وأيضا لو كان المكلّف به في النهي الكفّ (١) ، يلزم أن لا يترتّب الإثم على ترك الواجب (٢) بدون الكفّ (٣) ، فمن ترك الصلاة مثلا من دون أن يكفّ نفسه (٤) ويوطّنه على الترك ، لا يكون معاقبا وهو باطل.
وأيضا إذا كان المطلوب بالنهي هو الكفّ ، فيكون فعلا واجبا ، فتركه إنّما يتحقّق بالكفّ عنه على ما هو الفرض ، فيترتّب الإثم في الحرام على الكفّ عن الكفّ ، مع أنّ فاعل الحرام لا يجد من نفسه الكفّ عن الكفّ.
وأيضا على تفسير القدرة يدخل عدم الفعل في المقدور ، كما لا يخفى (٥).
وكيفيّة التفريع على الخلاف الأوّل : أنّه إذا قال : « إن خالفت أمري ، فأنت عليّ كظهر أمّي » فقال لها : « لا تكلّمي زيدا » فكلّمته ، فعلى القول الأوّل يقع الظهار ؛ لأنّ المراد من قوله : « لا تكلّمي » اسكتي ، فوقع مخالفة الأمر. وعلى القول الثاني لا يقع ؛ لأنّه لم يقع مخالفة الأمر ، بل النهي.
وعلى القول الأوّل يلزم أن يكون النهي عن كلّ شيء أمرا بضدّه ، فإذا كان له ضدّ واحد يتعيّن ، وإن كان له أضداد فيكفي واحد منها. ولا يخفى أنّ ثبوت هذا (٦) لا ينافي ما ذهبنا إليه (٧) ؛ لأنّ هذا إنّما يكون على سبيل الاستلزام لا العينيّة (٨).
ويتفرّع على الثاني (٩) أنّه لو حصلت نخامة في فم الصائم ، فتركها حتّى نزلت بنفسها إلى جوفه ، فعلى القول الثاني لا يبطل صومه ، بل إنّما هو في صورة ابتلعها قصدا. وعلى القول الثالث يبطل.
__________________
(١) في هامش « أ » : « لا النفي ؛ لعدم كونه مقدورا ».
(٢) في هامش « أ » : « لعدم كونه مقدورا ، ووجوب ترتّب الإثم على المقدور الصادر من المكلّف ».
(٣) في هامش « أ » : « عن الواجب ».
(٤) في هامش « أ » : « عن الصلاة ».
(٥) في هامش « أ » : « إذ القدرة بالنسبة إلى طرفي النقيض متساوية ، ولا شكّ أنّ الفعل مقدور ، فنفي الفعل الذي هو نقيضه أيضا مقدور ».
(٦) في هامش « أ » : « كما سبق في بحث استلزام كلّ من الأمر والنهي ».
(٧) في هامش « أ » : « من بطلان القول الأوّل ».
(٨) في هامش « أ » : « كما يلزم من القول الأوّل ».
(٩) أي على الخلاف الثاني ، وهو أنّ المراد من الترك هل هو الكفّ ، أو نفي الفعل؟