إذا جرت أصالة العدم في الفرد الطويل كانت كافية في نفي ذلك الأثر بعد فرض العلم بارتفاع القصير لو كان هو الموجود ، كلّ ذلك بعد فرض كون الكلّي بنفسه حكماً شرعياً ، وأنّه لو كان الكلّي موضوعاً خارجياً لم يكن أصالة عدم الفرد الطويل إلاّمن قبيل الأصل المثبت ، وأين هذا التفصيل ممّا نقله عنه صاحب الدرر قدسسره من كون الشكّ في بقاء الكلّي مسبّباً عن الشكّ في حدوث الطويل ، وأنّ أصالة عدم الفرد الطويل مزيلة للشكّ في بقاء الكلّي ، وهل ذلك إلاّعين التوهّم الذي ذكره الشيخ قدسسره وأجاب عنه بإنكار السببية ، واعترض عليه السيّد بأنّ إيراد الشيخ متوجّه لو كان الكلام في البقاء المفروض أنّه لا أثر له ، وأنّ الأثر إنّما هو مترتّب على وجود الكلّي ، وبعد فرض كون الكلّي بنفسه حكماً شرعياً تتمّ السببية والمسبّبة الشرعية ، ويتمّ كون أصالة عدم الفرد الطويل مزيلة للشكّ المسبّبي ، هذا.
ولكن ما أفاده صاحب الدرر قدسسره من الايراد على السيّد قدسسره بعد هذا البيان متّجه ، غير أنّه يحتاج إلى توضيح أزيد فيقال : إنّ القدر المشترك الذي هو الحدث مثلاً بعد فرض كونه بنفسه شرعياً ، يكون ترتّبه على وجود أحد فرديه كالجنابة مثلاً شرعياً ، لكن عدم الجنابة لا يترتّب عليه عدم الحدث إلاّمع فرض عدم فرده الآخر وهو البول مثلاً ، أو فرض وجوده وارتفاعه بالوضوء ، وحينئذ يكون الأصل المذكور مثبتاً ، إلاّ أن يرجع إلى مطلب إحراز انعدام أحد الفردين بالأصل والآخر بالوجدان ، هذا لو كان المراد من الفرد هو سبب ذلك القدر الجامع.
وهكذا الحال لو كان المراد به المسبّب أعني نفس الحدث ، فإنّ له فرداً وهو الأكبر وفرداً آخر وهو الأصغر ، وبعد العلم الوجداني بانتفاء الأصغر إمّا لعدمه أصلاً أو لحدوثه وارتفاعه بالوضوء ، لا تكون أصالة عدم وجود الحدث الأكبر