• الفهرس
  • عدد النتائج:

المرآة على الهيئة التى تنطبع الصورة المادية فى موادها وبحيث لا تجتمع فيه الأضداد ، بل هذه الصورة تنطبع كليتها فى كلية المرآة ، ولا بأس أن يجتمع فيها شبح بياض وسواد معا لأنهما فيها لا على سبيل التكيف بهما ، بل كما يكون فى المعقول. والعقول تعقل السواد والبياض من غير تعاند ولا انقسام. ثم إنما يتأدى إلى البصر ما يكون على نسبة ما بين الثلاث أعنى البصر والمرآة والمبصر. ولا تتفق نسبة الجميع من كل جزء من المرآة ، بل يكون جزء منها (١) يؤدى البياض بعينه وجزء آخر يؤدّى السواد بعينه ويتحدد بينهما حدّ فى الرؤية ، فتكون جملة الأداء والتحدد محصلة لصورة مثل المبصر فى البصر.

وهذا الجواب مما لا أقول به ولا أعرفه ، ولا أفهم كيف تكون الصورة تنطبع فى جسم مادى من غير أن تكون موجودة فيه ، وقد يخلو الجسم عنها وهى منطبعة فيه ، وكيف يكون غير خال عنها وهو (٢) لا يرى فيه ، بل ترى صورته التى له ، مع أن من شأن ذلك أيضا أن يرى. أو كيف يكون خاليا بالقياس إلى واقف دون واقف وهذا اشتطاط (٣) وتكلف بعيد.

ومما فيه من التكلّف أنهم لا يجعلون للشكل انطباعا فيه. فإن جعلوا جعلوا الشكل غير محدود ، ومما فيه من التكلف أن يجعلوا صورة السواد فى جسم من غير أن يكون ذلك سوادا للجسم ، وأن يجوّزوا أيضا اجتماع البياض فيه فى وقت واحد ويجعلوا صورة السواد غير السواد وصورة

__________________

(١) قوله : « بل يكون جزء منه يؤدى » هكذا كانت النسخ المخطوطه التى عندنا. وفى مطبوعة مصر : « بل يكون جزء منها يؤدى » وهو الصواب ، لارجاع الضمير الى المرآة.

(٢) وهى. نسخة. وفى تعليقة نسخة : اى المرئى والمبصر الذى يتراى فى المرآة.

(٣) الشطط : الجور والظلم والبعد عن الحق.