الشيخ علي ربّاني الخلخالي
المترجم: السيد علي الحسيني
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة دار الكتاب الاسلامي
المطبعة: مطبعة ستار
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٨٣
وكان هذا المسجد صغيراً مهجوراً تحفّه الأوساخ والقاذورات إلّا أنّه تمّ تجديد بناءه وإعادة إعماره ، وهو الآن يسع خمسة آلاف مصلي ، ومحاط بمرافق صحية ودورات مياه نظيفة تتألف من أكثر من خمسمائة حمام لمن يريد أن يغتسل غسل الاحرام ، وأكثر من (٣٥٠) مرحاض.
١١ ـ مسجد أبي ذر :
ويقع في نهاية شارع «أبو ذر» حالياً ، وقد تمّ إعادة إعماره وتوسيعه في الآوانة الأخيرة.
١٢ ـ مسجد مشربة أم إبراهيم :
روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله : صلّى في مشربة أم إبراهيم ... وإنما سمّيت مشربة أم إبراهيم لأن أم إبراهيم ولدت إبراهيم ابن النبي صلىاللهعليهوآله فيها.
وهو موضع بالعوالي من المدينة بين النخيل ، وهو أكمة قد حوّط عليها بلبن.
والمشربة : البستان ، ولعلّه كان بستاناً لمارية القبطية أم إبراهيم ابن النبي صلىاللهعليهوآله.
قال في الصحاح : المشربة ـ بالكسر ـ : إناء يشرب فيه ، والمشربة ـ بالفتح ـ : الغرفة ، والمشارب : العلالي.
وليس في كلامه اطلاق ذلك على البستان ، والظاهر أنها كانت عِليّة في ذلك البستان.
١٣ ـ مسجد الشمس :
وهو المكان الذي أعيدت الشمس فيه بعد غروبها لعلي عليهالسلام ، وكان ذلك بالصهباء من خيبر.
قال عياض في الشفاء : كان رأس النبي صلىاللهعليهوآله في حجر علي عليهالسلام وهو يوحى اليه ، فغربت الشمس ، ولم يكن علي صلّى العصر.
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أصليت يا علي؟
قال : لا.
فقال : اللهم إنّه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس.
قالت أسماء : فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ، ووقعت على الجبال والأرض ، وذلك بالصهباء في خيبر.
قال عياض : خرجه الطحاوي في مشكل الحديث وقال : إنّ أحمد بن صالح كان يقول : لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حفظ هذا الحديث ؛ لأنّه من علامات النبوة (١).
١٤ ـ مسجد الإجابة :
ويقع شمال البقيع ، صلّى فيه النبي صلىاللهعليهوآله ودعا فاستجاب الله دعاءه ، فسمي بـ «مسجد الاجابة».
١٥ ـ مسجد العسكر :
يقع بالقرب من قبر حمزة عليهالسلام ، قيل : إنّه مصرع حمزة عليهالسلام ، وأنّه مشى بطعنته من الموضع الأول إلى هناك فصرع عليهالسلام.
وقيل : أنّه دفن فيه جملة من شهداء أُحد.
١٦ ـ مسجد بني الظفر :
ويعرف بمسجد «البغلة» وهو في شرقي البقيع ، طريقه عند ـ القبة المعروفة ـ بفاطمة بنت أسد ، أم علي عليهالسلام ، بأقصى البقيع ، صلّى فيه النبي صلىاللهعليهوآله وجلس على
__________________
(١) وفاء الوفاء ٣ / ٨٢٣.
الحجر الذي فيه ، ولم يزل الناس يصفون الجلوس على ذلك الحجر للمرأة التي لا تلد ، ويقصدون ذلك المسجد لأجله ، فقلّ امراة نزر ولدها تجلس عليه إلّا حملت (١).
١٧ ـ مسجد الأبواء :
و «الأبواء» قرية تبعد عن الجحفة ثلاثة عشر ميلاً ، توفيت فيها أم النبي صلىاللهعليهوآله السيدة آمنة بنت وهب عليهاالسلام ، في منصرفها من زيارة قبر زوجها عبد الله عليهالسلام ، وكان النبي صلىاللهعليهوآله صغيراً فحزن حزناً شديداً لفراق أمه.
وفي وسط الأبواء مسجد لرسول الله صلىاللهعليهوآله وذكر بها آباراً وبركاً (٢).
١٨ ـ مسجد الجحفة :
الجحفة ميقات أهل الشام ، وفي أولها مسجد لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وسميت الجحفة ؛ لأنها واقعة في طريق السيول.
وقد أصابها السيل مرة فجرف ما فيها وغرق يومها «حماد بن عيسى» أحد أصحاب الاجماع ، وقد روى عن أربعة من الأئمة عليهمالسلام.
وكان الامام الصادق عليهالسلام قد دعا له بخمسين حجة ، فوفّق لها كاملة ، وفي الحجة الواحدة والخمسين استأذن الامام الجواد عليهالسلام في الخروج ، فاذن له الامام عليهالسلام ، وقال له : ولكن لا تتعجل ، فخرج إلى الجحفة ، فلمّا أراد أن يغتسل فيها غسل الاحرام ثار السيل فأغرق حماداً فسمي «غريق الجحفة».
١٩ ـ مسجد غدير خم :
وهو على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة عن الطريق حذاء العين.
__________________
(١) أنظر للمزيد : وفاء الوفاء ٣ / ٨٢٧.
(٢) المصدر السابق.
وقال عياض : غدير خم ، غدير تصبّ فيه عين ، وبين الغدير والعين مسجد للنبي صلىاللهعليهوآله.
وفي مسند أحمد عن البراء بن عازب قال : كنا عند النبي صلىاللهعليهوآله فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله صلىاللهعليهوآله تحت شجرة ، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي.
وقال : ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟!
قالوا : بلى.
قال : فأخذ بيد علي وقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال : هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (١).
٢٠ ـ مسجد بدر :
كان العريش الذي بني لرسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر عنده ، وهذا المسجد معروف بقرب بطن الوادي بين النخيل والعين قريبة منه.
وفي هذه القرية قبور أربعة عشر شهيداً في شهداء بدر ، وهي تقع على بعد كيلومتراً واحداً عن الطريق القديم بين المدينة ومكة ، ولا زال أهل تلك القرية يدفنون موتاهم عند تلك القبور ، وهي محصورة بسياج عال يحوط المقبرة كلّها.
* * *
__________________
(١) وفاء الوفاء ٣ / ١٠١٣.
القسم الرابع
مقبرة البقيع
إنّ أول من دفن رسول الله صلىاللهعليهوآله في البقيع «عثمان بن مضعون» وكان رجلاً زاهداً عابداً صالحاً ، حضر النبي صلىاللهعليهوآله في بيته ، وأحنى عليه وقبّله ، ولما رفع رأسه الشريف تلألأت الدموع في عينيه ، فلمّا رفعت جنازته قال صلىاللهعليهوآله : طوبى لك يا عثمان لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها.
وقال صلىاللهعليهوآله للموضع الذي دفن فيه عثمان : هذه الروحاء.
ولمّا توفي إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال صلىاللهعليهوآله : إلحق بسلفك الصالح «عثمان بن مضعون».
فلمّا توفيت ابنته رقية قال صلىاللهعليهوآله : إلحقي بسلفنا الصالح «عثمان بن مضعون».
قال صاحب مرآة الحرمين : دفن في البقيع أكثر من عشرة آلاف من الصحابة والتابعين.
وفيما يلي الاشارة إلى بعضها :
١ ـ إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله :
مات طفلاً صغيراً.
قال السمهودي : قال المجد : وموضع تربته يعرف ببيت الأحزان .. وهو البيت الذي آوت اليه فاطمة عليهاالسلام ، والتزمت الحزن فيه بعد وفاة أبيها سيد المرسلين صلىاللهعليهوآله (١).
٢ ـ قبر عقيل بن أبي طالب عليهالسلام :
وقيل : أنّه قبره في الشام ، وله هناك قبة وضريح.
٣ ـ قبر فاطمة بنت أسد عليهاالسلام :
أم الامام أمير المؤمنين عليهالسلام في روحاء البقيع بالقرب من قبر إبراهيم عليهالسلام وعثمان بن مضعون.
وقيل : دفنت في قبة العباس وهو المعروف بحسب التاريخ.
٤ ـ قبر العباس بن عبد المطلب في مقبرة بني هاشم.
٥ ـ قبر صفية بنت عبد المطلب :
أم الزبير ، وأخت حمزة عليهالسلام ، وعمة النبي صلىاللهعليهوآله ، وقبرها يقع على شمال الخارج من البقيع.
ومعها في نفس البقعة قبر عاتكة بنت عبد المطلب عمة النبي صلىاللهعليهوآله.
وقبر «أم البنين عليهاالسلام» أم قمر العشيرة أبي الفضل العباس عليهالسلام.
٦ ـ قبر عبد الله بن جعفر الطيار :
في نفس البقعة التي دفن فيها عقيل ابن أبي طالب ، وقيل : أنّه قبره في الأبواء.
ودفن في نفس تلك البقعة سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.
٧ ـ قبور ثلاثة متقاربة :
يقال : أنها قبور بنات النبي صلىاللهعليهوآله زينب ورقية وام كلثوم.
__________________
(١) وفاء الوفاء ٣ / ٩١٨.
٨ ـ تسعة قبور متقاربة :
أيضاً يقال : أنّها قبور نساء النبي صلىاللهعليهوآله ، سوى خديجة عليهاالسلام ؛ لأن قبرها في مكة ، وميمونة لأنها دفنت في سرف.
٩ ـ قبر حليمة السعدية :
قبر في منتهى البقيع جنب السور ، معروف أنّه قبر حليمة السعدية مرضعة النبي صلىاللهعليهوآله ، وقد دخل في البقيع وصار مشخصاً بعد التوسعة الأخيرة.
١٠ ـ قبور عدة من شهداء أحد في الجانب الغربي من البقيع.
١١ ـ قبر إسماعيل بن جعفر الصادق عليهالسلام :
وهو مقابل قبر العباس بن عبد المطلب ، ملتصق بالجدار من طرف الطريق العام.
١٢ ـ قبر عبد الله بن مسعود :
وكان قد أوصى أن يدفن بالقرب من عثمان بن مضعون.
١٣ ـ قبر سعد بن معاذ :
وهو الذي صلّى عليه النبي في تسعين ألف من الملائكة ، وبشرّه لحبّه لعلي عليهالسلام فقال : ابشر يا سعد فان الله يختم لك بالشهادة.
١٤ ـ قبر أبي سعيد الخدري :
كان من الفقهاء وكان موالياً محبّاً لأهل البيت عليهمالسلام.
وإنّما سميت المقبرة «بقيع الغرقد» لمكان الغرقد ـ وهي شجرة ـ الذي كان فيها ، فلما دفن النبي صلىاللهعليهوآله إبراهيم ابنه قطعه الناس ودفنوا فيها.
ثواب زيارة قبور أهل البيت عليهمالسلام وإعمارها :
لقد وردت النصوص المتظافرة في ثواب زيارة المراقد المطهرة لأئمة أهل البيت وأبنائهم وإعمارها.
منها : ما عن الرضا عليهالسلام قال : «فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة» (١).
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : «من زارني أو زار أحداً من ذريتي زرته يوم القيامة فانقذته من أهوالها» (٢).
وعن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال لعلي عليهالسلام ـ في حديث ـ : إنّ الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحنّ اليكم ، وتحتمل المذلّة والأذى ، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقرّباً منهم إلى الله ، ومودّة منهم لرسوله ، أولئك ـ يا علي ـ المخصوصون بشفاعتي ، الواردون حوضي ، وهم زوّاري غداً في الجنة.
ثم قال : يا علي! من عمّر قبوركم وتعاهدها فكانّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس (٣).
* * *
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ / ٢٥٣ ، عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٦٠.
(٢) كامل الزيارات : ٧.
(٣) عن فرحة الغري لابن طاوس : ٣١ ، البحار ١٠٠ / ١٢١.
القسم الخامس
قبور الأئمة المعصومين في البقيع
كان لقبور الأئمة عليهمالسلام صندوق وضريح ، وروضة ومقام ، وايوان للقراء ، ورواق بناه مجد الملك أبو الفضل أسعد بن محمد بن موسى الأردستاني ، وزير السلطان بركياق بن ملك الشاه ابن ألب أرسلان سنة (٩٥ هـ) ، وقتل الوزير المذكور بتهمة التشيع سنة (٤٩٢ هـ).
وبنى القبة أيضاً الناصر بالله العباسي سنة (٥٦٠ هـ).
وكانت الروضة الشريفة مزينة بالنقوش والقناديل المكللة بالذهب والفضة والفولاد ، ومفروشة بالسجاد الايراني الفاخر ، الذي كان يحكي الفن والجمال للأيادي الايرانية والهندية الشيعية.
إلّا أنّ الوهابين هدموا القبور ولم يبقوا ثمة سوى تراب القبر ، حتى صار البقيع في وضع يرقّ له كلّ قلب ، ويطلق كلّ لسان باللعن الدائم على أولئك الأوغاد الأرجاس المتعصبين الجهلة الذين عطلوا عقولهم وتمسكوا بخرافاتهم ، فلعنة الله على الظالمين.
* * *
وقد دفن في البقيع أربعة من الأئمة الأبرار الأطهار وهم :
١ ـ الامام الحسن المجتبى عليهالسلام :
وهو أكبر أولاد أمير المؤمنين عليهالسلام وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يسميه وأخاه الحسين عليهالسلام «ابناي» ، ولذا كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول لأولاده «أنتم أولادي ، والحسن والحسين أولاد رسول الله صلىاللهعليهوآله» (١).
ولد الامام الحسن عليهالسلام في المدينة المنورة سنة (٣) للهجرة ، وأدرك جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله سبع سنين ، وعاش في حجره الشريف وتحت ظله المنيف ، يرفل بالحب والحنان الخاص الذي أحاطه به جدّه.
وبعد وفاة جدّه ـ ومن بعده وفاة أمه الصديقة الطاهرة التي كانت أسرع أهل بيته لحوقاً به ـ عاش الامام الحسن عليهالسلام في كنف أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام حتى استشهد سيد الأوصياء ، فكانت الامامة لولده الحسن نصاً من جدّه وأبيه حيث بقي ستة أشهر إماماً ظاهراً على الخلق ، ومعاوية يحاربه أشدّ المحاربة طمعاً في الخلافة التي كان يحلم بها هو وأسلافه ، فرفع قميص عثمان ، وأخذ يطالب بدمه ، ثم أعلن عن طمعه وكشر عن أنيابه ، مطالباً بالخلافة ، ودارت رحى الأيام فاضطر الامام الحسن عليهالسلام في ظروف خاصة للصلح ، ولكن ضمن شروط اتفق عليها الطرفان.
منها : أن ترجع الخلافة إلى الحسن عليهالسلام أو أخيه الحسين بعد وفاة معاوية.
ومنها : أن لا يتعرض معاوية للامام ولأصحابه وشيعته وأهل بيته بأي سوء أو أذى (٢).
فلمّا تربع معاوية على عرش الحكم تنكر للامام عليهالسلام ، ودخل الكوفة وأعلن فيها
__________________
(١) أنظر : مناقب لابن شهر آشوب ٤ / ٢١ و ٢٥ ، ذخائر العقبى : ٦٧ و ١٢١.
(٢) أنظر : ارشاد المفيد : ١٧٣.
بكلّ صلافة وجرأة عن عدم التزامه بشرط الصلح ، وأنّ كلّ شرط شرطه فهو تحت قدمه ؛ فطارد شيعته الامام وقتلهم.
وعاش الامام المظلوم ، أبو محمد الحسن ، سنين إمامته العشرة في غاية الشدّة ، وكان مهدداً حتى في بيته ، حيث أوعز معاوية إلى زوجة الامام «جعدة بنت الأشعث» ومنّاها وأغراها ، فدسّت السم للامام ، فقضى مسموماً مظلوماً ، وهو في السنة السابعة والأربعين من عمره المبارك الشريف ، ودفن في البقيع ، وكان على قبره ضريح وقبة عظيمة هدمها الأوغاد الوهابيون.
لقد عاش الامام حميداً ، ومات شهيداً سعيداً ، وكان عظيماً في خلقه ، يذكر برسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام خَلقاً وخُلقاً ، وقد تظاهر الخاصة والعامة على رواية مناقبه وفضائله ، ومحامد أخلاقه ، وما قاله فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد قال فيه : «هذان ـ الحسن والحسين عليهماالسلام ـ ابناي إمامان قاما أو قعدا».
٢ ـ الامام علي بن الحسين عليهالسلام :
ولد الامام عليهالسلام سنة (٣٦) للهجرة من الخيرتين ؛ فأبوه الامام السبط الشهيد الحسين بن علي عليهالسلام وأمه «شاه زنان» بنت آخر ملوك الساسانيين.
ولقب : بزين العابدين ، وسيد الساجدين ، وقرة عين الناظرين ، وذو الثفنات ، وغيرها من ألقابه الحاكية عن سمو خلقه وعبادته وزهده وصبره وجهاده ، حيث كان خليفة أبيه ، والوحيد من اخوته عاش بعد أبيه ، فقد شاءت حكمة الحكيم الباري أن يصحب الامام الشهيد في ثورته ، ويذوق المأساة ويشاهدها بعينه ، ثم يرعى سبايا أهله إلى الكوفة ثم إلى الشام ، فقام باعباء إمامته ودافع عن الدين ، وقال كلمة الحق أمام السطان الجائر اللعين ، وعاد إلى المدينة مع ركب السبايا.
ثم استحضره عبد الملك الخليفة الأموي السفاك ، فحمل عليهالسلام مكبّلاً مقيّداً بالأصفاد من المدينة إلى الشام ، قم عاد بعدها إلى المدينة.
ولم ترفع عنه السلطة الغاشمة ضغوطها ومضايقاتها إلّا أنّ الامام عليهالسلام كان مقبلاً على عبادته ودعائه ، لا يلتقي أحداً إلّا خواص شيعته ، كأبي حمزة الثمالي ، وأبي خالد الكابلي ، ويبثّ ما يريد في شيعته عن طريق أمثال هؤلاء.
وخلّف لنا :
«الصحيفة السجادية» زبور آل محمد.
و «رسالة الحقوق».
و «الذرية الطيبة» حيث كانت ذرية رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة سيدة نساء العالمين والامام السبط الشهيد من صلب هذا الامام العظيم.
٣ ـ الامام محمد بن الباقر عليهالسلام :
الامام محمد بن علي بن الحسين بن أمير المؤمنين عليهالسلام ، لقبه جدّه بـ «الباقر».
ولد سنة (٥٧ هـ) ، وشهد واقعة الطف وهو ابن أربع سنين ، نص على إمامته أجداده الكرام وأبوه السجاد ، فكانت له الامامة بعد أبيه إلى سنة (١١٤) أو (١١٧).
سمّه ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك ، فمضى شهيداً سعيداً.
أمه فاطمة بنت الامام الحسن المجتبى ، فهو ابن الخيرتين ، وأول علوي من علويين.
كثرت في عهده الثورات على الأمويين الظلمة ، واشتدت الخلافات داخل أجهزة النظام الحاكم ، واستشعر الناس بفداحة فاجعة الطف ، فأقبل الناس عليه من كلّ أقطار العالم الاسلامي ، فأخذ الامام يبثّ علمه ، ويهدي الناس إلى ربّه وإلى الصراط المستقيم ، ويدلنا على ذلك مراجعة التاريخ وكتب الرجال والحديث حيث نقلت لنا لئالىء أقواله ، ودرر كلماته ، وسجلت لنا حشود الروات عنه والمستطعمين على موائده.
٤ ـ الامام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام :
ولد الامام الخامس عليهالسلام سنة (٨٣ هـ) ، وتوفي مسموماً بأمر المنصور العباسي سنة (١٤٨ هـ).
وكانت ولادته عليهالسلام يوم الاثنين (١٧ ربيع الأول) يوم ولادة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله ، وهو يوم عظيم البركة ، جليل القدر ، له فضل كبير.
وكانت إمامته في زمن إنحلال الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية ، فكانت الأولى ضعيفة تعيش سكرات الموت ، والثانية ضعيفة ؛ لأنّها جديدة عهد ، لم يشتد عودها.
فكانت فرصة بثّ الامام عليهالسلام علومه ومعارفه ، وربّى الكثير من رجال الشيعة من أمثال زرارة ، ومحمد بن مسلم ، ومؤمن الطاق ، وهشام بن الحكم ، وابن بن تغلب ، وجابر بن حيان الكوفي ، وغيرهم ، بل وانتهل من معينه أئمة المذاهب الأخرى وعلماؤهم من قبيل : سفيان الثوري ، وأبي حنيفة إمام المذهب الحنفي.
وقد خلّف لنا تراثاً ضخماً تربو عدد أحاديثه وأحاديث أبيه الباقر على مجموع ما روي لنا من آبائه وأبنائه عليهمالسلام.
وابتلي في أواخر عصره بالمنصور العباسي المعروف بقساوته وضراوته ، فطارد العلويين ، وأودع ذرية رسول الله قعر السجون وظلم المطامير ، وحاول قتل الامام عليهالسلام عدة مرات ، وعزم على ذلك حتى دسّ اليه السم ، فقتله شهيداً مظلوماً مسموماً ، وبعث إلى واليه على المدينة يأمره أن يحضر في بيت الامام ، ويطّلع على وصيته ليعرف من هو الامام من بعده ، فيضرب عنقه في المجلس ، وينهي بذلك قصة الامامة ، فلما فتحوا وصية الامام عليهالسلام شاهت وجوههم ، وخابت آمالهم الشيطانية حيث وجدوا الامام عليهالسلام قد أوصى إلى الخليفة ووالي المدينة وعبد الله الأفطح وموسى ابني الامام عليهالسلام وحميدة (١).
__________________
(١) أنظر : أصول الكافي ١ / ٣١٠ ، الفصول المهمة : ٢١٢ ، دلائل الامامة : ١١١ ، إثبات الوصية : ١٤٢.
الفصل
الخامس عشر
لمحات عن حياة مؤسس الوهابية
لمحات
عن حياة مؤسس الوهابية
تنسب الطريقة الوهابية إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي ، وباسم أبيه «عبد الوهاب» تسمى طريقته.
أما السبب في عدم تسميتها بـ «المحمدية» نسبة إلى مؤسسها «محمد» ، فهو ـ كما يقال ـ للحذر من وقوع التشابه بينها وبين المسلمين أتباع رسول الله صلىاللهعليهوآله والحيلولة دون استغلاله (١).
ولد الشيخ محمد عام (١١١٥ هـ) في قرية «عُيينة» إحدى القرى التابعة لـ «نجد» وكان والده قاضياً فيها.
كان محمد بن عبد الوهاب ـ منذ طفولته ـ ذا علاقة شديدة بمطالعة كتب التفسير والحديث والعقائد ، وكان ـ مذ شبابه ـ يستقبح كثيراً من الشعائر الدينية التي كان يمارسها أهالي نجد ، ولم يقتصر ذلك على نجد بل تعداه إلى المدينة المنورة بعد ما انصرف من مناسك الحج ، فقد كان يستنكر على الذين يتوسلون برسول الله صلىاللهعليهوآله عند مرقده المقدس.
__________________
(١) دائرة معارف القرن العشرين لفريد وجدي ١٠ / ٨٧١ نقلاً عن مجلة المقتطف ٢٧ / ٨٩٣.
ثم عاد وبعد ارتحل إلى البصرة ـ وهو في طريقه إلى الشام ـ وهناك ـ في البصرة ـ طفق يستنكر على الناس شعائرهم الدينية وينهاهم عنها ، فثار عليه أبناء البصرة الغيارى وأخرجوه مدحوراً من ديارهم ، فتوجه إلى مدينة الزبير.
وفي الطريق ـ بين البصرة والزبير ـ تعب من المشي ، ونال منه الحر والعطش نيلاً شديداً بحيث كاد أن يهلك ـ وليته هلك ـ ، فأدركه رجل من الزبير فعطف عليه عندما رأه مرتدياً زيّ رجال الدين ، وسقاه الماء وأركبه وأوصله إلى المدينة.
كان محمد بن عبد الوهاب عازماً على السفر إلى الشام ، لكنه لم يملك ما يكفيه من المال والزاد ، فسافر إلى الاحساء ، ومنها إلى حريملة التابعة لنجد.
في تلك السنة ـ وكانت سنة (١١٣٩ هـ) ـ انتقل والده عبد الوهاب من عيينة إلى حريملة ، فلازم الولد والده وتتلمذ على يده ، وواصل حملاته المسعورة ضد الشعائر الدينية في نجد ، مما أدى إلى نشوب النزاع والخلاف بينه وبين أبيه من جهة ، وبينه وبين أهالي نجد من جهة أخرى ، واستمرت الحالة على هذه حتى عام (١١٥٣ هـ) حيث توفي والده (١).
عند ذلك خلا الجو لمحمد بن عبد الوهاب ، فراح يُعلن عن عقائده الشاذة ، ويستنكر على الناس ما يمارسونه من الشعائر الدينية ، ويدعوهم إلى الانخراط في حزبه وتحت لوائه ، فانخدع بعض ورفض آخرون ، واشتهر أمره في المدينة.
عندها قفل راجعاً إلى «عيينة» وكان يحكم عليها عثمان بن حمد ، فاستقبله وأكرمه ووقع القرار بينهما على أن يدافع كلّ عن صاحبه باعتبار أنّ لأحدهما السلطة التشريعية وللآخر السلطة التنفيذية ، فحاكم عيينة يمدّه بالقوة ومحمد بن عبد الوهاب يدعو الناس إلى طاعة الحاكم واتباعه.
__________________
(١) عن تاريخ نجد للألوسي : ١١١ ـ ١١٣.
ووصل الخبر إلى حاكم الاحساء بأن محمد بن عبد الوهاب يدعو إلى آرائه ومبتدعاته ، ويعضده حاكم عيينة فأرسل حاكم الاحساء رسالة تحذيرية إلى حاكم عيينة ، فاستدعى الحاكم محمد بن عبد الوهاب واعتذر من تأتيده فقال له ابن عبد الوهاب : لو ساعدتني في هذه الدعوة لملكت نجد كلّها ، فرفضه الحاكم وأمره بمغادرة عيينة مذموماً مدحوراً.
كان ذلك في عام (١١٦٠ هـ) عندما خرج ابن عبد الوهاب من عيينة متوجهاً إلى الدرعية ، التي كانت من أشهر المدن التابعة لنجد ، وكان حاكمها ـ يومذاك ـ محمد بن سعود ، الجدّ الأعلى لآل سعود ، فزاره الحاكم وأكرمه ووعده بالخير.
وبالمقابل بشّره ابن عبد الوهاب بالهيمنة على بلاد نجد كلّها ، وهكذا وقع القرار المشؤوم ... (١).
وخلاصة القول : إنّ محمد بن عبد الوهاب كان يدعو إلى التوحيد ، ولكن لتوحيد خاطىء من صنع نفسه ، لا التوحيد الذي ينادي به القرآن الكريم ، فمن خضع له و «لتوحيده» سلمت نفسه وأمواله ، ومن أبى فهو كافر حربي ودمه وماله هدر!!
وعلى هذا الأساس كان الوهابيون يشنون الحروب في نجد وخارجها ، كاليمن ، والحجاز ، ونواحي سوريا ، والعراق ، وكانوا يبيحون التصرف بالمدن التي يسيطرون عليها كيفما يشاؤون ، فان أمكنهم ضمّ تلك الأراضي إلى ممتلكاتها وعقاراتهم فعلوا ذلك ، وإلّا اكتفوا بنهب الغنائم منها (٢).
وكان قد أمر كلّ من ينخدع بدعوته أن يتقدّم اليه بالبيعة ، ومن رفض البيعة وجب قتله ونهب ماله.
__________________
(١) ذكر أحد المؤلفين العثمانيين في كتابه تاريخ بغداد : ١٥٢ بداية العلاقة بين محمد بن عبد الوهاب وآل سعود بصورة أُخرى ولكن الظاهر أن ما ذكرناه أصح.
(٢) عن جزيرة العرب في القرن العشرين : ٣٤١.
ولهذا عندما رفض أهالي قرية «الفصول» من ضواحي الاحساء بيعة هذا الرجل الشاذ هجم عليهم وقتل ثلاثمائة رجل ، ونهب أموالهم وثراوتهم (١).
وأخيراً ... مات محمد بن عبد الوهاب عام (١٢٠٦ هـ) (٢) ، ولكن أتباعه واصلوا طريقه وأحيوا بدعه وضلاله.
* * *
بعض جرائم الوهابيين :
ففي عام (١٢١٦ هـ) أعدّ الأمير سعود ـ الوهابي ـ جيشاً ضخماً يتألف من عشرين ألفاً ، وشنوا هجوماً عنيفاً على مدينة كربلاء المقدسة بالعراق ، وكانت كربلاء ـ ولا زالت ـ مدينة مقدسة لها شهرة بالغة ، ومحبة في قلوب المؤمنين ، ويقصدها الزوار بمختلف جنسياتهم من إيرانيين وأتراك وعرب وغيرهم فحاصر الجيش الوهابي هذه المدينة المقدسة ثم اقتحمها ودخلها ، وأكثر فيها القتل والنهب والفساد والخراب.
وقد ارتكب الوهابيون في مدينة كربلاء المقدسة جرائم وفجائع لا توصف ، فقد قتلوا خمسة آلاف مسلم أو أكثر وقيل : إنّهم قتلوا «٢٠» الفاً.
وعندما انتهى الأمير سعود من العمليات الحربية هناك عمد إلى خزانة الامام الحسين بن علي عليهالسلام ، وكانت مليئة بالذخائر النفيسة والهدايا القيمة التي أهداها الملوك والأمراء وغيرهم إلى الروضة المقدسة ، فابتزها نهباً.
وبعد هذه الفاجعة الأليمة اتخذت مدينة كربلاء لنفسها طابع الحزن حتى نظم الشعراء قصائد كثيرة في رثائها (٣).
__________________
(١) تاريخ المملكة العربية السعودية ١ / ٥١.
(٢) الأقوال متعددة في سنة ولادة محمد بن عبد الوهاب ومماته.
(٣) عن تاريخ كربلاء للدكتور عبد الجواد الكيدار : ١٧٢ ـ ١٧٣.
وكان الوهابيون يشنون هجماتهم وغاراتهم الحاقدة على كربلاء المقدسة وضواحيها بين فترة وأخرى ، وخلال مدة تتراوح بين اثني عشرة عاماً ، وكذلك فعلوا مع النجف الأشرف ، فيعودون ناهبين سارقين ، وكانت البداية هي الهجوم على كربلاء عام (١٢١٦) كما سبقت الاشارة اليه.
وقد اتفقت كلمات المؤلفين من الشيعة على أنّ ذلك الهجوم كان في يوم عيد الغدير الأغر ، ذكرى تنصيب النبي صلىاللهعليهوآله الامام علي بن أبي طالب عليهالسلام خليفة له من بعده (١).
يقول العلامة المرحوم السيد محمد جواد العاملي (٢) :
وقد منّ الله ـ سبحانه ـ بفضله وإحسانه وببركة محمد وآله صلىاللهعليهوآله لاتمام هذا الجزء من كتاب «مفتاح الكرامة» بعد انتصاف الليل من الليلة التاسعة من شهر رمضان المبارك سنة (١٢٢٥ هـ) على يد مصنفه ... وكان مع تشويش البال واختلال الحال ، وقد أحاطت الأعراب من عنيزة ، القائلين بمقالة الوهابي الخارجي بالنجف الأشرف ومشهد الامام الحسين عليهالسلام ، وقد قطعوا الطرق ونهبوا زوّار الحسين عليهالسلام بعد منصرفهم من زيارة نصف شعبان ، وقتلوا منهم جماعة غفيرة ، وأكثر القتلى من العجم ، وربمّا قيل : بأنهم مائة وخمسين وقيل : أقل ... (٣).
* * *
وفي عام (١٣٤٤) بعد ما استولى آل سعود على مكة المكرمة والمدينة المنورة وضواحيهما بدأوا يبحثون عن دليل يبرر لهم هدم المراقد المقدسة في البقيع ، ومحو
__________________
(١) لمزيد الاطلاع على عيد الغدير الأغر أنظر الجزء الأول من كتاب الغدير للعلامة الاميني رحمهالله.
(٢) مفتاح الكرامة ٧ / ٦٥٣.
(٣) أنظر الوهابية في الميزان للعلامة الشيخ السبحاني : ٣٦ وما بعدها.
آثار أهل البيت عليهمالسلام والصحابة ، فلجأوا إلى الاستفتاء من علماء المدينة المنورة حول حرمة البناء على القبور محاولة منهم لتبرير موقفهم أمام الرأي العام الاسلامي وخاصة في الحجاز ؛ لأنهم كانو يدركون جيداً أنّ المسلمين في الحجاز هم كالمسلمين في كلّ مكان ، يعتقدون بكرامة أولياء الله وقدسيتهم وجواز البناء على قبورهم ، فحاول الوهابيون أن يلبسوا جريمتهم هذه بلباس الاسلام دفعاً لنقمة المسلمين!! سبحان الله.
أرسلت السلطة السعودية قاضي القضاة في نجد واسمه : «سليمان بن بلهيد» إلى المدينة المنورة للاستفتاء من علمائها حول بناء مراقد أولياء الله ، ولكن الجدير بالذكر هو أنّ الأسئلة التي طرحها «ابن بلهيد» كانت تحمل في طواياها الأجوبة المطابقة لآراء الوهابيين أنفسهم ، وما كان من العلماء إلّا الاجابة بمثل ما هو مذكور في الاستفتاء نفسه ، ولم يكن علماؤهم يملكون الشجاعة والبطولة في التجاهر بالحق والافتاء بالصواب ، بل كانوا ـ وهم كذلك طوال التاريخ ـ يرتزقون على أبواب السلطان ، وكانوا يعرفون ـ مسبقاً ـ أنّ الافتاء على خلاف آرائهم يعرّضهم للتهمة بالكفر والشرك ، ومن ثم يحكمون عليهم بالقتل إن رفضوا التوبة.
وقد نشرت جريدة «أم القرى» الصادرة في مكة في شوال (١٣٤٤ هـ) تلك الأسئلة والأجوبة ، وقد أثارت ضجة كبرى بين المسلمين ـ السنة والشيعة ـ لأنهم كانوا يعلمون أنّ وراء هذا الاستفتاء الذي قد صدر تحت وطأة التهديد والترهيب إنّما هو الشروع بهدم القباب والبناء المشيّد على قبور قادة الاسلام وعظماء المسلمين.
وهذا ما حصل بالفعل ، فبعد ما صدرت تلك الفتوى من خمسة عشر عالماً من علماء المدينة وانتشر في الحجاز. بدأت السلطة الوهابية بهدم قبور آل الرسول صلىاللهعليهوآله في الثامن من شوال من نفس العام ، وقضت على آثار أهل البيت عليهمالسلام والصحابة ،