تهذيب اللغة - ج ٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

يُحَلّق الطائِرُ إذا ارتفع في الهواء ، ومنه : الحَالق : الجبَلُ المُشرِفُ.

قال : وحَلّق الحوضُ : ذهبَ ماؤه ، وحَلّقت عينُ البَعيرِ إذا غارَتْ.

وقال الزَّفَيانُ :

ودُونَ مَسْرَاهَا فَلَاةٌ خَيْفَق

نائي الميَاهِ ناضِبٌ مُحَلِّق

وحَلَّق الطائر إذا ارتفع في الهواء. وقال النّابغة :

إذا مَا الْتَقَى الجَمْعان حَلَّق فَوْقهم

عَصَائِبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بِعصائب

وقال الليث : تَحَلَّق القمر إذا صارَتْ حوله دارَةٌ. ومُحَلِّق : اسم رَجُل.

وقال الأصمعي : أصبحت ضَرَّة الناقةِ حالِقاً إذا قَاربت الملء ولم تفعل.

ويقال : لا تفعل ذاك أمُّك حَالِقٌ ، أي أَثْكل الله أُمّك بك حتى تَحْلق شعرها.

ويقال : لِحْيةٌ حَلِيقٌ ، ولا يقال حَلِيقَة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : حَلَّق إذا أَوجع ، وحَلِق إذا وَجِعَ.

وروي في الحديث «دبَّ إليكم داءُ الأمم البغضاءُ وهي الحَالِقَةُ» ، قال شمر ، وقال خالد بن جَنْبَة : الحَالِقَةُ : قطيعةُ الرَّحِم والتَّظالم والقول السَّيء. ويقال : وقعت فيهم حالِقَة لا تدع شيئاً إلا أَهْلَكَتْهُ. قال : والحالِقَةُ : السّنةُ التي تَحْلِق كل شيء ، والقومُ يحلِقُ بعضهم بعضاً إذا قَتَلَ بعضهم بعضاً ، والمرأة إذا حَلَقت شعرها عند المُصِيبَة حالِقَةٌ وحَلْقى. ومثل للعرب : «لأُمِّك الحَلْق ولعينِك العُبْرُ».

والحالِقَةُ : المَنِيَّة ، وتسمى حَلَاقِ.

أبو عُبيد : الحَلْقَة : اسمٌ يجمع السِّلاح والدُّروع وما أَشْبهها. وسِكِّين حالِقٌ وحَاذِقٌ أي حديد. وحَلَّق المكُّوك إذا بلغ ما يُجعل فيه حَلقَة ، والدُّروع تسمى حَلْقَة. وقال ابن السكيت : يقال : قد أَكْثَرَ فلان من الحَوْلَقَة إذا أَكْثر من قول : لا حَوْل ولا قُوْةَ إلا بالله.

ح ق ن

حقن ، حنق ، قنح ، نقح : مستعملة.

حقن : قال الليث : الحَقِينُ : لَبنٌ مَحْقونٌ في مِحْقن. قلت : الحَقِين : اللبنُ الذي قد حُقِنَ في السِّقَاء ، ويجوز أن يُقال للسِّقَاء نفسه مِحْقن ، كما يُقال له مِصْرَبٌ ومِجزَم. وكل ذلك محفوظ عن العرب. ومن أمثالهم : «أبى الْحَقِينُ العِذْرَة» يضرب مثلاً للرجل يَعْتَذر ولا عُذْرَ له.

وقال أبو عُبيد : أَصْلُ ذلك أن رجلاً ضاف قوماً فاستسْقَاهم لَبناً وعندهم لبنٌ قد حَقَنُوه في وَطْب فاعْتَلُّوا عليه واعتذروا فقال : أبى الحَقِين العِذْرَةَ أي هذا الحَقين يُكَذِّبُكم.

وقال المُفَضَّل : كُلّ ما ملأتَ شيئاً أو دَسَسْتَه فيه فقد حَقَنْتَه. ومنه سُمِّيت الْحُقْنَة. قال : وحَقَن الله دمه : حبسه في جلْده وملأَه به ، وأنشد في نعت إبل امتلأَت أَجوافُها :

جُرْداً تحقَّنَت النَّجِيلَ كأنّمَا

بجُلُودِهِنّ مَدَارِجُ الأَنْبَار

وقال الليث : إذا اجتمع الدَّمُ في الجوف

٤١

من طَعْنة جائِفَة تقول : احتَقَنَ الدَّمُ في جوفِه. واحْتَقَنَ المريض بالحُقْنَةِ.

قال وبعير مِحْقَان : وهو الذي يَحْقِنُ البول فإذا بَال أَكثر.

قال : والحاقِنَتان : نُقْرَتَا التَّرْقُوَتين والجميع الحَوَاقِنُ.

وقال أبو عُبيد في قول عائشة : «تُوفِّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين سَحْرِي ونَحْرِي وحاقِنَتِي وذَاقِنَتي».

قال أبو عمرو : الحَاقِنَة : النُّقرة التي بين التَّرقُوة وحَبْلِ العاتِق وهما الحاقِنَتَان.

وقال أبو زيد : يقال في مَثَل : «لأُلحِقَنَ حَوَاقِنَك بَذَواقِنك».

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحَاقِنَة المَعِدة ، والذَّاقِنَة : الذَّقَنُ.

قال : وأحقَنَ الرجل إذا جمع أَلوان اللبَن حتى تطيب. وأَحقَن بوله إذا حبَسَه.

وقال ابن شُمَيل : المُحْتَقِنَ من الضُّرُوع : الواسعُ الفسيح وهو أَحْسَنُهَا قَدْراً كأنما هو قَلْتٌ مُجْتَمع مُتَصَعِّد حسَن ، وإنها لمُحْتَقِنَة الضَّرْع.

وقال ابن الأعرابي : الحَلْقَةُ والْحَقْنَةُ : وَجَع يكون في البطن ، والجميع أَحْقَالٌ وَأَحْقَانٌ ، رواه أبو تُرَاب.

وفي الحديث : «لا رأي لِحاقِب ولا حاقِن» والحاقِنُ في البوْلِ والحاقِبُ في الغَائِطِ.

نقح : الليث : النَّقْحُ : تَشْذِيبُك عن العصا أُبَنَها وكذلك في كل شيء من أذى نحَّيْتَهُ عن شيء فقد نَقَحْتَه. قال : وَالمُنَقِّح للكلام : الذي يُنَقِّش عنه ويحسن النَّظر فيه ، وقد نَقَّحتُ الكلام.

ورُوَي عن أبي عمرو بن العلاء أَنَّه قال في مَثَل : «استغْنَت السُّلَّاءَة عن التَّنْقِيح» ، وذلك أن العصا إِنَّما تُنَقَّح لتَمْلُسَ وتَخْلُق ، والسُّلَّاءة : شَوْكَةُ النَّخْلَة وهي في غاية الاستواء والمَلَاسَة فإن ذهبتَ تَقْشِرُ منها قِشْرَها خَشُنَت ، يُضرب مثلاً لمن يُريد تقويم ما هو مستقيم. وقال أبو وَجْزَةَ السَّعْدِيّ :

طَوْراً وَطَوْراً يَجُوبُ العُقْرَ من نَقَحٍ

كالسَّنْدِ أَكْبَادُه هِيمٌ هراكِيلُ

والنقحُ : الخالصُ من الرَّمل ، والسّنْدُ : ثياب بيض ، وأكبادُ الرَّملِ : أوساطه. والهَراكيلُ : الضِّخامُ من كُثْبَانِه.

أبو العبَّاس عن ابن الأعرابي : أنقَحَ الرجُلُ إذا قلعَ حِلية سيفِهِ في الجَدْبِ والفَقْرِ. وأَنْقَح شِعْرَه إذا نَقَّحَه وحَكَّكَه.

قنح : قال الليث : القَنْحُ : اتِّخاذُك قُنَّاحَة تَشُدُّ بها عِضادة باب ونحوه تُسَمِّيه الفُرْسُ قَانَه. ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال لِدَرْوَنْدِ البابِ النِّجافُ والنَّجْرانُ ، ولمِتْرَسِه القُنَّاحُ ، ولِعتبتِه النَّهضةُ. وفي حديث أُمِّ زرع : «وعنده أقولُ فلا أُقَبِّح وأشرب فأَتقنَّح» وبعضهم يرويه «فأتَقَمَّح». قال ابن جَبَلة : قال شمر : سمعتُ أبا عُبيد يسأَلُ أبا عبد الله الطُّوالَ النَّحْوِي عن معنى قوله فَأَتَقَنَّحَ؟ فقال أبو عبد الله : أظُنّها تُريد أشربُ قليلاً قَلِيلاً.

قال شمر : فقلت : ليس التَّفسيرُ هكذا ، ولكن التّقَنُّح أن يشرب فوق الرِّيِّ ، وهو حَرْفٌ رُوي عن أبي زيد فأعجَبَ ذلك أبا

٤٢

عُبيد ، قُلْتُ : وهو كما قال شمر ، وهو التَّقَنُّج والتَرْنُّح ، سَمِعْتُ ذلك من أعرابِ بني أسد ، وقال أبو زيد : قَنَحْتُ من الشَّرَاب أَقْنَحُ قَنْحاً إذا تكارهت على شَرْبه بعد الرِّيِّ ، وتَقَنَّحْتُ منه تَقَنُّحاً وهو الغالبُ على كلامهم. وقال أبو الصَّقر : قنِحْتُ أَقْنَح قَنَحاً.

وقال غيره : قَنَحْتُ الباب قَنْحاً فهو مَقْنوحٌ : وهو أن تَنْحِتَ خشبةً ثم ترفع الباب بها. تقولُ للنَّجَّارِ : اقنَحْ باب دارِنا فيصنعُ ذلك ، وتلك الخشبة هي القُنَّاحَة وكذلك كلُّ خشبة تُدْخِلُها تحت أُخْرَى لتُحَرِّكَها.

حنق : الحَنَق : شِدّة الاغتياظ. تقول : حَنِقَ يَحْنَق حَنَقاً والنعت حَنِق.

قال : والإحْنَاقُ : لُزوقُ البطن بالصُّلْب وقال لَبِيد :

* فأحنَقَ صُلبُها وَسَنَامُها*

وقال أبو عُبيد : المُحْنِق : القليل اللَّحْم ، واللَّاحِق مثلُه. وقال أبو الهَيْثَمِ : المُحْنِق :

الضّامِرُ ، وأنشد :

قد قَالَتِ الأَنْسَاعُ للبَطْنِ الْحَق

قِدْماً فَآضَتْ كالفَنِيق المُحْنِق

وقال الأصمعي في قول ذي الرُّمَّةِ يَصِفُ الرِّكَابَ في السَّفَر :

مَحَانِيق تُضْحي وهي عُوجٌ كَأَنَّهَا

بِجَوْزِ الفَلَا مُسْتَأُجَرَاتٌ نَوَائح

قال : المَحَانِيق : الضُّمَّر.

وروى أبو العبَّاس عن ابن الأعرابي قال : الحُنُق : السِّمانُ من الإبِلِ. قال : وأَحْنَق إذا سَمِنَ فجاء بشحم كثير. قلتُ : وهذا من الأَضْدَادِ.

قال : وأَحْنَق الرَّجُلُ إذا حَقَدَ حِقْداً لا ينحلّ.

قال : وأَحْنَق الزّرعُ فهو مُحْنِق إذا انتشر سفا سُنْبُلِهِ بعد ما يُقَنْبعُ. ورُوي عن عمرَ أنَّه قال : لا يَصلح هذا الأمرُ إلَّا لمن لا يُحْنِق على جِرَّته.

قال ابنُ الأعرابي : معناه لا يحقد على رَعيَّته : فضربه مثلا ولا يقال للرّاعي جِرَّة.

ح ق ف

حقف ، فقح ، قحف ، قفح : مستعملة.

حقف : قال الليث : يقال : للرَّمل إذا طال واعوَجَّ : قد احقَوْقَفَ. واحْقَوقَفَ ظهرُ البعير ، ويُجمَع الحِقْفُ أحقافاً وحُقُوفاً. وقال أبو عُبيد : قال الأصمعي : الحِقْفُ : الرملُ المُعَوجُّ ، ومنه قيل لِمَا اعوجَّ : مُحْقَوْقِف. وقال الفَرَّاء في قول الله جلّ وعزّ : (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) [الأحقاف : ٢١] واحِدُها حِقْف وهو المُسْتَطِيل المُشرف.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه مَرّ هو وأصحابه وهم مُحْرِمُون بِظَبْي حاقِفٍ في ظل شجرة.

قال أبو عُبيد : يعني الذي قد انحنى وتثنَّى في نومه. ولهذا قيل للرمل إذا كان منحنياً حِقْفٌ ، قال : وكانت مَنازِلُ قوم عاد بالرمال ، قال : وفي بعض التفسير في قوله : بِالْأَحْقافِ قال : بالأرض. والمعروف في كلام العرب الأول وأنشد :

٤٣

طَيَّ اللَّيَالي زُلَفاً فَزُلَفا

سمَاوَةَ الهلال حتى احْقَوْقَفا

وقال الليث : الأحقاف في القرآن : جبل مُحيطٌ بالدنيا مِن زَبَرْجَدَةٍ خضراء ، تلتَهِبُ يوم القيامة فَتَحْشُرُ الناس من كلِّ أُفُق ، قلت : هذا الجبلُ الذي وصفه يقال له قَافٌ ، وأما الأحقاف فهي رمال بظاهر بلاد اليمن ، كانت عادٌ تنْزِل بها.

شمر عن ابن الأعرابي : الحِقْفُ : أصلُ الرْملِ ، وأصل الجبل والحائط. قال : والظَّبْي الحَاقفُ يكون رابضاً في حِقْفٍ من الرَّمْلِ ، ويكون مُنْطَوِياً كالحِقْفِ.

وقال ابن شُميْل : جَمَلٌ أَحْقَفُ : خميصٌ.

قحف : قال الليث : القِحْفُ : العظم الذي فوق الدِّماغِ مِن الجُمْجُمَةِ. والجميع الأقْحافُ والقِحَفَةُ. قال : والقَحْفُ : قَطْعُ القحْف أو كَسْرُه ، ورَجُل مَقْحُوفٌ : مقطوع القِحْف ، وأنشد :

يَدعْنَ هامَ الْجُمْجُمِ المَقْحُوفِ

صُمَّ الصَّدَى كالحَنْظَل المنْقُوفِ

قال : والقَحْفُ : شِدَّةُ الشُّرْبِ.

وقال امْرُؤُ القَيْس لَمَّا نُعِي إِلَيْه أبُوه وهو يَشربُ : «اليوْمَ قِحافٌ وغَداً نِقافٌ».

وقحف الإناء : إذا شرب ما فيه.

أبو عُبَيْد عن الأصمَعِيّ منْ أمثالِهم في رمْي الرّجُل صاحبَه بالمُعْضِلات أو بما يُسْكِتُه أَنْ يَقولُوا : «رماهُ بِأَقْحَافِ رأْسِه».

قال أبو الهيثم : القِحْفُ : العَظْمُ الذي فَوْق الدّماغ من الْجُمْجُمَة.

الحَرّاني عن ابن السِّكِّيت قال : القِحْفُ : ما ضُرِبَ من الرّأسِ فَطَاح.

وأنشد لِجَرِيرٍ :

تَهْوِي بِذِي العَقْرِ أَقْحَافاً جَماجِمُهم

كأَنَّهَا حَنْظُل الْخُطْبانِ تُنْتقَف

أبو زيد عن الكِلَابِيِّين قالوا : قِحْفُ الرّأْسِ : كلّ ما انفَلَقَ من جُمْجُمَتِه فبانَ ، ولا يُدْعَى قِحْفاً حتى يَبين ، وجَمَاعَةُ القِحْفُ أَقْحَافٌ وقَحْفَةٌ وَقُحُوفٌ ، ولا يَقُولُون لجميع الجُمْجُمَةِ قِحْفٌ إلَّا أن تَنْكَسِرَ والجُمْجُمَة : التي فيها الدِّمَاغ.

وقال غيره : ضرَبه فاقْتَحَفَ قِحْفاً من رأسِه أي أبان قطعةً من الْجُمْجُمَة ، والجُمْجُمَةُ كلُّها تُسَمَّى قِحْفاً وأقْحَافاً.

وقال أبو الهيثم : القِحافُ : شِدَّةُ المَشَارَبَة بالقِحْف ، وذلك أنَّ أحدهم إذا قَتَلَ ثأره شَرِب بِقِحْفِ رأْسِه يَتَشَفى به.

قلتُ : القِحْفُ عند العربِ : الفِلْقَةُ من فِلَقِ القصعة أو القدح إذا تَثَلَّمَتْ ، ورأيتُ أهلَ النَّعَم إذا جَربت إبِلُهم يجعلون الخَضْخَاضَ في قِحْف ويَطْلُونَ الأجربَ بالهِناء الذي جعلوه فيه ، وأَظُنُّهم شَبَّهُوه بِقحْف الرَّأس فسَمَّوْه به.

وقال الليث : القاحِفُ من المطر كالقاعفِ إذا جاء فُجَاءَةً فاقْتَحَفَ سيلُه كل شيء.

ومنه قيل : سيلٌ قُحَافٌ وقُعَافٌ وجُحَافٌ بمعنى واحد.

أبو زيد : عَجَاجَةٌ قَحْفاءُ وهي التي تَقْحَفُ الشيء وتذهب به.

وقال ابن الأعرابي : القُحُوفُ : المَغارِفُ.

فحق : أهمله الليث : وحكي عن الفَرَّاءِ أنه

٤٤

قال : العرب تقول : فُلَانٌ يَتَفَيْحَقُ في كلامِه ويَتَفَيْهَقُ إذا تَوَسَّعَ فيه.

وقال أبو عمرو : انْفَحَقَ بالكلام انْفِحَاقاً وطريق مُنْفَحِق : واسِعٌ ، وأنشد :

والعِيسُ فَوْقَ لَاحِبٍ مُعَبَّد

غُبْرِ الحَصَا مُنْفَحِقٍ عَجَرَّد

فقح : الليث : التَّفَقُّح : التَّفَتُّحُ بالكلام قال : والجِرْوُ إذا أبصر. قيل : قد فَقَحَ يعني فَتَح عينيه.

وفي الحديث : «أن عُبيدَ الله بن جَحْش تَنَصَّر بعد إسلامه فقيل له في ذلك ، فقال : إنَّا قد فَقَّحْنَا وَصَأْصَأْتُم».

قال أبو عُبيد : قال أبو زيد والفَرَّاء : فَقَّحَ الْجِرْوُ وجَصَّصَ إذا فَتَح عينيه ، وَصَأْصَأَ إذا لم يَفْتَحْ عينيه.

وقال الليث : الفُقَّاح : من العِطْر ، وقد يُجعل في الدواء. يُقال له : فُقَّاحُ الإِذْخِرِ ، الواحدة فُقَّاحَة ، وهو من الحشيش. قلت : هو نَوْر الإِذْخِرِ إذا تَفَتَّحَ بُرْعومُه ، وكلُّ نَوْر تَفَتَّحَ فقد تَفَقَّح ، وكذلك الورد وما أشبهه من براعِيم النَّور.

الليث : الفَقَحَةُ معروفة وهي الدُّبُر بجُمْعِها.

قال : والفَقْحَةُ : الراحة بلغةِ أهل اليمن وجمع الفَقْحَة فِقَاح.

قفح : أبو بكر عن شمر : قال : قَفَح فلان عن الشيء إذا امتنع عنه وقَفَحَتْ نفْسُه عن الطعام إذا تركه وأنشد :

يَسَفُّ خُرَاطة مَكْرِ الجِنا

ب حتى ترَى نفْسَه قافِحَة

قال شمر : قَافِحَةٌ أي تاركة.

قال : والخُراطة : ما انْخَرَط عِيدانُه وَوَرَقُه. وقال ابن دُرَيْد : قَفَحْتُ الشيءَ أَقْفَحُه إذا اسْتَفَفْتَه.

ح ق ب

حقب ، حبق ، قبح ، قحب : مستعملة.

حبق : قال الليث : الحَبَق : دَوَاءٌ من أدوية الصيادلة.

أبو عُبيد عن الأصْمَعي قال : الحَبَق : الفُوذَنْجُ.

الليث : الحَبْق : ضُرَاطُ المعِز. تقول :حَبَقَت تحبِق حَبْقاً.

وقال أبو عُبَيْد : قال الأصْمَعي : يقال : نَفَخَ بها ، وحَبَق بها ، إذا ضَرَطَ.

وعِذْقُ حُبَيْق ولون حُبَيق : ضَربٌ من التمر رديء ، وقد نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن دَفْعه في الصدقة المفروضة.

أبو عُبَيْدة : هو يمشي الدِّفِقَّى والحِبِقَّى.

قال : والحِبقَّى : دون الدِّفِقَّى.

حقب : الليث : الحَقَبُ : حبل يُشَدُّ به الرَّحْل إلى بطن البعير لئلا يَجْتَذِبَه التَّصْدير فيُقَدِّمه ، وإذا تَعَسَّر البَوْلُ على الجمل قيل : قد حَقِبَ البَعِيرُ حَقَباً فهو بعير حَقِبٌ.

أبو عُبَيد عن الأصْمَعي : من أدواتِ الرَّحْل الغَرْض والحَقَبُ ، فأما الغَرْض فهو حِزامُ الرّحْل وأما الحقَبُ فهو حَبْلٌ يَلي الثِّيلَ.

وقال أبو زيد : أحْقَبْت البعيرَ من الْحَقَب.

وقال الأصمعيّ : يقال : أَخْلَفْتُ عن البعير

٤٥

وذلك إذا أصاب حَقَبُه ثِيلَه ، فيحقَبُ حَقَباً ، وهو احْتِباسُ بَوْله ، ولا يقال ذلك في النَّاقَة لأنَّ بَوْلَ الناقة مِنْ حَيائها ، ولا يبلُغُ الحَقَبُ الحَياء ، فالإخلافُ عنه أن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيُجْعَلَ مما يلي خُصْيَتِي البعير. ويقال : شَكَلْتُ عن البعير ، وهو أن تجعلَ بين الحَقَب والتَّصديرَ خَيْطاً ثم تَشُدُّه لِكَيْلَا يدنو الحَقَبُ من الثِّيل ، واسم ذلك الخيْط الشّكالُ.

وجاء في الحديث : «لا رأي لحازِق ولا حاقب» فالحازق : الذي ضاق عليه خُفُّه فحزق قدمَه حَزْقاً ، وكأنه بمعنى لا رأي لذي حَزْق ، وأما الحاقبُ فهو الذي احْتاج إلى الخلاء فلم يَتَبَرَّز وحَصر غائِطَه ، وشُبِّه بالبعير الحَقِب الذي دَنَا الْحَقبُ من ثَيْله فمنعه من أن يَبول.

الليث : الأحْقَبُ : الحمار الوحشيُّ سُمِّي أحقبَ لبياضٍ في حَقْوَيْه ، والأنثى حَقباءُ.

وقال رؤبة :

* كأنها حَقباء بلقاءُ الزَّلَق*

والقارَةُ الحقباءُ : الدقيقة المستطيلة في السماء ، وأنشد :

ترى القُنَّةَ الحقباءَ منها كأنها

كُمَيْتٌ يُبَارِي رَعْلَةَ الخيْل فارِدُ

وقال بعضهم : لا يقال لها حقباءُ حتى يلتوي السّرَابُ بِحَقْوِها.

أبو عُبَيْد عن الأصمعي : حمارٌ أحقبُ : أبيض موضِع الحقَب.

قلت : والقارةُ الحقباءُ : التي في وسطها ترابٌ أعفرُ تراه يَبرق لبياضه مع بُرْقةِ سائِرِه.

وقال الليث : الحِقابُ : شيءٌ تَتَّخِذُه المرأةُ تعلِّق به معاليق الحُليّ ، تَشُدُّه على وسطها والجميع الحُقُب.

قلت : الحِقَابُ هو البَرِيمُ إلا أن البريمَ يكون فيه ألوانٌ من الخيوط تَشُدُّه المرأة على حَقْوَيْها.

وقال الليث : الاحتقابُ : شدُّ الحقيبة من خَلْفٍ ، وكذلك ما حُمِل من شيء من خَلْف. يقال : احْتُقب واستُحْقِب.

قال النابغة :

مُسْتَحْقِبي حَلَقِ الماذِيِّ يَقْدُمُهم

شُمُّ العَرانِين ضَرّابُونَ لِلْهَام

وقال شمر : الحَقيبة كالبَرْذَعَة تتخذ لِلْحِلْس وللقَتَب ، فأما حقيبة القتَبِ فمن خَلْفٍ وأما حقيبة الحِلْس فمجوَّبةٌ عن ذِرْوَة السَّنان.

وقال ابن شميل : الحقيبة تكون على عجُزِ البعير تحت حِنْوَى القتب الآخَرَين.

والحَقَب : حَبْلٌ يُشد به الحقيبة.

وقال الليث : الحِقْبة : زمانٌ من الدهر لا وقت له ، والحُقُب : ثمانون سنة والجميع أحقابٌ.

أبو عُبيد عن الكسائي : الحُقُب السِّنون ، واحدتها حِقْبة ، والحُقُب : ثمانون سنة.

وقال الفرَّاء : الحُقُب في لُغة قيس سنةٌ. وجاء في التفسير أنه ثمانون سنة ذُكر ذلك في تفسير قوله : (أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) [الكهف : ٦٠].

وقال الزجّاج : الحُقُب : ثمانون سنة.

٤٦

وقال الفرّاء في قوله جلّ وعزّ : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) [النّبَأ : ٢٣].

قال : الحُقُب : ثمانون سنةً ، السنة ثلثمائة وستون يوماً ، اليوم منها ألف سنة من عدد الدنيا.

قال : وليس هذا مما على غاية كما يظن بعض الناس ، وإنما يدل على الغاية التوقيت خمسةُ أحْقابٍ أو عشرة ، والمعنى أنهم يَلبثون فيها أحقاباً كلما مضى حُقُب ، تبعه حُقُب آخر.

وقال الزجّاج : المعنى أنهم يلبثون أحقاباً لا يذوقون في الأحقاب برْداً ولا شراباً ، وهم خالدون في النار أبداً كما قال الله جلّ وعزّ.

ويقال : حَقِبَ السماءُ حَقباً إذا لم يُمْطِر.

وحَقِب المعدن حَقَبا إذا لم يُرْكِزْ.

وحَقِب نائِلُ فلانٌ إذا قل وانقَطع. والعرب تسمِّي الثعلب مُحْقَبا لبياض بطنِه.

وأنشد بعضُهم لأمِّ الصَّريح الكِنديَّة وكانت تحت جرير فوَقع بينها وبين أُخت جَرِير لحاءٌ وفِخَارٌ فقالت :

أتعدِلين مُحْقَباً بأَوْسِ

والْخَطَفَى بأشْعثَ بن قيس

ما ذاك بالحزْم ولا بالكيْس

عَنَتْ أنَّ رجال قومِها عند رجالها كالثعلب عند الذئْبِ ، وأوْس هو الذئب ، ويقال له أُوَيْس.

ومن أمثالهم : «اسْتَحْقب الغَزْو أصحاب البَرَاذِين». يقال ذلك عند ضِيقِ المخارج ، ويقال في مِثْله : «نَشِبَ الحديدةُ والْتوَى المِسمار».

يقال ذلك عند تأكيد كلِّ أمر ليس منه مَخْرج.

قحب : اللّيث : قَحَب يَقْحُبُ قُحاباً وقَحْباً إذا سعل. ويُقال أخذه سُعالٌ قاحبٌ.

وأهل اليمن يُسمُّون المرأة المُسِنَّة قَحْبة.

قال : والقَحْبُ : سُعالُ الشّيخ ، وسُعالُ الكلب.

أبو عُبيد عن أبي زيد : من أمراض الإبل القُحابُ وهو السُّعال ، وقد قَحَبَ يقْحُبُ قَحْباً وقُحَاباً وكذلك نَحَبَ يَنْحِبُ وهو النُّحاب والنُّحازُ مثله.

وقال اللّحيانيُّ : العرب تقول للبغيض إذا سَعَل : وَرْياً وقُحاباً ، وللحبيب إذا سعل : عُمْراً وشباباً. قال : والقُحاب : السُّعال.

قال : ويقال للعجوز : القحْبَةُ والقحْمَةُ ، وكذلك يقال لكل كبيرة من الغنم مُسِنَّةٍ. وقال غيره : قيل للبغِيّ قحْبَةٌ لأنها كانت في الجاهلية تُؤْذِنُ طُلَّابها بقُحابها ، وهو سُعالُها.

وقال أبو زيد : عجوز قَحْبَة وشيخ قَحْب : وهو الذي يأخذه السُّعال. وأنشد غيره :

شَيَّبَنِي قَبْل إِنَى وقْتِ الهَرَم

كلُّ عجوزٍ قَحْبَة فيها صَمَمْ

ويقال : بِتْنَ نساء يُقَحَّبْنَ أي يَسْعُلْن

قبح : أبو عُبيد عن أبي عمرو : قبحْتُ له وجهَه مخفَّفَة وأقبَحْتَ يا هذا : أتيت بقَبيح. قلت : معنى قبحْتُ له وجهه أي قلت له : قبَحهُ الله ، وهو من قول الله

٤٧

جلّ وعزّ : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) [القَصَص : ٤٢] أي من المُبعَدين المَلْعونين ، وهو من القبْح وهو الإبعاد.

والعرب تقول : قبَحه الله وأُمًّا رَمعت به أي أبعده الله وأبعد والدته.

وقال شمر : قال أبو زيد : قبَح الله فُلاناً قبْحاً وقُبُوحاً أي أقصاه وباعده من كلِّ خيْر كقُبوح الكلْب والْخِنْزِير.

وقال الجَعْدِيُّ :

وليست بَشْوَهَاءَ مَقْبُوحَةٍ

تُوافي الدِّيارَ بوَجْهٍ غَبِرْ

وقال أُسَيْدٌ : المَقبُوحُ : الذي يُرَدُّ ويُخْسَأُ ، والمَنْبُوحُ : الذي يُضْرَبُ له مَثَلُ الكلْب.

ورُوِي عن عمَّار أنه قالَ لرَجُلٍ نالَ بِحَضرَتِه من عائشَة : «اسْكتْ مَقْبُوحاً مَنْبُوحاً». أراد هذا المعْنى.

ويقال : قبُح فُلانٌ يَقْبُح قَبَاحَةً وَقُبْحاً ، فهو قبيح وهو نَقِيض الحُسْن عامٌّ في كلِّ شَيْء ، وفي الحديث : «لا تُقَبِّحُوا الوَجْهَ» معناه : لا تقُولوا ، إنَّه قَبِيح فإن الله صَوَّره ، وقد (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ).

ويقال : قَبَحَ فُلان بَثْرَةً خَرَجَت بوجْههِ : وذلك إذا فَضَخَها حتى يَخْرجَ قَيْحُها. وكلُّ شيء كَسرْته فقد قبَحتَه.

وروى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي أنَّه قال : يُقَالُ : وقد اسْتَمْكَتَ العُدُّ فاقْبَحْهُ ، والعُدُّ : البَثْرَةُ. واستِمْكاتُه : اقْتِرَابُه للانْفِقاء.

وقال الليث : القَبِيحُ : طَرفُ عَظْمِ المِرْفَق.

قال : والإبْرَة : عُظَيْم آخَر رَأْسُه كَبيرٌ وَبقِيَّتُهُ دقيق مُلَزَّزٌ بالقَبيح.

وروى أبو عُبَيْد عن الأُمَوِيِّ قال : يُقال لِعَظْم الساعِدِ مِمَّا يَلِي النِّصْفَ منهُ إلى المِرْفَق كِسْرُ قَبِيحٍ ، وأنشد :

ولَوْ كُنْتَ عَيْراً كُنْت عَيْرَ مَذَلَّةٍ

وَلَوْ كُنْت كِسْراً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيح

وأخبرني المُنْذِريّ عن أبي الهَيْثَم أنَّه قال : القَبِيحُ : رَأْسُ العَضُد الذي يَلي المِرْفَق بَيْنَ القَبِيح وبَيْنَ إبْرَة الذِّرَاع ، من عِنْدِها يَذْرَعُ الذَّراعُ. قال : وطَرَفُ عَظْم العَضُد الَّذي يَلي المِنْكَب يُسَمَّى الحَسَنَ لِكَثْرَة لَحْمِه ، والأسْفَل : القبيحُ.

وقال شَمِر : قال الفَرّاءُ : القَبِيحُ : رَأْسُ العَضُد الذي يَلي الذِّراع وهو أقلّ العِظام مُشاشاً ومُخّاً ، ويُقال لِطَرَفِ الذِّرَاع الإبْرَةُ وأنشد :

* حَيْثُ تُلَاقي الإبْرَةُ القَبِيحا*

وقال الفرّاءُ : أَسْفَل العَضُد : القَبِيحُ وأعْلَاها الحَسَنُ.

وفي «النَّوادر» : المُقَابَحَةُ والمُكابَحةُ : المشَاتَمَةُ.

روى أبو العبَّاس عن ابن الأعرابيّ قال : القبَّاحُ : الدُّبُّ الهَرِمُ.

والمَقَابِحُ : ما يُسْتَقْبَحُ من الأخْلَاق ، والمَمَادِحُ : ما يُسْتَحْسَنُ منها.

ح ق م

حمق ، قحم ، قمح ، محق : مستعملة.

قحم : قال الليث : قَحَمَ الرّجلُ يَقْحَمُ قُحُوماً.

وفي الكلام العامِّ : اقْتَحَم وهو رَمْيُه بنفسه في نَهرٍ أو وهْدَة أو في أمر من غير دُرْبَة.

٤٨

وقال الله جلّ وعزّ : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) [البَلَد : ١١] ثم فسر اقْتِحَامَها فقال : (فَكَّ رَقَبة أو أَطْعَمَ). وقرىء : (فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ) [البلد : ١٣ ، ١٤] ومعنى (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) أي فلا هو اقتحم العقبة ، والعرب إذا نفت بلا فعلاً كررتها كقوله : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) [القِيَامَة : ٣١] ولم يُكَرِّرْها هاهنا : لأنه أضمر لها فعلاً دل عليه سياق الكلام كأنه قال : فلا آمَنَ ولا اقْتَحَم العَقَبَة ، والدليل عليه قوله : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [البلد : ١٧].

ويقال : تَقَحَّمَتْ بفلان دابَّتُه وذلك إذا نَدَّتْ به فلم يضبط رأسها ، فربما طوَّحت به في وهْدَة أو وَقَصَتْ به.

وقال الراجز :

أقُولُ والنَّاقةُ بي تَقَحّمُ

وأنا منها مُكْلَئِزٌّ مُعْصِم

ويحَكِ ما اسمُ أُمِّها يا عَلْكَمُ

يقال : إن الناقة إذا تَقَحَّمَتْ براكبها نادَّةً لا يضبِط رأسَها إنه إذا سَمّى أُمَّها وقَفَت وعَلْكَم اسم ناقة.

وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه أنه وكَّل عبد الله بن جعفر بالخُصُومة وقال : «إنَّ للخصومة قُحَماً».

قال الليث : القُحَمُ : العِظامُ من الأمور التي لا يَرْكَبُها كلُّ أَحَد ، والواحدة قُحْمَة.

وقال أبو عُبيد : قال أبو زيد الكلابيُّ : القُحَم : المهالك. قال أبو عُبيد : وأصلهُ من التقحم. قال : ومنه قُحْمَةُ الأعراب ، وهو أن تُصيبَهم السَّنَةُ فتُهلكهم ، فذلك تَقَحُّمها عليهم أو تَقَحُّمُهُم بلادَ الرِّيفِ.

وقال ذو الرُّمَّة يصف الإبل وشدة ما تلقى من السّير حتى تُجْهِضَ أولادها :

يُطْرِّحْنَ بالأولاد أو يَلْتَزِمْنَها

عَلَى قُحَمٍ بين الفَلَا والمَنَاهِلِ

وقال شمر : كلُّ شاقٍّ صعب من الأمور المُعضِلة والحُروب والدُّيون فهي قُحَمٌ.

وأنشد لرؤبة :

* من قُحَم الدَّين وزُهْدِ الأرفاد*

قال : قُحَمُ الدَّيْنِ : كثرته ومَشَقَّتُه.

قال ساعِدَةُ بن جُؤَيَّة :

والشيبُ داءٌ نجيسٌ لا دواء به

للمرء كان صحيحاً صائبَ القُحَم

يقول : إذا تقَحَّمَ في أمر لم يطش ولم يخطىء ، قال : وقال ابن الأعرابي في قوله :

* قومٌ إذا حاربوا في حربهم قُحَمُ *

قال : إقدامٌ وجرأةٌ وتقحُّم ، وقال في قوله : «معنْ سَرَّه أَنْ يَتَقَحَّم جراثيمَ جَهَنَّم فَلْيَقْضِ في الحدِّ».

قال شمر : التَّقَحُّم : التقدُّم والوقُوع في أُهْوِيَّة وشِدَّة بغير رَوِيَّة ولا تَثَبُّت.

وقال العجَّاج :

* إذَا كَلَى واقْتُحم المَكْلِيُّ*

يقول : صُرع الذي أُصيبت كُلْيَتُه.

قال : واقْتَحَم النَّجْمُ إذا غاب وسقط.

وقال ابن أحمر :

أُراقبُ النجم كأني مُولَع

بحيثُ يجري النجمُ حتى يَقْتَحم

٤٩

أي يسقط.

وقال جرير في التقدّم :

هم الحامِلُون الخيلَ حتى تَقَحَّمَتْ

قَرابيسُها وازداد موجاً لُبُودُها

وقال الليث : المَقاحيمُ مِنَ الإبل التي تَقْتحِم فتضرب الشّوْلَ من غير إرسال فيها ، والواحد مِقْحَامٌ.

قلت : هذا من نعت الفُحُول.

والمُقْحَمُ : البعيرُ الذي يُرّبعُ ويُثني في سنة واحدة : فَتَقْتَحِمُ سنٌّ على سنٍّ قبل وقتها.

يقال : أُقْحِمَ البَعِيرُ وهذا قول الأصمعي إن البعير إذا ألقَى سِنَّيْه في عام واحد فهو مُقْحَم ، وذلك لا يكون إلَّا لابْن الهرِمين.

وقال الليث : بعيرٌ مُقْحَم. وهو الذي يُقْحَمُ في المفازة من غير مُسِيمٍ ولا سائق.

وقال ذو الرُّمَّة :

أَوْ مُقْحَمٌ أَضْعَفَ الإبْطَان حَادِجُه

بالأمْس فاسْتأْخَرَ العِدْلانِ والقَتَبُ

قال : شبَّه به جَنَاحَي الظَّليم.

قال : وأعرابيٌ مُقْحَمٌ : نشأ في البَدْو والفَلَواتِ لم يُزَايلها.

والتَّقْحيم : رَمْيُ الفَرَسِ فارِسَه على وَجْهِه وأنشد :

* يُقَحِّمُ الفارِسَ لَوْ لا قَبْقَبُه*

وفي صفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا تَقْتَحِمُه عَيْن من قِصَر».

قال أبو عُبيد : اقْتَحَمَتْه عيني إذا احْتَقَرَتْه ، أراد الواصف أنه لا تستصغره العينُ ولا تزدريه لقصره ، وفلان مُقْحَمٌ أي ضعيف. وكُلُّ شيء نُسب إلى الضَّعْف فهو مُقْحَمٌ ، ومنه قول الجَعْدِي :

* علوْنَا وسُدْنَا سُؤْدَداً غير مُقْحَم *

وأصل هذا كله من المُقْحَم الذي يتحول من سِنِّ إلى سِنٍّ في سنة واحدة.

وقال ابن الأعرابي : شيخ قَحْرٌ وقَحْمٌ بمعنى واحد.

وقال أبو عمرو : القَحْمُ : الكبير من الإبل ، ولو شُبِّه به الرجلُ كان جائزاً ، والقَحْرُ مثله.

وقال أبو العَمَيْثَل الأعرابي : القَحْمُ الذي أقْحَمَتْه السِّن تراه قد هَرِم في غير أوان الهَرَم.

قمح : قال الليث : القَمْحُ : البُرُّ. قال : وإذا جَرَى الدَّقيقُ في السُّنْبُل من لَدُنِ الإنضاج إلى الاكتناز ، تقول : قد جَرى القمحُ في السُّنْبل ، وقد أقْمَحَ البُرُّ.

قلت : وقد أنْضَج ونَضِج ، والقَمْحُ لغةٌ شاميّةٌ ، وأهل الحجاز قد تكلموا بها.

وقال الليث : الاقْتِماحُ : أخْذُك الشيء في راحتِك ثم تَقْتَمِحهُ في فِيك ، والاسم القُمْحَةُ كاللُّقْمَةِ والأُكْلَةِ : قال : والقَمِيحَةُ : اسم الجُوَارِشِ.

قلت : يقال : قَمِحْتُ السويقَ أَقْمَحُهُ قَمحاً إذا سفِفْتَه. أخبرني بذلك المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي. قال : والقَمِيحَة : السَّفُوفُ من السَّويقِ وغيره.

الليث : القُمَّحان : يقال : وَرْس. ويقال : زَعْفَران.

وقال أبو عُبيد : القُمَّحَانُ : زَبَدُ الخَمْرِ

٥٠

ويقالُ : طيبٌ. وقال النابغة :

 «يبَيسُ القُمَّحَان مِنَ المَدَام»

وقال الليث : المُقامِحُ والقامِح من الإبل الذي قد اشتد عطَشُه حتى فَتَر لذلك فُتوراً شديداً ، وبعير مُقْمَح ، وقد قَمَحَ يَقْمَح من شِدَّةِ العطش قُموحاً ، وأقمحَه العطشُ فهو مُقْمَح.

وقال الله جلّ وعزّ : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) [يس : ٨] : خاشعون لا يرفعون أبصارَهم ، قلت : كلُّ ما قاله الليث في تفسير القامِح والمُقامِح وفي تفسير قوْله : (فَهُمْ مُقْمَحُونَ) فخطأٌ ، وأهل العربية والتفسير على غيرِه ، فأما المُقامِح فإنّ الإيَادِيّ أقرأني لشَمِر عن أبي عُبَيد عن الأصمعي أنه قال : بَعِيرٌ مُقامحٌ وكذلك الناقةُ بغير هاء إذا رَفَع رأسَه عن الحوضِ ولم يشرَب. قال وجمعه قِمَاحٌ.

وقال بِشْر بن أبي خازم يَذْكر سفينةً ورُكبانَها :

ونحنُ عَلَى جَوانِبها قُعُودٌ

نَغُضُّ الطَّرْفَ كالإبلِ القِماح

قال أبو عُبيد : قَمَحَ البعيرُ يَقْمَحُ قُموحاً وقَمَه يَقْمَه قُموها : إذا رفع رأسَه ولم يشرَب الماء.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيِّ أنه قال : التقَمُّحُ : كراهةُ الشُّرْبِ.

وقال الهُذَليّ :

فتًى ما ابنُ الأغَرِّ إذا شَتَوْنا

وحُبّ الزاد في شَهْرَيْ قُماح

رواه بضمِّ القافِ قُماح ورواه ابنُ السِّكِّيت في شهري قِماح بالكسر وهما لغتان.

وشَهْرا قُماح هما الكانونانِ أشدُّ الشتاءِ برداً : سُمِّيا شهرَي قِماح لكَراهةِ كلِّ ذِي كَبِدٍ شُرْبَ الماء فيهما : ولأن الإبِلَ لا تشربُ الماءَ فيهما إلا تَعْذيراً.

وقال أبو زَيد : تَقَمَّحَ فلان من الماء : إذا شرِبَ الماء وهو متكاره.

وقال شمر : يقال لشَهْرَي قِماح : شَيْبَانُ ومَلْحانُ.

وأما قول الله جلّ وعزّ : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) [يس : ٨] فإن سَلَمة روى عن الفراء أنه قال : المُقْمَحُ : الغاضُّ بصرَه بعد رفعِ رأسِه.

وقال الزَّجَّاج : المُقْمَحُ : الرافع رأسَه الغاضُّ بصرَه.

قال : وقيلَ للكانونَيْنِ شَهْرا قُمَاح : لأن الإبلَ إذا وَرَدَت الماءَ فيهما ترفعُ رؤوسها لشِدَّة بَرْده.

قال : وقولُه : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ) هي كناية عن الأيدي لا عن الأعناقِ لأنَّ الغُلَّ يجعَلُ اليدَ تَلِي الذَّقَنَ والعُنُقَ وهو مقاربٌ للذَّقن. قلتُ : وأراد جلّ وعزّ أنَّ أيديَهم لمّا غُلَّت عند أعناقِهم رَفَعَتِ الأغلالُ أذقانَهم ورؤوسهم صُعُداً كالإبل الرافعةِ رؤوسها.

وقال اللّيثُ : يقال في مَثَل : «الظَّمَأُ القامحُ خَيرٌ من الرِّيِّ الفاضح». قلتُ : وهذا خلاف ما سمِعناه من العربِ ، والمسموع منهم : «الظمأ الفادحُ خَيرٌ من الرِّيِّ الفاضح» ومعناه العطشُ الشاقُّ خيرٌ من

٥١

رِيٍّ يَفضحُ صاحبَه.

وقال أبو عُبيد في قَوْل أُمِّ زَرْع : «وعِنده أقولُ فلا أُقَبَّحُ وأشربُ فأَتَقَمَّح» أي أرْوَى حتى أَدَعَ الشربَ من شِدة الرِّي : قلتُ : وأصْلُ التقَمُّح في الماء فاستعارتْه في اللَّبن ، أرادت أنها تَرْوى من اللَّبن حتى ترفع رأسها عن شُرْبه كما يفعل البعيرُ إذا كَرِه شُرْبَ الماء.

قال ابن شُمَيل : إنَّ فلاناً لَقَموح للنَّبِيذ أي شَرُوبٌ له وإنه لَقَحوف للنبيذ. وقد قَمَحَ الشرابَ والنبيذَ والماء واللَّبَن واقْتَمَحَه وهو شُرْبه إيّاه. وقَمِح السَّوِيقَ قَمْحاً ، وأما الخبزُ والتّمرُ فلا يقال فيهما : قمِحَ ، إنما يقال القمح فيما يُسَفّ.

محق : قال الليث : المَحْقُ : النُّقصانُ وذَهابُ البركة. قال : والمَحاقُ : آخر الشهر إذا امَّحَق الهلال. وأنشد :

يزدادُ حتى إذا ما تَمَّ أَعْقَبَهُ

كَرُّ الْجَدِيدَيْنِ منه ثم يَمَّحِق

قال : وتقول : مَحَقَه الله فامَّحق وامْتَحَق أي ذهبَ خيرُه وبركتُه.

وأَنشد لِرُؤبةَ :

بِلالُ يا ابنَ الأنجُم الأطْلاقِ

لَسْنَ بنَحْسَاتٍ ولا أَمْحَاقِ

قلت : واختلفَ أهل العربية في اللَّيالِي المحاقِ ، فمنهم من جَعَلها الثلاثَ التي هي آخرُ الشهرِ وفيها السِّرارُ وإلى هذا ذهب أبو عُبيد وابن الأعرابي ، ومنهم من جَعَلها ليْلةَ خمسٍ وستٍّ وسبعٍ وعشرين لأن القمرَ يطلُع في أخيرِها ثم يأتي الصّبحُ فيَمْحَقُ ضوءَ القمر ، والثلاثُ التي بعدها هي الدَّآدِىء وهذا قول الأصمعيّ وابن شُمَيل وإليه ذهب أبو الهيْثَم والمبرِّد والرِّياشي ، وهو أصحُّ القولَيْن عِندي.

ابن السكيت عن أبي عمرو : الإمْحَاقُ : أن يَهِلك المال كمَحاقِ الهلالِ وأنشد :

أَبوك الذي يَكْوِى أُنوفَ عُنُوقِه

بأظفارِه حتى أنَسَّ وأَمْحَقَا

قال : وقال الأصمعي : جاء في ماحقِ الصَّيف أي في شدَّةِ حَرِّه. وقال ساعِدةُ الهُذَليُّ :

ظلَّتْ صَوَافِنَ بالأرْزَانِ صادِيَةً

في ماحِقٍ من نهار الصَّيْف مُحْتَدِم

ويقال : يوم ماحِقٌ : إذا كان شديدَ الحَرِّ أي أنه يَمْحَقُ كلّ شيء ويَحْرِقُه وقد مَحقْتُ الشيءَ أَمْحَقُه.

وقَرْنٌ مَحِيقٌ : إذا دُلِك فذهب حَدّه ومَلُسَ. ومن المَحْقِ الخَفي عند العرب أن تَلِدَ الإبلُ الذّكورَ ولا تِلدَ الإناثَ : لأن فيه انقطاعَ النَّسِل وذِهابَ اللَّبَن.

ومن المَحْقِ الخَفِي النَّخْل المُقارَب بينَه في الغَرْسِ. وكلُّ شيء أبطَلْتَه حتى لا يبقَى منه شيءٌ فقد مَحَقْتَه وقد أمْحَقَ أي بَطَلَ.

قال الله : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) [البَقَرَة : ٢٧٦] أي يَستأْصِل الله الرِّبا فيُذْهِب رَيْعَه وبَركتَهُ.

وقال أبو زيد : مَحَقَه الله وأَمْحَقَه وأبَى الأصمعيّ إلّا مَحَقَه.

ويقال : مُحَاقُ القمر وَمِحاقُه.

ومَحَّق فلانٌ بفلان تَمْحِيقاً : وذلك أنَ

٥٢

العرب في الجاهِلية إذا كان يَوْمُ المُحاق من الشَّهر ، بدَرَ الرجل إلى ماء الرجل إذا غاب عنه فيَنْزِل عَلَيه ويَسْقِي به مالَه ، فلا يَزال قَيِّمَ الماء ذلك الشَّهْر ورَبَّه حتى يَنْسَلِخَ ، فإذا انْسَلَخ كان رَبُّه الأوَّلُ أحَقَّ بِه ، وكانت العرب تدعو ذلك المَحِيقَ.

أبو العبَّاس عن ابن الأعْرابيّ قال : المَحْقُ : أن يَذْهَب الشيء كُلُّه حتى لا يُرَى منه شَيْءٌ ، ومنه قول الله : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) أي يَسْتأْصِلُ الله.

حمق : قال الليث : حَمُقَ الرجلُ يَحْمُقُ حَماقَة وحُمْقاً ، واسْتَحْمَق الرجُل إذا فَعَل فِعْل الحَمْقَى. وامْرأةٌ مُحْمِقٌ : تَلِدُ الحَمْقَى.

ويُقال مُحْمِقَةٌ. وقالت امْرَأَةٌ من العرب :

لستُ أُبالي أن أكون مُحْمِقَهْ

إذا رأيتُ خُصْيَةً مُعَلَّقَهْ

وسئل أبو العباس عن قول الشاعر :

إن للحُمْقِ نعْمَةً في رِقَابِ الْنَ

اسِ تَخْفَى عَلَى ذَوِي الألْبَابِ

فقال : سُئل بعضُ البُلغَاءِ عن الْحُمقِ فقال : أَجْودُه خَيْرُه قال : ومَعناه أن الأحْمَق الذي فيه بُلْغَةٌ يطاوِلُك بحُمْقِه فلا تعثُر على حُمْقه إلّا بعد مِرَاس طويل ، والأحْمَق : الذي لا مُلَاوَمَ فيه ينكشف حُمقُه سريعاً فتستريح منه ومن صُحبتِه.

قال : ومعْنى البيْت مُقَدَّم ومؤخَّر ، كأنه قال : إن للحُمق نعمةً في رِقابِ العُقَلاءِ تَغِيبُ وتَخْفَى على غيرهم من سائر الناس لأنهم أفطَن وأذكَى من غيره.

قال : والأحْمَق : مأخوذٌ من انحماق السوقِ إذا كسدَت فكأنه فَسَد عَقلُه حتى كَسد.

أبو عُبيد عن الأحمر : نام الثَّوْبُ وانحمق إذا خَلُق. قالَ : وانْحمقَت السّوقُ إذا كَسَدت.

قال : وقال الكسائي : الحُمَاقُ : الجُدَرِيُّ يقال منْه رجل مَحْموق.

وقال ابن دُرَيْد : انحمق الرجُل إذا ضَعُفَ عن الأمر.

قال : والحَمِق : الخفيف اللِّحية ، وقال غيره : يقال رَجُلٌ أحْمَق وحَمِقٌ بمعنًى واحِد.

والحُمَيقَاءُ : الجُدَرِيُّ الذي يصيبُ الصِّبيانَ.

والبَقْلَةُ الحَمقاءُ : هي الفَرْفَخَةُ. قال : والحَمَاق : نَبْتٌ ذكَرَتْه أمُّ الهيثم قال : وذَكَر بعضُهم أن الحَمَقِيق نَبْتٌ. وقال الخليل : هو الهَمَقِيق.

وقال الليث : فَرَسٌ مُحْمِق إذا كان نِتاجُها لا يَسبِق. قلت : لا أَعْرِفُ المُحْمِق بهذا المعْنى.

وقال أبو زيد : انْحمق الطَّعام انْحماقاً.

ومَأقَ مُؤُوقاً إذا رَخُص.

ابن السِّكِّيت : يقال : لِلَّيَالي التي يطلُع القمرُ فيها لَيلَه كلَّه فيكون في السماء ومن دونِه غَيْمٌ فترَى ضَوْءاً ولا ترى قمراً فتَظُن أنك قد أصْبَحْت وعليك لَيْل : المُحْمِقات. يقال : غَرَّنِي غُرورَ المُحْمِقات.

ثعلب عن ابن الأعرابي قالَ : الحُمْق أصلُه

٥٣

الكسادُ. ويقال للأَحْمَق : الكاسِد العَقْل. قال : والحُمْق أيضاً : الغُرور. يقال : سِرْنا في لَيَال مُحْمِقاتٍ إذا اسْتَتر القمر فيها بغَيْم أبْيضَ رقيق فيَسير الرَّاكِبُ وهو يَظُن أنه قد أصبح حتى يملَّ ، قال : ومنه أخذ اسم الأحمق لأنه يغرك في أول مجلسه بتعاقله ، فإذا انتهى إلى آخر كلامه بيَّن حمقه فقد غرك بأول كلامه.

أبواب الحاء والكاف

ح ك ج : مهمل.

ح ك ش

حشك ، حكش ، شحك ، كشح : [مستعملات].

حشك : قال الليث : الحَشَك : تَرْكُكَ الناقةَ لا تَحْلُبها حتى يجتمع لبنُها ، فهي محشوكة. قال : والحَشَك الاسم للدِّرَّة المجتمعة وأنشد :

غَدتْ وهي محشوكَةٌ حَافلٌ

فراحَ الذِّئارُ عليها صحيحا

الذِّئَارُ : البَعَر الذي يُلْطَخ به أَطْبَاءُ الناقة لئلا يؤثِّر الصِّرَارُ فيها.

وقال أبو عُبَيد : الحَشَكُ : الدِّرَّةُ. حَشَكَت الناقة تَحْشِك حَشَكاً.

وقال زُهير :

كما استغاث بِسَيْءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ

خاف العيون ولم يُنْظَرْ به الحَشَكُ

قال ابن السكيت : أراد الحَشْكَ فحركه للضرورة. أبو عبيد عن الفراء : حَشَكَ القَوْم وحشدوا بمعنى واحد.

قال : وقال الأصمعي : حَشَكَتِ النخلةُ إذا كَثُر حَمْلُها.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : مِن دُعائهم : «اللهم اغفر لي قبل حشك النفس وأزِّ العروق». قال : الحَشْكُ : النَّزْعُ الشديد.

وقال الأصمعي : الرِّياحُ الحَوَاشِكُ : المختلفة ، ويقال : الشديدة.

وقال أبو زيد : حَشَكَتِ الرِّيحُ تَحْشِك حَشْكاً إذا ضَعُفَت.

وقال غيره : قَوْسٌ حاشِكٌ وحاشكةٌ إذا كانت مُواتية للرَّامي فيما يريد.

وقال أسامة الهذلي :

له أسهمٌ قد طَرَّهُنَّ سَنِينُه

وحاشِكةٌ تَمْتَدُّ فيها السَّواعد

والحَشْك. النَّزعُ الشَّدِيد. ويقال : أَحْشَكْتُ الدَّابة إذا أقْضَمْتَها فَحَشِكَتْ أي قَضَمتْ.

حكش : قال ابن دريد : رجل حَكِشٌ مثل قولهم حَكِر وهو اللَّجوجُ والحَكِشُ والعَكِشُ : الذي فيه الْتِوَاءٌ على خَصْمِه.

كشح : قال ابن السكيت : مرَّ فلانٌ يَشُلُّهم ومرَّ يَشْحَنُهم ومرَّ يَكْشَحُهُم أي يطردُهم. قال والكاشح : المتولِّي عنك بوُدِّه. يقال : كَشَحَ عن الماء إذا أَدْبَرَ عنه. أبو عُبيد عن الأصمعي : كَشَحَ الرّجلُ والقوم عن الماء إذا ذهبوا عنه.

وقال الليث : الكَشْحُ : ما بين الخاصرة إلى الضِّلَعِ الْخَلْفِ ، وهو من لَدُن السُّرَّة إلى المَتْن ، وهما كَشْحان وهو موقع السيف من المُتَقَلِّد ، ويقال : طوى فُلانٌ

٥٤

كشحَه عَلَى أمرٍ إذا استمر عليه ، قال : وكذلك الذَّاهِبُ القاطع. يقال : طوى عنِّي كَشْحَه. إذا قطعة وعاداك. ومنه قول الأعشى :

* وكان طَوَى كَشْحاً وأَبَّ لِيَذّهَبا*

قلت يحتمل قوله وكان طوى كَشْحاً أي عزم على أمْر واستمرت عزيمته.

ويقال : طوى كَشْحاً على ضِغْنٍ إذا أضْمَرَهُ ، ومنه قول زهير :

وكَان طوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ

فلا هو أبداها ولم يتقَدَّم

ويقال : طوَى كَشْحَه عنه إذا أعْرَض عنه.

أبو عُبيد عن الأصمعي : الكاشِحُ : العَدُوُّ المُبْغِضُ.

وروى أبو نصر عنه : سُمِّي العَدُوُّ كَاشِحاً : لأنه وَلَّاكَ كَشْحَه وأعرض عنك.

وقال ابن الأعرابي : قال المُفَضَّل : الكَاشِحُ لصاحبه مأخوذ من المِكْشَاحِ ، وهو الفأْسُ.

والكُشاحَةُ : المُقَاطَعَةُ : وقال بعضهم : سُمِّي العَدُوُّ كَاشِحاً لأنه يَخْبَأُ العداوة في كَشْحه وفيه كبِدُه ، والكَبِدُ : بَيْتُ العداوة والبغْضَاءِ : ومنه قيل للعدُوِّ : أَسْوَدُ الكبد كأنَّ العداوة أحرقت كَبِدَه. وقال الأعشى :

فما أَجَشَمْتُ مِن إتْيَان قومٍ

هْمُ الأعداءُ والأكْبَادُ سُودُ

وجَمَلٌ مكْشُوحٌ : وُسِم بالكُشَاحِ في أسْفَلِ الضُّلوع وإبِلٌ مُكَشَّحَةٌ ومُجَنَّبَةٌ.

شحك : الليث : الشِّحَاكُ والشَّحْكُ. يقال : شَحَكْتُ الجَدْي ، وهو عودٌ يُعَرَّضُ في فَمِ الجَدْي يَمْنَعُه من الرَّضَاع.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يُقال لِلْعُوْد الذي يدخل في فم الفصيلِ لِئَلَّا يَرْضَع أُمَّه : شِحَاكٌ وحِناكٌ وشِبَامٌ وشِجارٌ ، وقال غيره : شَحَكَت الدَّابة إذا أدخلتْ ذَنَبَها بين رجليها ، وأنشد :

يأوِي إذا شَحَكت إلى أطْبَائِهَا

سَلِبُ العَسِيب كَأَنَّه ذُعْلُوق

ح ك ض

استُعمل من وجوهه : [ضحك]

ضحك : قال الليث : الضَّحِك : معروفٌ ، تقولُ : ضَحِك يَضْحَك ضَحِكاً ولو قيل ضَحَكاً لكان قِيَاساً ، لأن مصدر فَعِلَ فَعَلٌ.

قلت : وقد جاءت أَحْرُفٌ من المصادر على فَعِلَ. منها ضَحِكَ ضَحِكاً ، وخَنَقَه خَنِقاً ، وخَضَف خَضِفاً وضَرِطَ ضرِطاً وسَرَق سَرِقاً ، قال ذلك الفراءُ وغيره.

وقال الليث : الضُّحْكَة : الشّيءُ الذي يُضْحَك منه ، قال والضَّحَكَة : الرّجلُ الكثير الضَّحِك يُعابُ به.

أبو عُبيد عن الكسائي رجلٌ ضُحَكةٌ : كَثِيرُ الضَّحك ، ورجلٌ ضُحْكَةٌ. يُضْحَكُ منه.

وقال الليث : رجلٌ ضَحَّاك نَعْتٌ على فَعَّال ، قال : والضَّحَّاك بن عَدْنَان زَعَمَ ابْنُ دَأْبٍ المَدَنيُّ أنه الذي يقال إنه ملك الأرض ، وهو الذي يقال له المُذْهب وكانت أمه جِنِّيَّة فلحق بالجِنِّ ويتبَدَّى للقُرَّاء ، وتقول العَجمُ : إنه لَمَّا عَمِل السِّحر وأظهر الفساد أُخِذ فشُدَّ في جبل

٥٥

دُنْبَاوَنْد ، ويقال : إن الذي شدَّه أفْرِيذُون الذي كان مسح الدنيا فبلغت أربعة وعشرين ألف فَرْسخ.

قلت : وهذا كلُّه باطل لا يؤمِنُ بمثله إلا أحمق لا عَقْلَ له.

وقال الليث في قول الله جلّ وعزّ : (فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) [هُود : ٧١] أي طَمَثت. قلت : وروى سَلَمة عن الفَرّاء في تفسير هذه الآية ، لمّا قال رُسُل الله جلّ وعزّ لِعبدِه وخَلِيله إبراهيم : (لا تَخَفْ) [هود : ٧٠] ضَحِكَتْ عند ذلك امرأَتُه وكانت قائمة عليهم وهو قاعد فضَحِكت فبُشِّرَت بعد الضحِك بإسْحاق وإنما ضَحِكت سروراً بالأمن لأنها خَافت كما خاف إبراهيم.

وقال بعض أهل التفسير : هذا مُقَدَّم ومؤخَّر ، المعنى فيه عندهم فبَشَّرْنَاها بإسْحاق فضحكت بالبِشَارة.

قال الفَرّاءُ : وهو مما يحتمله الكلام والله أعلم بصوابه.

قال الفَرّاءُ : وأما قولهم فضحِكت : حَاضَت فلم نسمعه من ثِقَة.

وقال أبو عمرو : سمعت أبا موسى الحَامِض يسأل أبا العباس عن قوله (فَضَحِكَتْ) أي حَاضت ، وقال : إنه قد جاء في التفسير فقال : ليس في كلام العرب ، والتَّفْسِير مُسَلَّمٌ لأهل التفسير ، فقال له : فأنت أنشدتنا :

تَضْحَكُ الضَّبْعُ لِقَتْلَي هُذَيلٍ

وَتَرَى الذِّئْبَ بِهَا يَسْتَهلّ

فقال أبو العباس : تَضْحَك هَهُنا تَكْشِر ، وذلك أن الذئب ينازعها على القتيل فتَكْشِر في وَجْهه وعِيداً فيتركها مع لحم القتيل ويَمُر.

وأخبرني المُنْذِرِي عن أبي طالب أنه قال : قال بعضهم في قوله فَضَحِكَتْ : حَاضَتْ.

قال : ويقال : إن أصله من ضَحَّاك الطَّلْعة إذا انْشَقَّت. قال : وقال الأَخْطَلُ فيه بمعنى الْحَيْض.

تَضْحَك الضبْع من دِماءِ سُلَيْم

إذْ رأَتْها على الحِدَاب تَمور

وكان ابن عباس يقول : ضحِكَت : عَجِبت من فزع إبراهيم.

وقال الكُميْت :

وأَضْحَكَتِ الضِّبَاعَ سُيُوفُ سَعْد

بِقَتْلَى ما دُفِنَّ وَلَا وُدينَا

قال : وقال بعضهم : الضَّحِك : الطَّلْع.

قال : وسمعنا من يقول : أَضْحَكْتَ حَوْضَك إذا ملأته حتى يفيض.

وقال أبو ذُؤَيْب :

فجاء بِمزْج لم يَرَ الناسُ مثلَه

هو الضَّحْك إلا أنه عمل النَّحْل

قالوا : هو العَجَب وهذا يُقَوِّي ما رُوي عن ابن عباس.

وقال أبو إسْحاق في قوله : (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ) [هود : ٧١] يُروَى أنّها ضَحِكت لأنَّهَا كانت قالت لإبراهيم : اضمُمْ لُوطاً ابن أَخِيك إليك فإنِّي أَعْلَم أَنّه سَيَنْزِل بهؤلاء القوم عذابٌ ، فَضَحِكَت سُرُوراً لمَّا أَتى الأمر على ما توهَّمَت. قال : فأما من

٥٦

قال في تَفْسِير : ضَحِكَت : حَاضَتْ فليس بشيءٍ. قلت : وقد رُوِي ذلك عن مُجَاهِد وعِكْرِمة فالله أَعْلم.

وقال الليث : قال بعضهم : في الضَّحِك الذي في بيت أبي ذُؤَيْبٍ : إنه الثَّلْجُ ، وقيل : هو الشَّهْدُ ، وقيل : هو الزُّبْد.

عمرو عن أبيه : الضَّحْك والضَّحَّاكُ : وليعُ الطَّلْعَةِ الذي يُؤكل.

والضَّحْك : العَسَل.

والضَّحْك : النَّورُ.

والضَّحْك : المحجَّةُ.

والضَّحْك : ظهور الثَّنايا من الفرح.

وقال أبو زيد : يقال للرجل أربعُ ثنايا وأربُع رُباعيَات وأَرْبعة ضَوَاحِكُ والواحد ضَاحِكٌ وثِنْتا عشرةَ رَحًى في كل شِقٍّ سِتُّ وهي الطواحنُ ثم النَّواجذُ بعدها وهي أَقْصَى الأضْراس.

الليث : الضَّحُوكُ من الطرق : ما وَضَح واسْتبان ، وأنشد :

* على ضَحُوك النَّقْبِ مُجْرَهِدِّ*

أبو سعيد : ضَحِكاتُ القُلوب من الأموال والأولاد : خِيَارُها التي تَضْحَكُ القُلوبُ إليها. وضَحِكاتُ كل شيء : خِياره.

ورأْيٌ ضَاحِكٌ : ظاهِرٌ غير مُلْتَبِسٍ. ويقال : إن رَأْيك لَيُضَاحِكُ المشكلات أي تظهر عنده المشكلات حتى تُعْرَف. وطريقٌ ضَحَّاك : مُسْتبين.

وقال الفَرَزدق :

إذا هي بالرّكْب العِجالِ تَرَدَّفَتْ

نَحَائِزَ ضَحَّاك المَطَالع في نَقْب

نَحائِزُ الطَّرِيق : جَوادُّه.

وبُرْقَةُ ضَاحِك : في ديار تَميم ، ورَوْضَةُ ضَاحِك بالصَّمَّانِ معروفة.

ح ك ص

استعمل من وجوهه : حكص ، كحص.

حكص : الليث : الحِكيصُ : المَرْميُّ بالرِّيبَةِ وأنشد :

فلن تَرَاني أَبداً حَكِيصا

معَ المُرِيبينَ ولَنْ أَلُوصَا

قلت : لا أعرف الحَكِيصَ ولم أَسْمَعهُ لغير الليث.

كحص : قال : الكاحِصُ : الضَّارِبُ بِرجْلِه.

سَلَمَةَ عن الفَرّاءِ : فَحَص برجله وكَحَصَ بِرجْله.

وقال أبو عمرو : كَحَصَ الأثرُ كُحُوصاً إذا دَثَرَ ، وقد كَحَصَه البِلَى ، وأنشد :

* والدِّيَارُ الكَوَاحِص *

وكَحَص الظَّلِيمُ إذا مَرّ في الأرض لا يُرَى فهو كاحِص.

وقال ابن دُرَيْد : الكَحْصُ : نَبْت له حَبٌّ أَسْود يُشبَّه بعيون الجَرادِ ، وأنشد في صِفَة الدُّرُوعِ :

كأنَّ جَنى الكَحْصِ اليبيس قَتيرُها

إذا نُثِلَت سالت ولم تَتَجَمّعِ

ح ك س

حسك ، سحك ، كسح : [مستعملات].

حسك : قال الليث : الحسَكُ : نباتٌ له ثَمر خَشِن يتعلَّقُ بأصواف الغَنَم. قال : وكل ثمَرَة يُشْبهها نحو ثَمَرَةِ القُطْب والسَّعْدان

٥٧

والهَراس فهو حَسَك ، والواحدة حَسَكةٌ ، قال : والحَسَكُ من أدوات الحرب رُبما اتُّخِذَ من حَدِيد فَصُبّ حول العَسْكر.

وحَسكُ الصدر : حِقْدُ العداوة.

يقال : إنه لَحَسِكُ الصَّدر على فُلانٍ.

قال : والحِسْكِكُ : القُنْفُذُ الضَّخْمُ.

أبو عبيد : في قلبه عليك حَسِيكةٌ وحَسِيفَةٌ وسخِيمةٌ بمعنى واحد.

وقال غيره : يقال للقوم الأشِدّاء : إنهم لَحَسَكٌ أَمْرَاسٌ ، الواحد حَسَكةٌ مَرِسٌ.

سحك : أخبرني المُنْذري عن الحَرَّانِي عن ابن السِّكِّيت. قال : سمعت ابن الأعرابي يقول : أَسْوَدُ سُحْكُوكٌ وحُلْكُوكٌ.

قلت : ومُسْحَنْكَك مثله مُفْعَنْلَلٌ من سَحَك.

كسح : الليث : الكَسْحُ : الكَنْسُ. والكُسَاحَةُ : تُرابٌ مَجموعٌ كُسِحَ بالمِكْسَح.

والمُكاسَحَةُ : المُشَارَّةُ الشديدةُ.

قال : والكَسَحُ ثِقَل في إحدى الرِّجلين إذا مَشَى جَرّها جَرّاً. ورجلٌ كَسْحَانُ ، وقد كَسِحَ كَسَحاً.

وفي حديث ابن عمر أَنَّه ذكر الصدقة فقال : هي مَالُ الكُسْحَان والعُوران ، واحِدُهُم أَكْسَحُ وهو المُقْعدُ يقال منه : كَسِحَ كَسَحاً. وأنشد :

بين مخذولٍ كَرِيمٍ جَدُّهُ

وخَذُولِ الرِّجْلِ من غير كَسَحْ

ومعنى الحديث : أَنّه كره الصَّدقة إلا لأهْلِ الزَّمَانَةِ ، وأنشد الليث بَيْتاً آخَرَ لِلأَعْشَى :

ولقد أَمْنَحُ مَنْ عَادَيْتُه

كُلَّ ما يَقْطَعُ من دَاء الكَسَحْ

قال : ويروى بالشِّين.

وقال أبو سعيد : الكُسَاحُ : من أَدْوَاءِ الإبل ، جَمَل مَكْسُوح : لا يَمْشِي من شِدة الظَّلْع.

قال : وعُودٌ مُكَسَّحٌ ومُكشّح أي مَقشورٌ مُسوًّى.

قال : ومنه قول الطِّرِمَّاح :

جُمَالِيَّةٌ تَغْتَالُ فَضلَ جَدِيلها

شَنَاحٍ كَصَقْبِ الطائفِيِ المُكَسَّحِ

ويروى المُكَشَّحِ ، أراد بالشَّنَاحِي عُنُقَها لطوله.

وقال أبو سعيد : يقال : أَتينَا بني فُلانٍ فاكتسحنا مالهم أي لم نُبْقِ لهم شيئاً.

وقال المُفضَّلُ : كسَحَ وكَثَحَ بمعنى واحد حكاهُ أبو تُرَاب.

ح ك ز

استعمل من وجوهه : حَزَكَ ، زَحَكَ.

حزك : قال الفراءُ : حَزَكْتُه بالحبلِ أحْزِكُه مثل حَزَقْتُه سَواء.

قَالَ : وحَزَكه وحَزَقَهُ إذَا شدّه بحبلٍ جَمَع به يديه ورِجْلَيْه.

أبو عُبيد : عن الأصمعي : الاحْتِزَاكُ هو الاحْتِزَامُ بالثَّوْبِ.

زحك : يقال : زَحَكَ فلان عَنِّي وزحَلَ إذا تَنَحَّى.

قال : رُؤْبَةُ :

كأنه إذْ عادَ فيها وَزحَكْ

حُمَّى قَطِيفِ الخَطِّ أَوْ حُمَّى فَدَكْ

٥٨

كأنه يعني الهَمَّ إذْ عاد إلَيّ أَوْزحَكَ إذا تَنَحَّى عَنِّي.

ابن الفرج عن عُرَام : أزْحَفَ الرجل وأَزْحَكَ إذا أعْيَتْ به دابَّتُه.

ح ك ط

كحط : يقال : كحطَ المطرُ وقَحَطَ.

ح ك د

حكد ، كدح : مستعملان.

حكد : ثعلب عن ابن الأعرابي : هو في مَحْكِد صدق ومَحْتِد صِدْق.

كدح : الليث : الكدْحُ : عملُ الإنسان من الخيْرِ والشَّرِّ يكدَح لنفسه بمعنى يسعى لنفسه ، ومنه قولُ الله جلّ وعزّ : (إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً) [الانشقاق : ٦] أي ناصبٌ إلى ربك نصْباً.

وقال أبو إسحاق : جاء في التفسير : إنك عاملٌ لِربكَ عملا وجاء أيضاً : ساعٍ إلى ربِّك سعياً فملاقِيه.

والكَدْحُ في اللغة : السعي والدُّؤوبُ في العمل في بابِ الدنيا ، وفي باب الآخرة ، وقَالَ ابن مُقْبل :

وما الدهرُ إلا تارتانِ فمنهما

أموت وأخرَى أبتغي العيشَ أكدحُ

أي تارة أسعى في طلب العيش وأَدْأَبُ.

وقال الليث : الكدْحُ : دون الكَدْم بالأسنان. والكدْحُ بالحجر والحافِر.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «مَنْ سأَلَ وهو غنِيٌّ جاءت مسألته يوم القيامة خُدوشاً أو خُمُوشاً أو كُدُوحاً». قال أبو عُبيد : الكُدُوحُ : أَثرُ الخُدُوش وكلُّ أَثَرٍ من خَدْشٍ أو عَضٍّ فهو كدْحٌ ومنه قيلَ للحمار الوَحْشِي : مُكدَّح لأن الحُمُرَ يَعْضَضْنَه ، وأنشد :

يَمْشونَ حوْلَ مُكَدَّمٍ قد كدَّحَت

مَتْنَيْهِ حَمْلُ حَناتِمٍ وقِلالِ

ويقال : كدَحَ فُلَانٌ وَجْه فلان إذا ما عَمِل به ما يَشِينُه ، وكَدَحَ وَجْهَ أَمْرِه إذا أفْسَدَه.

ح ك ت

استعمل من وجوهه : حتك ، كتح.

حتك : قال الليث : الْحَتكُ وَالحَتَكانُ شبه الرَّتَكان في المَشْي إلا أَنَّ الرَّتَكانَ للإبِل خاصَّة ، والحَتْك للإنسان وغَيْره.

أبو عُبيد عن الأصمعي : الحَتْك ـ ساكِنُ التَّاء ـ : أَنْ يُقارِبَ الخَطوَ ويُسْرِع رَفْعَ الرِّجْل وَوَضْعها.

شَمِر : قال ابنُ حبيب : رجل حَتَكة وهو القَمِىءُ ، وكذلك الحَوْتَكُ والحوْتَكيُ هو القصيرُ القَريبُ الخَطْوِ ، قال : والحاتِكُ : القَطُوفُ العاجزُ قال : والقَطوفُ : القريبُ الخَطْو. وقال ذُو الرُّمَّة :

لنا ولكم يا مَيُّ أَمْسَتْ نِعاجُها

يُماشِينَ أُمَّاتِ الرِّئالِ الحوَاتِك

وقال الرَّاجزُ :

وساقِيَيْن لم يكُونَا حَتَكا

إذا أَقُولُ وَنَيَا تَمَهَّكا

أي تَمَدَّدا بالدَّلْو.

والحَوْتَكُ : الصَّغِير الجِسْم اللَّئيم.

كتح : قال الليث : الكَتحُ : دُون الكَدْحِ من

٥٩

الحصى. والشيءُ يُصِيبُ الجِلْدَ فيُؤَثِّرُ فيه.

وقال أبو النَّجْم يَصِفُ الحَمير :

يلتَحْنَ وَجْهاً بالحَصَى مَلْتُوحا

ومَرَّةً بِحَافِر مَكْتُوحا

وقال الآخر :

* فأهْوِنْ بِذِئْب يكْتَحُ الرِّيحُ باسْتِه*

أي يضربه الرِّيحُ بالحَصى قال : ومَنْ روى تَكثح الرِّيحُ الثَّاء فمعناه تَكْشِف

وقال ابنُ دُرَيْدٍ : كَتَحَ الدَّبا الأرْضَ إذا أكل ما عليها من نَبات أوْ شَجَر. وأنشد :

لهُمْ أشَدُّ عليكم يوم ذُلِّكُمُ

من الكَواتِح من ذاك الدَّبا السُّودِ

قال : وكَتَحَتْه الرِّيحُ وكَثَحَتْه إذا سَفَتْ عليه الترابَ.

ح ك ظ ـ ح ك ذ : أهملت وجوهها.

ح ك ث

كثح ، كحث : مستعملان.

كثح : قال الليث : الكَثْحُ : كَشْف الرِّيح الشيء عن الشيء.

قال : ويَكْثَحُ بالتُّراب وبالْحَصَى أي يضرب به.

وقال المُفَضَّل : كَثَحَ من المال ما شاء مثل كسحَ.

كحث : قال الليث : كَحَث له من المال كَحْثاً إذا غرَفَ لهُ منهُ غَرْفاً بيدَيْهِ.

ح ك ر

حرك ، حكر ، ركح : مستعملة.

حكر : الليث : الحَكْر : الظُّلْمُ والتَّنَقُّصُ وسُوء العِشْرَةِ. يقال : فلان يَحْكِر فلاناً إذا أَدْخَلَ عليه مَشَقّة ومَضَرَّة في مُعاشَرَته ومُعايَشَته ، والنَّعْتُ حَكِر.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الحَكْر : اللِّجاجَة. والحَكْرُ : ادّخارُ الطَّعام للتّرَبُّص.

وقال الليث : الحَكْرُ : ما احْتَكَرْت من طعام ونَحْوه ممَّا يُؤْكَلُ. ومعناه الجَمْعُ.

وصاحِبُه مُحْتَكِر وهو احتِباسُه انتِظارَ الغَلاء ، وأَنْشَد :

نَعَّمَتْها أُمُّ صِدْق بَرَّةٌ

وأَبٌ يُكْرِمُها غَيْرُ حَكِرْ

ابن شُمَيل : إنَّهم لَيَتَحَكَّرُون في بَيْعهم : ينظُرون ويَتَربَّصُون. وإنَّه لَحَكِر لا يزال يحبِس سِلعتَه. والسوق مادَّةٌ حتى يبيعَ بالكثِير من شِدَّة حَكْرِه أي من شِدة احتباسه وترَبُّصِة. قال : والسوق مادة أي مُلأى رجالا وبيُوعاً. وقد مدَّت السُّوق تمُدُّ مدّاً.

حرك : الليث : تقول : حَرَكَ الشيءُ يحرُك حَرَكاً وحَرَكَة وكذلك يتحرَّك وتقول : قد أعْيا فما به حَراكٌ. قال. وتقول : حركْت مَحْركَه بالسيف حَرْكا ، والمَحْرَك : مُنتهى العُنُقِ عند مِفْصل الرّأس. والحاركُ : أعلى الكاهِل ، وقال لَبيد :

* مُغْبِطُ الحارِكِ مَحْبُوك الكَفَل*

أبو زَيْد : حَرَكَه بِالسيف حَرْكاً إذا ضرب عُنقَه قال : والمَحْرَكُ : أَصْلُ العُنُق من أعْلَاها.

ويقال لِلْحَارك : مَحْرَك بفتح الرَّاء : وهو

٦٠