سبب لوجوب الصلاة ، سببية حقيقية نظير سببية النار للاحراق ، ولأجل ذلك قال إنّها لا يتطرّق إليها الجعل التشريعي استقلالاً لتكون من قبيل الملكية والوجوب مثلاً ، ولا تبعاً لجعل شرعي لتكون من قبيل وجوب المقدّمة المجعول تبعاً لجعل وجوب ذيها. نعم يتطرّق إليها الجعل التكويني عرضاً لا أصالة ، وذلك بأن يوجد ويكوّن نفس الشيء الذي ينطبق عليه السبب أعني موضوع السببية ، وبواسطة إيجاده لنفس العلّة تكون علّيتها مجعولة بالعرض ، كما هو الشأن في خلق العلّة كالنار ، فإنّ إيجادها يكون إيجاداً بالعرض لما هو لازمها الذاتي وهو علّيتها ، كما أنّ إيجاد الأربعة وتكوينها يكون إيجاداً وتكويناً لزوجيتها ، هذا حاصل ما أفاده بقوله : وإن كان مجعولاً تكويناً عرضاً الخ.
لكنّه كما لا يخفى خارج عمّا هو محلّ الكلام من الجعل الشرعي والتكوين في عالم الاعتبار ، فإنّ الايجاد التكويني لا دخل له بالايجاد التشريعي الذي هو محلّ الكلام ، وكأنّه يريد أنّ السببية بعد أن كانت حقيقية فهي غير قابلة للجعل التكويني إلاّعرضاً ، فضلاً عن قابليتها للجعل التشريعي الاستقلالي أو التبعي وعلى هذا الأساس من كون السببية حقيقية ، قد أبطل القول بكونها مجعولة تبعاً لجعل التكليف المتأخّر عنها نظير وجوب المقدّمة بالنسبة إلى وجوب ذيها.
وبيان الإبطال هو أنّ المجعول التبعي كوجوب المقدّمة معلول لأصله الذي هو وجوب ذي المقدّمة ، فلا يعقل أن ينوجد وجوب المقدّمة قبل تحقّق وجوب ذيها ، وعلى هذا القياس ينبغي أن لا تتحقّق السببية للدلوك إلاّبعد أن يتحقّق وجوب الصلاة ، ونحن نرى أنّ الدلوك متّصف فعلاً بأنّه سبب لوجوب الصلاة وإن لم يكن دلوك ، كما نقول إنّ النار متّصفة بأنّها علّة في الاحراق وإن لم يكن فعلاً نار ولا إحراق ، وهكذا نقول إنّ الأربعة متّصفة بالزوجية وإن لم تنوجد