وأمّا إذا كان الحكم واحدا ، كقوله تعالى في صدر الآية : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ ) حيث إنّ المراد منها غير اليائسات ، لعدم انفراد المدخول بها قطعا للدليل ، فلا نزاع في وجوب اختصاص الحكم بما هو المرجع حقيقة ، ولئلاّ يلزم خلوّ الكلام عن الرابط.
وهل هو تخصيص للعامّ أو استخدام ، أو تجوّز في الإسناد من قبيل إسناد ما هو للبعض إلى الكلّ؟ وجوه. ولعلّ الأوجه الأوّل ، لكونه أشيع.
ومنه أيضا قوله : ( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ) بعد قوله تعالى : ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ )(١) حيث إنّ الإيلاء وإن كان في اللغة لمطلق الحلف على ترك الوطء ، إلاّ أنّ المقصود في الآية هو ترك الوطء بالنسبة إلى الدائمة فقط ، إذ ترك الوطء للمنقطع ليس حراما ، والإيلاء هو الحلف على ترك الوطء الغير المشروع ، فلا بدّ من أن يراد من الضمير في « عزموا » ما هو المراد من النساء.
وجعله بعض الأجلة من أمثلة المقام (٢) بتقريب أنّ « النساء » تعمّ الدائمة والمنقطعة ، لكونها جمعا مضافا ، والمراد من الضمير في قوله : ( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ) أي طلاقهنّ هي الدائمة ، إذ لا يقع الطلاق على غيرها ، فالنساء تعمّ غير الدائمة ، والضمير الذي عوّض عنه بأداة التعريف يختصّ بالدائمة.
وممّا ذكرنا يظهر فساده ؛ لأنّ المراد بالنساء خصوص الدائمة في الآية ، فإنّ وجوب تربّص أربعة أشهر ليس في الحلف على ترك وطء المنقطعة ، لكونه مشروعا غير محرّم ولو إلى الأبد.
__________________
(١) البقرة : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.
(٢) انظر الفصول : ٢١٢.