القضاء ، إذ لو كان مسلما صحّ منه الامتثال. وأمّا وجه صحّة الأمر بالقضاء فله محلّ آخر لعلّك تطّلع عليه.
ومنها : حكمهم بعقاب الجاهل المقصّر (١) ، سواء كان من جملة من يعلم إجمالا بوجود أحكام في الشريعة ولم يبذل جهده في تحصيلها ولا يبال بفوتها منه أو كان شاكّا صرفا ، فإنّ الظاهر منهم حكمهم بترتّب عقاب نفس التكاليف الواقعيّة.
نعم ، بعض أصحابنا ـ كالمحقّق الفيض (٢) وأمين الأخباريّة (٣) والمحدّث البحراني (٤) ـ ذهبوا إلى أنّ الكافر بالله مكلّف بالإيمان به ، وحين كفره بالله لا يكون مكلّفا بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، والمؤمن بالله مكلّف بالإيمان بالرسول ، والمؤمن بالرسول مكلّف بالإيمان بالإمامة ، والمكلّف بالإمامة مكلّف بالأحكام الفرعيّة.
واستندوا في ذلك إلى بعض الروايات ، وتعلّقوا بذيل التأويل في قوله تعالى بعد قوله : ( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) ، ( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ )(٥).
والمشهور أنّ الجاهل المقصّر معاقب. أمّا إذا لم يكن له علم إجمالي أيضا فظاهر أنّ عقابه بالامور الواقعيّة ليس إلاّ بواسطة تفويت التكليف في حقّهم. وأمّا
__________________
(١) لم نعثر عليه بعينه ، نعم يستفاد ذلك من حكم بعضهم بأنّ الجاهل المقصّر في حكم العامد ، كالمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٦ ، والمحقّق النراقي في المستند ١٢ : ١٥٠ ، وما نسب الى المعروف من عدم معذوريّة الجاهل ، كما في الفصول : ٤٢٧ ، والقوانين ٢ : ١١١ ، والحدائق ١ : ٧٧.
(٢) الوافي ٢ : ٨٢ ، وتفسير الصافي ٤ : ٣٥٢.
(٣) الفوائد المدنيّة : ٢٢٦.
(٤) الحدائق ٣ : ٣٩ ـ ٤٠.
(٥) راجع العدة ١ : ١٩٢ ، ومعارج الاصول : ٧٦ ، ومبادئ الوصول : ١١٠ ، والمنتهى ٢ : ١٨٨ ، والآيات من سورة المدثّر : ٤٢ ـ ٤٤.