الشّركة. و «من» مزيدة ، للاستغراق.
(وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ) : ولم يوحّدوا.
(لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣) ، أي : ليمسّنّ الّذين بقوا منهم على الكفر. أو ليمسّنّ الّذين كفروا من النّصارى. وضعه موضع «ليمسّنّهم» تكريرا للشّهادة على كفرهم ، وتنبيها على أنّ العذاب على من أدام على الكفر ولم ينقلع عنه. ولذلك عقّبه بقوله :
(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ) ، أي : ألا يتوبون بالانتهاء عن تلك العقائد والأقوال الزّائغة ، ويستغفرون بالتّوحيد والتّنزيه عن الاتّحاد والحلول بعد هذا التّقرير والتّهديد.
(وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧٤) : يغفر لهم ، ويمنحهم من فضله إن تابوا. وفي هذا الاستفهام ، تعجّب من إصرارهم.
(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) ، أي : ما هو إلّا رسول كالرّسل قبله. خصّه الله بآيات كما خصّهم بها. فإن أحيا الموتى على يده ، فقد أحيا العصا وجعلها حيّة تسعى على يد موسى. وهو أعجب. وإن خلقه من غير أب ، فقد خلق آدم من غير أب وأمّ. وهو أغرب.
(وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) : كسائر النّساء ، الّلاتي يلازمن الصّدق.
(كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) : ويفتقران إليه افتقار الحيوانات.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) قال : يعني : كانا يحدثان ، فكنّى عن الحدث.
وكلّ من أكل الطّعام يحدث.
وفي كتاب الاحتجاج (٢) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في جواب الزّنديق الّذي قال له : لو لا ما في القرآن من الاختلاف والتّناقض لدخلت في دينكم. ثمّ ذكر من ذلك ، أنّ الله شهر هفوات أنبيائه ، وكنّى عن أسماء أعدائه.
قال ـ عليه السّلام ـ : وأمّا هفوات الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ وما بيّنه الله في
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ١٧٦.
(٢) الاحتجاج ١ / ٣٧٠.
كتابه ، فإنّ ذلك ، من أدلّ الدّلائل على حكمة الله ـ عزّ وجلّ ـ الباهرة وقدرته القاهرة وعزّته الظّاهرة. لأنّه علم أنّ براهين الأنبياء ـ عليه السّلام ـ تكبر في صدور أممهم ، وأنّ منهم من يتّخذ بعضهم إلها كالّذي كان من النّصارى في ابن مريم. فذكرها ، دلالة على تخلّفهم عن الكمال الّذي تفرّد (١) به ـ عزّ وجلّ ـ ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى ، حيث قال فيه وفي أمّه : (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) ، يعني : من أكل الطّعام كان له ثقل. ومن كان له ثقل فهو بعيد ممّا ادعته النّصارى لابن مريم.
واعلم ، أنّه ـ تعالى ـ بيّن أوّلا أقصى ما لهما من كمال. ودلّ على أنّه لا يوجب لهما الألوهيّة ، لأنّ كثيرا من النّاس يشاركهما في مثله. ثمّ نبّه على نقصهما ، وذكر ما ينافي الرّبوبيّة ويقتضي أن يكونا من عداد المركّبات الكائنة الفاسدة. ثمّ عجب ممّن يدّعي الرّبوبيّة لهما مع أمثال هذه الأدلّة الظّاهرة ، فقال :
(انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٧٥) : كيف يصرفون عن استماع الحقّ وتأمّله.
و «ثم» لتفاوت ما بين العجبين ، أي : إنّ بياننا للآيات عجب. وإعراضهم عنها أعجب.
«(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) ، يعني : عيسى.
وهو وإن ملك ذلك بتمليك الله إيّاه ، لا يملكه من ذاته. ولا يملك مثل ما يضر الله به من البلايا والمصائب ، وما ينفع به من الصّحّة والسّعة.
وإنّما قال : «ما» نظرا إلى ما هو عليه في ذاته ، توطئة لنفي القدرة عنه رأسا ، وتنبيها على أنّه من هذا الجنس. ومن كان له حقيقة تقبل المجانسة والمشاركة ، فبمعزل عن الألوهيّة.
وإنّما قدّم الضّرّ ، لأنّ التّحرّز عنه أهمّ من تحرّي النّفع.
(وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٧٦) : بالأقوال والعقائد. فيجازي عليها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشرّ.
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : انفرد.
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِ) ، أي : غلوّا باطلا.
فترفعوا عيسى إلى أن تدعوا له الألوهيّة ، أو تضعوه وتزعموا أنّه لغير رشده. وقيل (١) :
الخطاب للنّصارى خاصّة.
(وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ) ، يعني : أسلافهم وأئمّتهم ، الّذين ضلّوا قبل مبعث محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ في شريعتهم.
(وَأَضَلُّوا كَثِيراً) : ممّن شايعهم على بدعهم وضلالهم.
(وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (٧٧) : عن قصد السّبيل ـ الّذي هو الإسلام ـ بعد مبعثه إلى أن كذّبوه وبغوا عليه.
وقيل (٢) : الأوّل ، إشارة إلى ضلالهم عن مقتضى العقل. والثّاني ، إشارة إلى ضلالهم عمّا جاء به الشّرع.
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) :
في روضة الكافي (٣) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب (٤) ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ).
قال : الخنازير ، على لسان داود. والقردة ، على لسان عيسى بن مريم ـ عليه السّلام ـ.
ورواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره (٥) بطريق آخر عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ.
في مجمع البيان (٦) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : أمّا داود ، فإنّه لعن أهل أيلة لمّا اعتدوا في سبتهم. وكان اعتداؤهم في زمانه. فقال : اللهمّ ، ألبسهم اللّعنة مثل الرّداء ، ومثل المنطقة على الحقوين. فمسخهم الله قردة. وأمّا عيسى ، فإنّه لعن الّذين أنزلت عليهم المائدة ، ثمّ كفروا بعد ذلك.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٨٧.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) الكافي ٨ / ٢٠٠ ، ٢٤٠.
(٤) ر : ابن رباب.
(٥) تفسير القمي ١ / ١٧٦.
(٦) مجمع البيان ٢ / ٢٣١.
ورواه في الجوامع (١) مقطوعا وزاد : فقال عيسى ـ عليه السّلام ـ : اللهمّ ، عذّب من كفر بعد ما أكل من المائدة عذابا لا تعذّبه أحدا من العالمين ، والعنهم كما لعنت أصحاب السّبت. فصاروا خنازير. وكانوا خمسة آلاف رجل.
(ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (٧٨) ، أي : ذلك اللّعن الشّنيع المقتضي للمسخ ، بسبب عصيانهم واعتدائهم ما حرّم عليهم.
(كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) : هذا بيان عصيانهم واعتدائهم ، يعني : أي : لا ينهى بعضهم بعضا عن معاودة منكر فعلوه. أو عن مثل منكر فعلوه. أو عن منكر أرادوا فعله. وتهيّؤوا له. أو لا ينتهون عنه ، من قولهم : تناهى عن الأمر وانتهى عنه :
إذا امتنع.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : قال : كانوا يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمور ويأتون النّساء أيّام حيضهنّ.
وفي ثواب الأعمال (٣) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : لمّا وقع التّقصير في بني إسرائيل ، جعل الرّجل منهم يرى أخاه على الذّنب (٤) فينهاه ، فلا ينتهي. فلا يمنعه ذلك من (٥) أن يكون أكيله وجليسه وشريبه ، حتّى ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. ونزل فيهم القرآن ، حيث يقول ـ جلّ وعزّ ـ : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (الآية).
و [في تفسير] (٦) العيّاشي (٧) : [عن محمد بن الهيثم التّميميّ ،] (٨) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أما أنّهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم ولا يجلسون مجالسهم ، ولكن كانوا إذا لقوهم [ضحكوا في وجوههم و] (٩) آنسوا بهم.
(لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٧٩) : تعجيب من سوء فعلهم ، مؤكّد بالقسم.
(تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ) : من أهل الكتاب.
__________________
(١) جوامع الجامع / ١١٦.
(٢) تفسير القمي ١ / ١٧٦.
(٣) ثواب الأعمال / ٣١١ ، ح ٣.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : في الذنب.
(٥) ليس في المصدر.
(٦ و ٨) ليس في أ.
(٧) تفسير العياشي ١ / ٣٣٥ ، ح ١٦١.
(٩) من المصدر.
(يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : يوالون المشركين ، بغضا لرسول الله والمؤمنين.
وفي تفسير علي بن إبراهيم (١) : حدّثني [أبي قال : حدّثني] (٢) [هارون] (٣) ابن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال : سأل رجل أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قوم من الشّيعة يدخلون في أعمال السّلطان ويعملون لهم ويحبّونهم (٤) ويوالونهم؟
قال : ليس هم من الشّيعة ، لكنّهم من أولئك. ثمّ قرأ ـ عليه السّلام ـ : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا [مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)] (٥) (الآية).
وفي مجمع البيان (٦) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : يتولّون الملوك الجبّارين ويزيّنون لهم أهواءهم ، ليصيبوا من دنياهم.
(لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ) ، أي : لبئس شيئا قدّموه ، ليردوا عليه يوم القيامة.
(أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) (٨٠) : هو المخصوص بالذّمّ ، والمعنى : موجب سخط الله والخلود في العذاب. أو علّة الذّمّ والمخصوص محذوف ، أي : لبئس شيئا ذلك ، لأنّه كسبهم السّخط والخلود.
(وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِ) ، يعني : نبيّهم. وإن كانت الآية في المنافقين ، فالمراد نبيّنا ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
(وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ) : إذ الإيمان يمنع ذلك.
(وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (٨١) : خارجون عن دينهم. أو متمرّدون في نفاقهم.
[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) متّصلا بقوله : (وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) ـ إلى قوله ـ :
(وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ). قال الخنازير ، على لسان داود. والقردة ، على لسان
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٧٦.
(٢) ليس في أ.
(٣) من المصدر.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يحبّون لهم.
(٥) ليس في أ.
(٦) مجمع البيان ٢ / ٢٣٢.
(٧) تفسير القمي ١ / ١٧٦.
عيسى.
حدّثني الحسين بن عبد الله السّكيني (١) ، عن أبي سعيد البجلّي ، عن عبد الملك بن هارون ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (٢) قال : لمّا بلغ أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أمر معاوية وأنّه في مائة ألف.
قال : من أيّ القوم؟
قالوا : من أهل الشّام.
قال : لا تقولوا : من أهل الشّام ، ولكن قولوا : من أهل الشّؤم. هم من أبناء مصر (٣). لعنوا على لسان داود ، فجعل الله منهم القردة والخنازير.
والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.] (٤).
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) : لشدّة شكّهم ، وتضاعف كفرهم ، وانهماكهم في اتّباع الهوى ، وركونهم إلى التّقليد ، وبعدهم عن التّحقيق ، وتمرّنهم على تكذيب الأنبياء ومعاداتهم.
(وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) : للين جانبهم ، ورقّة قلوبهم ، وقلّة حرصهم على الدّنيا ، وكثرة اهتمامهم بالعلم والعمل.
(ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (٨٢) : عن قبول الحقّ إذا فهموه. أو يتواضعون ولا يتكبّرون.
وفي تفسير العيّاشي (٥) : عن مروان ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : ذكر النّصارى وعداوتهم ، فقال : قول الله : (ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ). قال : أولئك كانوا بين عيسى ـ عليه السّلام ـ ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وينتظرون مجيء محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
(وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) : عطف
__________________
(١) نفس المصدر ٢ / ٢٦٨.
(٢) يوجد في المصدر بعد هذه العبارة : عن آبائه ـ عليهم السلام.
(٣) المصدر : مضر.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٥) تفسير العياشي ١ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ، ح ١٦٢.
على «لا يستكبرون.» وهو بيان لرقّة قلوبهم ، وشدّة خشيتهم ، ومسارعتهم إلى قبول الحقّ ، وعدم تأبّيهم عنه.
والفيض : انصباب عن امتلاء. فوضع موضع الامتلاء ، للمبالغة. أو جعلت أعينهم من فرط البكاء ، كأنّها تفيض بأنفسها.
(مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِ) : «من» الأولى ، للابتداء.
والثّانية ، لتبين «ما عرفوا». أو للتّبعيض ، فإنّه بعض الحقّ ، والمعنى بأنّهم عرفوا بعض الحقّ فأبكاهم ، فكيف إذا عرفوا كلّه.
(يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا) : بذلك. أو بمحمّد.
(فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (٨٣) : من الّذين شهدوا بأنّه حقّ. أو بنبوّته. أو من أمّته ، الّذين هم شهداء على الأمم يوم القيامة.
(وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) (٨٤) : استفهام إنكار واستبعاد لانتفاء الإيمان مع قيام الدّاعي ، وهو الطّمع في الانخراط مع الصّالحين والدّخول مداخلهم. أو جواب سائل قال : لم آمنتم ولا نؤمن؟ حال من الضّمير.
والعامل ما في «الّلام» من معنى الفعل ، أي : أيّ شيء حصل لنا غير مؤمنين بالله ، أي : بوحدانيّته ـ فإنّهم كانوا مثلّثين ـ أو بكتابه ورسوله ، فإنّ الإيمان بهما إيمان به حقيقة. وذكره توطئة وتعظيما.
«ونطمع» عطف على «نؤمن». أو خبر محذوف ، والواو للحال ، أي : ونحن نطمع. والعامل فيها ، عامل الأولى مقيّدا بها. أو «نؤمن».
(فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا) أي : من اعتقاد. من قولك : هذا قول فلان ، أي :
معتقده.
(جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) (٨٥) : الّذين أحسنوا النّظر والعمل. أو الّذين اعتادوا الإحسان في الأمور.
في تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : [كان سبب نزولها] (٢) أنّه لمّا اشتدّت قريش في أذى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأصحابه الّذين آمنوا به بمكّة قبل الهجرة ، أمرهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يخرجوا إلى الحبشة. وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم. فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمين ، حتّى ركبوا البحر. فلمّا بلغ قريشا (٣) خروجهم ، بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النّجاشي ليردّهم (٤) إليهم. وكان عمرو وعمارة متعاديين ، فقالت قريش : كيف نبعث رجلين متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص. فخرج عمارة وكان حسن الوجه شابّا مترفا ، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه. فلمّا ركبوا السّفينة ، شربوا الخمر.
فقال عمارة لعمرو بن العاص : قل لأهلك تقبّلني.
فقال عمرو : أيجوز هذا ، سبحان الله؟ فسكت عمارة.
فلمّا انتشى (٥) عمرو وكان على صدر السّفينة دفعه عمارة وألقاه في البحر. فتشبّث عمرو بصدر السّفينة ، وأدركوه فأخرجوه. فوردوا على النّجاشيّ ، وقد كانوا حملوا إليه هدايا ، فقبلها منهم.
فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك ، إنّ قوما منّا خالفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا وصاروا إليك ، فردّهم إلينا.
فبعث النّجاشي إلى جعفر فجاءه (٦) ، فقال : يا جعفر ، ما يقول هؤلاء؟
فقال جعفر : أيّها الملك ، وما يقولون؟
قال : يسألون أن أردّكم إليهم.
قال : أيّها الملك ، سلهم ، أعبيد نحن لهم؟
فقال : عمرو : لا ، بل أحرار كرام.
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٧٦.
(٢) ليس في أ.
(٣) المصدر : قريش.
(٤) روأ : يردّهم.
(٥) المصدر : انتشأ.
(٦) المصدر : فجاءوا به.
فقال : فسلهم ، ألهم علينا ديون يطالبوننا (١) بها؟
فقال : لا ، ما لنا عليكم ديون.
قال : فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها؟
فقال عمرو : لا.
قال : فما تريدون منّا؟ آذيتمونا فخرجنا من بلادكم.
فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك ، خالفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا وأفسدوا شبابنا وفرّقوا جماعتنا ، فردّهم إلينا لنجمع أمرنا.
فقال جعفر : نعم أيّها الملك ، خالفناهم. بعث الله فينا نبيّا ، أمر بخلع الأنداد وترك الاستقسام بالأزلام ، وأمرنا بالصّلاة والزّكاة ، وحرّم الظّلم والجور وسفك الدّماء بغير حقّها والزّنا والرّبا والميتة والدّم [ولحم الخنزير ،] (٢) وأمرنا بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
فقال النّجاشيّ : بهذا بعث الله عيسى بن مريم. ثمّ قال النّجاشيّ : يا جعفر ، هل تحفظ ممّا أنزل الله على نبيّك شيئا؟
قال : نعم. فقرأ عليه سورة مريم ، فلمّا بلغ قوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً). (٣) فلمّا سمع النّجاشيّ بهذا ، بكى بكاء شديدا وقال : هذا والله هو الحقّ.
فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك ، إنّ هذا مخالف لنا (٤) ، فردّه إلينا. فرفع النّجاشيّ يده فضرب بها وجه عمرو ، ثمّ قال : اسكت ، والله لئن ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك.
فقام عمرو بن العاص من عنده والدّماء تسيل على وجهه ، وهو يقول : إن كان هذا كما تقول أيّها الملك ، فإنّا لا نتعرّض له.
__________________
(١) هكذا في أ. وفي سائر النسخ والمصدر : يطالبون.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) مريم / ٢٥.
(٤) المصدر : مخالفنا.
وكانت على رأس النّجاشيّ وصيفة له ، تذبّ عنه. فنظرت إلى عمارة بن الوليد ـ وكان فتى جميلا ـ فأحبّته. فلمّا رجع عمرو بن العاص إلى منزله ، قال لعمارة : لو راسلت (١) جارية الملك. فراسلها ، فأجابته. فقال عمرو : قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئا. فقال لها ، فبعثت إليه. فأخذ عمرو من ذلك الطّيب ـ وكان الّذي فعل به عمارة في قلبه حين ألقاه في البحر ـ فأدخل الطّيب على النّجاشيّ ، فقال : أيّها الملك ، إنّ حرمة الملك عندنا ، وطاعته علينا. وما يكرمنا (٢) إذ دخلناه بلاده ونأمن فيه ، أن لا نغشّه ولا نريبه. وإنّ صاحبي هذا الّذي معي قد راسل (٣) حرمتك (٤) وخدعها ، وبعثت إليه من طيبك. ثمّ وضع الطّيب بين يديه.
فغضب النّجاشيّ ، وهمّ بقتل عمارة. ثمّ قال : لا يجوز قتله ، فإنّهم دخلوا بلادي بأمان (٥). فدعا النّجاشي السّحرة فقال لهم : اعملوا به شيئا أشدّ عليه من القتل. فأخذوه ونفخوا في إحليله الزّئبق ، فصار مع الوحوش يغدو ويروح. وكان لا يأنس بالنّاس.
فبعثت قريش بعد ذلك ، فكمنوا له في موضع حتّى ورد الماء مع الوحش فأخذوه. فما زال يضطرب في أيديهم ويصيح ، حتّى مات.
ورجع عمرو إلى قريش ، فأخبرهم أنّ جعفر في أرض الحبشة في أكرم كرامة.
فلم يزل بها حتّى هادن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قريشا وصالحهم ، وفتح خيبر ، فوافى بجميع من معه.
وولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد الله بن جعفر. وولد للنّجاشي ابن ، فسمّاه النّجاشيّ محمّدا.
وكانت أمّ حبيبة بنت أبي سفيان تحت عبد الله ، فكتب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى النّجاشي يخطب أمّ حبيب. فبعث إليها النّجاشيّ فخطبها لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأجابته. فزوّجها منه ، وأصدقها أربعمائة دينار ،
__________________
(١) أ: أرسلت.
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ما يلزمنا.
(٣) روأ : أرسل.
(٤) المصدر : إلى حرمتك.
(٥) المصدر : فأمان لهم.
وساقها عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وبعث إليها بثياب وطيب كثير ، وجهّزها ، وبعثها إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وبعث إليها بمارية القبطيّة ، أمّ إبراهيم.
وبعث إليه بثياب وطيب وفرس. وبعث ثلاثين رجلا من القسّيسين فقال لهم : انظروا إلى كلامه ، وإلى مقعده ومشربه ومصلاه.
فلمّا وافوا المدينة ، دعاهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى الإسلام. وقرأ عليهم القرآن وإذ قال الله (١) : (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي) [التي أنعمت] (٢) (عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ) ـ إلى قوله ـ (فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) فلمّا سمعوا ذلك من رسول الله بكوا ، وآمنوا. ورجعوا إلى النّجاشيّ ، فأخبروه خبر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقرأوا عليه ما قرأ عليهم ، فبكى النّجاشيّ وبكى القسّيسون. وأسلم النّجاشيّ ، ولم يظهر للحبشة إسلامه وخافهم على نفسه. وخرج من بلاد الحبشة يريد (٣) النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلمّا عبر البحر ، توفّي. فأنزل الله على رسوله (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ) إلى قوله : (وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) ..
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (٨٦) :
عطف التّكذيب بآيات الله على الكفر. وهو ضرب منه. لأنّ القصد إلى بيان حال المكذّبين وذكرهم في معرض المصدّقين بها جمعا ، بين التّرغيب والتّرهيب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا) : لا تمنعوا أنفسكم.
(طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) : ما طاب منه ولذّ.
قيل (٤) : كأنّه لمّا تضمّن ما قبله مدح النّصارى على ترهّبهم والحثّ على كسر النّفس ورفض الشّهوات ، عقّبه بالنّهي عن الإفراط في ذلك والاعتداء عمّا حدّ الله بجعل الحلال حراما. فقال :
(وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٨٧) :
__________________
(١) المائدة / ١١٠.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) المصدر : إلى.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٨٩.
قيل (١) : ويجوز أن يراد به : ولا تعتدوا ما أحلّ الله لكم إلى ما حرّم عليكم. فتكون الآية ناهية عن تحريم ما أحلّ وتحليل ما حرّم ، داعية إلى القصد بينهما.
وفيه : أنّه ينافيه ما روي في سبب نزوله. فإنّه قال عليّ بن إبراهيم في تفسيره (٢) :
حدّثني ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وبلال وعثمان بن مظعون. فأمّا أمير المؤمنين ، فحلف أن لا ينام باللّيل أبدا. وأمّا بلال ، فحلف أن لا يفطر بالنّهار أبدا. وأمّا عثمان بن مظعون ، فإنّه حلف أن لا ينكح أبدا. فدخلت امرأة عثمان على عائشة [وكانت امرأة (٣) جميلة.] (٤).
فقالت عائشة : ما لي أراك متعطّلة؟
فقالت : ولمن أتزيّن؟ فو الله ، ما قربني زوجي منذ كذا وكذا. فإنّه قد ترهّب ، ولبس المسوح ، وزهد في الدّنيا.
فلمّا دخل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أخبرته عائشة بذلك. فخرج ، فنادى : الصّلاة جامعة. فاجتمع النّاس. وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه. ثمّ قال :
ما بال أقوام يحرّمون على أنفسهم الطّيّبات ، إنّي أنام باللّيل وأنكح وأفطر بالنّهار. فمن رغب عن سنّتي ، فليس منّي.
فقام هؤلاء ، فقالوا : يا رسول الله ، فقد حلفنا على ذلك. فأنزل الله (لا يُؤاخِذُكُمُ) (الآية).
واعلم ، أنّه ليس في هذا الخطاب منقصة على المخاطب. ونظيره قوله (٥) : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ). لأنّه من البيّن ، أنّ منع النّفس عن النّوم باللّيل عبادة شريفة محبوبة عند الله ، فالمنع منه لكمال الرّأفة والشّفقة ، وإن كان المنع على سبيل المعاتبة.
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) تفسير القمي ١ / ١٧٩.
(٣) هكذا في المصدر ، وفي النسخ : امرأته.
(٤) من المصدر.
(٥) التحريم / ١.
وفي كتاب الاحتجاج (١) : عن الحسن بن عليّ ـ عليه السّلام ـ أنّه قال لمعاوية وأصحابه : أنشدكم بالله ، أتعلمون أنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ أوّل من حرّم الشّهوات على نفسه من أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأنزل الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) ..
(وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً) ، أي : وكلوا ما حلّ لكم وطاب ، ممّا رزقكم الله. فيكون «حلالا» مفعول «كلوا». و «ممّا» حال منه تقدّمت عليه ، لأنّه نكرة. ويجوز أن تكون «من» ابتدائيّة ، متعلّقة «بكلوا».
ويجوز أن تكون مفعولا ، و «حلالا» حالا من الموصول ، أو العائد المحذوف. أو صفة لمصدر محذوف ، لأنّ «من» لا تزاد في الإثبات.
وفي مجمع البيان (٢) : وقد روي أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان يأكل الدّجاج والفالوذ. وكان يعجبه الحلواء والعسل. وقال : إنّ المؤمن حلو يحبّ الحلاوة. وقال : إنّ المؤمن حلو يحبّ الحلاوة. وقال : في بطن المؤمن زاوية ، لا يملؤها إلّا الحلواء.
(وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (٨٨) : استدعاء إلى التّقوى بألطف الوجوه.
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) : هو ما يبدو من المرء بلا قصد.
كقول الرّجل : لا والله ، وبلى والله.
وفي من لا يحضره الفقيه (٣) : روى أبو بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية قال : هو ، لا والله. وبلى والله.
[وفي تفسير العيّاشي (٤) : عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية؟
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٤٠٧.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٢٣٦.
(٣) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٢٨ ، ح ٧.
(٤) تفسير العياشي ١ / ٣٣٦ ، ح ١٦٣.
وفيه : عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال قول الله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) قال : هو قول الرجل «لا والله» و «بلى والله» ولا يعقد قلبه على شيء.
قال : هو ، لا والله. وبلى والله. وكلا والله ولا يعقد عليها] (١) ولا يعقد على شيء.
وفي الكافي (٢) : عليّ بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول في هذه الآية : قول الرّجل : لا والله ، وبلى والله. ولا يعقد على شيء.
أبو عليّ الأشعريّ (٣) : عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن النّعمان ، عن سعيد الأعرج قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن الرّجل يحلف على اليمين ، فيرى ان تركها أفضل ، وإن لم يتركها خشي أن يأثم. أيتركها؟
قال : أما سمعت قول رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إذا رأيت خيرا من يمينك فدعها.
[محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٤) ، عن محمّد بن سنان ، عمّن رواه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فأتى ذلك ، فهو كفّارة يمينه وله حسنة. (٥)] (٦).
ويمكن أن يراد باللّغو ، ما يشمل هذا الأخير. ويكون جريانه فيما نقل ، باعتبار هذا المعنى ، و «في أيمانكم» صلة «يؤاخذكم» ، أو «اللّغو». لأنّه مصدر ، أو حال منه.
(وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) : بما وثّقتم الأيمان عليه بالقصد والنّيّة. والمعنى : ولكن يؤاخذكم بما عقدتم إذا حنثتم. أو بنكث ما عقّدتم. فحذف للعلم به.
وقرأ حمزة والكسائيّ وابن عيّاش [عن عاصم : «] (٧) عقدتم» بالتّخفيف. وابن عامر برواية ابن ذكوان : «عاقدتم» وهو من فاعل ، بمعنى : فعل (٨).
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٢) الكافي ٧ / ٤٤٣ ، ح ١.
(٣) نفس المصدر ٧ / ٤٤٤ ، ح ٣.
(٤) نفس المصدر ٧ / ٤٤٣ ، ح ٢.
(٥) «وله حسنة» من المصدر.
(٦) ليس في أ.
(٧) من المصدر.
(٨) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٠.
(فَكَفَّارَتُهُ) : فكفّارة نكثه ، أي : الفعل الّذي يذهب إثمه ويستره.
(إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) : من أقصده في النّوع ، أو القدر.
في مجمع البيان (١) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه قرأ : «أهاليكم.».
ومحلّه النّصب ، لأنّه صفة مفعول محذوف. تقديره : أن تطعموا عشرة مساكين طعاما من أوسط ما تطعمون. أو الرّفع على البدل من «إطعام».
وأهلون ، كأرضون.
وفي الكافي (٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن حديد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : الإيمان ثلاث : يمين ليس فيها كفّارة [ويمين فيها كفّارة] (٣) ويمين غموس (٤) توجب النّار. فاليمين الّتي ليس فيها كفّارة ، الرّجل يحلف على باب برّ أن لا يفعله ، فكفّارته أن يفعله. واليمين الّتي تجب فيها الكفّارة ، الرّجل يحلف على باب معصية أن لا يفعله فيفعله ، فتجب عليه الكفّارة. واليمين الغموس الّتي توجب النّار ، الرّجل يحلف على حقّ امرئ مسلم [على حبس ماله.] (٥).
محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٦) ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن ابن مسكان ، عن حمزة بن حمران ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أيّ شيء الّذي فيه الكفّارة من الأيمان؟
فقال : ما حلفت عليه ممّا فيه البرّ ، فعليه (٧) الكفّارة إذا لم تف به. وما حلفت عليه ممّا فيه المعصية ، فليس عليك (٨) فيه الكفّارة إذا رجعت عنه. وما كان سوى ذلك ممّا ليس فيه برّ ولا معصية ، فليس بشيء.
عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٩) ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة ، عن
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٢٣٧.
(٢) الكافي ٧ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩ ، ح ١.
(٣) ليس في ر.
(٤) ليس في أ.
(٥) من المصدر.
(٦) نفس المصدر ٧ / ٤٤٦ ، ح ٥.
(٧) هكذا في المصدر وأ. وفي سائر النسخ : فعليك.
(٨) هكذا في المصدر وأ. وفي سائر النسخ : عليه.
(٩) نفس المصدر ٧ / ٤٥٢ ، ح ٥.
أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : في كفّارة اليمين عتق رقبة. أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم. أو كسوتهم. والوسط ، الخلّ والزّيت (١). وأرفعه ، الخبز واللّحم. والصّدقة ، مدّ من حنطة لكلّ مسكين. والكسوة ، ثوبان. فمن لم يجد فعليه الصّيام. يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) ..
عليّ ، عن أبيه (٢) ، عن حمّاد ، عن حريز ، عمّن أخبره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : وكلّ شيء في القرآن ، (٣) أو فصاحبه بالخيار يختار ما يشاء (٤).
(أَوْ كِسْوَتُهُمْ) : عطف على «إطعام». أو «من أوسط» إن جعل بدلا. وهو ثوب يغطي العورة.
وقيل (٥) : ثوب جامع قميص. أو رداء. أو إزار.
وقرئ ، بضمّ الكاف. وهو لغة. [كقدوة في قدوة.] (٦) وكأسوتهم ، بمعنى : أو كمثل ما تطعمون أهليكم إسرافا أو تقتيرا ، تواسون بينهم وبينهم إن لم تطعموهم [الأوسط. و «الكاف» في محلّ رفع. وتقديره : أو إطعامهم] (٧) كأسوتهم (٨).
وفي مجمع البيان (٩) : (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) الذي رواه أصحابنا : أنّ لكلّ واحد ثوبين ، مئزرا وقميصا وعند الضّرورة ، يجزئ قميص واحد.
(أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) : أو إعتاق إنسان.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) : واحدا منها.
(فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) : فكفّارته صيام ثلاثة أيّام.
في الكافي (١٠) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الزيتون.
(٢) نفس المصدر ٤ / ٣٥٨ ، ح ٢ ، قطعة منه.
(٣) المصدر : «من القرآن». وقيل في هامشه : في بعض النسخ «في القرآن.»
(٤) المصدر : ما شاء.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٠.
(٦) ليس في أ. وفي سائر النسخ : «كقدره في قدره.» وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٧) ليس في أ.
(٨) نفس المصدر والموضع.
(٩) مجمع البيان ٢ / ٢٣٨.
(١٠) الكافي ٧ / ٤٥٢ ، ح ٢.
عمّار ، عن أبي إبراهيم ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن كفّارة اليمين في قوله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) ما حدّ من لم يجد ، وأنّ الرّجل يسأل في كفّه وهو يجد؟
فقال : إذا لم يكن عنده فضل عن قوت عياله ، فهو ممّن لم يجد.
عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (١) ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كلّ صوم يفرّق فيه ، إلّا ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين.
وعنه ، عن أبيه (٢) ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : صيام ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين متتابعات ، لا يفصل بينهنّ.
عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد (٣) ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء [، عن أبان ، عن الحسين بن زيد ،] (٤) عن الحسن بن يزيد ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : السّبعة الأيّام والثّلاثة الأيّام في الحجّ لا تفرّق. إنّما هي بمنزلة الثّلاثة الأيّام في اليمين.
(ذلِكَ) ، أي : المذكورة.
(كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ) : وحنثتم.
في كتاب الخصال (٥) : عن الأعمش ، عن جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ قال :
لا حنث ولا كفّارة على من حلف تقيّة ، يدفع بذلك ظلما عن نفسه.
وعن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ (٦) قال : لا يمين لولد مع والده ، ولا للمرأة مع زوجها.
(وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) : بأن تضنّوا بها ، ولا تبذلوها لكلّ أمر. أو بأنّ تبرّوا فيها ما استطعتم ، ولم يفت فيها خير. أو بأن تكفّروها إذا حنثتم.
(كَذلِكَ) ، أي : مثل ذلك البيان.
__________________
(١) نفس المصدر ٤ / ١٤٠ ، ح ١.
(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ٢.
(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٣.
(٤) هكذا في المصدر. وفي أ: «الحسن بن زيد».
وفي سائر النسخ : الحسين بن يزيد.
(٥) الخصال ٢ / ٦٠٧ ، ح ٩.
(٦) نفس المصدر ٢ / ٦٢١ ، من حديث أربعمائة.
(يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) : أعلام شرائعه.
(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٨٩) : نعمة التّعليم. أو نعمة الواجب شكرها. فإنّ مثل هذا التّبيين يسهّل لكم المخرج.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ) ، أي : الأصنام الّتي نصبت للعبادة.
(وَالْأَزْلامُ) : سبق تفسيرها في أوّل السّورة.
(رِجْسٌ) : قذر ، تعاف عنه العقول. وأفرده (١) ، لأنّه خبر «للخمر» وخبر المعطوف محذوف. أو لمضاف محذوف ، كأنّه قال : إنّما تعاطي الخمر والميسر رجس.
في الكافي (٢) : أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن أحمد بن النّضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ هذه الآية قيل : يا رسول الله ، ما الميسر؟
فقال : كلّ ما تقومر به ، حتّى الكعاب والجوز.
قيل : فما الأنصاب؟
قال : ما ذبحوه لآلهتهم.
قيل : فما الأزلام؟
قال : قداحهم الّتي يستقسمون بها.
(مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) : لأنّه مسبّب عن تسويله وتزيينه.
(فَاجْتَنِبُوهُ) : الضّمير «للرّجس». أو لما ذكر. أو للتعاطي.
(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٩٠) : لكي تفلحوا بالاجتناب عنه. وفي تحريم الخمر والميسر في الآية ضروب من التّأكيد : تصدير الجملة بإنّما ، وقرنهما بالأنصاب والأزلام ، وتسميتهما رجسا ، وجعلهما من عمل الشّيطان.
__________________
(١) النسخ : «إفراده.» وما أثبتناه في المتن موافق أنوار التنزيل ١ / ٢٩٠.
(٢) الكافي ٥ / ١٢٢ ، ح ٢.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية : أمّا الخمر ، فكلّ مسكر من الشّراب إذا خمّر (٢) فهو خمر (٣).
وما أسكر (٤) كثيره فقليله (٥) حرام. وذلك ، أنّ أبا بكر شرب قبل أن يحرّم الخمر ، فسكر.
فجعل يقول الشّعر ، ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر. فسمع النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : اللهمّ ، أمسك على لسانه. فأمسك على لسانه ، فلم يتكلّم حتّى ذهب عنه السّكر. فأنزل الله تحريمها بعد ذلك. وإنّما كانت الخمر يوم حرّمت بالمدينة فضيخ البسر والتّمر. فلمّا نزل تحريمها ، خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقعد في المسجد (٦). ثمّ دعا بآنيتهم الّتي كانوا ينبذون فيها ، فكفأها (٧) كلّها وقال : هذه كلّها خمر ، وقد حرّمها الله. فكان أكثر شيء كفئ من ذلك يومئذ من الأشربة ، الفضيخ. ولا أعلم أكفئ يومئذ من خمر العنب بشيء ، إلّا إناء واحدا كان فيه زبيب وتمر جميعا. فأمّا عصير العنب ، فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شيء. حرّم الله الخمر قليلها وكثيرها ، وبيعها وشراءها والانتفاع بها.
وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من شرب الخمر ، فاجلدوه. فإن (٨) عاد ، فاجلدوه. فإن (٩) عاد ، فاجلدوه. فإن (١٠) عاد في الرّابعة ، فاقتلوه. وقال : حقّ على الله أن يسقي من شرب الخمر ، ممّا يخرج من فروج المومسات. والمومسات : الزّواني ، يخرج من فروجهنّ صديد. والصّديد : قيح ودم غليظ مختلط ، يؤذي أهل النّار حرّه ونتنه.
وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من شرب الخمر ، لم تقبل منه (١١) صلاة أربعين ليلة. فإن عاد ، فأربعين ليلة من يوم شربها. فإن مات في تلك الأربعين ليلة من غير توبة ، سقاه الله يوم القيامة من طينة خبال. وسمّي المسجد الّذي قعد فيه رسول الله
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٨٠.
(٢) المصدر : أخمر.
(٣) المصدر : حرام.
(٤) المصدر : المسكر.
(٥) المصدر : وقليله.
(٦) هكذا في أ. وفي سائر النسخ والمصدر : بالمسجد.
(٧) المصدر : فأكفأها.
(٨ و ٩ و ١٠) المصدر : ومن.
(١١) المصدر : له.
ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم أكفئت الأشربة : مسجد الفضيخ يومئذ. لأنّه كان أكثر شيء أكفئ من الأشربة ، الفضيخ.
وأمّا الميسر ، فالنّرد والشّطرنج. وكلّ قمار ميسر.
وأمّا الأنصاب ، فالأوثان الّتي كان يعبدها المشركون.
وأمّا الأزلام ، فالقداح الّتي كان (١) يستقسم بها مشركو العرب [في الأمور] (٢) في الجاهليّة. كلّ هذا ، بيعه وشراؤه والانتفاع بشيء من هذا حرام من الله محرّم. وهو رجس من عمل الشّيطان. فقرن الله الخمر والميسر مع الأوثان.
وفي مجمع البيان (٣) : وقال الباقر ـ عليه السّلام ـ : يدخل في الميسر ، اللّعب بالشّطرنج والنّرد وغير ذلك من أنواع القمار. حتّى أنّ لعب الصّبيان بالجوز ، من القمار.
وقال ابن عبّاس (٤) : يريد بالخمر ، جميع الأشربة الّتي تسكر.
وقد قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الخمر من تسع (٥) : من البتع (٦) وهو العسل ، ومن العنب ، ومن الزّبيب ، ومن التّمر ، ومن الحنطة ، ومن الذّرة ، ومن الشّعير ، والسّلت.
وقال : في الميسر ، يريد القمار. وهو في أشياء كثيرة (٧) (انتهى كلام ابن عباس).
وفي من لا يحضره الفقيه (٨) ، بإسناده إلى الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في حديث طويل ، في تعداد الكبائر وبيانها من كتاب الله : وشرب الخمر ، لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ عدل بها عبادة الأوثان.
وفي عيون الأخبار (٩) ، بإسناده إلى الرّيّان بن الصّلت قال : سمعت الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول : ما بعث الله ـ عزّ وجلّ ـ نبيّا إلّا بتحريم الخمر.
__________________
(١) المصدر والنسخ : كانت.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٢٣٩.
(٤) نفس المصدر والموضع.
(٥) قيل «تسع» وذكر «ثمانية».
(٦) المصدر : «التّبع». وفي النسخ : «التبغ». وهو نبات من الفصيلة الباذنجانية يستعمل تدخينا وسعوطا ومضغا. ومنه نوع للزينة. (المعجم الوسيط) وأمّا «التبع» هو نبيذ العسل. (ر. نفس المصدر)
(٧) النسخ : «ونهى عن أشياء كثيره» بدل «وهو في أشياء كثيرة.»
(٨) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٦٩ ، ح ٢.
(٩) عيون أخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ٢ / ١٤.