انتقاضه إلاّ بالشكّ أو اليقين على الخلاف ، والإمام عليهالسلام إنّما منع عن عدم ترتيب الآثار عند نقض اليقين بالشكّ ، وحكم بوجوب الإتيان فيما لو كان المعلوم سابقا واجبا ، ولا مدخلية لليقين بوجود شيء آخر للنقض على ما هو غير خفيّ على أوائل العقول.
ولقد أجاد المحقّق القمي رحمهالله (١) حيث أورد على السبزواري ـ في جملة كلام له ـ بأنّ المتبادر من الخبر أنّ موضع الشكّ واليقين وموردهما شيء واحد ، فاليقين بوجود المذي لم يرد على اليقين بالطهارة ، بل هما أمران متغايران (٢) ، انتهى.
ولعمري إنّ وضوح فساد هذه التوهمات ممّا يغني عن إطالة الكلام في إبطالها ، ولهذا لم يفد أستادنا المرتضى في الجواب عنها عدا ما ذكر ، إلاّ أنّ الأنسب أن نذكر (٣) بعض ما يرد في ضمن إفادات هذا الشيخ الجليل ، ولو لا أنّ المذكور من إفاداته على ما أودعه (٤) لكان ترك التعرّض له (٥) أولى.
فنقول : يرد عليه أوّلا : أنّ الفرق بين الأحكام والموضوعات في مثل هذه الأخبار العامّة المسوقة لبيان المشتبهات ممّا لا يصغى إليه ، وليت شعري هل يتصوّر عاقل فرقا بين أن يقول الشارع : أنت في سعة ما لم تعلم وجوب شيء ، كما في الشبهة الوجوبية التي أجمعت الأمّة على البراءة فيها خلا ما يظهر من بعض متعصّبي الأخبارية (٦) ، وبين أن يقول : يجب أن يعمل فيما علم وجوبه سابقا بالأحكام السابقة مثلا وعامله معاملة المعلوم؟ فلو أنّ مثل هذا القول يوجب القول بالاستغناء عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام فهؤلاء أوّل من يقول به ، فإنّ مقام الشبهة ممّا لا بدّ من العمل فيه بأصل (٧) ، والأصل عندهم هو الاحتياط ، وعند غيرهم يختلف موارده بحسب اختلاف الأدلّة ، وكيف
__________________
(١) « ج ، م » : ـ رحمهالله.
(٢) القوانين ٢ : ٦١ وفي ط : ص ٢٧٠.
(٣) « ز » : ـ نذكر.
(٤) « ز ، ك » : ـ على ما أودعه.
(٥) « ز ، ك » : لها.
(٦) هو أمين الأسترآبادي وبعض متابعيه كما تقدّم عنه في ج ٣ ، ص ٤٠٨.
(٧) « ج » : بالأصل.