بعض أحكامه العارضة ، وليس المراد منها التحديد ولا التمييز ، وحينئذ تكون التعريفات بأجمعها صحيحة ؛ لعدم اعتبار الانعكاس والاطّراد ، وكونه بالجزء أو اللازم البيّن في التعريف اللفظي (١).
أقول : يمكن تصحيح التعريف الآخر بأن يقال : الإنزال للإعجاز لا يصدق على غير القرآن ، فلا يصدق على سائر المعجزات حقيقة بأنّها معجزات منزلة ، فالإنزال للإعجاز بيّن الثبوت للقرآن ، بيّن الانتفاء عن غيره ، فلا ينتقض التعريف.
ولو لا وقوع الخلاف في حرمة مسّ القرآن ومسّ غيره من أسماء الله وأنبيائه ، لأمكن تصحيح التعريف الرابع أيضا بنحو ما ذكر ، فالصواب هو التعريف الأخير ، ويدخل فيه كلّ بعض من القرآن وإن كان نحو « قل » و « افعل » ؛ فإنّه من حيث الجزئيّة ، واعتباره مع السابق واللاحق يكون منزلا للإعجاز ، ويصدق عليه القرآن ، ولذا يحرم مسّه على القول بحرمة مسّ القرآن.
ويتفرّع عليه أيضا ثبوت جميع الأحكام اللازمة للقرآن لكلّ بعض منه.
ويظهر الفائدة أيضا في الأيمان ، والتعليقات ، وأمثالهما.
ثمّ إنّه قيل لتأييد أنّ هذه التعريفات لفظيّة : إنّ القرآن اسم علم شخصي ، فلا يعرّف ؛ لأنّ التعريف إنّما يكون للحقائق الكلّيّة دون الأعلام الشخصيّة (٢).
أقول : بناء هذا القائل على أنّ القرآن اسم لهذا المؤلّف الحادث القائم بأوّل محلّ أوجده الله فيه ، والقائم بالمحالّ الآخر ليس عينه ، بل مثله ، فيكون القرآن شخصا واحدا. وهذا مذهب ضعيف.
والتحقيق : أنّه اسم لهذا المؤلّف من دون تعيين المحلّ ، فيكون مفهوما كلّيّا صادقا على ما ثبت في أيّ محلّ كان ، سواء كان ذوات الملائكة ، أو صدور الحفّاظ ، أو متون الصحف ، أو غير ذلك. ولو لا ذلك لم يصدق القرآن حقيقة على ما يقرأه القرّاء وما ثبت في الصحف ،
__________________
(١) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٤٥ ، والقاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١٠٩ ، وراجع : الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٢١١ و ٢١٢ ، وذكرى الشيعة ١ : ٤٤ و ٤٥ ، وإرشاد الفحول ١ : ٨٥ و ٨٦.
(٢) قاله القاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١٠٩.