قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مطارح الأنظار [ ج ٣ ]

584/615
*

فمنها : ما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في مجدور جنب ، فغسّلوه ، فكزّ ، فمات ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك : « قتلوه قاتلهم الله ألاّ سألوا ألاّ تيمّموه » (١) وصراحته في المقصود ممّا لا ينكر ؛ فإنّ إسناد القتل إلى مباشر الغسل مع ضعفه مع التوبيخ في عدم السؤال وعدم التيمّم ممّا ينادي بأعلى صوته على ترتّب العقاب عند عدم العلم وعدم السؤال.

لا يقال : التوبيخ على ترك التعلّم ، فيدلّ على وجوبه بالأصالة.

لأنّا نقول : التوبيخ على ترك التيمّم ينافيه (٢) كما لا يخفى.

ومنها : رواية سماع غناء الجواري ، فإنّ في ذيلها ما يدلّ على [ عدم ] معذورية الجاهل المقصّر ، وهو قوله : « ما أسوأ حالك لو كنت تموت على هذه الحالة » ، فإنّه تخيّل عدم حرمة السماع وهو جالس على الخلاء من غير أن يذهب برجله إلى الاستماع كما يدلّ عليه قوله : وكأنّي لم أسمع بها لا من عربي ، ولا من عجمي بعد ما قرأ له الإمام عليه‌السلام (٣) : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً )(٤).

ومنها : رواية عمّار في التيمّم حيث قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يهزؤه : « تمعّكت كما تتمعّك الدابّة » (٥) فإنّ في هذا التوبيخ والاستهزاء ما لا يخفى.

ومنها : إجماع أصحابنا على تكليف الكفّار بالفروع وعقابهم عليها ، فإنّ المسلمين ليسوا في العلم الإجمالي بالواجبات أدون من الكفّار ، فكما أنّ مصحّح العقاب على الكفّار هو العلم الإجمالي بالأحكام الفرعية مع الجهل بها تقصيرا ، فكذلك في المسلمين.

فالجهل مع التقصير والمخالفة الجهلية يصير منشأ للعقاب. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ : ٣٤٧ ، باب ٥ من أبواب التيمّم ، ح ٥ ، وفيه : « قتلوه قتلهم الله ، إنّما كان دواء العيّ السؤال ». وسيأتي في ج ٤ ، ص ٥١٦.

(٢) « س » : ـ ينافيه.

(٣) « ج ، م » : ـ عليه‌السلام.

(٤) الإسراء : ٣٦. وتقدّم الحديث في ص ٨٤ و ٢٢٤ و ٤٩٩.

(٥) الوسائل ٣ : ٣٥٨ ، باب ١١ من أبواب التيمّم ، ح ٢.