بالكلام وسوق المقام ، فيعمل بمضمونه بخلاف غير المشافه ، فإنّه لا يحصل له الاطمئنان بواسطة احتمال اختفاء القرائن ، فإنّ المتعارف في أغلبها هو القرائن اللفظية وأمّا القرائن الحالية فلا ، مضافا إلى أنّه قد لا يمكن بيان الحال كما لا يخفى.
ثمّ إنّه قد يمكن دعوى العلم الإجمالي بسقوط جملة من الأمارات المفيدة للظنّ بالمراد والاطمئنان فيها لغير المشافه فيما لم يكن القصد إعلام غير المشافه بالمراد كما في كتب المصنّفين والوصايا والمراسلات ، فإنّ القصد فيها تعلّق بإعلام غير المشافه أيضا ، فالقرائن المعتبرة في إفادة المطالب موجودة فيها ومعتبرة عند المصنّف والكاتب والمراسل بخلاف ما إذا لم يتعلّق القصد بإعلام غير المشافه ، أو لم يكن معلوما كما في المقام ، فإنّه لا وجه للاستناد إلى أصالة الحقيقة في المقام ، لعدم حصول الاطمئنان بل الظنّ الشخصي أيضا.
لا يقال : لا يجوز العمل بالظواهر إلاّ بعد الفحص ، وبعده لا نسلّم العلم الاجمالي بسقوط القرائن بل يحصل الظنّ الشخصي بالمراد لو لم نقل بحصول الاطمئنان.
لأنّا نقول : كلاّ ، فإنّ العلم الإجمالي حاصل بوجود القرائن الحالية القابلة لصرف اللفظ عن ظاهره ، وبأنّ الغائب عنّا والمخفيّ علينا إنّما يساوي أضعاف ما هو بأيدينا ، ومعه لا يحصل الظنّ الشخصي فضلا عن الاطمئنان ، وغاية الأمر إفادة الظنّ النوعي ، ولا دليل على اعتباره بالخصوص كما هو المراد في المقام.
الثاني : أنّ احتمال خلاف الظاهر من الخطاب للمشافه ليس إلاّ من جهة احتمال الاشتباه في المتكلّم ، أو تقصيره في عدم نصب القرينة ، أو اشتباه المخاطب ، أو قصوره عن فهم القرينة ، والأصل المجمع عليه الفريقان يقضي بعدم الخطأ والتقصير كما أنّ الأصل قصد المتكلّم مدلول الكلام إجماعا.