أنّ المراد به ما ذا من العموم أو الخصوص من بعض الحوادث؟ امتنع حمل الجواب على شيء منهما ، بل قد يتقوّى كون المراد بالحوادث شبه المسائل الاعتقادية من الامور المشكلة ، وذلك لأن إسحاق بن يعقوب يقول : « سألت فيه عن مسائل اشكلت عليّ » وإسحاق من أجلاّء الأصحاب ، وشأنه أجلّ من أن يشكل عليه أمر المسائل العمليّة التي هي موارد التقليد ولا يعرف تكليفه فيها حتى يسأل عن حكمها زمن الغيبة ، ويكون ذلك عنده من المشكلات ، مع أنّ الرجوع إلى العلماء في العمليّات كان ضروريّا لأغلب العوام فضلا عن الخواص ، ومما يؤيّده : أنّ التوقيع الشريف يتضمّن جملة من المسائل العلميّة : منها : قوله عليهالسلام : « وأمّا ما سألت عنه ـ أرشدك الله وثبّتك ـ : من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمّنا ، فاعلم أنّه ليس بين الله عزّ وجل وبين أحد من قرابة ، ومن أنكرني فليس منّي ، وسبيله سبيل ابن نوح » (١).
ومنها : قوله عليهالسلام : « وأمّا وجه الانتفاع في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها السحاب عن الأبصار » (٢) إلى غير ذلك مما اشتمل عليه التوقيع وليس من المسائل العملية مثل تكفير من قال : بأن الحسين بن علي عليهماالسلام لم يقتل. فإنّ ملاحظة هذه الفقرات وأمثالها مضافا إلى جلالة قدر إسحاق عن أن يجهل التكليف في المسائل العمليّة التي يبتلي بها في كلّ ساعة أو يوم ممّا يفيد الظنّ بأنّ المراد بـ « الحوادث الواقعة » شيء وراء موارد التقليد ، قد خفي علينا باعتبار عدم ظفرنا بأصل السؤال وعبارته.
فإن قلت : سلّمنا بأنّ « الحوادث الواقعة » مجمل لكن عموم التعليل بقوله : « فإنّهم حجّتي عليكم » يدلّ على اعتبار قول الرواة والمحدّثين.
__________________
(١ و ٢) كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨٥.