شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي
المحقق: الدكتور عمر عبدالسلام تدمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٠٣
وقال أبو معشر : كانت اليمامة في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة. فجميع من قتل يومئذ أربعمائة وخمسون رجلا (١).
وقال الواقدي : كانت سنة اثنتي عشرة ، وكذلك قال أبو نعيم ، ومعن ابن عيسى ، ومحمد بن سعد كاتب الواقديّ وغيرهم.
قلت : ولعلّ مبدأ وقعة اليمامة كان في آخر سنة إحدى عشرة كما قال ابن قانع ، ومنتهاها في أوائل سنة اثنتي عشرة ، فإنّها بقيت أياما لمكان الحصار. وسأعيد ذكرها والشهداء بها في أوّل سنة اثنتي عشرة إن شاء الله.
__________________
(١) تاريخ خليفة ـ ص ١١١.
المتوفّون هذه السّنة
وفاة فاطمة رضياللهعنها
وهي سيّدة نساء هذه الأمّة
كنيتها فيما بلغنا أمّ أبيها (١) ، دخل بها عليّ بعد وقعة بدر ، وقد استكملت خمس عشرة سنة أو أكثر.
روى عنها : ابنها الحسين ، وعائشة ، وأمّ سلمة ، وأنس ، وغيرهم.
وقد ذكرنا أنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم أسرّ إليها في مرضه.
وقالت لأنس : كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟. ولها مناقب مشهورة ولقد جمعها أبو عبد الله الحاكم (٢). وكانت أصغر من زينب ، ورقيّة ، وانقطع نسب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا منها ، لأنّ أمامة
__________________
(١) مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لابن المغازلي ـ ص ٢١٣ رقم ٣٩٢ من طريق كثير بن يزيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، وذيل المذيّل للطبري ٤٩٩.
(٢) في المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥١ وما بعدها.
بنت بنته زينب تزوّجت بعليّ ، ثمّ بعده بالمغيرة بن نوفل ، وجاءها منهما أولاد.
قال الزّبير بن بكّار (١) : انقرض عقب زينب.
وصحّ عن المسور أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّما فاطمة بضعة منّي يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها» (٢).
وفي فاطمة وزوجها وبنيها نزلت : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣) فجلّلهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بكساء وقال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي» (٤). وأخرج التّرمذيّ (٥) ، من حديث عائشة أنّها قيل لها : أيّ النّاس كان أحبّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قالت : فاطمة من قبل النّساء ، ومن الرجال زوجها ، وإن كان ما علمت قوّاما.
__________________
(١) نسب قريش ـ ص ٢٢.
(٢) أخرجه البخاري في النكاح ٦ / ١٥٨ باب ذبّ الرجل عن ابنته في الغير والإنصاف ، وأبو داود في النكاح ٢ / ٢٢٦ رقم ٢٠٧١ باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء ، والترمذي في المناقب ٥ / ٣٥٩ رقم ٣٩٥٩ باب ما جاء في فضل فاطمة رضياللهعنها ، وأحمد في المسند ٤ / ٣٢٨ ، وانظر مناقب علي لابن المغازلي ٢٣٥ و ٢٣٦ رقم ٤٢٨ و ٤٢٩.
(٣) سورة الأحزاب ـ الآية ٣٣.
(٤) رواه الترمذي في المناقب ٥ / ٣٦١ رقم ٣٩٦٣ باب ما جاء في فضل فاطمة رضياللهعنها ، من طريق سفيان ، عن زبيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أمّ سلمة : أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم جلّل على الحسن والحسين وعليّ وفاطمة كساء ثم قال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامتي ، أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا» فقالت أم سلمة : وأنا معهم يا رسول الله! قال : «إنّك على خير».
وهو حديث حسن صحيح ، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب.
(٥) في المناقب ٥ / ٣٦٢ رقم (٣٩٦٥) باب ما جاء في فضل فاطمة رضياللهعنها ، رواه عن حسين بن يزيد الكوفي ، عن عبد السلام بن حرب ، عن أبي الجحّاف ، عن جميع بن عمير التيميّ قال : دخلت مع عمّتي على عائشة فسئلت : أيّ الناس كان أحبّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قالت : فاطمة ، فقيل : من الرجال ، قالت : زوجها ، إن كان ما علمت صوّاما قوّاما».
هذا حديث حسن غريب.
وفي التّرمذيّ (١) ، عن زيد بن أرقم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لعليّ وفاطمة وابنيهما : «أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم».
وقد أخبرها أبوها أنّها سيّدة نساء هذه الأمّة في مرضه كما تقدّم.
وخلّفت من الأولاد : الحسن ، والحسين ، وزينب ، وأمّ كلثوم. فأمّا زينب فتزوّجها عبد الله بن جعفر ، فتوفّيت عنده وولدت له عونا وعليّا. وأمّا أمّ كلثوم فتزوّجها عمر ، فولدت له زيدا ، ثمّ تزوجها بعد قتل عمر عون بن جعفر فمات ، ثمّ تزوّجها أخوه محمد بن جعفر ، فولدت له بنته ، ثم تزوّج بها أخوه (٢) عبد الله بن جعفر ، فماتت عنده. قاله الزّهريّ.
وقال الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي البختريّ قال : قال عليّ لأمّه : اكفي فاطمة الخدمة خارجا ، وتكفيك العمل في البيت : العجن والخبز والطّحن.
أبو العبّاس السّرّاج : ثنا محمد بن الصبّاح ، ثنا عليّ بن هاشم ، عن كثير النّواء ، عن ، عمران بن حصين ، أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عاد فاطمة وهي مريضة فقال لها : «كيف تجدينك»؟ قالت : إنّي وجعة وإنّه ليزيدني أنّي ما لي طعام آكله ، قال : «يا بنيّة أما ترضين أن تكوني سيّدة العالمين» ، قالت : فأين مريم؟ قال : «تلك سيّدة نساء عالمها ، وأنت سيّدة نساء عالمك ، أما والله لقد زوّجتك سيّدا في الدنيا والآخرة». هذا حديث ضعيف (٣) ، وأيضا فقد سقط بين كثير وعمران رجل.
__________________
(١) في المناقب ٥ / ٣٦٠ رقم (٣٩٦٢) ولفظه : «أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم» وقال : هذا حديث غريب إنّما نعرفه من هذا الوجه.
(٢) في (ع) ومنتقى أحمد الثالث : أخوهما.
(٣) الحديث ضعيف كما قال الحافظ ، ولكن يقوّيه ما في صحيح البخاري ٤ / ١٨٣ في المناقب ، من حديث السيدة عائشة ، قول الرسول صلىاللهعليهوسلم : «أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء أهل الجنة. ونساء المؤمنين ...».
وقال علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ، وآسية». رواه أبو داود (١).
وقال أبو جعفر الرازيّ (٢) عن ثابت ، عن أنس مثله مرفوعا ولفظه : (خير نساء العالمين أربع) (٣)
وقال معمر عن قتادة ، عن أنس رفعه : (حسبك من نساء العالمين أربع (٤))
وذكرهنّ. ويروى نحوه من حديث أبي هريرة وغيره.
وقال ميسرة بن حبيب ، عن المنهال بن عمرو ، عن عائشة بنت طلحة ، عن عائشة قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلىاللهعليهوسلم من فاطمة ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها ورحّب بها كما كانت هي تصنع به ، وقد شبّهت عائشة مشيتها بمشية النّبيّ صلىاللهعليهوسلم (٥).
وقد كانت وجدت على أبي بكر حين طلبت سهمها من فدك ، فقال : سمعت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما تركنا صدقة» (٦).
__________________
(١) ورواه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٦٠ وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وابن عبد البر في الاستيعاب ٤ / ٣٧٦.
(٢) هكذا في النسخ ، وفي نسخة دار الكتب «البخاري».
(٣) رواه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٥٤ وقال : تفرّد مسلم بإخراج حديث أبي موسى ، وابن عبد البر في الاستيعاب ٤ / ٣٧٧.
(٤) رواه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٥٨ وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ ، فإنّ قوله صلىاللهعليهوسلم : «حسبك من نساء العالمين يسوي بين نساء الدنيا».
(٥) رواه أبو داود في الأدب ٤ / ٣٥٥ رقم (٥٢١٧) باب ما جاء في القيام ، والترمذي في المناقب ٥ / ٣٦١ ، ٣٦٢ رقم (٣٩٦٤) باب ما جاء في فضل فاطمة رضياللهعنها ، والحاكم في المستدرك ٣ / ١٥٤ وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه أيضا في ج ٣ / ١٦٠ ، وابن سعد في الطبقات ٨ / ٢٦ ، ٢٧.
(٦) مرّ تخريج هذا الحديث في الصفحة ٢١ ، وانظر طبقات ابن سعد ٨ / ٢٨.
وقال أبو حمزة السّكري ، عن ابن أبي خالد ، عن الشّعبيّ قال : لما مرضت فاطمة أتاها أبو بكر فاستأذن ، فقال عليّ : يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك ، فقالت : أتحبّ أن آذن له؟ قال : نعم ، فأذنت له ، فدخل عليها يترضّاها وقال : والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلّا ابتغاء مرضاة الله ورسوله ومرضاتكم أهل البيت ، ثم ترضّاها حتى رضيت.
وقال الزهري عن عروة ، عن عائشة ، إنّ فاطمة عاشت بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ستّة أشهر ، ودفنت ليلا (١).
وقال الواقديّ (٢) : هذا أثبت الأقاويل عندنا. وقال : وصلّى عليها العبّاس ، ونزل في حفرتها هو وعليّ ، والفضل بن العبّاس (٣).
وقال سعيد بن عفير : ماتت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان ، وهي بنت سبع وعشرين سنة (٤) أو نحوها ، ودفنت ليلا.
وقال يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث قال : مكثت فاطمة بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ستّة أشهر وهي تذوب (٥).
وقال أبو جعفر الباقر : ماتت بعد أبيها بثلاثة أشهر (٦).
وروي عن الزّهري أنّها توفيت بعده بثلاثة أشهر (٧).
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٨ / ٢٨ و ٢٩.
(٢) ابن سعد ٨ / ٢٨ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ١٦٢ ، والطبري في الذيل ٤٩٨.
(٣) ابن سعد ٨ / ٢٩.
(٤) وقيل : وهي ابنة تسع وعشرين. (المستدرك ٣ / ١٦٢) وابن سعد ٨ / ٢٨ ، وذيل المذيّل للطبري ٤٩٨.
(٥) من الحزن.
(٦) الحاكم في المستدرك ٣ / ١٦٢.
(٧) ابن سعد في الطبقات ٨ / ٢٨ ، وذيل المذيّل للطبري ٤٩٨.
وروي عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة قالت : كان بينها وبين أبيها شهران. وهذا غريب (١).
قلت : والصحيح أنّ سنّها أربع وعشرون سنة رضياللهعنها.
وقد روي عن أبي جعفر محمد بن عليّ أنّها توفّيت بنت ثمان وعشرين سنة ، كان مولدها وقريش تبني الكعبة ، وغسّلها عليّ.
قال قتيبة : نا محمد بن موسى ، عن عون بن محمد بن عليّ بن أبي طالب ، عن أمّه أمّ جعفر ، وعن عمارة بن مهاجر ، عن أمّ جعفر ، أنّ فاطمة قالت لأسماء بنت عميس : إني أستقبح ما يصنع بالنّساء : يطرح على المرأة الثّوب فيصفها ، فقالت : يا بنت رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنّتها ثمّ طرحت عليها ثوبا ، فقالت فاطمة : ما أحسن هذا وأجمله ، إذا متّ فغسّليني أنت وعليّ ، ولا يدخلنّ عليّ أحد. فلمّا توفّيت جاءت عائشة (٢) تدخل ، فقالت أسماء : لا تدخلي ، فشكت إلى أبي بكر ، فجاء فوقف على الباب فكلّم أسماء فقالت : هي أمرتني ، قال : فاصنعي ما أمرتك ، ثم انصرف.
قال ابن عبد البرّ (٣) : فهي أوّل من غطّى نعشها في الإسلام على تلك الصّفة.
وفاة أم أيمن
مولاة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وحاضنته
ورثها من أبيه ، واسمها بركة ، من كبار المهاجرات ، وقد زارها أبو بكر وعمر بعد موت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فبكت ، فقال لها أبو بكر : أتبكين! ما عند الله
__________________
(١) رواه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٦٣.
(٢) «عائشة» ساقطة من منتقى أحمد الثالث.
(٣) في الاستيعاب ٤ / ٣٧٨ ، ٣٧٩.
خير لرسوله. فقالت : ما أبكي لذلك ، ولكن أبكي لأنّ الوحي انقطع عنّا من السماء ، فهيّجتهما ، على البكاء (١).
توفّيت بعد النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بخمسة أشهر (٢). وهي أمّ أسامة بن زيد.
ومن مناقب أمّ أيمن ، قال جرير بن حازم : سمعت عثمان بن القاسم يقول : لما هاجرت أمّ أيمن أمست بدون الرّوحاء (٣) فعطشت وليس معها ماء ، فدلّي عليها من السّماء دلو فشربت ، فكانت تقول : ما عطشت بعدها ، عطشت ولقد تعرّضت للعطش فأصوم في الهواجر فما عطشت (٤).
وعن أبي الحويرث أنّ أمّ أيمن قالت يوم حنين : «سبّت» الله أقدامكم ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «اسكتي يا أمّ أيمن فإنّك عثراء اللّسان» (٥).
وذكر الواقديّ أنّها بقيت إلى أوّل خلافة عثمان (٦).
(وفاة عبد الله بن أبي بكر الصّدّيق) قيل : إنّه أسلم قديما ، لكن لم يسمع له بمشهد ، جرح يوم الطّائف ، رماه يومئذ بسهم أبو محجن الثّقفيّ ، فلم يزل يتألّم منه ، ثمّ اندمل الجرح ، ثمّ إنّه انتقض عليه. وتوفّي في شوّال سنة إحدى عشرة ، ونزل في حفرته عمر ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن أبي بكر أخوه. ذكره محمد بن جرير وغيره (٧). وقيل هو
__________________
(١) رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٥٤) باب من فضائل أم أيمن رضياللهعنهما ، وابن ماجة في الجنائز ١ / ٥٢٤ رقم ١٦٣٥ ، وابن سعد في الطبقات ٨ / ٢٢٦ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٥ / ٥٦٧ ، وأبو نعيم في الحلية ٢ / ٦٨.
(٢) أسد الغابة ٥ / ٥٦٨.
(٣) الرّوحاء : بين المدينة ومكة ، من عمل الفرع. (معجم البلدان ٣ / ٧٦).
(٤) حلية الأولياء ٢ / ٦٧.
(٥) طبقات ابن سعد ٨ / ٢٢٥ وفيه «عسراء اللّسان».
(٦) طبقات ابن سعد ٨ / ٢٢٩ وكذا قال مصعب بن عبد الله. انظر المستدرك للحاكم ٤ / ٦٤.
(٧) تاريخ الرسل والملوك ٣ / ٢٤١ ، وتاريخ خليفة ـ ص ١١٧ وانظر عنه : نسب قريش ـ ص ٢٧٧ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٢٦١ ، وثمار القلوب للثعالبي ٨٨ و ٢٩٤ ، والمعرفة
الّذي كان يأتي بالطّعام وبأخبار قريش الى الغار تلك اللّيالي الثلاث.
(عكّاشة (١) بن محصن الاسديّ) أبو محصن ، من السّابقين الأوّلين ، دعا له النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بالجنّة في حديث «سبقك بها عكاشة» وهو أيضا بدريّ أحديّ ، استعمله النّبيّ صلىاللهعليهوسلم على سريّة الغمر (٢) فلم يلقوا كيدا.
ويروى عن أمّ قيس بنت محصن قالت : توفّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعكاشة ابن أربع وأربعين سنة. وقتل بعد ذلك بسنة ببزاخة (٣) في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة ، وكان من أجمل الرجال.
__________________
= والتاريخ للفسوي ٢ / ١١٧ ، والمعارف لابن قتيبة ١٧٢ ، ١٧٣ ، والاستيعاب لابن عبد البرّ ٣ / ٨٧٤ ، ٨٧٥ رقم ١٤٨٤ ، والتاريخ الكبير للبخاريّ ٥ / ٢ رقم ٢ ، وأسد الغابة لابن الأثير ٣ / ١٩٩ ، وتهذيب الأسماء للنووي ق ١ ج ١ / ٢٦٢ رقم ٢٨٩ ، والبداية والنهاية لابن كثير ٦ / ٣٣٨ ، والوافي بالوفيات للصفدي ١٧ / ٨٥ رقم ٧٢ ، والإصابة لابن حجر ٢ / ٢٨٣ ، ٢٨٤ رقم ٤٥٢٨ ، وعيون التواريخ للكتبي ١ / ٤٩٧.
(١) عكّاشة : بضمّ العين وتخفيف الكاف ، وقيل بتشديدها. انظر عنه : طبقات ابن سعد ٣ / ٩٢ ، وطبقات خليفة ٣٥ ، وتاريخ خليفة ١٠٢ ، ١٠٣ ، والتاريخ الكبير ٧ / ٨٦ ، والتاريخ الصغير ١ / ٣٤ ، والمعارف ٢٧٣ ، ٢٧٤ ، والمحبّر ٨٦ و ٨٧ و ١٢٢ ، وأنساب الأشراف ١ / ٣٠١ و ٣٠٨ و ٣٧٢ و ٣٧٦ ، والجرح والتعديل ٧ / ٣٩ ، رقم ٢١٠ ومشاهير علماء الأمصار ١٦ رقم ٥٠ ، وربيع الأبرار ٤ / ٢٠٢ ، وفتوح البلدان ١ / ١١٤ ، ١١٥ ، وحلية الأولياء ٢ / ١٢ ، ١٣ رقم ١٠٢ ، والاستيعاب ٨ / ١١٢ ، وأسد الغابة ٤ / ٦٧ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٣٨ ، والعبر ١ / ١٣ ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٣٠٧ ، ٣٠٨ رقم ٦٠ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٣٠٤ ، والعقد الثمين ٦ / ١١٦ ، ١١٧ ، والإصابة ٧ / ٣٢ ، وشذرات الذهب ١ / ٣٦ ، والبدء والتاريخ ٥ / ١٠٤.
(٢) كذا في الأصل ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٣٠٧ وفي أنساب الأشراف ١ / ٣٧٦ «غمر مرزوق : على ليلتين من فيد». وفي معجم البلدان ٤ / ٢١٢ «الغمرة» ، وكذا في سيرة ابن هشام ٢ / ٦١٢ قال ياقوت : وهو منهل من مناهل طريق مكة ، ومنزل من منازلها. وهو فصل ما بين تهامة ونجد. وقال ابن الفقيه : غمرة من أعمال المدينة ، على طريق نجد ، أغزاها النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، عكاشة بن محصن ، في أربعين رجلا فذهبوا إلى الغمر ، فعلم القوم بمجيئه فهربوا ، ونزل على مياههم وأرسل عيونه ، فعرفوا مكان ماشيتهم فغزاها ، فوجد مائتي بعير ، فساقها إلى المدينة.
(٣) قال الحاكم في المستدرك ٣ / ٢٢٨ : وبزاخة : ماء لبني أسد كانت فيه وقعة عظيمة في أيام أبي بكر الصّدّيق مع طليحة بن خويلد الأسدي.
كذا روي أنّ بزاخة سنة اثنتي عشرة ، والصّحيح أنّها سنة إحدى عشرة. قتله طليحة الأسديّ (١). وقد أبلى عكاشة يوم بدر بلاء حسنا ، وانكسر في يده سيف ، فأعطاه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عرجونا أو عودا فعاد سيفا ، فقاتل به ، ثمّ شهد به المشاهد (٢).
روى عنه أبو هريرة (٣) وابن عبّاس.
(ثابت (٤) بن أقرم (٥)) بن ثعلبة بن عديّ بن عجلان ، وبنو العجلان حلفاء بني زيد (٦) بن مالك (٧) بن عوف. شهد بدرا والمشاهد ، سيّره خالد بن الوليد مع عكاشة طليعة على فرسين ، فقتلهما طليحة وأخوه. وذكر
__________________
(١) في طبقات ابن سعد ٣ / ٩٢ ، ٩٣ عن الواقدي : «وأقبل خالد بن الوليد ومعه المسلمون فلم يرعهم إلا ثابت بن أقرم قتيلا تطؤه المطيّ ، فعظم ذلك على المسلمين ، ثم لم يسيروا إلّا يسيرا حتى وطئوا عكاشة قتيلا ، فثقل القوم على المطيّ ، كما وصف واصفهم ، حتى ما تكاد المطيّ ترفع أخفافها». «فوقفنا عليهما حتى طلع خالد يسيرا فأمرنا فحفرنا لهما ودفنّاهما بدمائهما وثيابهما ، ولقد وجدنا بعكاشة جراحات منكرة».
(٢) رواه ابن هشام في السيرة ١ / ٦٣٧ ، بدون سند. وابن كثير في السيرة ٢ / ٤٤٧ وقال : روى البيهقي ، عن الحاكم ، من طريق محمد بن عمر الواقدي ، حدّثني عمر بن عثمان الخشنيّ ، عن أبيه ، عن عمّته ، قال عكاشة : «انقطع سيفي يوم بدر فأعطاني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عودا فإذا هو سيف أبيض طويل ، فقاتلت به حتى هزم الله المشركين ، ولم يزل عنده حتى هلك».
والخبر ضعيف لضعف الواقدي.
(٣) في المنتقى ، نسخة أحمد الثالث «الزهري» بدل «أبو هريرة» وهو وهم.
(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ٤٦٦ ، ٤٦٧ ، والجرح والتعديل ٢ / ٤٤٨ رقم ١٨٠٣ ، والمعرفة والتاريخ ٣ / ٢٥٧ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٣ / ٣٦٥ ـ ٣٦٧ ، وفتوح البلدان ١ / ١١٤ ، ١١٥ ، وتاريخ خليفة ١٠٢ ، ١٠٣ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ١ / ١٣٩ ، وعيون التواريخ ١ / ٤٩٥ ، وجمهرة أنساب العرب ٤٤٣ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٦٤٠ و ٣ / ٤٠ و ٢٥٤ ، والاستيعاب ١ / ٧٤ ، وأسد الغابة ١ / ٢٢٠ ، والوافي بالوفيات ١٠ / ٤٥٣ رقم ٤٩٤٠ ، والإصابة ١ / ١٩٠ رقم ٨٧٢.
(٥) في المنتقى لابن الملّا ، والسيرة الحلبية ، وتهذيب الأسماء ١ / ١٣٩ رقم ٩١ «أرقم بدل «أقرم» وهو تحريف.
(٦) في نسخة دار الكتب «يزيد» وهو وهم.
(٧) كذا في الأصل. وفي الأنساب ، وعجالة المبتدي ، ونهاية الأرب في معرفة أنساب العرب :
«زيد بن غنم بن سالم بن عوف».
الواقديّ أنّ قتلهما كان يوم بزاخة سنة اثنتي عشرة ، كذا قال (١). وكان ثابت من سادة الأنصار.
(الوليد بن عمارة بن الوليد (٢) بن المغيرة المخزوميّ) أخو أبي عبيدة ، قتلا بالبطاح (٣) مع عمّهما خالد في سنة إحدى عشرة ، وأبوهما هو الّذي سار مع عمرو بن العاص إلى النّجاشيّ ، وقصّته مشهورة. تأخّرت وفاته (٤).
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٤٦٧.
(٢) الاستيعاب ٣ / ٦٣٧ ، وأسد الغابة ٥ / ٩٢ ، والإصابة ٣ / ٦٣٨ ، ٦٣٩ رقم ٩١٤٨ ، نسب قريش. ٣٣.
(٣) البطاح : بضم الباء. ماء في ديار بني أسد.
(٤) كتب في حاشية الأصل هنا : «بلغت قراءة خليل بن أيبك على مؤلّفه ، فسح الله في مدّته ، في الميعاد الثالث عشر ، ولله الحمد».
سنة اثنتي عشرة
في أوائلها ـ على الأشهر ـ وقعة اليمامة ، وأمير المسلمين خالد بن الوليد ، ورأس الكفر مسيلمة الكذاب ، فقتله الله. واستشهد خلق من الصّحابة.
(أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة (١)) بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ. قيل اسمه مهشم (٢) ، أسلم قبل دخول النّبيّ صلىاللهعليهوسلم دار الأرقم ، وشهد بدرا وما بعدها ، وهاجر الهجرتين إلى الحبشة (٣) ، فولد له بها محمد بن أبي حذيفة ـ الّذي حرّض المصريّين على قتال عثمان ـ من سهلة بنت سهيل بن عمرو.
وعن أبي الزّناد قال : دعا أبو حذيفة بن عتبة يوم بدر أباه إلى البراز ، فقالت أخته هند بنت عتبة ، وهي والدة معاوية :
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٨٤ ، ٨٥ ، تاريخ خليفة ١١١ ، المعارف ٢٧٢ ، الاستيعاب ٤ / ٣٩ ، ٤٠ ، أسد الغابة ٦ / ٧٠ ـ ٧٢ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٢١٢ ، العبر ١ / ١٤ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٦٤ ـ ١٦٧ رقم ١٣ ، العقد الثمين ٣ / ٢٩٥ ، الإصابة ٤ / ٤٢ ، ٤٣ رقم ٢٦٤.
(٢) وقيل : هشيم ، وقيل : هاشم ، وقيل : قيس.
(٣) في سير أعلام النبلاء ١ / ١٦٥ «هاجر إلى الحبشة مرتين».
الأحول الأثعل الملعون (١) طائره |
|
أبو حذيفة شرّ النّاس في الدين |
أما شكرت أبا ربّاك من (٢) صغر |
|
حتّى شببت شبابا غير محجون (٣) |
قال : وكان أبو حذيفة طويلا ، حسن الوجه ، مرادف الأسنان ـ وهو «الأثعل» ـ وكان أحول ، وقتل يوم اليمامة وله ثلاث وخمسون سنة ، رضياللهعنه (٤).
سالم مولى أبي حذيفة (٥)
ابن عتبة.
قال موسى بن عقبة : هو سالم بن معقل ، أصله من إصطخر ، والى أبا حذيفة. وإنّما أعتقته ثبيتة (٦) بنت يعار (٧) الأنصاريّة زوجة أبي حذيفة ، وتبنّاه أبو حذيفة.
قال ابن أبي مليكة ، عن القاسم بن محمد : إنّ سهلة بنت سهيل بن عمرو أتت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وهي امرأة أبي حذيفة فقالت : سالم معي ، وقد أدرك ما
__________________
(١) في طبقات ابن سعد ٣ / ٨٥ ، وأسد الغابة ٦ / ٧١ «المشئوم» وفي سير أعلام النبلاء ١ / ١٦٦ «المذموم».
(٢) في المنتقى نسخة أحمد الثالث ، ونسخة دار الكتب «في».
(٣) المحجون : من حجن يحجنه حجنا. عطفه. والمحجن : العصا المعوجّة.
(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ٨٥.
(٥) طبقات ابن سعد ٣ / ٨٥ ـ ٨٨ ، والتاريخ الكبير ٤ / ١٠٧ رقم ٢١٣١ ، والتاريخ الصغير ١ / ٣٨ ، ٤٠ ، والمعارف ٢٧٣ ، ومشاهير علماء الأمصار ٢٣ رقم ١٠١ ، وجمهرة أنساب العرب ٧٧ ، والمحبّر ٧١ ، ٧٢ و ٢٨٨ و ٤١٨ ، وأنساب الأشراف ١ / ٢٢٤ و ٢٣٩ و ٢٥٨ و ٢٦٤ و ٢٧٠ و ٢٩٧ و ٤٦٩ ، والمعرفة والتاريخ ٢ / ٥٣٨ و ٣ / ٣٦٧ ، والاستبصار ٢٩٤ ـ ٢٩٦ ، وحلية الأولياء ١ / ١٧٦ ـ ١٧٨ رقم ٢٩ ، والاستيعاب ٤ / ١٠١ ـ ١٠٤ ، وأسد الغابة ٢ / ٣٠٧ ـ ٣٠٩ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ / ٢٠٦ ، ٢٠٧ رقم ١٩٥ ، وعيون التواريخ ١ / ٤٩٦ ، والوافي بالوفيات ١٥ / ٩١ رقم ١٢٢ ، الإصابة ٢ / ٦ ـ ٨ رقم ٣٠٥٢.
(٦) ويقال بثينة. (الإصابة ٢ / ٦) وكذا في النسخ الخطّيّة لعيون التواريخ ١ / ٤٩٦ حاشية رقم ٢.
(٧) قيل «يعار» ، وقيل «تعار». (أسد الغابة).
يدرك الرجال ، فقال : «أرضعيه فإذا أرضعتيه (١) فقد حرم عليك ما يحرم من ذي المحرم» ، فعن أمّ سلمة قالت : أبى أزواج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يدخل أحد عليهنّ بهذا الرّضاع ، وقلن : إنّما هذا رخصة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسالم خاصّة (٢).
وعن ابن عمر قال : كان سالم مولى أبي حذيفة يؤمّ المهاجرين من مكة حتّى قدم المدينة لأنّه كان أقرأهم (٣).
وقال الواقديّ : حثّني أفلح بن سعيد ، عن ابن كعب القرظيّ قال : كان سالم يؤمّ المهاجرين بقباء ، فيهم عمر بن الخطّاب قبل أن يقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٤).
وقال حنظلة بن أبي سفيان ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عائشة قالت : استبطأني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات ليلة فقال : ما حبسك؟ قلت : إن في المسجد لأحسن من سمعت صوتا بالقرآن ، فأخذ رداءه وخرج يسمعه ، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة فقال : «الحمد لله الّذي جعل في أمّتي مثلك (٥)». إسناده قويّ.
__________________
(١) كذا في الأصل بإثبات الياء ، والأصح بحذفها.
(٢) رواه ابن سعد في الطبقات ٣ / ٨٧ ورجاله ثقات ، لكنه مرسل ، ورواه أحمد في المسند ٦ / ٢٠١ بسند متّصل ، ومسلم (١٤٥٣ / ٢٨) في الرضاع ، باب رضاعة الكبير ، والنسائي في النكاح ٦ / ١٠٥ باب رضاع الكبير ، من طريق ابن جريج ، أخبرنا ابن أبي مليكة ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، وأخرجه مسلم (١٤٥٣) والنسائي ٦ / ١٠٤ ، وابن ماجة (١٩٤٣) من طريق سفيان بن عيينة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، وأخرجه أحمد ٦ / ٢٢٨ ، وأبو داود (٢٠٦١) في النكاح ، باب من حرم به ، وعبد الرزّاق في «المصنّف» رقم ١٣٨٨٦ و ١٣٨٨٧ من طريق ابن شهاب الزهري ، عن عروة ، عن عائشة. وأخرجه مالك في الموطّأ ـ ص ٣٧٥ في الرضاع ، من طريق الزهري ، عن عروة ، عن أبي حذيفة.
(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٨٧.
(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ٨٧ والواقديّ متروك.
(٥) رجاله ثقات ، وإسناده صحيح. أخرجه أحمد في المسند ٦ / ١٦٥ ، وأبو نعيم في الحلية =
وقال عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر : إنّ المهاجرين نزلوا بالعصبة إلى جنب قباء ، فأمّهم سالم مولى أبي حذيفة ، لأنّه كان أكثرهم قرآنا ، فيهم عمر ، وأبو سلمة بن عبد الأسد (١).
وعن محمد بن إبراهيم التّيميّ : آخى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين سالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجرّاح (٢).
في «مسند أحمد» : نا عفّان ، نا حمّاد ، عن عليّ بن زيد ، عن أبي رافع ، أنّ عمر قال : من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حرّ من مال الله ، فقال سعيد بن زيد (٣) : أما إنّك لو أشرت برجل من المسلمين لائتمنك النّاس ، وقد فعل ذلك أبو بكر وائتمنه النّاس ، فقال : قد رأيت من أصحابي حرصا سيّئا (٤) ، وإنّي جاعل هذا الأمر إلى هؤلاء النّفر السّنّة ، ثمّ قال : لو أدركني أحد رجلين ثمّ جعلت إليه الأمر فوثقت (٥) به : سالم مولى أبي حذيفة ، وأبو عبيدة بن الجرّاح (٦).
__________________
= / ٣٧١ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٢٢٦ وصحّحه ، ووافقه الذهبي في تلخيصه. ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ٢ / ٣٠٨ ، وابن حجر في الإصابة ٢ / ٧ من طريق ابن المبارك.
(١) أخرجه البخاري في الأذان ، رقم (٦٩٢) باب إمامة العبد والمولى ، و (٧١٧٥) في الأحكام ، باب استقصاء الموالي واستعمالهم ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ١٧٧ ، وابن سعد في الطبقات ٣ / ٨٧ ، ٨٨.
وقد استشكل ذكر أبي بكر في الرواية الثانية للبخاريّ ، وأجاب البيهقي باستمرار إمامته حتى قدم أبو بكر فأمّهم أيضا.
(٢) ذكره الحافظ في سير أعلام النبلاء ١ / ١٦٩ وقال : «هذا منقطع».
(٣) «زيد» ساقطة من نسخة (ح).
(٤) هكذا في الأصل ، وسير أعلام النبلاء ١ / ١٧٠ ، وفي نسخة دار الكتب «شديدا».
(٥) هكذا في الأصل ، وفي نسخة (ح) ، ونسخة دار الكتب ، والمنتقى نسخة أحمد الثالث ، وسير أعلام النبلاء ١ / ١٧٠ «لوثقت».
(٦) مسند أحمد ١ / ٢٠ وإسناده ضعيف لضعف عليّ بن زيد بن جدعان. إذ قال الذهبي في السير : «علي بن زيد ليّن ، فإن صحّ هذا ، فهو دالّ على جلالة هذين في نفس عمر ، وذلك على أنه لا يجوّز الإمامة في غير القرشيّ ، والله أعلم».
وقال عبد الله بن عمرو : قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «استقرءوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود ، وأبيّ ، ومعاذ ، وسالم مولى أبي حذيفة» (١).
ومن طريق الواقديّ بإسناده ، عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال : لمّا انكشف المسلمون يوم اليمامة قال سالم مولى أبي حذيفة : ما هكذا كنّا نفعل مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحفر لنفسه حفرة ، فقام فيها ومعه راية المهاجرين يومئذ ، ثمّ قاتل حتّى قتل شهيدا سنة اثنتي عشرة (٢).
وقال عبيد بن أبي الجعد ، عن عبد الله (٣) بن شدّاد بن الهاد : إنّ سالما باع عمر ميراثه (٤) ، فبلغ مائتي درهم ، فأعطاها أمّه فقال : كليها (٥).
وقال غيره : وجد سالم ومولاه رأس أحدهما عند رجلي الآخر صريعين (٦).
وقد شهد سالم بدرا والمشاهد.
(شجاع بن وهب) (٧) بن ربيعة الأسديّ أبو وهب ، مهاجريّ بدريّ.
__________________
(١) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ٤ / ٢١٨ مناقب سالم مولى أبي حذيفة رضياللهعنه ، وباب مناقب عبد الله بن مسعود رضياللهعنه وفي مناقب الأنصار ٤ / ٢٢٨ باب مناقب معاذ بن جبل رضياللهعنه ، ومسلم ، ٤ / ١٩١٤ رقم ١١٨ في فضائل الصحابة ، باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمّه ، رضي الله تعالى عنهما ، وأحمد في المسند ٢ / ١٨٩ و ١٩٥.
(٢) رواه ابن سعد في الطبقات ٣ / ٨٨ والواقديّ متروك.
(٣) في نسخة (ح) «عبيد الله» وهو خطأ ، والتصحيح من الأصل ، وطبقات ابن سعد.
(٤) في نسخة دار الكتب «ميزانه» وهو تصحيف.
(٥) رواه ابن سعد ٣ / ٨٨.
(٦) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٢٢٥ ، وابن سعد في الطبقات ٣ / ٨٨ وفيه الواقديّ.
(٧) طبقات ابن سعد ٣ / ٩٤ ، ٩٥ ، تاريخ خليفة ٧٩ و ٩٨ و ١١١ ، أنساب الاشراف ١ / ٢٠٠ ، الجرح والتعديل ٤ / ٣٧٨ ، أسد الغابة ٣ / ٣٨٦ ، المحبّر ٧٢ و ٧٦ ، الوافي بالوفيات ١٦ / ١١٦ ، ١١٧ رقم ١٢٧ ، العقد الثمين ٥ / ٥ ، الإصابة ٢ / ١٣٨ رقم ٣٨٤١.
كان رجلا طوالا نحيفا أجنى (١) ، وقد هاجر إلى الحبشة ، يقال : آخى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينه وبين أوس بن خوليّ (٢).
وبعثه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم على سريّة أربعة وعشرين رجلا ، فأصابوا نعما وشاء (٣).
وكان رسول رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الحارث بن أبي شمر الغسّانيّ ، بدمشق بالغوطة ، فلم يسلم ، وأسلم حاجبه مريّ (٤).
وشهد شجاع بدرا والمشاهد ، واستشهد باليمامة عن بضع وأربعين سنة (٥).
وكان من حلفاء بني عبد شمس.
زيد بن الخطّاب (٦) م د
ابن نفيل العدويّ (٧) القرشيّ أبو عبد الرحمن. كان أسنّ من عمر ،
__________________
(١) هكذا في الأصل ، ولغة في المهموز «أجنأ» كما في طبقات ابن سعد ، أي في ظهره أو عنقه ميل. (النهاية لابن الأثير ، والقاموس المحيط للفيروزآبادي).
(٢) طبقات ابن سعد ٣ / ٩٤ عن الواقدي.
(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٩٤.
(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ٩٤.
(٥) طبقات ابن سعد ٣ / ٩٥.
(٦) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٦ ـ ٣٧٨ ، نسب قريش ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، طبقات خليفة ٢٢ ، تاريخ خليفة ١٠٨ و ١١٢ ، التاريخ الصغير ١ / ٣٤ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٩٠ ، الجرح والتعديل ٣ / ٥٦٢ رقم ٢٥٣٩ ، جمهرة أنساب العرب ١٥١ و ٣١١ ، الأخبار الموفقيات ٦٠٠ ، مشاهير علماء الأمصار ١١ رقم ٢٧ ، أنساب الأشراف ١ / ٥٧ و ٣٠٨ ، المحبّر ٧٣ و ٤٠٣ ، حلية الأولياء ١ / ٣٦٧ ، ٣٦٨ رقم ٧٣ ، الاستيعاب ٢ / ٥٥٠ رقم ٨٤٦ ، أسد الغابة ٢ / ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، تهذيب الكمال ١ / ٤٥٦ ، العبر ١ / ١٤ ، الكاشف ١ / ٢٦٦ رقم ١٧٥٢ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٢٩٧ ـ ٢٩٩ رقم ٥٧ ، العقد الثمين ٤ / ٤٧٣ ـ ٤٧٦ ، الوافي بالوفيات ١٥ / ٣٩ ، ٤٠ رقم ٤٠ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٤١١ ، الإصابة ٤ / ٥٢ ، خلاصة تذهيب الكمال ١٢٨ ، عيون التواريخ ١ / ٤٩٥.
(٧) ما بين الحاصرتين زيادة من المنتقى. نسخة أحمد الثالث.
وأسلم قبله. وكان طويلا بمرّة (١) ، أسمر ، شهد بدرا والمشاهد.
قال له عمر يوم أحد (٢). خذ درعي ، قال : إنّي أريد من الشهادة كما تريد ، فتركاها (٣).
وكان له من لبابة بنت أبي لبابة بن عبد المنذر ولد اسمه عبد الرحمن (٤).
وقيل : آخى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين زيد ومعن بن عديّ العجلاني ، واستشهد باليمامة (٥).
وقد روى عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أرقّاءكم أرقّاءكم أطعموهم ممّا تأكلون وألبسوهم ممّا تلبسون». الحديث (٦).
وجاء أنّ راية المسلمين يوم اليمامة كانت مع زيد ، فلم يزل يتقدّم بها في نحر العدوّ ، ثم قاتل حتّى قتل ، فأخذها سالم مولى أبي حذيفة. وكان زيد يقول ويصيح : اللهمّ إنّي أعتذر إليك من فرار أصحابي وأبرأ إليك ممّا جاء به مسيلمة ومحكّم بن الطّفيل (٧).
__________________
(١) في طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٧ «طويلا بائن الطول» ، وفي سير أعلام النبلاء ١ / ٢٩٨ «أسمر طويلا جدا».
(٢) هكذا في الأصل ، وطبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٨ ، والمنتقى نسخة أحمد الثالث ، وفي نسخة (ع) ، والمنتقى لابن الملّا ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٢٩٨ «يوم بدر» ، وكذا في متن النسخة (ح) «بدر» وفي الحاشية «أحد».
(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٨ ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٢٩٨.
(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٧.
(٥) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٧ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٢٩٨.
(٦) رواه أحمد في المسند ٤ / ٣٦ وفيه «يزيد» بدل «زيد» وهو وهم ، والحديث : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في حجّة الوداع : «أرقّاءكم أرقّاءكم أطعموهم ممّا تأكلون واكسوهم ممّا تلبسون ، فإن جاءوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذّبوهم». ورواه ابن سعد في الطبقات ٣ / ٣٧٧.
(٧) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٧.
وقال الواقديّ : حدّثني عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبي عون قال : وحدّثني عبد العزيز بن الماجشون قالا : قال عمر لمتمّم بن نويرة : ما أشدّ ما لقيت على أخيك من الحزن؟ فقال : كانت عيني هذه قد ذهبت ، فبكيت بالصّحيحة حتّى أسعدتها الذّاهبة وجرت بالدّمع ، فقال : إنّ هذا لحزن شديد ، ثم قال عمر : يرحم الله زيد بن الخطّاب إنّي لأحسب أنّي لو كنت أقدر على أن أقول الشّعر لبكيته كما بكيت أخاك ، فقال : لو قتل أخي يوم اليمامة كما قتل زيد ما بكيته أبدا ، فأبصر (١) عمرو وتعزّى عن أخيه ، وكان قد حزن عليه حزنا شديدا ، وكان يقول : إنّ الصّبا لتهبّ فتأتيني بريح زيد. قال ابن أبي عون : ما كان عمر يقول من الشّعر ولا بيتا واحدا (٢).
وعن عمر أنّه كان يقول : أسلم قبلي واستشهد قبلي (٣).
وقد روى عنه ابنه ، وابن عمر ، له عنه النّهي عن قتل ذوات البيوت (٤).
__________________
(١) كذا في النسخة (ح) ، والأصل ، وطبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٨ ، والمنتقى نسخة أحمد الثالث وفي نسخة دار الكتب «فصبر».
(٢) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٨.
(٣) سير أعلام النبلاء ١ / ٢٩٨.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٤٥٢ ، والبخاري في بدء الخلق ، باب قوله تعالى : (وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ) ، ومسلم في السلام (٢٢٣٣) باب قتل الحيّات وغيرها ، وأبو داود في الأدب (٥٢٥٢) باب في قتل الحيّات ، والترمذي في الأحكام (١٤٨٣) باب ما جاء في قتل الحيّات ، وكلّهم من طريق الزهري ، عن سالم عن أبيه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «اقتلوا الحيّات وذا الطّفيتين والأبتر ، فإنّهما يستسقطان الحبل ، ويلتمسان البصر»
قال : فكان ابن عمر يقتل كلّ حيّة فقال :
إنه قد نهي عن ذوات البيوت. والأبتر : صنف من الحيّات أزرق مقطوع الذنب. ويلتمسان البصر : أي يخطفان البصر ويطمسانه. والعوامر : حيّات البيوت. والنّصّ لمسلم.
(٥) تاريخ خليفة ١ / ٩٣ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٤٣ ، الجرح والتعديل ٣ / ٢٩٤ ، الاستيعاب ١ / ٤٠١ ، الإكمال ٢ / ٤٥٣ ، أسد الغابة ٢ / ٣ ، الوافي بالوفيات ١١ / ٣٤٨ رقم ٥١٣ ، الإصابة ١ / ٣٢٥ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٤٣ ، تقريب التهذيب ١ / ٨٤ ، مشاهير علماء الأمصار ٢٣ رقم ٩٧ ، نسب قريش ٣٤٥ ، الأخبار الموفقيات ٥٨١ ، الكاشف ١ / ١٥٦ رقم ١٠٠٢.
(٦) هكذا في الأصل ، ونسخة (ح) ، ونسخة دار الكتب. وفي المنتقى نسخة أحمد الثالث «عمر».