المكرّمة وما جاورها ، وكان أميرها آنذاك الشريف (زيد بن المحسن بن الحسين) إذ قال فيه : «وليها ـ أي مكّة المكرّمة ـ وهي جمرة تخترم ، ونار تضطرم ، فأخمد نيرانها وأمّن جيرانها ، وكانت ولايته سنة إحدى وأربعين وألف ، وله من العمر سبع وعشرون سنة»(١) بعد أن ثار ضدّ الشريف (نامي) وبقي في الحكم حتّى وفاته عام ١٠٧٧هـ (١٦٦٦م).

وسافر إلى بلاد الهند بدعوة من أبيه أحمد ناظم الدين (ت ١٠٨٩هـ/ ١٦٦٨م) ، ووصوله إليها في شهر ربيع الأوّل من عام ١٠٦٨هـ (مارس ١٦٥٨م) ، وكان حاكم الدكن آنذاك السلطان عبد الله قطب شاه ، الذي اتّخذ من السيّد أحمد نظام الدين (عينا) ، وهو من أرفع المناصب الحكومية عندهم ، وقد برع ابن معصوم في جملة من العلوم وترك فيها مصنّفات في اللغة العربية والأدب والفقه ، وشؤون الثقافة الأخرى ، وصنّف أكثر من عشرين كتاباً ورسالة.

وكان لوالده السيّد أحمد نظام الدين مجلس عامر بالعلماء والأدباء يقصدونه من كلّ حدب وصوب في الديار الهندية ، وأتاح له منصبه كوزير في حكومة الدكن أن يكون مجلسه مهوىً لقلوب أهل العلم.

وكان والده معلّمه الأوّل ، إذ كان أديباً وشاعراً وعالماً ، وقد حضر في مجلسه وأصغى بما دار فيه من محاورات ومناظرات ، فأخذ عنه كثيراً ، ومن أساتذته أيضاً جعفر بن كمال الدين البحراني (ت ١٠٨٨هـ/ ١٧٧٤م) ، خرج

__________________

(١) رحلة ابن معصوم أو سلوة الغريب وأسوة الأريب : ٥٢.