سِكَك البريد.
وقال الشماخ :
حَنّتْ على سِكة السَّارِي فجاوَبَها |
حَمامةٌ مِن حمامٍ ذاتُ أطواق |
أي : على طريق الساري ، وهو موضع.
وقال العجاج :
نَضْرِبهم إذا أَخَذوا السَّكائكا
يريد : الطُّرُق.
وسَكَّاء : اسم قريةٍ في شعر الراعي يصف إبلاً له :
فلا رَدّها رَبِّي إلى مَرْج راهِط |
ولا أصبحتْ تمشِي بسَكَّاءَ في وَحْلِ |
أبو زيد : رجل سُكاكة ، وهو الذي يمضي لرأيه ولا يشاوِرُ أحداً ولا يُبالي كيف وقع رأيُه. حكاه ابن السكيت عنه.
وقال اللِّحياني : هو اللُّوحُ والسُّكاك والسُّكاكة للهواء بين السماءِ والأرض.
والسكاسِك : مِن أحياء اليمن ، والنسبة إليهم سَكْسَكِيّ.
وسمعتُ أعرابيّاً يصف دَحْلاً دَحَله فقال : ذهب فَمُه سَكّاً في الأرض عَشر قِيم ثم سَرَّب يميناً ، أراد بقوله سَكّاً ، أي : مستقيماً لا عِوَج فيه.
وقال ابن شميل : سَلْقَى فلان بناءه ، أي : جعَلَه مستلقياً ولم يَجعله سَكّاً.
قال : والسُّكّ : المستقيم مِن البناء والحفْر كهيئة الحائط.
واستكَّتْ مسامِعه : إذا صَمَّ. ويقال : ما استَكَ في مَسامِعي مثله ، أي : ما دخل.
عمرو عن أبيه : سَكّ بسَلْحِه وزَكَّ : إذا رَمَى به يزُكُّ ويسُكّ.
ثعلب عن ابن الأعرابي : السُّك : لؤمُ الطبْع ، يقال : هو بِسُكِ طبعه يفعل ذاك.
قال : وسَكَ : إذا ضَيّق ، وسَكَ : إذا لَؤُمَ.
وقال أبو عمرو : السِّكة والسِّنة : المأْنُ الذي يحرث به الأرض.
وقال ابن شميل : ما سَكَ سَمْعي مثلُ هذا الكلام ، أي : ما دخل سمعِي.
باب الكاف والزاي
[كز]
كز ، زك.
كز : قال الليث : الكزازة : اليبس والانقباض ، رجلٌ كزٌّ : قليل الخير والمُواتاة بيِّن الكزَز.
وأنشد :
أنت للأَبعَدِ هَيْنٌ لَيِّنٌ |
وعلى الأقرب كزٌّ جافي |
وخشَبةٌ كَزَّةٌ : إذا كان فيها يُبس واعوجاج.
وذهَبٌ كَزٌّ : صُلْبٌ جداً. ويقال للشيء إذا جعلتَه ضيِّقاً كزَزتُه فهو مَكْزُوز.
وأنشد :
يا رُبَّ بيضاء تكُزّ الدُّمْلَجا |
تزوّجتْ شَيخاً طُوالاً عَنْشَجا |
قال : والكُزاز : داء يأخذ مِن شِدّة البَرْد ، والعَفْز تعتري من الرِّعدة. رجلٌ مكزُوز.
أبو زيد : كُزّ فهو مكْزوز ، وقد أكزَّه الله ، وهو تشنج يصيب الإنسانَ من برد شديد وخروج دَمٍ كثير.
عمرو عن أبيه : الكَزَز : البُخْل.
وقال ابن الأعرابي : الكزَّاز : الرِّعدة من البَرْد. والعامة تقول كُزَازَ.
ابن شميل : من القسِيّ الكَزَّة ، وهي الغليظة الأزَّة الضيِّقةُ الفَرْج. والوطيئة أكزُّ القِسِيّ.
زك : ثعلب عن ابن الأعرابي : زُكَ : إذا هَرِم ، وزُكَ : إذا ضَعُف من مَرَض.
عمرو عن أبيه : الزَّكيك : مَشْيُ الفِراخ.
والزَّوْك : مشي الغراب.
أبو نصر عن الأصمعي : الزَّكيك : أنْ يقارب الخَطو ويُسرع الرّفْع والوَضْع ، يقال : زَكَ يَزُك زكيكاً.
وقال أبو زيد زَكْزَك زَكْزكة ، وزَوْزَى زَوْزاةً ، ووَزْوَزَ وَزْوزةً ، وزاكَ يَزُوك زَوْكاً وزاك يَزِيك زيكاً ، كلُّه مَشْيٌ متقارب الخَطْو مع حركة الجسد.
وقال غيره : يقال : أخذَ فلانٌ زِكَّتَه ، أي : سلاحه ؛ وقد تَزكَّكَ تَزكُّكاً : إذا أخذ عُدَّته.
وفي «النوادر» : ورجل مُصِكٌ مُزِكٌ ومُغِدّ ، أي : غضبان. وفلانٌ مِزَكٌ وزاكٌ ومِشَكٌّ ، وهو في زِكيّة وشِكيَة ، أي : في سِلاحِه.
وزُكُ الفاختة : فرخُها.
باب الكاف والدال
[كد]
كد ، دك : [مستعملان].
كد : قال الليث : الكدّ : الشدة في العمل ، وطلب الكسب.
يقال : هو يَكُدُّ كَدّاً ، والكد : الإلحاح في الطلب والإشارة بالأصابع. وأنشد : وحُجْتُ ولم أكددكم بالأصابع أبو عبيد عن الأصمعيّ : الكُدادة ما بَقِي في أسفل القِدر.
قلت : إذا لَصِقَ الطبيخُ بأسفل البُرمة فكَدّ بالأصابعِ فهو الكُدادة.
وسمعتُ أعرابياً يقول لعَبْدٍ له : لأكُدّنّك كَدَّ الدَّبرِ ، أراد أنه يُلِحّ عليه فيما يكلّفه من العمل الواصب إلحاحاً يُتعِبُه ، كما أنَّ الدَّبِرَ إذا حُمِل عليه ورُكب أتعَبَ البعير.
عمرو عن أبيه : الكُدُد : المجاهِدون في سبيل الله.
قال : وكَدَّدَ الرجلُ : إذا ألقى الكَدِيد بعضَه على بعض. وهو الْجَريش من المِلح.
قال : ويقال : كَدْكَدَ الرجل ، وكتكتَ وكَركَر ، وطَخطخ ، وطَهْطَه ، كلُّ ذلك إذا
أفرط في ضحكه.
وقال الليث : الكَدكَدة : ضَرْب الصَيْقل المِدْوَسَ على السَّيف إذا جلاه.
والكَدكَدة : شدّة الضحك ، وأنشد :
ولا شديدٍ ضحْكُها كَدْكادِ |
حَدادٍ دونَ سِرِّها حَدادِ |
قال : والكديد : موضع بالحِجاز.
والكديد : التُّراب الدِّقاق المُركَّل بالقوائم.
وقال امرؤ القيس :
مِسحٍّ إذا ما السانحاتُ على الوَنَى |
أثَرْن الغُبارَ بالكديد المركَّلِ |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الكَديد : صوتُ المِلح الجَريش إذا صُبَّ بعضُه على بعض. والكديد : ترابُ الْحَلْبَةِ.
وقال شمر : الكَدِيد : ما غَلُظ من الأرض.
قال : وقال أبو عبيدة : الكديد من الأرض : البطنُ الواسع خُلِقَ خَلْقَ الأودية أو أوسع منها.
ابن شميل : كَدْكَدَ عليه ، أي : عَدَا عليه ، وكَدكَد في الضَّحِك. وأكَدَّ الرجلُ واكتَدّ : إذا أَمسَكَ.
وفي «النوادر» : كَدَّني وكَدَّدَني وكَدْكَدَني وتكَدَّدني وتكرَّدني ، أي : طردني طرداً شديداً.
دك : قال الله جل وعز : (فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) [الحاقة : ١٤].
قال الفراء : دكّتا : زُلزِلَتا.
قال : ولم يقل فدُكِكن لأنَّه جعَل الجبال كالواحدة ، ولو قال : فدُكَّت دكّةً واحدة لكان صواباً.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : قال : دُكّ : هُدِم ودَكَ : هَدَم.
قال : والدُّكَك : القِيزان المنهالة.
والدُّكَك : الهِضاب المفسّخة. والدُّكُك : النُوق المنفضخة الأسنمة.
وقال الليث : الدكّ : كَسر الحائط والجبل.
ويقال : دكّتْه الحُمَّى دَكّاً.
وأخبرني المنذريّ عن الصَّيداوي عن الرياشيّ عن الأصمعيّ ، قال : الدكّاوات من الأرض ، الواحدة دَكّاء ، وهي رَوابٍ مشرِفةٌ من طِين فيها شيء من غِلظ.
وقال الله جلّ وعزّ : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ) [الكهف : ٩٨](١).
أخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال : قال الأخفش في قوله : جعَله دكّاً بالتنوين ، كأنَّه قال : دَكّه دَكّاً ، مصدرٌ مؤكِّد.
قال : ويجوز جعلُه أرضاً ذات دَكّ ، كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢].
قال : ومن قرأها : (دَكَّاءَ) ممدوداً أراد
__________________
(١) في المطبوع : «حتى إذا جاء وعد ...» الآية. كذا.
جعله مثل دَكّاء ، وحذف مِثل.
قال أبو العباس : ولا حاجةَ به إلى مِثل ، وإنما المعنى جعل الجبل أرضاً دكّاء واحداً.
وقال الأخفش : ناقة دَكّاء : إذا ذهَب سَنامُها.
قال : وتُجمع الدَّكَّاء من الأرض دكَّاوات ودُكّاً ، مثل حَمْراوات وحُمر.
قال : وأفادني ابن اليزيديّ عن أبي زيد : جعله دَكّاً.
قال المفسّرون : ساخَ في الأرض فهو يذهب حتَّى الآن. ومن قرأ : (دَكَّاءَ) على التأنيث فلتأنيث الأرض ، جعلها أرضاً دَكَّاءَ.
عمرو عن أبيه : الدَّكِيك : الشهر التامّ.
وقال الليث : أقمتُ عنده حَوْلاً دَكِيكاً ، أي : تامّاً.
ابن السكّيت : عامٌ دَكِيك ، كقولك : عامٌ كَرِيتٌ ، أي : تامّ.
أبو عبيد عن الأصمعي : الدَّكداك من الرمل : ما التَبَدَ بعضُه على بعض ، والجميع الدّكادِك.
وكتب أبو موسى إلى عمر : إنّا وجدنا بالعِراق خَيْلاً عِراضاً دُكاً ، فما يَرَى أمير المؤمنين في إسْهامِها؟.
يقال : فَرَس أَدَكُ وخَيْلٌ دَكٌ : إذا كان عريضَ الظهر قَصيراً ، حكاه أبو عبيد عن الكسائيّ.
قال : ويقال للجَبَل الذَّليل : دُكّ ، وجمعُه دِكَكة.
ويقال : تَداكَ عليه القومُ : إذا ازدَحموا عليه.
وقال أبو زيد : دككْتُ الترابَ عليه أدكّه دكّاً : إذا هِلْتَه عليه في قَبره.
وقال الكسائيّ : أَمَةٌ مِدكّة ، وهي القويَّة على العَمَل. ورجلٌ مِدَكٌ : شديد الوَطءِ على الأرض.
وقال الليث : اختلفوا في الدّكّان فقال بعضهم : هو فُعْلان من الدَّكّ.
وقال بعضهم : هو فُعّالٌ من الدَّكْن.
أبو عمرو : دَكَ الرجلُ جاريتَه : إذا جَهَدَها بإلقائه ثِقْله عليها إذا خالَطَها.
وأنشد أبو بكر الإياديّ :
فقدتُكَ من بَعْلٍ عَلَام تَدُكُّني |
بصَدْرِك لا تُغْني فَتيلاً ولا تُعْلي |
باب الكاف والتاء
كت كت ، تك : مستعملان.
كت : قال أَبو عبيد : قال أَبو زيد : كتّت القِدْر تَكِتُ كَتيتاً : إذا غَلَتْ ؛ وكذلك الجَرّة وغيرها.
أَبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا بلغ الذَّكر من الإبل الهَديرَ فأوّله الكَشيش ، فإِذا ارتفع
قليلاً فهو الكتيت.
وقال الليث : يَكِتّ ثم يَكِشّ ثم يَهدِر والصواب ما قال الأصمعيّ.
سلمة عن الفراءِ : الكُتّة : شَرَطُ المال وقَزَمُه ، وهو رُذَاله.
تك : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تُكَ الشيءُ : إذا قُطِع. وتَكَ الإنسان : إذا حَمُق.
قال : والتُّكَّكُ والفُكَّكُ : الحَمْقَى والقُيَّق.
أبو عبيدٍ عن الكسائيّ : هو أحمقُ فاكٌ تاكٌ وتائكٌ. والتِّكّة : تِكّة السَّراويل.
[بقية باب كت :]
أَبو عبيد عن الأصمعي : أَتَانَا في جيش ما يُكتُ ، أَي : ما يعلم ما عددُهم ولا يحصى.
وقال أبو الحسن اللِّحياني : سمعت أعرابياً فصيحاً قال له رجل : ما تَصنَع بي؟ قال : ما كَتَّك وعظَاك وأورَمك وأرغَمَك ، قال : ومعناها واحد.
أبو عبيد عن الأحمر : كتكتَ فلانٌ بالضحك كَتْكَتة ، وهو مثل الخَنين.
وقال أبو سعيد : الكَتيت : الرجل البخيل السيء الخُلُق المغتاظ.
وهكذا قال الأصمعي ، وأنشد لبعض شعراء هذيل :
تَعَلَّمْ أنّ شرَّ فَتَى أناسٍ |
وأوضَعَه خُزاعيٌ كتيتُ |
|
إذا شَربَ المُرِضّةَ قال أَوْكِي |
على ما في سقائك قد رَويتُ |
عمرو عن أبيه : هي الكَيتيّة واللَّوِية ، والمعصودة ، والضَّويطَة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : جيشٌ لا يُكت ، أي : لا يُحصَى ولا يُسْهَى ، أي : ولا يُحزَر ، ولا يُنكَف ، أي : لا يُقطَع.
يقال : كُتَّني الحديث وأكتَّنِيهِ وفُرَّني وأفِرَّنيهِ ، أي : أَخبرنيه كما سمعته. ومثلُه قُرَّني وأقِرَّنيه وقُذَّنيه.
وتقول ؛ اقترَّه منِّي يا فلان واقتذّه واكتَتَّه ، أي : اسمعْه منِّي كما سمعتُه.
[باب الكاف والظاء
كظ]
استعمل من وجوهه : كظ.
كظ : قال الليث : يقال : كَظّه يَكُظّه كِظّةً ، معناه : غمّه من كثرة الأكل.
وقال الحسن : أخذَتْه الكِظّة فقال لجاريته : هاتي هاضُوماً.
قال الليث : الكَظكَظَة : امتلاءُ السِّقاءِ : إذا ملأتَه ، والكِظاظ في الحرب : الضيِّق عند المعركة.
وقال غيره : الكظيظ : الزحام. يقال : رأيت على بابه كظيظاً.
وفي حديث جاء في ذكر باب الجنَّة :
«يأتي عليه زمانٌ وهو كظيظ».
قال أبو نصر : كظظت السقاء : إذا ملأته.
وسِقاءٌ مكظوظ وكظيظ.
ويقال : كظظت خَصْمي أَكُظّه كَظّاً : إِذا أَخذتَ بكظَمِه وأَفحمتَه حتَّى لا يجد مَخرجاً يخرج إليه.
وفي حديث الحسَن أنه ذكر الموتَ فقال : غَنْظٌ ليس كالغنط وكظُّ ليس كالكظ ، أي : همٌّ يملأ الجوف ليس كالكظ ولكنه أشدّ.
وكظّه الشرابُ ، أي : ملأه ؛ وكظ الغيظُ صدره ، أي : ملأه ، فهو كظيظ.
ابن الأنباريّ : كظّني الأمرُ ، أي : ملأني همُّه. واكتظَّ الموضع بالماء ، أي : امتلأ.
وقال رؤبة :
إنا أَناسٌ نلزم الحِفَاظَا |
إذْ سئمت ربيعةُ الكِظَاظَا |
أي : ملَّت المكاظة ، وهي هاهنا القتال وما يملأ القلبَ من همِّ الحرب.
واكتظَّ الوادي بثجيج السماء ، أي : امتلأ بالماء. ومَثَلٌ للعرب : ليس أخُو الكِظاظ من يسأمه ، يقول : كاظّهم ما كاظوك ، أي : لا تسأمهم أو يسأموا. ومنه كِظاظ الحرب ، قال :
إذْ سئمتْ ربيعةُ الكِظاظا
والكِظّة : غمٌّ وغِلْظة يجدها في بطنه وامتلاءٌ.
[باب الكاف والذال]
كذ كذ : مستعمل.
كذ : قال الليث : الكَذَّان : حجارةٌ كأنها المَدَر فيها رَخاوة ، وربما كانت نخرة ، والواحدة كَذَّانة. قال : وهي فَعَّالة.
أبو عبيد عن أبي عمرو : الكَذَّان : الحجارة التي ليست بصُلْبة.
وقال غيره : أكذّ القوم إكْذاذاً : إذا صارُوا في كَذَّانٍ من الأرض.
[باب الكاف والثاء]
كث استعمل منه : كث.
كث : في صفة النبي صلىاللهعليهوسلم : أَنَّه كان كثَ اللحية.
قال شمر : أَراد كَثرة أُصولها وشعورها ، وأَنها ليست برقيقة.
وقال الليث : الكَثّ والأكَثّ نعتُ كثيثِ الحية ، ومصدرُه الكُوثَة.
وقال أبو خيرة : رجل أكَثّ ولحيةٌ كَثّاء بيِّنةُ الكَثَث ، والفِعل كَثَ يَكِثّ كُثُوثة.
وقال : والكَثكَث والكِثكِث : دُقاق التراب. ويقال : بفيه الكُثكَث.
وقال أبو خيرة : من أسماء التراب الكَثكَث وهو التُّراب نفسُه ، والواحدة بالهاء ، ويقال : الكَثاكِث.
وقال الكسائي : الحِصْحِص والكَثكَث : كلاهما الحجارة.
وقال رؤبة :
ملأتُ أفواهُ الكِلابِ اللُّهَّثِ |
مِن جَندلِ القُفِّ وتُرْب الكَثكَثِ |
وروى عن ابن شميل أنه قال : الزِّرِّيع والكاث واحد ، وهو ما ينبت ممَّا يتناثر من الحصيد ، فينبت عاماً قابلاً.
قال الأزهريّ : لا أعرف كرك الكاثّ.
[باب الكاف والراء]
كر كر ، رك ، كرك : مُستعملان.
كر : قال الليث : الكَرّ : الحَبل الغليظ.
شمر عن أبي عبيدة : الكَرُّ من اللِّيف ، ومن قِشر العَراجين ، ومن العَسيب.
أبو عبيد عن أبي زيد : الكَرّ : الذي يُصعَد به على النَّخل ، وجمعُه كُرور ، ولا يسمَّى به غيره من الحِبال.
قلت : وهكذا سماعِي من العرب في الكرّ ، ويُسَوَّى مِن حُرِّ اللِّيف الجيّد ؛ وقال الراجز :
كالكَرّ لا شَخْتٌ ولا فيه نَوَى
وَجعل العَجّاج الكَرَّ جَبْلاً يُقاد به السُّفُن على الماء فقال :
جذبُ الصَّرارِيَّيْن بالكُرُورِ
والصَّراري : المَلّاح.
الحراني عن ابن السكّيت : الكَرُّ : مصدَرُ كرّ يَكِرّ كَرّاً. والكَرُّ : الحَبل الذي يُصعَد به النخلُ. والكَرّ : حَبلُ شِراعِ السَّفينة.
قال : والكَرّ : الحِسْيُ ، وجمعُه كِرَار.
ويقال للحِسْي كُرٌّ أيضاً ؛ وقال كثيّر :
به قُلُبٌ عاديّةٌ وكِرار
وقال الليث : الكَرُّ : الرجوعُ على الشيء ، ومنه التَّكرار.
وقال ابن بُزرج : التَّكِرَّة بمعنى التكرار ، وكذلك التَّسِرَّة والتَّضِرّة والتَّدرّة.
الأصمعيّ : الكُرّة : البعر. وقال النابغة يصف الدُّروع :
عُلِين بِكدْيَوْنٍ وأبِطنَ كُرّة |
فهنّ وِضاءٌ صافيات الفَلائلِ |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : كَرّ يَكِرّ مِن كَرِير المختنِق. وكرّ على العَدُوّ يكُر.
أبو عبيد : الكَرِير : مِثل صوت المختنِق المجهود. قال الأعشى :
فأهلي الفِداءُ غداةَ النِّزال |
إذا كان دَعوَى الرِجالِ الكَريرا |
وقال أبو الهيثم : كَرَّ يكرُّ كَرِيراً : إذا حَشْرج عند الموت ؛ فإذا عَدَّيْتَه قلت : كَرَّه يكرُّه : إذا رَدّه.
أبو عبيد عن أبي عمرو قال : الكركرْة : صوتٌ يُردِّده الإنسان في جوفه.
وقال الليث : الكَرُّ : مِكيالٌ لأهل العراق.
قلت : الكَرّ : ستّون قفيزاً ، والقفيز : ثمانية
مَكاكيك ، والمَكُّوك : صاع ونصف ، وهو ثلاثُ كِيلَجات.
قلت : والكُرُّ على هذا الحِسابِ اثنا عشر وَسْقاً ، كلُّ وَسْق ستُّون صاعاً.
ابن الأعرابي : كَرْكَرَ في الضَّحِك كَرْكَرةً : إذا أَغْرَب. وكَرْكَر الرَّحَى كَرْكَرةً : إذا أدارها.
أبو عبيد عن الفراء : عكَكْته أعُكُّه ، وكرَرْتُه مِثله.
وقال شمر : الكَرْكَرة مِن الإدارة والترديد.
قال : وهو مِن كَرَّ ، وكَرْكَرَ. قال : وكَرَكَرة الرَّحى : تَردادُها.
قال : وأَلَحَّ أعرابي عليَّ بالسّؤال فقال : لا تُكَرْكِروني.
أراد : لا تردُّوا عليَّ السُّؤالَ فأغلَط.
وكركر الضاحك ، شبِّه بكركرةِ البعير ، إذا ردَّد صوته.
وروي عن عبد العزيز عن أبيه عن سهل بن سعد أنه قال : كنّا نفرح بيوم الجمعة ، وكانت عجوزٌ لنا تبعث إلى بُضاعَة فتأخذ من أصول السِّلق فتطرحه في قدر ، وتكركر حبّاتٍ من شعير ، فَكنَّا إذا صلَّينا انصرفْنا إليها فتقدِّمه إلينا ونفرح بيوم الجمعة من أجلها.
قال القَعنبيُّ : تكركر ، أي : تطحن ، وسميت كركرة لترديد الرَّحَى على الطَّحن.
قال أبو ذؤيب :
إذا كركرته رياحُ الجنوبِ |
ألقحَ منها عجافاً حيالا |
قال الليث : الكِرْكرة : رحى زَوْر البعير ، وجمعُها كَرَاكِر. قال : والكَراكِر : كرادِيس الخيْل. وأنشد :
نحنُ بأرض الشرقِ فينَا كَراكِرٌ |
وخيلٌ جِيادٌ ما تَجِفّ لُبودُها |
قال : والكَركَرة : تصريف الرِّيح السَّحابَ : إذا جمعْته بعد تفرُّق. وأنشد :
تكركِرُه الجَنائب في السِّدادِ
ويقال : كَرَّرتُ عليه الحديثَ وكركرْتُه : إذا ردَدته عليه ، وكَرْكَرتُه عن كذا كَرْكَرَةً : إذا ردَدْتَه.
وفَرَسٌ مِكَرٌّ مِفَرٌّ : إذا كان مؤَدَّباً طيِّعاً : إذا انعطف انعطف مسرِعاً ، وإذا أراد راكبُه الفِرارَ عليه فرَّ به.
وقال الليث : الكرير : بُحَّةٌ من الغُبار.
والكِراران : ما تحت المِبركة من الرَّحْل.
وأنشد :
وَقَفْتُ فيها ذاتَ وجهٍ ساهمٍ |
سَجْحاءَ ذاتَ مَحزِمِ جُراضِم |
|
تُنْبِي الكِرارَيْن بصُلْبٍ زاهمِ
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : كَركَر : إذا انهَزَم ، ورَكْرَك : إذا جَبُن.
أبو عبيد عن أبي زيد : يقال للأَدَم التي تُضَمّ بها الظَّلِفَتَان مِن الرَّحْل وتَدخل فيها أكرار ، واحدها كَرَّ. قال : والبِدادانِ في
القَتَب بمنزلة الكَرّ في الرَحْل ، غير أنَّ البِدادَيْن لا يَظهران مِن قُدّامِ الظَّلِفة.
قال أبو منصور : والصواب في أكرار الرَّحل هذا لا ما قاله في الكرارين ما تحت الرحل.
رك : أبو عبيد عن الأصمعي : الرِّكُ : مطرٌ ضعيف ، وجمعُه رِكاك ، ويُجمع رَكائك.
وأنشد :
تَوضَّحْن في قَرْن الغَزالة بعدَ ما |
تَرَشَّفْن دِرَّات الذِّهابِ الرَّكائك |
وقال ابن الأعرابيّ : قيل لأعرابيّ : ما مَطَر أرضِك! فقال : مُركِّكَةٌ فيها ضُروسٌ وثَرْدٌ.
يذرُّ بقْلهُ ولا يقرِّح.
قال : والثَّرْدُ : المطر الضعيف.
وقال الليث : الرَّكَاكة مصدَر الرِّكيك ، وهو القليل. قال : والرَّكّ : إلزامُك الشيءَ إنساناً. تقول : رَكَكْتُ الحقَّ في عُنُقِه ، ورُكَّت الأغلالُ في أعناقهم. ورجلٌ ركِيك العَقْل : قليلُه.
اللِّحيانيّ : أركَّت الأرضُ فهي مُرِكَّة ، وأُرِكَّتْ فهي مُرَكَّة : إذا أَصابَها الرِّكاك من الأمطار. ويقال : رَكَ الرجل المرأةَ رَكّاً ، ودَكَّها دَكّاً : إذا جَهَدها في الجماع.
قالت خِرْنِقُ بنت غبغبة تهجو عبد عمرو بن بشر :
أَلَا ثكلتكَ أُمُّكَ عبدَ عمرو |
أبا الخزيات آخيتَ الملوكا |
|
هُم ركُّوك للوركين رَكّاً |
ولو سألوكَ أعطيتَ البروكا |
أبو زيد : رجل رَكيك ورُكاكة : إذا كُنَّ النساءُ يستضعِفنه فلا يَهْبنَه ولا يَغار عليهنَّ. وفي الحديث أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم «لَعَن الرَّكاك» ، وهو الذي لا يَغار من الرجال ، وأصلُه من الرَّكاكة ، وهو الضَّعف.
واسترككْته : إذا استضعفته. وقال القطاميُّ يصف أحوال الناس :
تراهمْ يَغمِزُون مَن استَرَكُّوا |
ويَجتنبون مَن صَدَق المِصاعا |
شمِر عن ابن شُمَيْل : الرِكُ : المكان المضعوف الذي لم يُمطَر إلّا قليلاً ؛ يقال : أرضٌ رِكٌ لم يصبْهُ مطرٌ إلّا ضعيف. ومطرٌ رِكٌ : قليل ضعيف. وأرضٌ مركَّكة ورَكيكة أصابَها رِكٌ وما بها مَرْتَعٌ إلَّا قليل.
قال شمر : وكلُّ شيءٍ قليل رقيق مِن ماء ونَبت وعَلَم فهو رَكِيك.
كرك : أبو عبيد عن أبي عمرو : الكَرِك : الأحمر. وأنشدني الإياديّ لأبي دُؤاد :
كَرِكٌ كلَوْن التِّين أحوَى يانعٌ |
متراكِبُ الأكمام غير صَوادي |
[باب الكاف واللام]
كل كل ، لك : مستعملان.
كل : أبو العباس عن ابن الأعرابي : الكَلُ : الصَّنَم.
والكَلُ : الثقيل الروح من الناس.
والكَلُ : اليتيم.
والكَلُ : الوكيل.
وكَلَ الرجُل : إذا أُتعِبَ. وكَلَ : إذا تَوكَّلَ.
وقال الليث : الكَلّ : الرجل الذي لا وَلد له ولا والد ، وقد كلَ يَكلُ كلالةً.
والكَلُ : اليتيم.
وأنشد :
أكولٌ لمالِ الكَلِ قبلَ شَبابه |
إذا كان عَظمُ الكَلِ غيرَ شديدِ |
قال : والكَلّ : الذي هو عِيالٌ وثِقْل على صاحبه.
قال الله جل وعز : (وَهُوَ كَلٌ عَلى مَوْلاهُ) [النمل : ٧٦] ، أي : عِيال.
قلت : والذي أراد ابنُ الأعرابيّ بقوله : الكَلُ : الصَّنم.
قول الله جلّ وعزّ : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً) [النحل : ٧٥] ، ضَرَبه مَثلاً للصَّنم الذي عَبَدُوه ، وهو لا يقدر على شيء ، فهو كلٌ على مولاه ، لأنه يَحمله إذا ظعَن ويحوِّله من مكانٍ إلى مكانٍ إذا تحوَّلَ فقال الله : هل يَستوي هذا الصنم؟ استفهامٌ معناه التوبيخ ؛ كأَنه قال : لا تُسَوُّوا بين الصَّنم الكَلِ وبين الخالق جل جلاله.
وجاء في الحديث : «نُهي عن تقصيص القبور وتكليلها» ، رواه الدَّبَريّ عن عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد.
قال الدَّبَريّ : حكى عن البجليّ أنه قال : التكليل : رفعها ببناءٍ مثل الكِلَل ، وهي الصوامع والقِباب التي تبنَى على القبور.
وقال الله جل وعزّ : (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ) [النساء : ١٢] ، الآية.
وقد اختلف أهل العربية في تفسير الكلالَة فأخبرني المنذرُ عن الحُسَين بن فَهم عن سَلَمة عن أبي عبيدة أنه قال : الكلالة كلُ مَن لم يَرِثْه ولدٌ أو أبٌ أو أَخٌ ونحو ذلك قال الأخفش.
وأخبرني المنذريّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء أنه قال : الكلالةَ : ما خلا الوالد والولد.
قال : وسمعتُ أبا العباس يقول : الكلالة من القَرابة : ما خلا الوالد والولَد ، سُمُّوا كلالةً لاستدارتهم بنَسَب الميِّت الأقرَب فالأقرب مِن تكلّله النّسَبُ : إذا استدارَ به.
قال : وسمعتُه مرةً يقول : الكلالة مَن سَقَط عنه طرفاه ، وهما أبوه وولدُه ، فصار كَلًّا وكلالةً ، أي : عِيالاً على الأصل.
يقول : سقَطَ من الطَّرَفين فصار عِيالاً عليهم.
قال : كتبتُه حِفظاً عنه.
قلتُ : وحديثُ جابر يفسِّر لك الكلالةَ وأنه الوارث ، لأنه يقول : مَرِضتُ مرضاً أشفيت منه على الموت ، فأتيتُ النبي صلىاللهعليهوسلم فقلتُ : إني رجلٌ ليس يَرثُني إلّا كلالَة ، أراد أنه لا والد له ولا وَلَد.
وذكَر الله جل وعزّ : الكلالةَ في سورة النساء في موضعين : أحدهما : قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) [النساء : ١٢].
فقوله : (يُورَثُ) مِن وُرِث يُورَثُ لا من أُورثَ يُورَثُ.
ونَصَب (كَلالَةً) على الحال ، المعنى : وإن مات رجلٌ في حال تَكلُّلِه نسَب ورثَته ، أي : لا والد له ولا وَلد ، (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) من أمٍّ ، (فَلِكُلِ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) ، فجعل الميِّت هاهنا كلالةً ، وهو المورِّث ، وهو في حديث جابرٍ الوارث.
فكلُ من مات ولا والدَ له ولا ولد ، فهو كلالةُ وَرَثَتِه.
وكلُ وارثٍ وليس بوالد لميّتٍ ولا ولدٍ له فهو كلالةُ مَوْرُوثِه.
وهذا مستوٍ من جهة العربيّة ، موافقٌ للتنزيل والسنة ، ويجب على أهل العلم معرفتُه لئلا يلتبس عليهم ما يحتاجون إليه منه.
والموضع الثاني : مِن كتاب الله جلَّ وعزَّ في الكَلالة قوله : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) [النساء : ١٧٦] ، الآية ، فجَعَل الكلالة هنا الأخت للأب والأُمّ ، والإخوة للأب والأمّ ؛ فجعل للأخت الواحدةِ نصفَ ما تَرَك الميْت ، وللأختين الثلثين ، وللإِخوة والأخوات جميعَ المال بينهم (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، وجَعَل للأخ والأخت من الأمّ في الآية الأولى الثُّلُث ، (لِكُلِ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) ، فبيَّنَ سياقُ الآيتين أنّ الكَلالة تشتمل على الأخوة للأُمّ مرَّة ومرَّة على الأخوة والأخوات للأب والأمِّ. ودَلَّ قولُ الشاعر أنَّ الأبَ ، ليس من الكَلالة ، وأنَّ سائر الأولياء مِن العَصَبةِ بَعد الوَلَد كَلالة ، هو قولُه :
فإنّ أبا المرء أحْمَى له |
ومَوْلَى الكَلالَة لا يَغضَبُ |
أراد أنّ أبا المرء أغضَبُ له إذا ظُلم ، ومَوالي الكلالة ، وهم الإخوة والأعمام وبنو الأعمام وسائر القرابات ، لا يغضبون للمرء غَضَب الأب.
أبو عبيد عن أبي الجرّاح قال : إذا لم يكنْ ابن العَمِّ لَحّاً ، وكان رجلاً مِن العشيرة قالوا : هو ابنُ عَمِّي الكلالةُ ، وابن عَمٍّ كلَالةً وابنَ عمِّي كلالةً.
قلت : وهذا يَدلُّ على أن العَصَبة وإن
بَعُدوا يُسَمَّوْن كلالة ، فافهمْه. وقد فسّرتُ لك مِن آيتَي الكلالة وإعرابهما ما تشتفي به ويزيل اللبس عنك فتدبره تجده كذلك إِن شاء الله.
قال الليث : الكليل : السيف الذي لا حدّ له ، ولسان كليل : ذو كلة وكلالة ، الكال : المعيي ، وقد كل يَكِلّ كلالاً وكلالةً.
وقال أبو عبيد : الكلة من السُّتُور : ما خِيط فصارَ كالبيت. وأنشد للبيد :
من كلِ محفوفٍ يُظِلّ عصيّه |
زوجٌ عليه كِلّةٌ وقِرامُها |
ثعلب عن ابن الأعرابي : الكلّة أيضاً : حالُ الإنسان ، وهي البِكْلة ؛ يقال : باتَ فلان بِكلَّة سَوْء أي بحال سَوْءِ. والكِلّة : مَصدَرُ قولك : سيفٌ كَلِيلُ بيِّن الكِلّة.
ويقال : ثقُل سَمعه وكلَ بَصرُه وذَرا سِنُّه.
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنّه قال : يقال : إنَّ الأسد يُهَلِّل أو يُكَلل ، وإنَّ النَّمِر يُكَلِّل ولا يُهَلِّل. قال : والمكلِّل : الذي يَحمِل فلا يرجع حتّى يَقع بِقرنه.
والمهلِّل : الذي يَحْمِلُ على قِرْنه ثم يُحجِم فيرجع.
قال الجعديُّ :
بَكَرَتْ تلومُ وأمس ما كلّلتها |
ولقد ضللت كذاك أيَّ ضلالِ |
«ما» صلةٌ. كلّلتها ، أي : عصَيتها.
يقال : كلّل فلانٌ فلاناً ، أي : لم يطعْه.
وأصبحَ فلانٌ مُكِلًّا : إذا صار ذوو قرابته كلًّا عليه ، أي : عيالاً. وكللتُه بالحجارة ، أي : علوته بها ، قال :
وفرجُه بحصَى المَعْزاء مكلولُ
والكِلّة : الصُّوقعة ، وهي صُوفةٌ حمراء في رأس الهودج.
وقال الأصمعي : انكلّتْ المرأة فهي تَنكَلُ انكَلالاً : إذا تبسَّمَتْ. وانْكَلَ السحابُ بالبَرق : إذا تَبسَّم بالبرق.
أبو عبيد عن أبي عمرو : الغمام المكَلَّلُ : السحابة تكون حَولَها قِطَعٌ مِن السَّحاب ، فهي مكلَّلة بهنَّ. وأنشد غيره لامرئ القيس :
أَصاحِ تَرَى بَرْقاً أريكَ ومَيضَه |
كلَمْعِ اليَدَيْن في حَبِّي مكلل |
قلت : ويقال : تأكلَ السَّيف تأكلاً وتأكل ، البرق تأكُّلاً : إذا تلألأ. وليس من هذا الباب.
وقال الليث : الإكليل : شِبه عِصابة مزيَّنة بالجواهر.
قال : والإكليل : منزلٌ من منازل القمر.
قلت : الإكليل : رأسُ بُرج العقرب.
ورَقيبُ الثريّا من الأنواءِ هو الإكليل ، لأنه يطلُع بغُيوبها.
وقال الليث : كلَّل الرجلُ : إذا ذهبَ وتركَ عيالَه بمَضْيَعَة.
قال : وأما كُلٌ فإِنّه اسمٌ يجمع الأجزاء.
ويقال في قولهم : كِلَا الرَّجُلين ، إن اشتقاقَه من كَلَ القوم ، ولكِنَّهم فرقوا بين التثنية والجميع بالتخفيف والتثقيل.
قلت : وقال غيره من النحويِّين : كلا وكلتا ليستا من باب كَلَ. وأنا مفسِّر كلا وكلتا في الثلاثيِّ المعتلِّ من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وقال أبو الهيثم فيما أفادني عنه المنذريُّ : يقع كَلٌ على اسم منكور موحَّد ، فيؤدِّي معنى الجماعة ، كقولهم : ما كل بيضاء شَحمةً ولا كل سوداء تمرةً ، وتمرةٌ جائزة أيضاً إذا كرَّرت ما في الإضمار.
وسئل أحمد بن يحيى عن قول الله عزوجل : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠)) [الحجر : ٣٠] ، وعن توكيده بكلّهم ثم بأجمعين فقال : لما كانت كلهم تحتمل شيئين : مرةً اسماً ومرة توكيداً ، جاء بالتوكيد الذي لا يكون إلا توكيداً حَسْبُ.
وسئل المبرد عنها فقال : لو جاءت فسجد الملائكةُ احتمل أن يكون سجد بعضُهم ، فجاء بقوله : (كُلُّهُمْ) لإحاطة الأجزاء.
فقيل له : فـ (أَجْمَعُونَ)؟.
فقال : لو جاءت (كُلُّهُمْ) لاحتمل أن يكونوا سجدوا كلُّهم في أوقات مختلفاتٍ ، فجاءت (أَجْمَعُونَ) لتدلَّ أن السجود كان منهم كلِّهم في وقت واحد ، فدخلت (كُلُّهُمْ) للإِحاطة ودخلت (أَجْمَعُونَ) لسُرعة الطاعة.
وقال أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا كان الرجلُ فيه قِصَرٌ وغِلَظ مع شدة قيل : رجلٌ كُلكُلٌ وكُلاكِل وكَوَأْلَلٌ.
وأما الكَلْكَل فهو الصدر.
وقال الليث : الكلاكل : هي الجماعات كالكَراكر.
وأنشد قول العجاج :
حتى يحُلُّون الرُّبا الكلاكلا
وروي عن الأصمعيّ أنه قال : الكِلَّة : الصَّوقَعة ، وهي صُوفة حمراء في رأس الهودج.
سلمة عن الفراء : الكُلَّة : التأخير.
والكَلَّة : الشَّفرة. والكِلّة : الحالُ حالُ الرجل.
ويقال : ذئب كليل : لا يَعدو على أحد.
وباتَ بِكلّة سَوءٍ ، أي : بحال سَوء.
لك : قال الليث : اللَّكُ : صِبغٌ أحمرُ يُصبَغ به جلودُ المِعْزَى للخِفاف ، وهو مُعَرَّب.
قال : واللُّكّ : ما يُنحت من الجلد الملكوك فتُشدُّ به السَّكاكين في نُصُبها ، وهو مُعَرَّبٌ أيضاً.
أبو عبيد : اللَّكالِك من الجمال : العظيم ، حكاه عن الفراء.
وأنشد غيره :
أرسلتُ فيها مُقرَماً لُكالِكا |
من الذَّريحيَّات جعداً آركا |
أبو عبيد عن الأصمعي : اللَّكيك : الصلب من اللحم ، والدَّخيس مثلُه.
وقال الليث : اللَّكيك : المكتنز. يقال : فرسٌ لكيك الخَلْق واللحم ، وعسكرٌ لكيك. وقد التكَّتْ جماعتهم لِكاكاً ، أي : ازدحمت ازدحاماً.
وقال غيره : ناقةٌ لُكِّيَّة : شديدة اللحم وقد لُكَ لحمُها لَكاً فهو ملكوك.
وأنشد :
إلى عُجَايات له ملكوكة |
في دُخُس دُرم الكُعوبِ آثْنان |
والْتَكّ الوِردُ التكاكاً ، إذا ازدحَمَ. واللَّكُ : الضغط ، يقال لكه لَكّاً.
[باب الكاف والنون]
كن كن ، نك : مستعملان.
نك : أهمل الليث نك.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : نَكنَكَ غريمه : إذا شدَّد عليه.
كن : قال الليث : الكِنُ : كلُّ شيء وقَى شيئاً فهو كِنُّه وكِنانُه. والفعل من ذلك كننت الشيءَ ، أي : جعلتُه في كِنٍ ، أكنُّه كَنّاً.
وقال الفراء في قوله جل وعز : (أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) [البقرة : ٢٣٥] ، للعرب في أكننتُ الشيءَ : إذا سترته لغتان : كننتُه وأكننتُه وأنشدُوني :
ثلاثٌ من ثلاثِ قدامَياتٍ |
من اللائي تكُنُ من الصَّقيع |
وبعضُهم يرويه : تُكِنُ من أكننت.
وأما قوله جل وعز : (لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) [الطور : ٢٤] ، و (بَيْضٌ مَكْنُونٌ) [الصافات : ٤٩] ، فكأنه مَذهبٌ للشيء يُصان ، وإحداهما قريبة من الأخرى.
ثعلب عن ابن الأعرابي : كَننتُ الشيءَ أكُنُّه وأكننتُه : أُكِنه.
وقال غيره : أكننتُ الشيءَ : إذا سترتَه ، وكننتُه : إذا صُنْته.
أبو عبيد عن أبي زيد : كننتُ الشيء وأكننتُه في الكِنّ ، وفي النَّفس مثلُها.
قال أبو عبيد : وقال أبو عمرو : الكُنَّة والسُّدَّة كالصُّفَّة تكون بين يدي البيت : والظُّلَّة تكون بباب الدار.
وقال الأصمعيّ : الكُنَّة : هي الشيء يخرجه الرجل من حائطه كالجناح ونحوه.
الليث : الكِنانة كالجَعبة غير أنها صغيرة ، تُتَّخذ للنَّبْل.
أبو عبيد عن أبي عمرو : الكنانة : جَعبة السِّهام.
وقال الليث : استكنَ الرجلُ واكتَنَ : إِذا صار في كِنّ. واكتنَّت المرأةُ : إذا سترت وجهَها حياءً من الناس.
قال : والكَنّة : امرأة الابن أو الأخ ، والجميع الكنائن.
قال : وكلُّ فَعلة أو فعِلة أو فُعلة من باب التضعيف فإنها تجمع على فعائل ، لأن الفعلة إذا كانت نعتاً صارت بين الفاعلة والفعيل ، والتصريف يضم فعلاً إلى فعيل ، كقولك : جَلْد وجليد ، وصُلب وصَليب ، فردوا المؤنث من هذا النعت إلى ذلك الأصل.
وأنشد :
يَقلن كنّاً مَرّةً شبائبا
قَصَر شابَّة فجعلها شَبّة ، ثم جمعها على الشبائب.
قال : والكانون : المصطَلى.
والكانونان : شهران في قُبْل الشِّتاء هكذا يسمِّيها أهل الرُّوم.
قلت : وهذان الشهران عند العرب هما الهَرَّاران والهَبَّاران ، وهما شهرَا قُماحٍ وقِماح.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الكانون : الثَّقيل من الناس.
وأنشد للحطيئة :
أغربالاً إذا استُودِعتِ سِرّاً |
وكانوناً على المتحدّثينا |
وروي عن أبيه أنه قال : الكوانين : الثُّقلاء من الرجال.
قال : ويقال : هي حَنّته ، وكَنَّته ، وإزارُه ، وفراشُه ، ونَهضتُه ، ولِحافُه ، كلُّه واحد.
ثعلب عن ابن الأعرابي : كنكَنَ : إذا هَرَبَ.
قال : وتَكنَّى : لزِم الكِنَ.
وقال رجلٌ من المسلمين : رأيت علجاً يومَ القادسية قد تكنَّى وتحجَّى فقتلتُه.
قال : تحجَّى ، أي : زَمْزمَ.
والأكنان : الغِيرانُ ونحوُها يُسكن فيها ، واحده كِنٌ ، وتجمع أكِنَّة ، وقيل : كِنان وأكنّة.
[باب الكاف والفاء]
كف كف ، فك : [مستعملان].
كف : قال الليث : الكفُ : كفُ اليد. وثلاثُ أكفٍ والجميع كفوف. والعرب تقول : هذه كفٌ واحدة.
قال : وكُفّة اللِّثة : ما انحدر منها على أصول الثَّغر. وكُفّة السَّحاب وكِفافُه : نواحيه ، قال : وكِفّة الميزان ، وكِفّة الحبالة يُجعل كالطَّوق ، مكسوران.
وقال الأصمعيّ : يقال : نفقَتُه الكَفَاف ، أي : ليس فيها فضل.
قال : والكِفّة : حبالة الصائد ، وكذلك كِفّة الميزان بالكسر. وأما كُفّة الرمل والقميص فَطُرَّتُهما وما حولهما.
وقال أبو إسحاق في قول الله جل وعز : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ)
كَافَّةً [البقرة : ٢٠٨] ، قال : كافّة بمعنى الجميع والإحاطة ، فيجوز أن يكون معناه : ادخلوا في السلم كلِّه ، أي : في جميع شرائعه.
قال : ومعنى كَافَّةً في اشتقاق اللغة يكفُ الشيءَ في آخره. ومن ذلك كُفّة القميص : وهي حاشيته ، وكلُّ مستطيلٍ فحرفه كُفَّة ، وكل مستديرٍ كِفّة ، نحو كِفّة الميزان.
قال : وسمّيت كُفّة الثوب لأنها تمنعه أن تنتشر ، وأصل الكفّ المَنْع ، ولهذا قيل لطرف اليد كفٌ لأنها يُكَفّ بها عن سائر البدن ، وهي الراحةُ مع الأصابع. ومن هذا قيل : رجل مكفوفٌ ، أي : قد كُفَ بصره من أن ينظر. فمعنى الآية : ابلغوا في الإسلام إلى حيث تنتهي شرائعه فتكَفُّوا من أن تَعْدوا شرائعه وادخلوا كلكم حتّى يُكَفَ عن عددٍ واحد لم يدخل فيه.
وقال في قوله تعالى : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) [التوبة : ٣٦] : كافّة منصوب على الحال ، وهو مصدرٌ على فاعلة ، كالعافية والعاقبة ، وهو في موضع قاتِلوا المشركينَ محيطين بهم. ولا يجوز أن يثنى ولا يجمع ، لا يقال قاتلوهم كافّاتٍ ولا كافّين ، كما أنك إذا قلت قاتِلْهم عامّة لم تثن ولم تَجمع. وكذلك خاصة ، وهذا مذهب النّحويين. وأكافيف الجبَل : حُيوده.
قال :
مسحنفِراً من جبال الرُّوم تستره |
منها أكافيفُ فيما دونَها زَوَرُ |
يصف الفُراتَ وجرْيَه في بلاد الرُّوم المطلَّة عليها حتى يشقَّ بلاد العراق.
وقال الأصمعي : يقال للبعير إذا كبِر وقصُرت أسنانه حتى تكاد تذهب : بَعيرٌ كافٌ. وكذلك الأنثى بغير هاء ، وقد كُفَّتْ أسنانها ، فإذا ارتفع عن ذلك فهو ماجّ.
ورجلٌ مكفوف ، أي : أعمى. وقد كُفَ.
وقال ابن الأعرابي : كُفّ بصره وكَفَ.
وقال أبو سعيد : يقال فلانٌ لحمه كَفَافٌ لأديمه : إذا امتلأ جلدُه من لحمه.
وقال النمر بن تولب :
فضولٌ أراها في أديمي بعد ما |
يكون كَفَافُ اللَّحمِ أو هو أجملُ |
أراد بالفضول تغضُّنَ جلده لكبره بعد ما كان مكتنز اللَّحم وكان الجلدُ ممتدّاً مع اللحم لا يفضُل عنه.
وفي الحديث : «لأنْ تَدَع ورثَتك أغنياءَ خيرٌ من أن تدعَهم عالةً يتكفَّفون الناس» معناه : يسألون الناسَ بأكفِّهم يمدُّونها إليهم.
أبو عبيد عن الكسائي : استكففتُ الشيء واستشرفته ، كلاهما أن تضعَ يدَك على حاجبك كالذي يستظل من الشَّمس حتى يستبين الشيء.
وقال ابن مُقبل يصف قِدْحاً له :
خروجاً من الغمَّى إذا صُكَّ صَكّةً |
بدا والعيونُ المستكِفّةُ تَلْمَحُ |
يقال : استكفّتْ عينُه : إذا نظرت تحت الكفّ. واستكفّت الْحَيَّةُ : إذا ترحّت كالكِفّة ، واستكفّ به الناسُ : إذا عصَبوا به.
وفي كتاب النبي صلىاللهعليهوسلم بالحديبيَة لأهل مكة : «وإنّ بيننا وبينهم عيبةً مكوفَة» أراد بالمكفوفة التي أشرِجت على ما فيها ، وضربَها مثلاً للصُّدور أنها نقيَّة من الغِلّ والغِشّ فيما كتبوا من الصُّلح والهُدنة.
والعربُ تشبِّه الصُّدورَ التي فيها القلوبُ بالعياب التي تُشرَج على حُرِّ الثِّياب وفاخر المتاع ، فجعل النبيُّ صلىاللهعليهوسلم العِيابَ المُشْرجَة على ما فيها مثلاً لقلوبٍ طويت على ما تعاقدوا.
ومنه قولُ الشاعر :
وكادت عيابُ الوُدِّ بيني وبينكم |
وإن قيل أبناءُ العمومةِ تَصْفَرُ |
فجعلَ الصُّدورَ عياباً للودّ.
وقال أبو سعيد في قوله : وإنّ بيننا وبينهم عيبةً مكفوفة ، معناه : أن يكون الشرُّ عيبةً مكفوفة ، معناه : أن يكون الشرُّ مكفوفاً كما تُكفُ العَيبةُ إذا أشرِجَتْ على ما فيها من متاع. كذلك الذُّحول التي كانت بينهم قد اصطلحوا على أن لا ينشُروها ، ويتكافُّون عنهم ، كأنهم قد جعلوها في وعاء وأشرجوا عليها.
وقال الليث : كففتُ فلاناً عن السُّوء فكفَ يكفُ كفّاً ، سواءٌ لفظ اللازم والمجاوز.
قال : والمكفوف في علل العروض مَفاعيلُ كان أصله مفاعيلن ، فلمّا ذهبَ النّون قال الخليل : هو مكفوف.
قال : وكفاف الثَّوب : نواحيه. ويكُفُ الدِّخريض : إذا كُفَ بعد خياطته مرّة.
قال : والكفكة : كفُّك الشيءَ ، أي : ردُّك الشيء عن الشيء.
قال : وكفكفتُ دمعَ العين.
قال أبو منصور : وقد تكفكَف ، وأصله عندي من وكف يكِف. وهذا كقولك : لا تعِظيني وتعظعظي. وقالوا : خضخضتُ الشيءَ في الماء ، وأصله من خضت.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : كفكف : إذا رفَق بغريمه أو ردّ عنه من يؤذيه.
وقال شمِر : يقال : نفقةُ فلانٍ الكفَاف ، أي : لا فضلَ عِنده ، إنما عنده ما يكفُ وجهَه عن الناس.
ورُوي عن الحسن أنه قال : «ابدأْ بمن تَعُول ولا تُلام على كَفاف» ، يقول : إذا لم يكن عندك فضلٌ لم تُلَم على ألَّا تُعطِيَ.
ويقال : تكفّف واستكف : إذا أخذ الشيءَ بكفّه.
وقال الكميت :
ولا تطعموا فيها يداً مُستكِفَّةً |
لغيركم لو يستطيع انتشالها |
ويقال : لقيتُه كَفّةَ كَفّةَ ، وكَفّةَ لكَفَّةٍ ، أي : مواجهة.
فك : قال الليث : يقال : فككْتُ الشيء فانفك بمنزلة الكتاب المختوم تفكُ خاتمه ، كما تفكُ الحنكين تفصل بينهما.
والفَكَّانِ : ملتقى الشِّدقين من الجانبين.
وقال الأصمعيّ : الفَكّ : أن يفكّ الخلخال والرقبة. وفكَ يدَهُ فكّاً : إذا أزال المَفْصِل. ويقال : أصابه فَكَك.
وقال رؤبة :
هاجَك من أروى كَمُنهاض الفكَكْ
وقال الله عزوجل : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١)) [البينة : ١].
قال الزجاج : (الْمُشْرِكِينَ) في موضع خفض نسق على (أَهْلِ الْكِتابِ) ، المعنى : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ومن المشركين.
وقوله تعالى : (مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) ، أي : لم يكونوا منفكِّين من كفرهم ، أي : منتهين عن كفرهم.
وقال الأخفش : زائلين عن كفرهم.
وقال مجاهد : يقول : لم يكونوا ليؤمنوا حتى يتبيَّن لهم الحق.
وقال ابن عرفة المقلب بنفطويه : معنى قوله : مُنْفَكِّينَ مفارقين. يقول : لم يكونوا مفارقين الدنيا حتى أتتهم البيِّنة التي أثبتت لهم في التَّوراة من صفة محمد ونبوّته : وتأتيهم لفظه لفظ المضارع ، ومعناه الماضي ، ثم وكَّد ذلك فقال جلّ وعزّ : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤)) [البينة : ٤] ، ومعناه : أنَّ فِرقَ أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا مُقِرِّين قبل مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه مبعوث ، وكانوا مجتمعين على ذلك فلمّا بُعِث تفرَّقوا فِرقتين كلُّ فرقةٍ تنكره.
وقيل معنى قوله تعالى : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤)) : أنه لم يكن بينهم اختلاف في أمره ، فلمّا بُعِث آمن به بعضهم وجَحده الباقون وحرَّفوا وبدَّلوا ما في كتابهم من صفته ونبوّته.
وقال الفراء : قد يكون الانفكاك على جهةِ يَزَالُ ويكون على الانفكاك الذي تعرفه ، فإذا كان على جهة يزال ، فلا بدّ لها من فعل وأن يكون معها جحد ، فتقول : ما انفككت أذكرك ، تريد ما زلتُ أذكرك.
وإذا كانت على غير جهة يَزَالُ. قلت : قد انفككت منك ، وانفكَ الشيء من الشيء ، فيكون بلا جحد ولا فِعل.
قال ذو الرمة :
قلائص لا تنفكُ إلَّا مُناخَةً |
على الخسف أو نَرمي بها بلداً قفرا |
فلم يُدخل فيه إلّا : إلّا وهو ينوي به التمامَ وخِلافَ يزالُ ، لأنك لا تقول ما زلتُ إلا
قائماً.
قلت : وقول الله تعالى : مُنْفَكِّينَ ليس من باب ما انفكّ وما زال ، إما هو من انفكاك الشيء من الشيء : إذا زالَ عنه وفارقَه ، كما فسَّره ابنُ عرفة ، والله أعلم.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : فُكَ فلانٌ ، أي : خُلِّص وأريح من الشيء.
ومنه قوله تعالى : مُنْفَكِّينَ معناه : لم يكونوا مستريحين متخلّصين حتى جاءهم البيان مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلمَّا جاءهم ما عرفوا كفَروا به. وفكُ الرقبة : تخلصيها من إسار الرِّقّ. وفكُ الرهن وفِكاكه : تخليصه من غلق الرهن. وشيخٌ فاكٌ : إذا انفرج لحَياه من الهَرَم. وكلُّ شيءٍ أطلقتَه فقد فككتَه.
وقال الليث : الفكَك : انفراج المنكَب عن مَفصِله ضعفاً واسترخاءً. وأنشد :
أبدّ يمشي مِشيةَ الأَفَكِ
وقال الأصمعيّ : فلانٌ يسعى في فَكاك رقبته.
ويقال : هلمَ فَكاكَ رهنك. وانكسر أحدُ فكَّيه ، أي : لَحيَيه وأنشد :
كأنّ بين فكِّها والفَكِ |
فارةَ مسكٍ ذُبِحت في سُكِ |
أبو عبيد عن الأصمعيّ قال : فككت يدَه فكّاً.
ويقال : في فلانٍ فَكَّةٌ ، أي : استرخاءٌ في رأيه. قال ابن الأسلت :
الحزمُ والقُوَّةُ خيرٌ من ال |
إدهانِ والفَكَّةِ والهاعِ |
قال : والفَكَّة أيضاً : النُّجوم المستديرة التي يسمِّيها الصِّبيان : قَصعةَ المساكين.
وقال شمر : سمِّيت قصعةَ المساكين لأنَّ في جانبٍ منها ثُلْمةً. وكذلك تلك الكواكب المجتمعة في جانبٍ منها فضاء.
وقال شمر : يقال : ناقة متفكِّكة : إذا أقرَبَتْ فاسترخَى صَلَواها وعظُم ضَرعُها ودنا نِتاجها ، شُبِّهت بالشيء يُفَك فيتفكك ، أي : يتزايل وينفرج. وكذلك ناقة مُفكَّةٌ ، وقد أفكَّت. وناقة مُفْكِهة ومُفْكِهٌ بمعناها.
قال : وذهب بعضُهم بتفكُّك الناقة إلى شِدَّة ضَبَعتها.
ويروى للأصمعي :
أرغثَتْهُمْ ضرعَها الدُّن |
يا وقامَتْ تتفكَّكْ |
|
انفشاحَ الناب للسَّقْ |
بِ متى ما يَدْنُ تَحشِكْ |
وقال أبو عبيد : المتفككة من الخيل : الوَديقُ التي لا تمتنع على الفحل. ويقال : إنه لأحمق فاكٌ تاكٌّ ، وقد حَمُقْتَ وفَكُكْتَ ، وبعضهم يقول : فكِكْتَ.
وقال النضر : الفاكُ : المُعْيِي هُزالاً. ناقةٌ فاكَّةٌ وجملٌ فاكٌ.
وقال الليث : الأفكُ : المنكسر الفَكّ.
والأفكُ : هو مَجمع الْخَطْم ، وهو مَجمع الفكِّين على تقدير أفعَل.
وفي «النوادر» : أفَكَ الظَّبيُ من الحِبالة : إذا وقع فيه ثم انفلت. ومثله أفسَحَ الظبي من الحبالة.
وقال الحصيني : أحمق فاكٌ وهاكٌّ ، وهو الذي يتكلّم بما يدري وما لا يدري وخطؤُه أكثر من صوابه. وهو فكّاكٌ هَكَّاك.
[باب الكاف والباء]
كب كب ، بك : [مستعملان].
كب : قال الليث : تقول : كببتُ فلاناً لوجهه فانكبّ. وكببت القصْعَةَ : قلبتُها على وجهها. وأكب الرجلُ على عملٍ يَعْمَله.
وقال لبيد :
جنوحَ الهالكيّ على يديه |
مُكِبّاً يجتلي نُقَب النِّصال |
ويقال : أكبَ فلانٌ على فلانٍ يطالبُه.
والفرس يكُبُ الحمارَ : إذا ألقاه على وجهه.
وأنشد :
فهو يكُبُ العِيطَ منها للذَّقَنْ
والفارس يكبُ الوحشَ : إذا طعَنها فألقاها على وجوهها.
قال : والكُبَّة والكَبْكَبة : جماعةٌ من الخيل.
أبو عبيد : الكُبَّة : الجماعة. وقال أبو زُبيد :
وعاث في كُبَّة الوَعواعِ والعِير
وقال آخر :
تعلَّمْ أنَّ مَحْمِلَنا ثقيل |
وأَنَّ ذِياد كُبَّتنا شديدُ |
وقال الله : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ (٩٤)) [الشعراء : ٩٤].
قال الليث : أي : جُمعوا ودُهوِرُوا ثم رُمي بهم في هُوَّة النار.
وقال الزجّاج : (فَكُبْكِبُوا فِيها) ، طُرِحَ بعضهم على بعض.
وقال أهل اللغة : معناه : دُهْوِروا ، وحقيقة ذلك في اللغة تكرير الانكباب ، كأنَّه إذا ألقيَ ينكبُ مرّةً بعد مرّة حتى يستقرّ فيها ، ونستجير بالله منها.
وفي الحديث : «كُبكُبَة من بني إسرائيل» ، أي : جماعة.
وقوله تعالى : (فَكُبْكِبُوا فِيها) ، أي : جُمِعوا ، مأخوذ من الكُبْكُبَة.
عمرو عن أبيه : كَبَ الرجُل : إذا أوقد الكُبّ ، وهو شجرٌ جيِّدُ الوقود ، الواحدة كُبَّة. وكُبَ إذا قُلِبَ. وكَبَ إذا ثَقُل.
وألقى عليه كَبَّتَه ، أي : ثِقْلَه وكَتَاله.
وقال الليث : الكبَّة من الغزْل : الجَرَوْهَق.
تقول : كببتُ الغزْل.