الأحد قد انتقض اليقين بنجاسته باليقين بطهارته ، وهذا المقدار لا يوجب إلاّ الشكّ الفعلي ـ يعني يوم الاثنين ـ بطهارته يوم الأحد ، إذ لا يكون ذلك الاحتمال إلاّ عبارة عن احتمال كون هذا الاناء هو الذي كنّا نعلم يوم الأحد بطهارته ، وهذا الاحتمال هو الذي أوجب لنا الشكّ فعلاً في طهارته يوم الأحد الذي هو مدرك الاستصحاب ، وجرّ نجاسة يوم السبت التي هي متيقّنة فعلاً ، والحكم ببقائها في عمود الزمان من يوم السبت إلى يوم الاثنين.
ولا يخفى (١) أنّ نظير ما نحن فيه خاتم الفضة مثلاً الذي صاغه الذمّي وعلمنا بنجاسة سطحه الظاهر والباطن ، فلو طهّرنا سطحه الظاهر واحتملنا أنّه بالاستعمال قد ذهب ذلك السطح وخرج له سطح آخر ممّا هو نجس من الباطن ، فإنّ استصحاب بقاء ذلك السطح الذي طهّرناه لا يثبت طهارة هذا السطح الموجود فعلاً لاحتمال أنّه غيره ، إلاّبالأصل المثبت ، وهكذا الحال لو كان المستصحب هو كون هذا الخاتم طاهر السطح ، فإنّه لا معنى لاستصحاب كون هذا الخاتم طاهر السطح إلاّ استصحاب بقاء السطح الطاهر ، إذ لم يكن الشكّ في بقاء طهارة ذلك السطح ، وإنّما كان في بقاء ذات السطح الطاهر ، فيعود محذور المثبتية ، فإنّا لو أجرينا الاستصحاب في نفس الخاتم ولو باعتبار وصف متعلّقه ، وقلنا إنّ هذا الجسم كان متّصفاً بأنّه طاهر السطح ، لم يكن ذلك نافعاً لنا في إثبات طهارة هذا السطح إلاّبالأصل المثبت.
وحينئذ نقول : إنّ هذا السطح الموجود فعلاً قد كان نجساً ، ولا نعلم بأنّه قد
__________________
(١) وقد ذكر في العروة مسألة الاناءين ص ٦٣ مسألة ٢ ، وذكر مسألة الدمين في ص ٢٦ مسألة ٧ ، وراجع ص ٥٠ في دم البق. [ منه قدسسره. راجع العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ٢٩٩ مسألة ٢ ، ١٣٨ مسألة ٧ ، ٢٨٢ مسألة ١ ].