وغفل عن الفرق بين الأمرين بعض المتأخّرين من الخاصّة مع أنّ النصوص بالفرق بين المقامين كثيرة ، وإلاّ لزم تكليف ما لا يطاق ، أو رفع التكاليف كلّها أو أكثرها والاستغناء عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام بالأصل والاستصحاب كما صرّح به بعض علماء العامّة.
ولا يمكن المعاصر أن يجيب (١) بما ورد من وجوب طلب العلم. لأنّه يقول : لا (٢) المراد بالعلم الظنّ الحاصل من الدليل الشرعي كالأصل والاستصحاب ، ولا يجب بعد ذلك الرجوع إلى المعصوم عليهالسلام عندهم ، ولأنّهم يدّعون أنّه لا يحصل من الأخبار غير الظنّ حتّى مع المشافهة ؛ لأنّ دلالة الألفاظ ظنّية كما زعموا ، فيلزم من وجوب الرجوع بعد حصول الظنّ الشرعي تحصيل الحاصل.
وممّا يؤيّد الاختصاص هنا بما ليس من نفس الأحكام الشرعية أنّ هذا الحديث إنّما ورد في نواقض الوضوء إذا حصل الشكّ في غلبة النوم على السمع وعدمه ، وفي الشكّ بين عدد الركعات الصادرة عن المصلّي.
وممّا يؤيّد ذلك ويوضحه أنّهم عليهمالسلام قالوا (٣) : « لا تنقض اليقين أبدا بالشكّ ، وإنّما تنقضه بيقين آخر » (٤) فإذا لم يحصل للمكلّف يقين بتجدّد حالة أخرى يمكنه الاستدلال بهذا الحديث ، وإذا حصل له اليقين بتجدّد حالة أخرى كخروج المذي عن المتوضّئ ووجود الماء عند المصلّي بتيمّم (٥) ، وحصل عنده شكّ (٦) في حكمهما (٧) الشرعي ، وهو الذي ينصرف إليه إطلاق الاستصحاب عندهم ، فلا يمكنه الاستدلال بهذا الحديث ؛ لأنّه قد نقض اليقين السابق بيقين وشكّ لا بشكّ منفرد ، ولم يقل في الحديث : لا تنقض اليقين بالشكّ وباليقين والشكّ وإنّما تنقضه بيقينين آخرين (٨) ، فلا يكون ذلك دليلا على
__________________
(١) في المصدر : يجب.
(٢) في « ك » : « إنّ » بدل « لا ».
(٣) « ز ، ك » : ـ قالوا.
(٤) تقدّم في ص ٨٨.
(٥) « م » : تيمّم.
(٦) « ز ، ك » : الشكّ.
(٧) « ج ، ك » والمصدر : حكمها.
(٨) « ز ، ك » : بيقين آخر.