الباب الخامس والسبعون ومائة
في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ)
من طريق العامّة وفيه أربعة أحاديث
الأوّل : الطبرسيّ قال : ذكر الحاكم أبو إسحاق الحسكاني رحمهالله في كتاب «شواهد التنزيل» القواعد التفضيل بإسناده عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : إنّ الذين أجرموا منافقوا قريش والّذين آمنوا عليّ بن أبي طالب عليهالسلام (١).
الثاني : الجبريّ في كتابه يرفعه إلى ابن عبّاس في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) إلى آخر السورة فالّذين آمنوا عليّ بن أبي طالب والذين أجرموا منافقوا قريش (٢).
الثالث : محمّد بن العبّاس أورده من طريق العامّة قال : حدّثنا عليّ بن عبد الله عن إبراهيم بن محمّد الثقفي عن الحكم بن سلمان عن محمّد بن كثير عن الكلبي وأبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) قال : ذلك الحرث بن قيس واناس معه كانوا إذا مرّ بهم عليّ عليهالسلام قالوا : انظروا إلى هذا الرجل الذي اصطفاه محمّد واختاره من بين أهل بيته ، فكانوا يسخرون ويضحكون ؛ فإذا كان يوم القيامة ، فتح بين الجنّة والنار باب وعليّ عليهالسلام يومئذ على الأرائك متّك ويقول لهم هلم لكم فإذا جاءوا سدّ بينهم الباب فهو كذلك يسخر بهم ويضحك وهو قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٣).
الرابع : موفّق بن أحمد قيل : إنّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام جاء في نفر من المسلمين إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فسخر به المنافقون وضحكوا وتغامزوا عليه ثمّ قالوا لأصحابهم رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه ، فأنزل الله هذه الآية قبل أن يصل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله عن مقاتل والكعبي (٤).
__________________
(١) مجمع البيان : ١٠ / ٢٩٨.
(٢) تأويل الآيات : ٢ / ٧٧٩ ح ١٢.
(٣) بحار الأنوار : ٣١ / ٣٣٩ ح ٩.
(٤) مناقب الخوارزمي : ٢٧٥ ح ٢٥٤.
الباب السادس والسبعون ومائة
في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ)
من طريق الخاصّة وفيه خمسة أحاديث
الأوّل : محمّد بن العبّاس عن أحمد بن محمّد عن أحمد بن الحسين عن حصين بن مخارق عن يعقوب بن شعيب عن عمران بن ميثم عن عتابة بن ربعي عن عليّ عليهالسلام أنّه كان يمرّ بالنفر من قريش فيقولون : انظروا إلى هذا الذي اصطفاه محمّد واختاره من بين أهله ويتغامزون ، فنزلت هذه الآيات (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) إلى آخر السورة (١).
الثاني : محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا محمّد بن محمّد الواسطي بإسناده إلى أبي مجاهد في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) قال : إنّ نفرا من قريش كانوا من الذين يقعدون بفناء الكعبة فيتغامزون بأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ويسخرون منهم ، فمرّ بهم يوما عليّ عليهالسلام مع نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فضحكوا منهم وتغامزوا عليهم وقالوا : هذا أخو محمّد صلىاللهعليهوآله فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) فإذا كان يوم القيامة أدخل عليّ عليهالسلام ومن كان معه الجنّة فأشرفوا على هؤلاء الكفّار ونظروا إليهم فسخروا وضحكوا عليهم وذلك قوله : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) (٢).
الثالث : محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبد الرّحمن بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) إلى آخر السورة نزلت في عليّ عليهالسلام في الّذين استهزءوا من بني أميّة ، وذلك أنّ عليّا عليهالسلام مرّ على قوم من بني اميّة والمنافقين فسخروا منه (٣).
الرابع : محمّد بن العبّاس عن محمّد بن القاسم عن أبيه بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ ابن الحسين عليهالسلام قال : إذا كان يوم القيامة اخرجت اريكتان من الجنّة فبسطتا على شفير جهنّم ثمّ يجيء عليّ عليهالسلام حتّى يقعد عليهما فإذا قعد ضحك ، وإذا ضحك انقلبت جهنّم فصار عاليها سافلها ،
__________________
(١) بحار الأنوار : ٣٢ / ٦٦ ح ٧.
(٢) بحار الأنوار : ٣٢ / ٦٦ ح ٨.
(٣) بحار الأنوار : ٣١ / ٣٣٩ ح ١٠.
ثمّ يخرجان فيوقفان بين يديه فيقولان : يا أمير المؤمنين يا وصيّ رسول الله ألا ترحمنا ألا تشفع لنا عند ربّك ، قال : فيضحك منهما ثمّ يقوم فيدخل وترفع الاريكتان ويعادان إلى موضعهما ، فذلك قوله عزوجل : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (١).
الخامس : أبو محمّد الحسن بن علي العسكري في تفسيره في قوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) قال عليهالسلام : وامّا استهزاؤه بهم الآخرة ، فهو أنّ الله عزوجل إذا أقرّهم في دار اللعنة والهوان وعذّبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب ، وأقرّ بهؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمّد صفيّ الملك الديّان ، اطلعهم على هؤلاء المستهزئين الذين كانوا يستهزءون بهم في الدّنيا حتّى يروا ما فيه من عجائب اللعائن وبدائع النقمات فتكون لذّتهم وسرورهم بشماتتهم بهم كما لذّتهم وسرورهم بنعيمهم في جنّات ربّهم ، فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين المنافقين بأسمائهم وصفاتهم ، وهم على أصناف : منهم من هو بين أنياب أفاعيها تمضغه وتفترسه ، ومنهم من هو تحت سياط زبانيتها وأعمدتها ومرزباتها تقع من أيديها عليه يشدّد في عذابه ويعظم خزيه ونكاله ، ومنهم من هو في بحار جحيمها يغرق ويسحب فيها ، ومنهم من هو في غسلينها وغسّاقها تزجره فيها زبانيتها ، ومنهم من هو في سائر أصناف عذابها ؛ والكافرون والمنافقون ينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدّنيا يسخرون لما كانوا من موالاة محمّد وعليّ وآلهما صلوات الله عليهم يعتقدون فيرونهم منهم من هو على فرشها يتقلّب ، ومنهم من هو على فواكهها يرتع ، ومنهم من هو في غرفها أو في بساتينها ومتنزّهاتها يتبجّح والحور العين والوصفاء والولدان والجواري والغلمان قائمون بحضرتهم وطائفون بالخدمة حواليهم وملائكة الله عزوجل يأتونهم عند ربّهم بالجنان والكرامات وعجائب التحف والهدايا والمبرّات يقولون : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).
فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين المنافقين : يا فلان ويا فلان ويا فلان حتّى تناديهم بأسمائهم : ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون ، هلمّوا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتتخلّصوا من عذابكم وتلحقوا بنا في نعيمها ، فيقولون : يا ويلنا أنّى لنا هذا ، فيقول المؤمنون : انظروا لهذه الأبواب ، فينظرون إلى أبواب من الجنان مفتّحة تخيّل إليهم إنّها إلى جهنّم التي فيها يعذّبون ويقدرون أنّهم يتمكّنون أن يتخلّصوا إليها فيأخذون في السباحة في بحار حميمها وعدوا من بين أيدي زبانيتها ، وهم يلحقونهم يضربونهم بأعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم ، فلا يزالون كذلك
__________________
(١) بحار الأنوار : ٣٢ / ٦٧ ح ٨.
يسيرون هناك ، وبهذه الأصناف من العذاب تمسّهم حتّى إذا قدروا أن يبلغوا تلك الأبواب وجدوها مردومة عنهم ، وتتخذهم الزبانية بأعمدتها فتنكسهم إلى سواء الجحيم ويستلقي أولئك المنعّمون على فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم مستهزئين بهم ، فذلك قول الله عزوجل : (يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) وقوله عزوجل : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) (١).
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري : ١٢١ ـ ١٢٥ ح ٦٣.
الباب السابع والسبعون ومائة
في قوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)
من طريق العامّة وفيه حديث واحد
ابن شهرآشوب عن تفسير الهذلي ومقاتل عن محمّد بن الحنفيّة في خبر طويل إنّما نحن مستهزءون بعليّ بن أبي طالب فقال الله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) يعني يجازيهم في الآخرة جزاء استهزائهم بأمير المؤمنين.
قال ابن عبّاس : وذلك أنّه إذا كان يوم القيامة ، أمر الله الخلق بالجواز على الصراط فتجوز المؤمنون إلى الجنّة ويسقط المنافقون في جهنّم فيقول الله : يا مالك استهزئ بالمنافقين في جهنّم ، فيفتح مالك بابا من جهنّم إلى الجنّة ويناديهم : معاشر المنافقين هاهنا هاهنا فاصعدوا من جهنّم إلى الجنّة ، فيسبح المنافقون في بحار جهنّم سبعين خريفا حتّى إذا بلغوا إلى ذلك الباب وهمّوا الخروج، أغلقه دونهم وفتح لهم بابا إلى الجنّة من موضع آخر فيناديهم من هذا الباب : فاخرجوا إلى الجنّة ، فيسبحون مثل الأوّل فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم ويفتح من موضع آخر وهكذا أبد الآبدين (١).
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب : ٣ / ١١٤.
الباب الثامن والسبعون ومائة
في قوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)
من طريق الخاصّة وفيه حديثان
الأوّل : ابن شهرآشوب عن الباقر عليهالسلام : أنّها نزلت في ثلاثة لمّا قام النبيّ صلىاللهعليهوآله بالولاية لأمير المؤمنين عليهالسلام أظهروا الإيمان والرضا بذلك فلمّا خلوا بأعداء أمير المؤمنين قالوا : انّا معكم ، إنّما نحن مستهزءون (١).
الثاني : الإمام أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليهالسلام في تفسيره في قوله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) إلى قوله : (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) قال : قال موسى بن جعفرعليهماالسلام : وإذا لقوا هؤلاء الناكثون للبيعة المواظبون على مخالفة عليّ عليهالسلام ودفع الأمر عنه (الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) كإيمانكم إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذرّ وعمّار قالوا لهم آمنّا بمحمّد وسلّمنا له بيعة عليّ عليهالسلام وفضله وأنفدنا لأمر كما آمنتم أنّ أوّلهم وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم ربّما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه فإذا لقوهم اشمأزوا منهم وقالوا : هؤلاء أصحاب محمّد الساحر والأهوج يعنون محمّدا وعليّا عليهماالسلام ثمّ يقول بعضهم لبعض : احترزوا منهم لا يقفون من فلتات كلامكم على كفر محمّد صلىاللهعليهوآله فيما قاله في عليّ عليهالسلام فيقفو عليكم فيكون فيه هلاككم. فيقول أوّلهم : انظروا إليّ كيف أسخر منهم وأكفّ عاديتهم عنكم فإذا التقوا قال أوّلهم : مرحبا بسلمان ابن الإسلام الذي قال فيه محمّد سيّد الأنام لو كان الدين معلّقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس ، هذا أفضلهم يعينك وقال فيه : سلمان منّا أهل البيت ، فقرنه جبرئيل عليهالسلام الذي قال له يوم العباء لما قاله لرسول الله صلىاللهعليهوآله : وأنا منكم. فقال : وأنت منّا ، حتّى ارتقى جبرئيل إلى الملكوت الأعلى يفتخر على أهله ويقول : من مثلي بخ بخ وأنا من أهل بيت محمد صلىاللهعليهوآله ؛ ثمّ يقول للمقداد : ومرحبا بك يا مقداد أنت الذي قال فيك رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّعليهالسلام : يا عليّ المقداد أخوك في الدين وقد قدّ منك فكأنّه يعينك حبّا لك وبغضا على أعدائك وموالاة لأوليائك لكن ملائكة السموات والحجب أكثر حبّا لك منك لعليّ عليهالسلام وأشدّ بغضا على أعدائك منك على أعداء عليّ عليهالسلام فطوبا ثمّ طوبا ؛ ثمّ يقول لأبي ذرّ : مرحبا بك يا أبا ذرّ أنت قال فيك رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ ، قيل : بما ذا فضّله الله بهذا وشرّفه؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّه كان يفضّل
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب : ٣ / ١١٣ ـ ١١٤ بنحوه.
عليّا عليهالسلام اخا رسول الله صلىاللهعليهوآله قوّالا وله في كلّ الأحوال مدّاحا ولشانئيه وأعدائه شانئا ولأوليائه وأحبّائه مواليا ، وسوف يجعله الله عزوجل في الجنان من أفضل سكّانها ويخدمه ما لا يعرف عدده إلّا الله من وصائفها وغلمانها وولدانها
ثمّ يقول لعمّار بن ياسر : أهلا وسهلا يا عمّار نلت بموالاة أخي رسول الله صلىاللهعليهوآله مع أنّك وادع رأفة لا تزيد على المكتوبات والمسنونات في سائر العبادات ما لا يناله الكاد بدنه ليله ونهاره يعني اللّيل قياما والنهار صياما والباذل أمواله وإن كانت جميع أموال الدّنيا له مرحبا بك فقد رضيك رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ أخيه مصافيا وعنه مناويا حتّى أخبر أنّك ستقتل في محبّته وتحشر يوم القيامة في خيار زمرته ، وفّقني الله تعالى لمثل عملك وعمل أصحابك حتى تكن ممّن توفر على خدمة رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخي محمّد عليّ وليّ الله ومعاداة أعدائهما بالعداوة ومصافاة أوليائهما بالموالاة والمشايعة سوف يسعدنا الله يومنا إذا التقينا بكم فيقول سلمان وأصحابه : ظاهرهم كما أمر الله تعالى ويجوزون عنهم ، فيقول الأوّل لأصحابه : كيف رأيتم سخري بهؤلاء وكبت عاديتهم عنّي وعنكم ، فيقولون له : لا تزال بخير ما عشت لنا ، فيقول لهم : فهكذا فلتكن معاملتكم لهم إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذا فإنّ اللبيب العاقل من تجرّع على الغصّة حتّى ينال الفرصة ، ثمّ يعودون إلى أخدانهم من المنافقين المتمرّدين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله صلىاللهعليهوآله فيما ادّاه إليهم عن الله عزوجل من ذكر تفضيل أمير المؤمنين عليهالسلام ونصبه إماما على كافّة المكلّفين قالوا لهم : إنّا معكم إنّما نحن على ما واطأناكم من دفع عليّ عن هذا الأمر إن كانت لمحمّد صلىاللهعليهوآله كائنة فلا يغرنّكم ولا يهولنّكم ما تسمعونه منّا من تقريظهم وترونا نجترئ عليه من مداراتهم فإنّما نحن مستهزءون بهم ، فقال الله عزوجل : يا محمّد الله يستهزئ بهم ويجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا والآخرة ويمدّهم في طغيانهم يعمهون يمهلهم ويتأنّى بهم برفق ويدعوهم إلى التوبة ويعدهم إذا تابوا المغفرة ، يعمهون لا ينزعون عن قبيح ولا يتركون أذى لمحمّد وعليّ يمكنهم إيصاله إليهما إلّا بلغوه.
قال العالم عليهالسلام : فأمّا استهزاء الله بهم في الدّنيا ، فهو أنّه مع إجرائه إيّاهم على ظاهر أحكام المسلمين لإظهارهم ما يظهرونه من السمع والطاعة والموافقة لأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بالتعريض لهم حتّى لا يخفى على المخلصين من المراد بذلك التعريض ويأمره بلعنهم ، وأمّا استهزاؤه بهم في الآخرة ، فهو أنّه عزوجل إذا أقرّهم في دار اللعنة والهوان (١). وقد تقدّم تتمّة ذلك في الحديث الخامس من الباب السادس والسبعين ومائة عن الإمام العسكري عليهالسلام وهو قريب يؤخذ من هناك.
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري : ١٢٠ ح ٦٣.
الباب التاسع والسبعون ومائة
في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)
من طريق العامّة وفيه حديث واحد
موفّق بن أحمد قال : قال جابر : كنّا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة ، فقال لنا النبي صلىاللهعليهوآله : أنتم اليوم خيار أهل الأرض فبايعنا تحت الشجرة على الموت فما نكث أصلا أحد إلّا ابن قيس وكان منافقا ، وأولى الناس بهذه الآية عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه لأنّه قال : (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) يعني فتح خيبر وكان ذلك على يد عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه(١).
الباب الثمانون ومائة
في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ)
من طريق الخاصّة وفيه حديثان
الأوّل : محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الواسطي عن زكريا بن يحيى عن إسماعيل بن عثمان عن عمّار الدهني عن أبي الزبير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت : قول اللهعزوجل : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) كم كانوا؟ قال : ألفا ومائتين ، قلت : هل كان فيهم عليّ عليهالسلام؟ قال : نعم سيّدهم وشريفهم (٢).
الثاني : عليّ بن إبراهيم قال : حدّثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام وعن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : أنا الذي ذكر الله اسمه في التوراة والإنجيل بمؤازرة رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنا أوّل من بايع رسول الله صلىاللهعليهوآله تحت الشجرة في قوله : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (٣).
__________________
(١) مناقب الخوارزمي : ٢٧٦ ح ٢٥٦ ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٣٠٤.
(٢) بحار الأنوار : ٢٤ / ٩٣ ح ٤.
(٣) تفسير القمي : ٢ / ٢٦٨.
الباب الحادي والثمانون ومائة
في قوله تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)
وأنّ عليّا عليهالسلام شبيه عيسى عليهالسلام
ومن طريق العامّة وفيه ثلاثة عشر حديثا
الأوّل : أبو نعيم الحافظ الاصفهاني في كتابه الموسوم بنزول القرآن في عليّ عليهالسلام قال : قوله تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) عن ربيعة بن ناجد قال : سمعت عليّاعليهالسلام يقول : فيّ نزلت هذه الآية (١).
الثاني : محمّد بن العبّاس من طريق العامّة قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمّد بن زكريا عن مخدج بن عمر الحنفي عن عمر بن فائد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : بينا النبيّ صلىاللهعليهوآله في نفر من أصحاب إذ قال : الآن يدخل عليكم نظير عيسى بن مريم في أمّتي فدخل أبو بكر فقالوا : هو هذا ، فقال : لا ، فدخل عمر فقالوا : هو هذا ، فقال : لا ، فدخل عليّ عليهالسلام فقالوا : هو هذا ، فقال : نعم ، فقال قوم لعبادة اللّات والعزّى خير من هذا ؛ فأنزل الله عزوجل (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ)الآيات(٢).
الثالث : محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا محمّد بن سهل العطّار قال : حدّثنا أحمد بن عمر الدهقان عن محمّد بن كثير الكوفي عن محمّد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : جاء قوم إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا محمّد إنّ عيسى بن مريم عليهالسلام كان يحيي الموتى فأحيى لنا الموتى فقال لهم : من تريدون؟ فقالوا : نريد فلان وإنّه قريب عهد بموت فدعا عليّ بن أبي طالب فأصغى إليه بشيء لا نعرفه ثمّ قال له : انطلق معهم إلى الميّت فادعه باسمه واسم أبيه فمضى معهم حتّى وقف على قبر الرجل ثمّ ناداه يا فلان بن فلان فقام الميّت فسألوه ثمّ اضطجع في لحده ثمّ انصرفوا وهم يقولون : إنّ هذا من أعاجيب بني عبد المطّلب أو نحوها فأنزل الله عزوجل : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) أي يضجّون (٣).
__________________
(١) بحار الأنوار : ٣١ / ٣١٥ ح ٣.
(٢) بحار الأنوار : ٣١ / ٣١٤ ح ٢.
(٣) بحار الأنوار : ٣١ / ٣١٤ ح ٣.
الرابع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثني يحيى بن آدم قال : حدّثنا مالك ابن معول عن اكيل عن الشعبي قال : لقيت علقمة قال : أتدري ما مثل عليّ في هذه الامّة؟ فقلت : وما مثله؟ قال : مثل عيسى بن مريم أحبّه قوم حتّى هلكوا في حبّه وأبغضه قوم حتّى هلكوا في بغضه (١).
الخامس : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا شريح بن يونس والحسين بن عرفة قال : حدّثنا أبو حفص الابّار عن الحكم بن عبد الملك عن الحرث بن حضيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن عليّ عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عليّ إنّ فيك مثلا من عيسى أبغضته اليهود حتّى بهتوا أمّه ، وأحبّه النصارى حتّى أنزلوه بالمنزلة التي ليس له ؛ قال : وقال عليّ : يهلك فيّ رجلان محبّ مفرط يفرطني بما ليس فيّ ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني. لفظ شريح بن يونس (٢).
السادس : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا أبو محمّد سفيان بن وكيع بن الجرّاح بن مليح ، حدّثنا خالد بن مخلّد قال : حدّثنا أبو غيلان الشيباني عن الحكم بن عبد الملك عن الحرث بن حضيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن عليّ عليهالسلام قال : دعاني رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : إنّ فيك مثلا من عيسى بن مريم أبغضته اليهود حتّى بهتوا أمّه ، وأحبّته النصارى حتّى أنزلوه المنزل الذي ليس به ، ألا وإنّه يهلك فيّ اثنان : محبّ يقرظني بما ليس فيّ ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني ، ألا انّي لست بنبيّ ولا يوحى إليّ ولكنّي أعمل بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ما استطعت ، فما أمرتكم من طاعة الله فحقّ عليكم طاعتي فيما أحببتم أو كرهتم (٣).
السابع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : وجدت في كتاب أبي بخطّ يده وأظنني قد سمعته منه : حدّثنا وكيع عن شريك عن عثمان أبي القطّان عن زاذان عن عليّ عليهالسلام قال : مثلي في هذه الامّة كمثل عيسى بن مريم أحبّته طائفة فأفرطت في حبّه فهلكت ، وأبغضته طائفة فأفرطت في بغضه فهلكت ، وأحبّته طائفة فاقتصدت في حبّه فنجت (٤).
الثامن : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا هيثم قال : حدّثنا ابن أحمد سجاده قال: حدّثنا يحيى ابن أبي يعلى عن الحسن بن صالح بن حي وجعفر بن زياد بن الأحمر عن عطاء بن الصامت
__________________
(١) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٥٧٥ ح ٩٧٤.
(٢) مسند أحمد : ١ / ١٦٠ ، كنز العمال : ١١ / ٦٢٣ ح ٣٣٠٣٢ و : ٣١٦٤٤.
(٣) مسند أحمد : ١ / ١٦٠ ، كنز العمال : ١٣ / ١٢٥ ح ٣٦٣٩٩.
(٤) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٦٠٠ ح ١٠٢٥.
عن أبي البختري عن عليّ عليهالسلام قال : يهلك فيّ رجلان محبّ مفرط ومبغض مفتري (١).
التاسع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثني وكيع عن نعيم بن حكيم عن أبي مريم قال : سمعت عليّا عليهالسلام يقول : يهلك فيّ رجلان محبّ مفرط غال ومبغض قال (٢).
العاشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا الحسن بن الحرّاني قال : حدّثنا أبو جعفر الثقيلي قال : حدّثنا ابن زياد الثقفي عن السّدي قال : قال عليّ عليهالسلام : اللهمّ العن كلّ محبّ لنا غال وكلّ مبغض لنا قال (٣).
الحادي عشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا وكيع قال : حدّثنا الأعمش عن عمر بن مرّة عن أبي البختري أو عن عبد الله بن سلمة شكّ الأعمش قال : قال عليّ عليهالسلام : يهلك فيّ رجلان محبّ مفرط ومبغض مفتري (٤).
الثاني عشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا وكيع عن شعبة عن أبي الصباح عن أبي السّوامي قال : قال عليّ عليهالسلام : ليحبّني قوم حتّى يدخلوا النار في حبّي وليبغضني قوم حتّى يدخلوا النار في بغضي (٥).
الثالث عشر : محمّد بن القاسم قال : حدّثنا أحمد بن الهيثم قال : حدّثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل قال : حدّثنا الحكم بن عبد الملك عن الحرث بن حضيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن عليّ عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عليّ إنّ الله جعل فيك مثلا من عيسى بن مريم عليهالسلام ، أبغضته اليهود حتّى بهتوا أمّه ، وأحبّته النصارى حتّى ادعوا فيه ما ليس له بحقّ ، ألا وإنّه يهلك فيّ رجلان محبّ مفطر يفرطني بما ليس فيّ ومبغض مفتن يحمله شنآنه أن يبهتني ألا وانّي لست بنبيّ ولا يوحى إليّ ولكنّي أعمل بكتاب الله ما استطعت ، فما أمرتكم به من طاعة اللهعزوجل فواجب عليكم وعلى غيركم طاعتي ، فيما أحببتم أو كرهتم (٦).
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ١٦٠ ، كنز العمال : ١١ / ٣٢٦ ح ٣١٦٤٤.
(٢) كنز العمال : ١١ / ٣٢٤ ح ٣١٦٣٣.
(٣) كنز العمال : ١١ / ٣٢٥ ح ٣١٦٣٩.
(٤) فضائل الصحابة : ٢ / ٥٦٥ ح ٩٥١.
(٥) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٥٦٥ ح ٩٥٢.
(٦) العمدة : ١٠٧ ، بحار الأنوار : ٣١ / ٣٢٢ ح ٢٠.
الباب الثاني والثمانون ومائة
في قوله تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)
من طريق الخاصّة وفيه سبعة أحاديث
الأوّل : محمّد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ فيك شبها من عيسى بن مريم ولو لا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ من الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة قال : فغضب الأعرابيّان والمغيرة بن شعبة وعدّة من قريش معهم ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمّه مثلا إلّا عيسى بن مريم ؛ فأنزل الله على نبيّه صلىاللهعليهوآله فقال : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ* وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ* وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) ـ يعني من بني هاشم ـ (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) قال : فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال : اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك إنّ بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل ، فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت عليه هذه الآية : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ثمّ قال له : يا بن عمرو امّا تبت وامّا رحلت فقال : يا محمّد تجعل لسائر قريش ممّا في يدك ، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ليس ذلك إلي ذلك إلى الله تبارك وتعالى ، فقال : يا محمّد قلبي ما يتابعني على التوبة ولكن أرحل عنك ، فدعا براحلته فركبها فلمّا صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضخت هامته ، ثمّ أتى الوحي إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) قال : قلت : جعلت فداك إنّا لا نقرأها هكذا فقال : هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمّد صلىاللهعليهوآله وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة عليهاالسلام فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لمن حوله من المنافقين : انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به ، قال اللهعزوجل : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (١).
__________________
(١) الكافي : ٨ / ٥٨ ح ١٨.
الثاني : عليّ بن إبراهيم قال : حدّثني أبي عن وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن أبي الأعز عن سلمان الفارسي قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوآله جالس في أصحابه إذ قال إنّه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم فخرج بعض من كان جالسا مع رسول اللهعليهالسلام ليكون هو الداخل فدخل عليّ بن أبي طالب ، فقال الرجل لبعض أصحابه : أما يرضى محمّد أن فضّل عليّا علينا حتّى يشبّهه بعيسى بن مريم والله لآلهتنا التي كنّا نعبدها في الجاهلية أفضل منه ، فأنزل الله في ذلك المجلس : «ولمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يضجون» فحرّفوها يصدّون (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) إنّ عليّا إلّا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل فمحى اسمه من هذا الموضع (١).
الثالث : محمّد بن العبّاس عن عبد الله بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن نمير عن شريك عن عثمان بن عمير البجلي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال لي عليّ عليهالسلام: مثلي في هذه الامّة مثل عيسى بن مريم أحبّه قوم فغالوا في حبّه فهلكوا [فيه] ، وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا فيه ، واقتصد فيه قوم فنجوا (٢).
الرابع : محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا محمّد بن مخلّد الدهّان عن عليّ بن أحمد العريضي بالرّقة عن إبراهيم بن عليّ بن جناح عن الحسن بن علي بن محمّد بن جعفر عليهالسلام عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نظر إلى عليّ عليهالسلام وأصحابه حوله وهو مقبل فقال : أمّا إنّ فيك لشبها من عيسى عليهالسلام ولو لا مخافة أن تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم عليهالسلام ، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمرّ بملإ من الناس إلّا أخذوا من تحت قدميك التراب يبغون فيه البركة. فغضب من كان حوله وتشاوروا فيما بينهم وقالوا : لم يرض محمّدا إلّا أن يجعل ابن عمّه مثلا لبني إسرائيل فأنزل الله عزوجل : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ* وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ* وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا) من بني هاشم (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ليس في القرآن بنو هاشم؟ قال : محيت والله فيما محي ولقد قال عمرو بن العاص على منبر مصر محي من كتاب الله ألف حرف وحرّف منه ألف حرف وأعطيت مائتي ألف درهم على أن أمحي إنّ شانئك هو الأبتر فقالوا : لا يجوز ذلك ، فكيف جاز ذلك لهم ولم يجز لي ، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه قد
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٣٤٥ ، ح ٧٠٩ ، المجلس ١١ ح ٤٩ ، وتفسير القمي : ٢ / ٢٩٠ ، ضمن تفسير الآية ٥٨ من سورة الزخرف.
(٢) بحار الأنوار : ٣١ / ٣١٤ ح ٤.
بلغني ما قلت على منبر مصر ولست هناك (١).
الخامس : الطبرسي روى سادات أهل البيت عن عليّ عليهالسلام قال : جئت إلى النبي صلىاللهعليهوآله يوما فوجدته في ملاء من قريش فنظر إليّ ثمّ قال : يا عليّ إنّما مثلك في هذه الامّة كمثل عيسى بن مريم أحبّه قوم فأفرطوا في حبّه فهلكوا ، وأبغضه قوم في بغضه فهلكوا ، واقتصد فيه قوم فنجوا. فعظم ذلك عليهم وضحكوا وقالوا شبّهه بالأنبياء والرّسل فنزلت هذه الآية (٢).
السادس : ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار عن العبّاس بن معروف عن الحسين بن يزيد النوفلي عن اليعقوبي عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جدّه قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله في قول الله عزوجل : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) قال : الصدود في العربية الضحك (٣).
السابع : الشيخ في «التهذيب» عن الحسين بن الحسن الحسني قال : حدّثنا محمّد بن موسى الهمداني قال : حدّثنا عليّ بن حسّان الواسطي قال : حدّثنا عليّ بن الحسين العبدي عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام في دعاء يوم الغدير : ربّنا فقد أجبنا داعيك النذير المنذر محمّدا صلىاللهعليهوآله عبدك ورسولك إلى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام الذي أنعمت عليه وجعلته مثلا لبني إسرائيل أنّه أمير المؤمنين ومولاهم ووليّهم إلى يوم القيامة يوم الدين فإنّك قلت إن هو إلّا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل (٤).
__________________
(١) بحار الأنوار : ٣١ / ٣١٤ ح ٣.
(٢) مجمع البيان : ٩ / ٨٩.
(٣) معاني الأخبار : ٢٢٠ ح ١.
(٤) التهذيب : ٣ / ١٤٤ ح ٣١٧.
الباب الثالث والثمانون ومائة
في قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)
من طريق العامّة وفيه حديث واحد
ابن شهرآشوب عن مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) يعني محمّدا (وَالصِّدِّيقِينَ) يعني عليّا وكان أوّل من صدّقه (وَالشُّهَداءِ) يعني عليّا وجعفرا وحمزة والحسن والحسين عليهمالسلام(١).
الباب الرابع والثمانون ومائة
في قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)
من طريق الخاصّة وفيه ثمانية أحاديث
الأوّل : محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليهالسلام قال : أعينونا بالورع فإنّه من لقى اللهعزوجل منكم بالورع كان له عند الله فرجا وإنّ الله عزوجل يقول : (مَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فمنّا النبيّ ومنّا الصدّيق ومنّا الشهداء ومنّا الصالحون (٢).
الثاني : ابن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث له مع أبي بصير قال له : يا أبا محمّد لقد ذكركم الله في كتابه فقال : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فرسول الله صلىاللهعليهوآله في الآية النبيّون ونحن في هذا الموضع الصدّيقين والشهداء وأنتم الصالحون
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٢٤٣.
(٢) الكافي : ٢ / ٧٨ ح ١٢.
فتسمّوا بالصلاح كما سمّاكم الله عزوجل (١). والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ذكرناه بطوله في كتاب «الهادي» في تفسير هذه الآية.
الثالث : ابن بابويه قال : أخبرنا المعافى بن زكريا قال : حدّثنا أبو سليمان أحمد بن أبي هراسة عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري عن عثمان بن أبي شيبة قال : حدّثنا حريز عن الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم عن أمّ سلمة قالت : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن قول الله سبحانه : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) قال : الذين أنعم الله عليهم من النبيّين أنا والصدّيقين عليّ بن أبي طالب والشهداء الحسن والحسين والصالحين حمزة ، وحسن أولئك رفيقا الأئمّة الاثني عشر بعدي (٢).
الرابع : الشيخ الطوسي في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن العلوي الحسيني رضى الله عنه قال : حدّثنا موسى بن عبد الله بن موسى ابن عبد الله بن حسن قال : حدّثني أبي عن جدّي عبد الله بن حسن عن أبيه وخاله عن أبي الحسين عن الحسن والحسين ابنيّ عليّ بن أبي طالب عن أبيهما عليّ بن أبي طالبعليهمالسلام قال : جاء رجل من الأنصار إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله ما أستطيع فراقك وانّي لأدخل منزلي فأذكرك فاترك ضيعتي وأقبل حتّى أنظر إليك حبّا لك فذكرت إذا كان يوم القيامة وادخلت الجنّة فرفعت في أعلا عليّين فكيف لي بك يا نبيّ الله فنزل (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فدعا النبي صلىاللهعليهوآله الرجل فقرأها عليه وبشّره بذلك (٣).
الخامس : ابن بابويه في كتاب «مصباح الأنوار» عن أنس بن مالك قال : صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآله في بعض الأيّام صلاة الفجر ، ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت : يا رسول الله إن رأيت أن تفسّر لنا قول الله عزوجل : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فقال صلىاللهعليهوآله : أمّا النبيّون فأنا ، وأمّا الصدّيقون فأخي عليّ بن أبي طالب ، وأمّا الشهداء فعمّي حمزة ، وأمّا الصالحون فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين ، قال : وكان العبّاس حاضرا فوثب وجلس بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : ألسنا أنا وأنت وعليّ وفاطمة والحسن
__________________
(١) الكافي : ٨ / ٣٦ ح ٦.
(٢) كفاية الأثر : ٢٤ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٣٤٧ ح ٢١٤.
(٣) أمالي الطوسي : ٦٢١ / ح ١٢٨٠.
والحسين من نبعة واحدة؟ قال : وكيف ذلك يا عمّ؟
قال العبّاس : لأنّك تعرف بعليّ وفاطمة والحسن والحسين دوننا قال : فتبسّم النبي صلىاللهعليهوآله وقال : أمّا قولك يا عمّ ألسنا من نبعة واحدة فصدقت ، ولكن يا عمّ إنّ الله خلقني وعليّا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله آدم حين لا سماء مبنيّة ولا أرض مدحيّة ولا ظلمة ولا نور ولا جنّة ولا نار ولا شمس ولا قمر ، قال العبّاس : وكيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟ قال : يا عمّ لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلّم بكلمة خلق منها نورا ، ثمّ تكلّم بكلمة فخلق منها روحا ، فمزج النور بالروح فخلقني وأخي عليّا وفاطمة والحسن والحسين فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح ونقدّسه حين لا تقديس ، فلمّا أراد الله أن ينشئ الصنعة ، فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري ونوري من نور الله ونوري أفضل من العرش ، ثمّ فتق نور أخي عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور أخي عليّ ونور عليّ من نور الله وعليّ أفضل من الملائكة ، ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة عليهاالسلام فخلق منه السماوات والأرض فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة ونور ابنتي فاطمة من نور الله عزوجل وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض ، ثمّ فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور ولدي الحسن من نور الله والحسن أفضل من الشمس والقمر ، ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة والحور العين فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين ونور ولدي من نور الله فولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين ، ثمّ أمر الله الظلمات أن تمرّ بسحائب الظلم فأظلمت السماوات على الملائكة، فضجّت الملائكة بالتسبيح والتقديس وقالت : إلهنا وسيّدنا منذ خلقتنا وعرّفتنا هذه الأشباح لم نر بأسا فبحقّ هذه الأشباح إلّا ما كشفت عنّا هذه الظلمة فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلّقها في بطنان العرش فازهرت السماوات والأرض ثمّ أشرقت بنورها فلأجل ذلك سمّيت الزهراء. فقالت الملائكة : إلهنا وسيّدنا لمن هذا النور الزاهر الذي أشرقت به السماوات والأرض ، فأوحى الله إليها هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة بنت حبيبي وزوجة وليّي وأخ نبيّي وأب حججي على عبادي أشهدكم يا ملائكتي إنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبّيها إلى يوم القيامة قال : فلمّا سمع العبّاس من رسول الله صلىاللهعليهوآله وثب قائما وقبّل ما بين عينيّ عليّ عليهالسلام وقال : والله يا عليّ أنت الحجّة البالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر (١).
السادس : العيّاشي في تفسيره بإسناده عن عبد الله بن جندب عن الرضا عليهالسلام قال : حقّ على الله أن
__________________
(١) بحار الأنوار : ٣٣ / ٨٢ ـ ٨٤ ح ٥١.
يجعل وليّنا رفيقا للنبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (١).
السابع : العيّاشي بإسناده عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : يا أبا محمّد لقد ذكركم الله في كتابه فقال : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) الآية فرسول الله صلىاللهعليهوآله في هذا الموضع النبيّ صلىاللهعليهوآله ونحن الصدّيقون والشهداء وأنتم الصالحون فتسمّوا بالصلاح كما سمّاكم الله (٢).
الثامن : عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام قال : قال : «النبيّين» رسول الله صلىاللهعليهوآله «والصدّيقين» عليّ «والشهداء» الحسن والحسين «والصالحين وحسن أولئك رفيقا» القائم من آل محمّد عليه الصلاة والسلام (٣).
__________________
(١) تفسير العياشي : ١ / ٢٥٦ ح ١٨٩ ، البحار : ١ / ١١٠.
(٢) تفسير العياشي : ١ / ٢٥٦ ح ١٩٠.
(٣) تفسير القمي : ١ / ١٤٢.
الباب الخامس والثمانون ومائة
في قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)
من طريق العامّة وفيه حديثان
الأوّل : صدر الأئمّة عن المخالفين موفّق بن أحمد بإسناده عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن السري قال : حدّثنا المنذر بن المنذر قال : حدّثني عمّي الحسين بن سعيد قال : حدّثني أبي عن أبان بن تغلب عن فضل عن عبد الملك الهمداني عن زاذان عن عليّ رضى الله عنه قال : تفترق هذه الامّة على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنّة ، وهم الذين قال الله عزوجل في حقّهم : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) هم أنا وشيعتي (١).
الثاني : ابن شهرآشوب من طريقهم عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ) يعني من أمّة محمّد يعني عليّ بن أبي طالب (يَهْدُونَ بِالْحَقِ) يعني يدعون بعدك يا محمّد إلى الحقّ (وَبِهِ يَعْدِلُونَ) في الخلافة بعدك ومعنى الأمة العلم في الخير لقوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً) يعني علما في الخير (٢).
__________________
(١) مناقب الخوارزمي : ٣٣١ ح ٣٥١.
(٢) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٥٦٧ ، بحار الأنوار : ٣١ / ٣٩٩ ح ٨.
الباب السادس والثمانون ومائة
في قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)
من طريق الخاصّة وفيه اثنا عشر حديثا
الأوّل : محمّد بن يعقوب عن حسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قوله عزوجل : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال : هم الأئمّة (١).
الثاني : العيّاشي في تفسيره بإسناده عن حمران عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال : هم الأئمة (٢).
الثالث : العيّاشي بإسناده عن محمّد بن عجلان عن أبي جعفر عليهالسلام قال : نحن هم (٣).
الرابع : العيّاشي بإسناده عن أبي الصهبان البكري قال : سمعت حدّثني أمير المؤمنين يقول: والذي نفسي بيده لتفترقنّ هذه الامّة على ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النار إلّا فرقة (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) فهذه التي تنجو من هذه الامّة (٤).
الخامس : العيّاشي بإسناده عن يعقوب بن يزيد قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال : يعني أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله (٥).
السادس : الطبرسي في مجمع البيان عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام أنّهما قالا : نحن هم(٦).
السابع : الطبرسيّ ـ أيضا ـ قال : قال الربيع بن أنس : قرأ النبيّ صلىاللهعليهوآله وقال : إنّ من أمّتي قوما على الحقّ حتّى ينزل عيسى بن مريم (٧).
الثامن : الطبرسي عن ابن جريح عن النبيّ صلىاللهعليهوآله: هي لامّتي بالحقّ يأخذون، وبالحقّ يعطون وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)(٨).
__________________
(١) الكافي : ١ / ٤١٤ ح ١٣.
(٢) تفسير العياشي : ٢ / ٤٢ ح ١٢٠.
(٣) تفسير العياشي : ٢ / ٤٢ ح ١٢١.
(٤) تفسير العياشي : ٢ / ٤٣ ح ١٢٢.
(٥) تفسير العياشي : ٢ / ٤٣ ح ١٢٣.
(٦) مجمع البيان : ٤ / ٧٧٣.
(٧) مجمع البيان : ٤ / ٧٧٣.
(٨) مجمع البيان : ٤ / ٧٧٣.