العرف المتأخّر ـ وهو المسلم المرتكب لإحدى الكبائر ، أو المصرّ على الصغائر ـ يثبت المطلوب بمفهوم الآية.
ويدلّ عليه أيضا أنّ قبول الرواية يوجب التعظيم ، والكافر يستحقّ الإهانة ، والرواية من المناصب الجليلة ، فلا يليق الكافر بها.
وفيهما تأمّل لا يخفى.
ويتفرّع عليه : عدم قبول رواية من كان من إحدى الفرق المذكورة ، كسهل بن زياد (١) ، وأبي الخطّاب (٢) ، وابن أبي العزاقر (٣) ؛ لكونهم من الغلاة ، وغيرهم كما هو مذكور في كتب الرجال.
ومنها : الإيمان ، وقد اعتبره أكثر المتأخّرين ؛ لآية التثبّت (٤). وهو ينافي عمل الطائفة بما رواه الطاطريّون ، وبنو فضّال ، وابن بكير ، وسماعة ، وعثمان بن عيسى ، وأضرابهم ، كما قال الشيخ (٥).
والقول بأنّه لم يعلم عمل الطائفة بأخبار هؤلاء (٦) ، ممّا ينادي كتبهم بخلافه. والظاهر أنّ المنكر له إنّما ينكر باللسان وقلبه مطمئنّ بالإيمان.
يرشدك إلى هذا أنّ العلاّمة اعتبر الإيمان في التهذيب (٧). ونقل عنه أنّه ردّ رواية أبان بن عثمان ؛ لكونه ناووسيّا محتجّا بآية التثبّت (٨) ، وقال : لا فسق أعظم من عدم الإيمان (٩) ، مع أنّه رجّح في الخلاصة قبول روايات جماعة كثيرة من أرباب المذاهب الفاسدة (١٠).
__________________
(١) رجال النجاشي : ١٨٥ ، الرقم ٤٩٠.
(٢) هو محمّد بن مقلاص ( مقلاس ). رجال الشيخ : ٣٠٢ ، الرقم ٣٤٥.
(٣) هو محمّد بن علي الشلمغاني. رجال الشيخ : ٥١٢ ، الرقم ١١٤.
(٤) وهي آية النبأ من سورة الحجرات (٤٩) : ٦.
(٥) العدّة في أصول الفقه ١ : ١٥٠.
(٦) والقائل هو المحقّق الحلّي في معارج الاصول : ١٤٩.
(٧) تهذيب الوصول : ٢٣٢.
(٨) وهي آية النبأ من سورة الحجرات (٤٩) : ٦.
(٩) نسبه الشيخ حسن إلى العلاّمة ( نقلا عن فوائد والده على خلاصة الأقوال حكاية عن فخر المحقّقين ) في معالم الدين : ٢٠٠.
(١٠) خلاصة الأقوال : ٧٤ و ١٧٧ و ١٩٥ ، ومن الجماعة : أبان بن عثمان الأحمر ، وعليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال ، وعبد الله بن بكير.