وغاية ما يسلّم من دلالة الآيتين والأخبار المذكورة أنّه لا بدّ من عدم حمل الأفعال على القبيح (١) لا حملها على الصحيح ، نعم لو كان كلّ قبيح فاسدا وكلّ صحيح حسنا كان الاستناد إلى مثل هذه الروايات والآيات في محلّه ، ولعلّ الملازمة أغلبية في العبادات ، وأمّا المعاملات فتباين المعنيين فيها غير خفيّ ، مضافا إلى أنّ الآية الثانية ظاهرها ملاحظة اللين في المعاشرة ، فإنّها بظاهرها نهي عن الغضاضة والغلاظة ، وقضيّة قول الأمير هو الحمل على الأحسن (٢) ، فلو تردّد الأمر بين القول بوقوع صلاة زيد في الدار أو في المسجد لا بدّ من القول بوقوعها فيه دون الدار ، والإجماع على خلافه ، فلا بدّ من تأويله بخلع معنى التفضيل عن اسمه (٣) ، فلا يزيد على سائر الأخبار المذكورة ، وقول الصادق عليهالسلام لابن فضيل لا يدلّ على أزيد ممّا ذكرنا مع ما قد يستشكل فيه من أنّ تكذيب خمسين قسامة لتصديق (٤) واحد ممّا لا يعلم الوجه فيه ، إلاّ أنّه مدفوع بأنّ التكذيب في نفس الخبر لا غبار عليه لصدق (٥) الأوّل بملاحظة المخبر ، وكذب الثاني بملاحظة الخبر ، ولا تعارض.
على أنّ هذه الأخبار معارضة بجملة أخرى تدلّ على خلاف ذلك ، ففيها : « لا تثق بأخيك كلّ الثقة فإنّ سرعة (٦) الاسترسال لا (٧) تستقال » (٨).
وأمّا الإجماع : فهو ثابت نقلا وتحصيلا على ما هو الظاهر ، ويكشف عنه (٩) ملاحظة فتاوى الفقهاء في موارد جمّة من تقديم قول مدّعي الصحّة في موارد التداعي على
__________________
(١) « ز ، ك » : + « و » وشطب عليها في « ك ».
(٢) « ز ، ك » : الحسن.
(٣) شطب عليها في « ك » وكتب « أحسنه ».
(٤) « ز ، ك » : فصدق.
(٥) « ج » : فصدق.
(٦) في كثير من المصادر : « صرعة » وفي بعضها كما في المتن.
(٧) « ج ، ز ، م » : « من »! وما في المتن ورد في بعض المصادر وفي بعضها الآخر : « لن ».
(٨) الوسائل ١٢ : ١٤٦ و ١٤٧ ، باب ١٠٢ من أبواب أحكام العشرة ، ح ١ و ٤ ، وورد الحديث في كثير من الكتب الخاصّة والعامّة.
(٩) « ز ، ك » : « عن » بدل « عنه ».