منهج المقال في تحقيق احوال الرجال - ج ١

محمد بن علي الاسترابادي

منهج المقال في تحقيق احوال الرجال - ج ١

المؤلف:

محمد بن علي الاسترابادي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-301-2
الصفحات: ٤٢١

وما ذكرت من أنّ شهادة فرع الفرع ... إلى آخره. فيه : إنّهم لم يشهدوا على الشهادة بل على نفس الوثاقة ، وعدم الملاقات لا ينافي القطع بها ، والقائل بكون تعديلهم شهادة لعلّه يكتفي به في المقام كما يكتفي هو وغيره فيه ، وفي غيره أيضاً ، فإنّ العدالة بأيّ معنى تكون ليست محسوسة ، مع أنّ الكلّ متّفقون على ثبوتها بها فيما هي معتبرة فيه ، وتحقيق الحال ليس هنا موضعه.

فظهر عدم ضرر ما ذكرت بالنسبة إلى هذا القائل من المجتهدين أيضاً ، فتأمّل.

وما ذكرت من أنّ العدالة بمعنى الملكة ... إلى آخره. ظهر الجواب عنه على التقديرين.

فإنْ قلت : وقع الاختلاف في العدالة هل هي الملكة أم حسن الظاهر أم ظاهر الإسلام مع عدم ظهور الفسق ، وكذا في أسباب الجرح وعدد الكبائر ، فمن أين يُطّلع على رأي المعدِّل؟ ومع عدم الإطّلاع كيف ينفع التعديل؟

قلنا : إرادة الأخير من قولهم : ( ثقة ) وكذا من العدالة التي جعلت شرطاً لقبول الخبر لاخفاء في فساده ، مضافاً إلى ما سيجيء في أحمد بن إسماعيل بن سمكة. وأمّا الأوّلان فأيّهما يكون مراداً ينفع القائل بحسن الظاهر ولا يحتاج إلى التعيين كما هو ظاهر.

وأمّا القائل بالملكة ، فقد قال في المنتقى : تحصيل العلم برأي جماعة من المزكّين أمر ممكن بغير شك من جهة القرائن الحاليّة أو المقاليّة ، إلاّ أنّها خفيّة المواقع متفرّقة المواضع ، فلا يهتدي إلى جهاتها ولا يقدر على جمع أشتاتها إلاّ من عظم في طلب الإصابة جهده وكثر في التصفّح في

٨١

الآثار كدّه (١) ، انتهى.

قلت : إنْ لم يحصل العلم فالظنّ كاف لهم كما هو دأبهم ورويّتهم ، نعم بالنسبة إلى طريقته (٢) لعلّه يحتاج إلى العلم ، فتأمّل.

ويمكن الجواب أيضاً بأنّ تعديلهم لأنْ ينتفع به الكلّ ، وهم انتفعوا به وتلقّوه بالقبول ، ولم نَرَ من قدمائهم ولا متأخريهم ما يشير إلى تأمّل من جهة ما ذكرت ، بل ولا نرى المضايقة التي ذكرت في تعديل من التعديلات مع جريانها فيها.

وأيضاً لو اراد العدالة المعتبرة عنده كان يقول : ( ثقة عندي ) حذراً من التدليس ـ والعادل لا يدلّس ـ مع أنّ رويّتهم كذلك ، فتأمّل.

( وأيضاً العادل إذا (٣) أخبر بأنّ فلاناً متّصف بالعدالة المعتبرة شرعاً فيقبلون ولا يتثبّتون ، فتأمّل ) (٤).

وأيضاً لم يتأمّل واحد من علماء الرجال والمعدّلين فيه في تعديل الآخر من تلك الجهة أصلاً ولاتشمّ (٥) رائحته مطلقاً مع إكثارهم من التأمّل من جهات اُخر ، وهم يتلقّون تعديل الآخر بالقبول ، حتّى أنّهم يوثّقون بتوثيقه ويجرحون بجرحه ، فتأمّل.

على أنّ المعتبر عند الجلّ في خصوص المقام العدالة بالمعنى الأعم

__________________

١ ـ منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان ١ : ٢١ ، لجمال الدين الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني المتوفّى ١٠١١ هـ.

٢ ـ الضمير يعود الي صاحب المنتقي والمراد بطريقته اما اعتبار التعدد في تزكية الراوي او عدم اعتبار الظن اصلا فيما يتعلق بالرجال.

٣ ـ إذا ، لم ترد في « أ » و « ح » و « ك » و « م ».

٤ ـ ما بين القوسين لم يرد في « أ ».

٥ ـ في « ك » : ولم يشم.

٨٢

كما سنشير ، فلا مانع من عدم احتياج القائل (١) بالملكة أيضاً إلى التعيين (٢).

فإنْ قلت : قد كثر الاختلاف بينهم في الجرح والتعديل ووقوع الغفلة والخطأ منهم فكيف يُوثَق بتعديلهم؟

قلت : ذلك لا يمنع حصول الظنّ كما هوالحال في كثير من الأمارات والأدلّة ; مثل ( أحاديث كتبنا ، وقول الفقهاء (٣) ومشايخنا ; ومثل الشهرة ) ، مع أنّه ربّ مشهور لا أصل له ؛ والعام ، مع أنّه ما من عام إلاّ وقد خص ; ولفظ « إفعل » وغير ذلك.

نعم ربما يحصل وهن ( لا أنّه يرتفع ) (٤) الظن (٥) بالمرّة ، والوجدان حاكم.

على أنّا نقول : أكثر ما ذكرت وارد عليكم في عملكم بالأخبار ، بل منافاتها لحصول العلم أزيد وأشد ، بل ربما لا يلائم طريقتكم ويلائم طريقة الاجتهاد ، بل أساسها على أمثال ما ذكرت ومنشؤها منها ، وأثبتناه في الرسالة مشروحاً.

فإنْ قلت : جمع من المزكّين لم تثبت عدالتهم بل وظهر عدم إيمانهم ، مثل : ابن عقدة (٦) ، وعليّ بن الحسن بن فضّال (٧).

__________________

١ ـ في « م » زيادة : فتأمّل.

٢ ـ في « م » زيادة : فتامل. انظر رسالة العدالة للشيخ الاعظم : ٦ المطبوعة ضمن رسائله الفقهية.

٣ ـ في « ق » بدل ما بين القوسين : كتب أحاديثنا وقول فقهائنا ومشايخنا ومثل الشهرة. وفي « ك » : كتب أحاديثنا وقول فقهائنا ومشايخهم مثل الشهرة.

٤ ـ في « ب » بدل ما بين القوسين : إلاّ أنّه لا يرتفع.

٥ ـ في « ق » بدل الظنّ : الوثوق والظنّ.

٦ ـ هو أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف بابن عقدة ، كان زيديّاً جاروديّاً وعلى ذلك مات. انظر رجال النجاشي : ٩٤ / ٢٣٣ ، رجال الشيخ : ٤٠٩ / ٣٠ ، الخلاصة : ٣٢١ / ١٣.

٧ ـ رجال النجاشي : ٢٥٧ / ٦٧٦ والخلاصة : ١٧٧ / ١٥ ، ذكرا أنّه كان فطحياً.

٨٣

قلت : من لم يعتمد على توثيق أمثالهم فلا اعتراض عليه ، ومن اعتمد فلأجل الظنّ الحاصل منه ، وغير خفي على المطّلع حصوله ، بل وقوّته ، وسنشير في عليّ بن الحسن إليه في الجملة. وأيضاً ربما كان اعتماده عليه بناءً على عمله بالروايات الموثّقة ، فتأمّل.

وسيجيء زيادة على ذلك في الحكم بن عبد الرحمن.

ويمكن أنْ يكون اعتماده ليس من جهة ثبوت العدالة بل من باب رجحان قبول الرواية وحصول الاعتماد والقوّة كما مرّ إليه الإشارة ، وسيجيء أيضاً في إبراهيم بن صالح (١) وغيره ، ومن هذا اعتمد على توثيق ابن نمير (٢) ومَن ماثله.

واعلم أنّ من اعتبر في الرواية ثبوت العدالة بالشهادة لعلّه يشكل عليه الأمر في بعض الإيرادات ، إلاّ أنْ يكتفي بالظنّ عند سدّ باب العلم ، فتأمّل.

فإن قلت : إذا كانوا يكتفون بالظنّ فغير خفي حصوله من قول المشايخ : « إنّ الأخبار التي رويت صحاح » (٣) أو : « مأخوذة من الكتب

__________________

١ ـ يأتي برقم ( ٣١ ) عن التعليقة.

٢ ـ هو عبدالله بن نمير أبو هشام الخارفي ، من رجال العامّة ، وقع في طريق الصدوق في كتابه ( من لا يحضره الفقيه ) باب ميراث الأجداد والجدّات ، ترجم له ابن حجر في تهذيب التهذيب. اُنظر الفقيه ٤ : ٢٠٧ / ٧٠٣ وتهذيب التهذيب ٦ : ٥٢ / ١١٠.

٣ ـ إشارة إلى ما ذكره الكليني قدس‌سرهم في ديباجة كتاب الكافي في جواب السائل الذي سأله عن تأليف كتاب نافع له ، قال : ـ اما بعد ، فقد فهمت يا أخي ما شكوت ... وقلت إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل

٨٤

المعتمدة » (١) وغير ذلك ، فَلِمَ لم يعتبروه؟

قلت : ما اعتبروه (٢) لعدم حصول ظنّ بالعدالة المعتبرة لقبول الخبر عندهم ، مع أنّي قد بيّنت في الرسالة أنّ هذه الأقوال منهم ليست على ما يقتضي ظاهرها ولم (٣) تبقَ عليه.

نعم يتوجّه عليهم أنّ شمول نبأ في قوله تعالى : « إِنْ جآءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأ » ... الآية (٤) لما نحن فيه لعلّه يحتاج إلى التأمّل بملاحظة شأن نزول الآية والعلّة المذكورة فيها ، وأنّ البناء في الفقه جار على الظنون والاكتفاء بها والإعتماد عليها ، وأنّ العدول أخبرونا بالتثبّت ، وظهر لنا ذلك ، والاجماع منقول بخبر الواحد ، ولعلّ من ملاحظة أحوال القدماء لا يحصل العلم بإجماعهم بحيث يكون حجّة ، فتأمّل.

فإن قلت : النكرة في سياق الإثبات وإنْ لم تفد العموم إلاّ أنّها مطلقة ترجع إلى العموم في أمثال المقامات ، والعبرة بعموم اللفظ ، والعلّة وإن كانت مخصوصة إلاّ أنّها لا توجب التخصيص ولا ترفع الوثوق في العموم ، لأنّ الظاهر عدم مدخلية الخصوصية ، وكون البناء في الفقه على الظنّ لا يقتضي رفع اليد عمّا ثبت من العموم والإجماع من اشتراط العدالة في

__________________

به ، بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهما‌السلام ، والسنن القائمة التي عليها العمل ... إلى أن قال : وقد يسّر الله وله الحمد تأليف ما سألت ، وارجو أن يكون بحيث توخّيت ... إلى آخر كلامه أعلى الله في مقامه.

١ ـ كما صرّح به الشيخ الصدوق قدس‌سرهم في مقدّمة من لا يحضره الفقيه ، حيث قال : ... وجميع ما فيه ( الفقيه ) مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع.

٢ ـ في « ق » بدل « يعتبروه قلت : ما اعتبروه ) : ( يعتبروها قلت : ما اعتبروها ).

٣ ـ كذا فى « ك » ، وفي سائر النسخ : أو لم.

٤ ـ الحجرات : ٦.

٨٥

الراوي ، وإخبار العدول بالتثبّت لا ينفع لجواز الخطأ فيحصل الندم ، وناقل الإجماع عادل فيقبل قوله من دون تثبّت.

قلنا : في رجوع مثل هذا الاطلاق إلى العموم بحيث ينفع المقام بملاحظة (١) شأن النزول تأمّل ، سيما بعد ملاحظة ما علّل به رجوعه إليه ـ فتدبّر ـ ، وخصوصاً بعد كون تخصيص العمومات التي لا تأمّل في عمومها من الشيوع بمكان فضلاً عن مثل هذا العموم ، وأنّ ظواهر القرآن (٢) ليست على حدّ غيرها في القوّة والظهور كما حُقّق في محلّه ، وأنّ كثيراً من المواضع يقبل فيه (٣) خبر الفاسق من دون تثبّت ، وأنّ التبيّن في الآية معلّل بعلّة مخصوصة وهو يقتضى قصره فيها ، ولا أقل من أنّه يرفع الوثوق في التعميم ، والتعدّي وظهور عدم مدخليّة الخصوصية محلّ نظر ، فإنّ قتل جمع كثير من المؤمنين وسبي نسائهم وأولادهم ونهب أموالهم بخبر واحد ـ سيما أنْ يكون فاسقاً وخصوصاً أنْ يكون متّهماً ـ لعلّه قبيح ـ خصوصاً مع إمكان التثبّت ـ وإنْ حصل منه ظنّ كما هو (٤) بالنسبة إلى المسلمين في خبر الوليد (٥).

__________________

١ - في « م » : بعد ملاحظة.

٢ ـ في « ق » : القرائن.

٣ ـ فيه ، لم ترد في « أ » و « ح » و « ك » و « م ».

٤ ـ في « م » زيادة : الحال.

٥ ـ إشارة إلى سبب نزول الآية المشار إليها ، ذلك أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسل الوليد بن عُقبة بن أبي مُعَيط لجمع صدقات بني المصطلق ، فلما سمعوا به خرجوا لاستقباله تعظيماً لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعندما رآهم الوليد هابهم وظنّ أنّهم يريدون قتله لوجود عداوة بينهم في الجاهلية ، فرجع وأخبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّهم منعوا صدقاتهم ، فغضب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وهمّ أنْ يغزوهم ، فنزلت الآية المباركة. اُنظر اسباب النزول للواحدي : ٤٠٦ / ٣٩٢ ، مجمع البيان للطبرسي ٥ : ١٣٢ ، الدر المنثور للسيوطي ٧ : ٥٥٥.

٨٦

وأمّا المسائل الفقهيّة فقد ثبت جواز التعبّد بالظنّ وورد به الشرع (١) ؛ أمّا في أمثال زماننا فلا تكاد توجد مسألة تثبت بتمامها من الاجماع من دون (٢) ضميمة أصالة العدم أو خبر الواحد أو أمثالهما ، وكذا من الكتاب أو الخبر القطعي لو كان ، مع أنّ المتن ظنّي في الكلّ ، سيما في أمثال زماننا.

وبالجملة : المدار على الظنّ قطعاً ; وأمّا في زمان الشارع فكثير منها كانت مبنية عليه ، مثل : تقليد المفتين (٣) ، وخبر الواحد ، وظاهر الكتاب ، وغير ذلك.

وأيضاً الندم يحصل في قتل المؤمنين وسبيهم ونهبهم ألبتّة لو ظهر عدم صدق الخبر ، وأمّا المسائل الفقهية فالمجتهد بعد مراعاة الشرائط المعتبرة واستنباطها بطريقته المشروطة المقرّرة مكلّف بظنّه مثاب في خطئه. سلّمنا الظهور لكنّه من باب الاستنباط ، والعلّة المستنبطة ليست بحجّة عند الشيعة ، والمنصوصة مخصوصة.

سلّمنا ، لكنْ نقول : الأمر بالتبيّن في خبر الفاسق إنْ كان علّته عدم الوثوق به ـ كما هو مسلّم عندكم وتقتضيه العلّة المذكورة وظاهر تعليق الحكم بالوصف ـ فغير خفيّ أنّه مع احتمال كون أحد سلسلة السند فاسقاً لا يحصل من مجرّد ظنّ ضعيف بأنّ الكلّ عدول الوثوق ، وقد عرفت أنّ المدار فيه على الظنون الضعيفة. هذا إنْ أردت من الوثوق العلم أو الظنّ القوي.

__________________

١ ـ كما حُقّق في محلّه في كتب الاُصول ، اُنظر الفوائد الحائريّة للوحيد : ١١٧ الفائدة السادسة في جواز العمل بالظنّ وعدم جوازه.

٢ ـ في « ك » زيادة : ضمّ.

٣ ـ في « ك » : المفتي.

٨٧

على أنّه إنْ أردت العلم كما هو مقتضى ظاهر (١) قوله تعالى : « فتبيّنوا » (٢) والعلّة المذكورة فلا يحصل من خبر العادل الثابت العدالة أيضاً ، لاحتمال فسقه عند صدوره ، واحتمال خطئه لعدم عصمته ، فتصير الآية من قبيل الآيات الدالّة على منع اتّباع غير العلم ، لأنّ تعليقه على وصف الفسق لا يقتضي قبول قول العادل ، لأنّ المفهوم مفهوم اللقب ، ومع ذلك لا يقاوم العلّة المذكورة ، كيف وأنْ يترجّح عليه! مع أنّ في جريان التخصيص في العلّة وكونها في الباقي حجّة لا بدّ من تأمّل ، على أنّ قبول قول خصوص العادل يكون تعبّداً ، وستعرف حاله.

وإنْ أردت الظنّ القوي ، فأوّلاً : نمنع (٣) حصوله بالنسبة إلى كثير من العدول على حسب ما ذكرنا ، سيما على القول بأنّ العدالة : حسن الظاهر أو عدم ظهور الفسق.

والإنصاف أنّه لا يثبت من قول المعدِّلين من القدماء أزيد من حسن الظاهر.

وأمّا المتأخرون فغالب توثيقاتهم من القدماء كما لا يخفى على المطّلع ، مضافاً إلى بُعد اطّلاعهم على ملكة الرواة.

وثانياً : إنّه يحصل الظنّ القوي من خبر كثير من الفسّاق ، إلاّ أنْ يقال : الفاسق من حيث إنّه (٤) فاسق لا يحصل الظنّ القوي منه.

( فعلى هذا نقول : لا معنى لأن يكون العادل لحصول الظنّ القوي

__________________

١ ـ ظاهر ، لم ترد في « ق » و « ن ».

٢ ـ الحجرات : ٦.

٣ ـ في « أ » و « ح » و « م » و « ن » : منع.

٤ ـ في « ق » : هو.

٨٨

لا يحتاج إلى التثبّت والفاسق لعدم حصوله منه ) (١) من حيث إنّه فاسق ـ وإنْ كان يحصل من ملاحظة أمر آخر ـ يحتاج إلى التثبّت إلى أنْ يحصل العلم ، مع أنّ الأحكام الفقهية الثابتة من (٢) الأخبار غير الصحاح (٣) من الكثرة بمكان من دون أن يكون هناك ما يقتضي العلم ، إلاّ أنْ يوجّه التبيّن بما يكتفى فيه بالظنّ القوي ، لكن هذا لا يكاد يتمشّى في العلّة.

ومع ذلك جُلّ أحاديثنا المرويّة في الكتب المعتمدة يحصل فيها (٤) الظنّ القوي بملاحظة ما ذكرناه في هذه الفوائد الثلاث وفي التراجم وما ذكروه فيها وما ذكره المشايخ رضوان الله عليهم من أنّها صحاح ، وأنّها علميّة ، وأنّها حجّة فيما بينهم وبين الله تعالى ، وأنّها مأخوذة من الكتب التي عليها المعوّل ، وغير ذلك. مضافاً إلى حصول الظنّ من الخارج بأنّها مأخوذة من الاُصول والكتب الدائرة بين الشيعة المعمولة عندهم ، وأنّهم نقلوها في كتبهم التي ألّفوها لهداية الناس ولأن تكون مرجعاً للشيعة ، وعملوا بها وندبوا إلى العمل مع منعهم من العمل بالظنّ مطلقاً ( أو مهما أمكن ) (٥) وتمكّنهم من الأحاديث العلميّة غالباً أو مطلقاً ، على حسب قربهم من الشارع وبعدهم ، ورأيهم في عدم العمل بالظنّ مع علمهم وفضلهم وتقواهم وورعهم وغاية احتياطهم ، سيما في الأحكام الشرعيّة (٦) وأخذ

__________________

١ ـ ما بين القوسين لم يرد في « ك ».

٢ ـ في « أ » و « ح » و « ك » و « م » : عن.

٣ ـ في « أ » و « ح » و « م » : الغير الصحيحة.

٤ ـ في « ك » و « ن » : منها.

٥ ـ ما بين القوسين لم يرد في « أ ».

٦ ـ الشرعية ، وردت في « ك ».

٨٩

الرواية (١) ... إلى غير ذلك ، مضافاً إلى ما يظهر في المواضع بخصوصها من القرائن ، على أنّ عدم إيراث ما ذكر هنا الظنّ القوي وإيراث ما ذكرنا في عدالة جميع سلسلة السند ذلك فيه ما لا يخفى.

وإن أردت من الوثوق مجرّد الظنّ كما هو المناسب لتعليق الحكم على الوصف ، ولحكم المفهوم على تقدير أن يكون حجّة ، وهو الموافق لغرضكم ، بل تصرّحون بأنّ الفاسق لا يحصل من خبره ظنّ.

ففيه : إنّه وإن اندفع عنه بعض ما أوردناه سابقاً لكن ورود البعض الآخر (٢) عليه أشدّ ، وحمل التبيّن والعلّة على تحصيله أقبح ، وكذا منع حصوله ممّا ذكرنا هنا وترجيح ما ذكر في عدالة سلسلة السند عليه ، على أنّ الفاسق الذي لا يحصل الظنّ من خبره هو الذي لا يبالي في الكذب ، أمّا المتحرّز عنه مطلقاً أوفي الروايات فمنع حصوله منه مكابرة ، سيما الفاسق بالقلب لا الجوارح ، وستعرف.

فإن قلت : جميع ما ذكرت هنا موجود في صحيحهم أيضاً ، والعدول إلى الأقوى متعيّن.

قلت : وجود الجميع في الجميع غلط ، مع أنّهم لم يعتبروا في الصحيح شيئاً منها فضلاً عن الجميع ، ومع ذلك تكون العدالة حينئذ من المرجّحات ، ولا كلام فيه.

فإنْ قلت : يلزم ممّا ذكرت جواز الحكم بشهادة الفاسق ومجهول الحال إذا حصل منها (٣) ظنّ ، لاعتبار العدالة فيها أيضاً.

__________________

١ ـ في « ك » : الروايات.

٢ ـ في « ب » و « ك » زيادة : أيضاً.

٣ ـ في « ق » : منهما.

٩٠

قلت : اعتبارها فيها من قبيل الأسباب الشرعيّة والأمور التعبديّة ، وأمّا اعتبارهم إيّاها في الرواية فالظاهر منهم والمستفاد من كلماتهم (١) أنّها لأجل الوثوق ، وأنّ عدم اعتبار رواية غيرهم من عدمه ، مع أنّ ما استدلّوا به له الآية (٢) ، وقد عرفت ظهورها ، بل وكونها نصّاً في ذلك. سلّمنا ، لكن ظهورها في كون التبيّن في رواية الفاسق وعدمه في غيرها من باب التعبّد من أين؟! سلّمنا ، لكن المتبادر من الفاسق فيها والظاهر منه هنا من عرف بالفسق ، وسنذكر في عليّ بن الحسين السعد آبادي ما يؤكّد ذلك ، ولو سلّم عدم الظهور فظهور خلافه ممنوع ، فالثابت منها عدم قبول خبر المعروف به ، وأمّا المجهول فلا.

ونُسب إلى كثير من الأصحاب قبوله منه ، ويظهر من كثير من التراجم أيضاً ، على أنّ المستفاد حينئذ عدم قبول خبر الفاسق لا اشتراط العدالة ، والواسطة بينهما موجودة قطعاً ، سيما على قولكم بأنّها الملكة ، وخصوصاً بعد اعتبار اجتناب منافيات المروّة ، وكذا بعد تخصيصها بالمكلّفين ، وكذا بالشيعة (٣) الاثني عشريّة ، لما ستعرف.

هذا حال الآية. على أنّه على هذا لا وجه لاشتراط الضبط في الراوي كما شرطتم.

وأمّا الإجماع ، ففيه ـ بعدما عرفت ـ : إنّ الناقل الشيخ ، وهو صرّح بأنّه يكفي كون الراوي متحرّزاً عن الكذب ، إلى آخر ما ذكرناه عنه سابقاً وما سنذكر عنه في الفائدة الثانية والثالثة ، وسنذكر عن غيره أيضاً ما ينافي

__________________

١ ـ في « ق » : كلامهم.

٢ ـ أية النبأ ، الحجرات : ٦.

٣ ـ في « ب » : بين الشيعة.

٩١

هذا الإجماع أو تخصيصه بالعدالة بالمعنى الاعم (١) ، فتأمّل. ومع ذلك لا يظهر منه كون اعتبارها تعبّداً ، بل ربما يظهر من كلماتهم كونه لأجل الوثوق ، على أنّه يمكن منع (٢) كون المخطىء في الإعتقاد فاسقاً.

أمّا بالنسبة إلى غير المقصّر فظاهر ، وسيجيء ما نشير إليه في الفائدة الثانية ، وفي أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وابن نوح (٣) ، وزياد (٤) بن عيسى ، وغيرهم.

وبالجملة : جميع العقائد التي من اُصول الدين ليست جليّة على جميع آحاد المكلّفين في جميع أوقاتهم ، كيف! وأمر الإمامة التي من رؤوسها كان مختلفاً بحسب الخفاء والظهور بالنسبة إلى الأزمنة والأمكنة والأشخاص وأوقات عمرهم ، وهو ظاهر من الأخبار والآثار والاعتبار.

وأمّا المقصّر منهم فبعد ظهور صلاحه وتحرّزه عن الكذب والفسق بجوارحه مثل الحسن بن عليّ بن فضّال ونظائره فنمنع (٥) كونه من الأفراد المتبادرة له في الزمان الأوّل أيضاً (٦) ، سيما بعد ملاحظة نصّ الأصحاب

__________________

١ ـ فإن قلت : حمل العدالة على المعنى الأعم مع ظهورها في الأخص مما لا وجه له.

قلت : العدالة وإنْ كانت ظاهرة في المعنى الأخص إلاّ أنّه لابعد في الحمل على الأعم في كلام الشيخ ، لأنّه كثيراً ما يقول في حق شخص : « ثقة » وفي مقام آخر أو كتاب آخر يقول : « واقفي » ، وربما يتسرّى إلى غير كلام الشيخ رحمهم‌الله كما تشهد به رويّتهم في الجمع بين ثقة وواقفي مطلقاً. عن « ق » بختم « عليّ الرازي ».

٢ ـ منع ، لم ترد في « أ » و « ح ».

٣ ـ هو احمد بن عليّ بن العبّاس بن نوح السيرافي من مشايخ النجاشي ، يأتي عن المنهج برقم [ ٢٩٦ ].

٤ ـ في « ب » و « ك » و « ن » بدل وزياد : وابن زياد.

٥ ـ في « ب » : نمنع ، وفي « ح » : فيمنع.

٦ ـ أيضاً ، لم ترد في « ب ». وفي « ب » و « ق » بعد أيضاً زيادة : للفظ الفاسق المذكور.

٩٢

على توثيقه وفاقاً للمصطفى بعد المحقّق الطوسي في تجريده ، وشيخنا البهائي في زبدته.

وأيضاً نرى مشايخنا يوثّقون المخطئين في الاعتقاد توثيق المصيبين من دون فرق بجعل الأوّل موثّقاً والثاني ثقة كما تجدّد عليه الاصطلاح ، ويعتمدون على ثقات (١) الفريقين ويقبلون قولهم ، فالعدالة المعتبرة عندهم هي بالمعنى الأعم ، فظهر قوّة الاعتماد على أخبار الموثّقين.

وأيضاً من أين عُلم أنّ مرادهم من التوثيق التعديل ، مع أنّ الشيخ صرّح بتوثيق الفاسق بأفعال جوارحه كما مرّ وسنذكر في الفائدة الثانية ، وسيجيء توثيق مثل ( كاتب الخليفة ) ومَن ماثله. إلاّ أنْ يقال : اتّفاق الكلّ على اشتراط العدالة في الراوي على ما أشير إليه يقتضي عدم قبول قول غيرهم ، وغير خفي أنّ توثيقاتهم لأجل الاعتماد وقبول (٢) الرواية (٣).

وأيضاً الاتّفاق على إثبات العدالة من توثيقهم وملاحظة بعض المواضع يدلاّن على ذلك.

وأيضاً ذكر في علم الدراية أنّه من ألفاظ التعديل (٤).

وسيجيء بعض ما في المقام في الفائدة الثانية عن قريب.

وأمّا مثل ( كاتب الخليفة ) فيوجّه ويصحّح ، وسنذكر في الفائدة الثالثة.

وبالجملة : لعلّ الظاهر أنّ الثقة بمعناه اللغوي ، وأنّه مأخوذ فيه مثل التثبّت والضبط والتدبّر والتحفّظ ونظائرها ، وأنّهم ما كانوا يعتمدون على من

__________________

١ ـ في « ك » : توثيقات.

٢ ـ في « ك » بدل وقبول : في قبول.

٣ ـ في « أ » و « م » بدل الرواية : قول.

٤ ـ الرعاية في علم الدراية للشهيد الثاني : ٢٠٣.

٩٣

لم (١) يتّصف بها ، ولعلّ ممّا اُخذ فيه عندهم عدم الاعتماد على الضعفاء والمجاهيل والمراسيل .... إلى غير ذلك ممّا سنشير إليه في قولهم : ( ضعيف ) ، فمراد الشيخ من توثيق الفاسق أمثال الأمور المذكورة مع التحرّز عن الكذب مطلقاً أوفي الروايات.

وأمّا توثيقات علم الرجال فلعلّه مأخوذ فيها العدالة على ما أشير إليه ، مع أنّ الفاسق من حيث إنّه فاسق لا يؤمن عليه ، ولو اتّفق اتّصافه بالأمور المذكورة فليس فيه وثوق تام كما في العادل المتّصف (٢) ، على أنّه على تقدير اعتماد بعضهم على مثله فلعلّه لا يعبّر عنه بـ « ثقة » على الاطلاق ، بل لعلّه نوع تدليس وهم متحاشون عنه ، بل على تقدير اعتماد الكلّ أيضاً لعلّ الأمر كذلك ، فتأمّل.

وسيجيء في الفائدة الثانية في بيان قولهم : ( ثقة في الحديث ) ما ينبغي أن يلاحظ.

وممّا ذكرنا ظهر أنّ عدم توثيقهم للرجال ليس لتأمّلهم في عدالتهم ، سيما بالنسبة إلى أعاظمهم مثل الصدوق وثعلبة بن ميمون والحسن بن حمزة ونظائرهم من الذين قالوا في شأنهم ما يقتضي العدالة وما فوقها ، أو يظهر (٣) ذلك من الخارج.

وبالجملة : ليسوا ممّن يجوز عليهم الفسق ـ العياذ بالله ـ وهذا ظاهر لا تأمّل فيه ، بل من قبيل ما قال المحقّق الشيخ محمّد رحمهم‌الله : وللعلاّمة رحمهم‌الله

__________________

١ ـ في « ب » و « ك » و « ن » بدل لم : لا.

٢ ـ في « م » زيادة : فتأمّل.

٣ ـ في « ب » و « ك » و « ن » بدل أو يظهر : ويظهر.

٩٤

أوهام يبعد زيادة بعد معها (١) الاعتماد عليه (٢).

وصدر أمثال ذلك من غير واحد من غيره بالنسبة إليه وإلى غيره ، مع عدم تأمّل أحد منهم في عدالتهم ، بل في زهدهم أيضاً وتقواهم وغزارة علمهم ومتانة (٣) فكرهم ، بل وفي كونهم أئمّة في علوم شتّى من الفقه وغيره ، إلى غير ذلك.

هذا ، ويمكن أنْ يكون عدم تنصيصهم على التوثيق بالنسبة إلى بعض الأعاظم توكيلاً إلى (٤) ظهوره ممّا ذكروه في شأنه وغير لازم أن يكون بلفظ « ثقة » ، وصرّح عُلماء الدراية بعدم انحصار ألفاظ التعديل فيه وفي « عدل » (٥) ، فتأمّل.

__________________

١ ـ في « ق » : بعدها.

والعبارة كما ترى.

٢ ـ استقصاء الاعتبار ٣ : ١٩٧.

٣ ـ في « ح » : وفطانة.

٤ ـ في « ب » و « ق » : على.

٥ ـ اُنظر الرعاية للشهيد الثاني : ٢٠٣.

٩٥

الفائدة الثانية

في بيان طائفة من الاصطلاحات المتداولة في الفن وفائدتها وغيرها من المباحث المتعلّقة بها :

منها : قولهم : ثقة.

ومرّ بيانه مع بعض ما يتعلّق به وبقي بعض.

قال المحقّق الشيخ محمّد : إنّ النجاشي إذا قال : ( ثقة ) ولم يتعرّض إلى فساد المذهب فظاهره أنّه عدل إمامي ، لأنّ ديدنه التعرّض إلى الفساد ، فعدمه ظاهر في عدم ظفره ، وهو ظاهر في عدمه ; لبعد وجوده مع عدم ظفره ، لشدّة بذل جهده وزيادة معرفته ، وإنّ عليه جماعة من المحقّقين (١) ، انتهى (٢).

لا يخفى أنّ الرويّة (٣) المتعارفة المسلّمة المقبولة أنّه إذا قال عدل إمامي ـ النجاشي كان أو غيره ـ : ( فلان ثقة ) أنّهم يحكمون بمجرّد هذا القول بأنّه عدل إمامي كما هو ظاهر ، إمّا لما ذكر ، أو لأنّ الظاهر من الرواة (٤)

__________________

١ ـ منهم الشيخ البهائي كما يظهر منه ذلك في مشرق الشمسين : ٢٧١ ، والسيّد الداماد في الرواشح السماوية : ٦٧ الراشحة السابعة عشر ، واُنظر تكملة الرجال ١ : ٢١ ، وعُدة الرجال : ١٧ الفائدة الخامسة.

٢ ـ حكاه عنه حفيده السيّد حسن الصدر في نهاية الدراية : ٣٨٧ نقلاً عن شرح الاستبصار.

٣ ـ في « ك » و « ن » : الرواية.

٤ ـ من الرواة ، لم ترد في « ك ».

٩٦

التشّيع ، والظاهر من الشيعة حسن العقيدة ، أو لأنّهم وجدوا منهم أنّهم اصطلحوا ذلك في الإمامية ـ وإنْ كانوا يطلقون على غيرهم مع القرينة ـ بأنّ معنى ثقة : عادل ، أو : عادل (١) ثبت ، فكما أنّ ( عادل ) (٢) ظاهر فيهم فكذا ثقة ، أو لأنّ المطلق ينصرف إلى الكامل ، أو لغير ذلك على منع الخلو.

نعم في مقام التعارض بأن يقول آخر : ( فطحي ) مثلاً يحكمون بكونه موثّقاً معلّلين بعدم المنافاة ، ولعلّ مرادهم عدم معارضة الظاهر النص وعدم مقاومته ، بناءً على أنّ دلالة ( ثقة ) على الإمامية ظاهرة كما أنّ ( فطحي ) على إطلاقه لعلّه ظاهر في عدم ثبوت العدالة عند قائله (٣) مع تأمّل فيه ظهر وجهه ، وأنّ الجمع مهما أمكن لازم ، فيرفع اليد عمّا ظهر ويُمْسَك بالمتيقّن ـ أعني : مطلق العدالة ـ فيصير فطحيّاً عادلاً في مذهبه ، فيكون الموثّق سامح أو كلاهما.

وكذا لو كانا من واحد ، لكن لعلّه لا يخلوعن نوع تدليس ، إلاّ أنْ لا يكون مضرّاً عندهم ، لكون حجّيّة خبر الموثّقين إجماعياً أو حقّاً عندهم ، واكتفوا بظهور ذلك منهم ، أو غير ذلك. وسيجيء في أحمد بن محمّد بن خالد (٤) ما له دخل.

أو يكون ظهر خلاف الظاهر واطّلع الجارح على ما لم يطّلع عليه المعدِّل ، لكن ملائمة هذا للقول بالملكة لا يخلوعن إشكال ، مع أنّ المعدِّل ادّعى كونه عادلاً في مذهبنا ، فإذا ظهر كونه مخالفاً فالعدالة في

__________________

١ ـ أو عادل ، لم ترد في « ق » و « ك ».

٢ ـ كذا في النسخ ، وهو صحيح على الحكاية. وفي « ق » : عادلاً.

٣ ـ في « ن » : ناقله.

٤ ـ اي الموثق والقائل انه فطحي ، فالاوول سامح في ظهور كلامه في كونه اماميا ، والثاني سامح في ظهور كلامه في كونه ليس عادلا.

٥ ـ البرقي أبو جعفر الكوفي صاحب كتاب المحاسن وغيره من الكتب ، تأتي ترجمته عن المنهج برقم [ ٣٣٣ ] والتعليقة برقم ( ١٦٠ ).

٩٧

مذهبه من أين؟!

إلاّ أن يدّعى أنّ الظاهر اتّحاد أسباب الجرح والتعديل في المذهبين سوى الاعتقاد بإمامة إمام ، لكن هذا لا يصح بالنسبة إلى الزيدي والعامي ومن ماثلهما جزماً ، وأمّا بالنسبة إلى الفطحيّة والواقفيّة وَمَن ماثلهما فثبوته أيضاً يحتاج إلى تأمّل (١).

مع أنّه إذا ظهر خطأ المعدّل (٢) بالنسبة إلى نفس ذلك الاعتقاد فكيف يؤمن عدمه بالنسبة إلى غيره (٣)؟!

وأيضاً ربما يكون الجارح والمعدِّل واحداً كما في إبراهيم بن عبد الحميد (٤) وغيره.

وأيضاً لعلّ الجارح جرحه مبنيّ على ما لا يكون سبباً في الواقع على ما سنذكر في إبراهيم بن عمر (٥) ، ويقرّبه التأمّل في هذه الفائدة عند ذكر الغلاة والواقفة ، وقولهم : ( ضعيف ) ، وغيرها. وكذا في الفائدة الثالثة في مواضع عديدة. وسيجيء في إبراهيم ما ينبغي أنْ يلاحظ.

وكيف كان ، هل الحكم والبناء المذكور عند التعارض مطلق أم مقيّد

__________________

١ ـ في « ك » : إلى التسلسل.

٢ ـ في حاشية « ق » تعليقة للمولى عليّ الرازي ، وصورتها : لا ريب أن ظهور الخطأ في شيء لا يوجب سقوط اعتبار قول العدل إلاّ إذا كان أمراً ظاهراً بديهياً فيرفع الخطأ فيه الوثوق ، بل ربما يقدح في عدالة الرجل باعتبار كونه منبئاً عن تسامحه وعدم مبالاته ، ولا ريب أنّ مذهب الراوي من الوقف والفطحية كان أمراً شائعاً لا داعي إلى خفائه ، انتهى.

٣ ـ في « م » زيادة : فتأمّل.

٤ ـ حيث صرّح الشيخ في رجاله في أصحاب الامامين الكاظم : ٣٣٢ / ٢٦ والرضا : ٣٥١ / ١ عليهما‌السلام بكونه واقفياً ووثّقه في الفهرست : ٤٠ / ١٢.

٥ ـ اليماني الصنعاني ، يأتي عن المنهج برقم [ ١٢٣ ] وعن التعليقة برقم ( ٣٩ ).

٩٨

بما إذا انحصر ظنّ المجتهد فيه وانعدام الامارات والمرجّحات ـ إذْ لعلّه بملاحظتها يكون الظاهر عنده حقّيّة أحد الطرفين ـ؟ ولعلّ الأكثر على الثاني وأنّه هو الأظهر كما سيجيء في إبراهيم بن عمر وابن عبد الحميد وغيرهما مثل سماعة وغيره ، ويظهر وجهه أيضاً من التأمّل في الفائدة الاُولى وهذه الفائدة والفائدة الثالثة على حسب ما اُشير إليه.

ثمّ اعلم أنّ ما ذكر إذا كان الجارح والمعدّل عدلاً إمامياً ،

وأمّا إذا كان مثل عليّ بن الحسن (١) فَمِنْ جَرْحِه يحصل ظنّ وربما يكون أقوى من الإمامي ـ كما اُشير إليه ـ فهو معتبر في مقام اعتباره وعدم اعتباره على ما سيجيء في أبان بن عثمان (٢) وغيره ، بناءً على جعله شهادة أو رواية ولم يجعل منشأ قبولها الظنّ ولم يعتبر الموثقة ، وفيها تأمّل.

وأمّا تعديله فلو جعل من مرجّحات قبول الرواية فلا إشكال ، بل يحصل منه ما هو (٣) في غاية القوّة.

وأمّا لو جعل من دلائل العدالة فلا يخلو من إشكال ولو على رأي من جعل التعديل من باب الظنون أو الرواية وعمل بالموثّقة ، لعدم ظهور إرادته (٤) العدل الإمامي أوفي مذهبه أو الأعم أو مجرّد الوثوق بقوله ، ولم يظهر اشتراطه (٥) العدالة في قبول الرواية.

__________________

١ ـ ابن فضّال الفطحي المذهب كما نصّ على ذلك النجاشي في رجاله : ٢٥٧ / ٢٧٦ والشيخ في فهرسه : ٩٢ / ٣٩١.

٢ ـ يأتي ذلك عن معالم الفقه للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني٢ : ٤٥٤.

٣ ـ في « ح » بدل ما هو : علماً.

٤ ـ في « ك » : إرادة.

٥ ـ في « ك » : اشتراط.

٩٩

إلاّ أن يقال : إذا كان الإمامي المعروف مثل العيّاشي الجليل (١) يسأله عن حال راو فيجيبه بأنّه ثقة على الإطلاق ، مضافاً إلى ما يظهر من رويّته من التعرض للوقف والناووسية وغيرهما في مقام جوابه أو إفادته له ، وأيضاً ربما يظهر من إكثاره ذلك أنّه كان يرى التعرّض لأمثال ذلك في المقام.

وكذا الحال بالنسبة إلى العيّاشي (٢) الجليل بالقياس إلى الجليل الآخذ عنه ، وهكذا ، فإنّه ربما يظهر من ذلك إرادة العدل الإمامي ، مضافاً إلى أنّه لعلّ الظاهر مشاركة أمثاله مع الإماميّة في اشتراط العدالة ، وأنّه ربما يظهر من الخارج كون الراوي من الإمامية فيبعد خفاء حاله على جميعهم ، بل وعليه أيضاً ، فيكون تعديله بالعدالة في مذهبنا كما لا يخفى ، فلو ظهر من الخارج خلافه فلعلّ حاله حال توثيق الإمامي ، وأيضاً بعد ظهور المشاركة إحدى العدالتين مستفادة ، فلا يقصر عن الموثّق ، فتأمّل ، فإنّ المقام يحتاج إلى التأمّل التام.

وأشكل من ذلك ما إذا كان الجارح الإمامي والمعدّل غيره ،

وأمّا العكس فحاله ظاهر سواء قلنا بأنّ التعديل من باب الشهادة أو الرواية أو الظنون (٣).

__________________

١ ـ هو محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلّمي السمرقندي أبو النضر المعروف بالعيّاشي ، ثقة ، صدوق ، جليل القدر ، واسع الاخبار ... له ترجمة في رجال النجاشي : ٣٥٠ / ٩٤٤ وفهرست الشيخ : ٢١٢ / ١٩ وخلاصة العلاّمة : ٢٤٦ / ٣٨.

وغيرها من المصادر.

٢ ـ العياشي ، لم ترد في « أ » و « م » و « ن ».

٣ ـ في « ق » زيادة : الاجتهادية.

١٠٠