المباهلة - المقدمة

المباهلة - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٥٢

١

الاهداء

بسم الله الرحمن الرحيم

يا رسول الله

هذه آجال تمر علي يوم المباهلة ـ ذلك اليوم الذي شع منه نور للاسلام وانبعثت في الافاق متألقا منيرا ـ والناس لاتكاد تحس بمروره حتى ان بعض الناس لا يعرفون عنه شيئا أو انهم شاءوا ان لا يعرفوا عنه شيئا. ان هذا شئ يغيضك ولابد. فأنك قد أوضحت بيومك ذاك طريقا لاحبا سويا لو سار عليه المسلمون لكانوا على خير عظيم. وان يومك ذاك قد أهلتة ليكون عيدا من أعظم اعياد امتك ويوما من اكبر الايام واكرمها.

لقد مر الناس علية مرورا عابرا ..

ولكن علما من أعلام أمتك وحملة مواريثك وفرعا من دوحك الضاربة في السماء وأعني به الامام السيد عبد الحسين شرف الدين وهو احد اولئك الذين خلفتهم للسير بامتك على الطريق الذي رسمتة ولينهجوا بها على الصراط الذي نهجته. قد رفع صوته في يوم من الايام داعيا لاذاعة فضل هذا اليوم المبارك في الناس واخراج قصة مؤتمر نجران ليعرفوه

وها أنى طلبا لرضائكم وآجابة لنداء شبلكم وحامل لوائكم اتقدم بمجهودي الضئيل هذا فارفعة بكلتا يدي الى سدتكم الرفيعة راجيا منكم القبول ومن شبلكم الرضاء

عبد الله السبيتي

٢

المقدمة

بقلم : السيد صدر الدين شرف الدين

اننا نقرأ الان كتابا جديدا للعلامة السبيتي ، وما ادري اين يقع رقم هذا الكتاب من السلسلة التي افرغها مؤلفه في بضع سنين أهو الكتاب الخامس؟ أم هو الكتاب السادس؟ ما ادري ولا يهمني ان ادري ولكن الذي اهتم به من هذا انه يدلني على ان للشيخ عبد الله بلاءا حسنا في ميادين البحث وجهدا متواصلا في مجالات العلم يتجاوز به صفوف المتخلفين من رجال الدين المطمثين الى دعة الفتور المفتونين بحب السلامة ويشمر به بعيدا حيث يشارك بالحياة ويساير مواكبها السائرة نحوا من المشاركة والمسايرة اقل ما يثبت له انه جندي يجد من ايمانه ووعيه صارفا عن الفرار من الساحة ووازعا يأبى له تسليم «البدل» أو التماس المعاذير.

واعظم بهذه مزية قبل ان تعرف ما وراءها من شمائل الفروسية في هذا الجندي النامي وقبل ان نستوثق من سلامة عدته وجدة سلاحه في اداتي التفكير والتعبير اللذين يسموان بالايمان سموا يتقاوت بنسب الهبات والثقافات من نفوس هؤلاء المجاهدين في العلم والحياة.

هذه ميزة .. الرجل دائب في غير فتور ، ماض في غير تقهقر.

٣

وكثيرون من رجال العلم فاترون دائبون على الفتور متقهقرون ماضون في التقهقر في حال تنذر بوخامة العاقبة التي ينظرون إليها كالمكتوب المهم يستهول عمق الهوة دون ان يفكر بوسيلة تحميه من هول الانحدار.

وافضل ما يوضح ميزة الشعور بالواجب أن يمضي الرجل منا في قوم واقفين ان لم نقل في قوم راجعين.

ولا يصح اعتبار هذه الميزة ميزة ـ كما هو واضح ـ إلا حين يستمد بحث الباحث في التاريخ والمسائل النظرية القديمة من الحياة الحاضرة جدة في تبسيط الموضوع واسلوب عرضه على نحو يحيه احياء يلائم مناحي التفكير الحاضر. وقد عرفنا رجالا مكثرين لا يغنيهم الا كثار شيئا وراء تضييع الايام في انفاقها على نسخ كتب قديمة ينشرونها من اجداثها كما تنشر العظام البالية من اجدلتها مشوهة شائهة دون ان يسبلوا عليها رداء أو يكسوها بعمل فني حديث يجعل نشرها عملا مشروعا.

فنحن حين نسجل للشيخ عبد الله ميزة في مؤلفاتة المستمدة من الفكر الاسلامي وتاريخه نحافظ على الدقة بالتعبير ونلمح به الى صنعه الخاص في ابحاثه التي يلبسها من فكره وجهده ورأية ما يشفع بالعودة إليها باعتبارها فكرة متصلة بحياتنا اتصالا مركزا بنظر المتجردين الاحرار.

ولي كلمة احب ان اقولها في هذا السياق بهذه المناسبة وهي ان ـ التاريخ ـ باشمل مداليله ـ من كل امة جزء من حاضر كل امة والعودة إليه عمل لاغناء عنة في بناء النهضات أو ضع استمرارها. وعلى ذلك فمعالجوه طبقة لابد منها حين توزع اعمال الحياة الحاضرة لان حذفها حذف لحلقة من

٤

حلقات الحيات الحاضرة الاساسية.

ولكن يجب اختيار هذه الطبقة اختيارا على اساس الشروط الصحيحة لهذه البحوث ليصبح وجود هذه الطبقة مصادفا موقعة من التضامن مع الحياة وطريقة البحث واسلوب التفكير وصحة الضمير وحسن الانتقاء كل اولئك من الشروط أما النقل الصرف دون تحقيق ولا تعليق أو معهما تافهين غثيثين ـ أما ذلك فثرثرة ميسرة لطلب الشهرة فقط وذلك من اعباثنا التي يجب ان نتخفف منها ونتحرر ممن يحملنا اياها بصراحة وشجاعة

وبعد فهذا كتاب يبحث في آية قرآنية كريمة كانت ولا تزال موضعا للاخذ والعطاء بين المسلمين. وكثرة الرد والبدل بمجردها في هذه الاية الكريمة تدل على انها ذات اثر بالغ في الحياة الواقعة التي لن تتغير ما دام للاسلام لواء يخفق ، وما دام اسم محمد ينطلق في الفضاء البعيد والافق الواسع. تذيعه منائر الدين الحنيف كل يوم ثلاث مرات.

أما الاية التي اختص بها هذا الكتاب فهي آية المباهلة. وهي من الايات الفواصل في مراحل الاسلام وادوار نشئه ولعظيم اثرها هذا كانت مدار بحث طويل بين المفسرين والفلاسفة من اعلام المسلمين حتى اليوم ذلك لانها قاعدة من قواعد الامامة التي شقيها السياسة متجنية على المفكرين والعلماء منذ تحكمت مطامع السياسين باصول الدين تخضعها لاهوائهم وتسيرها برغباتهم حتى جعلتها آخر الامر اداة للاقطاع والاثراء والارهاب على نحو ما عرفناه في اكثر ادوار الحكم الاسلامي منذ صدوره ، الامر الذي اورده الخاتمة المعروفة.

ولا اريد ان اشارك المؤلف بتأليفه بهذه الكلمة فذلك جهد قد لا

٥

يقنع مني بالقليل من وقتي الضيق. بل ذلك تجن على المؤلف في جهد انفق فيه ليالى طوالا وخرج منه موفقا توفيق الباحث العصري الامين. فجاءت دراسته مستوفية لعناصر الدراسات الحديثة القيمة. قائمة على اصول البحث الجديد. فالكتاب صدى لرغبة تقدم بها إليه في احياء (قصة المباهلة) المطمورة في كتاب قديم بعد ان كان متحفزا لاحياء هذه القصة اخذا بنصيحة (الكلمة الغراء) (١). اذن فاساس الفكرة تجديد طبع (رواية قديمة) وتحقيقها في مذهب من مذاهب النشر الحديثة النافعة ، غير انه بدأ له ان يلقي بين يدي (الرواية القديمة) كلمة تجمع بين التحقيق والايضاح ثم توسعت الكلمة فكانت بحثا يفصل القول في ظروف يوم المباهلة وعوامله واثاره. هكذا تكونت هذه الدراسة لتكون حلقة من حلقات قلم العلامة السبيتي التي نحمدها له ونتمنى عليه اطراد النشاط داعين الفرسان من جبهته الى مثل هذا الاثمار النافع.

صدر الدين شرف الدين

__________________

(١) الكلمة الغراء رسالة لسيدنا الوالد ولعلها اوفى بحث تناول (تفصيل الزهراء) بحرية وعمق واستقلال.

٦