خارج ؛ للنصوص (١). ولعلّ السرّ فيه الاحتياط في الدم ، على أنّ منصب الرواية أعظم ؛ إذ الثابت منها شرع عامّ في بني آدم ، ومضمونها يستمرّ إلى انقراض العالم.
ويقبل قول من روى أو شهد حين البلوغ وإن كان وقت التحمّل غير بالغ.
فعلى هذا ما ذكره الصدوق من عدم الاعتماد على رواية محمّد بن عيسى اليقطيني عن يونس بن عبد الرحمن (٢) ـ لو كان السرّ فيه أنّه أخذ الروايات عنه قبل البلوغ كما فهمه بعض المتأخّرين (٣) ـ لا يكون له وجه ؛ لأنّه كان حين الأداء بالغا.
ومنها : الرشد ، فلا يقبل رواية السفيه ؛ ووجه اعتباره ظاهر.
وهل الأصل الرشد حتّى يقبل رواية من جهل رشده ، أو السفاهة حتّى تردّ؟ ويمكن ترجيح الأوّل ؛ نظرا إلى أنّ الرشد أكثر ؛ فإنّ أكثر الناس إذا بلغ يكون رشيدا. وربما رجّح الثاني (٤) ؛ نظرا إلى أنّه طار ، فلا بدّ من العلم به ، وهذا الحكم جار في كلّ حكم يشترط فيه الرشد ، فتأمّل.
ومنها : الإسلام ، فلا يقبل رواية الكافر وإن كان من أهل القبلة ، كالغلاة ، والمجسّمة ، والخوارج.
ويدلّ عليه ـ مضافا إلى الإجماع ـ كون (٥) قبول الرواية تنفيذ حكم على المسلمين ، فيمنع آية التثبّت (٦) ؛ فإنّ الكافر فاسق بالعرف المتقدّم (٧). يدلّ عليه الاستقراء ، وقوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ )(٨) ، مع أنّه لو حمل على ما يراد في
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٤٢ ، أبواب الشهادات ، الباب ٢١ و ٢٢.
(٢) ذكر النجاشي في رجاله : ٣٣٣ ، الرقم ٨٩٦ في ترجمة محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى عن الصدوق عدم اعتماد ابن الوليد على رواية محمّد بن عيسى ، عن يونس إذا تفرّد بالحديث. وقال الصدوق في الفقيه ٢ : ٩٠ ذيل الحديث ١٨١٩ : « كلّ ما لم يصحّحه ذلك الشيخ ـ قدّس الله روحه ـ ولم يحكم بصحّته من الأخبار ، فهو عندنا متروك غير صحيح ».
(٣) لعلّه جدّ البهبهاني. قال المحقّق السيّد عليّ القزويني في حاشية قوانين الاصول ١ : ٤٥٧ : « نقله ـ أي وجه ردّ روايات محمّد بن عيسى ـ الوحيد البهبهاني على ما حكى عنه في تعليقة رجاله عن جدّه ». وقال بعد أسطر : « وقوله ـ أي قول صاحب قوانين الاصول ـ : وما ذكره بعض الأصحاب انتهى تعريض على جدّ البهبهاني ».
(٤) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٧٨.
(٥) في النسختين : « وكون » ، والصحيح ما أثبتناه.
(٦) وهي آية النبأ من سورة الحجرات (٤٩) : ٦.
(٧) أي عند القدماء.
(٨) المائدة (٥) : ٤٧.