ومقالات الاسلاميين. وكانت رسالة إبراهيم عالمية ، كما هو شأن رسالة نوح عليه‌السلام ، فهما موسى وعيسى ومحمد عليهم‌السلام ـ فيما بعد ـ أولو العزم من الرسل ، وكان بين إبراهيم عليه‌السلام وخلفه من أولي العزم قرون كثيرة ، كان فيها أسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف عليهم‌السلام ، وجمهرة أنبياء بني إسرائيل حتى موسى عليه‌السلام الذي ولد في عصر ذبح المواليد من قبل فرعون مصر ، وكانت سلامته بعناية من الله بايحاء لأمه : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ (٧) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ ) (١).

ونشأ موسى عليه‌السلام في بحبوحة القصر الفرعوني من بعد أن بصرت به أخته وهم لا يشعرون ، فاسترجعته لأمه : ( فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ ) (٢).

وبغل موسى عليه‌السلام أشده وهو في قصر فرعون وبرعاية امرأته الصدّيقة ، فآتاه الله الحكم والعلم ، وجرت على يديه قوة وبطولة في مصر ، وغادرها خائفاً ، وتوجه تلقاء « مدين » وسقىٰ الماء الأمتين ، وأستضافه أبوهما ، وكان نبيّ الله شعيب ، وتزوج إحدى ابنتيه ، وقضى أبعد الاجلين في خدمته : ( * فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ المُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠) ) (٣).

وآتاه الله الآيات البينات ، وابتعثه رسولاً ، وشد عضده بهارون أخيه ، وذهبا إلى فرعون ، فرمي بالسحر ، وجمع له السحرة ، فألقوا حبالهم وعصيهم ، وألقى موسى عصاه ، وإذا بها تلقف ما يأفكون : ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (٤٦) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ (٤٨) ) (٤).

__________________

(١) القصص : ٧ ـ ٨.

(٢) القصص : ١٣.

(٣) القصص : ٢٩ ـ ٣٠.

(٤) الشعراء : ٤٦ ـ ٤٨.