ولا يخفى أنّ هناك مبعّداً آخر لتقدّم دعوى الارث ، وهو أنّ تقدّمه لا يخلو من منافاة لدعواها النحلة بعد ذلك ، إذ لا تخلو مطالبة الارث من ظهور في عدم النحلة.
وقال القاضي نور الله قدسسره في إحقاق الحقّ في أبواب المطاعن على أبي بكر : والظاهر أنّها عليهاالسلام ادّعت النحلة أوّلاً ثمّ لمّا رأت أنّهم عكسوا قضية الشرع في شأنها وطلبوا منها البيّنة على أنّ ما في يدها منحولة إيّاها ، قالت لهم إن لم تقبلوا النحلة فالارث ثابت ، فدفعوا ذلك بما اخترعوه من قولهم : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث الخ (١).
وقال في مقام آخر بعد هذا المقام بعد نقل ما صدر عن أبي بكر من طرده وكيلها عليهاالسلام وأخذه فدكاً والعوالي : فنازعته فاطمة عليهاالسلام في ذلك وقالت له إنّهما ممّا أنحليهما رسول الله صلىاللهعليهوآله لي ، وإن أبيت فهو ميراث لي ، فلهذا ترى في بعض الروايات سؤال النحلة وفي بعضها سؤال الميراث. ثمّ نقل عن ملل الشهرستاني قوله الخلاف السادس في أمر فدك والتوارث من النبي صلىاللهعليهوآله ، ودعوى فاطمة وارثة تارة وتمليكاً أُخرى حتّى دفعت عن ذلك بالرواية عن النبي صلىاللهعليهوآله نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة (٢).
ولا يبعد أن يكون الواقع هو ما ذكره السيّد قدسسره من تقدّم دعوى النحلة ، ولكن لا يخفى أنّه قبل سدّ باب الارث عنها عليهاالسلام بذلك الخبر المزعوم لا يكون طرفها في دعوى النحلة أبا بكر ، بل يكون طرفها في هذه الدعوى هو العبّاس ، بناءً على ما يقولونه من إرث العصبة أو الأزواج. ولو كان الطرف هو باقي الورثة
__________________
(١) إحقاق الحقّ ( الأصل ) : ٢٢٥.
(٢) إحقاق الحقّ ( الأصل ) : ٢٢٩.