والتقريب أنّ المانعين من العمل بخبر الواحد إنّما يعمل (١) بالأخبار المحفوفة بقرائن تدلّ على صدقها ، فهم إنّما يمنعون منها (٢) ما لم تكن محفوفة بالقرينة ، ولا شكّ أنّ المراد بالقرينة إنّما هو أحد الأدلّة الأربعة كتابا وسنّة وإجماعا وعقلا ، والرواية المذكورة تنفي الحجّية عمّا لم يكن شاهدا (٣) عليها من الكتاب والسنّة.
وأمّا الإجماع والعقل ، فالإهمال فيهما إنّما لوضوح الحال فيهما حيث إنّ المسألة بعد ما كانت من المستقلاّت العقلية أو معقدا للإجماع ، فلا حاجة إلى التمسّك بالرواية فضلا عن قطعيتها والعلم بمطابقة مفادها للواقع.
ومن هذا الصنف موثّقة ابن بكير عن أبي جعفر (٤) عليهالسلام قال : « إذا جاءكم عنّا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله ، فخذوا به ، وإلاّ فقفوا عنده ، ثمّ ردّوا إلينا حتّى يستبين لكم » (٥).
ومقبولة عمر بن حنظلة (٦) وروى الشيخ السعيد قطب الدين الراوندي عن ابن بابويه قال : أخبرنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن [ ي ] زيد ، عن محمّد ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، إنّ لكلّ (٧) حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف فدعوه » (٨) إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة المدّعى تواترها.
__________________
(١) كذا. والصحيح : يعملون.
(٢) « ش » : عنها.
(٣) « ش » : شاهد.
(٤) في المصادر : ابن بكير عن رجل عن أبي جعفر.
(٥) الوسائل ٢٧ : ١١٢ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ١٨. وسيأتي في ج ٤ ، ص ٦٥٠.
(٦) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ١. وسيأتي في ج ٤ ، ص ٥٧٦ ـ ٥٧٨.
(٧) في المصادر : على كلّ.
(٨) الفوائد المدنية : ٣٨٢ وفي ط الحجري : ١٨٧ ؛ الوسائل ٢٧ : ١١٩ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٣٥ نقلا من رسالة الراوندي التي ألّفها في أحوال أحاديث أصحابنا وإثبات صحّتها. وسيأتي في ج ٤ ، ص ٥٨٩.