قِرانا التُّقيَّا بعد ما هبت الصَّبا |
لنا وأرشَّ الثَّوبَ من كلّ جانب |
أي : قدر ما تقول : أطمعته شيئاً يتقى به الذمّ. والتاء مبدلة من الواو. وقرى الضيف إذا كانَ يسيراً فهو التُّقِيا.
يقول القائل : هل عندك قِرَى فأضيفك؟
فتقول : لا أقلَّ من التُّقيا.
تأق : وقال أبو تراب في باب التاء والميم : قال الأصمعي : تَئِقَ الرجلُ : إذا امتلأ غضباً. ومَئِقَ : إذا أخذه شبه الفُواق عند البكاء قبل أن يبكي.
وقال : وكان أبو سعيد يقول في قولهم : «أنا تَئِق وأنت مَئِق : أنت غضبان» وأنا غضبان.
قال : وحكاه أبو الحسن عن أعرابي من بني عامر.
قال الأصمعي في قول رؤبة :
كأنما عولتها بعد التأَقْ |
عَولة ثكلى ولولت بعد المأَقْ |
قال : التّأَق : الامتلاء. والمَأْق : نشيج البكاء الذي كأنه نفس يقلعه من صدره.
وقال أبو الجراح : التَّئِق : الملآن شبعاً وريّاً. والمَئِق : الغضبان.
وقال أبو عمرو : التَّأَقة : شدة الغضب والسرعة إلى الشرّ. والمأق : شدة البكاء.
باب القاف والظاء
ق ظ
(وا يء) قيظ ، يقظ ، وقظ.
وقظ : أما وقظ فإن الليث أَودَعَه هذا الباب.
وزعم أنَّه حَوْضٌ ليس له أعضادٌ إلّا أنه يجتمع فيه ماءٌ كثير.
قلت : هذا خطأ محضٌ وتصحيف ، والصواب الوَقْط ، وقد مرَّ تفسيره في باب القاف والطاء.
قيظ : قال الليث : القَيْظ : صميم الصَّيف ، وهو حاقُّ الصيف.
يقال : قظنا بمكان كذا وكذا. والمَقيظ والمصيف واحد.
قلتُ : العَرب تجعل السَّنَةَ أربعةَ أزمان لكلِّ زمان منها ثلاثة أشهر ، وهي فصول السنة : منها فصل الصيف وهو فصلُ ربيع الكلأ ، أوَّلُه آذار ونيسان وأيَّار ، ثم بعده فصل القيظ ثلاثةُ أشهر : حَزِيران وتمُّوز وآب ، ثم بعده فصل الخريف ، وهو أيلول وتَشْرين وتَشْرين ، ثم بعدها فصل الشتاء وهو الكانونان وشُباط.
وفي حديث عمر أنه قال حين أمره النبي صلىاللهعليهوسلم بتزويد وفْدِ مُزَنية تمْراً مِن عندِه : «ما هي إلَّا أصوعٌ ما يُقَيِّظْنَ بنيَّ» لا يكفيهم لقَيْظهم.
والقيظ : حَمَارَّة الصيف.
يقال : قيَّظني هذا؟؟؟ هذا الثوبُ ،
أي : كفاني لقيظي.
الكسائيّ يُنشد هذا الرجز :
مَن يَكُ ذا بَتٍّ فهذا بَتِّي |
مُقيِّظٌ مصيِّفٌ مُشَتِّي |
يقول : يكفيني للقيظ والصَّيف والشتاء.
ومَقيظ القوم : الموضع الذي يُقام فيه وقتُ القيظ.
مَصيفُهم : الموضع الذي يُقام فيه وقت الصيف.
والمقيظةُ : نباتٌ يبقى أَخضر إلى القيظ ، يكون عُلقَةً للإبل إذا يكبسَ ما سِواه.
يقظ : قال الليث : اليقظة : نقيض النوم ، والفِعل استيقَظَ ، وأيقظتُه أنا ، والنَّعْت يَقْظانُ والتأنيث يَقْظى ونسوةٌ يَقَاظى ، ورجالٌ أيقاظٌ.
ويَقظة : اسم أبي حيّ من قريشِ.
ابن السكيت في باب فَعُل وفعِل : رجل يقُظ ويقِظ ، أي : كان كثير التيقُّظ. ومثله عَجُل وعجِل وطَمُع وطَمِع وفَطُن وفَطِن ونحو ذلك قال أبو عبيد.
وقال الليث : يقال للذي يثير التراب : قد يقظه وأيقَظَه.
قلت : لا أحفظُ يقظ وأيقظ بهذا المعنى ، وأحسبه تصحيفاً ، صوابه بَقَّط التُّرابَ يُبَقِّطُ تبقيطاً : إذا فرّقَه.
وقد مرّ تفسيره في بابه.
ويقال : يقِظ فلانٌ ييقَظُ يقظاً ويقظةً ، فهو يقظان ، ورجُل يقُظ ويقِظٌ ، إذا كان متيقظاً ، وقد تيقظ للأمر : إذا تنبَّه له. وقد يقظتْه التجارب.
وقال اللِّحياني : ما كان فلانٌ يقُظاً ، ولقد يقُظ يقاظةً ويقظاً بيِّناً.
باب القاف والذال
ق ذ
(وا يء) قذى ، وقذ ، ذوق ، ذقي.
ذقي : أمّا ذَقى فلا أحفظه لأحدٍ مِن الثقات.
وذكره الليث في هذا الباب فقال : فَرَسٌ أَذْقَى والأنثى ذَقْواء ، والجميع الذُّقْوُ ، وهو الرِّخْو رانِف الأنف ، وكذلك الحمار.
قلت : وهذا عندي تصحيف بيِّن ، والصواب فَرَسٌ أَذْفى [أدفى] ، والأنثى ذفْواء [دفواء] : إذا كان مُسترخِيَي الأذنين. وقد فسرته في كتاب الدال.
وقذ : قال الله جلّ وعزّ : (وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ) [المائدة : ٣].
قال الفراء : الْمَوْقُوذَةُ : المضروبة حتى تموت ولم تُذَكَ.
وأخبرني المنذري عن الحراني عن ابن السكيت ، يقال : تركتهُ وَقِيذاً ووَقيطاً بالذال والطاء.
أبو عبيد عن الأحمر : ضَربه فوقَطَه.
وقال ابن السكيت : وَقَذَه بالضَّرب.
والْمَوْقُوذَةُ والوَقيذُ : الشاة تُضرب حتى تموت ثم تؤكل.
ويقال : ضَربه على موْقِذٍ مِن مَواقِذه ، وهو المِرْفَق أو طَرَف المَنكِب أو الرُّكْبَة أو الكَعْب.
وأنشد :
دَيْنِي إذا وَقَذَ النُعاس الرُّقّدا
أي : صاروا وكأنهم سُكارى في النُّعاس.
وقال الليث : حُمِل فلانٌ وَقيذاً ، أي : ثقيلاً دَنفاً مُشْفِياً.
أبو عبيد عن الأصمعي : المُوقَذة : الناقة التي يُؤثِّر الصِّرار في أَخلافها.
وقال العَدَبّس : المُوقَّذة : التي يَرغَثُها الفَصيل فلا يخرج لبنُها إلَّا نَزْراً لعَظم الضَرْع ، فَيرِمُ ضَرْعُها ويأخذها داءً فيه.
وفي حديث عمر أنه قال : إنِّي لأعلم مَتَى تهلك العَرَب : إذا ساسَها مَن لم يُدرك الجاهلية فيأخذها بأخلاقها ولم يُدْرِكه الإسلام فيَقِذُه الوَرَع.
قوله : فيقذه ، أي : يُسكّنه ويُثْخنه ، أي : يبلغ منه مبلغاً يَمنعه مِن انتهاك ما لا يَحِلّ ولا يَجْمل.
قال : وقال خالد : الوَقْذُ : أن يَضرب فائِقُه أو خُشَّاءَهُ من وراء أُذُنه.
وقال أبو سعيد : الوَقْذ : الضَرْب على فأس القَفا ، فتصير هَدَّتُها إلى الدِّماغ فيذهب العَقل. يقال : رجل مَوْقوذٌ ، وقد وقَذَه الْحِلم : سَكّنه.
وقال ابن شُميل : الوَقيذُ : الذي يُغْشى عليه لا يُدْرَى أميّتٌ أم لا.
ذوق : قال الليث : الذَوْق : مصدرُ ذاقَ يذوقُ ذَوْقاً ومَذاقاً وذَوَاقاً. فالذَّوَاق والمَذاق يكونان مصدَرَين ، ويكونانِ طَعْماً ، كما تقول : ذَواقهُ ومذاقُه طيِّبٌ. وتقول : ذُقْتُ فلاناً وذُقْتُ ما عنده ؛ وكذلك ما نَزل بإنسان مِن مكروه فقد ذاقَه.
وجاء في الحديث : «إن الله لا يُحبّ الذَّوّاقين والذَوّاقات».
قال : وتفسيره ألا يطمئن ولا تطمئن ، كُلَّما تزَوَّجَ أو تزوجَتْ كَرِهاً وطَمحا إلى غير الزَّوج.
ويقال : ذُقتُ فلاناً ، أي : خَبَرْتُه وَبُرْتُه واستَذَقْتُ فلاناً إذا خَبَرْتَه فلَم تَحمد مَخْبَرتَه. ومنه قوله :
وعهدُ الغانيات كَعهدِ قَيْنٍ |
وَنَتْ عنه الجَعائلُ مُسْتذاقِ |
وقال الله جلّ وعزّ : (فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها) [الطلاق : ٩] ، أي : خَبَرت. والذَّوْق يكون فيما يُكرَه ويُحمَد.
قال الله جلّ وعزّ : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) [النحل : ١١٢] ، أي : ابتلاها بسوءِ ما خَبَرتْ مِن عقاب الجوع والخوف وضَرَب لباسَها مثلاً لأنَّهما شَمِلاهم عامة.
ويقال : ذُقْ هذا القَوْسَ ، أي : انزع فيها
لتَخبُر لينَها وشدَّتها.
وقال الشماخ :
فذاقَ فأَعطتْه مِن اللِّين جانباً |
كفَى ولَهَا أنْ يُغْرِقَ النَّبْلَ حاجِزُ |
أي : نظَرَ إلى القوْس ورازَها. وقوله : كفى ، أي : وكفى ذاك اللِّين منها. وقوله : ولها أن يُغرق النبل حاجز ، أي : لها حاجزٌ يَمنعُ مِن إغراق النَّبْل ، أي : فيها لينٌ وشدَّة بمقدارٍ وَفْقٍ. ومثله :
في كَفِّه مُعْطِيَةٌ مَنُوع
وقال آخر :
شِريانةٌ تَمنَع بعدَ اللِّينِ
وقال ابن مُقبل :
أو كاهتزازٍ رُدَينيٍ تَذاوَقَهُ |
أيْدِي التِّجارِ فَزادُوا مَتْنَه لِينا |
وذاقَ الرجلُ عُسَيلةَ المرأة : إذا أولجَ فيها أدافَهُ حتَّى خبَرَ طِيبَ جِماعها وذاقت هي عُسَيلته كذلك لما خالَطَها فوَجَدَتْ حلاوةَ لَذَّةِ الخلاط.
ثعلب عن ابن الأعرابي : (فَذُوقُوا الْعَذابَ) [الأنعام : ٣٠] ، قال : الذَوْق يكون بالفَم وبغير الفَم.
وقال غيره : أَذاقَ فلانٌ بَعدَك سَرْواً ، أي : صارَ سَرِيّاً ، وأَذاقَ بَعدَك كرماً ، وأَذاقَ الفَرسُ بَعْدك عَدْواً ، أي : صار عَدّاءً بعدَك.
ورجل ذَوّاق : مِطْلاق : إذا كان كثير النكاح كثير الطلاق.
ويقال : ما ذُقْتُ ذَواقاً ، وهو ما يُذاق من الطعام.
قذي : أبو عبيد عن الأصمعي : قَذَتْ عينُه تقذِي : إذا ألْقتْ قَذاها وقَذَّيْتُ أنا عينَه : إذا ألقيتَ فيها القَذَى. وقَذَيتها : أخرجت منها القَذَى.
قال : وقال أبو زيد مثله ، إلا أنّه قال أقذيتُها : إذا أخْرَجْتَ منها القَذَى.
وقال شمر : قال غير أبي زيد : أقْذَيْتُ عينَه : رَمَيتُ فيها القَذَى.
قال : وهذا أشبَه عندنا بالصواب مما قال أبو زيد.
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي : قَذَيْتُ عينَه وَأَقذيتها ، بأَلف وَغير ألف : إذا ألقَيْتَ فيها القَذَى.
رَوَى أبو نصر عن الأصمعي : لا يُصِيبُك مني ما يَقْذِي عينَك بفتح الياء.
أبو عُبيد عن الأصمعي : قَذِيَتْ عينُه تَقْذَى : إذا صار فيها القَذَى.
وقال غيره : القَذَى : ما عَلا الشرابَ من شيء يَسْقُط فيه.
ورَوَى أبو حاتم عن الأصمعيّ : قَذَّى عينَه يُقَذِّيها : إذا أخرج ما فيها من القَذَى ، ومنه يقال : عَيْنٌ مُقَذَّاة. وَيقال : قَذَت الشاةُ فهي تَقْذِي قَذْياً : إذا ألْقَتْ بياضاً مِن رَحمِها تريد الفَحْل. وقال : كلُّ فَحْلٍ
يَمْذِي ، وَكلُّ أنثى تَقْذِي.
وقال حُمَيدٌ يصف بَرْقاً :
خَفَى كاقتِذاء الطَّيْر والليلُ واضِعٌ |
بأَرواقِه والصبحُ قد كادَ يلمعُ |
وقال الأصمعي : لا أدرِي ما معنى قوله : كاقتذاء الطير.
وقال غيره : كما غمّضَ الطائر عينَه من قَذاةٍ وقعَتْ فيها.
وقال ابن الأعرابيّ : الاقتذاء : نَظَرُ الطير ثم إغماضُها تَنظُر نَظَراً ثم تُغمِض. وأنشد قولَ حُميد هذا.
أبو عبيد عن أبي عمرو : أَتتْنا قاذِيةٌ من الناس ، بالذال معجَمة ، وهم القَليل ، وجمعُها قَواذٍ.
وقال أبو عبيد : المحفوظ عندنا قادية ، بالدال.
الليث : قَذِيَتْ عينُه تَقْذَى قَذًى فهي قَذِيَةٌ مخفّفةً.
ويقال : قذيَّة مشدّدة الياء.
قلت : وأنكر غيرُه التشديد.
ويقال : قَذاة واحدة ، وجمعُها قَذًى وأقذاء.
وقال النبيّ عليهالسلام في فتنةٍ ذكرَها : «هُدْنةٌ على دَخَنٍ وجماعةٌ على أقذاء».
قال أبو عبيد : هذا مَثَل ، يقول : اجتماعُهم على فسادٍ مِن القلوب ، شُبّه بأقذاء العَيْن.
ويقال : فلانٌ يُغْضِي على القَذَى : إذا سكتَ على الذُّلّ والضَّيم وفَساد القَلْب.
باب القاف والثاء
ق ث
(وا يء) قثا ، وثق ، قيث.
قيث : فقد استُعمل منه : التَقَيُّثُ.
قال أبو عمرو : التَّقَيُّثُ : الجمع والمَنْع ، والتهَيُّثُ : الإعطاء.
قثا : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : القَثْوة : جَمْعُ المال وغيره.
يقال : قَثَا فلانٌ الشيء قَثْياً ، واقتاثه ، وجَثَاه واجتثأه وقَبَاه وعَباهُ وجَباه ، كلُّه : إذا ضمَّه إليه ضمّاً.
قال : والقَثو : أكْلُ القَثَد والكِرْبِز. والقَثَدُ : الخِيار. والكِربِز : القِثّاءُ الكبار.
وقال أبو زيد في «كتاب الهمز» : هو القِثّاء والقُثَاء بضم القاف وكسرها. وقال الليث : مدتها همزة ، وأرض مقثأةٌ.
وثق : شمر : أرضٌ وَثيقَةٌ : كثيرة العُشْب مَوْثوقٌ بها ، وهي مِثل الوَثِيخة وهي دُونها.
وقال الليث : الثِّقة : مَصدرُ قولِك وثِقْتُ به فأنا أَثِقُ به ثِقَةً ، وأنا واثقٌ به ، وهو موثوقٌ به ، وهي مَوْثوقٌ بها ، وهمْ مَوْثوقٌ بهم.
ويقال : فلانٌ ثقةٌ وهي ثِقَةٌ وهمْ ثِقة ، وقد
تُجمَع فيقال : ثِقاتٌ في جَماعة الرجال والنساء.
والوَثاقة : مصدَرُ الشيء الوَثيق المُحكم.
والفِعل اللازم وَثُق يَوْثُق وَثاقةً فهو وَثيق.
ومن الثِقَة وَثِق به يَثِقُ به ثِقَةً.
والوَثاق : اسم الإيثاق. تقول : أوثقْتُه إيثاقاً ووَثاقاً. والْحَبْل أو الشيء الذي يُوثَق به وِثاق ، والجميع الوُثُق بمنزلة الرِّباط والرُّبُط.
وناقة وثيقَة وجمل وَثِيق.
والوَثيقة في الأمر : إحكامُه والأخذ بالثقة ، والجميع الوَثائق. والمِيثاق مِن المُواثقة والمُعاهدة ، ومنهُ المَوْثِق. تقول : واثقْتُه بالله لأفعلنّ كذا وكذا.
وقال الفراء : يقال : مَيَاثِقي ومَواثِق.
وأنشد في لغة الياء :
حِمًى لا يُحَلُّ الدّهر إلّا بإذننا |
ولا نَسألُ الأقوامَ عَقْدَ المَياثِق |
ويقال : استوثَقْتُ من فلانٍ ، وتوثّقْتُ من الأمر : إذا أَخَذَتَ فيه بالوَثاقة.
باب القاف والراء
ق ر
(وا يء) قرا ، قرأ ، قري ، قور ، قير ، ورق ، رقا ، أرق ، روق ، ريق ، [وقر].
قرا : من ذوات الياء والواو.
قال الليث : القَرْو : مصدَرُ قولك : قَرَوْتُ إليهم أقْرُو قَرْواً ، وهو القَصْد نحو الشيء.
وأنشد :
أقْرُو إليهم أنابِيبَ القَنَا قِصَداً
قال : والقَرْو : مَسِيل المِعصَرة ومَثْعَبها ، والجميع القَرِيُ والأقراء ولا فعْل له.
والقَرْو : شِبْه حَوْض محدودٍ مستطيل إلى جَنْبِ حَوْض ضَخْم يُفَرَّغ فيه من الحَوْض الضَّخم تَرِدُه الإبلُ والغَنَم. وكذلك إنْ كان من خَشَب.
قال : والقَرْو : كلُّ شيءٍ على طريقة واحدة.
وقال الأصمعي : القَرْوُ : أصلُ النخلة يُنْقَر فيُنْبَذُ فيه. والقَرْوُ غير مهموز : مِيلَغُ الكلْب.
وقال ابن الأعرابيّ : هو القَرْوُ بلا هاء.
قال : ويقال : ما في الدار لاعِي قَرْوٍ.
قال : والقَرْوُ : الإناء الصغير.
أبو عبيد عن الكسائي : القَرْوُ : القَدَحُ.
وأنشد قول الأعشى :
وأنتَ بينَ القَرْوِ والعاصِرِ
ثعلب عن ابن الأعرابي : القِرْوَ ، والقَرْوَةُ والقُرْوَةُ : مِيلغَةُ الكلب.
أبو عبيد عن الأصمعي : القارِيَة : حَدُّ الرمْح والسَّيف.
ويقال : هُمْ أهلُ القارِيَة للحاضِرَة ، وهم أهل البادية لأهل البدو. والقارية هذا الطائر القصير الرِّجل الطويل المِنْقار
الأخضر الظهر. وقريت الماء في الحوض ، واسمُ ذلك الماء القَرِيّ.
والمِقْرَى : الإناء العظيم الذي يُشرب فيه الماء. والقَرْوَة : مِيلَغ الكلب. والمِقْراة : الحَوْض العظيم. والمِقْراة : الموضع الذي يُقْرَى فيه الماء.
أبو حاتم عن الأصمعي : قَرَوْتُ الأرض : إذا تتبَّعْتَ ناساً بعدَ ناس ، فأنا أقْروها قَرْواً.
قال : وناقة قَرْوَاء : طويلةُ القَرَا ، وهو الظّهر.
وَيقال : الناسُ قَوارِي اللهِ في الأرض ، أي : شهُوده.
وَقال الليث : يقال فلانٌ يَقْتَرِي فلاناً بقوله ، وَيَقْتَرِي سبيلاً وَيَقْرُوهُ ، أي : يتّبعه.
وأنشد :
يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ
والإنسان يَقْتَرِي أرضاً ويستقريها ويَقْرُوها : إذا سارَ فيها ينظُر حالَها وأمرَها.
وقال بعضهم : ما زلتُ أستقرِي هذه الأرضَ قَرْيةً قرية.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الناسُ قَواري اللهِ في الأرض ، أي : شهداء الله ؛ أخذ من أنهم يَقْرُون الناسَ يتَّبِعُونهم فينظرون إلى أعمالهم.
وقال في قول الأعشى :
وأنتَ بَيْنَ القَرْوِ والمعاصِرِ
إنه أصل النخلة يُنْقَرُ فيُنْبَذُ فيه.
وقال الأخطل :
كأنها قاربٌ أَقْرَى حلائلَه |
ذاتَ السَّلاسلِ حتى أيبَسَ العودُ |
يقال : أقريته ، أي : جعلته يقرو المواضع يتتبّعها وينظر أحوالها.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أقْرَى : إذا لَزم الشيءَ وأَلَحَّ عليه وأَقْرَى : إذا اشتَكَى قَراه. وأقْرَى لَزِمَ القُرَى. وأقْرَى : طَلَب القِرَى.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : رَجَع فلانٌ على قَرْوَاه ، أي : عادَ إلى طريقته الأُولى.
القَرْواء جاء به الفراء ممدوداً في حروف ممدودة مثل المَصْواء وهي الدُّبر.
والقِرْوانُ : الظَّهر ، ويجمع قِرْوانات.
قال مالك الهذلي يصف الضبع :
إذا نَفَشَتْ قِروانها وتلفَّتت |
أشَتَّ بها الشَّعْرُ الصُّدور القراهبُ |
أراد بالقراهب أولادها التي قد تمّت ، الواحد قَرهَب. أراد أن أولادها تناهبُها لحومَ القتلى.
قال الأزهري : كأَنّ القِروان جمع القَرَى.
وقال الليث : القَرْيُ : جَبْيُ الماء في الحَوْض.
يقال : قَرَيْتُ في الْحَوض الماءَ قَرْياً.
ويجوز في الشعر قِرَى. والمِقْراةٍ : شَبْه حَوْض ضَخْم يُقْرَى فيه من البئر ثم يُفرَغ
في المِقْراة ، وجمعُها المَقارِي.
قال : والمَقارِي أيضاً : الجِفانُ التي يُقرَى فيها الأضياف ، الواحد يقْرَى.
ومنه قوله :
ولا يَضنُّون بالمِقْرَى وإنْ ثَمَدُوا
ويقال للناقة : هي تَقْرِي : إذا جَمَعَتْ جِرَّتها في شِدْقِها. وكذلك جمعُ الماء في الحَوْض ، واسمُ ذلك الماءِ القِرَى مقصور. وكذلك ما قُرِيَ الضَّيفُ قِرًى ، والمِقْرَى : الإناء العظيم ، لأنه يُشرب فيه الماء.
وقال الفراء : هو القِرَى والقَرَاء ، والقِلَى والقَلَاء ، والبِلَى والبَلاء ، والإيا والأياء : ضوء الشمس.
ثعلب عن ابن نجدة عن أبي زيد قال : القِريَّة والجِرِّيَّةُ : الحَوْصَلة ، وهي الزاوُورة والفُرْغُرة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَرَا : القَرْعُ الذي يؤكل.
وقال ابن شُميل : قال لي أعرابيٌّ : اقتَرِ سَلامي حتى ألقاك.
وقال : اقترِ سلاماً حتى ألقاك ، أي : كن في سَلام وخَير وسَعة.
الليث : هي القَرْية والقِرْية لُغَتان ، المكسورة يمانية. ومِن ثمّ اجتمعوا في جَمعِها على القُرَى فحَملوها على لغة من يقول كُسْوة وكُسًى ، والنسبة إليها قَرَوِيّ ، وأم القُرى : مَكة.
وقال غيره : هي القَرْية بفتح القاف لا غير ، وكسر القاف خطأ ، وجمعُها قُرَى ، جاءت نادرة.
وأخبرني المنذريّ عن الحرَّاني عن ابن السكيت قال : ما كان من جَمع فَعْلة مِن الياء والواو على فِعال كان ممدوداً ، مِثْل رَكْوَة ورِكاء ، وشَكْوَة وشِكاء ، وقَشْوة وقِشاء.
قال : ولم نَسمع في جمع شيءٍ من جميع هذا القَصْر إلا كَوَّة وكُوًى وقريةً وقُرَى ، جاءتا على غير قياس.
وقال الليث : المِدَّة تَقْرِي في الجَرْح ، أي : تجمَّعُ.
وفي الحديث : «أن الشيطان يغدو بقيْرَوَانه إلى الأسواق». قال الليث : القيْرَوان دَخيلٌ ، وهو مُعظَم العسكر ، ومعظم القافلة ، وأصل القيْرَوَان كاروان بالفارسية ، فأعرب.
والقُرِيُ : مَجرَى الماءِ إلى الرياض ، وجمعُه قُرْيان وأقْراء.
وقال امرؤ القيس :
وَغارَةٍ ذاتِ قَيْرَوانٍ |
كأنَ قُرْيانَها الرحالُ |
اللحيانيّ : إنه لمقراءٌ للضيف وإنها لمِقراءٌ للضيف ، وإنه لقَرِيٌ للضيف وإنها لقرِيّةٌ للأضياف.
وقَريتُ في شِدْقي جَوْزَةً : ضَبأْتُها. وقَرَت الظبيَةُ تَقرِي : إذا جَمعتْ في شِدْقها شيئاً.
وقال بعضهم : يقال للإنسان إذا اشتكى صدغَه قَرَى يَقرِي.
وَأقرَت النّاقةُ تُقرِي فهي مُقرٍ : إذا استقرَّ الماءُ في رَحمها.
وقَرَوْتُ بني فلان ، أي : مَرَرْتُ بهم رجلاً رجلاً. واستقريْتُ الأرض وَبنِي فلان ، وَاقتريْتُ بمعنًى وَاحد واستقريْت فلاناً واقتريْتُه أي سألته أن يَقرِيني.
قرأ : قال أبو إسحاق الزجاج : يسمَّى كلامُ الله الذي أنزله على نبيه صلىاللهعليهوسلم كِتاباً ، وقرآناً ، وفُرقاناً ، وذِكْراً.
قال : ومعنى قرآن معنَى الجمع. يقال : ما قرأتْ هذه الناقةُ سَلًى قطُّ ، إذا لم يضطمّ رَحِمُها على الولَدِ.
وأنشد :
هِجانِ اللَّوْنِ لم تقرأ جَنِينَا
قال : وَقال أكثر الناس : لم تجمع جنيناً ، أي : لم تضْطَمّ رَحِمها على الجَنين.
قال : وقال قطرب في القرآن قولين : أحدهما : هذا وهو المعروف ، وَالذي عليه أكثر الناس.
والقول الآخر : ليس بخارج من الصحة وهو حسن.
قال : لم تقرأ جَنيناً لم تُلْقِه.
قال : ويجوز أن يكون معنى قرأتُ القرآن لفظْتُ به مجموعاً ، أي : ألقيتُه.
وأخبرني محمد بن يعقوب الأصمّ ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن الشافعي أخبرَه أنه قرأ القرآن على إسماعيل بن قُسْطَنْطين. وكان يقول : القرآنُ اسمٌ وليس بمهموز ، ولم يؤخذ مِن قرأتُ ، ولكنه اسمٌ لكتاب الله ، مثل التوراة والإنجيل.
قال : ويُهمز قرأت ولا يهمز القرآن ، كما تقول إذا قرأت القرآن.
وقال إسماعيل : قرأت على شِبل ، وقرأ شِبلٌ على عبد الله بن كثير ، وأخبر عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد ، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس ، وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أُبَيّ ، وقرأ أبَيٌّ على النبي صلىاللهعليهوسلم.
وقال أبو بكر بن مجاهد المقرئ : كان أبو عمرو بن العلاء لا يهمز القرآن ، وكان يقرؤه كما رُوي عن ابن كثير.
أبو عبيد : الأقراء : الحَيْض ، والأقراء : الأطهار ، وقد أقرأتِ المرأة في الأمرين جميعاً ، وأصلُه من دُنُوِّ وقت الشيء.
قلت : ونحو ذلك أخبرنا عبد الملك عن الربيع عن الشافعي ، أنّ القرءَ اسمٌ للوقت ، فلمّا كان الحَيض يجيء لوقت والطُّهر يجيء لوَقْت ، جاز أن يكون الأقراء حَيْضاً وأطهاراً.
قال : ودَلَّت سنةُ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أنَّ الله أَراد بقوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] الأطهارَ ، وذلك أنَّ ابن عمر لمَّا طلَّق امرأَته وهي حائض فاستفتى عمر النبيَّ عليهالسلام فيما فَعَل.
قال : «مُره فليراجعْها ، فإذا طَهُرتْ فليطلّقها ، فتلك العِدّة التي أَمَر اللهُ أَن يطلَّق لها النساء».
ذكر أبو حاتم عن الأصمعي أَنه قال في قول الله جل وعز : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) : جاء هذا على غير قياس. والقياس ثلاثة أَقْرؤ.
قال : ولا يجوز أَن تقول : ثلاثةُ فلوس ، إنما يقال : ثلاثة أفلُس ، فإذا كثرَتْ فهي الفُلوس.
قال : ولا يقال : ثلاثة رجال إنما هي ثلاثة رَجْلَة ، ولا يقال : ثلاثة كِلاب إنما هي ثلاثة أكلُب.
قال أَبو حاتم : والنحويون قالوا في قول الله جلَّ وعزَّ : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) جاء هذا على غير قياس. والقياس ثلاثة أَقْرؤ.
قال : ولا يجوز أَن تقول : ثلاثةُ فلوس ، إنما يقال : ثلاثة أفلُس ، فإذا كثرَتْ فهي الفُلوس.
قال : ولا يقال : ثلاثة رجال إنما هي ثلاثة رَجْلَة ، ولا يقال : ثلاثة كِلاب إنما هي ثلاثة أكلُب.
قال أَبو حاتم : والنحويون قالوا في قول الله جلَّ وعزَّ : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) أَراد ثلاثةً من القروء.
وقال أَبو إسحاق الزجاج : أخبرني مَن أثق به يَرفَعه إلى يُونس أن الأقراء عنده تصلحُ للحيض والأطهار.
قال : وذكر أبو عمرو بن العَلاء أن القرء : الوقت ، وهو يَصلح للحَيض ويصلح للطُّهر.
ويقال : هذا قارئ الرِّياح لوقت هُبوبها.
وَأنشد :
شَنِئتُ العَقر عَقر بني شُلَيلٍ |
إِذا هَبّتْ لقارئها الرياحُ |
أي : لوقت هُبوبها وشدة بردها.
قال أَبو إسحاق : والذي عندي في حقيقة هذا أَن القُرءَ في اللغة الجمع ؛ وأَنَّ قولهم : قريتُ الماءِ في الحوض وإِن كان قد أُلزِم الياء فهو جَمَعْتُ ، وقرأْتُ القرآنَ : لفظتُ به مجموعاً ، والقِرْدُ يقرِي ، أي : يجمع ما يأكل في فيه ، فإِنما القَرْء اجتماع الدَّم في الرَّحم ، وذلك إنما يكون في الطُّهر.
قلت : وقد روينا عن الشافعي بالإسناد المتقدّم في هذا الباب نحواً مما قاله أبو إسحاق.
وصح عن عائشة وَابن عمر أنَّهما قالا : الأقراء والقُروء : الأطهار.
وحقق ما قالاه مِن كلام العرب.
قول الأعشى :
مُوَرِّثةٍ عِزّاً وفي الحيّ رِفْعَةً |
لما ضاعَ فيها مِنْ قُرُوءِ نسائكا |
لأنّ القُروء في هذا البيت الأطهار لا غير ، لأنَّ النِّساء إنما يؤْتَيْن في أطارهنَّ لا في حيضهن فإِنما ضاع بِغَيبته عنهنّ أطهارُهنّ.
وقال أبو عبيد : القُرْء يَصلح للحيض والطُّهْر. قال : وأظنُّه من أقرأتِ النجومُ :
إذا غابت.
وأخبرني الإياديُّ عن أبي الهيثم أنّه قال : يقال : ما قرأتِ الناقةُ سَلًى قطّ. وما قرأتْ مَلْقُوحاً قَطّ. فقال بعضهم : أي : لم تَحمِل في رَحِمِها وَلداً قطّ.
وقال بعضهم : ما أسقطَتْ ولداً قطّ ، أي : لم تَحمل. قال : ويقال : قرأَتِ المرأةُ : إذا طَهُرَتْ ، وقرأتْ : إذا حاضت. وقال حميد :
أراها غُلاماها الخَلَا فتَشذَّرتْ |
مِراحاً ولم تَقْرَأْ جنِيناً ولا دَما |
يقال : معناه : لم تَحْمل عَلَقَةً ، أي : دَماً ولا جنيناً. قلت : وأهل العراق يقولون : القُرء : الحَيْض. وحجّتهم حديثٌ رُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، أنَّه قال لامرأة : «دَعِي الصلاةَ أيام أقرائك» ، أي : أيام حَيْضك.
وقال الكسائيّ والفراء معاً : اقْرَأَت المرأة : إذا حاضت ، فهي مقرئ.
وقال الفراء : أقرأتِ الحاجةُ : إذا تأخّرتْ.
وقال الأخفش أيضاً : أقرأت المرأة : إذا حاضت. وما قرأَتْ حيضةً ، أي : ما ضَمَّت رَحِمَها على حَيْضة.
وقال ابن شميل : يقال : ضَرَب الفحلُ الناقة على غير قُرْء. وقرء الناقة : ضَبَعتُها.
وقال أبو عبيدة : ما دامت الوَديقُ في وِداقها فهي في قَرْئِها وإقْرَائها.
أبو عبيد عن الأصمعي : إذا قَدِمْتَ بلاداً فمكثتْ بها خمسَ عشرةَ ليلةً فقد ذهبتْ عنك قِرأة البلاد. وأهل الحجاز يقولون : قِرَة البلاد بغير همز. ومعناه : إنّك إنْ مَرِضْت بعد ذلك فليس من وَباء البلاد.
قال : وقال أبو عمرو بن العلاء : دَفَع فلانٌ جاريتَه إلى فلانة تُقَرِّئها ، أي : تُمسِكها عندها حتى تحيض للاستبراء.
أبو الحسن اللحياني يقال : قرأتُ القرآن وأنا أقرؤه قَرْءاً وقراءة وقُرآناً ، وهو الاسم ، وأنا قارئٌ من قومٍ قُرّاء وقَرَأة وقارئين ، وأقرأتُ غيري أقرئه إقراء ، ومنه قيل : فلان المقرئ. ويقال : أقرأتُ مِنْ سَفَري ، أي : انصرفْت ؛ وَأقرأتُ من أهْلي ، أي : دَنَوْتُ ، وأقرأَتْ حاجتُك وأقرأَ أمرُك ، قال بعضهم : دَنَا ، وقال بعضهم : استأخر. ويقال : أعْتَم فلان قِراهُ وأقرأه ، أي : حبسه. ويقال : قرأت ، أي : صرت قارئاً ناسكاً ، وتقرأت تقرؤاً بهذا المعنى. وقال بعضهم : تقرَّأَتُ : تَفقَّهْتُ.
ويقال : أقرأتُ في الشِّعْر. وهذا الشعر على قَرء هذا الشِّعر ، أي : على طريقته ومثاله.
وقال ابنُ بُزرج : هذا الشعر على قَرِيِ هذا الشعر وغِرارِه.
وقال اللَّحياني : يقال : قارأتُ فلاناً مُقارأةً ، أي : دارسْتُه ، واستقرأتُ فلاناً.
ويقال للناقة : ما قرأتْ سَلًى قَطّ ، أي : ما
طَرَحَتْ ، تأويلُه ما حَمَلتْ. وهذه ناقةٌ قارئ ، وهذه نُوقٌ قوارئُ يا هذا. وهو من إقراء المرأة ، إلّا أنه يقال في المرأة بالألف ، وفي الناقة بغير ألف. ويقال للناسك : إنّه لقُرَّاءٌ مِثلُ حُسَّان وجُمّال.
وقال ابن السكيت : قال الفراء : رجلٌ قُرَّاء وامرأة قُرَّاءةٌ.
قال : ويقال : أقريْتُ الجُلَّ الفَرَسَ ، أي : ألزَمْتُه قَرَاهُ.
أبو حكم عن الأصمعي : يقال : اقرأ عليهالسلامَ ولا يقال أقرئْه السلام ، لأنَّه خطأ.
وسمعتُ أعرابيّاً أَملَى عليّ كتاباً ، وقال في آخره : اقترئ منِّي السلام.
قري : وقال ابن السكيت : سمعتُ أبا صاعدٍ الكلابيّ يقول : القَرِّية بلا همز : أن تؤخذ عُصَيَّتانِ طولهما ذراع ، ثم يُعْرَض على أطرافهما عُوَيْدٌ يُؤْسَر إليهما من كلِّ جانب بقدِّ ، فيكون ما بين العُصيتين قدرَ أربع أصابع ، ثم يؤتى بعُوَيد فيه فَرْض فيُعْرَض في وَسَط القَرِّية ويُشَدُّ طَرَفاه القَرِيّة بقِدٍّ فيكون فيه رأس العَمُود.
ثعلب عن ابن الأعرابيَّ : تَنَحّ عن سنَن الطريق وقَرِيِّه وقِرْقِه بمعنًى واحد.
قور ـ قير : قال الليث : القُور : جمع القارة ، والقِيرانُ : جماعة القارة أيضاً ، وهي الأصاغر من الجبال وأعاظمُ الآكام ، وهي متفرِّقة خشنة كثيرة الحجارة.
ومن أمثال العرب القديمة : «قد أنصَفَ القارَةَ مَن راماها» ، قال القارَة : حَيٌّ من العرب ، وَهم عَضَل والدِّيش (١) مِن كنانة ، وكانوا رُماة الحَدِق ، وهم اليوم في اليَمَن ، والنسبة إليهم قاريٌ. وزعموا أنَّ رجلين التقيَا أحدُهما قارِيّ والآخر أسَدِيّ ، فقال القاريّ : إن شئتَ راميتُك وإن شئتَ سَابقتُك ، وإن شئتَ صارعتك.
فقال : اخترتُ المُراماةَ. فقال القاريّ : «قد أنْصَفَ القارَةَ من راماها!». ثم انتَزَع له سَهْماً فَشَكَّ به فؤادَه. وقيل : القارة في هذا المَثَل الدُّبّة. وقيل في مَثَل : «لا يُفطَّن الدُّبّ إلّا الحجارة».
وقيل : القارة مشتقَّةٌ من قُوَارة الأديم والقِرْطاس ، وهو ما قوَّرْتَ من وَسَطِه ورُمي ما حَوَالَيْه كقُوَارة الجيب إذا قَوَّرْته وقُرْته. والقُوَّارة أيضاً : اسمٌ لما قَطعتَ من جوانب الشيء المقوَّر وكل شيء قطعت من وسطِه خَرقاً مستديراً فقد قَوَّرْتَه.
ودارٌ قَوْراء : واسعة الجَوْف.
والاقوِرارُ : تَشَنُّجُ الجِلد وانحناء الصُّلْب
__________________
(١) في المطبوع : «والدين» والمثبت من «اللسان» (قور) وفيه : «عضل والديش ابنا الهون بن خزيمة من كنانة».
هُزالاً وكِبَراً كما قال رؤبة :
بَعْدَ اقوِرَار الْجِلدِ والتشنُّنِ
وناقة مُقَوَّرةٌ وقد اقوَرَّ جِلْدُها وانحنت وهُزِلت.
وقال ذو الرمة :
وإنْ حَبا من أنفِ رملٍ منخِرُ |
أعنَقُ مقورُّ السَّراة أوعَرُ |
واقورّت الأرض : ذهبَ نباتُها. واقورار الإبل : ضمرها وذبولها. وقال :
ثمَّ قَفَلن قَفَلاً مقورَّا
أي : يبِسنَ. وفلانٌ القاريّ محدّث.
قال محمد بن إسحاق : نُسب إلى القار ، وهي قرية خارج المدينة معروفة يقال لها : القار. وينسب إلى القارة. أعنِي القبيلة.
فيقال : قاريٌ أيضاً.
وأخبرني المنذري عن أبي العباس أنّه قال : القارُ والقِيرُ : كلُّ شيء يُطلَى به ، مسموعٌ من العَرَب. قال : كلُّ ما طُلِيَ بشيء فقد قُيِّر به.
وقال الليث : القار والقِير : لغتان ، وصاحبُه قَيّار ، وهو صُعُدٌ يُذاب فيُستخرج منه القار ، وهو أسود يُطلَى به السُّفُن ، يَمنع الماء أن يَدخُل. ومنه ضَربٌ يُحْشَى به الخلاخيل والأسورة.
قال : وفَرَسٌ كان يسمَّى قَيّاراً ، لشدة سوادِه.
وأنشد غيره :
فمن يك أمسَى بالمدينة ثاوِياً |
فإنِّي وقيَّارٌ لها لغريبُ |
والقار : شجرٌ مُرّ.
وقال بشر :
يَسومُون الصِّلاحَ بذاتِ كَهْفٍ |
وما فيها لهمْ سَلَعٌ وقارٌ |
شمر عن الأصمعيّ : القار : أصفر من الحَبَل.
وقال غيره : هي الجَبَل الصغير الأسودُ المنفرد شِبه الأكَمَة ، وهي القُورُ.
وقال ابن شميل : القارة : جُبَيل مستدِقٌّ ملحُومٌ طويلٌ في السماء لا يَقُور الأرض كأنَّه جُثْوَة ، وهوَ عظيمٌ مستدير.
وقال ابن هانئ في «كتابه» : من أمثال العرب : «قَوِّرِي وألْطِفي» قالها رجلٌ كان لامرأته خِدْنٌ فطَلبَ إليها أن يَتّخذ له شِراكَين مِن شَرَج است زوجها ، قال : ففَظِعتْ بذلك ، فأبَى أن يرضى دُونَ فعلِ ما سألها ، فنظرتْ فلم تجِدْ لها وَجْهاً ترجو به السبيلَ إليه إلَّا بفَسَادِ ابنٍ لها منه ، فعَمَدتْ فعصّبَتْ على مَباله عَقْبة فأخْفَتْها ، فعَسُر عليه البَوْل ، فاستفاث بالبكاء فسألها أبوه : ما أبكاه. فقالت : أخَذَه الأُسْر وقد نُعِتَ له دواؤه. فقال : وما هو؟ فقالت : طَرِيدَةٌ تُقَدّ له مِن شَرَج استك. فاستَعظَم ذلك ، والصّبيُّ يتضوّر ، فلما رأَى ذلك بَخَع لها به. وقال لها :
«قَوِّرِي وألطِفي» ، فقطفتْ منه طَرِيدة ترضيةً لخليلها ، ولم تَنظُر سَدادَ بَعْلِها ، وأطلقتْ عن الصبيِّ ، وسلّمت الطَّريدة إلى خليلها.
يقال ذلك عند الأمر بالاستبقاء من العَزيز أو عند المرْزئةِ في سوء التدبير ، أو طَلَبِ ما لا يُوصل إليه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : القَيِّر : الأسوار مِن الرُماةِ الحاذق ، مِنْ قارَ يَقُور.
وقال غيره : قُرْتُ خُفَّ البعير قَوَراً ، واقتَرَتْهُ : إذا قَوْرتَه. وقُرْتُ البِطّيخة : قَوَّرْتُها. واقتَرْتُ حديثَ القوم : إذا بحثتَ عنه وتَقوَّر الليلُ : إذا تَهَوَّر.
وقال ذو الرمة :
حتّى تَرَى أعجازَهُ تَقَوَّرُ
أي : تَذهب وتُدْبِر.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : القَوْرُ : التراب المجتَمع. والقَوَر : العَوَر وقد قُرْتُ فلاناً : إذا فقأْت عينَه.
وتقوَّرَت الحَيّةُ : إذا تَثَنَّت.
وقال الشاعر يصف حيّةً :
يَسرِي إلى الصَّوت والظّلماءُ داجيةٌ |
تَقَوُّرَ السَّيْلِ لاقَى الحَيْدَ فاطّلَعا |
أبو عبيد عن الفراء : انقارت الركيَّةُ انقياداً : إذا تَهدّمَتْ.
قلتُ : وهذا مأخوذ من قولك : قُرْتُه فانقارَ.
وقال الهُذَليّ :
حَارَ وعَقّتْ مُزْنَه الرّيحُ وانْ |
قارَ به العَرْضُ ولَم يُشمَلِ |
أراد كأنّ عَرْض السحابِ انقارَ ، أي : وَقعتْ منه قِطعةٌ لكثرة انصباب الماء.
وأصله مِن قُرتُ عينَه : إذا قلعْتَها.
وقال الليث : القاريَة : طائر من السُّودانيّات ، أكثر ما يأكل العِنَب والزيتون ، وجمعُها قَوَارٍ ، سمِّيتْ قاريَةً لسوادِها.
قلت : هذا غلطٌ ، لو كان كما قال أنّها سمِّيت قاريةً لسوادها تشبيهاً بالقار ، لقيل : قاريّةٌ بتشديد الياء ، كما قالوا عاريَّة مِن أعار يُعير. وهي عند العرب قارِيَة بتخفيف الياء.
أبو عبيد عن الكسائي : القارية : طيرٌ خُضْر ، وهي التي تُدعى القَوارِير ، وهي أوَّلُ الطّير قُطوعاً سُودُ المَناقير طوالها ضَخْمُ تحبُّها الأعراب ، يشبهون الرجل السخيَّ بها.
وأخبرني الإياديّ عن شمر أنه قال : قال أبو عمرو : القواري واحدها قارية طيرٌ خضرٌ ، وهي التي تدعى القوارير ، وهي أوَّل الطَّير قُطوعاً سُودُ المناقير طِوالها ، أضخم من الخطّاف.
أبو حاتم عن الأصمعي : القاريَةِ : طَير أخْضَر ، وليس بالطائر الذي نعرفه نحن.
وقال ابن الأعرابي : القاريةَ : طائر مشؤوم
عند العرب ، وهو الشِّقِرّاق.
أبو عبيد عن أبي عبيدة قال : القار : الإبل. وأنشد للأغلب :
ما إنْ رأيْنا مَلِكاً أغارا |
أكثر مِنْ قِرَة وقارا |
قال : والقرَة والوقير : الغَنَم.
وقال أبو عبيد : قال الكسائي : لقِيتُ منه الأمَرِّينَ والبُرَحِينَ والأقْوَرِينَ والأقوريَّات ، أي : الدواهي.
وقال أبو زيدٍ نحواً من ذلك.
واقورّت الأرضِ اقوراراً : إذا ذهب نباتُها.
وجاءت الإبل مُقْوَرَّة ، أي : شاسِفَة.
وأنشد :
ثم قَفَلْن قَفَلاً مُقْوَرَّا
قَفَلن : أي : ضَمَرنَ ويَبِسْن.
وقال أبو وجْزةَ يصف ناقةً قد ضَمَرت :
كأنَّما اقورَّ في أنْساعِها لَهَقٌ |
مُزَمَّعٌ بسوادِ الليل مَكْحولُ |
وقر : الحراني عن ابن السكيت : الوَقْر : الثقل في الأُذُن.
يقال : من قد وُقِرَتْ أُذُنه تُوقَر فهي موقُورة.
ويقال : اللهمَ قِرْ أذُنَه.
ويقال أيضاً : قد وَقِرَتْ أذنهُ تَوْقَرُ وقَراً.
قال : والوِقْر : الثِقْل يُحمَل على ظَهْرٍ أو على رأس.
يقال : جاء يَحْمِل وِقْره.
قال الفراء : يقال : هذه نخلة مُوقِرة ومُوقَرة وموقِرٌ. وامرأة مُوقَرَة : إذا حَملتْ حمْلاً ثقيلاً.
وقال الله تعالى : (فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢)) [الذاريات : ٢] ، يعني السحابَ تَحمِل الماءَ الذي أوقَرَها.
وقال جل وعز : (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) [فصلت : ٥].
قال : ووَقَرَ الرجُل من الوقَار يَقِر فهو وَقُور ، ووَقُر يَوْقُر.
قال العجّاج :
ثَبْتٌ إذا ما صِيحَ بالقَوْمِ وَقَرْ
أبو نصر عن الأصمعي : يقال : وَقَر يَقِر وَقاراً : إذا سَكَن.
قلتُ : والأمر منه قِرْ.
ومنه قول الله جل وعز : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٣] ، وقد تغيره في مضاعف القاف.
قال : ووَقُر يوقرُ والأمرُ منه أوقُرْ.
وقال الأصمعي : يقال : ضَرَبَه ضَرْبةً وقَرَتْ في عَظْمه ، أي : هَزَمَتْ وكلمتُه كلمةً وقَرَتْ في أذنه ، أي : ثبتَتْ. والوَقْرة : تُصِيبُ الحافر ، وهي أن تَهزِم العَظْم.
وأما قول الله جلّ وعزّ : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣)) [نوح : ١٣].
فإنَّ الفراء قال : ما لكم لا تخافون لله عظمةً. ووقَّرْتُ الرجل : إذا عظّمته. ومنه قوله جل وعزّ : (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) [الفتح : ٩].
وقال الليث : الوَقار : السكينة والوداعة.
ورجلٌ وَقُور ووَقَّارٌ ومتوقِّر : ذو حِلمٍ ورَزانة.
ورجل فقير وَقِيرٌ ، جُعِل آخرُه عِماداً لأوّله.
ويقال : يُعنَى به ذِلَّته ومهانَته ، كما أنَ الوقير صغار الشاء.
قال أبو الهيثم :
نَبْحُ كلابِ الشَّاءِ عن وَقِيرِها
قال : وبعضهم يقول : فقير وَفير : قد أوقره الدَّينُ.
قال : والتَّيْقُور : لغة في التَّوقير.
وأنشد قول العجّاج :
فإنْ يكن أمسى البِلَى تَيْقُور
قال : وقيل : كان في الأصل ويقُوراً فأبدَلَ الواو تاءً وحَمَله على فَيعول ، ويقال : حَمَله على تَفعول مثل التَّذْنوب ونحوه ، فكَرِه الواوَ مع الواو فَأَبدلها ياء لئلّا يشبه فَوعُولاً فيخالف البناء ألا ترى أنَّهم أبدلوا الواو حينَ أعْرَبوا فقالوا : نَيرُوز.
قال : والوَقْر في العَظْم : شيءٌ من الكَسْر وهو الهَزْم ، وربّما كُسِرت يد الرجلِ أو رِجْلُه : إذا كان بها وَقْر ثم يُجبَر ؛ فهو أصلَب لها. والوقْر لا يزال واهياً أبداً.
قال : والوَقِير : الجماعة من الناس وغيرهم. وقال غيره : الوَقير : الشاء براعيها وكَلْبها.
وقال أبو عبيد : الوَقير : الغَنَم التي بالسَّواد.
قال ذو الرُمة يصف بقرةً :
مُوَلَّعةً خَنْساءَ ليست بنَعْجةٍ |
يُدَمِّنُ أَجوافَ المِياه وَقِيرُها |
وقال الليث : الوَقْرة : شِبه وَكْتَة إلّا أنَّ لها حُفْرة تكون في العَيْن وفي الحافر وفي الحجَر. والوَقْرة : أعظَم من الوَكْتَة.
وقال ابن السكيت : قال العُذْرِيّ : الوَقيرة : النُقْرة في الصَّخرة العظيمة تُمسِك الماءَ.
ورجلٌ مُوَقَّر : إذا وقَحَتْه الأمورُ واستمرّ عليها وقد وقَرَتْني الأسفار ، أي : صلَّبَتْني ومرَّنتني عليها.
وقال ساعدةُ الهُذَليُّ يصف شُهْدة :
أُتيحَ لها شَثْنُ البَراثِن مُكْزَمٌ |
أخو حُزَنٍ قد وَقَّرَتْه كُلُومُها |
لها : للنَّحْل : مُكزَم : قصير. حُزَنٌ من الأرض ، واحدتُها حُزنة.
اللِّحيانيّ : ما عليّ منك قِرَة ، أي : ثقل.
وأنشد :
لما رأتْ حَليلتي عَيْنيَّهْ |
ولمَّتي كأنّها حَلِيهْ |
تقول : هذا قِرَة عَلَيَّهْ.
الأصمعي : بينهم وقَرة ووغرةٌ أي ضغْنٌ وعداوة. وتَوَقَّرَ الرجل : إذا تَرَزَّن.
واستَوقَر : إذا حَمَل حِمْلاً ثقيلاً.
روق ـ ريق : قال الليث : الرَّوْق : القَرْن من كل ذي قَرْنٍ. قال : وَرَوق الإنسان هَمُّه ونَفْسُه : إذا ألقاه على الشيء حِرْصاً قيل : ألقَى عليه أرواقَه ، كقول رؤبة :
والأَرْكُب الرَّامُون بالأرْواقِ
والسحابة إذا ألحَّت بالمطر وثَبتتْ بأرضٍ قيل : ألقت عليها أرواقَهَا وأنشد :
وباتت بأوراقٍ علينا سَوارِيا
أبو عبيد عن الأصمعي يقال : أكل فلانٌ رَوْقَة : إذا طال عمره حتَّى تحاتّت أسنانُه.
وألقَى عليه أوراقَه وشَراشِرَه ، وهو أن يُحبَّه حتى يَسْتَهْلك في حُبه. وألقَى أرواقَه : إذا اشتدَّ عَدْوُه.
وأخبرني الإياديّ عن شمر يقال للسحابة : ألقت أرواقها : إذا جَدَّت في المطر. وإنَّه لَيركَبُ النَّاسَ بأرواقه.
وأرواق الرجل : أطرافُه وجسَدُه. وألقَى علينا أرواقَه ، أي : غطّانا بنفسه.
يقال : رقونا بأرواقهم ، أي : رَمَوْنا بأنفسهم.
وقال شمر : لا أعرف قوله ألقَى أَرواقَه : إذا اشتدَّ عَدْوَه ، ولكن أعرِفه بمعنى الجدّ في الشيء.
قال تأبّط شراً :
نجوتُ منها نجاتي من بجيلة إذْ |
أرسلتُ ليلة جَنْب الرَّعْنِ أرواقي |
يقال : أرسل أرواقَه : إذا عدا. ورمى أرواقَه : إذا قام وضرب بنفسه الأرض.
وفي «النوادر» : رَوْقُ المَطَر ورَوْقُ الجيش ورَوْقُ البيت ورَوْقُ الجَبَل : مقدَّمُه. ورَوْق الرجل : شَبابُه ، وهو أوَّل كلِّ شيءٍ مما ذكرتُ.
ويقال : جاءنا رَوقٌ من بني فلان ، أي : جماعة.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : الرَّوْق : السَّيد.
والرَّوْق : الصافي من الماء وغيره.
والرَّوْق : العُمْر ، يقال : أكل رَوْقَه.
والرَّوْق : نَفْس النَّزْعِ. والرَّوْق : المعجِب.
يقال : رَوْقٌ ورَيق.
وأنشد المفضّل :
على كلّ رَيْقٍ ترى مُعَلّماً |
يُهدِّرُ كالجملِ الأجرَبِ |
قال : الرَّيْق هاهنا : الفرس الشريف.
قال : والرَّوْق : الحُبُّ الخالص. والرُّوق : الطِّوال الأسنان. والرُّوق : الغِلمان المِلاح.
قلت : أمَّا قوله : الرُوق : الطِّوال الأسنان ، فهو جمع الأَرْوَق. ويقال : رَوِقَ يَرْوَقُ رَوَقاً فهو أروَقُ : إذا طالت أسنانهُ.
قال لبيد :
تُكْلحُ الأرْوَقَ منهم والأيَلّ
وأما الرُّوق : الغِلمان الملاح فالواحد رائق. ويقال : غِلْمانٌ رُوقة كما يقال صاحب وصُحْبة ، وفارِهٌ وفُرْهةٌ.
وقال الليث : الرِّوَاق : بيتٌ كالفُساطُ يُحمَل على سِطاعٍ واحد في وَسَطِه ، والجميع الأرْوِقة.
ورُوِي عن عائشة في حديث رُوِي عنها أنها قالت : وضَرَبَ الشَّيطان رَوْقَه.
قلتَ : رَوْق البيت ورِوقُه ، واحد ، وهي الشُّقة التي دون الشّقة العُلْيا.
ومنه قول ذي الرمة :
وميّتةٍ في الأرض إلّا حُشاشةً |
ثَنَيْتُ بها حَيّاً بمَيْسُورِ أربَعِ |
|
بِثنتَيْن إنْ تَضْرِبْ ذِهِ تنصرفْ ذِهِ |
لكتيهما رَوْقٌ إلى جَنْبِ مُخْدَعِ |
قال الباهلي : أراد بالميِّتة الأثرة ثنيتُ بها حيّاً ، أي : بعيراً. يقول : اتّبعتُ أثره حتّى ردَدْتُه. والأثْرة : مِيسمٌ في خُفّ البعير.
ميِّتة أي خفية ، وذلك أنها لا تكون بيِّنة ، ثم ثبتت مع الخُفّ فتكاد تستوي حتى تُعاد. إلَّا بقيةً منها بميسور ، أي : بشقِّ ميسور ، يعني أنه رأى الناحية اليسرى فعَرَفه. ثَنيتَين ، يعني عينين. رَوْقَ ، يعني رِواقاً واحداً ، وهو حِجاجُها المشْرِف عليها. وأراد بالمخْدع داخلَ العَين.
وقال الليث : الرَّوْق : الإعجاب ، يقال : راقني هذا الأمر يَرُوقُني رَوْقاً ، أي : أعجَبَني فهو رائقُ وأنا مَرْوق ، واشتُقَّتْ منه الرُّوقة ، وهو ما حَسُن من الوصائف والوصَفاء ، يقال : وصيفٌ رُوقة ووُصَفاء رُوقة.
وقال بعضهم : وُصفاء رُوق. ويوصف به الخيلُ في الشِّعر.
وقال غيره : أرواق الليل : أثناء ظُلَمه.
وقال الراجز :
وليلةٍ ذات قَتَامٍ أطباقْ |
وذاتِ أرواقٍ كأثناء الطَّاقْ |
ويقال : أسبلت أرواقُ العَيْن : إذا سالت دموعُها.
وقال الطِّرِمَّاح :
عيناك غَرْبَاشَنةٍ أسبلَتْ |
أرواقُها من كَبْنِ أخصامها |
ويقال : أرخت السماء أرواقَها وعَزَالِيَها.
وقال ابن الأعرابي : من الأخبية ما يُرَوَّق ومنها ما لا يُرَوَّق. فإذا كان بيتاً ضخماً جُعل له رِواقٌ وكفاء. وقد يكون الرِّواق من شُقّة وشقتين وثلاث شقائق.
أبو عبيد عَن الأصمعي : رِوَاق البيت : سماوته وهي الشفة التي دون العُليا.
وقال أبو زيد : رواق البيت : سترة مقدّمه من أعلاه إلى الأرض ، وكفاؤه : سترةُ أعلاه إلى أسفله من مؤخره. وستر البيت أصغر من الرّواق. وفي البيت في جوفه
ستر آخر يدعى الحجَلة.
وقال غيره : رواق البيت : مقدّمه.
وكِفاؤه. مؤخَّرُه ، سمِّيَ كِفاءً لأنه يكافئ الرِواق. وخالِفَتاه : جانِباه.
وقال ذو الرمّة يصف الفَجْر :
وقد هَتَكَ الصُّبحُ الجَلِيّ كِفاءَه |
ولكنَّه جَوْن السَراةِ مُرَوَّقُ |
شبَّه ما بدا من الصُّبح ولمَّا ينسفِر الظّلامُ ببيتٍ رُفع كِفاؤه وأسبِل رِواقُه.
أبو عبيد عن الكسائي : هو يَرِيق بنفسه ويَفُوق بنفسه ، وهو يَسُوق نفسَه.
وقال ابن مُقبل في راقَ :
راقَتْ على مُقْلَتَيْ سُواذنِق خَرِصٍ |
طاو تنَقَّضَ من طَلٍّ وأمطار |
وصفَ عَينَ نفسه أنها زادت على عينَي سُواذنِق.
ويقال : راقَ فلانٌ على فلان : إذا زاد عليه فضلاً يَرُوق عليه ، فهو رائق عليه.
وقال الشاعر يصف جارية :
راقت على البِيض الحِسا |
نِ بحُسْنها وبَهائها |
وقال ذو الرمَّة يصف ثوراً :
حتّى إِذا شمَّ الصَّبا وأوردا |
سَوْفَ العَذَارَى الرّائق المجسَّدا |
قيل : أراد بالرائق ثوباً قد عُجِن بالمسك.
والمجسَّد : المشبَع صبغاً.
وقيل : الرائق : الشَّبابُ الذي يعجبها حسنُه وشبابه.
ويقال : رَمَى فلانٌ بأرواقه على الدّابة : إذا ركِبها ، ورَمَى بأرواقه عن الدابة : إذا نزل عنها.
وقال الأصمعي : جَاءنا رَوْقٌ من بني فلان ، أي جماعةٌ منهم ، كما يقال جاءنا رأسٌ ، لجماعة القوم.
وقال الليث : الرَوْق : طول الأسنان وإشْرَافُ العُلَا على السُّفلى ، والنَّعت أَروَق ، ورَوْقاء ، والجميع رُوق.
وأنشد :
إذا ما حال كُسُّ القومِ رُوقا
أبو عبيد : الراووق : المِصفاة.
وقال الليث : الراووق : ناجود الشَّراب الذي يُرَوَّق به فيُصفّى ، والشراب يتروَّق من غير عَصْرٍ.
وقال الأعشى :
راووقَه خَضِلُ
قال شمر : قال ابن الأعرابي : الراووق : الكأس بعينها.
قال شمر : وخالفَه في ذلك جميعُ الناس.
وجمعه روَائق.
أبو عبيد : راقَ الشراب يَروق ، ورَوَّقْته.
وقال الليث : الرَّيْق : ترَدُّدُ الماء على وجه الأرض من الضَّحضاح ونحوه إذا انصبَّ الماء.
وقال غيره : راقَ الماءُ يَريق رَيْقاً ، وأرقْتُه أنا إراقةً. وراقَ الشرابُ يَرِيق رَيْقاً : إذا تضحضح فوق الأرض.
قال رؤبة :
إِذا جَرَى من آلها الرَّقْراق |
رَيْقٌ وضحضاحٌ على القياقي |
قال : ورَيِّقُ كل شيء : أَفضَلُه ، تقول : رَيِّق الشباب ، ورَيِّق المطر : ناحيته وطرفه.
يقال : كان ريّقُه علينا وحِمِرُّه على بني فلان. وحِمِرُّه : معظمه. ويقال : ريّق المطر : أوّل شؤبوبه.
وقال شمر : روق السَّحاب : سيله.
وأنشد :
مثل السحاب إذا تحدَّرَ رَوقُه |
ودنا أُمِرَّ وكان مما يُمنَع |
أي : أُمِرَّ عليه فمرّ ولم يصبه منه شيء بعد ما رجاه.
وقال الليث : الرِّيق : ماء الفَمِ.
ويؤنث في الشعر فيقال ريقتها.
ويقال : شربتُ الماء رائقاً ، وهو أن يشربه شاربُه غدوة بلا ثقل ، ولا يقال إلا للماء.
أبو عبيد عن أبي عبيدة : ريق ، مثل : فيعل : الذي على الرّيق.
وقال الليث : الريق : ماء الفم غُدوةً قبل الأكل.
وقال أبو عثمان المازني : لم يصح عندنا أنَّ علي بن أبي طالب رضياللهعنه تَكلم بشيء من الشعر إلّا هذين البيتين :
تلكمْ قريش تمناني لتقتلني |
فلا وجَدِّك (١) ما بروا ولا ظفروا |
|
فإِن هلكتُ فرهنٌ ذِمتي لهم |
بذاتِ رَوْقَين لا يعْفُو لها أَثَر |
قال : ويقال : داهية ذاتُ رَوْقين وذات وَدْقين : إذا كانت عظيمة.
وقال غيره : الترْياق : اسم على تفْعال ، تسمى بالرِّيق ، لما فيه من ريق الحيات ، ولا يقال : ترْياق ، ويقال : درْياق.
ويقال : ذهب رَيْقاً ، أي : باطلاً. وقال الشاعر :
حمارَيْكِ سُوقِي وازجري إنْ أطعتنِي |
ولا تَذهبي في رَيْق لُبٍّ مضلَّلِ |
ويقال : اقصر عن رَيْقك ، أي : عن باطلك.
عمرو عن أبيه : جاءنا فلانٌ رائقاً عَثْريّاً : إذا جاء فارغاً.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التروِيق : أن يَبيع الرجل سِلْعةً ويَشتري أجودَ منها. يقال : باع سِلْعته فرَوَّقُ أي اشتَرى أجود منها.
ويقال : كان هذا الأمر وبنا رَيْقٌ ، أي : قوّة. وكذلك كان هذا الأمر وفينا رَمَق
__________________
(١) كذا في المطبوع : وفي «اللسان» (روق): «وربِّك».