهُنَ هفَّافاً ثَخِينَا
أي : يُلبسهن جناحاً ، وجعله ثَخيناً لترَاكُب الريش. ورجل هَفَّافُ القميص : إذا نُعِتَ بالخفّة ؛ وقال ذو الرُّمَّة في لغْزيَّاتِه :
وأَبْيَضَ هَفَّافِ القَميصِ أَخَذْتُهُ |
فجِئْتُ بهِ للقَومِ مُغْتصَباً قَسْرَاً |
أراد بالأبيض قلباً تغشَّاه شحْمٌ أبيض ، وقميص القلب : غِشاؤُه من الشحم ، وجعله هفَّافاً لرقته. ويقال : شُهْدَةٌ هِفَّةٌ : ليس فيها عسل ، وَغَيْمٌ هِفٌ : لا مَاءَ فيه ؛ وأما قول مزاحم :
كَبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ بِوعْسِ خَمِيلَةٍ |
يُهَفْهِفُهَا هَيْقٌ بِجُؤْشُوشِهِ صَعْلُ |
فمعنى يُهفهفها ؛ أي : يُحَرِّكُها ويَدْفَعُها لتُفْرِخَ عن الرَّأْل. ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الهَفُ : الهَازِبَا ، واحدته هَفَّةُ ، قال : وقال الأصمعيّ : هو الهِفُ ، بالكسر ، وقال عمارة : يقال للهَف : الحُسَاسُ. والهازِبَا : جِنْسٌ من السمك معروف.
وقال ابنُ الأعرابيّ : هَفْهَفَ الرجل : إذا كان مَمْشوق البدن ، كأنَّه غُصْنٌ يميد. أبو عبيد عن أبي عمرو : اليَهْفُوف : الحديدُ القلبِ. واليأْفُوفُ : الخفيف السريع. قال : وقال الفرَّاء : اليَهْفُوف : الأحمق. قلت : وكلّه من الخِفَّة.
فهّ : قال الليث : الفَهُ : الرجل العَييُّ عن حجته ، وامرأة فهَّةٌ. وقد فهِهْتَ يا رجل تَفَهُ. ورجل فَهٌ فَهيهٌ. أبو عبيد عن أبي زيد قال : الفَهُ : العَيِيُّ الكليلُ اللسان ؛ يقال منه : جئتُ لحاجةٍ فأفهَّنِي عنها فلان حتى فُهِهْتُ : إذا نسَّاكها. وقال ابن الأعرابيّ : أفهَّني عن حاجتي حتى فَهِهْتُ فَههَاً ؛ أي : شغَلني عنها حتى نسيتُها. قال : وفَهْفَهَ الرجلُ : إذا سقط من مرتبة عاليةٍ إلى سُفْلٍ. وفي حديث أبي عبيدة بن الجرّاح أنه قال لعمر حين قال له : ابسُط يدك أُبَايِعْك : ما رأيت منك فَهَّةً في الإسلام قَبْلَها ، أتبايعني وفيكم الصدّيقُ (ثانِيَ اثْنَيْنِ)؟ قال أبو عبيد : الفَهَّة : مثل السَّقْطَةِ والجَهْلَةِ. ورجل فَهٌ وفَهِيهٌ ؛ وأنشد :
فلم تَلْقَنِي فَهًّا ولَمْ تُلْفِ حُجَّتِي |
مُلَجْلَجةً أبغي لها من يُقِيمُها |
وقال شمر : قال ابن شميل : فَهَ الرجلُ في خُطْبته وحجَّتِه : إذا لم يَبْلُغْ فيها ولم يُشِفها. وقد فهِهْتَ في خطبتك فَهَاهَةً. قال : وأتيت فلاناً فبيَّنْتُ له أمري كله إلَّا شَيْئاً فإنِّي فهِهْتُه ؛ أي : نسيتهُ.
باب الهاء والباء
[هب]
هب ، به : [مستعملان].
هب : قال الليث : يقال : هَبَّت الريح تَهب هُبُوباً ، والنائم يَهُبُ هَبًّا. والسيف يَهُبُ ؛ إذا هُزَّ ، هَبَّةً. قال : والتيس يَهِبُ هَبِيباً للسِّفاد ، والنَّاقَةُ تهِب هِباباً. وقال الأصمعيّ : هبَّت الريح تَهُبُ هُبُوباً وهَبِيباً. وهبّ النائم يَهُب هُبُوباً. وهب التَّيْسُ يَهِب هِباباً : إذا هاج. وهبَ السيفُ هَبَّةً : إذا قَطَع ، وإنَّه لذو هَبَّةٍ : إذا كانت له وقْعَةٌ شديدة. يقال : احذَرْ هَبَّةَ السيف. وثَوْبٌ هَبَايِبُ وخَبَايِبُ ، بلا همز فيهما : إذا كان متقطّعاً. والهِبابُ : النَّشَاط. وقال شمر : هَبَ السيفُ : قَطَع. وأهبَبْتُ السيفَ : إذا هزَزْتَه ، فاهْتَبَّه وهَبَّهُ : إذا قطعه. قال : وهبَبْتُ الثوبَ : حزقته ، فتهبّب ؛ أي : تخرّق. وثوب أَهْبَابٌ ؛ أي : قِطَعٌ ؛ وقال أبو زُبَيْدٍ :
على جَنَاجِنِه مِنْ ثَوْبِه هِبَبٌ
أبو عبيدة عن يونس يقال : هَبّ فلانٌ حِيناً ، ثم قَدِم ؛ أي : غاب دهْراً ، ثم قَدِم. وأين هبَبْتَ عنّا؟ أي : غِبْتَ عنّا. أبو زيد : غَنِينا بذلك هَبَّةً من الدهر ؛ أي : حِقْبَةً. وروى النضر بن شميل حديثاً ، بإسناد له عن رَغْبانَ ، قال : لقد رأَيْتُ أصحابَ رسول اللهِ صلىاللهعليهوسلم يَهُبُّون إليهما ، كما يَهُبُّونَ إلى المكتوبة ؛ يعني الرَّكْعتَيْن قبْل المغرب. قال النضر : قوله يَهُبُّون إليهما ؛ أي : يَسْعَوْن. أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : هَبَ فلانٌ : إذا نُبِّهَ ، وهَبَ : إذا انْهزَمَ. عمرو عن أبيه قال : هَبْهَبَ : إذا زجر ، وهَبْهبَ : إذا ذَبَح ، وهبْهَبَ : إذا انْتَبَه. ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الهَبْهبِيُ : القَصَّاب ؛ قال الأخطل :
على أَنَّها تَهدِي المَطِيَّ إذا عَوَى |
من الليلِ مَمْشُوقُ الذّرَاعينِ هَبْهَبُ |
أراد به : الخفيفَ من الذئاب. وناقةٌ هَبْهَبِيَّة : سريعة خفيفة ؛ قال ابن أحمر :
تَمَاثِيلَ قِرْطاسٍ على هَبْهَبيَّةٍ |
جلا الكُورُ عن لَحْمٍ لها مُتَخَدِّدِ |
قال : أراد بالتماثيل كُتباً يكتبونها. وقال الليث : هَبْهَبَ السرابُ هَبْهَبَةً : إذا ترقرق. قال : والهَبْهَابُ : اسم من أسماء السَّرَابِ. قال : ولُعْبةٌ لصبيان الأعراب يسمونها : الهَبهَاب. قال : والهَبْهَبِيُ : تَيْسُ الغنم ، ويقال : بَلْ رَاعِيها ؛ وأنشد :
كأنَّهُ هَبْهَبيُ نامَ عَنْ غَنَمٍ |
مُسْتَأْوِرٌ في سَوَادِ الليلِ مَذْءُوبُ |
به : عمرو عن أبيه قال : بَهَ : إذا نَبُلَ وزاد في جاهه ومنزلته عند السلطان. وهَبَّ : إذا انْتَبه. وقال ابن المظفر : البَهْبَهُ : من هدير الفحل ؛ وأنشد :
برَجْسِ بَعْبَاعِ الهَدِير البَهْبَهِ
ويقال للأبَحِّ : أبَهُ. وقال ابن السّكِّيت : قال الأصمعيّ : بَخْ بَخْ ، وبَهْ بَهْ للشيء يُتَعَجَّبُ مِنْهُ ؛ وأنشد :
مَنْ عزَانَي قال : بَهْ بَهْ |
سِنْخُ ذَا أَكْرَمُ أَصْلِ |
شمر : قال المفضّل الضَّبيّ : يقال إن حوله من الأصوات البَهْبَه ؛ أي : الكثير ؛ قال رؤبة :
برَجْسِ بَخْبَاخ الهَدِيرِ البَهْبَهِ
قال : وقال ابن الأعرابيّ : في هديره بَهْبَهٌ وبَخْبَخٌ. والبعير يُبَهْبِهُ في هديره. وقال غيره : يقال للشيء إذا عُظِّم : بَخْبَخٌ وبَهْبَهٌ.
باب الهاء والميم
[هم]
هم ، مه : [مستعملان].
هم : قال الليث : الهَمُ : ما هممت به من أمر في نفسك. تقول : أهمَّنِي الأمر. والمُهِمَّاتُ من الأمور : الشدائِد. قال : والهَمُ : الحُزْن. والهِمَّةُ : ما همَمْتَ به من أمر لتفعله. وتقول : إنَّه لعظيم الهِمَّة ، وإنّه لصغير الهِمّة. قال : والهُمَامُ : من أسماء الملوك لِعظَم هِمَّتِه. وتقول : لا يَكَادُ ولَا يَهمُ كَوْداً ولَا هَمًّا ولا مَهَمّةً ولا مَكَادَةً. قال : والهَمِيمُ : دبيب هَوَامِ الأرض. والهوامُ : ما كان من خَشَاش الأرض ، نحو العَقارب وما أشبهها ، الواحدة هَامَّةٌ ؛ لأنها تَهُمّ أَنْ تَدِبّ. وروى سُفْيان عن منصور عن المِنْهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أنه كان يُعَوِّذُ الحسن والحسينَ : أُعِيذُكُمَا بكلمات الله التامَّةِ ، من شَرّ كُلّ شيطانٍ وهَامَّة ، ومن شرّ كلّ عينٍ لامَّة. ويقول : هكذا كان إبراهيمُ يعوِّذ إسماعيل وإسحاق صَلى اللهُ وسلّم عليهم أجمعين. قال شمر : الهَامَّةُ ، واحدةُ الهَوامِ ، والهوامُ : الحيَّاتُ ، وكلُّ ذي سم يقتلُ سمُّه. وأما ما لا يَقْتُل ويَسُمّ فهي السَّوامُّ ، مشدَّدةَ الميم ، لأنها تَسُمّ ولا تبلغُ أن تقتلَ ، مثل الزنبورِ والعقربِ وأشباهِها. قال : ومنها القَوَامُّ ، وهي أمثال القنافد والفأر واليرابيع والخَنَافِس ، فهذه قَوَامُّ ، وليست بهوامَ ولا سَوَامَّ. والواحدة من هذا كله هامّةٌ وسامّة وقامَّة. قلت : وتقع الهامّة على غير ذوات السم القاتل. ألا ترى أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لكعب بن عُجْرَة : «أيؤذيك هوامُ رأسك»؟ أراد بها القملَ ، وسمّاها هوامّ ، لأنها تَدِبُّ في الرأس والجسد ، وتهُمُ مثلُه. ويقال ما رأيت هامّةً أكرمَ من هذه الدابَّة ، يعني : الفرس. ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال : هَمّ : إذا أُغْلِيَ. وهَمّ : إذا غَلَى. وأخبرني المنذري عن أبي العباس ثعلب : أَنَّه سئل عن قول اللهِ جلّ وعزّ : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) [يوسف : ٢٤] ، فقال : همَّتْ زَلِيخَا بالمعصية مُصِرَّةً على ذلك ، وهمَ يوسفُ بالمعصية ولم يَأْتِها ولم يُصِرَّ عليها ، فبين الهَمَّتين فرقٌ. وقال ابن بُزُرْج : الهامّةُ : الحيَّة ، والسامَّة : العقربُ. يقال للحية قد همّت الرجلَ ، وللعقربِ قد سمّتْه. وقال الليث : الانْهِمَامُ : الانهضام في ذوبان الشيء واسترخائه بعد جُمودِه وصلابَتِه ، مثلُ الثلج إذا ذاب تقول : قد انْهَمّ ، وانهمَّت البقول : إذا طُبِخَت في القِدْر. قال : والهَامُومُ ، من الشحم : كثيرُ الإهَالَةِ. وقال ابن الأعرابيّ : الهَامُومُ : ما يسيل من الشَّحْمَة إذا شُوِيَتْ ، وكل شيء ذائبٍ يسمى هَامُوماً ؛ وأنشد :
وانْهمَ هامُومُ السَّدِيفِ الواري
قال : ويقال : هَمَّك ما أَهَمَّك : أي : أَذَابَكَ ما أَذَابك. ويقال : أَهَمَّك ما أقْلَقَك. وهمّت الشمسُ الثلجَ : أذَابَتْه. قال ويقال : ما رأيت هامّةً قطُّ أكرَم منه ، الميمُ مشدّدة ، يقال هذا للبعيرِ وللفرَسِ ، ولا يقال لغيرهما. وقال أبو عبيد في باب قلة اهتمام الرجل بشأن صاحبه : هَمُّك ما همَّك ، ويقال : هَمُّكَ ما أَهَمَّك. جعل ما نَفْياً في قوله : ما أهَمّك ؛ أي : لم يُهِمَّك. ويقال : معنى ما أهَمَّك؟ أي : ما أحْزَنَك؟ وقيل : مَا أَقْلَقَك؟ وقال ابن السّكِّيت : الهمُ ، من الحُزْنِ. والهمُ مصدر هَمَ الشحمَ يَهُمُّه هَمًّا : إِذا أذابه ؛ وأنشد :
يُهَمُ فيه القومُ هَمَ الحَمِ
والهَمُ ، مصدر : هَمَمْتُ بالشيء هَمًّا.
والهِمُ : الشيخ البالي ؛ وأنشد :
وما أنا بالهِمِ الكبيرِ ولا الطِّفْلِ
أبو العباس عن ابن الأعرابي يقال : هِمَ لنفسك ولا تَهِمَ لهؤلاء ؛ أي : اطلب لها واحفَلْ. سلمة عن الفرّاء : ذهبت أَتَهَمَّمُهُ : أنظر أين هو؟ وقال أبو عبيد عن الفرّاء : ذهبْتُ أتهمَّمُهُ ؛ أي : أطلبه. وقال أبو عبيد : التَّهمِيمُ : المطر الضعيف ؛ ومنه قول ذي الرُّمَّة :
من لَفْحِ سَارِيَةٍ لَوْثَاءَ تَهْمِيمُ
ابن السّكِّيت عن أبي عمرو : الهَمِيمَةُ من المطر : الشيء الهيّن. وهُمَامُ الثلج : ما سال من مائِه ، إذا ذاب ، وقال أبو وجزة :
نواصح بين حَمَّاوَيْنِ أَحْصَنَتَا |
مُمنَّعاً كهُمَامِ الَّثلْجِ بالضَّرَبِ |
أراد بالنَّواصحِ : الثَّنَايا البيضَ. ويقال : هَمَامِ بكذا ؛ أَي : هُمَ به ، مثل نَزَالِ. أبو عبيد عن الأَمويّ : يقال : لا هَمَامِ ؛ أي : لا أَهُمُ ، وقال الكميت :
عادِلاً غيرَهم من النَّاس طُرَّا |
بِهِم لا هَمَامِ لي لا هَمَامِ |
ويقال : هَمَ اللبنَ في الصحن : إذا حلبه.
وانهَمَ العَرَق من جبينه : إِذا سال. وقال اللحياني : سمعت أعرابيًّا من بني عامر يقول : نقول إذا قِيلَ لنا : أبَقِيَ عندكم شيءٌ؟ فنقول : هَمْهَامِ يا هذا ؛ أي : لم يَبْقَ شيءٌ. وقال العامري : قلت لبعضهم : أبقي عندكم شيء؟ قالوا : هَمْهَامِ وحَمْحَامِ ومَحْمَاحِ وبَحْبَاحِ ؛ أي : لم يبق شيء ؛ وأنشد :
أَوْلَمْتَ ياخِنَّوْتُ شَرَّ إيلامْ |
في يومِ نَحْسٍ ذي عَجْاجٍ مِظْلَامْ |
|
ما كان إِلّا كاصْطِفان الأقدامْ |
حتى أتيناهم فقالوا : هَمْهَامْ |
أي : لم يبق شيء. وقال الليث : الهَمْهَمَةُ : تردُّدُ الزئير في الصدر من الهمّ والحُزْن. والهَمْهَمَةُ : نحوُ أصواتِ البقر والفِيَلة وأشباهِ ذلك. ويقال للقصب إذا هزته الريح : إنه لَهُمْهُومٌ. ويقال للحمار إِذا ردّد نَهِيقَه في صدره : إنه لَهَمْهيمٌ ؛ قال ذو الرُّمَّة :
خَلَّى لها سِرْب أُولَاها وهيَّجَهَا |
مِنْ خَلْفِها لاحِقُ الصُّقْلَيْن هِمْهِيمُ |
وهَمْهَمَ الرّعْدُ : إذا سمعتَ له دوِيًّا. وهَمْهَم الأسد ، وهَمْهَمَ الرجلُ : إذا لم يَبِن كَلَامُه. وفي حديث مرفوع «أحب الأسماء إلى اللهِ عبد اللهِ وهَمَّامٌ» ، لأنه ما من أحد إلا ويَهُمُ بأمر من الأمور : رشد أَوْ غَوَى. ويقال : هو يَتَهَمّمُ رأسَه ؛ أي : يَفْلِيه ؛ وقال الراعي ، في الهَمَاهِمِ ، بمعنى الهموم :
طَرَفاً فتِلكَ هَمَاهِمِي أَقْرِيهِما |
قُلُصاً لَوَاقِحَ كالقِسِيِّ وحُولَا |
عمرو عن أبيه : الهَمُوم : الناقة الحسنة المِشْيَةِ ، والقِرْوَاحُ التي تَعَافُ الشرب مع الكبار ، فإذا جاء الدَّهْدَاهُ شرِبَتْ مَعَهُنّ.
مه : قال الليث : المَهْمَهُ : الخَرْقُ الأملس الواسع. وقال ابن شميل : المَهْمَهُ : الفلاة بعينها ، لا ماءَ بها ولا أَنِيس. وأرض مَهَامِهُ : بعيدة. وقيل : المَهْمَهُ : البلد المُقْفِرُ ، ويقال : مَهْمَهَةٌ ؛ وأنشد :
في شبهِ مَهْمَهةٍ كأَنَّ صُوَيَّها |
أَيْدِي مُخالِعةٍ تَكُفُّ وتَنْهَدُ |
وقال الليث : مَهْ : زجْرٌ ونهي. وتقول : مَهْمَهْتُ ؛ أي : قلت له : مَهْ مَهْ. وأما مَهْمَا ، فإن النحويين زعموا أن أصل مهما : ماما ، ولكن أبدلوا من الألف الأولى هاء ليختلف اللفظ. ف (ما) الأولى هي ما الجزاء ، وما الثانية هي التي تزاد تأكيداً لحروف الجزاء مثل أينما ومتى وكيفما ، والدليل على ذلك أنه ليس شيء من حروف الجزاء إلّا و «مَا» تزاد فيه. قال اللهُ : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ) [الأنفَال : ٥٧] الأصل إن تثقفهم : وقال بعض النحويين في مهما : جائز أن يكون مَهْ ، بمعنى الكَفّ ، كما تقول مَهْ ؛ أي : كُفّ ، وتكون ما للشرط والجزاء ، كأنهم قالوا : اكْفُفْ ، ما تأتنا به من آيةٍ ، والقول الأول أَقْيَس ، قال أبو بكر بن الأنباري في مهما : قال بعضهم : معنى مَهْ : كُفّ ، ثم ابتدأ مُجازِياً وشارطاً ، فقال : ما يكن من الأمر فإني فاعل ، فَمَهْ في قوله منقطع مِنْ «ما» ، وقال آخرون في مهما يكن : ما يكن ، فأرادوا أن يزيدوا على «ما» التي هي حرف الشرط «ما» للتوكيد كما زادوا على إن ما ؛ قال اللهُ : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ) [الزّخرُف : ٤١] ، فزاد ما للتوكيد ، وكَرِهوا أن يقولوا «مَا ، مَا» لاتّفاق اللفظين فأبدلوا ألفها هاء ليختلف اللفظان ، فقالوا : «مهما» ، قال : وكذلك «مَهْمَنْ» ، أصله «مَنْ مَنْ» ؛ وأنشد الفرّاء :
أمَاوِيَّ مَهْمَنْ يَسْتمِعْ في صَدِيقه |
أَقَاوِيلَ هذا الناس ، ماوِيَّ يَنْدَمِ |
وأخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ مهما لي :
مَهْمَا لِيَ الليلَةَ مَهْمَا ليَهْ |
أَوْدَى بِنَعْلَيَّ وسِربَالِيَهْ |
قال : مهما لِي ، ومَا لِي واحِدٌ. وقال أبو سعيد : يقال : مَهْمَهْتُه فَتَمَهْمَهَ ؛ أي : كففتُه ، فكَفَّ. وقال ابن السّكِّيت : تقول للرجل : مَهْ ، فإن وصلْتَ ، قلت : مَهٍ مَهْ. وكذلك صَه ، فإن وصلت قلت : صَهٍ صَهْ. ابن بُزُرْج : يقال : ما في ذلك الأمر مَهْمَهٌ : وهو الرجا ، ويقال مَهْمَهْتُ منه مَههَاً. ويقال : ما كان لك عند ضَرْبِكَ
فلاناً مَهَهٌ ، ولا رويّة. أبو عبيد عن الأحمر والفّراء : كل شيء مَهَهٌ ومَهَاهٌ. ما النساءَ وذكرَهُنّ ، معناهما حَسَنٌ يسيرٌ إلّا النساءَ. فنصب على هذا. والهاء من مَهَةٍ ومَهَاهٍ ، ثابتةٌ ، كالهاء من مِيَاهٍ وشفاهٍ ؛ وقال عِمران بن حِطّان :
فليس لِعَيْشِنَا هذا مَهَاهٌ |
وليستْ دَارُنَا الدُّنيَا بدَارِ |
والحمد لله وحده.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أبواب الثلاثي الصحيح من حرف الهاء
[باب الهاء والخاء]
ه خ ب
هبخ : قال الليث : أهملت الهاء مع الخاء في الثلاثي الصحيح. إلا قولهم : جارية هَبَيّخَةٌ ؛ وهي : التَّارّةُ. قال ؛ وكل جارية بالحِمْيريّة : هَبَيّخَةٌ. قال : والهبيَّخَى : مِشْيَةٌ في تبختر ؛ وأنشد :
جَرَّتْ عليه الرّيحُ ذَيْلاً أَنْبَخَا |
جَرَّ العَرُوسِ ذيلَها الهَبَيَّخا |
ويقال : اهبيَّخَتْ في مشيها اهبِيّاخاً ، وهي تَهْبَيَّخُ. أبو عبيدة : الهبيَّخُ : الرجل الذي لا خير فيه. وفي «النوادر» : امرأة هَبَيَّخَةٌ ، وفتىً هَبَيَّخٌ : إذا كان مُخْصِباً في بدنه حَسَناً.
[أبواب الهاء والغين]
قال ابن المظفر قال الخليل بن أحمد : لا توجد الهاء مع الغين إلَّا في هذه الحروف وهي : الأهْيَغُ والغَيْهَقُ والهَيْنغ والغَيْهَبُ والهِلْيَاغُ.
فأمَّا الأهيغ فإنك ترى تفسيره في أول معتل الهاء.
[غهق] : وأمَّا الغيهق : هو النَّشَاط ، ويوصف به العِظَمُ والتَّرَارَةُ. وأخبرني المنذريّ عن الصيداوي قال : سمعت الرياشيّ يقول : سمعت أبا عبيدة ينشد :
كأنَّما بي من إِرَاني أَوْلَقُ |
وللشباب شِرَّةٌ وغَيْهَقُ |
|
ومَنْهَلٍ طَامٍ عليه الغَلْفَقُ |
يُنيرُ أَوْ يُسْدِي به الحذَرْنَقُ |
قال أبو عبيدة : الإران : النشاط ، والأوْلَقُ : الجنون ، والشّرّه النشاط ، وكذلك الغَيْهَقُ. قال : والغْلفَقُ : الطُّحلُب.
وقال ابن دريد : الغيْهَقُ : الطّويل من الإبل.
وقال النضر فيما حكى عنه أبو تراب : الغَوْهَقُ : الغراب ؛ وأنشد :
يتْبَعْنَ وَرْقَاءَ كلونِ الغَوْهَقِ
قلت : والثَّابِتُ عندنا لابن الأعرابيّ وغيره : العَوْهَقُ : العزاب بالعين. وقد مَرَّ في كتاب العين ولا أنكر أن تكون الغين فيه لغةٌ ، والله أعلم.
ه غ ل
[هلغ] : قال الليث : الهِلْيَاغُ : شيء من صغار السباع ؛ وأنشد :
وهِلْيَاغُها فيها معاً والغَناجِلُ
قلت : أما الهِلْيَاغُ فلم أسمعه إلا لِلّيث ، ولا أدري لمن هذا الشعر. وأما الغَنَاجِلُ ، فواحدها غُنْجُلٌ ، وهو عَنَاقُ الأرض ، بالغين والنون. وكان بعض أصحابنا رَوَى هذا الحرف العَثْجَلُ ، وهو عَناق الأرض وهو تصحيف ، والصواب : غُنْجُل.
ه غ ن
[هنغ] : قال الليث : الهَيْنَغُ : المرأة المانِغَةُ الضاحكة المُلاعبة ؛ وقال رؤبة :
قَوْلاً كَتَحْدِيثِ الهَلُوكِ الهَيْنغ
وهانَغْت المرأة : غازَلْتُها. أبو عبيد عن أبي زيد : يقال خَاضَنْتُ المرأة وهانَغْتُها : إذا غازلتَها ، وقرأت بخط شمر : امرأة هَيْنَغٌ : فاجرة ، وهَنَغَتْ : إذا فَجَرَتْ ، وأنشد بيت رؤبة.
ه غ ف
هفغ : قال ابن دريد : هَفَغَ يَهْفَغُ هُفُوغاً : إذا ضَعُفَ من جوع أو مرض. قلت لم أجده لغيره وَلَا أُحِقُّه.
ه غ ب
استعمل من وجوهه : غهب : هبغ.
هبغ : قال الليث وغيره : الهُبُوغُ : النوم ؛ وأنشد :
هَبَغْنَا بين أَذْرُعِهِنَّ حتى |
تَبَخْبَخَ حَرُّ ذي رَمْضَاءَ حَامِي |
أبو عبيد عن أبي زيد : هَبَغَ الرجل يَهْبَغُ هَبْغاً : إذا نام. وعن أبي عمرو : خَبَط مثلُ هَبَغَ.
غهب : قال الليث : الغَيْهَبُ : شدَّة سواد الليلِ والجملِ ونحوهِ. يقال : جَمَلٌ غَيْهَبٌ : مُظْلِمُ السواد ؛ وقال امرؤ القيس :
تلافَيْتُها والبُومُ يَدْعُو بها الصَّدَى |
وقد أُلْبِسَتْ أَقراطُها ثِنْيَ غَيْهَبِ |
شمر عن ابن الأعرابيّ : لَيْلٌ غَيْهَبٌ وغيهم. وقد اغْتَهَبَ الرجل : سار في الظُّلْمَة ؛ وقال الكميت :
فذاكَ شبَّهتهُ المُذَكَّرَةَ ال |
وَجْنَاءَ في البِيْدِ ، وهي تَغْتَهِبُ |
أي : تُباعِدُ في الظلم ، وتذهب. وقال اللحياني : أسودُ غيهَبٌ وغَيْهَمٌ ، وقاله ابن الأعرابيّ أيضاً. وقال شمر : الغَيْهَبُ ، من الرجال : الأسود ، شُبِّه بِغَيْهَب اللَّيل.
قال : والغَيْهَبُ : الذي فيه غفلة أو هَبْتَةٌ ؛ وأنشد :
حَلَلْتُ به وِتْري وأدْرَكْتُ ثُؤْرَتي |
إذا ما تَنَاسَى ذَحْلَهُ كلُ غَيْهَبِ |
وقال كعب بن جعيل يصف الظليم :
غَيْهَبٌ هَوْهَاةٌ مُخْتَلِطٌ |
مستعَارٌ حِلْمُه غَيْرُ دَئِلْ |
ورُوي عن عطاء : أَنَّه سئل عن رجُلٍ أَصَاب صيداً غَهَباً ، وهو مُحْرم ، فقال : عليه الجَزَاءُ. قال شمر : الغَهَبُ : أن يُصيبه غَفْلةٌ من غير تعمُّد ، يقال : غَهِبْتُ عن الشيء ، أَغْهَبُ عنه غَهَباً : إذا أغفلتَ عنه ونسيتَه ، ونحو ذلك قال أبو عبيد في
«كتابه» : أبو عبيدة : أشَدُّ الخيل دُهْمَةً ، الأدْهَمُ الغَيْهَبِيُ ؛ وهو : أشد الخيل سواداً ؛ والأنثى : غَيْهَبَةٌ ، والجميع غَياهِب. قال : والدَّجُوجِيُّ : دون الغَيْهَبِ في السواد ، وهو صافي لونِ السّواد.
ه غ م
استعمل من وجوهه : غهم ، همغ.
غهم : قال أبو الحسن اللحيانيّ : أَسْوَدُ غَيْهَمٌ وغَيْهَبٌ ؛ وهو : الشديد السواد.
همغ : قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : الهِمْيَغُ : الموت الوَحِيُّ المعجل ؛ وقال أسامة الهذليّ :
إذا وَرَدُوا مِصْرَهُمْ عُوْجِلُوا |
مِنَ المَوْتِ بالهِمْيَغِ الضَّاغِطِ |
وقال شمر : يقال : هَمَغَ رأسه وثَدَغَه وثَمغَه : إذا شَدَخَهُ. وفي «نوادر الأعراب» : انهدَغَتِ الرُطَبة وانثدغتْ وانثمغت ؛ أي : انْفَضَخَتْ حين سقطت.
وقال غيره : انهمَغَتْ ، كذلك.
أبواب الهاء والقاف
ه ق ك : مهمل.
ه ق ج : مهمل
ه ق ش
شهق : مستعمل قال الليث : الشهيق : ضِدُّ الزفير ، فالشهيق : رَدُّ النفس ، والزفير : إخراج النّفَس. قال : ويقول : شهَق يشهَق ويشهِق شهيقاً. وبعضهم يقول : شُهُوقاً. أبو عبيد عن أبي زيد : شهَق يشهَق ويشهِق ، كما قال الليث. وقال اللهُ جلّ وعزّ في صفة أهل النار (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) [هُود : ١٠٦]. وقال أبو إسحاق الزّجّاج : الزَّفير والشهيق : من أصوات المكْرُوبِين ، قال والزفير من شِدَّة الأنين وقبيحِه. والشهيق : الأنين الشديد المرتفع جدًّا. قال : وزعم أهلُ اللغة من البصريين والكوفيين أنَّ الزفير بمنزلة ابتداءِ صوت الحمار في النهيق ، والشهيق : بمنزلة آخرِ صوته في النهيق. قلت : وهكذا قال الفرّاء في تفسير هذه الآية ، وهو صحيح. واللهُ أعلم بما أراد. حدثنا محمد بن إسحاق ، قال حدثنا العباس الدُوريّ ، قال حدثنا عبيد اللهِ بن موسى ، قال حدثنا أبو جعفر الرازيّ عن الربيع : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) قال : الزَّفير في الحَلْقِ ، والشهيقُ في الصَّدْرِ. وقال ابن السّكِّيت : كُلُّ شيء ارْتَفَع وطال فقد شَهَق ؛ ومنه يقال : شهَق يشهَق : إذا تنفَّس نفساً عالياً ؛ ومنه الجَمَلُ الشاهق. وقال أبو عبيد : الشَّاهِقُ : الطويل من الجبال. وقال الليث : جَبَلٌ شاهِقٌ : مُمْتَنِعٌ طولاً ، والجمع شواهِقُ. وقال أبو زيد : يقال للرجل إذا اشتدَّ غضبُه : إنه لذو شَاهِقٍ ، وإنَّه لذو صَاهِلٍ. وفحل ذُو شاهِقٍ وذو صَاهِلٍ : إذا هاج وصال ، فسمعتَ له صوتاً يخرُج من جوْفِه. وقال الأصمعيُّ : شهِقَتْ عَين الناظر عليه : إذا أصابَتْه بعينٍ ؛ وقال مزاحم العُقَيْلي :
إذا شَهِقَتْ عينٌ عليه عَزَوْتُه |
لغَيرِ أبيه أو تَسنَّيْتُ رَاقِياً |
أخْبَرَ أنه فتح إنسانَ عَينهِ عليه فخشيت أن يصيبه بعيْنه ، قلت : هو هجِين لأرُدَّ عينَ الناظِر عنه إليه.
ه ، ق ض : مهملة.
ه ، ق ص : مهمل.
[باب الهاء والقاف مع السين]
ه ق س
استعمل من وجوهه : السَّهْوَق والقَهْوَس والسَّوْهق.
سهق ـ قهس : أخبرني الإياديّ عن شمر : أنه قال : السهوق والسوهق ، واحد. قال : وقال الفرّاء : رجل قَهْوَسٌ ؛ وهو : الطويل الضخم. وقال شمر : الألفاظُ الثلاثة بمعنى واحدٍ في الطول والضِخَم. والكلمة واحدةٌ إلا أنَّها قُدِّمت وأخِّرَتْ ، كما قالوا : عقاب عَبَنْقَاةُ وعَقَنْبَاةٌ. أبو عبيد عن أبي عمرو والفّراء ، قالا : السهوَقُ : الطويل. قال الفرّاء : والسهْوقُ : الكذّاب أيضاً. قال : والسهْوق ، من الرياح : التي تَنْسِجُ العَجَاج ؛ أي : تَسْفِي. وقال الليث : السَّهْوق : كل شيء تَرَّ وارْتَوى من سُوق الشجر ؛ وأنشد :
وَظيفٌ أَزَجُّ الخَطْوِ ريَّانُ سَهْوَقُ
أزجُّ الخَطْوِ : بَعِيدُ ما بَيْن الطرفين ، مقوَّسٌ. والسَّهْوَق : الكذّاب أيضاً.
باب الهاء والقاف مع الزاي
[ه ق ز]
هزق ، قهز ، زهق : مستعملة.
هزق : قال الليث : امرأة هَزِقَةٌ ومِهْزَاقٌ : وهي التي لا تستقر في موضع. وقال أبو عبيد : المِهْزَاقُ ، من النساء : الكثيرة الضَّحِك.
قال : وقال أبو زيد : أَهْزَق فلانٌ في الضحك وزَهْزَق ، وأَنْزَق : إذا أكثر منه.
ابن الأعرابيّ : زَهْزَقَ بالضحك وأنْزَقَ وكَرْكَرَ.
وفي «النّوادر» : زَهْزَقَ في ضحكه زَهْزَقَةً ودَهْدَق دَهْدَقَةً. وقال غيرُهم : الهَزَق : النَّشاطُ ، وقد هَزِق يهزَقُ هَزَقاً ؛ قال رؤبة :
وشَبّح ظَهْرَ الأرضِ رقَّاصُ الهَزَقْ
زهق : قال الليث : زَهَقَتْ نَفْسهُ وهي تَزْهَقُ ؛ أي : تذهب. وكل شيءٍ هَلَك وبَطَل فقد زَهَق. أبو عبيد عن الكسائي قال : زَهَقَتْ نَفْسُه وزهِقَتْ : لغتان. وقال أبو عبيدٍ قال أبو زيد : زَهَقَ فلانٌ بين أَيْدِينَا يَزْهَقُ زُهُوقاً : إذا سبَقَهم ، وكذلك زَهَقَ الدابّةُ : إذا سَمِن ، مثله. وزَهَقت نَفْسُه و (زَهَقَ الْباطِلُ) : ليس في شيءٍ منه زَهِقَ. وقال ابن السّكِّيت : زَهَقَ الفرسُ وزهَقَت الراحلة زُهوقاً : إذا سَبَقَتْ وتقدَّمَتْ. وزَهَق مُخُّه فهو زاهِقٌ : إذا اكتنز ، وهو زاهِقُ المخّ. قال : وزَهَق الباطلُ : إذا غَلَبَهُ الحقُّ ؛ وقد أَزْهَقَ الحقُّ الباطِلَ. وقال أهل التفسير في قوله : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ) [الإسرَاء : ٨١] أي : بَطُلَ واضْمَحلّ. وقال شمر : فرسٌ زَهَقَى : إذا تقدّم الخيل ؛ وأنشد :
على قَرا مِنْ زَهَقَى مِزَل
وفي حديث عبد الرحمن بن عوف : أنه تكلّم يوم الشُّورَى فقال : «إن حابِياً خيرٌ من زَاهِق» ؛ فالزّاهِقُ من السهام : الذي وَقع وَرَاء الهدف دون الإصَابةِ. والحابي : الذي زَحَف إلى الهَدَف. فأَخْبَرَ أَن الضعيفَ الذي يُصِيبُ الحقَّ خيرٌ من
القريِّ الذي لا يُصيبه ، وضرب الزاهِقَ والحَابيَ من السهام لهما مثلاً. وقال الليث : الزَّاهِقُ من الدوابّ : السّمينُ. قال : وقال بعضهم : الزاهِقُ : الشديد الهُزال الذي تجد زُهومةَ غُثُوثَةِ لحمه. قلت : هذا غلط ، إنما الزاهقُ : الذي اكتنز لحمه ومُخُّه ، كما قال ابن السّكِّيت. وقال غيره : وقال الليث : الزَّهَقُ : الوَهْدَةُ ، ربما وَقَعَتْ فيها الدوابُّ فهلكت ، يقال : انْزَهَقَتْ أيديها في الحُفَر ؛ وقال رؤبة :
كأنّ أيديهنَّ تَهوي في الزَّهَقْ
وقال غيره : معنى الزهَقِ : التقدُّم ، في بيت رؤبة. وقال الليث : الزَّهْزَقَةُ : ترقيصُ الأُمِّ الصبيَّ. والزّهْزَاقُ : اسم ذلك الفعل. والزَّهْزَقَةُ ، كالقَهْقَهَةِ أيضاً. أبو عُبَيْدَةَ : جاءت الخيلُ أَزَاهِقَ وأَزَاهيقَ ، وهي جماعاتٌ في تَفْرِقَةٍ ، ولا وَاحدَ لها من جنسها.
قهز : قال الليث : القِهْزُ والقَهْزُ ، لغتان : ضَرْبٌ من الثِّياب تتَّخذ من صوف كالمِرْعِزِيّ ، ربما خالطه الحرير. وقال أبو عبيد : القِهْزُ : ثياب بيض يخالطها حرير ؛ وقال ذو الرُّمَّة :
من الزُّرْقِ أو صُقْعٍ كأنَّ رُؤوسَها |
من القِهْزِ والقُوهِيِّ بيضُ المقَانِعِ |
وقال الراجز يصف حُمُرَ الوَحْش :
كأَنَّ لَوْنَ القِهْزِ في خُضُورها |
والتُبْطُرِيِّ البِيضِ في تَأْزِيزها |
ه ق ط : مهمل
[باب الهاء والقاف مع الدال]
ه ق د
قهد ، دهق ، هدق : [مستعملة]
قهد : قال الليث : القَهْدُ : من أوْلادِ الضّأْنِ يَضْرِبُ إلى البياض ، والجمع قِهَادٌ ، قال : ويقال أيضاً لِولَدِ البقرة الوحشية : قَهْدٌ ؛ وأنشد :
نَقُودُ جِيَادَهُنَّ وَنَفَتَلِيها |
ولا نَعْدُو التُّيوسَ ولا القِهَادَا |
وقال غيره : القِهَادُ : شاءٌ حجازية ؛ وأنشد الأصمعيّ :
أَتَبْكي أن يُسَاقَ القَهْدُ فيكم |
فَمَنْ يَبْكي لأهلِ السَّاجِسِيِ |
الساجسيَّة : غنم تكون بالجزيرة. شمر عن ابن شُميل : القَهْدُ : الصغير من البقر ، اللطيف الجسم. ويقال : القَهْدُ : القصيرُ الذّنَبِ ، قاله أبو عمرو. وقال المفضّل : قَهَدَ في مشيه : إذا قارب خَطْوَه ولم ينبسط في مشيه ، وهو من مشي القِصار. أبو عبيد : أَبْيَضُ يَقَقٌ وقَهْبٌ وقَهْدٌ ، وهو بمعنى واحد ؛ قال لبيد :
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَه
وصف بقرة وحشيّة أكل السبُع ولدَها فجعله قَهْداً لبياضه. ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : القَهْدُ : غنم سود تكون باليمن وهي الحَذَفُ. قال : والقَهْدُ : النَّرْجِسُ إذا كان جُنْبَذاً لم يتفتّح ، فإذا تفتح فهي التفاتيح والتّفاقيح والعيون.
دهق : قال الليث : الدّهَقُ : خشبَتان يُغْمَزُ بهما الساق. قال : وادّهقت الحجارة
ادِّهاقاً ؛ وهو شدَّةٌ تلازُمِها ، ودخول بعضها في بعض ؛ وأنشد :
يَنْصَاحُ من حَبْلَة رَضْمٌ مُدَّهِقْ
وقال الزّجَّاج في قول اللهِ جلّ وعزّ : (وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤)) [النّبَإ : ٣٤] قال : ملأى ، قال وجاء في التفسير أيضاً : صافية ؛ وأنشد :
يَلَذُّهُ بكأسِه الدِّهَاق
وقال غيره : أَدْهقْتُ الكَأْسَ إلى أَصْبَارِها ؛ أي : ملأْتُها إلى أعاليها. وقال الليث : أدْهقتها : شددت ملأها قال : والدَّهدقة : دَوَرَانُ البِضع الكثير في القِدْرِ إذا غَلَت ، تَراها تَعْلو مرة وتسفل أخرى ؛ وأنشد :
تَقَمُّصَ دَهدَاقَ البَضِيعِ كأنّه |
رُؤوسُ قَطاً كُدْرٍ دِقاقِ الحنَاجِرِ |
[ه ق ت : مهمل](١)
وقد أهملت الهاء والقاف مع الظاء والذال والثاء
باب الهاء والقاف والراء
[ه ق ر]
هرق ، هقر ، قهر ، قره ، رهق : مستعملات.
قهر : قال الليث : القَهْرُ : الغلبة والأخذ من فوق ، واللهُ القَاهِر القَهّار ، قَهَر خَلْقَه بقدرته وسلطانه ، فصرَّفهم على ما أراد طوعاً أو كرهاً. ويقال أُخِذ القومُ قَهْراً : إذا أُخِذوا دون رضاهم على سبيل الغلبة.
ابن السّكِّيت : قال الطائيّ : القَهِيرَةُ : محْضٌ يُلْقَى فيه الرَّضْفُ فإذا غَلَى ذُرَّ عليه الدقيق وَسِيطَ به ثم أُكل. وقال غيره : قَهَرْنا اللحمَ نَقْهَرُه : وذلك أول ما تأخذ فيه النارُ فيسيل ماؤه ؛ قال الشاعِر :
فلمَّا أَنْ تَلَهْوَجْنَا شِوَاءً |
به اللهَبَانُ مقْهُوراً ضَبِيحاً |
يقال : ضبَحتْه النار وضَبَتْه وقَهَرَتْه : إذا غيَّرته. أبو عبيد عن الكسائيّ : أقْهَرْنَا فلاناً : وجدناه مقهوراً ؛ ومنه قول المُخَبل :
تمنَّى حُصَيْنٌ أن يَسُودَ جِذاعَه |
فأَمْسى حُصَيْنٌ لو أُذلَّ وأُقْهِرا |
قال أبو عبيد : ورواه الأصمعيّ : قد أَذَلَّ وأَقْهرا ؛ أي : صَارَ أصحابُه أذِلَّاء مَقْهُورين.
قال شمر : قال أبو عمرو : القَهْقَرُ : الحجر الأمْلس ، وقال أبو خيرة : القَهْقَرُ والقُهَاقِر ، وهو ما سَهَكْتَ به الشيءَ.
قال : والقِهْرُ أعظم منه ؛ وقال الكميت :
وكأَنَّ خَلْفَ حِجَاجِها من رأسِها |
وأَمامَ مَجْمَع أَخْدَعَيْها ، القَهْقَرَا |
شمر عن أبي عبيدة قال : القهقَرُّ ، بتشديد الّراء ؛ قال الجعديّ :
بِأَخضَرَ كالقَهْقَرِّ يَنْفُضُ رأسَه |
أمامَ رِعالِ الخيلِ ، وهي تُقَرَّبُ |
__________________
(١) أهمله الليث.
وأخبرني الإياديُّ عن شمر أنه قال : القهقرُ ، بالتخفيف : الطعام الكثير الذي في الأوعية منضوداً ؛ وأنشد :
بَات ابنُ أدْمَاءَ يُسَامي القَهْقَرَا
قال شمر : والقَهْقَرُ : الطعام الكثير الذي في العَيْبَة. قال : والقُهَيْقِرَانُ : دُوَيْبَّة. أبو عبيد : القَهْقَرَى : التراجع إلى الخلف ، يقال : رجع فلانٌ القَهْقَرى : إذا رجع على عقبه وقد قَهْقَرَ : إذا فعل ذلك. ابن الأنباريّ : إذا ثنيت القَهْقَرى والخَوْزَلَى تُثَنّيه بإسقاط الياء ، فقلت القهْقَرانِ والخوزَلان ، استثقالاً للياء مع التثنية ، وياء التثنية. وقد جاء في حديث رواه عكرمةُ عن ابن عباس عن عمرو ، أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إني أُمسك بحُجَزكُمْ ، هَلُمَّ إلى النار ، وتَقَاحَمُونَ فيها تَقَاحُمَ الفَراشِ ، وتَرِدُونَ على الحوض ، ويُذْهَبَ بكم ذاتَ الشمال ، فأقول : يا ربّ ، أمَّتي! فيقالُ : إنهم كانُوا يمشونَ بعدك القَهْقَرى». قلت : معناه : الارْتِدَادُ عمّا كانوا عليه.
هقر : ثعلب عن ابن الأعرابي : الهقَوَّرُ : الطويل الضخم الأحمر. والهُقَيْرَة. تصغير الهَقْرَة ؛ وهو : وجع من أوجاع الغنم.
قره : قال الليث : القَرَهُ في الجسد كالقَلَح في الأسنان ؛ وهو : الوسخُ. والنعت : أَقْرَهُ وقَرْهَاءُ ومُتَقَرِّهٌ. ثعلب عن ابن الأعرابي : قَرِه الرجل : إذا تَقَوَّب جِلْده من كثرة القُوباء.
هرق : قال الليث : هَرَاقَت السماء ماءَها ، وهي تُهَرِيق. والماء مُهَرَاق ، الهاء في ذلك متحرّكة ، لأنها ليست بأصليَّةٍ ، إنما هي بدل من همزةِ أَرَاقَ. قال : وهَرَقْتُ مثلُ أَرَقْتُ. قال ، ومَن قال : أَهْرَقْتُ فهو خطأ في القياس. ومَثَل للعرب تخاطب به الغضبان : هَرِّق على خَمْرِكَ أو تَبَيَّنْ ؛ أي : تَثَبّتْ. ومثلُ هرقت ـ والأصل أرقت ـ قولهم : هَرَحْتُ الدابَّة وأَرَحْتُها ؛ وَهَنَرْتُ النار وأنرتها. وأمَّا لغة من قال أَهْرَقْتُ الماء فهي بعيدة. وقال أبو زيد : الهاء فيها زائدة ، كما قالوا أَنْهأْتُ اللحم ، والأصل أَنَأْتُه بوزن أَنَعْتُه. ويقال هَرِّق عنّا من الظهيرة ، وأَهْرِىء عنَّا من الظهيرة ، جعل القاف مبدلة من الهمز في أهرىء. وقال بعض النحويين : إنما قالوا : هَرَاق يُهَرِيق لأن الأصل في أَرَاق يُرِيق يُؤَرْيِق ؛ لأن أفعل يُفْعِل كان في الأصل يُؤَفْعِلُ فقلبوا الهمزة التي في يُؤَرِيق هاء ، فقيل : يُهَرِيق ، ولذلك حرِّكت الهاء. وقال الليث : يقال : مَطَر مُهَرَوْرِقٌ ودمع مُهَرَوْرِقٌ. عمرو عن أبيه : هو اليَمُّ والقَلَمَّسُ والنَوْفَلُ والمُهْرُقَانُ للبحر ، بضم الميم والرَّاء ؛ وقال ابن مقبل :
يمشِّي بهِ نُورُ الظِّبَاءِ كأنَّها |
جَنَى مُهْرُقَانٍ فاضَ باللّيل سَاحِلُهْ |
ومُهْرُقان معرّب أصله مَاهِي رُويان وقال بعضهم : مُهْرُقان مُفْعُلان من هرقت ؛ لأن ماء البحر يفيض على الساحل إذا مَدّ فإذا جزر بقي الوَدَعْ. والمُهْرَقُ : الصحيفة البيضاء يكتب فيها ، معرَّبٌ أيضاً ، أصله مُهْرَه كَرَّر ، قاله الأصمعيّ فيما روى عنه أبو عبيد ؛ وأنشد :
لآلِ أَسْمَاءَ مِثْلُ المُهْرَقِ البَالِي
وقال الليث : المُهْرَقُ : الصحراء الملساء.
قلت : وإنما قيل للصحراء مُهْرَقٌ تشبيهاً بالصحيفة الملساء ؛ وقال الأعشى :
ربِّي كريمٌ لا يكدِّرُ نِعْمَةً |
وإذا تُنُوشِدَ في المَهَارِقِ أنشدا |
أراد بالمَهَارق : الصحائف. وقال أبو زيد : يقال : هَرِيقُوا عنكم أوّلَ الليل فحمةَ الليلِ ؛ أي : انزلوا ، وهي ساعة يَشُقُّ فيها السير على الدوابّ حتى يمضي ذلك الوقت ، وهو ما بين العَشَاءين.
رهق : قال الليث : الرَّهَقُ : جهلٌ في الإنسان وخفَّةٌ في عقله ؛ تقول : به رهقٌ ، ولم أسمع منه فِعْلاً. قال : ورجلٌ مُرَهَّقٌ : موصوف بالرهق. قال : ورَهِقَ فلانٌ فلاناً : إذَا تَبِعَهُ فقَرب أن يلحَقَه. قال : والرَّهَقُ ، أيضاً : غشيان الشيءِ ، تقول : رهِقَه ما يكرَهُ ؛ أي : غشيه ذلك. قال اللهُ : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ) [يُونس : ٢٦] أي : لا يغشاها. أبو عبيد عن الأصمعيّ : في فلان رهَقٌ ؛ أي : يَغْشى المحارمَ. قال : وَأَرْهَقْتُ الرجل : أدْرَكْتُه ، ورهِقْتُه : غَشِيتُه. قال : والمُرَهَّقُ الذي يغشاه السُّؤالُ والضِّيفان. والمُرَهَّقُ ، أيضاً : المتَّهم في دِينه. وأرْهَق القوم الصلاة : إذا أخَّرُوها حتى يدنُوَ وقت الأخرى. أبو زيد : أرهَقْتُهُ عُسْراً : إذا كلَّفْتَه ذاك ، وأرهقْتُه إِثْماً حتى رهِقَه رهَقاً : أَدْرَكَه. وفي حديث أبي وائل : أنَّه صلّى على امرأةٍ كانت تُرَهَّقُ ؛ يعني : تُتَّهم وتُؤْبَنُ بشرٍّ ، ومنه رجل مُرَهَّق ، وفيه رَهَقٌ : إذا كان يُظَنّ به السوءُ ؛ وقال الشاعر :
كالكَوْكبِ الأزْهَرِ انشقَّتْ دُجُنَّتُه |
في الناسِ ، لا رَهَقٌ فيه ولا بَخَلُ |
سَلمة عن الفرّاء قال : رَهِقَنِي الرجل يرْهَقُني رَهَقاً ؛ أي : لَحِقَنِي وغَشِيني ، وأرهقْته : إذا أرهقته غيرَك. قال : والمُرْهَق : المحمولُ عليه في الأمر ما لا يطيق. وبه رَهَقٌ شديد : وهي العظمة والفساد. شمر قال ابن شميل : أَرْهَقَنِي القوم أن أصلّي ؛ أي : أَعْجَلُوني. وقال ابن الأعرابي : إنه لَرَهِقٌ نَزِلٌ ؛ أي : سريع إلى الشر ، سريع الحِدَّة ؛ وقال الكميت :
وِلَايةُ سِلَّغْدٍ أَلَفَّ كأَنَّه |
من الرَّهَقِ المَخْلُوطِ بالنُّوْكِ أَثْوَلُ |
وقال الشيباني : فيه رَهَقٌ ؛ أي : خِفَّة وحدّة. وإنه لَمُرْهَقٌ ؛ أي : فيه حدّة وسفه. وقال الزَّجَّاج في قول الله : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) [الجنّ : ٦] قيل كان أهْلُ الجاهليَّة إذا مرّت رُفقة منهم بوادٍ يقولون : نَعُوذُ بعزيز هذا الوادِي من مَرَدَة الجنّ ، (فَزادُوهُمْ رَهَقاً) ؛ أي : ذِلّةً وضعفاً. قال : ويجوز ـ واللهُ أعلم ـ أنّ الإنس الذين عَاذُوا بالجنّ زادهم الجنُ رَهَقاً ؛ أي : ذِلَّةً. وقال مجاهد في قوله : (فَزادُوهُمْ رَهَقاً) قال : طُغياناً. وقال قتادة : زَادُوهم إثماً. وقال الكلبيّ : زادُوهم غيًّا. وأما قوله جلّ وعزّ : (فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) [الجنّ : ١٣] فإنّ الفرّاء قال : معناه : لا يخاف بخساً ولا ظُلماً. قلت : الرَّهَقُ ، اسمٌ من الإرهاق ، وهو : أن يُحمَلَ عليه ما لا يطيقه. وقال الليث : يقال : أرهقْنَاهم الخيلَ فهم
يُرهَقون. قال : والمُراهِقُ : الغلامُ الذي قد قارب الحُلْم. قال ابن بُزُرْج ، يقال : جارية مُراهقَةٌ وغلام مُرَاهِقٌ ، ويقال جارية رَاهِقَة وغلام رَاهِقٌ ، وذلك ابنُ العشرة وإحدى عشرة ؛ وأنشد :
وفَتَاةٍ راهِقٍ عُلِّقْتُها |
في عَلاليَّ طِوالٍ وظُلَلْ |
قال : والرَّهَقُ : الكذب ، وأنشد :
حَلَفَتْ يميناً غيرَ ما رهَقٍ |
باللهِ ربِّ محمّدٍ وبِلَالِ |
وفي حديث سعد : أنه كان إذا دخل مكّة مُرَاهِقاً خرج إلى عرَفَة قبل أن يطوفَ بالبيت. قوله : مراهقاً ؛ أي : ضَاقَ عليه الوقْتُ حتى يخافَ فوتَ الوقُوف بعرفةَ في وقته. ويقال : هو يَعْدُو الرَّهَق ، وهو : أن يُسرِع في عدْوه حتى يُرْهِقَ الذي يطلُبه. ويقال : القوم رُهَاقُ مائة ، ورَهاق مائة ، كقولك زُهاء مائة ، وقُراب مائة. وقال النضر : الرَّهُوق : الناقة الوَسَاعُ الجَواد التي إذا قُدْتَها رَهِقَتْك حتى تكادَ أن تطأَكَ بخفها ؛ وأنشد :
وقلت لها : أرْخِي فأَرْخَتْ برأسِها |
غَشَمْشَمةٌ للقائدِينَ رَهُوقُ |
وقال أبو عمرو : الرَّهَقُ : الخفّة والعربدة ؛ وأنشد في وصف كَرْمَةٍ :
لها حَلِيبٌ كأنَّ المِسْكَ خالَطَه |
يَغْشَى النَّدامَى عليه الجُودُ والرَّهَقُ |
أراد عصير العنب. والرَّيهَقَانُ : الزعفران ، قاله أبو عبيدة. الأصمعيّ : يقال : رَهِقَه دَيْنٌ فهو يَرْهَقُه : إذا غشيه. وإنه لعطوفٌ على المُرْهَق ؛ أي : على المدْرَك. وقد أرهَقَ فلانٌ الصلاةَ : إذا أخرَّها حتى تكاد أن تدْنُوَ من الأخرى. ثعلب عن ابن الأعرابيّ : المُرهَّق : الفاسِد. والمُرَهّقُ : الكريم الجواد ؛ وقال ابن هَرمة :
خَيْرُ الرجالِ المُرَهَقّون كما |
خَيْرُ تِلَاعِ البِلادِ أَوْطَؤها |
وهم الذين يغشاهم الأضياف والسُّؤَّال.
باب الهاء والقاف مع اللام
[ه ق ل]
هقل ، قهل ، قله ، لهق : مستعملة.
قهل : قال الليث : القَهَلُ ؛ كالقَرَهِ في قَشَفِ الإنسان وقَذَر جلده. ورجل مُتقَهِّلٌ : لا يتعاهد جسده بالماء والنظافَةِ. قال : وأقْهَلَ الرجلُ : إذا تكلّف ما يعيبه ويدنِّس نفسه ؛ وأنشد :
خليفة اللهِ بلا إقْهال
قال : وقهِل الرجل قَهَلاً : إذا استقلّ العَطيَّة وكَفَرَ النعمة. وقال أبو عبيد : قهل الرجل قهلاً : إذا جدّف. وقال أبو عمرو : قَهَلت الرجل أقْهَلُه قَهَلاً : إذا أثْنَيْتَ عليه ثناءً قبيحاً ، ورجل متقَهِّل : إذا كان رثَّ الهيئة متقشِّفاً. ويقال : قَهَلَ جلدُه وقَحَلَ : إذا يَبِس فهو قاهِلٌ قاحِلٌ. وقال أبو عمرو : التَّقهل : شكوى الحاجة ؛ وأنشد :
لَعْوٌ ، إذا لاقَيْتَه تَقَهَّلَا |
وإِنْ حَطَأْتَ كَتِفَيْهِ ذَرْملا |
والذَّرْمَلَةُ : إرسال السَّلْح. رجلٌ مِقْهَالٌ : إذا كان مُجَدِّفاً ، كفوراً للنعمة. وقال هِمْيَان يصف عيراً وأُتُنَه :