الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١١
وفي المجمع عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قرأها فقال : مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ، وشدائد يوم القيامة (١) وعنه صلىاللهعليهوآله إني لاعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم « ومن يتق الله » الآية فما زال يقولها ويعيدها (٢) وفي النهج مخرجا من الفتن ونورا من الظلم (٣) وفي المجمع عن الصادق عليهالسلام « ويرزقه من حيث لايحتسب » أي يبارك له فيما آتاه (٤).
وفي الفقيه عنه عن آبائه عن علي عليهالسلام من أتاه الله برزق لم يخط إليه برجله ولم يمده إليه يده ، ولم يتكلم فيه بلسانه ، ولم يشد إليه ثيابه ، ولم يتعرض له كان ممن ذكر الله عزوجل في كتابه « ومن يتق الله » الآية (٥) وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام إن قوما من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله لما نزلت هذه الآية أغلقوا الابواب وأقبلوا على العبادة وقالوا : كفينا فبلغ ذلك النبي فأرسل إليهم فقال : ماحملكم على ماصنعتم؟ فقالوا : يارسول الله تكفل لنا بأرزاقنا ، فأقبلنا على العبادة فقال : إنه من فعل ذلك لم يستجب له ، عليكم بالطلب (٦).
وعنه عليهالسلام : هؤلاء قوم من شيعتنا شعفاء ليس عندهم مايتحملون به إلينا ، فيسمعون حديثنا ، ويقتبسون من علمنا ، فيرحل قوم فوقهم وينفقون أموالهم ويتعبون أبدانهم حتى يدخلوا علينا ، فيسمعوا حديثنا فينقلوه إليهم ، فيعيه هؤلاء ويضيعه هؤلاء فاولئك الذين يجعل الله عز ذكره لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لايحتسبون (٧).
____________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٠٦.
(٢) أنوار التنزيل ص ٤٣٣.
(٣) نهج البلاغة تحت الرقم ١٨١ من الخطب.
(٤) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٠٦.
(٥) الفقيه ج ٣ ص ١٠١.
(٦) الكافي ج ٥ ص ٨٤.
(٧) الكافي ج ٨ ص ١٧٨.
« ومن يتق الله » (١) في أحكامه فيراعي حقوقها « يجعل له من أمره يسرا » أي يسهل عليه أمره ويوفقه للخير « ومن يتق الله » (٢) في أمره « يكفر عنه سيئاته » فان الحسنات يذهبن السيئات « ويعظم له أجرا » بالمضاعفة.
« جنات النعيم » (٣) أي جنات ليس فيها إلا التنعم الخالص.
« مفازا » (٤) في التفسير قال : يفوزون ، وعن الباقر عليهالسلام هي الكرامات « حدائق وأعنابا » أي بساتين فيها أنواع الاشجار المثمرة « وكواعب » نساء فلكت ثديهن « أترابا » لدات عن سن واحد ، وفي التفسير عن الباقر عليهالسلام « وكواعب أترابا » أي الفتيات الناهدات « وكأسا دهاقا » أي ممتلية.
١ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أبي داود المسترق ، عن محسن الميثمي ، عن يعقوب بن شعيب قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : مانقل الله عزوجل عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه من غير مال ، وأعزه من غير عشيرة ، وآنسه من غير بشر (٥).
بيان : « من غير بشر » أي من غير أنيس من البشر ، بل الله مونسه كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : اللهم إنك آنس الآنسين بأوليائك.
٢ ـ ضه ، شى : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : إن لاهل التقوى علامات يعرفون بها : صدق الحديث ، وأداء الامانة ، ووفاء بالعهد ، وقلة العجز والبخل ، وصلة الارحام ، ورحمة الضعفاء وقلة المؤاتاة للنساء ، وبذل المعروف ، وحسن الخلق ، وسعة الحلم ، واتباع العلم ، فيما يقرب إلى الله ، طوبى لهم وحسن مآب.
وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله ، فليس من مؤمن إلا وفي
____________________
(٢١) الطلاق : ٤ و ٥.
(٣) القلم : ٣٤.
(٤) النبأ : ٣٣٣١.
(٥) الكافى ج ٢ ص ٧٦.
داره غصن من أغصانها لاينوي في قلبه شيئا إلا آتاه ذلك الغصن ، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ماخرج منها ، ولو أن غرابا طار من أصلها مابلغ أعلاها حتى يبياض هراما إلا ففي هذا فارغبوا ، إن للمؤمن في نفسه شغلا والناس منه في راحة إذا جن عليه الليل فرش وجهه وسجد لله بمكارم بدنه ، يناجى الذي خلقه في فكاك رقبته ألا فهكذا فكونوا (١).
٣ ـ تفسير النعمانى : بالاسناد المسطور في كتاب القرآن عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : نسخ قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته » (٢) قوله تعالى : « فاتقوا الله ما استطعتم » (٣).
٤ ـ كتاب صفات الشيعة للصدوق : باسناده ، عن علي بن عبدالعزيز قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : يا علي بن عبدالعزيز لايغرنك بكاؤهم فان التقوى في القلب (٤).
٥ ـ دعوات الراوندى : قال النبي صلىاللهعليهوآله : من اتقى الله عاش قويا وسار في بلاد عدوه آمنا.
٦ ـ نهج : قال عليهالسلام : كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه إلا العناء ، حبذا نوم الاكياس وإفطارهم (٥).
وقال عليهالسلام : اتقوا الله الذي إن قلتم سمع ، وإن أضمرتم علم وبادروا الموت الي إن هربتم أدرككم ، وإن أقمتم أخذكم ، وإن نسيتموه ذكركم (٦).
____________________
(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢١٣.
(٢) آل عمران : ١٠٢.
(٣) التغابن : ١٦.
(٤) صفات الشيعة ص ١٧٦.
(٥) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٧٧.
(٦) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٠.
وقال عليهالسلام : اتقوا الله تقية من شمر تجريدا ، وجد تشميرا وانكمش في مهل ، وبادر عن وجل ، ونظر في كرة الموئل ، وعاقبة المصدر ومغبة المرجع (١).
وقال عليهالسلام : اتقوا الله بعض التقى ، وإن قل ، واجعل بينك وبين الله سترا وإن رق (٢).
وقال عليهالسلام : التقى رئيس الاخلاق (٣).
وقال عليهالسلام : أما بعد فاني اوصيكم بتقوى الله الذي ابتدأ خلقكم وإليه يكون معادكم ، وبه نجاح طلبتكم ، وإليه منتهى رغبتكم ، ونحوه قصد سبيلكم ، وإليه مرامي مفزعكم ، فان تقوى الله دواء داء قلوبكم ، وبصر عمى أفئدتكم ، وشفاء مرض أجسادكم ، وصلاح فساد صدوركم ، وطهور دنس أنفسكم وجلاء غشاء أبصاركم ، وأمن فرغ جأشكم ، وضياء سواد ظلمتكم.
فاجعلوا طاعة الله شعارا دون دثاركم ، ودخيلا دون شعاركم ، ولطيفا بين أضلاعكم ، وأميرا فوق اموركم ، ومنهلا لحين وردكم ، وشفيعا لدرك طلبتكم وجنة ليوم فزعكم ، ومصابيح لبطون قبوركم ، وسكنا لطول وحشتكم ، ونفسا لكرب مواطنكم ، فان طاعة الله حرز من متالف مكتنفة ، ومخاوف متوقعة واوار نيران موقدة ، فمن أخذ بالتقوى عزبت عنه الشدائد بعد دنوها ، واحلولت له الامور بعد مرارتها ، وانفرجت عنه الامواج بعد تراكمها ، وأسهلت له الصعاب بعد انصبابها ، وهطلت عليه الكرامة بعد قحوطها ، وتحدبت عليه الرحمة بعد نفورها وتفجرت عليه النعم بعد نضوبها ، ووبلت عليه البركة بعد ارذادها.
فاتقوا الله الذي نفعكم بموعظته ، ووعظكم برسالته ، وامتن عليكم بنعمته
____________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩١.
(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٨.
(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤١.
فعبدوا أنفسكم لعبادته ، واخرجوا إليه من حق طاعته ، إلى آخر الخطبة (١).
٨ ـ كنز الكراجكى : روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال : خصلة من لزمها أطاعته الدنيا والآخرة وربح الفوز بالجنة قيل : وما هي يارسول الله؟ قال : التقوى من أراد أن يكون أعز الناس فليتق الله عزوجل ، ثم تلا « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب » (٢).
٨ ـ عدة الداعى : روى أحمد بن الحسين الميثمي عن رجل من أصحابه قال : قرأت جوابا من أبي عبدالله عليهالسلام إلى رجل من أصحابه أما بعد فاني اوصيك بتقوى الله عزوجل ، فان الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى مايحب ، و يرزقه من حيث لايحتسب ، إن الله عزوجل لايخدع عن جنته ، ولاينال ماعنده إلا بطاعته إنشاء الله تعالى.
وروى عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أيما مؤمن أقبل قبل ما يحب الله ، أقبل الله عليه قبل كل مايحب ، ومن اعتصم بالله بتقواه عصمه الله ، ومن أقبل الله عليه وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الارض ، وإن نزلت نازلة على أهل الارض فشملهم بلية كان في حرز الله بالتقوى من كل بلية ، أليس الله تعالى يقول : « إن المتقين في مقام أمين » (٣).
مشكوة الانوار : عنه عليهالسلام مثله (٤).
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : لو أن السموات والارض كانتا رتقا على عبد ثم اتقى الله لجعل الله له منهما فرجا ومخرجا.
وسئل الصادق عليهالسلام عن تفسير التقوى فقال : أن لايفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك.
____________________
(١) نهج البلاغة ج ١ ص ١٥٥ ، تحت الرقم ٨١ من الخطب.
(٢) الطلاق : ٣ و ٤.
(٣) الدخان : ٥١.
(٤) مشكاة الانوار ص ١٨.
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : أصل الدين الورع ، كن ورعا تكن أعبد الناس ، وكن بالعمل بالتقوى أشد اهتماما منك بالعمل بغيره ، فانه لايقل عمل بالتقوى ، وكيف يقل عمل يتقبل لقول الله عزوجل « إنما يتقبل الله من المتقين » وفي الوحي القديم : العمل مع أكل الحرام كناقل الماء في المنخل.
وعنهم عليهمالسلام : جدوا واجتهدوا ، وإن لم تعملوا فلا تعصوا ، فان من يبني ولا يهدم يرتفع بناؤه ، وإن كان يسيرا وإن ( من يبني ويهدم يوشك أن لايرتفع بناؤه.
وروى محمد بن يعقوب يرفعه إلى أبي حمزة قال : كنت عند علي بن الحسين عليهماالسلام فجاءه رجل فقال له ) يا أبا محمد إني مبتلى بالنساء فأزني يوما وأصوم يوما أفيكون ذا كفارة لذا؟ فقال له عليهالسلام : إنه ليس شئ أحب إلى الله عزوجل من أن يطاع فلا يعصى فلا تزن ولا تصم ، فاجتذبه أبوجعفر عليهالسلام إليه فأخذه بيده و قال له : تعمل عمل أهل النار ، وترجو أن تدخل الجنة (١).
وعن النبي صلىاللهعليهوآله قال : ليجيئن أقوام يوم القيامة لهم من الحسنات كجبال تهامة ، فيؤمر بهم إلى النار ، فقيل : يانبي الله أمصلون؟ قال : كانوا يصلون ويصومون ويأخذون وهنا من الليل لكنهم كانوا إذا لاح لهم شئ من الدنيا وثبوا عليه.
٩ ـ مشكوة الانوار : نقلا من المحاسن قال أمير المؤمنين عليهالسلام : التقوى سنخ الايمان وقيل لامير المؤمنين عليهالسلام : صف لنا الدنيا فقال : وما أصف لكم منها؟ لحلالها حساب ، ولحرامها عذاب ، لو رأيتم الاجل ومسيره للهيتم عن الامل وغروره ، ثم قال : من اتقى الله حق تقاته أعطاه الله انسا بلا أنيس ، وغناء بلا مال ، وعزا بلا سلطان. وقال أبوعبدالله عليهالسلام : القيامة ( عرس المتقين.
وقال أبوعبدالله عليهالسلام : لايغرنك ) بكاؤهم إنما التقوى في القلب.
وقال أبوعبدالله عليهالسلام : في قوله جل ثناؤه : « هو أهل التقوى وأهل المغفرة » (٢) قال : أنا أهل أن يتقيني عبدى ، فان لم يفعل فأنا أهل أن
____________________
(١) راجع الكافى ج ٥ ص ٥٤٢. (٢) المدثر : ٥٦.
أغفر له (١).
ومنه : روي أن رسول الله صلىاللهعليهوآله دخل البيت عام الفتح ومعه الفضل بن عباس واسامة بن زيد ثم خرج فأخذ بحلقة الباب ثم قال : الحمد لله الذي صدق عبده ، وأنجز وعده ، وغلب الاحزاب وحده ، إن الله أذهب نخوة العرب وتكبرها بآبائها وكلكم من آدم ، وآدم من تراب ، وأكرمكم عند الله أتقيكم (٢).
١١ ـ ومنه : عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : العلماء امناء ، والاتقياء حصون والعمال سادة.
١٢ ـ شى : عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن قول الله : « اتقوا الله حق تقاته » (٣) قال : منسوخة ، قلت : وما نسختها؟ قال : قول الله : « اتقوا الله ما استطعتم » (٤).
١٣ ـ شى : عن زيد بن أبي اسامة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله : « إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون » (٥) قال : هو الذنب يهم به العبد فيتذكر فيدعه (٦).
١٤ ـ شى : عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ماذلك الطائف؟ قال : هو السيئ يهم العبد به ، ثم يذكر الله فيبصر ويقصر.
أبوبصير عنه عليهالسلام قال : هو الرجل يهم بالذنب ثم يتذكر فيدعه (٧).
____________________
(١) مشكاة الانوار : ص ٤٤.
(٢) مشكاة الانوار ص ٥٩.
(٣) آل عمران : ١٠٢.
(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ١٩٤ ، والاية في التغابن : ١٦.
(٥) الاعراف : ٢٠١.
(٦) تفسير العياشى ج ٢ ص ٤٣.
(٧) تفسير العياشى ج ٢ ص ٤٤.
١٥ ـ صح ، لى : عن أمير المؤمنين عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : أتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه (١).
١٦ ـ لى : عن أمير المؤمنين عليهالسلام لاكرم أعز من التقوى ، وسئل عليهالسلام أي عمل أفضل؟ قال : التقوى (٢).
أقول : قد أثبتناها وأمثالها بأسانيدها في أبواب المواعظ وباب مكارم الاخلاق.
١٧ ـ فس : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أيها الناس إن العربية ليست بأب والد ، و إنما هو لسان ناطق ، فمن تكلم به فهو عربي ألا إنكم ولد آدم ، وآدم من تراب وأكرمكم عند الله أتقاكم (٣).
١٨ ـ ل : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن القاشاني عمن ذكره ، عن عبدالله بن القاسم الجعفري ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : القيامة عرس المتقين (٤).
١٩ ـ ل : عن علي بن الحسين عليهالسلام لا حسب لقرشي ولا عربي إلا بتواضع ولا كرم إلا بتقوى (٥).
٢٠ ـ ل : الخليل بن أحمد ، عن معاذ ، عن الحسين المروزي ، عن محمد بن عبيد ، عن داود الاودي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : أول ما يدخل النار من امتي الاجوفان قالوا : وما الاجوفان؟ قال : الفرج والفم ، وأكثر مايدخل به الجنة تقوى الله وحسن الخلق (٦).
____________________
(١) أمالي الصدوق ص ١٤.
(٢) أمالي الصدوق ص ١٩٣.
(٣) تفسير القمي ٦٤٢.
(٤) الخصال ج ١ ص ١٠.
(٥) الخصال ج ١ ص ١٢.
(٦) الخصال ج ١ ص ٣٩.
٢١ ـ ما : في وصية النبي صلىاللهعليهوآله لابي ذر : عليك بتقوى الله فانه رأس الامر كله (١).
أقول : سيأتي فيما كتب أمير المؤمنين عليهالسلام لمحمد بن أبي بكر مدح المتقين (٢).
٢٢ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن سليمان بن محمد ، عن محمد بن عمران ، عن محمد بن عيسى الكندي ، عن الصادق عليهالسلام قال : من أخرجه الله من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه الله بلا مال ، وأعزه بلا عشيرة ، وآنسه بلا بشر ، ومن خاف الله عزوجل أخاف الله منه كل شئ ، ومن لم يخف الله عز وجل أخافه الله من كل شئ (٣).
ما : عن المفيد ، عن محمد بن محمد بن طاهر ، عن ابن عقدة مثله (٤).
٢٣ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن الكليني (٥) عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : جلس جماعة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ينتسبون ويفتخرون ، وفيهم سلمان رحمهالله فقال عمر : مانسبك أنت ياسلمان؟ وما أصلك؟ فقال : أنا سلمان بن عبدالله كنت ضالا فهداني الله بمحمد عليهالسلام وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد عليهالسلام وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد عليهالسلام فهذا حسبي ونسبي ياعمر ، ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله فذكر له سلمان ما قال عمر ، وما أجابه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا معشر قريش إن حسب المرء دينه ، ومروته خلقه ، وأصله عقله ، قال الله تعالى : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا
____________________
(١) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٤ وفي نسخة الاصل رمز الخصال.
(٢) أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٤.
(٣) أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٠٥.
(٤) أمالي الطوسي ج ١ ص ١٣٩.
(٥) تراه في روضة الكافي ص ١٨١ مع اختلاف في اللفظ.
إن أكرمكم عند الله أتقيكم (١) ثم أقبل على سلمان رحمهالله فقال له : ياسلمان إنه ليس لاحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عزوجل ، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه (٢).
٢٤ ـ ما : المفيد ، عن إسماعيل بن محمد الكاتب ، عن أحمد بن جعفر المالكي عن عبدالله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب ، عن أبي ذر رحمهالله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اتق الله حيث كنت ، وخالق الناس بخلق حسن ، وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة يمحوها (٣).
٢٥ ـ ما : المفيد ، عن محمد بن محمد بن طاهر ، عن ابن عقدة ، عن يحيى بن الحسن العلوي ، عن إسحاق بن موسى ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، والجلوس إليهم عبادة (٤).
٢٦ ـ ما : ابن مخلد ، عن جعفر بن محمد بن نصير ، عن الحارث بن محمد بن أبي اسامة ، عن داود بن المحبر ، عن عباد ، عن عبدالله بن دينار ، عن ابن عمران ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : كم من عاقل عقل عن الله عزوجل أمره ، وهو حقير عند الناس دميم المنظر ، ينجو غدا ، وكم من طريف اللسان ، جميل المنظر عند الناس ، يهلك غدا في القيامة (٥).
٢٧ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن الحسن بن محمد بن اشكاب ، عن أبيه عن علي بن حفص المدايني ، عن أيوب بن سيار ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : أقبل العباس ذات يوم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان العباس
____________________
(١) الحجرات : ١١.
(٢) أمالي الطوسي ج ١ ص ١٤٦.
(٣) أمالي الطوسي ج ١ ص ١٨٩.
(٤) أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٢٩.
(٥) أمالي الطوسي ج ٢ ص ٧.
طوالا حسن الجسم ، فلما رآه النبي صلىاللهعليهوآله تبسم إليه وقال : إنك ياعم لجميل فقال العباس : ما الجمال بالرجل يارسول الله؟ قال : بصواب القول بالحق قال : فما الكمال؟ قال : تقوى الله عزوجل وحسن الخلق (١).
٢٨ ـ مع ، ع : ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : وقع بين سلمان وبين رجل كلام فقال له : من أنت وما أنت؟ فقال سلمان : أما اولادي واولاك فنطفة قذرة ، وأما اخراي واخراك فجيفة منتنة ، فاذا كان يوم القيامة ونصبت الموازين ، فمن خف ميزانه فهو اللئيم ، ومن ثقل ميزانه فهو الكريم (٢).
٢٩ ـ ع : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن جعفر بن محمد بن إبراهيم الهمداني ، عن العباس بن عامر ، عن إسماعيل بن دينار يرفعه إلى أبي عبدالله عليهالسلام قال : افتخر رجلان عند أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : أتفتخران بأجساد بالية ، وأرواح في النار؟ إن يكن لك عقل فان لك خلقا وإن يكن لك تقوى فان لك كرما ، وإلا فالحمار خير منك ولست بخير من أحد.
٣٠ ـ مع : الوراق ، عن سعد ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن الحسن بن سعيد ، عن الحارث بن محمد بن النعمان ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله ، ومن أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على الله الخبر (٣).
أقول : قد مضى بعض الاخبار في باب أصناف الناس في الايمان.
٣١ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن النضر ، عن أبي الحسين ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن قول الله
____________________
(١) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١١٢.
(٢) معاني الاخبار ص ٢٠٧.
(٣) معاني الاخبار ص ١٩٦.
عزوجل : « اتقوا الله حق تقاته » قال : يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر (١).
ين : النضر مثله.
سن : عن أبيه : عن النضر مثله (٢).
شى : عن أبي بصير مثله (٣).
٣٢ ـ مع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الوليد بن عباس قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : الحسب الفعال ، والشرف المال ، والكرم التقوى (٤).
٣٣ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن هارون بن عبدالرحمن ، عن أبيه ، عن عيسى بن أبي الورد ، عن أحمد بن عبدالعزيز ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لايقل مع التقوى عمل ، وكيف يقل مايتقبل (٥).
جا : الجعابي مثله (٦).
جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن ابن فضال ، عن ابن سنان ، عن الفضيل بن عثمان ، عن الحذاء ، عن أبي جعفر عليهالسلام مثله (٧).
____________________
(١) معاني الاخبار ص ٢٤٠.
(٢) المحاسن ص ٢٠٤.
(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ١٩٤.
(٤) معاني الاخبار ص ٤٠٥.
(٥) أمالي الطوسي ج ١ ص ٦٠.
(٦) أمالي المفيد ص ٢٦.
(٧) أمالي المفيد ص ١٢٢.
كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان مثله (١).
بيان : « وكيف يقل مايتقبل » لان الله يقول : « إنما يتقبل الله من المتقين » (٢).
٣٤ ـ فس : « إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر » (٣) قال : من لم ينهه الصلاة عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا (٤).
٣٥ ـ فس : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطى ثم يقال له : كن هباء منثورا ثم قال : أما والله يا أبا حمزة إنهم كانوا يصومون ويصلون ، ولكن كانوا إذا عرض لهم شئ من الحرام أخذوه ، وإذا ذكر لهم شئ من فضل أمير المؤمنين عليهالسلام أنكروه ، وقال : والهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوة من شعاع الشمس (٥).
٣٦ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الوشاء ، عن الحسن بن الجهم ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال : كان في بني إسرائيل رجل يكثر أن يقول : الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، فغاظ إبليس ذلك فبعث إليه شيطانا فقال : قل : العاقبة للاغنياء ، فجاءه فقال ذلك ، فتحاكما إلى أول من يطلع عليهما على قطع يد الذي يحكم عليه فلقيا شخصا فأخبراه بحالهما ، فقال : العاقبة للاغنياء فرجع ، وهو يحمد الله ويقول : العاقبة للمتقين ، فقال له : تعود أيضا فقال : نعم على يدي الاخرى فخرجا فطلع الآخر فحكم عليه أيضا فقطعت يده الاخرى ، وعاد أيضا يحمد الله
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٧٥.
(٢) المائدة ٢٧.
(٣) العنكبوت : ٤٥.
(٤) تفسير القمى ص ٤٩٧.
(٥) تفسير القمي ص ٤٦٥.
ويقول : العاقبة للمتقين ، فقال له : تحاكمني على ضرب العنق؟ فقال : نعم فخرجا فرأيا مثالا فوقفا عليه فقال : إني كنت حاكمت هذا وقصا عليه قصتهما قال : فمسح يديه فعادتا ثم ضرب عنق ذلك الخبيث وقال : هكذا العاقبة للمتقين.
٣٧ ـ سن : أبي ، عن هارون بن الجهم ومحمد بن سنان ، عن الحسين بن يحيى عن فرات بن أحنف ، عن رجل من أصحاب علي عليهالسلام قال : إن وليا لله وعدوا لله اجتمعا فقال ولي الله : الحمد لله والعاقبة للمتقين ، وقال الآخر : الحمد لله والعاقبة للاغنياء وفي رواية اخرى والعاقبة للملوك فقال ولي الله : ارض بيننا بأول طالع يطلع من الوادي ، قال : فاطلع إبليس في أحسن هيئة فقال ولي الله : الحمد لله والعاقبة للمتقين ، فقال الآخر : الحمد لله والعاقبة للملوك ، فقال إبليس : كذا (١).
٣٨ ـ سن : علي بن السندي ، عن المعلى بن محمد ، عن ابن أسباط ، عن عبدالله ابن محمد صاب الحجال قال : قلت لجميل بن دراج : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا أتاكم شريف ( قوم ) فأكرموه؟ قال : نعم فقلت : فما الحسب؟ فقال : الذي يفعل الافعال الحسنة بماله وغير ماله ، فقلت : فما الكرم؟ فقال : التقى (٢).
٣٩ ـ ضا : أروي من أراد أن يكون أعز الناس فليتق الله في سره وعلانيته.
وأروي عن العالم عليهالسلام في تفسير هذه الآية (٣) « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب » قال : يجعل له مخرجا في دينه ويرزقه من حيث لايحتسب في دنياه.
٤٠ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : اتق الله وكن حيث شئت ومن أي قوم شئت ، فانه لا خلاف لاحد في التقوى ، والمتقي محبوب عند كل فريق ، وفيه جماع كل خير ورشد ، وهو ميزان كل علم وحكمة ، وأساس كل طاعة مقبولة
____________________
(١) المحاسن ص ٢٤٧.
(٢) المحاسن ص ٣٢٨.
(٣) الطلاق : ٢.
والتقوى ماينفجر من عين المعرفة بالله ، يحتاج إليه كل فن من العلم ، وهو لا يحتاج إلا إلى تصحيح المعرفة ، بالخمود تحت هيبة الله وسلطانه ، ومزيد التقوى يكون من أصل اطلاع الله عزوجل على سر العبد بلطفه.
فهذا أصل كل حق وأما الباطل فهو مايقطعك عن الله متفق عليه أيضا عند كل فريق ، فاجتنب عنه ، وافرد سرك لله تعالى بلا علاقة قال النبي صلىاللهعليهوآله : أصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد :
ألا كل شئ ماخلا الله باطل |
|
وكل نعيم لا محالة زائل |
فالزم ما أجمع عليه أهل الصفا والتقى ، من اصول الدين وحقائق اليقين والرضا والتسليم ، ولا تدخل في اختلاف الخلق ومقالاتهم ، فتعصب عليك ، وقد اجتمعت الامة المختارة بأن الله واحد ليس كمثله شئ ، وأنه عدل في حكمه يفعل مايشاء ويحكم مايريد ، ولا يقال له في شئ من صنعه : لم؟ ولا كان ولا يكون شئ إلا بمشيته ، وأنه قادر على مايشاء ، صادق في وعده ووعيده ، وأن القرآن كلامه وأنه مخلوق ، وأنه كان قبل الكون والمكان والزمان ، وأن إحداث الكون والفناء عنده سواء ، ما ازداد بإحداثه علما ولا ينقص بفنائه ملكه ، عز سلطانه وجل سبحانه.
فمن أورد عليه ماينقض هذا الاصل فلا تقبله ، وجرد باطنك لذلك ترى بركاته عن قريب ، وتفوز مع الفائزين (١).
٤١ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : التقوى على ثلاثة أوجه : تقوى الله في الله وهو ترك الحلال فضلا عن الشبهة وهو تقوى خاص الخاص ، وتقوى من الله وهو ترك الشبهات فضلا عن حرام ، وهو تقوى الخاص ، وتقوى من خوف النار والعقاب وهو ترك الحرام وهو تقوى العام ، ومثل التقوى كماء يجري في نهر ومثل هذه الطبقات الثلاث في معنى التقوى كأشجار مغروسة على حافة ذلك النهر ، من كل لون وجنس وكل شجرة منها يستمص الماء من ذلك النهر ، على قدر جوهره وطعمه
____________________
(١) مصباح الشريعة ص ٤٤ و ٤٥.
ولطافته وكثافته ، ثم منافع الخلق من ذلك الاشجار والثمار على قدرها وقيمتها قال الله تعالى : « صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ويفضل بعضهما على بعض في الاكل » (١) الآية.
فالتقوى للطاعات كالماء للاشجار ، ومثل طبايع الاشجار والثمار في لونها وطعمها مثل مقادير الايمان ، فمن كان أعلا درجة في الايمان وأصفا جوهرا بالروح كان أتقى ، ومن كان أتقى كانت عبادته أخلص وأطهر ، ومن كان كذلك كان من الله أقرب ، وكل عبادة غير مؤسسة على التقوى فهو هباء منثور قال الله عزوجل : « أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم » (٢) الآية وتفسير التقوى ترك ماليس بأخذه بأس حذرا عما به بأس ، وهو في الحقيقة طاعة ، وذكر بلا نسيان ، وعلم بلا جهل مقبول غير مردود (٣).
٥٧
( باب )
* « ( الورع واجتناب الشبهات ) » *
١ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، ن أبي المغرا ، عن زيد الشحام ، عن عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت له : إني لا ألقاك إلا في السنين فأخبرني بشئ آخذ به فقال : اوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد ، واعلم أنه لاينفع اجتهاد لا ورع فيه (٤).
بيان : لعل المراد بالتقوى ترك المحرمات ، وبالورع ترك الشبهات ، بل
____________________
(١) الرعد : ٥.
(٢) براءة : ١٠٩.
(٣) مصباح الشريعة ص ٥٦ و ٥٧.
(٤) الكافي ج ٢ ص ٧٦.
بعض المباحات ، وبالاجتهاد بذل الجهد في فعل الطاعات ، يقال : وقاه الله السوء يقيه وقاية أي حفظه ، واتقيت الله اتقاء أي حفظت نفسي من عذابه أو عن مخالفته والتقوى اسم منه ، والتاء مبدلة من واو ، والاصل وقوى من وقيت لكل ابدل لزمت التاء في تصاريف الكلمة وفي النهاية : فيه : ملاك الدين الورع ، الورع في الاصل الكف عن المحارم ، والتحرج منها ، يقال : ورع الرجل يرع بالكسر فيهما ، ورعا ورعة فهو ورع وتورع من كذا ثم استعير للكف عن المباح والحلال « لاينفع » أي نفعا كاملا.
٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن حديد بن حكيم قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع (١).
بيان : يدل على أن بترك الورع عن المحرمات يصير الايمان بمعرض الضياع والزوال ، فان فعل الطاعات وترك المعاصي حصون للايمان من أن يذهب به الشيطان.
٣ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن يزيد بن خليفة قال : وعظنا أبوعبدالله عليهالسلام فأمر وزهد ، ثم قال : عليكم بالورع ، فانه لاينال ماعند الله إلا بالورع (٢).
بيان : فأمر أي بالطاعات وما يوجب الفوز بأرفع الدرجات ، وزهد على بناء التفعيل أي أمر بالزهد في الدنيا وترك مشتهياتها المانعة عن قربه سبحانه قال الجوهري : التزهيد في الشئ وعن الشئ خلاف الترغيب فيه.
٤ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لاينفع الجهاد لا ورع فيه (٣).
٥ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسن
____________________
(٢١) الكاي ج ٢ ص ٧٦.
(٣) الكافي ج ص ص ٧٧.
ابن زياد الصيقل ، عن فضيل بن يسار قال : قال أبوجعفر عليهالسلام : إن أشد العبادة الورع (١).
بيان : « أن أشد العبادة الورع » إذ ترك المحرمات أشق على النفس من فعل الطاعات ، وأفضل الاعمال أحمزها.
٦ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن بزيع ، عن حنان بن سدير قال : قال أبوالصباح الكناني لابي عبدالله عليهالسلام : مانلقى من الناس فيك؟ فقال أبوعبدالله عليهالسلام : وما الذي تلقى من الناس في؟! فقال : لايزال يكون بيننا وبين الرجل الكلام فيقول : جعفري خبيث ، فقال : يعيركم الناس بي؟ فقال له أبو الصباح : نعم ، قال : فما أقل والله من يتبع جعفرا منكم ، إنما أصحابي من اشتد ورعه ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، هؤلاء أصحابي (٢).
توضيح : قال الشيخ البهائي رحمهالله : يعلم منه أنه لم يرتض عليهالسلام ماقاله أبوالصباح ، لما فيه من الخشونة وسوء الادب « وعمل لخالقه » أي أخلص العمل لله « ورجا ثوابه » كأنه إشارة إلى أن رجاء الثواب إنما يحسن مع الورع والطاعة ، وإلا فهو غرور كما مر ، وإلى أنه مع العمل أيضا لاينبغي اليقين بالثواب لكثرة آفات العمل ، ويمكن أن يكون ماذكره عليهالسلام إيماء إلى أن ماتسمعون من المخالفين إنما هو لعدم الطاعة إما بترك الطاعات والاعمال الرضية أو لترك ما أمرتكم به من التقية.
٧ ـ كا : بالاسناد المتقدم ، عن حنان ، عن أبي سارة الغزال ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال الله عزوجل : ابن آدم اجتنب ماحرمت عليك تكن من أورع الناس (٣).
بيان : كأن الاورع بالنسبة إلى من يجتنب المكروهات ويأتي بالسنن ، ويجترئ على المحارم وترك الطاعات كما هو الشايع بين الناس أو هو تعريض بأرباب البدع
____________________
(١ ـ ٣) الكافي ج ٢ ص ٧٧.
الذين يحرمون ما أحل الله على أنفسهم ويسمونه ورعا أو تنبيه على أن الورع إنما هو بترك المعاصي لا بالمبالغة في الطاعات والاكثار منها.
٨ ـ كا : عن علي ، عن أبيه وعلي بن محمد ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان المنقري ، عن حفص بن غياث قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن الورع من الناس فقال : الذي يتورع عن محارم الله عزوجل (١).
٩ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن أبي اسامة قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : عليك بتقوى الله ، والورع والاجتهاد وصدق الحديث ، وأداء الامانة ، وحسن الخلق ، وحسن الجوار ، وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم وكونوا زينا ولا تكونوا شينا ، وعليكم بطول الركوع والسجود ، فان أحدكم إذا أطال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه فقال : ياويله أطاع وعصيت ، وسجد وأبيت (٢).
ايضاح : « حسن الجوار » لكل من جاوره وصاحبه أو لجار بيته « وكونوا دعاة » أي كونوا داعين للناس إلى طريقتكم المثلى ومذهبكم الحق بمحاسن أعمالكم ، ومكارم أخلاقكم ، فان الناس إذا رأوكم على سيرة حسنة وهدي جميل نازعتهم أنفسهم إلى الدخول فيما ذهبتم إليه من التشيع وتصويبكم فيما تقلدتم من طاعة أئمتكم عليهمالسلام « وكونوا زينا » أي زينة لنا « ولا تكونوا شينا » أي عيبا وعارا علينا.
وفي النهاية في حديث أبي هريرة إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : ياويله ، الويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب وكل من وقع في هلكة دعا بالويل ، ومعنى النداء فيه ياويلي وياحزني وياهلاكي وياعذابي احضر فهذا وقتك وأوانك ، فكأنه نادى الويل أن يحضره لما عرض له من الامر الفظيع وهو الندم على ترك السجود لآدم عليهالسلام وأضاف الويل إلى ضمير الغائب
____________________
(٢١) الكافى ج ٢ ص ٧٧.
حملا على المعنى ، وعدل عن حكاية قول إبليس ياويلي كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه انتهى.
وقال النووى : هو من أدب الكلام أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سوء ، صرف الحاكي عن نفسه إلى الغيبة صونا عن صورة إضافة السوء إلى نفسه انتهى.
وقيل : الضمير راجع إلى الساجد ودعا إبليس له بالعذاب والويل ، أو هو من كلام الامام والضمير لابليس والجملة معترضة ، ولا يخفى بعدهما ، ويحتمل على الاول أن يكون المنادى مخذوفا نحو ألا يا اسجدوا ، أي ياقوم احضروا ويلي.
٩ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن أبي زياد ، عن أبيه قال : كنت عند أبي عبدالله عليهالسلام فدخل عيسى بن عبدالله القمي فرحب به وقرب مجلسه ، ثم قال : ياعيسى بن عبدالله ليس منا ولا كرامة من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون ، وكان في ذلك المصر أحد أورع منه (١).
بيان : قال الجوهري : الرحب بالضم السعة ، وقولهم مرحبا وأهلا أي أتيت سعة وأتيت أهلا ، فاستأنس ولاتستوحش ، وقد رحب به ترحيبا إذا قال له : مرحبا ، انتهى ، وفي النهاية وقيل : معناه رحب الله بك مرحبا فجعل المرحب موضع الترحيب انتهى.
وقوله : « ولا كرامة » جملة معترضة أي لا كرامة له عند الله ، أو عندنا أو أعم منهما « فيه مائة ألف » أي من المخالفين أو الاعم ويدل على مدح عيسى بن عبدالله ، وروى الشيخ المفيد في مجالسه حديثا يدل على مدح عظيم له ، وأنه قال عليهالسلام فيه : هو منا أهل البيت ، وزعم الاكثر أنه الاشعري جد أحمد بن محمد والاظهر عندي أنه غيره لبعد ملاقاة الاشعري الصادق عليهالسلام بل ذكروا أن له مسائل عن الرضا عليهالسلام.
١٠ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٧٨.