الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
بيان : قال الجزري : فيه لا تحل المسألة إلا لذي فقرمدقع ، أي شديد يفضي بصاحبه إلى الدقعاء ، وهو التراب.
٥ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر عن يحيى الحلبي ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : مات الحسن عليهالسلام وعليه دين ، وقتل الحسين عليهالسلام وعليه دين.
أقول : روى السيد بن طاؤوس في كشف المحجة باسناده من كتاب عبدالله بن بكير بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام أن الحسين عليهالسلام قتل وعليه دين وإن علي بن الحسين عليهماالسلام باع ضيعة له بثلاثمائة ألف ليقضي دين الحسين عليهالسلام وعدات كانت عليه.
* ( أبواب ) *
* « ( ما يختص بالامام الزكى سيد شباب اهل الجنة ) » *
* « ( الحسن بن على صلوات الله عليهما ) » *
١٤
* ( باب ) *
* « ( النص عليه صلوات الله عليه ) » *
١ ـ عم : الكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم ابن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس قال : شهدت أميرالمؤمنين حين أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال له : يابني أمرني رسول الله أن اوصي إليك وأدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي ودفع إلي كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضر الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين ثم أقبل على ابنه الحسين فقال : وأمرك رسول الله صلىاللهعليهوآله أن تدفعها إلى ابنك هذا ثم أخذ بيد علي بن الحسين وقال : وأمرك رسول الله صلىاللهعليهوآله أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي فاقرأه من رسول الله ومني السلام.
٢ ـ عم : الكليني ، عن عدة من أصحابه ، عن ابن عيسى ، عن الاهوازي عن حماد بن عيسى ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام مثله.
٣ ـ عم : الكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن أبي عمير ، عن عبدالصمد ابن بشير ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن أميرالمؤمنين لما حضره الوفاة قال لابنه الحسن : ادن مني حتى اسر إليك ما أسر إلي رسول الله وأئتمنك على ما ائتمنني عليه ، ففعل.
٤ ـ عم : بإسناده يرفعه إلى شهر بن حوشب أن عليا عليهالسلام لما سار إلى الكوفة استودع ام سلمة كتبه والوصية ، فلما رجع الحسن دفعتها إليه (١).
____________________
(١) ترى هذه الروايات في الكافى ج ١ ص ٢٩٧ ـ ٢٣٠.
١٥
* ( باب ) *
* « ( معجزاته صلوات الله عليه ) » *
١ ـ ير : الهيثم النهدي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عبدالله الكناسي عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : خرج الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بامامته ، قال : فنزلوا في منهل من تلك المناهل قال : نزلوا تحت نخل يابس قد يبس من العطش : قال : ففرش للحسن عليهالسلام تحت نخلة وللزبيري بحذائه تحت نخلة اخرى قال : فقال الزبيري ورفع رأسه : لو كان في هذا النخل رطب لاكلنا منه ، قال : فقال له الحسن عليهالسلام : وإنك لتشتهي الرطب؟ قال : نعم فرفع الحسن عليهالسلام يده إلى السماء فدعا بكلام لم يفهمه الزبيري فاخضرت النخلة ثم صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا قال : فقال له الجمال الذي اكتروا منه : سحروالله ، قال : فقال له الحسن : ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن النبي مجابة ، قال : فصعدوا إلى النخلة حتى صرموا مما كان فيها ما كفاهم (١).
يج : عن عبدالله مثله.
بيان : قال الجوهري : المنهل المورد وهو عين ماء ترده الابل في المراعي وتسمى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار مناهل ، لان فيها ماء ، قوله « إلى حالها » أي قبل اليبس وفي الخرائج فاخضرت النخلة وأورقت.
٢ ـ يج : روي عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام أن الحسن عليهالسلام قال يوما لاخيه الحسين ولعبد الله بن جعفر : إن معاوية بعث إليكم بجوائزكم وهي تصل إليكم يوم كذا لمستهل الهلال ، وقد أضاقا ، فوصلت في الساعة التي ذكرها لما كان رأس الهلال فلما وافاهم المال كان على الحسن عليهالسلام دين كثير فقضاه مما بعثه إليه ففضلت فضلة ففرقها في أهل بيته ومواليه ، وقضى الحسين عليهالسلام دينه وقسم ثلث ما بقي
____________________
(١) تراه في الكافى ج ١ ص ٤٦٢. أيضا وفيه : عن القاسم النهدى فراجع.
في أهل بيته ومواليه وحمل الباقي إلى عياله ، وأما عبدالله فقضى دينه وما دفعه إلى الرسول ليتعرف معاوية من الرسول ما فعلوا ، فبعث إلى عبدالله أموالا حسنة.
بيان : قال الجوهري : ضاق الرجل أي بخل وأضاق أي ذهب ماله.
٣ ـ يج : روي عن مندل بن اسامة (١) عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام أن الحسن عليهالسلام خرج من مكة ماشيا إلى المدينة ، فتورمت قدماه ، فقيل له : لو ركبت ليسكن عنك هذا الورم ، فقال : كلا ولكنا إذا أتينا المنزل فانه يستقبلنا أسود معه دهن يصلح لهذا الورم فاشتبروا منه ولا تما كسوه ، فقال له بعض مواليه : ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء؟ فقال : بلى إنه أمامنا وساروا أميالا فاذا الاسود قد استقبلهم ، فقال الحسن لمولاه : دونك الاسود فخذ الدهن منه بثمنه فقال الاسود : لمن تأخذ هذاالدهن؟ قال : للحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام قال : انطلق بي إليه.
فصار الاسود إليه فقال الاسود يا ابن رسول الله إني مولاك لا آخذله ثمنا ولكن ادع الله أن يرزقني ولدا سويا ذكرا يحبكم أهل البيت فاني خلفت امرأتي تمخض ، فقال : انطلق إلى منزلك فان الله تعالى قد وهب لك ولدا ذكرا سويا فرجع الاسود من فوره فاذا امرأته قد ولدت غلاما سويا ثم رجع الاسود إلى الحسن عليهالسلام ودعاله بالخير بولادة الغلام له وإن الحسن قد مسح رجليه بذلك الدهن فما قام عن موضعه حتى زال الوروم.
٤ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي بن النعمان ، عن صندل ، عن أبي اسامة مثله إلى قوله فقد وهب الله لك ذكرا سويا وهو من شيعتنا.
____________________
(١) كذا في النسخ المطبوعة والصحيح : عن صندل ، عن أبى اسامة ـ وهو زيد الشحام ـ كما تراه في هذه الصفحة تحت الرقم ٤ عن الكافى ج ١ ص ٤٦٣ وقد رواه ابن شهر ـ آشوب في المناقب عن ابى اسامة مرسلا على عادته ، تراه في ج ٤ ص ٧. راجع جامع الرواة أيضا.
أقول : قد أوردنا كثيرا من معجزاته في باب ما جرى بينه عليهالسلام وبين معاوية وباب وفاته وغير هما.
٥ ـ يج : روي أن عليا عليهالسلام كان في الرحبة فقام إليه رجل فقال : أنا من رعيتك وأهل بلادك؟ قال عليهالسلام : لست من رعيتي ولا من أهل بلادي ، وإن ابن الاصغر (١) بعث بمسائل إلى معاوية فأقلقته وأرسلك إلي لاجلها ، قال : صدقت يا أمير المؤمنين إن معاوية أرسلني إليك في خفية وأنت قد اطلعت على ذلك ولا يعلمها غير الله.
فقال عليهالسلام : سل أحد ابني هذين ، قال : أسأل ذاالوفرة (٢) يعني الحسن فأتاه فقال له الحسن : جئت تسأل كم بين الحق والباطل؟ وكم بين السماء والارض؟ وكم بين المشرق والمغرب؟ وما قوس قزح؟ وما المؤنث؟ وما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض؟ قال : نعم.
قال الحسن عليهالسلام : بين الحق والباطل أربع أصابع ، ما رأيته بعينك فهو حق وقد تسمع باذنيك باطلا ، وبين السماء والارض دعوة المظلوم ، مد البصر وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس ، وقزح اسم الشيطان ، وهو قوس الله وعلامة الخصب وأمان لاهل الارض من الغرق ، وأما المؤنث فهو الذي لا يدرى أذكر أم انثى فانه ينتظر به فان كان ذكرا احتلم وإن كانت انثى حاضت وبدا ثديها وإلا قيل له : بل! فان أصاب بوله الحائط فهو ذكر وإن انتكص بوله على
____________________
(١) يريد ملك الروم قال الفيروز آبادى : وبنو الاصفر ملوك الروم أولاد الاصفربن روم بن يعصو ابن اسحاق ، أولان جيشا من الحبش غلب عليهم فوطئ نساءهم فولدهم أولاد صفر.
(٢) أى صاحب الوفرة والوفرة ـ بالفتح الشعر المجتمع على الرأس أو ما سال على الاذنين منه أوما جاوز شحمة الاذن ثم بعدها الجمة ثم اللمة ، وبذلك وصف شعر رسول الله صلىاللهعليهوآله حيث قالوا : « كان شعره وفرة واذا طال صارت جمة ».
رجليه كما ينتكص بول البعير ، فهو انثى (١).
وأما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض فأشد شئ خلق الله الحجر وأشد منه الحديد يقطع به الحجر ، وأشد من الحديد النار تذيب الحديد ، وأشد من النار الماء ، وأشد من الماءالسحاب ، وأشد من السحاب الريح تحمل السحاب وأشد من الريح الملك الذي يردها ، وأشد من الملك ملك الموت الذي يميت الملك ، وأشد من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت ، وأشد من الموت أمر الله الذي يدفع الموت.
٦ ـ قب : محمد بن إسحاق بالاسناد جاء أبوسفيان إلى علي عليهالسلام فقال : يا أبا الحسن جئتك في حاجة ، وفيم جئتني؟ قال : تمشي معي إلى ابن عمك محمد فتسأله أن يعقد لنا عقدا ويكتب لنا كتابا ، فقال : يا أبا سفيان لقد عقد لك رسول الله عقدا لا يرجع عنه أبدا وكات فاطمة من وراء الستر ، والحسن يدرج بين يديها وهو طفل من أبناء أربعة عشر شهرا فقال لها : يابنت محمد! قولي لهذا الطفل يكلم لي جده فيسود بكلامه العرب والعجم ، فأقبل الحسن عليهالسلام إلى أبي سفيان وضرب إحدى يديه على أنفه والاخرى على لحيته ثم أنطقه الله عزوجل بأن قال : يا أبا سفيان! قل لا إله إلا الله محمد رسول الله حتى أكون شفيعا فقال عليهالسلام : الحمد الله الذي جعل في آل محمد من ذرية محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا « وآتيناه الحكم صبيا » (٢).
أبوحمزة الثمالي ، عن زين العابدين عليهالسلام قال : كان الحسن بن علي جالسا
____________________
(١) قال الفيزوز آبادى : المؤنث : المونث وهو الرجل المشبه المرأة في لينه ورقة كلامه وتكسر أعضائه.
(٢) هذه القصة مذكورة في كتب السير عند ذكر فتح مكة سنة ثمان للهجرة حين جاء أبوسفيان إلى رسول الله ليبرم عهد المشركين ويزيد في مدته ، راجع سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣٩٦ ، المناقب ج ١ ص ٢٠٦ ، ارشاد المفيد ص ٦٠ ، اعلام الورى ص ٦٦.
فقد كان ـ على هذا ـ لحسن بن على عليهماالسلام عامئذ خمس سنين ، لا أربعة عشر شهرا كما زعم.
فأتاه آت فقال : يا ابن رسول الله قد احترقت دارك؟ قال : لا ، ما احترقت. إذ أتاه آت فقال : يا ابن رسول الله : قد وقعت النار في دار إلى جنب دارك حتى ماشككنا أنها ستحرق دارك ثم إن الله صرفها عنها.
واستغاث الناس من زياد إلى الحسن بن علي عليهماالسلام فرفع يده وقال : اللهم خذ لنا ولشيعتنا من زياد بن أبيه وأرنا فيه نكالا عاجلا إنك على كل شئ قدير قال : فخرج خراج في إبهام يمينه يقال لها : السلعة ، وورم إلى عنقه ، فمات.
ادعى رجل على الحسن بن علي عليهماالسلام ألف دينار كذبا ولم يكن له عليه فذهبا إلى شريح فقال للحسن عليهالسلام : أتحلف؟ قال : إن حلف خصمي اعطيه فقال شريح للرجل : قل بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة. فقال الحسن : لا اريد مثل هذا لكن قل : بالله إن لك علي هذا ، وخذ الالف. فقال الرجل ذلك وأخذ الدنانير فلما قام خر إلى الارض ومات ، فسئل الحسن عليهالسلام عن ذلك ، فقال : خشيت أنه لو تكلم بالتوحيد يغفرله يمينه ببركة التوحيد ، ويخجب عنه عقوبة يمينه.
محمد الفتال النيسابوري في مونس الحزين بالاسناد ، عن عيسى بن الحسن عن الصادق عليهالسلام : قال بعضهم للحسن بن علي عليهماالسلام في احتماله الشدائد عن معاوية فقال عليهالسلام كلاما معناه : لودعوت الله تعالى لجعل العراق شاما والشام عراقا وجعل المرأة رجلا والرجل امرأة فقال الشامي : ومن يقدر على ذلك؟ فقال عليهالسلام : انهضي ألا تستحين أن تقعدي بين الرجال ، فوجد الرجل نفسه امرأة ثم قال : وصارت عيالك رجلا وتقاربك وتحمل عنها وتلد ولدا خنثى فكان كما قال عليهالسلام : ثم إنهما تابا وجاءا إليه فدعا الله تعالى فعادا إلى الحالة الاولى.
الحسين بن أبي العلاء (١) عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال الحسن بن علي عليهماالسلام لاهل بيته : يا قوم إني أموت بالسم كما مات رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له أهل بيته : ومن الذي يسمك؟ قال : جاريتي أو امرأتي فقالوا له : أخرجها من ملكك عليها
____________________
(١) في المصدر ج ٤ ص ٨ الحسن بن أبى العلاء.
لعنة الله ، فقال : هيهات من إخراجها ومنيتي على يدها ، مالي منها محيص ، ولو أخرجتها ما يقتلني غيرها ، كان قضاء مقضيا وأمرا واجبا من الله فما ذهبت الايام حتى بعث معاوية إلى امرأته.
قال : فقال الحسن عليهالسلام : هل عندك من شربة لبن؟ فقالت : نعم وفيه ذلك السم الذي بعث به معاوية فلما شربه وجد مس السم في جسده فقال : يا عدوة الله قتلتيني قاتلك الله ، أما والله لا تصيبين مني خلفا ولا تنالين من الفاسق عدو الله اللعين خيرا أبدا.
٧ ـ نجم : من كتاب الدلائل لابي جعفر ابن رستم الطبري باسناده إلى عبدالله ابن عباس قال : مرمت بالحسن بن علي عليهماالسلام بقرة فقال : هذه حبلى بعجلة انثى لها غرة في جبينها ورأس ذنبها أبيض ، فانطلقنا مع القصاب حتى ذبحها فوجدنا العجلة كما وصف على صورتها ، فقلنا : أوليس الله عزوجل يقول : « ويعلم ما في الارحام » (١) فكيف علمت؟ فقال : مايلعم المخزون المكنون المجزوم المكتوم الذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل غير محمد وذريته.
بيان : رد استبعاده عليهالسلام بأبلغ وجه ، ولم يبين وجه الجمع بينه وبين ماهو ظاهر الاية من اختصاص العلم بذلك بالله تعالى وقد مر أن المعنى أنه لا يعلم ذلك أحد إلا بتعليمه تعالى ووحيه وإلهامه وأنهم عليهمالسلام إنما يعلمون بالوحي والالهام.
٨ـنجم : من كتاب مولد النبي صلىاللهعليهوآله ومولدالاصفياء عليهمالسلام تأليف الشيخ المفيد رحمهالله باسناده إلى جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال.جاء الناس إلى الحسن بن علي عليهماالسلام فقالوا : أرنا من عجائب أبيك التي كان يرينا! فقال : وتؤمنون بذلك؟ قالوا : نعم نؤمن والله بذلك ، قال : أليس تعرفون أبي؟ قالوا جميعا : بل نعرفه ، فرفع لهم جانب الستر فاذا أميرالمؤمنين عليهالسلام قاعد ، فقال : تعرفونه؟ قالوا بأجمعهم : هذا أميرالمؤمنين عليهالسلام ونشهد أنك ولي الله حقا والامام من بعده ، ولقد أريتنا أميرالمؤمنين عليهالسلام بعد موته كما أرى أبوك أبابكر رسول الله صلىاللهعليهوآله في مسجد قبا بعد
____________________
(١) لقمان : ٣٤.
موته فقال الحسن عليهالسلام ويحكم أما سمعتم قول الله عزوجل « ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون » (١) فاذا كان هذا نزل فيمن قتل في سبيل الله ماتقولون فينا؟ قالوا : آمنا وصدقنا يا ابن رسول الله.
٩ ـ نجم : وجدت في جزو بخط محمد بن علي بن الحسين بن مهزيار ونسخه في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وكان على ظهر الذي نقل منه هذا الحديث ما هذا المراد من لفظه : من حديث أبي الحسن بن علي بن محمد بن عبدالوهاب قدم علينا في سنة أربعين وثلاث مائة وأما لفظة الحديث فهو :
حدثنا أبومحمد عبدالله بن محمد الاحمري المعروف بابن داهر الرازي قال : حدثني أبوجعفر محمد بن علي الصيرفي القرشي أبوسمينة (٢) قال : حدثني داود بن كثير الرقي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام : لما صالح الحسن بن علي عليهماالسلام معاوية جلسا بالنخيلة فقال معاوية : يا أبا محمد بلغني أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يخرص النخل فهل عندك من ذلك علم ، فان شيعتكم يزعمون أنه لا يعزب عنكم علم شئ في الارض ولا في السماء؟ فقال الحسن عليهالسلام : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يخرص كيلا وأنا أخرص عددا فقال معاوية : كم في هذه النخلة؟ فقال الحسن عليهالسلام : أربعة آلاف بسرة وأربع بسرات.
أقول : ووجدت قد انقطع من المختصر المذكور كلمات فوجدتها في رواية ابن عباس الجوهري :
____________________
(١) البقرة : ١٥٤.
(٢) في النسخة المطبوعة : « أبوسفينة » وهو تصحيف. والرجل محمد بن على بن ابراهيم بن موسى أبوجعفر القرشى مولاهم صيرفى ابن اخت خلاد المقرى وهو خلاد بن عيسى وكان يلقب أبا سمينة ضعيف جدا فاسد الاعتقاد ، لا يعتمد في شئ وكان ورد قم ، وقد اشتهر بالكذب بالكوفة ، ونزل على أحمد بن محمد بن عيسى مدة ثم تشهر بالغلو فخفى و أخرجه احمد بن محمد بن عيسى عن قم وله قصة راجع النجاشى ص ٢٥٥. وقال الكشى : ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه : الكذابون المشهورون : أبوالخطاب ويونس بن ظبيان ويزيد الصائغ ، ومحمد بن سنان ، وأبوسمينة أشهرهم.
فأمر معاوية بها فصرمت وعدت فجاءت أربعة آلاف وثلاث بسرات.
ثم صح الحديث بلفظها فقال :
والله ماكذبت ولا كذبت فنظر فاذا في يد عبدالله بن عامر بن كريز بسرة ثم قال : يامعاوية أما والله لو لا أنك تكفر لاخبرتك بما تعمله وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان في زمان لا يكذب وأنت تكذب وتقول : متى سمع من جده على صغر سنه ، والله لتدعن زياد او لتقتلن حجرا ولتحملن إليك الرؤوس من بلد إلى بلد فادعى زيادا وقتل حجرا وحمل إليه رأس عمروبن الحمق الخزاعي.
١٠ ـ يج : عن عبدالغفار الجازي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن الحسن بن علي عليهماالسلام كان عنده رجلان فقال لاحدهما : إنك حدثت البارحة فلانا بحديث كذا وكذا ، فقال الرجل : إنه ليعلم ماكان ، وعجب من ذلك فقال عليهالسلام : إنا لنعلم مايجري في الليل والنهار ثم قال : إن الله تبارك وتعالى علم رسوله صلىاللهعليهوآله الحلال والحرام ، والتنزيل والتأويل ، فعلم رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا علمه كله.
ير : محمد بن الحسين ، عن النضربن شعيب ، عن عبدالغفار مثله.
١١ ـ كشف : قال لابنه عليهالسلام : إن للعرب جولة ولقد رجعت إليها عوازب أحلامها ، ولقد ضربوا إليك أكباد الابل حتى يستخرجوحك ، ولو كنت في مثل وجار الضبع.
بيان : في أكثر النسخ لابنه (١) والصواب لابيه وقد قال عليهالسلام : ذلك له صلوات الله عليه قبل رجوع الخلافة إليه أي إن للعرب جولانا وحركة في اتباع الباطل ثم يرجع إليها أحلامها العازبة البعيدة الغائبة عنهم ، فيرجعون إليك ، و ضرب أكباد الابل كناية عن الركوب وشدة الركض ، قال الجزري فيه : لاتضرب أكباد المطي إلا إلى ثلاثة مساجد أي لاتركب ولايسار عليها ، وقال : وجار الضبع هو جحره الذي يأوي إليه ، ومنه حديث الحسن : لو كنت في وجار الضبع ذكره للمبالغة لانه إذا حفر أمعن.
____________________
(١) في النسخة المطبوعة من المصدر ( ط مطبعة الاسلامية ) : وقال لابيه عليهماالسلام راجع ج ٢ ص ١٥٠.
١٦
* ( باب ) *
* ( مكارم أخلاقه [ وعمله ] وعلمه وفضله وشرفه ) *
« وجلالته ونوادر احتجاجاته صلوات الله عليه »
١ ـ لى : علي بن أحمد ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر قال : قال الصادق عليهالسلام : حدثني أبي ، عن أبيه عليهماالسلام أن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم و كان إذا حج حج ماشيا وربما مشى حافا وكان إذا ذكر الموت بكى وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها ، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عزوجل ، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، وسأل الله الجنة وتعوذ به من النار.
وكان عليهالسلام لايقرء من كتاب الله عزوجل « يا أيها الذين آمنوا » إلا قال : لبيك اللهم لبيك ، ولم يرفي شئ من أحواله إلا ذاكر الله سبحانه ، وكان أصدق الناس لهجة ، وأفصحهم منطقا ، ولقد قيل لمعاوية ذات يوم : لو أمرت الحسن بن علي بن أبي طالب فصعد المنبر فخطب ليتبين للناس نقصه ، فدعاه فقال له : اصعد المنبر وتكلم بكلمات تعظنابها ، فقام عليهالسلام فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس! من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبيطالب ، وابن سيدة النسآء فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله أنا ابن خير خلق الله أنا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنا ابن صاحب الفضائل ، أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل ، أنا ابن أميرالمؤمنين ، أنا المدفوع عن حقي ، أنا وأخي الحسين سيدا شباب أهل الجنة أنا ابن الركن والمقام أنا ابن مكة ومنى ، أنا ابن المشعر وعرفات.
فقال له معاوية : يابا محمد خذ في نعت الرطب ودع هذا فقال عليهالسلام : الريح
تنفخه والحرور ينضجه ، والبرد يطيبه ، ثم عاد عليهالسلام في كلامه فقال :
أنا إمام خلق الله ، وابن محمد رسول الله. فخشي معاوية أن يتكلم بعد ذلك بما يفتتن به الناس ، فقال : يابا محمد انزل فقد كفى ماجرى ، فنزل.
بيان : قال الجزري : الفريضة : اللحمة التي بين جنب الدابة وكتفها لا تزال ترعد ، ومنه الحديث : فجئ بهما ترعد فرائصمها أي ترجف من الخوف انتهى والسليم من لدغته العقرب كأنهم تفاء لواله بالسلامة قوله عليهالسلام : تنفخه لعل المعنى تعظمه و المنفوح : البطين والسمين.
٢ ـ لى : الطالقاني ، عن أبي سعيد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه ، عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام قال : لما حضرت الحسن بن علي بن أبيطالب الوفاة بكى فقيل له : يا ابن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي أنت به؟ وقد قال فيك رسول الله صلىاللهعليهوآله ماقال؟ وقد حججت عشرين حجة ماشيا؟ وقد قاسمت ربك مالك ثلاث مرات حتى النعل والنعل؟ فقال عليهالسلام : إنما أبكي لخصلتين : لهول المطلع وفراق الاحبة
ايضاح : قال الجزري : هول المطلع ، يريد به الموقف يوم القيامة [ أو ] مايشرف عليه من أمر الاخرة عقيب الموت فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال.
٣ ـ ب : محمد بن الوليد ، عن ابن بكير قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : بلعنا أن الحسن بن علي عليهماالسلام حج عشرين حجة ماشيا؟ قال : إن الحسن بن علي عليهماالسلام حج ويساق معه المحامل والرحال ، الخبر.
ع : ابن موسى ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن الحسن بن سعيد ، عن المفضل بن يحيى ، عن سليمان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله.
٤ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم وسهل ، عن ابن مرار وعبدالجبار ابن المبارك ، عن يونس ، عمن حدثه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن رجلا مر بعثمان بن عفان وهو قاعد على باب المسجد فسأله فامر له بخمسة دراهم فقال له
الرجل : أرشدني فقال له عثمان : دونك الفتية الذين ترى وأو مأبيده إلى ناحية من المسجد فيها الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر عليهمالسلام.
فمضى الرجل نحوهم حتى سلم عليهم وسألهم فقال له الحسن عليهالسلام : ياهذا إن المسألة لا تحل إلا في إحدى ثلاث : دم مفجع ، أودين مقرح ، أو فقر مدقع ففي أيها تسأل؟ فقال : في وجه من هذه الثلاث ، فأمر له الحسن عليهالسلام بخمسين دينارا وأمر له الحسين عليهالسلام بسعة وأربعين دينارا ، وأمر له عبدالله بن جعفر بثمانية وأربعين دينارا.
فانصرف الرجل فمر بعثمان فقال له : ما صنعت؟ فقال مررت بك فسألتك فأمرت لي بما أمرت ، ولم تسألني فيما أسأل ، وإن صاحب الوفرة لما سألته قال لي : ياهذا فيما تسأل ، فان المسألة لا تحل إلا في إحدى ثلاث فأخبرته بالوجه الذي أسأله من الثلاثة ، فأعطاني خمسين دينارا وأعطاني الثاني تسعة وأربعين دينارا وأعطاني الثالث ثمانية وأربعين دينارا فقال عثمان : ومن لك بمثل هؤلاء الفتية اولئك فطموا العلم فطما وحازوا الخير والحكمة
قال الصدوق ـ رحمهالله ـ معنى قوله : فطموا العلم فطما أي قطعوه عن غيرهم قطعا وجمعوه لانفسهم جمعا.
بيان : الوفرة الشعرة إلى شحمة الاذن ، ويكمن أن يقرأ فطموا على بناء المجهول أي فطموا بالعلم على الحذف والايصال.
٥ ـ د : حدث أبويعقوب يوسف بن الجراح ، عن رجاله ، عن حذيفة بن اليمان قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله في جبل أظنه حرى أو غيره ومعه أبوبكر وعمر وعثمان وعلي عليهالسلام وجماعة من المهاجرين والانصار وأنس حاضر لهذا الحديث وحذيفة يحدث به إذ أقبل الحسن بن علي عليهماالسلام يمشي على هدوء ووقار فنظر إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : إن جبرئيل يهديه وميكائيل يسدده ، وهو ولدي والطاهر من نفسي وضلع من أضلاعي هذا سبطي وقرة عيني بأبي هو.
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله وقمنا معه وهو يقول له : أنت تفاحتي وأنت حبيبي ومهجة
قلبي وأخذ بيده فمشى معه ونحن نمشي حتى جلس وجلسنا حوله ننظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو لايرفع بصره عنه ، ثم قال : [ أما ] إنه سيكون بعدي هاديا مهديا هذا هدية من رب العالمين لي ينبئ عني ويعرف الناس آثاري ويحيي سنتي ، ويتولى اموري في فعله ، ينظر الله إليه فيرحمه ، رحم الله من عرف له ذلك وبرني فيه وأكرمني فيه.
فما قطع رسول الله صلىاللهعليهوآله كلامه حتى أقبل إلينا أعرابي يجر هراوة له فلما نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إليه قال : قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ تقشعر منه جلودكم ، وإنه يسألكم من امور ، إن لكلامه جفوة. فجاء الاعرابي فلم يسلم وقال : أيكم محمد؟ قلنا : وما تريد؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : مهلا ، فقال : يامحمد لقد كنت ابغضك ولم أرك والان فقد ازددت لك بغضا.
قال : فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوآله وغضبنا لذلك وأردنا بالاعرابي إرادة فأومأ إلينا رسول الله أن : اسكتوا! فقال الاعرابي : يامحمد إنك تزعم أنك نبي وإنك قد كذبت على الانبياء وما معك من برهانك شئ قال له : يا أعرابي ومايدريك؟ قال : فخبرني ببرهانك قال : إن أحببت أخبرك عضو من أعضائي فيكون ذلك أوكد لبرهاني قال : أو يتكلم العضو؟ قال : نعم ، ياحسن قم! فازدرى الاعرابي نفسه (١) وقال : هو ما يأتي ويقيم صبيا ليكلمني قال : إنك ستجده عالما بما تريد فابتدره الحسن عليهالسلام وقال : مهلا يا أعرابي.
ما غبيا سألت وابن غبي |
|
بل فقيها إذن وأنت الجهول |
فان تك قد جهلت فان عندي |
|
شفاء الجهل ما سأل السؤل |
وبحرا لا تقسمه الدوالي |
|
تراثا كان أورثه الرسول |
لقد بسطت لسانك ، وعدوت طورك ، وخادعت نفسك ، غير أنك لا تبرح حتى تؤمن إنشاء الله فتبسم الاعرابي وقال : هيه (٢) فقال له الحسن عليهالسلام : نعم
____________________
(١) أى احتقره الاعرابى لصغر سنه عليهالسلام.
(٢) هيه : كلمة تقال لشئ يطرد وهي أيضا كلمة استزادة.
اجتمعهم في نادي قومك ، وتذاكرتم ماجرى بينكم على جهل وخرق منكم ، فزعمتم أن محمدا صنبور (١) والعرب قاطبة تبغضه ، ولا طالب له بثاره ، وزعمت أنك قاتله وكان في قومك مؤنته ، فحملت نفسك على ذلك ، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمه تريد قتله ، فعسر عليك مسلكك ، وعمي عليك بصرك ، وأبيت إلا ذلك فأتيتنا خوفا من أن يشتهر وإنك إنماجئت بخير يراد بك.
انبئك عن سفرك : خرجت في ليلة ضحياء إذ عصفت ريح شديدة اشتد منها ظلماؤها وأطلت سماؤها ، وأعصر سحابها ، فبقيت محرنجما كالاشقر إن تقدم نحر وإن تأخر عقر ، (٢) لاتسمع لواطئ حسا ولا لنا فخ نارجرسا ، تراكمت عليك غيومها ، وتوارت عنك نجومها. فلا تهتدي بنجم طالع ، ولا بعلم لا مع ، تقطع محجة وتهبط لجة في ديمومة قفر بعيدة القعر ، مجحفة بالسفر إذا علوت مصعدا ازددت بعدا ، الريح تخطفك ، والشوك تخبطك ، في ريح عاصف ، وبرق خاطف ، قد أو حشتك آكامها ، وقطعتك سلامها ، فأبصرت فإذا أنت عندنا فقرت عينك ، وظهر رينك ، وذهب أنينك.
قال : من أين قلت يا غلام هذا؟ كأنك كشفت عن سويد (٣) قلبي ، ولقد كنت كأنك شاهدتني ، وما خفي عليك شئ من أمري وكأنه علم الغيب [ فـ ] قال له : ما الاسلام؟ فقال الحسن عليهالسلام : الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فأسلم وحسن إسلامه ، وعلمه رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئا من القرآن فقال : يارسول الله أرجع إلى قومي فاعرفهم ذلك؟ فأذن له ، فانصرف ورجع ومعه جماعة من قومه ، فدخلوا في الاسلام فكان الناس إذا نظروا إلى
____________________
(١) قال الجزرى : فيه : أن قريشا كانوا يقولون ان محمدا صنبور. أى أبتر لاعقب له. وأصل الصنبور سعفة تنبت في جذع النخلة لا في الارض وقيل : هى النخلة المنفردة التى يدق أسفلها. أرادوا أنه اذا قطع انقطع ذكره كما يذهب أثر الصنبور لانه لاعقب له.
(٢) من كلام لقيط بن زرارة يوم جبلة وكان على فرس أشقر ، يقول : ان جريت على طبعك فتقدمت إلى العدو قتلوك وان أسرعت فتأخرت منهزما أتوك من ورائك فعقروك ، فاثبت والزم الوقار. راجع مجمع الامثال ج ٢ ص ١٤٠.
(٣) سويد : بتصغير الترخيم ، أصله أسيود تصغير أسود.
الحسن عليهالسلام قالوا : لقد اعطي مالم يعط أحد من الناس.
٦ ـ ما : المفيد ، عن محمد بن محمد بن طاهر ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف عن الحسن بن محمد ، عن أبيه ، عن عاصم بن عمر ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : كتب إلى الحسن بن علي عليهماالسلام قوم من أصحابه يعزونه عن ابنة له ، فكتب إليهم : أما بعد فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة ، فعندالله أحتسبها تسليما لقضائه ، وصبرا على بلائه ، فان أو جعتنا المصائب : وفجعتنا النوائب بالاخبة المألوفة التي كانت بنا حفية ، والاخوان المحبين الذين كان يسر بهم الناظرون ، وتقربهم العيون.
أضحوا قد أختر متهم الايام ونزل بهم الحمام ، فخلفوا الخلوف ، وأودت بهم الحتوف ، فهم صرعى في عساكر الموتى ، متجاورون في غير محلة التجاور ، ولا صلاة بينهم ولا تزاور ، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم ، أجسامهم نائية من أهلها خالية من أربابها ، قد أخشعها إخوانها ، فلم أر مثل دارها دارا ، ولا مثل قرارها قرارا في بيوت موحشة ، وحلول مضجعة ، قد صارت في تلك الديار الموحشة ، وخرجت عن دار المونسة ، ففارقتها من غير قلى ، فاستودعتها للبلى ، وكانت أمة مملوكة ، سلكت سبيلا مسلوكة صار إليها الاولون ، وسيصيرإليها الاخرون والسلام.
بيان : قال الجزري فيه : من صام رمضان إيمانا واحتسابا أي طلبالوجه الله وثوابه ، والا حتساب من الحسب كالاعتداد من العد ، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه ، لان له حينئذ أن يعتد عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به ، ومنه الحديث : من مات له ولد فاحتسبه أي احتسب الاجر بصبره على مصيبة انتهى.
وفجعته المصيبة أي أوجعته ، وكذلك التفجيع ، والحفاوة المبالغة في السؤال عن الرجل والعناية في أمره ، واخترمهم الدهر أي اقتطعهم واستأصلهم ، والحمام بالكسر قدر الموت.
وقال الجزري : (١) الخلف بالتحريك والسكون كل من يجئ بعد من
____________________
(١) في النسخ المطبوعة : « قال الفيروز آبادى » وهو سهو من النساخ.
مضى إلا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر ، وفي حديث ابن مسعود ثم إنه تخلف من بعده خلوف هي جمع خلف ، انتهى.
وأودى به الموت : ذهب ، والحتوف بالضم جمع الحتف ، وهو الموت و « عن » في قوله « عن قرب جوارهم » لعلها للتعليل أي لا يقع منهم الملاقاة الناشية عن قرب الجوار ، بل أرواحهم يتزاورون بحسب درجاتهم وكمالاتهم.
قوله عليهالسلام « قد أخشعها » كذا في أكثر النسخ ولا يناسب المقام وفي بعضها بالجيم قال في النهاية : الجشع : الجزع لفراق الالف ، ومنه الحديث : فبكى معاذ جشعا لفراق رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولا يبعة أن يكون تصحيف اجتنبها ، والحلول بالضم جمع حال من قولهم حل بالمكان أي نزل فيه ، ومضجعة ، بفتح الجيم من قولهم أضجعه أي وصع جنبه على الارض ، والقلى بالكسر : البغض.
٧ ـ ير : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن رجاله ، عن أبي عبدالله عليهالسلام يرفع الحديث إلى الحسن بن علي عليهماالسلام أنه قال : إن الله مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب عليهما سوران من حديد ، وعلى كل مدينة ألف ألف مصراع من ذهب ، وفيها سبعون ألف ألف لغة ، يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه وأنا أعرف جميع اللغات ، وما فيهما ومابينهما وما عليهما حجة غيري والحسين أخي.
ير : أحمد بن الحسين عن أبيه بهذا الاسناد مثله.
قب : عن ابن أبي عمير مثله (١).
٨ ـ يج : روي أن الحسن عليهالسلام وعبدالله بن العباس كانا على مائدة فجاءت جرادة ووقعت على المائدة فقال عبدالله للحسن : أي شئ مكتوب على جناح الجرادة؟ فقال عليهالسلام : مكتوب عليه : أنا الله لا إله إلا أنا ربما أبعث الجراد لقوم جياع ليأكلوه ، وربما أبعثها نقمة على قوم فتأكل أطعمتهم ، فقام عبدالله وقبل رأس الحسن ، وقال : هذا من مكنون العلم.
٩ ـ سن : ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال :
____________________
(١) ورواه المفيد في الارشاد ص ١٨٠ باختصار.
أتى رجل أميرالمؤمنين عليهالسلام فقال له : جئتك مستشيرا إن الحسن والحسين وعبدالله ابن جعفر عليهمالسلام خطبوا إلي فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : المستشار مؤتمن ، أما الحسن فانه مطلاق للنساء ، ولكن زوجها الحسين ، فانه خير لابنتك.
١٠ ـ شا : روى جماعة منهم معمر ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك قال : لم يكن أحد أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله من الحسن بن علي عليهماالسلام.
١١ ـ قب : محمد بن إسحاق في كتابه قال : ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله مابلغ الحسن ، كان يبسط له على باب داره فاذا خرج وجلس انقطع الطريق ، فما مر أحد من خلق الله إجلالا له ، فاذا علم قام ودخل بيته ، فمر الناس ولقد رأيته في طريق مكة ماشيا فما من خلق الله أحد رآه إلا نزل ومشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص يمشي.
أبوالسعادات في الفضائل أنه أملا الشيخ أبوالفتوح في مدرسة الناجية : إن الحسن بن علي عليهماالسلام كان يحضرمجلس رسول الله صلىاللهعليهوآله وهوابن سبع سنين فيسمع الوحي فيحفظه فيأتي امه فيلقي إليها ما حفظه كلما دخل علي عليهالسلام وجد عندها علما بالتنزيل فيسألها عن ذلك فقالت : من ولدك الحسن ، فتخفى يوما في الدار ، وقد دخل الحسن وقد سمع الوحي فأراد أن يلقيه إليها فارتج عليه ، فعجبت امه من ذلك فقال : لا تعجبين يا اماه فان كبيرا يسمعني ، فاستماعه قد أوقفني ، فخرج علي عليهالسلام فقبله ، وفي رواية : يا اماه قل بياني وكل لساني لعل سيدا يرعاني.
بيان : قال الجوهري : ارتج على القارئ على مالم يسم فاعله إذا لم يقدر على القراءة كأنه اطبق عليه كما يرتج الباب وكذلك ارتتج عليه ، ولا تقل ارتج عليه بالتشديد.
١٢ ـ قب : قيل للحسن بن علي عليهماالسلام إن فيك عظمة ، قال : بل في عزة قال الله تعالى « ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين » (١).
وقال واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي عليهماالسلام عليه سيماء الانبياء
____________________
(١) المنافقون : ٨.
وبهاء الملوك.
١٣ ـ قب : أمازهده عليهالسلام فقد جاء في روضة الواعظين أن الحسن بن علي عليهماالسلام كان إذا توضأ ارتعدت مفاصله ، واصفر لونه ، فقيل له في ذلك فقال : حق على كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه ، وترتعد مفاصلة.
وكان عليهالسلام إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه ويقول : إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيئ ، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك ، ياكريم.
الفائق إن الحسن عليهالسلام كان إذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس وإن زحزح ، أي وإن اريد تنحيه من ذلك باستنطاق مايهم.
قال الصادق عليهالسلام : إن الحسن بن علي عليهماالسلام حج خمسة وعشرين حجة ماشيا وقاسم اله تعالى ماله مرتين ، وفي خبر : قاسم ربه ثلاث مرات وحج عشرين حجة على قدميه.
أبونعيم في حلية الاولياء بالاسناد عن القاسم بن عبدالرحمن ، عن محمد بن علي عليهماالسلام قال الحسن عليهالسلام : إني لاستحيي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته فمشى عشرين مرة من المدينة على رجليه ، وفي كتابه بالاسناد عن شهاب بن عامر أن الحسن بن علي عليهماالسلام قاسم الله تعالى ماله مرتين حتى تصدق بفرد نعله وفي كتابه بالاسناد عن ابن نجيح أن الحسن بن علي عليهماالسلام حج ماشيا وقسم ماله نصفين ، وفي كتابه بالاسناد عن علي بن جذعان قال : خرج الحسن بن علي عليهماالسلام من ماله مرتين وقاسم الله ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا ويعطي خفا ويمسك خفا.
وروى عبدالله بن عمر ابن عباس قال : لما اصيب معاوية قال : (١) ما آسى على شئ إلا على أن أحج ماشيا ولقد حج الحسن بن علي عليهما السام خمسا وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه ، وقد قاسم الله مرتين حتى أن كان ليعطي النعل ويمسك النعل ، ويعطي الخف ويمسك الخف.
____________________
(١) في النسخ المطبوعة : « قال معوية » وهو تصحيف راجع المصدر ج ٤ ص ١٤.
بيان : أسي على مصيبة بالكسر يأسى أسى أي حزن.
١٤ ـ قب : وروي أنه دخلت عليه امرأة جميلة وهو في صلاته فأوجز في صلاته ثم قال لها : ألك حاجة؟ قالت : نعم ، قال : وماهي؟ قالت : قم فأصب مني فاني وفدت ولا بعل لي قال : إليك عني لا تحرقيني بالنارونفسك ، فجعلت تراوده عن نفسه وهو يبكي ويقول : ويحك إليك عني واشتد بكاؤه فلما رأت ذلك بكت لبكائه ، فدخل الحسين عليهالسلام ورآهما يبكيان ، فجلس يبكي وجعل أصحابه يأتون ويجلسون ويبكون حتى كثر البكاء وعلت الاصوات فخرجت الاعرابية ، و قام القوم وترحلوا ، ولبث الحسين عليهالسلام بعد ذلك دهرا لا يسأل أخاه عن ذلك إجلالا له.
فبينما الحسن ذات ليلة نائما إذا استيقظ وهو يبكي فقال له الحسين عليهالسلام : ماشأنك؟ قال : رؤيا رأيتها الليلة ، قال : وماهي قال : لا تخبر أحدا ما دمت حيا قال : نعم : قال : رأيت يوسف فجئت أنظر إليه فيمن نظر فلما رأيت حسنه بكيت فنظر إلي في الناس فقال : ما يبكيك يا أخي بأبي أنت وامي فقلت : ذكرت يوسف و امرأة العزيز ، وما ابتليت به من أمرها وما لقيت من السجن وحرقة الشيخ يعقوب فبكيت من ذلك وكنت أتعجب منه فقال يوسف : فهلا تعجبت مما فيه المرأة البدوية بالابواء.
عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : دخل الحسن بن علي عليهماالسلام الفرات في بردة كانت عليه ، قال : فقلت له : لو نزعت ثوبك فقال لي : يا أبا عبدالرحمن إن للماء سكانا.
وللحسن بن علي عليهالسلام :
ذري كدر الايام إن صفاءها |
|
تولى بأيام السرور الذواهب |
وكيف يغر الدهر من كان بينه |
|
وبين الليالي محكمات التجارب |
وله عليهالسلام :
قل للمقيم بغير دار إقامة |
|
حان الرحيل فودع الاحبابا |