السيد محمد بن أبي طالب الحسيني الكركي الحائري
المحقق: فارس حسّون كريم
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-6289-09-6-X
الصفحات: ٥٩٢
عاطل ، وكلّ عالم لا يعتمد عليه فهو جاهل ، وكلّ منطبق لا يقفو أثره فهو باقل (١) ، وكلّ فاضل لا يحذو حذوه فهو خامل.
ما من علم إلا وهو أصله وفرعه ، وما من أدب إلا وهو بصره وسمعه ، إليه يرجع المتألّهون في سلوكهم ، وبنور كشفه تكشف ظلمة الحيرة من سلوكهم ، أقدم الناس سلماً ، وأغزرهم علماً ، واعرفهم بكتاب الله ، وأذبّهم عن وجه رسول الله.
سيفه القاطع ، ونوره الساطع ، وصدّيقه الصادق ، ولسانه الناطق ، وأنيس وحشته ، وجليس وحدته ، ووليّ عهده ، وأبو ولده ، وأفضل الخلق من بعده ، لم يسبقه الأوّلون بعلم وجهاد ، ولم يلحقه الآخرون بجدّ واجتهاد ، نصر الرسول إذ خذلوا ، وآزره إذ فشلوا ، وآثره بنفسه إذ بخلوا ، واستقام على طريقته ، إذ غيّروا وبدّلوا.
مجده شامخ ، وعلمه راسخ ، كم حجّة لمارق أدحض ، وكم شبهة لزاهق قوّض ، وكم علم للشرك نكّس ، وكم جدّ للظلم أتعس ، وكم جمع للنفاس أركس ، وكم منطبق من اولي الشقاق أبلس ، أوّل من صام وصلّى وتصدّق ، وأقام الإسلام في بدر وحنين واُحد والخندق ، كم قصم فقار مشرك بذي الفقار ، كالوليد وعمرو وذي الخِمار (٢) ، ردّت له الشمس وقد دنت للطفل ، حتى أدّى فرضه وعن طاعة ربّه ما اشتغل.
أوّل في الدين ذو قدم |
|
وله عزّ إذا انتسبا |
خصّة ربّي فصـيّره |
|
لبني بنت النبيّ أبا |
__________________
١ ـ باقلٌ : اسم رجل يضرب به المثل في العِيّ. « لسان العرب : ١١ / ٦٢ ـ بقل ـ ».
٢ ـ هو سُبيع بن الحارث ، من بني مالك.
فهو سيّد الوصيّين ، وزوج سيّدة نساء العالمين ، وابناه سيّدا شباب أهل الجنّة ، وعمّه حمزة سيّد الشهداء ، وأخوه جعفر يسمّى ملكاً ، سيّد الطيور في الجنّة يطير عبد مناف سيّد العرب ، وحماته اُمّ المؤمنين أوّل امرأة أسلمت وصلّت وأنفقت ، ومنها نسل النبي صلىاللهعليهوآله ، واُمّه فاطمة بنت أسد أوّل هاشميّة ولدت من هاشميّين.
وروى الثقات عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : يا عليّ ، لك أشياء ليس لي مثلها ؛ إنّ لك زوجة مثل فاطمة وليس لي مثلها ، ولك ولدين من صلبك وليس لي مثلهما من صلبي ، ولك مثل خديجة امّ أهلك وليس لي مثلها ، ولك حمو (١) مثلي وليس لي حمو مثلي ، ولك أخ في النسب مثل جعفر وليس لي مثله في النسب ، ولك اُمّ مثل فاطمة بنت أسد الهاشميّة المهاجرة وليس لي اُمّ مثلها.
سلمان وأبوذرّ والمقداد : انّ رجلاً فاخر عليّاً عليهالسلام فقال [ النبيّ صلىاللهعليهوآله ] (٢) : إن فاخرت العرب فأنت أكرمهم ابن عمّ ، وأكرمهم نفساً ، وأكرمهم زوجة ، وأكرمهم ولداً ، واكرمهم أخاً ، وأكرمهم عمّاً ، وأعظمهم حلماً ، وأكثرهم علماً ، وأقدمهم سلماً ، [ وفي خبر : ] (٣) وأشجعهم قلباً ، وأسخاهم كفّاً.
وفي خبر آخر : أنت أفضل اُمّتي فضلاً. (٤)
وروى شيخ السنّة القاضي أبو عمرو عثمان بن أحمد في خبر طويل أنّ
____________
١ ـ في المناقب : صهر ، وكذا في الموضع الآتي.
٢ و ٣ ـ من المناقب.
٤ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٠ ، عنه البحار : ٤٠ / ٦٨ ح ١٠٢.
فاطمة بنت أسد رأت النبي صلىاللهعليهوآله يأكل تمراً له رائحة تزداد على كلّ الأطائب من المسك والعنبر ، من نخلة لا شماريخ لها ، فقالت : ناولني ـ يا رسول الله ـ أنل منها.
قال صلىاللهعليهوآله : لا تصلح إلا أن تشهدي معي [ أن ] (١) لا إله إلا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، فشهدت الشهادتين ، فناولها فأكلت ، فازدادت رغبتها ، وطلبت اُخرى لأبي طالب ، فأوعز إليها صلىاللهعليهوآله الا تعطيه الا بعد الشهادتين.
فلمّا جنّ عليها الليل اشتمّ أبو طالب نسيماً ما اشتمّ مثله قطّ فأظهرت ما معها فالتمسه منها ، فأبت عليه (٢) إلا أن يشهد الشهادتين ، فلم يملك نفسه أن شهد الشهادتين غير أنّه سألها أن تكتم عليه لئلّا تعيّره قريش ، فعاهدته على ذلك ، وأعطته ما معها ودنا إليها ، فعلقت بعليّ صلوات الله عليه في تلك الليلة ، ولمّا علقت بعليّ عليهالسلام ازداد حسنها ، وكان يتكلّم في بطنها ، وكانت يوماً في الكعبة فتكلّم علي عليهالسلام مع جعفر فغشي عليه ، فالتفتت فإذا الأصنام خرّت على وجوهها ، فمسحت على بطنها وقالت : يا قرّة العين ، تخدمك (٣) الأصنام فيّ داخلاً ، فكيف شأنك خارجاً؟! وذكرت لأبي طالب ذلك ، فقال : هو الّذي قال لي عنه أسد في طريق الطائف. (٤)
وروى الحسن بن محبوب ، عن الصادق عليهالسلام أنّه لمّا أخذ فاطمة
__________________
١ ـ من المناقب.
٢ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : إليه.
٣ ـ في المناقب : سجدتك.
٤ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٢ ، عنه البحار : ٣٥ / ١٧ ح ١٤ ، وحلية الأبرار : ٢ / ١٩ ح ١.
بنت أسد الطلق أتت الكعبة فانفتح البيت من ظهره ودخلت فاطمة فيه ، ثمّ عادت الفتحة والتصقت وبقيت فيه ثلاثة أيّام تأكل من ثمار الجنّة وأرزاقها حتى ولدت أمير المؤمنين عليهالسلام في جوف الكعبة.
وقيل : إنّه لمّا أخذها المخاض أتت الكعبة وقالت : ربّ إنّ مؤمنة بك وبما جاء من عندك من كتب ورسل ، مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم ، فبحقّ الّذي بنى هذا البيت ، وبحقّ المولود الذي في بطني لما يسّرت عليّ ولادتي.
فانفتح البيت ودخلت فيه وإذا بحوّاء ومريم وآسية واُمّ موسى ، وصنعن به كما صنعن برسول الله صلىاللهعليهوآله عند ولادته ، فلمّا ولدته سجد على الأرض يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله ، [ وأشهد أنّ عليّاً وصيّ محمد رسول الله ] (١) ، بمحمد تختم النبوّة ، وبي تتمّ الوصيّة ، وأنا أمير المؤمنين ، ثمّ سلّم على النساء ، وأشرقت الأرض (٢) بضيائها ، فخرج أبو طالب وهو يقول : أبشروا ، فقد خرج وليّ الله.
وفي رواية اُخرى : انّه لمّا خرجت به اُمّه من البيت قال لأبي طالب : السلام عليك يا أبة ورحمة الله وبركاته ، ثمّ تنحنح وقرأ : ( بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ قَد أفلَحَ المُؤمِنُونَ ) (٣) الآيات ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قد أفلحوا بك ، أنت والله أميرهم تميرهم من علومك فيمتارون ، وانت والله دليلهم وبك يهتدون.
ووضع رسول الله صلىاللهعليهوآله لسانه في فيه فانفجر اثنتا عشرة
____________
١ ـ من المناقب.
٢ ـ في المناقب : السماء.
٣ ـ سورة المؤمنون : ١.
عيناً ـ الحديث ـ فحنّكه رسول الله بريقه ، وأذّن في اُذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، فعرف الشهادتين وولد على الفطرة. (١)
وروي أنّه لمّا ولد [ علي عليهالسلام ] (٢) أخذ أبو طالب بيد فاطمة ـ وعليّ على صدره ـ وخرج ليلاً إلى الأبطح ونادى :
يا ربّ هذا الغـسق الدجيِّ |
|
والقـمر المـبتلـج المضيّ |
بيّن لنا من حكمك المقضيّ |
|
[ ماذا ترى في اسم ذا الصبيّ؟ ] (٣) |
قال : فجاء شيء كالسحاب يدبّ على وجه الأرض حتى حصل في صدر أبي طالب فضمّه مع عليّ إلى صدره ، فلمّا أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب :
خصصتما بالولد الزكيّ |
|
والطاهر المنتجب الرضيّ |
فاسمه من شامخ عليّ |
|
عليّ اشــتقّ من العلـيّ (٤) |
قال : فعلّق (٥) اللوح في الكعبة ، وما زال هناك حتى أخذه هشام بن عبد الملك لعنه الله ، وإجماع أهل البيت أنّه ولد في الزاوية اليمنى في الكعبة ، فالولد الطاهر من النسل الطاهر ، ولد في الموضع الطاهر ، فأين توجد هذه
__________________
١ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٣ ـ ١٧٤ ، عنه البحار : ٣٥ / ١٧ ذ ح ١٤.
٢ ـ من المناقب.
٣ ـ من المناقب.
وفي « ح » : قال أبو طالب :
سمّيته بعليّ كي
يدوم له |
|
عزّ العلوّ وخير
العزّ أدومه |
٤ ـ انظر كفاية الطالب : ٤٠٦ ، عنه الغدير : ٧ / ٣٤٧. وفي الفضائل لشاذان : ٥٦ ـ ٥٧ ، عنه البحار : ٣٥ / ١٠٢ ـ ١٠٣.
٥ ـ في المناقب : فعلّقوا.
الكرامة لغيره؟ فأشرف البقاع الحرم ، وأشرف الحرم المسجد ، وأشرف [ بقاع ] (١) المسجد الكعبة ، ولم يولد فيه مولود سواه ، فالمولود فيه يكون في غاية الشرف ، وليس المولود في سيّد الأيّام يوم الجمعة في الشهر الحرام في البيت الحرام سوى أمير المؤمنين عليهالسلام. (٢)
وأجمع أهل البيت بأدلّة قاطعة بأنّه معصوم ، وأجمع الناس انّه لم يشرك بالله أبداً ، وانّه بايع (٣) النبيّ في صغره وترك أبويه.
وروى جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : ثلاثة لم يكفروا بالله (٤) طرفة عين : مؤمن آل يس ، وعليّ بن أبي طالب ، وآسية امرأة فرعون. (٥)
وروي أنّه اعترف رجل [ محصن ] (٦) عند أمير المؤمنين عليهالسلام انّه زنا مرّة بعد مرّة وأمير المؤمنين يتغافل عنه حتى اعترف الرابعة ، فأمر صلوات الله عليه بحبسه ، ثمّ نادى في الناس ، ثم أخرجه بالغلس (٧) ، ثمّ حفر له حفيرة ووضعه فيها ، ثمّ نادى : أيها الناس ، هذه حقوق الله لا يطلبها من كان عليه مثلها ، فانصرفوا ما خلا عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين صلوات الله عليهم. (٨)
____________
١ ـ من المناقب.
٢ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥ ، عنه البحار : ٣٥ / ١٨ ـ ١٩.
٣ ـ كذا في المناقب ، وفي الاصل : تابع.
٤ ـ في المناقب : بالوحي.
٥ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٧.
٦ ـ من المناقب.
٧ ـ الغلس : ظلمة آخر الليل.
٨ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٧ ، وزاد فيه : فرجمه ، ثمّ صلّى عليه.
وفي التهذيب انّ محمد بن الحنفية كان ممّن رجع. (١)
وكان أمير المؤمنين ممّن وصفه الله تعالى ( وَاجنُبنِي وَبَنِيَّ أَن نَعبُدَ الأَصنَامَ ) (٢) ثم قال : ( وَمِن ذُرِّيَّتنَا اُمَّةً مُسلِمَةً لَكَ ) (٣) ، فنظرنا في أمر الظالم فإذا الاُمّة قد فسّروه انّه عابد الأصنام ، وانّ من عبدها فقد لزمه الذّل ، وقد نفى الله أن يكون الظالم إماماً (٤) لقوله : ( لَا يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ ) (٥).
ووجدنا العامّة بأسرهم إذا ذكروا عليّاً قالوا : كرّم الله وجهه ، وأجروا ذلك على ألسنتهم ، يعنون بذلك : عن عبادة الأصنام. (٦)
ديك الجنّ (٧) :
شرفي محبّة معشر |
|
شرّفوا بسورة هـل أتى |
وولاي من في فتكه |
|
سمّاه ذو الـعرش الفتى |
لم يعبد الأصنام قطّ |
|
ولا ألام ولا عـتـا |
ثبتاً إذا قدما سـواه |
|
إلى المـهاوي زلـّـتا |
ثقل الهدى وكتـابه |
|
بـعـد الـنبـيّ تشتّتا |
____________
١ ـ تهذيب الأحكام : ١٠ / ١١ ذ ح ٢٣ وفيه أن ذلك كان في قضيّة اُخرى.
٢ ـ سورة إبراهيم : ٣٥.
٣ ـ سورة البقرة : ١٢٨.
٤ ـ في المناقب : خليفة.
٥ ـ سورة البقرة : ١٢٤.
٦ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٧.
٧ ـ هو أبو محمد عبد السلام بن رغبان ، أصله من مؤتة ، وولد في حمص ، وهو شاعر مشهور مجيد ... وكان يتشيّع ، له مراث كثيرة للحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، توفّي سنة « ٢٣٥ » ه. « الكنى والألقاب : ٢ / ٢١٢ ».
واحسرتاه من ذلّهم |
|
وخضوعهم واحسرتا |
طالت حياة عدوّهم |
|
حتّى متى وإلى متى؟ |
ثمّ انّه صلوات الله عليه لم يشرب الخمر قطّ ، ولم يأكل ما ذبح على النصب ، وغير ذلك من الفسوق وقريش ملوّثون بها. (١)
روى قتادة ، عن الحسن البصري ، قال : اجتمع علي وعثمان بن مظعون وأبو طلحة وأبو عبيدة ومعاذ بن جبل وسهيل بن بيضاء وأبو دجانة في منزل سعد بن أبي وقّاص ، فأكلوا شيئاً ، ثم قُدّم إليهم شيئاً من الفضيح ، فقام أمير المؤمنين عليهالسلام وخرج من بينهم ، فقال عثمان في ذلك ، فقال علي : لعن الله الخمر ، والله لا أشرب شيئاً يذهب بعقلي ، ويضحك بي من رآني ، واُزوّج كرمتي من لا اُريد ، وخرج من بينهم ، فأتى المسجد ، وهبط جبرئيل بهذه الآية : ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ـ يعني الذين اجتمعوا في منزل سعد ـ إنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزلَامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ ) (٢) إلى آخرها ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : تبّاً لها ، [ والله ـ يا رسول الله ـ لقد كان بصري فيها نافذ منذ كنت صغيراً.
قال الحسن : ] (٣) والله الذي لا إله إلا هو ما شربها (٤) قبل تحريمها ولا ساعة قطّ. (٥)
ثم إنّه كان أبو طالب وفاطمة بنت أسد ربّيا رسول الله صلىاللهعليهوآله ،
____________
١ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٨.
٢ ـ سورة المائدة : ٩٠.
٣ ـ من المناقب.
٤ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : ما شربتها.
٥ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٨.
وربّى النبي صلىاللهعليهوآله وخديجة لعلي عليهالسلام ، وسمعنا (١) مذاكرة أنّه لمّا ولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه لم يفتح عينيه ثلاثة أيّام ، فجاء النبي صلىاللهعليهوآله ففتح عينيه ، ونظر إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : خصّني بالنظر ، وخصصته بالعلم.
وروي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله حين تزوّج خديجة قال لعمّه أبي طالب : إنّي اُحبّ أن تدفع إليّ بعض ولدك يعينني على أمري ويكفيني ، وأشكر لك بلاءك عندي.
فقال أبو طالب : خذ أيّهم شئت ، فأخذ عليّاً عليهالسلام. (٢)
نهج البلاغة : وقد علمتم موضعي من رسول الله صلىاللهعليهوآله بالقرابة ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد يضمّني إلى صدره ، ويلفّني (٣) في فراشه ، ويمسّني خدّه (٤) ، ويشمّني عَرفَهُ (٥) ، وكان يمضغ الشيء ويلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة (٦) في فعل ، ولقد قرن الله به صلىاللهعليهوآله من لدن [ أن ] (٧) كان فطيماً أعظم مَلَكٍ من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره ، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر اُمّه ، يرفع لي [ في ] (٨) كلّ يوم عَلَماً من أخلاقه ،
____________
١ ـ في المناقب : وسمعت.
٢ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٧٩ ، عنه البحار : ٣٨ / ٢٩٤ ح ١ ، وحلية الأبرار : ٢ / ٢٨ ح ٢ ( صدره ).
٣ ـ في النهج : وأنا وَلَد ... ويكنفني.
٤ ـ في المناقب والنهج : جسده.
٥ ـ عرفه : رائحته الذكيّة.
٦ ـ الخلطة : واحدة الخَطَل ، وهو الخطأ ينشأ عن عدم الروية.
٧ ـ من النهج.
٨ ـ من المناقب والنهج.
ويأمرني بالاقتداء به. (١)
فمن استقت عروقه من منبع النبوّة ، ورضعت شجرته ثدي الرسالة ، وتهدّلت أعصانه (٢) من نبعة الامامة ، ونشأ في دار الوحي ، وربّي في بيت التنزيل ، ولم يفارق النبي صلىاللهعليهوآله ساعة في حال حياته إلى حال وفاته ، لا يقاس به أحد من سائر الخلق ، وإذا كان صلوات الله عليه نشأ في أكرم اُرومة ، وأطيب مغرس ، والعرق الصالح ينمي ، والشهاب الثاقب يسري ، وتعليم الرسول نافع (٣) ، ولم يكن الرسول صلىاللهعليهوآله ليتولّى تأديبه ويتضمّن حضانته وحسن تربيته إلا على ضربين (٤) : إمّا على التفرّس فيه ، أو بالوحي من الله سبحانه ، فإن كان بالتفرّس فلا تخطئ فراسته ولا يخيب [ ظنّه ] (٥) ، وإن كان بالوحي فلا منزلة أعلى ولا حال أدلّ على الفضيلة والامامة منه. (٦)
ثمّ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله خصّه بسيّدة النساء دون غيره بأمر الله سبحانه ، وتولّى سبحانه عقدة نكاحها ، وأنزل في ذلك قرآناً يتلى إلى يوم القيامة.
روى ابن عبّاس رضي الله عنه وابن مسعود وجابر والبراء وأنس
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ٣٠٠ خطبة رقم ١٩٢ ، عنه مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨٠ ، والبحار : ٣٨ / ٣٢٠ ح ٣٣.
وأخرجه في حلية الأبرار : ٢ / ٣٠ ح ٤ عن المناقب.
٢ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : عليه أغصانه.
٣ ـ في المناقب : ناجع.
٤ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : إلا على خير بيّن.
٥ ـ من المناقب.
٦ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨٠ ، عنه البحار : ٣٨ / ٢٩٥.
واُمّ سلمة ، ورواه السدّي وابن سيرين (١) والباقر عليهالسلام في قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهراً ) قالوا : هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ( وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) (٢) [ القائم في آخر الزمان ] (٣) لأنّه لم يجتمع نسب وسبب في الصحابة [ والقرابة ] (٤) إلا له. (٥)
عوتب صلىاللهعليهوآله في أمر فاطمة ، فقال : لو لم يخلق الله عليّ بن أبي طالب ما كان لفاطمة كفو على وجه الأرض. (٦)
ومثله روي عن ابي عبد الله الصادق عليهالسلام ، وزاد فيه : آدم ومن دونه. (٧)
قالت الناصبة : تزوّج النبي صلىاللهعليهوآله من الشيخين ، وزوّج عثمان بنتين.
قلنا : التزويج لا يدلّ على الفضل ، وإنّما هو مبنيّ على إظهار الشهادتين ، ثمّ إنّه صلىاللهعليهوآله تزوّج في جماعة ، وأمّا عثمان ففي زواجه خلاف كثير ، وأنّه صلىاللهعليهوآله [ كان زوّجهما من كافرين قبله ، ] (٨) وليس حكم
____________
١ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : سدير.
٢ ـ سورة الفرقان : ٥٤.
٣ و ٤ و ٧ ـ من المناقب.
٥ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨١ ، عنه البحار : ٤٣ / ١٠٦ ، وعوالم العلوم : ١١ / ٢٧٩ ح ٨.
٦ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨١ ، عنه البحار : ٤٣ / ١٠٧ ، وعوالم العلوم : ١١ / ٢٨٢ ح ١٧.
٧ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨١ ، عنه البحار : ٤٣ / ١٠٧ ، وعوالم العلوم : ١١ / ٢٨١ ح ١٣.
فاطمة مثل ذلك ، لأنّها ولدت في الاسلام ، ومن أهل العباء والمباهلة والمهاجرة في أصعب وقت ، ووردت فيها آية التطهير ، وافتخر جبرائيل بكونه منهم ، وشهد الله لهم بالصدق ، ولها اُمومة الأئمة عليهم إلى يوم القيامة ، ومنها الحسن والحسين عليهماالسلام ، وعقب الرسول ، وهي سيّدة نساء العالمين ، وزوجها من أصلها وليس بأجنبيّ.
وأمّا الشيخان فقد توسّلا إلى النبي بذلك.
وأمّا علي فتوسّل النبيّ إليه بعدما ردّ خطبتهما ، والعاقد عليها (١) هو الله تعالى ، والقابل جبرائيل ، والخاطب راحيل ، والشهود حملة العرش ، وصاحب النثار رضوان ، وطبق النثار شجرة طوبى ، والنثار الدرّ والياقوت والمرجان ، والرسول هو الماشطة ، وأسماء صاحبة الحجلة (٢) ، ووليد هذا النكاح الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام. (٣)
مع انّه قد روي أنّ زينب ورقيّة لم يكونا ابنتي رسول الله صلىاللهعليهوآله على الحقيقة ، بل ربيبتيه من جحش ـ كان زوج خديجة قبل رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ روى ذلك صاحب كتاب الكشف واللمع ، ورواه البلاذري (٤) أيضاً ، وكانت زينب تحت أبي العاص بن الربيع ، وأمّا رقيّة فتزوّجها عتبة بن أبي لهب ومات على كفره بعد أن طلّقها ، وتزوّج بها عثمان.
__________________
١ ـ في المناقب : بينهما.
٢ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : وسيّدة النساء صاحبة الحجلة.
٣ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨٢ ، عنه البحار : ٤٣ / ١٠٧ ، وعوالم العلوم : ١١ / ٢٨٢ ح ١٨.
٤ ـ أنساب الأشراف : ١ / ٣٩٧ و ٤٠١.
وصار أمير المؤمنين أخا رسول الله لى الله عليه وآله من ثلاثة أوجه :
[ أوّلها : ] (١) لقوله عليهالسلام : ما زال ينقل من الآباء الأخائر ، الخبر.
الثاني : أنّ فاطمة بنت أسد ربّت رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى قال : هذه اُمّي ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله عند ابي طالب من أعزّ أولاده ، ربّاه في صغره ، وحماه في كبره ، ونصره بالمال واللسان والسيف والأولاد [ والهجرة ] (٢) ، والأب أبوان : أب ولادة وأب إفادة ، ثمّ انّ العمّ والد ، قال سبحانه حكاية عن يعقوب : ( مَا تَعبُدُونَ مِن بَعدِي قَالُوا نَعبُدُ إِلهَكَ وَإلهَ آبَائِكَ إبرَاهِيمَ وَإسمَاعِيلَ ) (٣) الآية ، وإسماعيل كان عمّه.
وقال سبحانه حكاية عن إبراهيم : ( وَإذ قَالَ إبرَاهِيمُ لِأبِيهِ آزَرَ ) (٤) قال الزجّاج : أجمع النسّابة أنّ اسم أبي إبراهيم تارخ.
[ والثالث : ] (٥) آخاه النبيّ صلىاللهعليهوآله في عدّة مواضع : يوم بيعة العشيرة حين لم يبايعه أحد بايعه عليّ على أن يكون له أخاً في الدارين. وقال في مواضع كثيرة ، منها : يوم خيبر : أنت أخي ووصيّي. وفي ويوم المؤاخاة ما ظهر عند الخاصّ والعامّ صحّته ، وقد رواه ابن بطّة من ستّة طرق.
وروي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان بالنخيلة وحوله سبعمائة وأربعون رجلاً ، فنزل جبرئيل وقال : إنّ الله تعالى آخى بين الملائكة : بيني وبين ميكائيل ، وبين إسرافيل وعزرائيل ، وبين دردائيل وراحيل ، فآخى النبي صلّى
____________
١ و ٢ و ٥ ـ من المناقب.
٣ ـ سورة البقرة : ١٣٣.
٤ ـ سورة الأنعام : ٧٤.
الله عليه وآله بين أصحابه.
وروى خطيب خوارزم في كتابه (١) بالاسناد عن ابن مسعود ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : أوّل من اتّخذ علي بن أبي طالب أخاً إسرافيل ثمّ جبرائيل ، الخبر.
وعن ابن عبّاس ، قال : لمّا نزل قوله تعالى : ( إنَّمَا المُؤمِنُونَ إخوَةٌ ) (٢) آخى رسول الله صلىاللهعليهوآله بين الأشكال والأمثال ، فآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين عثمان وعبد الرحمان ، وبين سعدبن أبي وقّاص وسعيد بن زيد ، وبين طلحة والزبير ، وبين أبي عبيدة وسعد بن معاذ ، وبين مصعب بن عمير وأبي أيّوب الأنصاري ، وبين أبي ذرّ وابن مسعود ، وبين سلمان وحذيفة ، وبين حمزة وزيد ، وبين أبي الدرداء وبلال ، وبين جعفر الطيّار ومعاذ بن جبل ، وبين المقداد وعمّار ، وبين عائشة وحفصة ، وبين زينب بنت جحش وميمونة ، وبين اُمّ سلمة وصفيّة ، حتى آخى بين أصحابه بأجمعهم على قدر منازلهم ، ثمّ قال : يا عليّ ، أنت أخي وأنا أخوك.
تاريخ البلاذري : قال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله ، آخيت بين أصحابك وتركتني!
فقال : أنت أخي ، أما ترضى أن تدعى إذا دعيتُ ، وتكسى إذا كسيتُ ، وتدخل الجنّة إذا دخلتُ؟! (٣)
__________________
١ ـ مناقب الخوارزمي : ٣١ ـ وفيه : اسرافيل ، ثم ميكائيل ، ثم جبرئيل ـ ، عنه كشف الغمّة : ١ / ٣٧٦. وفي البحار : ٣٩ / ١١٠ ح ١٧ عن الكشف.
٢ ـ سورة الحجرات : ١٠.
٣ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨٤ ـ ١٨٥ وزاد فيه : قال : بلى ، يا رسول الله ، عنه البحار : ٣٨ / ٣٣٥ ح ١٠.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ (١) من بطنان العرش : يا محمد ، نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك عليّ بن أبي طالب. (٢)
وروى أبو إسحاق العدل ، قال أبو يحيى : ما جلس عليّ صلوات الله عليه على المنبر الا قال : أنا عبد الله ، وأخو رسول الله ، لا يقولها بعدي إلّا كذّاب. (٣)
الصادق عليهالسلام قال : لمّا آخى رسول الله صلىاللهعليهوآله بين أصحابه وترك عليّاً ، فقال له في ذلك ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : إنّما (٤) اخترتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة.
فبكى عند ذلك أمير المؤمنين وقال :
أقيك بنفسي أيها المصـطفى الّذي |
|
هدانا به الرحمن من عَمَهِ (٥) الجهل |
بروحي أفديه (٦) وما قدر مهجتي؟ |
|
لمن أنتمي منه إلى الفـرع والأصل |
ومن ضمّني مذ كنت طفلاً ويافعاً |
|
وأنعشني بالبـرّ والعـلّ والنهـل (٧) |
____________
١ ـ في المناقب : نوديت.
٢ و ٣ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨٦ ، وعنه البحار : ٣٨ / ٣٣٧.
٤ ـ كذا في المناقب ، وفي الاصل : أنا.
٥ ـ العمه : الحيرة والتردّد.
٦ ـ في المناقب : وأفديك حوبائي. والحوباء : النفس.
٧ ـ العل : الشرب الثاني : والنهل : الشرب الأول. وهذا كناية عن غاية اهتمامه صلّى الله
ومن جدّه جـدّي ومـن عمـّه عمّي |
|
ومن اُمّه (١) اُمّي ومن بنته أهلي |
ومن حين آخى بين من كان حاضراً |
|
دعاني وآخاني وبيّن من فضلي |
لك الفضل إنّي ما حييـت لـشـاكرٌ |
|
لإتمام ما أوليت يا خاتم الرسل (٢) |
قيل لقثم بن العباس : بأيّ شيء ورث عليّ النبي صلىاللهعليهوآله دون العبّاس؟
قال : لأنّه [ كان ] (٣) أشدّنا به لصوقاً ، وأسرعنا به لحوقاً. (٤)
وقد علمنا أنّ أمير المؤمنين لم يكن أخاص للرسول في النسب ، فلمّا جعله شكلاً له وأخاً بين الأشكال والأمثال واستخلصه لنفسه علمنا بذلك أنّه الإمام الحقّ على سائر المسلمين ، فلا يجوز لأحدٍ أن يتقدّمه ، ولا أن يتأمّر عليه ، لأنّه شبه الرسول ومشاكله ، والعرب تقول للشيء : إنّه أخو الشيء إذا أشبهه وقاربه ، فكما لا يجوز التقدّم على رسول الله صلىاللهعليهوآله ( لَا تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) (٥) كذلك لا يجوز التقدّم على أمير المؤمنين صلوات الله عليه لأنّه
__________________
عليه وآله بتربيته على جميع الحالات.
١ ـ في المناقب : أهله.
٢ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨٦ ـ ١٨٧ ، عنه البحار : ٣٨ / ٣٣٧.
وانظر ديوان الإمام علي عليهالسلام ـ طبعة دار ابن زيدون ـ : ٢٤٦.
٣ ـ من المناقب.
٤ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨٨ ، عنه البحار : ٣٨ / ٣٤٠.
٥ ـ سورة الحجرات : ١.
مشابهه ومماثله ، ولهذا أمر الله نبيّه بسدّ أبواب الصحابة وترك باب عليّ لكونه مماثله ومشابهه. (١)
روى أحمد في كتاب الفضائل (٢) أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال في ذلك ـ لمّا تكلّم الناس ـ : والله ما سددت شيئاً ولافتحته ، ولكن اُمرت بشيء فاتّبعه. (٣)
تاريخ البلاذري ومسند أحمد في خبر قال [ عمرو بن ميمون ] (٤) : خلا ابن عبّاس مع جماعة ، فنالوا من عليّ ، فقام ابن عبّاس ، ثمّ قال : اُف اُف وقعوا في رجل قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، ومن كنت وليّه فعليّ وليّه.
وقال له : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، الخبر.
وقال : لأدفعنّ الراية غداً إلى رجل ، الخبر.
وسدّ أبواب الصحابة إلا بابه. ونام مكان رسول الله ليلة الغار. وبعث ببراءة مع أبي بكر ، ثمّ أرسل عليّاً فأخذها منه. (٥)
وفي فضائل أحمد : قال عبد الله بن عمر : ثالثة أشياء كنّ لعليّ لو كان لي واحدة منها لكانت أحبّ إليّ من حمر النعم ؛ أحدها : إعطاؤه الراية يوم خيبر ، وتزويجه فاطمة ، وسدّ الأبواب.
____________
١ ـ نحوه في مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٨٩ ، عنه البحار : ٣٨ / ٣٤٠.
٢ ـ فضائل الصحابة : ٢ / ٥٨١ ح ٩٨٥ ، مسند أحمد : ١ / ١٧٥ ، وج ٤ / ٣٦٩.
٣ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٩٠.
٤ ـ من المناقب.
٥ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٩١ ، عنه البحار : ٣٩ / ٢٨.
وقيل : إنّ العبّاس خرج يوم سدّ الأبواب ، وهو يبكي ويقول : سددت باب عمّك (١) وأسكنت ابن عمّك!
فقال صلىاللهعليهوآله : ما أخرجتك ولا أسكنته ، ولكنّ الله أسكنه. (٢)
وفي رواية أنّه قال : أمّا علي فابن عمّ رسول الله وختنه ، وهذا بيته ـ وأشار بيده إلى بيت عليّ ـ حيث ترون أمر الله تعالى نبيّه أن يبني مسجده فبنى فيه عشرة أبيات : تسعة لبنيه وأزواجه وأصحابه ، وعاشرها وهو متوسّطها لعليّ وفاطمة ، وكان ذلك في أول سنة الهجرة ؛ وقيل : كان في آخر عمر النبي صلىاللهعليهوآله ، والأوّل أصحّ ، وبقى على كونه مفتوح الباب إلى المسجد ، ولم يزل عليّ وولده فيه إلى أيّام عبد الملك بن مروان ، فعرف الخبر فحسد القوم على ذلك واغتاظ ، وأمر بهدم الدار ، وأظهر أنّه يريد أن يزيد في المسجد ، وكان في الدار الحسن بن الحسن فقال : لا أخرج ولا اُمكّن من هدمها ، فضرب بالسياط ، وتصايح الناس ، واُخرج عند ذلك ، وهدمت الدار ، وزيد في المسجد. (٣)
وروى عيسى بن عبد الله أنّ دار فاطمة عليهاالسلام حول تربة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وبينهما حوض. (١)
وفي منهاج الكراجكي أنّه ما بين البيت الذي فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله وبين الباب المحاذي لزقاق البقيع. فتح له باب وسدّ على سائر الأصحاب ، من قلع الباب كيف يُسدّ عليه الباب؟ قلع باب الكفر من التخوم ،
__________________
١ ـ في الماقب : ويقول : أخرجت عمّك.
٢ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٩١ ، عنه البحار : ٣٩ / ٢٨.
٣ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٩١ ـ ١٩٢ ، عنه البحار : ٣٨ / ٢٩ ح ١١.
٤ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٩٢ ، عنه البحار : ٣٩ / ٢٩.
فتح له أبواب من العلوم. (١)
ومن شدّة تحنّن رسول الله صلىاللهعليهوآله ما رواه ابن مسعود ، قال : رأيت كفّ عليّ في كفّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يقبّلها فقلت : ما منزلته منك ، يا رسول الله؟
قال : منزلتي من الله؟ (٢)
وسئل النبي صلىاللهعليهوآله عن بعض أصحابه فذكره بخير (٣) ، فقال قائل : فعليّ؟
فقال صلىاللهعليهوآله : إنّما سألتني عن الناس ، ولم تسألني عن نفسي. (٤)
مَن نفسي مِن نفسه وجنسه من جنسه |
|
وغرسه من غرسه (٥) فهل له معادل؟ (٦) |
وروي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان إذا جلس وأراد أن يقوم لا يأخذ بيده غير عليّ عليهالسلام. (٧)
أنساب الأشراف (٨) : قال رجل لابن عمر : حدّثني عن عليّ بن أبي
____________
١ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ١٩٢ ، عنه البحار : ٣٩ / ٢٩.
٢ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٢٢٠.
٣ ـ في المناقب : فذكر فيه.
٤ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٢١٧.
٥ ـ في المناقب : وعرسه من عرسه.
٦ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٢١٨. والبيت للسوسي.
٧ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٢١٩ ، عنه البحار : ٣٨ / ٢٩٧.
٨ ـ أنساب الأشراف : ٢ / ١٨٠ ح ٢١١.
طالب.
قال : تريد أن تعلم ما كانت منزلته من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فانظر إلى بيته من بيوت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي صلىاللهعليهوآله . (١)
وكان النبي (٢) إذا غضب لم يجترئ عليه أحد [ أن ] (٣) يكلّمه إلا عليّ ، وأتاه يوماً فوجده نائماً فلم يوقظه.
لا شكّ انّ النبي صلىاللهعليهوآله كان أكبر سنّاً وأكثر (٤) جاهاً من عليّ ، فلمّا كان يحترمه هذا الاحترام إمّا انّه كان من الله تعالى أو من قبل نفسه ، وعلى الحالين جميعاً أظهر للناس فضله ، وعلوّ درجته عند الله ، ومنزلته عند رسول الله صلىاللهعليهوآله . (٥)
وروي عن عائشة ، قالت : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله التزم عليّاً وقبّله وقال : بأبي الوحيد الشهيد ، بأبي الوحيد الشهيد ، ذكره أبو يعلى الموصلي في المسند. (٦)
وانّه لمّا جرح أمير المؤمنين في رأسه من ضربة عمرو بن ودّ يوم الخندق ، فجاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فشدّه ونفث فيه فبرأ ، فقال :
__________________
١ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٢١٩ ، عنه البحار : ٣٨ / ٢٩٧.
٢ ـ أنساب الأشراف : ٢ / ١٠٧ ح ٤٤.
٣ ـ من المناقب.
٤ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : وأكبر.
٥ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٢١٩ ، عنه البحار : ٣٨ / ٢٩٨.
٦ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٢٢٠.