إجمالا ، وقلنا بأنّه لا يعقل الاستناد إلى طرق احتمالية كالقرعة والرمل والاستخارة لكونها شكّية مفادا واعتبارا ، فتلك في عرض الوقائع المشكوكة ، والاستناد إليها لا يزيد المستند إلاّ شكّا ، فلا بدّ لنا من الرجوع إلى الأصول العملية الدائرة بين الاستصحاب والبراءة والاشتغال والتخيير بالحصر العقلي ؛ لأنّ المكلّف تارة يعلم بالحالة السابقة ، وأخرى لا يعلم ، والأوّل مجرى الاستصحاب على القول به ، وعلى الثاني فتارة يعلم بالتكليف ولو إجمالا ، وأخرى لا يعلم ، والأخير مجرى البراءة عند القائل بها ، وعلى الثاني فتارة يمكن الاحتياط ، وأخرى لا يمكن ، والأوّل مورد الاشتغال على القول به ، والثاني محلّ التخيير عند من يراه ، وحينئذ فالمستدلّ بدليل الانسداد إن كان ممّن لا يرى حجّية تلك الأصول حيث إنّه يعتمد على الأوّلين من باب الظنّ والوصف أو السببية المقيّدة بعدم قيام الظنّ على خلاف الاستصحاب والبراءة ، ولا يقول بوجوب الإتيان بجميع المقدّمات العلمية والاحتياط بل يكفي بعدم لزوم المخالفة القطعية كما رآه الفاضل القمّي (١) في بعض وجوه المسألة ، ولا يلتزم بالتخيير ؛ لاختصاص مورده بتساوي الطرفين ، ومفروضه رجحان طرف الظنّ ، فإثبات حجّية الظنّ عند ذلك القائل في غاية السهولة كما لا يخفى ، وإنّما الشأن إثبات حجّية الظنّ لمن يقول باعتبار الأوّلين تعبّدا شرعيّا ، ويحكم بوجوب تحصيل الموافقة القطعية ، وعلى تقديره قلنا أيضا : إنّ المرجع ليس إلى أصالة البراءة ؛ لاستلزامه الخروج من الدين ، ولا الاحتياط ؛ لاستلزامه العسر والحرج إلاّ أنّه قلنا أيضا : إنّ العسر والحرج لا يعيّن العمل بالظنّ فقط ، وقلنا بأنّ العامل بالظنون المطلقة ليس له إلحاق المشكوك بالموهوم كما تقدّم آنفا إلاّ أن يتمسّك أيضا بلزوم العسر كما يظهر من المقام ، فللمعترض أن يستند إلى التبعيض في الأصول السابقة حذرا من المحاذير اللازمة على تقديرها ، ففي كلّ مسألة جزئية لا بدّ من الاعتماد على أصل خاصّ
__________________
(١) انظر القوانين ١ : ٤٤٢ و ٤٤٣.