لكنه مدفوع بأن فهمه إنما يكشف عن كون الكلام ظاهرا في ذلك ، فإذا أحرزنا بفهمه ظهور الكلام فيه فيكون الحجة لنا هو ظهور ذلك الكلام.
وممّا يقوي الإشعار المذكور أيضا أنه عليه السلام لم يتعرض لبيان حكم تلك الصورة في الأخبار الغير المسبوقة بالسؤال أيضا مع تعرّضه للصورتين الأخريين كما في رواية الصدوق عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ورواية القطب الراوندي عن الصادق عليه السلام ووجه التقريب به ما مرّ.
ثم إن المصنف (قدس سره) جعل الفقرتين المتقدمتين مفيدتين للمطلوب على نحو الدلالة كما يظهر من قوله ، فإن اعتبار هاتين الصفتين ليس إلاّ لترجيح الأقرب.
لكن دعوى القطع بعدم اعتبارهما إلاّ لما ذكره دونه خرط القتاد ، إذ من المعلوم إمكان اعتبارهما من باب التعبد كالأعدلية والأورعية في تعارض المجتهدين في حقّ المقلّد.
نعم الإنصاف ظهور اعتبارهما فيما ذكره.
ثم إن ما ذكره من تقريب شهادة عدم سؤال الراوي عن حكم الصورة المذكورة للمطلوب لا يخلو عن تشويش واضطراب ، وهو قوله ( فلو لا فهمه أن كل واحدة من هذه الصفات وما يشبههما مزية مستقلة لم يكن وقع للسؤال عن صورة عدم المزية فيهما رأسا ، بل ناسبه السؤال عن حكم عدم اجتماع الصفات ) (١).
وتوضيح الاضطراب فيه : أنه أخذ المدّعى إثبات أن العبرة في مقام الترجيح بمطلق المزية الموجبة لأقربية ذيها إلى الحق أو أبعديته عن الباطل. وتقريبه المذكور لا يفي به ، فإنه أخذ النتيجة فيه مطلبا آخر ، وهو استقلال كل
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٧٨١.