حال استصحاب الطهارة في التالف بلحاظ ما له من الآثار التي كانت مورد ابتلاء المكلّف ، إذ ليس المراد من الآثار الفعلية لاستصحاب الطهارة في الاناء التالف إلاّ طهارة ملاقيه ، وحينئذ فكما تتحقّق المعارضة بين استصحاب طهارة الاناء التالف واستصحاب طهارة طرفه ، فكذلك تتحقّق المعارضة بين قاعدة الطهارة في الاناءين.
وإن شئت فقل : إنّ الحكم بطهارة الثوب المستند إلى طهارة الاناء التالف ، يكون معارضاً بقاعدة الطهارة في الاناء الموجود ، وبعد التعارض والتساقط نحكم بطهارة الثوب المستندة إلى قاعدة الطهارة فيه في نفسه ، وهي في هذه المرحلة لا معارض لها ، وإن كانت طهارته في المرحلة الثانية ـ أعني بذلك طهارته الحاصلة من إجراء قاعدة الطهارة في الاناء التالف ـ مورداً للمعارضة. ولا فرق في ذلك بين القاعدة والاستصحاب.
وما أُفيد من عدم صلاحية التالف لجعل الحلّية الظاهرية ، إنّما يتمّ إذا كان المراد إجراءها فيه لمحض إثبات حلّية نفسه ، أمّا لو أُريد بها إثبات آثارها من حلّية ما يتفرّع عليه ، فلا مانع من جعلها للتالف بالقياس إلى هذا الأثر الفعلي المترتّب على حلّيته الظاهرية ، كما أفاده في الاستصحاب حرفاً بحرف ، ولأجل ذلك عدل في المستمسك (١) عن هذا التخصيص ، وأفاد أنّه لا مانع من جريان قاعدة الطهارة في التالف باعتبار الأثر في ملاقيه ، فتقع المعارضة بينها فيه وفي طرفه.
ويمكن أن يكون نظر المقالة إلى شرح مطلب الكفاية في مبحث اقتضاء الأمر الظاهري الاجزاء من قوله : والتحقيق أنّ ما كان منه يجري في تنقيح ما هو
__________________
(١) مستمسك العروة الوثقى ١ : ٢٦٠.